نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 18 مارس 2020

عيد الصليب المجيد


للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
الصليب شعار المسيحية ..
+ الصليب هو شعار المسيحية  وجوهرها وبرهان علي محبة الله الغافرة  ورحمته المعلنة نحو البشر {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17). وان كانت كلمة الصليب عند الهالكين جهالة وعثرة فان الإيمان بالصليب والمصلوب عليه هو وسيلة الخلاص. الصليب يعلن قوة المسيح المصلوب وفدائه العجيب الذى قدمه لنا علي الصليب {فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18). الصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي فقط بل يمتد تأثيره الفعال ليصل لكل زمان، وطالما يوجد إنسان يعيش على الأرض وبايماننا به ندخل السماء. الصليب مرتبط بالمصلوب عليه وهو الرب يسوع المسيح الحي في السماء وهذا ما تنبأ به زكريا النبي {فيقول له ما هذه الجروح في يديك فيقول هي التي جرحت بها في بيت احبائي} (زك  13 :  6). وهذا ما راه يوحنا الحبيب في سفر الرؤيا { ورايت فاذا في وسط العرش والحيوانات الاربعة وفي وسط الشيوخ خروف قائم كانه مذبوح له سبعة قرون وسبع اعين هي سبعة ارواح الله المرسلة الى كل الارض }(رؤ  5 :  6). من بركات وثمار الصليب ننال الخلاص ونتعلم المحبة والغفران والتواضع  وننال الغفران والتطهير والقداسة والبر. بالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية.
+ الصليب عبر التاريخ ..
كان الصليب في العصور القديمة وسيلة يعدم عليها كبار المجرمين حتى يظهر للناس مقدار خطيتهم أو خيانتهم. راينا ذلك فى الفكر القديم لدى المصريين عندما صلب عليه فرعون الخباز الخائن{ في ثلاثة ايام ايضا يرفع فرعون راسك عنك ويعلقك على خشبة وتاكل الطيور لحمك عنك }(تك  40 :  19). وكان الصليب وسيلة أعدام فى فارس وبابل ومادي وهذا ما جاء عن صلب هامان الخائن فى قصر الملك { فقال حربونا واحد من الخصيان الذين بين يدي الملك هوذا الخشبة ايضا التي عملها هامان لمردخاي الذي تكلم بالخير نحو الملك قائمة في بيت هامان ارتفاعها خمسون ذراعا فقال الملك اصلبوه عليها. فصلبوا هامان على الخشبة التي اعدها لمردخاي ثم سكن غضب الملك (اس  7 : 9- 10) وكان الرومان يصلبوا عليه المتمردين من الأمم ليردعوا البقية حتى لا يقوموا بالثورة عليهم. ففى ثورات اليهود قديما علي الرومان وفى حصار أورشليم من قبل الرومان أعدموا منهم الكثيرين علي  الصليب كوسيلة لردع الثوار . وفى الثقافة اليهودية كان الصلب علامة للعنة { واذا كان على انسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة. فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم لان المعلق ملعون من الله فلا تنجس ارضك التي يعطيك الرب الهك نصيبا){ تث 22:21-23). فلماذا قبل السيد المسيح الصليب وصلب لأجل خلاصنا؟. لقد حمل السيد المسيح عقاب خطايانا علي الصليب ليبين لنا مدى محبته ويخلصنا من عقوبة الخطية وهي الموت ولكي يجمع أبناء الله المتفريقين ويخلصهم ويفتدينا من الموت واللعنه ويحمل عقاب خطايانا ويموت عوضا عنا ويهبنا حياة أبدية { المسيح افتدانا من لعنة الناموس اذ صار لعنة لاجلنا لانه مكتوب ملعون كل من علق على خشبة }(غل  3 :  13).
+ الصليب ليس حادثة عرضية فى حياة ربنا يسوع المسيح بل غاية سامية جاء وتجسد السيد المسيح من أجلها، ومنهج شمل حياته كلها جاعلًا من الصليب الكأس المفضلة وطاعته العظمى للآب، وبرهان لحبه الأبدي للإنسان، نقض السيد المسيح بالصليب ناموس الخطية وبَّرر الخطاة، وأنتصر على قوات الظلمة، وقتل العداوة، وجمع تحت لوائه شمل البعيدين والقريبين، كرعية مع القديسين وأهل بيت الله. وصار حمل الصليب من أجل يسوع المسيح المصلوب سعادة وقوة حب ومصدر راحة وسرور وافتخار، وكلما ازدادت الآلام من أجل شهادة يسوع ازدادت رؤية الصليب نورًا وازدادت الحياة قوة وعزاء، وارتفع الصليب من التاريخ لينغرس في أعماق الضمير ويشع  لنا من الصليب نور القيامة ومجد المسيح القائم من الموت منتصرا على الشيطان والخطية والموت لنهتف بفرح:  (السلام لك ايها الصليب).
عيد الصليب المقدس..
+ تحتفل بعيد الصليب المقدس سائر الكنائس المسيحية وتضع علامة الصليب أعلى مناراتها وترسمه فوق حجاب الهيكل أمام أعين المؤمنين منذالعصر الرسولي كما قال القديس بولس الرسول{ انتم الذين امام عيونكم قد رسم يسوع المسيح بينكم مصلوبا} (غل  3 :  1). كما وتحتفل كنيستنا القبطية بعيد الصليب مرتين كل عام. الأولي في 17توت من كل عام الموافق 27سبتمبروذلك تذكار لاكتشاف الصليب المقدس الذى صلب عليه ربنا يسوع المسيح بواسطة الملكة هيلانه أم قسطنطين التى نذرت أن تمضى إلى القدس فأعد ابنها الملك كل شيء لإتمام هذه الزيارة المقدسة. ولما وصلت إلى أورشليم بحثت بتدقيق عن مكان الصليب فأشاروا عليها بتنظيف الجلجثة، فعثرت عليه وذلك في 326م. وبنت هناك كنيسة القيامة وما حولها وأحتفلت مع الاساقفة والكهنة والشعب برفع الصليب فى موضع الجلجثة. والاحتفال الثاني الذي تقيم فيه الكنيسة تذكار الصليب في اليوم العاشر من برمهات، ويرجع تاريخه الي ارجاع الصليب علي  يد الإمبراطور هرقل فى628 م. عندما ذهب هيرقل واسترد خشبة الصليب التى اخذها الفرس من اورشليم فى 614م. وأعاد ذخيرة الصليب المقدس ودخل بها الي  القسطنطينية التي استقبلت الموكب بأحتفال مهيب بالمصابيح وتراتيل النصر والإبتهاج. بعدها نقل الصليب إلى إورشليم سنة 631م. ويذكر التقليد أنّ الملك هرقل حمل الصليب على كتفه وسار به بحفاوة كبيرة بين الجموع المحتشدة إلى الجلجثة وهناك أحسّ الملك بقوة خفية تصده وتمنعه من دخول المكان فوقف الأسقف زكريا بطريرك أورشليم وقال للإمبراطور: (حذار أيها الملك أن هذه الملابس اللأمعة وما تشير اليه من مجد وعظمة تبعدك عن فقر المسيح يسوع ومذلة الصليب) وفي الحال خلع الملك ملابسه الفاخرة وارتدى ملابس بسيطة وتابع مسيره حافي القدمين حتى الجلجثة حيث رفع عود الصليب المكرم فسجد المؤمنون على الأرض، وهم يرنمون : لصليبك يارب نسجد ولقيامتك المقدسة نمجد.
+ ويذكر أوسابيوس القيصري بأن الملك الروماني قسطنطين الكبير (324ـ 337) رأى علامة الصليب في السماء على مثال نور بهيئة الصليب مع مكتوب تحتها عبارة: (بهذه العلامة تغلب). ولقد شهد علي وجود خشبة الصليب المقدس في أورشليم القديس كيرلس الأورشليمي فى عظة له في سنة 347م. كما ذكرت المورخة ايجيريا الاسبانية في أخبار رحلاتها الى فلسطين بأن تذكار اكتشاف الصليب تعلق بعيد تكريس كنيسته وبأن العيد كان لمدة 7 ايام يجري خلالها تقديم الصليب المقدس لتسجد الناس له اكراماً وتشفعا.
الصليب في حياتنا الروحية ..
+ يدعونا السيد المسيح الى أنكار الذات وحمل الصليب { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم ويتبعني} (لو  9 :  23).أن نكران الذات  يعنى تتميم مشيئة الله فى حياتنا ليكون لسان حالنا {لتكن لا إرادتي بل إرادتك} (لو24: 22). المؤمن يصلب شهواته من أجل الله كشهادة صادقة على تبعيته للمسيح يسوع ربنا ليقوم معه فى جدة الحياة ويقول مع القديس البولس الرسول { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20: 2). لقد مات المسيح عنا لكي نعيش من أجله وكشهود لمحبته { وهو مات لأجل الجميع كي يعيش الأحياء فيما بعد لا لأنفسهم بل للذي مات لأجلهم وقام} (2كو15: 5). ونحن في الصلاة الربانية نصلي : {لتكن مشيئتك كما في السماء كذلك على الأرض} (مت10: 6). فهل نحن نعيش لانفسنا أم من أجل من مات من أجلنا وقام ليقيمنا من موت الخطية ويحيينا حياة أبدية؟ وهل نصنع مشيئة الله في حياتنا؟.
+ علينا أن نحمل الصليب بشكر  سواء صليب الخدمة أو المرض او الحاجة أو الاضطهاد أو الصوم والنسك أو الطاعة  يدخل بنا الى أفراح القيامة ومسرة الله { ناظرين الى رئيس الايمان ومكمله يسوع الذي من اجل السرور الموضوع امامه احتمل الصليب مستهينا بالخزي فجلس في يمين عرش الله } (عب  12 :  2) عندما نحمل الصليب يحتضننا المصلوب ويهبنا نعمة وقوة وبركة وتحتضن محبة المسيح الحانية نفوس من يحملوا الصليب بشكر لتعزيها وتطمئنها، فتبدو الصورة في الظاهر أننا نحمل الصليب ولكن الحقيقة في الواقع أن الصليب يحملنا بل المصلوب يحمينا ويحتوينا ويعزينا. ونرى كفة الميزان الخفية التي توازن ثقل الصليب بثقل مجد أبدي، كما رآها القدس بولس الرسول قائلاً: {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فأكثر ثقل مجد أبدياً ونحن غير ناظرين إلى الأشياء التي ترى بل إلى التي لا ترى. لأن التي ترى وقتية وأما التي لا ترى فأبدية} (2كو17: 4،18).
+ من يريد أن يتبع السيد المسيح فعليه أن ينكر نفسه ويحمل صليبه ويتبع المسيح { وقال للجميع ان اراد احد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه ويحمل صليبه كل يوم و يتبعني} (لو  9 :  23). الصليب له وجهان كما العملة فناحية منه تحمل معني الألم والتعب والضيق والناحية الأخري تحمل قوة القيامة وسلامها وبركات أمجادها { فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو  8 :  17). لقد وهب لنا لا أن نتألم فقط بل أن نؤمن أيضا { لانه قد وهب لكم لاجل المسيح لا ان تؤمنوا به فقط بل ايضا ان تتالموا لاجله} (في  1 :  29). أن خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا ثقل مجد أبدي { لذلك لا نفشل بل وان كان انساننا الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوما فيوما. لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا اكثر فاكثر ثقل مجد ابديا. ونحن غير ناظرين الى الاشياء التي ترى بل الى التي لا ترى لان التي ترى وقتية واما التي لا ترى فابدية} ( 2كو16:4-18)

تحت ظلال الصليب
+ ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب. ونعترف بقوة صليبك المعلنه لخلاصنا وإيماننا به. ان كانت كلمة الصليب عثرة للبعض وجهالة للبعض الأخر، يرفضها الجهلاء غير عالمين عظمة المحبة المعلنه فى الصليب اذ يموت البار من أجل خلاص الأثمة معلنا حبه للبشرية يريد إن يحتضنها ويقدمنا قربانا لله ابيه + بالصليب نؤمن وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم. وبدم المصلوب نحتمي وهو الذى يحمي شعبه من الوباء والشيطان ويخلصنا من الموت الأبدي وبايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل الى قوة القيامة .
+ انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك ، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فاعطانا يا سيد القوة لنقول للمسئيين الينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنا يارب ان نجاهد ضد الخطية وان نحمل الصليب بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى وتستعلن لنا قوة الصليب والفداء.

ليست هناك تعليقات: