نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 30 أكتوبر 2025

التفكير الإيجابي وبناء النفس - ١٦

 التفكير الإيجابي وبناء النفس - ١٦


+ التفكير الإيجابي ليس تقنية بشرية لتحسين المزاج، بل هو دعوة روحية ونفسية عميقة، يشهد لها الكتاب المقدس ويؤكدها آباء الكنيسة ويبرهن عليها علم النفس الحديث. عندما يتجدد الذهن ليكون لنا فكر المسيح وننمو في محبة الله والخير والنور يحوّل المؤمن مسيرته من الأنانية والانغلاق أو التشاؤم واليأس إلى الانفتاح بالإيمان علي محبة الله والأخرين ويستنير ذهنه ويحب أخوته كنفسه وينطلق ويبادر ليخدم الغير ويحب عمل الخير ومن هنا تأتي أهمية دراسة التفكير الإيجابي من منظور لاهوتي ونفسي متكامل.

أولًا: التفكير الإيجابي في الكتاب المقدس

+ إن روح الله هو روح الإيجابية في الحياة والخلق والتجديد { تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ، وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ.} (مز ١٠٤: ٣٠). والإنسان الذي يحيا في المسيح يميت الإنسان العتيق ويلبس الإنسان الجديد الذي يتجدد يوماً فيوم فليبس الإنسان الجديد الذي يتجدد علي صورة خالقه من مجد لمجد { وَلَبِسْتُمُ الْجَدِيدَ الَّذِي يَتَجَدَّدُ لِلْمَعْرِفَةِ حَسَبَ صُورَةِ خَالِقِهِ.} (كو ٣: ١٠). لقد بادر المسيح وتجسد لأجل خلاصنا وجال يصنع خير ويشفي المرضى { وَكَانَ يَسُوعُ يَطُوفُ الْمُدُنَ كُلَّهَا وَالْقُرَى يُعَلِّمُ فِي مَجَامِعِهَا، وَيَكْرِزُ بِبِشَارَةِ الْمَلَكُوتِ، وَيَشْفِي كُلَّ مَرَضٍ وَكُلَّ ضُعفٍ فِي الشَّعْبِ. وَلَمَّا رَأَى الْجُمُوعَ تَحَنَّنَ عَلَيْهِمْ، إِذْ كَانُوا مُنْزَعِجِينَ وَمُنْطَرِحِينَ كَغَنَمٍ لاَ رَاعِيَ لَهَا.} (مت ٩: ٣٥، ٣٦). والمسيح يسوع ربنا هو امس واليوم وإلي الابد يقول: { أَبِي يَعْمَلُ حَتَّى الآنَ وَأَنَا أَعْمَلُ. }(يو ٥: ١٧). والله يريد أن يعمل بنا ومعنا ونحن نصلي ونقول " أشترك في العمل مع عبيدك في كل عمل صالح". يجب ان يكون لنا فكر المسيح المبادر والخلاق الذي يعمل حتى دون أن نطلب. والتفكر الجيد هو مفتاح التحول الداخلي، والتركيز علي التفكر في الخير والحق يطور منا للأفضل { كل ما هو حق، كل ما هو جليل، كل ما هو عادل، كل ما هو طاهر، كل ما هو مسرّ… ففي هذه افتكروا} (في 4: 8). هذه الآية تمثل أساسًا كتابيًا للتفكير الإيجابي، إذ توجّه الإنسان نحو ما يبني ويعطي محبة ورجاء وسلام لمن حوله وتغيير الفكر لابد ان يتبعه التخلص من الافكار والعادات السلبية وأكتساب عادات إيجابية تخلق فينا شخصيات إيجابيه تجول تصنع خير وتنمو في التعلُم والمعرفة والخبرة والنجاح يوما فيوم.

+ الإيجابية في مواجهة الصعاب.. 

يدعونا الكتاب الي الإيمان بالله والثقة في محبته، رغم الضيقات والتجارب فان المسيح الغالب يغلب بنا وفينا { قَدْ كَلَّمْتُكُمْ بِهذَا لِيَكُونَ لَكُمْ فِيَّ سَلاَمٌ. فِي الْعَالَمِ سَيَكُونُ لَكُمْ ضِيقٌ، وَلكِنْ ثِقُوا: أَنَا قَدْ غَلَبْتُ الْعَالَمَ». (يو ١٦: ٣٣). ويقول داود النبي { الرب نوري وخلاصي، ممن أخاف؟} (مز 27: 1). نحيا نفرح في رجائنا بالمسيح { وَنَفْتَخِرُ عَلَى رَجَاءِ مَجْدِ اللهِ. وَلَيْسَ ذلِكَ فَقَطْ، بَلْ نَفْتَخِرُ أَيْضًا فِي الضِّيقَاتِ، عَالِمِينَ أَنَّ الضِّيقَ يُنْشِئُ صَبْرًا،  وَالصَّبْرُ تَزْكِيَةً، وَالتَّزْكِيَةُ رَجَاءً،  وَالرَّجَاءُ لاَ يُخْزِي، لأَنَّ مَحَبَّةَ اللهِ قَدِ انْسَكَبَتْ فِي قُلُوبِنَا بِالرُّوحِ الْقُدُسِ الْمُعْطَى لَنَا. }(رو ٥: ٢-٥). والرجاء ليس إنكارًا للصعاب، بل هو  ثقة في الله الحاضر وسط التجربة.

ثانيًا: الفكر الإيجابي في تعاليم آباء الكنيسة

+ يقول القديس مقاريوس الكبير: "كما أن بيتًا ممتلئًا نورًا لا يقتحمه لصوص، كذلك النفس المملوءة من أفكار الرجاء لا يدخلها العدو". والقديس يوحنا الذهبي الفم: "ليس ما يزعجك من الخارج، بل فكرك هو الذي يصنع الاضطراب. فإن ثبّت ذهنك في الله لا يقدر الشر أن يغلبك" (عظة على متى 6). أما  الانبا أنطونيوس الكبير فيقول "عظيم هو الإنسان الذي يضبط أفكاره، فإنه بهذا يقدر أن يواجه حروب الشياطين بسلام". التفكير الإيجابي عند الأباء هو ثبات الفكر في المسيح، الذي يطرد اليأس ويعطي قوة داخلية.

ثالثًا: البعد النفسي للتفكير الإيجابي

يوضح مارتن سليغمان (Seligman, 2002)  أن التفكير الإيجابي يعزز المرونة النفسية ويقود الإنسان إلى حياة أكثر رضا ومعنى. ويؤكد أرون بيك (Beck, 1976) أكد أن الأفكار السلبية تقود إلى مشاعر وسلوكيات مدمرة، بينما استبدالها بأفكار إيجابية واقعية يحرر الفرد من القلق والاكتئاب. والأبحاث العلمية الحديثة (Fredrickson, 2001) أثبتت أن التفكير الإيجابي يحسّن مناعة الجسد، ويقلل من التوتر، ويزيد من معدلات التعافي النفسي والجسدي.

رابعًا: التكامل بين اللاهوت وعلم النفس

من منظور كتابي: التفكير الإيجابي هو دعوة كتابية لتجديد الذهن وثباته في الحق وتشبه بالمسيح الذي يجول يصنع خير، ومن منظور آبائي: هو جهاد روحي لحفظ الفكر في الرجاء والفرح بالمسيح.

أما من وجهة علم  النفس فهو مهارة عملية مدعومة علميًا تساعد الإنسان على مواجهة الضغوط وإعادة بناء ذاته. وهذا التكامل يجعل التفكير الإيجابي وسيلة روحية ونفسية متكاملة لنمو الإنسان الداخلي وتحقيق سلامه العميق. فالتفكير الإيجابي، كما يقدمه الكتاب المقدس وآباء الكنيسة وعلم النفس الحديث، هو أكثر من مجرد تفاؤل. إنه حياة متجددة تُبنى على الثقة بالله، والانفتاح على الخير، وإرادة قوية لمواجهة تحديات الواقع. وهكذا يتحول الفكر إلى قوة تبني الشخصية وتنفتح لها طاقات الرجاء والسلام، ليصير الإنسان { خليقة جديدة في المسيح} (2 كو 5: 17)، أمين.

القمص أفرايم الأنبا بيشوى

المراجع

الكتاب المقدس

آباء الكنيسة

مقاريوس الكبير، العظات الروحية.

يوحنا الذهبي الفم، عظات على إنجيل متى.

أنطونيوس الكبير، رسائل القديس الأنبا أنطونيوس.

علم النفس

* Beck, A. (1976). Cognitive Therapy and the Emotional Disorders. New York: International Universities Press.

* Seligman, M. (2002). Authentic Happiness. New York: Free Press.

* Fredrickson, B. (2001). “The role of positive emotions in positive psychology.” American Psychologist, 56(3), 218–226.

ليست هناك تعليقات: