للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
نفسك الكثيرة الثمن لدى الله ..
+ نفوسنا ثمينة لدى الله وهو يريد لنا السعادة في الأرض والسماء .فالعالم المادي بما فيه يمضى ويزول ولكن الإنسان خلق للحياة الأبدية والخلود والسعادة {العالم يمضي وشهوته أما الذي يصنع مشيئة الله فيثبت إلى الأبد }(1يو 2 : 17). انت عزيز لدى الله الذى يريد خلاصك وروحك ونفسك الثمينة لديه وهو يريد لك الحياة الأفضل على الأرض وأن تكون معه فى السماء، وستقوم فى اليوم الأخير بجسد نوراني روحاني ممجد بالإيمان بالله ومحبته { الحق الحق أقول لكم إنه تأتي ساعة وهي الآن حين يسمع الأموات صوت ابن الله والسامعين يحيون.لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته. فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة والذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة}( يو 25:5،28-29). فهل نسعى الى خلاص نفوسنا أم نهمل خلاصنا الثمين ونعرضها للهلاك { الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). ولكن أمر خلاصنا يتعلق بحرية إرادتنا و قبولنا لهذا الخلاص الثمين المقدم لنا بالمسيح يسوع ربنا والتوبة والإيمان والسعى فى الجهاد الروحى منقادين بروحه القدوس. الله في سعيه الى خلاصنا، يدعو للثقة بمحبته وفدائه ورحمته والى العودة الى أحضانه { لا تخف لاني فديتك دعوتك باسمك انت لي. اذا اجتزت في المياه فأنا معك وفي الأنهار فلا تغمرك إذا مشيت في النار فلا تلذع واللهيب لا يحرقك}(أش 1:43-2). الله يحبنا ومن اجل هذه المحبة خلقنا ويرعانا ويغفر لنا خطايانا و يريدنا أن نعرفه ونحبه ونسعى الى خلاص انفسنا والنجاة من تيار الآثم الذى فى العالم والفوز بالحياة الأبدية .
+ الله بين محبته العظيمة لكل نفس بشرية بطرق كثيرة ويكفي أنه دعانا أبناء له {انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله } (1يو 3 : 1). ولقد عبر عن هذه المحبة الحقيقية للبشر والتي من أجلها تجسد الله الكلمة { والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الآب مملوءا نعمة وحقا} (يو 14:1). ومات المسيح كلمة الله المتجسد من أجل خلاص البشرية ومن أجل خلاص كل إنسان فيها وكأنه موضع محبة الله {لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الأبدية }(يو 3 : 16). ولقد أكد الإنجيل على هذه المحبة الإلهية للخطاة {ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا }(رو 5 : 8).
+ أن نفسك أكرم لدى الله من العالم وأمواله وممتلكاته ولكن البعض ينسى هذا ويسعى نحو إرضاء شهواته وملذاته غير مهتم بالخلاص الثمين الذى يريده الله له ويظن ان حياته في ممتلكاته وإشباع شهواته كالغني الغبي { وقال لهم انظروا وتحفظوا من الطمع فانه متى كان لأحد كثير فليست حياته من أمواله. وضرب لهم مثلا قائلا انسان غني اخصبت كورته. ففكر في نفسه قائلا ماذا اعمل لان ليس لي موضع أجمع فيه اثماري . وقال أعمل هذا أهدم مخازني وأبني أعظم وأجمع هناك جميع غلاتي وخيراتي. وأقول لنفسي يا نفس لك خيرات كثيرة موضوعة لسنين كثيرة استريحي وكلي واشربي وافرحي. فقال له الله يا غبي هذه الليلة تطلب نفسك منك فهذه التي اعددتها لمن تكون}( لو 15:12-20). لقد اتكل هذا الغني على ممتلكاته دون الله وهلك فلا تستطيع كل ثروات العالم أن تخلص روحه فى يوم الدينونة الرهيب . وكيف ننجو نحن أيضا إن أهملنا خلاصاً هذا مقداره ولهذا يوصينا الإنجيل { اوص الاغنياء في الدهر الحاضر أن لا يستكبروا ولا يلقوا رجاءهم على غير يقينية الغنى بل على الله الحي الذي يمنحنا كل شيء بغنى للتمتع }(1تي 6 : 17). وكم من أناس اتكلوا على سلطة زمنية خادعة قادتهم إلى الهلاك والإنجيل يحضنا على الاتكال على الرب الذى لا يُخزى منتظريه { اتكل على الرب وافعل الخير اسكن الارض وارع الامانة} (مز 37 : 3). وهناك من عملوا لإشباع شهواتهم وقادتهم الى الهلاك. اننا لو ربحنا العالم كله - وهذا من دروب المستحيل - ولكن خسرنا أنفسنا فقد أصبحنا خاسرين السعادة الحقة على الإرض والسعادة الأبدية فى السماء، وقد أكد السيد المسيح على هذه الحقيقة قائلاً {لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 : 26). فلنسع اذاً من اجل خلاصنا ونسلك لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة .
+ لنصطلح إذن يا أحبائى مع أنفسنا ونجلس معها نحاسبها ونرجع عن أخطائنا و نتوب عن خطايانا. ونكون صادقين مع ذواتنا ولا ننقاد وراء شهواتنا ورغباتنا الخاطئة بل فى هدوء نسأل الله وروحه القدوس : ماذا تريد يارب أن أفعل؟. لنعمل مشيئة الله فى حياتنا وبهذا نصطلح مع الله الذى يريد خلاصنا ونجاتنا من فخاخ الشيطان و سعادتنا الأبدية . وعندما نصطلح مع أنفسنا ومع الله ينعكس ذلك على علاقاتنا بالأخرين فنحيا فى سلام معهم ونحبهم محبة صادقة روحية ونخدمهم من أجل مجد الله الذي يدعونا ان محبة الناس كما نحب أنفسنا. حينئذ نحيا ونتمتع بسلام الله الذى يفوق كل عقل والذى يحفظ حياتنا وأرواحنا فى المسيح .
الله يقدر أن يغيرك للأفضل ..
+ حتى إن كنا لا نستطيع أن نتغير للأفضل فالله يريد ويقدر أن يغيرنا للأفضل. ويجب أن لا نفقد ثقتنا فى الله ولا فى أنفسنا { غير المستطاع عند الناس مستطاع عند الله }(لو 18 : 27). فكل شيء مستطاع لدى المؤمن . قد تسيطر عليك عادات سيئة وقد تقيدك علاقات خاطئة وتشعر بعدم قدرتك على التخلص منا ولكن علينا أن نجاهد و نغصب أنفسنا للتوبة والرجوع الى الله والبعد عن المعاشرات الرديئة التي تفسد الأخلاق الجيدة. وإذا نصمم على القيام والحياة مع الله يرى الله أمانتنا ويقوي إيماننا ويقودنا بروحه القدوس من مجد الى مجد ، أما الظن بأن وصايا الله تحد من حريتنا فهذا ليس صحيح بل على العكس ان الوصايا تحفظنا فى الطريق وتقودنا لئلا نغرق فى صحراء الحياة بجدوبتها أو طوفان بحر العالم !. وهل عندما نحيا بلا الوصية نكون سعداء فى البعد عن الله أم نتخبط ونعانى القلق وفقدان السلام { لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22). إن البعد عن الله والخطية تورث المرض والاكتئاب والعار ثم الهلاك الابدى . وعندما نقترب من الله ونرجع اليه نسترد سلامنا الحقيقى ونفرح بالحياة فى رضاه ونسمع صوته الحلو {تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم }(مت 11 : 28). ان توبتنا تفرح الله {اي إنسان منكم له مئة خروف وأضاع واحدا منها ألا يترك التسعة والتسعين في البرية ويذهب لأجل الضال حتى يجده . وإذا وجده يضعه على منكبيه فرحا. ويأتي إلى بيته ويدعو الأصدقاء والجيران قائلا لهم افرحوا معي لأني وجدت خروفي الضال.اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة}( لو 4:15-7).
+ ان الله يستطيع أن يشكلنا من جديد كاوانى للكرامة والمجد إن أطعنا عمل نعمته فينا وهو يقدر أن يغيرنا للأفضل أن أطعناه وعشنا فى رضاه وطرحنا ضعفنا أمامه وطلبنا منه أن يعمل فينا بروحه القدوس وأطعنا عمل نعمته فينا { ليظهر في الدهور الاتية غنى نعمته الفائق باللطف علينا في المسيح يسوع }(أف 2 : 7). وهذا ما بينه الله لأرميا النبي قديما {الكلام الذي صار الى ارميا من قبل الرب قائلا. قم انزل إلى بيت الفخاري وهناك اسمعك كلامي. فنزلت الى بيت الفخاري و اذا هو يصنع عملا على الدولاب. ففسد الوعاء الذي كان يصنعه من الطين بيد الفخاري فعاد وعمله وعاء آخر كما حسن في عيني الفخاري أن يصنعه. فصار الي كلام الرب قائلا. أما استطيع ان اصنع بكم كهذا الفخاري يا بيت اسرائيل يقول الرب هوذا كالطين بيد الفخاري انتم هكذا بيدي) {ار1:18-6). واضح هنا أن إرميا قد دُعي ليقدم رسالة رجاء للشعب، فيدركوا إمكانياتهم الحقيقية كطين في يد خالقٍ حكيمٍ قدير. يؤكد الله لهم أنه موجود ومحب، قادر أن يشكلها من جديد. رأي إرميا النبي الفخاري بجوار الدولاب، يحرك بقدميه قرصًا حجريًا دائريًا من أسفل، وتتحرك معه عجلة خشبية من أعلى، وقد بدأت أصابعه تلعب في الطين ليُخرج الإناء كما في ذهنه، بالشكل الذي يريده له. {هكذا أيضًا يجلس الفخاري في عمله، ويحرك العجلة بقدميه}(سير 29:38).
+ أن الفخاري لا يلهو أو يلعب بالطين، إنما يعمل في جدية عملاً هادفًا. هكذا حياتنا في يدي الفخاري الأعظم هى موضع اهتمامه، يعمل في جدية خلال الأفراح والضيقات، بالترفق تارة، وبالضغط تارة أخرى، ليقيم منا آنية مقدسة مكرمة. الله هادف في خلقتنا كما في تجديد طبيعتنا، هادف في إقامة ممالك وإزالتها. كل العالم بين يديه، وكل التاريخ في قبضته، ليس من أمرٍ يحدث محض مصادفة. أن الفخاري يعجن الطين بيده ليخليها من فقاقيع الهواء، ويضعها في الدولاب ليتحرك برجليه ويديه بل وكل فكره، فيحول قطعة الطين التي لا شكل لها إلى إناءٍ جميلٍ، يوسعه الفخاري من هنا، ويضيقه من هناك. ليشكل منه كما يليق به ، اننا أغلى وأثمن لدى الله من هذه الأواني الفخارية بكثير جداً .
+ وعندما يفسد الوعاء سواء عن جهل أو إرادة او رغبة منا وعصيان للفخاري الأعظم فإنه يدعونا للتوبة والرجوع { فارجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة اصلحوا طرقكم واعمالكم} (ار 18 : 11). لماذا لم يُلقِ النبي اللوم على الفخاري باعتباره هو المسئول عن فساد الوعاء الذي كان بين يديه؟ لأن الأمر يختص بآنية حية تفسد نتيجة خطأها، إذ يقول {ففسد الوعاء الذي كان يصنعه} احذر إذًا لئلا تسقط وتفسد حينما تكون في يدي الفخاري وهو يُشكلك، فيكون فسادك نتيجة خطأ بحريتك. خلق الله الإنسان صالحًا لكنه فسد خلال فساد إرادته ، وصار الأمر يحتاج إلى تدخل الله نفسه القادر وحده على إعادة تشكيل الإناء، إذا تحطم إناء لا يلقيه خارجًا، بل يعود فيعجنه بيديه مرة أخرى، ويجمع الأجزاء المتناثرة منه بكل حرص، ويضغطها معاً ليجعل منها كتلة واحدة يعيد تشكيلها باهتمام شديد. وكأن الله هنا يؤكد لشعبه أنه من حقه أن يضع خطة خاصة بهم لا أن يضع الشعب خطة لله، كقول الرسول بولس: { من أنت أيها الإنسان الذي تجاوب الله؟! ألعل الجبلة تقول لجابلها: لماذا صنعتني هكذا؟ أم ليس للخزاف سلطان على الطين يصنع من كتلة واحدة إناء للكرامة وآخر للهوان؟ }(رو 9: 20-21). يليق بنا أن نخضع لله الخزاف السماوي، الذي من أجل تقديسه للحرية الإنسانية يترك للجبلة حق الخيار، وإن كانت لا تقدر أن تشكل بذاتها. إنها في حاجة إلى نعمته المجددة للطبيعة البشرية، أن نعمة الله ورحمته تعملان دومًا لأجل خيرنا، فإذا تركتنا نعمة الله لا تنفع كل الجهود العاملة شيئاً. مهما جاهد الإنسان بكل نشاطٍ لا يقدر أن يصل إلى حالته الأولى بغير معونة الله.
+ حياتنا الزمنية أشبه بقطعة طين تدخل الدولاب الذي يدور في اتجاه واحد، فنظنها وليدة صدفة أو حياة مملة، لكن الفخاري الأعظم لا يتوقف عن العمل لكي يحقق خطته تجاهنا. علينا أن نثبت في الدعوة التي دعينا إليها (1 كو 7: 20). والله الذى عمل فى الرسولين القديسين سمعان بطرس ومع شاول بولس ومع مريم المجدلية والمرأة السامرية ، يستطيع ان مع كل واحد وواحدة منا لنكون أوانى للكرامة والمجد {لكي تكون تزكية إيمانكم وهي أثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح }(1بط 1 : 7).
عطشت إليك نفسي
+ يا إله المحبة و ضابط الكل الذى يسعى لخلاص جنس البشر، انت تحبنا وتريد ان نحيا فى صداقة ومحبة متبادلة معك ، وانت دائما تبادر في السعي لإعلان محبتك الإلهية لنا رغم عدم استحقاقنا لكن لأنك أب صالح. أعيد تشكيل حياتى حسب ما يوافق صلاحك ولا تدعنى أسير وراء أهوائى لئلا أتورط أو أبتعد عنك بل بمشورتك الصالحة اهدينى يا الله.
+ يا الله إلهي إليك أبكر عطشت إليك نفسي يشتاق اليك جسدي في أرض ناشفة ويابسة بلا ماء، متى أجيء واتراءى قدامك، انت قادر ان تعد كل نفس منا لتكون آنية كرامة ومجد يوم مجيئك الثاني المملوء مجداً لتجازى كل واحداً كنحو أعماله. وانت قادر ان تمحو خطايانا كصالح ومحب البشر وتقودنا فى موكب نصرتك وتهبنا حياة فاضلة تليق بأبناء الله القديسين.
+ اننا نأتى اليك بكل ما فينا من عيوب وضعفات ونسألك أن تشكل فينا كما تحب وكما يليق بأبناء الله القديسين ، بالتجارب نتنقى وتهبنا النصرة. وها نحن بين يديك وانت الرحوم تهبنا الحكمة والنعمة والقوة لمعالجة كل ضعف وكسل أو تقصير لنعود اليك كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا عيب من أجل مجد اسمك القدوس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق