للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ نحن نثق أن الآمنا وضيقاتنا هي شركة مع المسيح المتألم الذى عاني الظلم والألم والأفتراء والتجديف والموت وقام ليقيمنا معه فى المجد، وهو عون لنا فى الطريق نحو تخطى والتغلب علي التجارب والآلام وضامن أكيد لنا لخلاصنا ونجاتنا وحياتنا وشفائنا وقيامتنا { فَرَجَاؤُنَا مِنْ أَجْلِكُمْ ثَابِتٌ. عَالِمِينَ أَنَّكُمْ كَمَا أَنْتُمْ شُرَكَاءُ فِي الآلاَمِ، كَذَلِكَ فِي التَّعْزِيَةِ أَيْضاً} (2كو 1 : 7). وفي الآلام يجب ان يكون لنا رجاء وثقة لا تتزعزع بالله ومحبته المعلنة فى أبنه الوحيد يسوع المسيح ربنا. نؤمن أن كل الضيقات والآلام التي يحتملها المؤمن هى بارادة الله وسماح منه لخيرنا وتكميلنا وتهب لنا أكاليل سمائية { لأَنِّي عَرَفْتُ الأَفْكَارَ الَّتِي أَنَا مُفْتَكِرٌ بِهَا عَنْكُمْ يَقُولُ الرَّبُّ أَفْكَارَ سَلاَمٍ لاَ شَرٍّ لأُعْطِيَكُمْ آخِرَةً وَرَجَاءً} (ار 29 : 11). الرجاء بالله لا يخزي لان الله أمين ويفكر ويعمل لسلامنا وأبديتنا وهو لا يترك المتكلين عليه ويسكب محبته فى قلوبنا { وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا} (رو 5 : 5). الرجاء المسيحي وسط الآلام هو طوق نجاة لنا ونحن نواجه أمواج الحياة وتجاربها واثقين ان الله سيقودنا فى موكب نصرته سواء على مستوى العالم الحاضر او الحياة الأبدية.
+ عاين القديس بولس الرسول، السيد المسيح القائم أولاً في حياته ثم دخل بعد ذلك إلى حلبة الآلام فقال { لأَعْرِفَهُ، وَقُوَّةَ قِيَامَتِهِ، وَشَرِكَةَ آلاَمِهِ، مُتَشَبِّهاً بِمَوْتِهِ} (في 3 : 1). وأعلن السيد المسيح لبولس الرسول عن أمجاد قيامته أولاً، ثم أخبر حنانيا عن الآلام التي سيحتملها من أجل الكرازة بالإيمان. بولس المتألم في سجنه وقيوده يعرف أن آلامه شركة مع المسيح المتألم. وعلى خطي السيد المسيح نسير ونعلم ونتألم ونتعزي بالروح القدس ونتمتع بشركة متجددة بالمسيح العامل فينا، ومن خلال الشركة العملية مع المسيح المتألم ينفتح لنا الباب بالأكثر للتعزيات الإلهية وعوض الشكوى مما يصبب المؤمن من آلام نختبر بركاتها وننمو في النعمة وفي معرفة ربنا يسوع المسيح. كما يعرض الصائغ الذهب للنار حتى يراها قد تنقت، هكذا قد يسمح اللَّه بامتحان المؤمنين بالضيقات حتى يتنقوا ويحصلوا على نفعٍ عظيمٍ. لذلك علينا أن نحتمل بشكر الآلام عندما تحل بنا ولا نتذمر ولا تخور قلوبنا، إذا يسمح الله بالتجارب بهدف وللفائدة. علينا أن نصلي في التجربة طالبين التعزية والخلاص ونرفع قلبنا وفكرنا وروحنا نحو السيد المسيح المتألم والمصلوب عوض انشغالنا بالآلام لنجد التعزية والسلام والحكمة. ومن يشتركون في الآلام يشتركوا في التعزية {لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ} (عب2:18).
+ بائس ذلك الانسان الذى يبحث فى تعزية أرضية، من عالم يفتقر الى الفرح والسلام، قد يسمح الله بشركة الآلام لنكون شراء معه في الآلم والتعزية ايضا نتعلم ونتواضع ونصرخ الى الله ولا تتعلق قلوبنا بالأرض وما عليها من أشياء فانية، بل ترتفع الي السماء بالصلاة بإيمان الى الله القادر على كل شئ { ادْعُنِي فِي يَوْمِ الضِّيقِ أُنْقِذْكَ فَتُمَجِّدَنِي} (مز 50 : 15). لقد صلى دانيال وانقذه الله من الأسود الجائعة، كما نجي الفتية فى أتون النار، وأنقذ القديسين بطرس وبولس من السجن، وهو أمس واليوم والى الأبد يقدر ان يعزى فى الضيق والحزن وينصف فى الظلم ويقوى فى الضعف وهو رجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين، ميناء الذين فى العاصفة. نصلى ان يحل الله بروحه القدوس داخلنا ويهبنا تعزية بصوته الوديع الهادي والمفرح فنتعزي بما فى الكتاب { لأَنَّ كُلَّ مَا سَبَقَ فَكُتِبَ كُتِبَ لأَجْلِ تَعْلِيمِنَا حَتَّى بِالصَّبْرِ وَالتَّعْزِيَةِ بِمَا فِي الْكُتُبِ يَكُونُ لَنَا رَجَاءٌ} (رو 15 :4). وعندما نقرائه نتعزى {فلما قراوها فرحوا لسبب التعزية} (اع 15 : 31). ونتعلم ونتعزي من حياة وسير القديسين وأقوالهم كما قال القديس بولس الرسول{ مُبَارَكٌ اللهُ أَبُو رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الرَّأْفَةِ وَإِلَهُ كُلِّ تَعْزِيَةٍ،. الَّذِي يُعَزِّينَا فِي كُلِّ ضِيقَتِنَا، حَتَّى نَسْتَطِيعَ أَنْ نُعَزِّيَ الَّذِينَ هُمْ فِي كُلِّ ضِيقَةٍ بِالتَّعْزِيَةِ الَّتِي نَتَعَزَّى نَحْنُ بِهَا مِنَ اللهِ.لأَنَّهُ كَمَا تَكْثُرُ آلاَمُ الْمَسِيحِ فِينَا، كَذَلِكَ بِالْمَسِيحِ تَكْثُرُ تَعْزِيَتُنَا أَيْضاً} ( 2كو 3:1-5). يجب أيضا أن نتخذ من الاباء القديسين وهم سحابة الشهود المحيطة بنا شفعاء وأصدقاء نلجأ لصلواتهم ومؤازتهم لنا فى الضيق والمرض والحزن فنجد الراحة والتعزية، السلام والفرح والصبر والرجاء.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق