(13)
التجارب والفرح
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
{اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ. عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ.}(يع 2:1-4)
+ يتميز المؤمنين بحياة الفرح والرجاء في كل حين، حتى عندما تحيط بهم التجارب من كل جانب لانهم بالتجارب يدخلوا في شركة حمل صليب المسيح والتي يصاحبها تعزية الروح القدس ومعونة الأب القدير ومجد القيامة. المسيحي يسلم حياته فى يدي الله ويثق في محبته له وعمله من أجل خلاصه. الألم فى حياتنا ليس علامة عدم رضا من الله أو غضب منه على أبنائه بل التجارب والضيقات هي طريقنا للكمال. تألم السيد المسيح وأشترك معنا فى الألم محبة منه، وحول لنا العقوبة الي خلاص، فصار الألم طريق الكمال ولإصلاح العيوب التى فينا. هكذا إستخدم الله التجارب مع أيوب لينزع من داخله البر الذاتي وإستخدم المرض مع بولس ليحميه من الكبرياء، صارت التجارب كمشرط الجراح الذى ينزع من داخلنا الميول المنحرفة للخطية، وندخل بالتجارب فى معرقة أعمق بالنفس وبمحبة الله فنفرح بنمونا الروحي يوما فيوم.
+ الضيقات والتجارب تجعلنا نزهد فى محبة العالم وشهواته ونرتمي فى حضن السيد المسيح الذى يطهرنا من كل خطية ويعطينا الصبر والتعزية ويهبنا السلام الداخلي والفرح. التجارب للمؤمنين هي فطام عن محبة العالم. الله قد يسمح بالتجارب كأم حنون تضع مراً على إصبع طفلها حتى لا يضعه فى فمه، لهذا علينا أن نفرح بالتجارب كما يدعونا الكتاب لانها علامة حب من الله فمن يحبه الرب يؤدبه (عب 12 : 6). ومحبة الله تخلصنا من ضعفاتنا وتقوم أنحرافاتنا وتهبنا شركة في الآم السيد المسيح وصبره الذى من أجل السرور الموضوع أمامه قَبل الآلام وصبر حتى علي الصليب وفيما هو تألم مجربنا يقدر أن يعين المجربين. يجب أن نثق فى محبة الله ونفعل الصلاح ونحتمل الآلام ونقبلها بفرح لكي ندخل فى شركة الآم وقيامة السيد المسيح ونكتشف يد الله القوية التى تخرجنا من الضيقة.
+ بالتجارب نعرف ونكتشف طبيعة ونوعية إيماننا. ونصحح ضعفاتنا وأخطائنا الإيمانية، وعلينا فى التجارب أن نصلي ونقترب من الله وفكره فى الكتاب المقدس بروح الصلاة والطاعة لله وروحه القدوس، نحيا ونتقوى فى الإيمان { وَلَكِنْ بِدُونِ إِيمَانٍ لاَ يُمْكِنُ إِرْضَاؤُهُ، لأَنَّهُ يَجِبُ أَنَّ الَّذِي يَأْتِي إِلَى اللهِ يُؤْمِنُ بِأَنَّهُ مَوْجُودٌ، وَأَنَّهُ يُجَازِي الَّذِينَ يَطْلُبُونَهُ} (عب 11 : 6). علينا أن نلجأ الي الله لنسمع صوت الروح القدس الذى يصحح ويقوم ويثبت إيماننا، ويعطينا ثقة ومحبة لشخص المسيح. التجارب التى يسمح بها الله لابد أنها ستصلح شيئاً فى داخلنا. لكن لابد من الصبر والقبول وعدم التذمر حتى تؤتى التجربة بثمارها. إيماننا يجب أن ينمو ويقوى لذلك قال التلاميذ "زد إيماننا " (لو 17 : 5) والقديس بولس الرسول يقول أن الإيمان ينمو بالشكر وعدم التذمر (كو 2 : 7) ومع التجارب تزداد التعزيات التى يعطيها الله في ألالام حتى نحتمل التجربة ومع زيادة الإيمان ومع التعزيات ينشأ الصبر. والصبر يجعلنا تامين وكاملين وغير ناقصين فى شئ بل ننمو ونذداد فى كل عمل صالح.
.......
(14)
حاجتنا للصبر
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
{ لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ}
(عب 10 : 36)
+ نحن فى حاجة ماسة للصبر والأصرار والقدرة على التحمل والمثابرة لكي لا نيأس أو نخور من طول وصعوبات الطريق، نحتاج للجهاد والأستمرارية في محبة الله وطاعته وتنفيذ مشيئة الله الصالحة حتى المنتهي لكي ننال المواعيد. فمن يصبر للمنتهي هو الذى يخلص { الَّذِي يَصْبِرُ إِلَى الْمُنْتَهَى فَهَذَا يَخْلُصُ} (مت 24 : 13). علينا أن نتعلم الصبر والأحتمال من رئيس إيماننا { نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِيناً بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ }(عب 12 : 2) ولنا في سحابة الشهود من القديسين أمثلة وقدوة { لِذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً إِذْ لَنَا سَحَابَةٌ مِنَ الشُّهُودِ مِقْدَارُ هَذِهِ مُحِيطَةٌ بِنَا، لِنَطْرَحْ كُلَّ ثِقْلٍ وَالْخَطِيَّةَ الْمُحِيطَةَ بِنَا بِسُهُولَةٍ، وَلْنُحَاضِرْ بِالصَّبْرِ فِي الْجِهَادِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَنَا} (عب 12 : 1). علينا أن نعمل فى صبر وننتظر خلاص الرب ولا نحيد عن طريق الكمال أو نحبط من مؤمرات الأعداء أو نغير من النجاح الوقتى للأشرار { انْتَظِرِ الرَّبَّ وَاصْبِرْ لَهُ وَلاَ تَغَرْ مِنَ الَّذِي يَنْجَحُ فِي طَرِيقِهِ مِنَ الرَّجُلِ الْمُجْرِي مَكَايِدَ} (مز37:7).
+ الصبر والمثابرة والثبات يصل بنا الي نهاية الرحلة ويجعلنا نحتمل بشكر وعدم تذمر ويعطينا الحماس والقوة ويولد الحكمة والسعي للوصول الي النهاية السعيدة { وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ}(يع 1 : 4). حتى وأن كان الصبر فيه معاناة وأحتمال للألم لكن عاقبته حلوة وتجلب الفرح والنجاح { هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ} (يع 5 : 11). فلا تخور في الطريق ولا تستلم لليأس أو ترضخ للكسل أو الخطية أو تفقد الحماسة عالما أن الله يراقب جهادك ويعرف صبرك { أَنَا عَارِفٌ أَعْمَالَكَ وَمَحَبَّتَكَ وَخِدْمَتَكَ وَإِيمَانَكَ وَصَبْرَكَ، وَأَنَّ أَعْمَالَكَ الأَخِيرَةَ أَكْثَرُ مِنَ الأُولَى} (رؤ 2 : 19)
+ أنظروا الي نهاية الرحلة وثقل المجازاة وصلوا طالبين الحكمة والمعونة والتعزية والصبر والنجاة، ولا تضعف قلوبنا تجاه ضيقات الحياة أو الأصوات المحبطة أو هجمات الأعداء أو الأهداف الجانبية التي تعطلنا من السعي للوصول الي النهاية السعيدة لرحلة الحياة. أن الله يراقب جهادنا ويمد لنا يد المعونة ويسندنا عندما نضعف. وعلينا أن نضع وقود جديد لحماسنا ومحبتنا ونستمد من النظر الي فوق، نحو السماء، الي الله قوة متجددة وأمل ورجاء ثابت وإيمان راسخ ومحبة كاملة لصنع أرادة الله الكاملة حتى ننال المواعيد العظمي والثمينة، فمن يغلب يكون عمودا في هيكل الله ويخلص ويكتب أسمه في سفر الحياة { مَنْ يَغْلِبُ فَسَأَجْعَلُهُ عَمُوداً فِي هَيْكَلِ إِلَهِي، وَلاَ يَعُودُ يَخْرُجُ إِلَى خَارِجٍ، وَأَكْتُبُ عَلَيْهِ اسْمَ إِلَهِي، وَاسْمَ مَدِينَةِ إِلَهِي أُورُشَلِيمَ الْجَدِيدَةِ النَّازِلَةِ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ عِنْدِ إِلَهِي، وَاسْمِي الْجَدِيدَ }(رؤ 3 :12). { مَنْ يَغْلِبُ فَسَأُعْطِيهِ أَنْ يَجْلِسَ مَعِي فِي عَرْشِي، كَمَا غَلَبْتُ أَنَا أَيْضاً وَجَلَسْتُ مَعَ أَبِي فِي عَرْشِهِ} (رؤ 3 : 21). من يصبر ويغلب يرث كل شئ ويكون الله الهاً له وهو يكون ابناً لله {مَنْ يَغْلِبْ يَرِثْ كُلَّ شَيْءٍ، وَأَكُونُ لَهُ إِلَهاً وَهُوَ يَكُونُ لِيَ ابْناً }(رؤ 21 : 7)، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق