نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الاثنين، 30 نوفمبر 2020

62- القديس بولس الرسول والرحلة التبشيرية الثانية-2

 

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

1- الكرازة في أمفيبوليس وأبو لونية ... انطلق القديس بولس وسيلا من فيلبي الي أمفيبوليس عاصمة الإقليم الشرقي لمكدونية؛ وكانت مدينة كولونيا للأثيينين، ومن أهم المواقع في اليونان، وتقع في طريق تؤدي إلى الجبال المحيطة بخليج ستريمون Strymonic Gulf ، فهي ليست بعيدة عن فم نهر ستيمون  Stymon الذي كان يفيض حول المدينة وتبعد عن فيلبي 33 ميلاً، وعن أبولونيا 30 ميلاً، وكل مسافة بين مدينة وأخرى يمكن اجتيازها في يومٍ واحدٍ، ولم يذكر أن الرسل قد تأخرا فيها، فغالبًا ما اجتازا فى المدينة وقضيا وقت قليل بها ثم توجها الي أبولونية التي تقع بين أمفيبوليس وتسالونيكي وقد اشتهرت بتجارتها. لقد ألقى بذار الإيمان فيها وأعد لخدام آخرين أرسلهم للكرازة والخدمة في هذه المدن. وتمت فيهما لقاءات سريعة مع بعض التلاميذ، وربما كانوا يجتذبون معهم أصدقائهم وأحبائهم ليسمعوا للرسول حتى وصلا الي تسالونيكي.

2- الكرازة  في تسالونيكي

+ انطلق القديس بولس الرسول ومعه سيلا متجهين إلي تسالونيكي، يبشروا بمحبة الله المعلنة في أبنه يسوع المسيح بعدما تركا فيلبى وكما كتب في رسالته إلي أهل تسالونيكي: { بل بعدما تألمنا قبلًا وبغي علينا كما تعلمون في فيلبي جاهرنا في إلهنا أن نكلمكم بإنجيل الله في جهاد كثير} (1 تس2: 2). فما عاناه الرسولان في فيلبي دفعهما بالأكثر إلى جهاد أعظم في خدمتهما في تسالونيكي. مدينة تسالونيكي هي ميناء بحري للقسم الثاني من مكدونية. وتقع على رأس خليج ثيرماكوس وجعلها أميليوس بولس Aemilius Paulus عاصمة القسم الثاني من مكدونية، عندما قسم البلد إلى أربعة أحياء. ودعيت بعد ذلك تسالونيكي بواسطة كاسندر  Cassander تكريمًا لزوجته تسالونيكا ابنة فيليب وأخت إسكندر الأكبر، سكنها اليونان والرومان واليهود تدعى الآن سالونيكيSaloniki . وكانت تسالونيكي تحكم نفسها بنفسها ولم يوجد فيها ولاة من خارجها يحكمونها.   

+ نشأت بتسالونيكي كنيسة كان لها دورها الكرازي في عصر الرسول بولس كما يقول { حتى صرتم قدوة لجميع الذين يؤمنون في مكدونية وفي أخائية. لأنه من قبلكم قد أذيعت كلمة الرب، ليس في مكدونية وأخائية فقط، بل وفي كل مكان أيضًا قد ذاع إيمانكم بالله، حتى ليس لنا حاجة أن نتكلم شيئًا} (1 تس 1: 7-8). أرسل لها فيما بعد الرسول بولس رسالتين. ومن المعروف أن تسالونيكي هي التي أدخلت المسيحية إلى السلاف وإلى البلغار، ودُعيت في العصور الوسطى "المدينة الأرثوذكسية". هنا يتحول لوقا الإنجيلي من صيغة الجمع الحاضر" نحن" إلى ضمير الغائب "اجتازا"، مما يدل على أن لوقا البشير ومعه تيموثاوس قد تخلفا في فيلبي للاهتمام بالكنيسة في بدء انطلاقها حيث آمنت ليديه وعائلتها والسجان وعائلته. لكننا نسمع عن التحاق تيموثاوس بهما في بيرية (17: 13، 14). ولم نعد نسمع عن مرافقة لوقا لبولس حتى نهاية السفر في روما حيث التقى به مجددا كما كتب الرسول في رسالته الوداعية لتلميذه: { لوقا وحده معي} (2 تي 3: 11).

+ في مجمع لليهود بتسالونيكي كان بولس يحاور اليهود والدخلاء لمدة ثلاثة سبوت متوالية وكان يحاورهم مؤكدًا من الأنبياء أن يسوع هو المسيا إذ كان له حنو شديد نحو بني جنسه لخلاصهم. نسمعوه يقول: {أيها الإخوة إن مسرة قلبي وطلبتي إلى الله لأجل إسرائيل هي للخلاص} (رو 10: 1) وكان موضوع كرازته هو أن يسوع الذي ظهر هو بالحقيقة المسيا، وكان ينبغي أن يتألم ويموت ويقوم من الأموات {موضحًا ومبينًا أنه كان ينبغي أن المسيح يتألم ويقوم من الأموات، وأن هذا هو المسيح يسوع، الذي أنا أنادي لكم به}(اع 3:17). كان الصليب بالنسبة لليهود عثرة ولليونانيين جهالة، فأوضح الرسول أن الصليب هو علامة صدق شخصية السيد المسيح، وحبه للعالم كله، بكونه قوة الله للخلاص. هذا ما سبق أن أكده يسوع المسيح نفسه (لو 24: 26). فالموضوع الرئيسي في كرازة بولس هو إعلان الحب الإلهي المُسجل بالدم الثمين على الصليب { فاقتنع قوم منهم وانحازوا إلى بولس وسيلا، ومن اليونانيين المتعبدين جمهور كثير، ومن النساء المتقدمات عدد ليس بقليل} (اع 4:17) وأثمرت خدمة الأسابيع الثلاثة في تسالونيكي وكان الحصاد كثيرًا أذ اقتنع قوم من اليهود بما قاله الرسول بولس، وانضموا إلى الإيمان وسلموا حياتهم لله تحت قيادتهما الروحية، في شركة روحية صادقة. كما آمن كثيرين  من فئة الأمم  وانضم إليهما عدد ليس بقليلٍ من النساء المتقدمات المتعبدات لله.

+ كان نجاح خدمة القديسين بولس وسيلا فى تسالونيكي سبباً لهياج الشيطان عليهما فإن عدو الخير لا يقف مكتوف الأيدي أمام انتشار ملكوت الله. كان اليهود يقاومون الكلمة و يضطهدون الكارزين ومن يقبلوا كرازتهم، استأجر اليهود أناسًا أشرارًا من السوق لإثارة الجماهير والاعتداء على المؤمنين. هكذا أخذوا موقف العداء من يسوع المسيح مخلص العالم، وصاروا أداة طيعة في يد عدو الخير فهجموا على بيت ياسون حيث كان يقيم فيه الرسولان، وأرادوا ان يحضروهما أمام الجماهير الثائرة لكي يمزقوهما. { فغار اليهود غير المؤمنين، واتخذوا رجالاً أشرارًا من أهل السوق، وتجمّعوا وسجّسوا المدينة، وقاموا على بيت ياسون، طالبين أن يحضروهما إلى الشعب}( أع 5:17). وياسون رجل يهودي آمن بالرب يسوع وفتح بيته لإقامة الرسولين (رو 16: 21). وإذ لم يجدوا الرسولين في بيت ياسون جروا ياسون وبعض الإخوة إلى حكام المدينة، بكونهم أشخاصًا خطيرين لا يجوز التهاون معهم حسب ادعائهم بأنهم يأووا أناسًا خطرين على الأمن العام، ويسببون شغبًا أينما ذهبوا، ويفسدون المجتمع. والعجيب ان هذه الاتهامات كثيرًا ما تُنسب للمؤمنين حتى يومنا هذا، بالرغم مما يتسم به المؤمنين من لطفٍ وحبٍ وهدوءٍ وبث روح السلام والحياة المقدسة. لكن العالم وهو يرى نفسه في خزي وعار إذ يترك المؤمنون عبوديتهم له، اتهموهم بتعدي قوانين الدولة، ولهم ملك آخر يدعى يسوع عوض قيصر. هذا هو روح الافتراء الذي يعمل في أبناء إبليس حتى اليوم، فيثيروا الحكام على المؤمنين بذات الاتهامات وهي كسر قانون الدولة، والرغبة في اغتصاب الحكم. فانزعج حكام المدينة لئلا يحدث شغب لا يُعرف عقباه، فيكونوا مسئولين أمام قيصر، وانزعج الشعب لئلا يأخذ الحكام موقفًا متشددًا من هذه الجمهرة، إذ عقوبة الجمهرة في القانون الروماني هي الإعدام، فيضيع بعض البسطاء بسبب ما يفعله اليهود. وقد أدرك الرسول بولس أن ما حدث كان من عمل عدو الخير لكي يعوقه عن زيارة الكنيسة في تسالونيكي مرة أخرى. كتب إليهم: {لذلك أردنا أن نأتي إليكم أنا بولس مرة ومرتين وإنما عاقنا الشيطان} (1 تس 2: 18). فأخذوا كفالة من ياسون ومن الباقين ثم أطلقوهم أما بولس وسيلا فانطلقا الي بيريه ليلاً.

3- الكرازة  في بيرية...

+ أنطلق الرسولين بولس وسيلا الي بيريه على المنحدر الشرقي من الجبال الأولمبية وهي تطل على منظر متسع لسهل يرويه نهرا هالياكمون  HaliacmonواكسوسAxius . لها مميزات طبيعية كثيرة وتعتبر من أفضل المدن في روميليRumili . وحدائقها غنية بالأشجار. وقد أظهر الإخوة محبتهم الشديدة للرسولين واهتمامهم بسلامتهما، وفي نفس الوقت تمم الرسولان وصية السيد المسيح أنه إن طردوهم من مدينة فليذهبوا إلى أخرى. وكان اليهود الذين في بيرية أفضل من اليهود الذين كانوا في تسالونيكي. ولهم شوق حقيقي للتعرف على الحق، مع جدية في البحث والدراسة. فكانوا يصغون بكل اهتمام للكلمة، ويتقبلوا الإنجيل بكل تكريم. لم يغلقوا أعينهم عن رؤية النور. كان حوارهم بنَّاء، وليس للدخول في منازعات غير هادفة. واتسموا بعشقهم للكتاب المقدس، فكانوا يقرأون في أسفار العهد القديم كل يومٍ، ويفحصون ما يقوله الرسولان على ضوئه. وإذ كان الرسولان ينطقون بالحق لم يخشوا الدراسة الجادة لليهود في الناموس والأنبياء، بل وجدوا في هذا شهادة للحق. وكما يقول القديس أغسطينوس لولا العهد القديم لما آمنت بالعهد الجديد، فالأخير حقق النبوات والوعود الإلهية التي وردت في العهد القديم. وقد طالبنا السيد المسيح أن نفتش الكتب لنجد فيها حياة (يو 5: 39). وتحقق نجاح عظيم حيث انجذب للحق كثير من اليهود والنساء اليونانيات الشريفات ومن الرجال اليونانيين، فآمن منهم كثيرون وعلة ذلك حبهم لدراسة كلمة الله والمواظبة عليها يوميًا بشوقٍ حقيقيٍ للتعرف على الحق { فلما علم اليهود الذين من تسالونيكي أنه في بيرية أيضًا، نادى بولس بكلمة اللَّه، جاءوا يهيّجون الجموع هناك أيضًا}(13:17).  فلم يهدأ إبليس عن مقاومة مملكة النور بكل وسيلة، إذ لا يحتمل نشر اسم يسوع المسيح ولا يسكت على خلاص البشر وتحررهم من عبوديتهم له. هذه العداوة تبقى قائمة بين نسل الحية ونسل المرأة { فحينئذ أرسل الإخوة بولس للوقت ليذهب كما إلى البحر، وأمّا سيلا وتيموثاوس فبقيا هناك} (أع 14:17). فلما كانت أنظار اليهود المقاومين للكلمة تتركز على الرسول بولس، لذلك طلب الإخوة منه أن ينطلق إلى أثينا بينما بقي سيلا وتيموثاوس إلى حين.

اليك يارب نرفع الصلاة...

+ اليك يا الله خالق الجميع ومدبر الكل ورازقهم، نرفع صلواتنا من أجل خلاص كل نفس، من أجل الخدام و الخدمة فالحصاد كثير والفعلة كثيرين، أرسل يارب فعلة لحصادك وأعط حكمة ونعمة للخدام والكارزين، ولينهزم الشيطان وقواته الشريرة وينقشع ظلام الجهل ويستنير الكثيرين بمعرفتك ويرجعوا من الظلمات الي النور ومعرفتك الحقيقية.

+ يا مسيحنا القدوس يا من بذل ذاته عنا خلاصاً، خلص شعبك وبارك ميراثك و برعايتك الصالحة وعنايتك الساهرة ضمنا اليك لنكون رعية واحدة لراع واحد. واهدنا الى ملكوتك لكي وبهذا يتمجد اسمك القدوس.

+ يا روح القدوس العامل فى الأنبياء والرسل وواهب التوبة والقداسة، أعمل فينا لننمو في الإيمان ونجاهد علي رجاء ونحيا المحبة المقدسة التي هي رباط الكمال. أعمل فينا واهدينا للنقاد بالروح ولا نسلك حسب ميولنا وأهوائنا بل نسلك كما يحق لإنجيل المسيح، أمين.

ليست هناك تعليقات: