للأب القمص أفرايم الأنبا
بيشوي
دعوة للدخول إلي ملكوت
الله ... لقد
سأل البعض قديما السيد المسيح له المجد عن ملكوت الله فقال لهم ان ملكوت الله
لا يأتي بمراقبة لان ملكوت الله داخلنا {ولما ساله الفريسيون متى
ياتي ملكوت الله اجابهم وقال لا ياتي ملكوت الله بمراقبة. ولا يقولون هوذا ههنا او هوذا هناك لان ها ملكوت الله
داخلكم} (لو 20:17-21). لقد ظن هؤلاء ان ملك المسيا الأتى يكون بقدوم المسيا وحلول ملكوته على الارض
لهذا قال السيد المسيح ان مملكة ليست من هذا العالم { اجاب يسوع مملكتي ليست من
هذا العالم } (يو 18 : 36). والمؤمنين بالمسيح فى العالم هم بشر متغربين على الارض
وموطنهم السماء ولهم رسالة على الأرض { لو كنتم من العالم لكان العالم يحب
خاصته ولكن لانكم لستم من العالم بل انا اخترتكم من العالم لذلك يبغضكم العالم}
(يو 15 :19). لقد سعى السيد المسيح فى تجسده لكي يستعلن ملكوت الله فى قلوب البشر
ويملك الله على شعبه وكنيسته ليعيشوا كابناء الملكوت ويذوقوا ملكوت الله ويسيروا
فيه الى ان يصلوا الى ملكوته السماوي.
ان مجئ السيد
المسيح كان هدفه دعوتنا الى ان نعيش ملكوت الله على الأرض وفى السماء.ان كل السماء
وقواتها تخضع وتحيا فى دائرة سلطان الله بالمحبة والشكر والتسبيح، أن البشرية بحاجة
لمعرفة أسرار ملكوت الله وطاعة الله والإعتراف بملكه. الله وهبنا الحرية والعقل
لنعرفه ولن يسلبها منا بل يدعونا الى التعرف عليه والإيمان به وطاعته ومحبته لنحيا
فى ملكوت الله وعلى الكنيسة والخدام والمؤمنين أن يعلنوا ويكرزوا ببشارة الملكوت.
اننا نصلى دائما الصلاة التي علمها لنا الرب { ليات ملكوتك لتكن مشيئتك كما في
السماء كذلك على الارض} (مت 6 :10). فهل نعمل ليأتي ملكوت الله فى قلوبنا وبيوتنا
وكنائسنا وبلادنا وفى كل الأرض ونعمل مشئية الله
كما ينفذها الملائكة فى
السماء ونطلب اولا ملكوت الله وبره.
كيف يحل فينا ملكوت الله؟
.. التوبة واقتراب ملكوت
الله منا هو موضوع كرازة الرب يسوع المسيح { قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله
فتوبوا وامنوا بالانجيل} (مر 1 : 15) كما ان الملكوت هو هدف خدمة الرسل القديسين، وهو أهم شئ
نسعى اليه فى صلواتنا {لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم} (مت 6
: 33). فكيف نحيا ملكوت
الله على الأرض ونصير ابناء ملكوت الله وورثه الملكوت، اننا بالمعمودية نولد من
فوق وبسر المسحة المقدسة نصير هياكل لروح الله وبالتوبة والإعتراف نتغير للأفضل
وبالتناول من الأسرار المقدسة نثبت فى المسيح. بالصلاة والحديث مع الله نتقوى فى
الإيمان وبقراءة الكتاب المقدس والتأمل فيه نستنير ونعرف أسرار ملكوت الله، حتى مع
التجارب والضيقات والآلام فان كان الإنسان
الخارج يفنى فالداخل يتجدد يوما فيوم { لان الله الذي قال ان يشرق نور من ظلمة هو
الذي اشرق في قلوبنا لانارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح. ولكن لنا هذا
الكنز في اوان خزفية ليكون فضل القوة لله لا منا. مكتئبين في كل شيء لكن غير
متضايقين متحيرين لكن غير يائسين. مضطهدين لكن غير متروكين مطروحين لكن غير
هالكين. حاملين في الجسد كل حين اماتة الرب يسوع لكي تظهر حياة يسوع ايضا في
جسدنا} (2كو6:4-10). ان كل الآم الزمان الحاضر والضيقات التي نعانيها من أجل
الثبات فى الإيمان {بينة على
قضاء الله العادل انكم تؤهلون لملكوت الله الذي لاجله تتالمون ايضا} (2تس 1 : 5).
اننا نحيا فى ملكوت الله
بالإيمان بالله والتمتع بالعشرة معه وحلول المسيح بالإيمان فى قلوبنا يحل ملكوته
فينا { ليحل المسيح بالايمان
في قلوبكم }(اف 3 : 17). إن ملكوت الله ليس أكل وشرب بل هو حياة البر والسلام
والفرح فينا بحلول الله ومحبته ويستعلن فينا ذلك بالجهاد للتوبة والبعد عن الخطية
التي تحرمنا من ملكوت الله وتفقدنا سلامنا وتجعل الإنسان يحي القلق والاكتئاب { ام
لستم تعلمون ان الظالمين لا يرثون ملكوت الله لا تضلوا لا زناة ولا عبدة اوثان ولا
فاسقون ولا مابونون ولا مضاجعو ذكور} (1كو 6
: 9) {ولا سارقون ولا طماعون ولا سكيرون ولا شتامون ولا خاطفون
يرثون ملكوت الله} (1كو 6 : 10). قد يحتاج الأمر منا فى بدء العشرة مع الله إلي التغصب والجهاد { كان الناموس
والانبياء الى يوحنا ومن ذلك الوقت يبشر بملكوت الله وكل واحد يغتصب نفسه اليه}
(لو 16 : 16). الى ان ننمو فى الروح والحب ونذوق ما أطيب الرب ونحيا حياة البر
بنعمة الله الغنية التي تفرح وتهب السلام . {لان ليس ملكوت الله اكلا وشربا بل هو
بر وسلام وفرح في الروح القدس }(رو 14 : 17). نعيش حياة المحبة مع الله وتختمر
فينا كلمته لنذوق من كنوز نعمة الله فى حياة محبة لله تغربنا عن كل ما هو عنه
بعيد. نحيا السلام والمصالحة مع الله بدون إنقسام بين مطالب الروح والنفس والجسد
ونحيا نصنع سلام مع الغير وفى محبة لله وصنع الخير. مما يجعلنا نسعد ونفرح بمحبة
الله الآب بالمسيح الساكن فينا وبعمل روحه القدوس.
لقد أعطي الله لنا العديد
من أمثال الملكوت ومنها مثل حبة الخردل { وقال بماذا نشبه ملكوت الله او باي مثل
نمثله. مثل حبة خردل متى زرعت في الارض فهي اصغر جميع البزور التي على الارض. ولكن
متى زرعت تطلع وتصير اكبر جميع البقول وتصنع اغصانا كبيرة حتى تستطيع طيور السماء
ان تتاوى تحت ظلها} ( مر30:4-32).
فملكوت الله يجب ان نسعى فى جهاد روحي للوصول اليه والعيش فيه كل يوم وقد يبدأ
الإيمان فى قلوبنا نبتة صغيرة حتى ولو كحبة خردل تزرع فى قلب المؤمن وتعمل فيه ويتعهدها
بالري والتسميد والرعاية ويخضع لعمل الله العجيب ويتعمق فى معرفته ومحبته وطاعته
حتى يشبع ويفيض على الغير بالخير.
ليأت ملكوتك...
ايها الرب الهنا الذى
أنعم علينا بالميلاد الثاني لنكون ابناء له بالتبني ووهبنا نعمة وموهبة وثمار روحه
القدوس ودعوتنا بنعمتك من عالم الظلمة الى نورك العجيب، نشكرك لانك دعوتنا لنحيا
ونذوق ما أطيبك وتحل بالإيمان فينا ونثبت فيك ونثمر ويدوم ثمرنا ونذوق ونتمتع
بملكوتك السمائي من الأن. فليحل ملكوتك فى
قلوبنا ونطيعك كملك على ارواحنا وقلوبنا وبيوتنا وكنائسنا وبلادنا.
علمنا يارب كيف نحيا نعد
انفسنا للملكوت وندخل الى العمق وينمو بالإيمان فينا، من خلال محبتك ومحبة القريب
وصنع الخير، علمنا ان نبيع كل شئ من أجل ان نحيا الملكوت، ونطلبه اولا وقبل كل شئ
ونبذل كل اجتهاد فى الفضيلة والبر ونتقدم فى الإيمان والتعفف والصبر وتحيا
بالإيمان فينا ونحبك من كل القلب ونكون
غير متكاسلين بل مثمرين فى كل عمل صالح.
علمنا ان نكون كالعذارى
الحكيمات المستعدات لمجئ العريس السماوي وحياة
الملكوت فى مجيئك الثاني لتدين الاحياء والاموات وتعطى كل واحد وواحدة كنحو
أعماله، لنحيا هناك كملائكة الله فى فرح وتسبيح وبر ومحبة، امين تعالى ايها الرب
يسوع ومن يسمع فليقل أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق