سعادتنا فى المسيح يسوع
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
ضرورة العلاقة بالله .. كما ان التنفس ضروري للحياة ولا يستطيع الإنسان ان يستغنى عنه لمدة ما بين 3 دقائق الى 5 فى كل الاحوال، وكذلك الشراب والطعام فان الروح مهمة للجسد حتى ان الإنسان لا يستغنى عن الماء أكثر من ثلاثة الى خمسة أيام وعن الطعام أكثر من ثلاثة اسابيع. لكننا كثيرين ما نهمل أرواحنا المخلوقة كنفخة من الله وتشتاق للطعام الروحي الذى تغتذى به والى عشرة سليمة روحية ومحبة عميقة ومشبعه معه. أن ارواحنا بالله ومحبته وكلامه وبكل وسائط الخلاص تحيا { لاننا به نحيا ونتحرك ونوجد } (اع 17 : 28). نحن نحتاج للإيمان العامل بالمحبة لا المظاهر الخارجية فقط {لانه كما ان الجسد بدون روح ميت هكذا الايمان ايضا بدون اعمال ميت} (يع 2 : 2). الروح لا تحيا بدون الصلة القوية بروح الله. من اجل هذا يعانى الكثيرين الخواء الروحي فى البعد عن الله. فكم منا يحرص على العلاقة القوية والصادقة مع الله؟. وكم منا يعبد الله فى شكليات وفريسيه أو يقترب من الله من أجل منافع مادية أو من اجل النجاة من ضيقة؟ ان كثيرين يعبدوا الله فى المواسم والمناسبات. والبعض يتخذون من الدين تجارة رابحة {فقال السيد لان هذا الشعب قد اقترب الي بفمه واكرمني بشفتيه واما قلبه فابعده عني وصارت مخافتهم مني وصية الناس معلمة} (اش 29 : 13). ان العبادة الحرفية والشكلية تضر أكثر مما تنفع لانها تسكن الضمير دون ان تشبع الروح والنفس وتجعل الإنسان غريب عن الله.
الدخول الى معرفة الله ومحبته.. اننا نحتاج للصدق والعمق فى معرفة الله كأب حقيقي يريد ان ننفتح عليه بالمحبة والعشرة وكراع صالح يسعى فى طلب الضال، وكصديق صدوق نتحدث معه عن الأمنا وأمالنا وتطلعاتنا. نحتاج للاتصال بروح الله والتعلم منه والإنقياد اليه. يجب ان نخصص باكورة وقتنا للصلاة والحديث الودي مع الله، حتى لو نشتكى له أنفسنا وهمومنا واحزاننا ونطلب منه العون والحكمة والقوة ونستمع اليه، الله يخاطبنا فى الإنسان الباطن من خلال الروح القدس والضمير المستنير بروح الله والأفكار النيرة، ومن خلال الكتاب المقدس وكتابات الاباء القديسين. عندما ندخل الى معرفة الله ومحبته فاننا ندخل الى دائرة الابدية التي لا تنتهي { وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 :3). فمعرفتنا لله تبتدئ ولن تنتهى بل هي مسيرة ننمو فيها فى المعرفة والحب والعشرة لنذوق ونتمتع ونعرف ما أطيب الرب حتى نصل الى ان يحل المسيح بالإيمان فى قلوبنا {عرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به واكون انا فيهم } (يو 17 : 26). المحبة الحقيقية لله توصلنا الى الإتحاد بالله وبر الإيمان ونقول مع القديس بولس { مع المسيح صلبت فاحيا لا انا بل المسيح يحيا في فما احياه الان في الجسد فانما احياه في الايمان ايمان ابن الله الذي احبني واسلم نفسه لاجلي} (غل2:20).
محبة الله ونتائجها.. ان محبة الله تحرر القلب من الشهوات وتجعل المؤمن يبغض الخطية لانها تسئ الى الله ككسر لوصاياه وتجرح مشاعر المحبة المتبادلة وتطفي حرارة الروح. ولنتصور أب صالح يريد ان يغدق خيراته على ابنائه الاحباء ويخلق منهم أناس ناجحين نافعين لانفسهم ولمن حولهم وارثين لميراثه الأبوى، ولكن أولاده لا يحبونه ولا يهتمون الا بشهواتهم فان ذلك يحزن قلب أبيهم. ان الخطية تعطى سعادة وقتيه وتترك الإنسان فريسة للقلق والحزن، من أجل هذا يفرح ابناء الله لا بشهوة نالوها بل بشهوة قاوموها ونجحوا فى التغلب عليها بقوة الله الذى معه نستطيع كل شئ. نحن نحب الله { نحن نحبه لانه هو احبنا اولا} (1يو 4:19) محبة الله تجعلنا نحفظ وصاياه ونراها خفيفة الحمل سهلة التطبيق كثيرة المكافاة. محبة الله وصداقته تحول حياتنا الى مسيرة محبة مع الله تنمو وتزداد حتى تتسع وتصل الى السماء فى لقاء محبة وشكر وتسبيح وسلام { وسار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله اخذه} (تك 5 : 24). ان محبة الله والعشرة معه تجعلنا نصير أصدقاء له، ونسير معه فى رحلة سعيده لا تنتهى، ان الله يعاتبنا اننا نشرب من آبار العالم المشققة التي لا تضبط ماء مع انه هو ينبوع الماء الحي{ ابهتي ايتها السماوات من هذا واقشعري وتحيري جدا يقول الرب. لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء.}(أر12:2-13). وهو يقدم لنا ينابيع الماء الحي مجانا، ولا يريد منا سوى ان نريده ويقدم لنا الشبع والسعادة { وفي اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع ونادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي ويشرب. من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي. قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه لان الروح القدس لم يكن قد اعطي بعد لان يسوع لم يكن قد مجد بعد.} (يو 37:7-39). لقد بين لنا الله محبته حتى بذل أبنه الوحيد يسوع المسيح ربنا ومات من أجل خطايا وقام من أجل تبريرنا، وصعد الى السموات بمجد عظيم لكي ينعم علينا بالروح القدس. ليسكن ويحل فى المؤمنين ويقودهم ويعلمهم ويعزيهم ويقدسهم . انها دعوة مفتوحة لكل واحد وواحدة منا للسعادة الحقيقة والشبع الروحي والنفسي . لقد عاش الانبا بولا السائح قرابة الثمانين عاما فى البرية القاحلة فمن كان عزائه غير الروح القدس الذى جعل العالم لا يستحق وطاءة قدميه، الروح القدس المعزي هو الذى قاد مريم المصرية التائبة فى صحراء الاردن وعلمها التسبيح وحفظها المزامير الى صلاها داود النبي وجعلها تسير كروح خفيف فوق مستوى الأرض وهى فى الجسد. الروح القدس هو الذى قاد الخطاة الى التوبة، هو مستعد وحاضر ودائم العمل فهل صلينا فى الروح ورجعنا الى الله ودامت سعادتنا بروح الله. يا احبائي ان المسيحية هي علاقة شخصية عميقة بالله الآب بابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا فى الروح القدس العامل فينا وفى الاسرار الكنسية من اجل ان نعبد الله ونسجد له بالروح والحق { الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا} (يو 4 : 24). عندما نحيا فى الروح ولا نتمم شهوات الجسد نحيا فرح الخلاص والارتواء والتقديس { اذا لا شيء من الدينونة الان على الذين هم في المسيح يسوع السالكين ليس حسب الجسد بل حسب الروح} (رو 8 : 1)، ونجاهد واثقين فى عمل نعمة الروح القدس وثماره ومواهبه فينا { واما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان }(غل 5 : 22)، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق