للأب القمص
/ أفرايم الأنبا بيشوى
+ طول الاناة ثمرة شهية من ثمار الروح القدس ويعنى
الصبر والاحتمال والتأني وسعة الصدر كموقف إرادي ايجابي ويحتاج منا ضبط النفس
والتفكير قبل التحدث أو التصرف أو العمل من أجل ان ندرك ما يدور حولنا فقد نجد
البعض يستعجل في الردّ على كلّ كلمة أو نظرة أو حركة من الغير وردّهم هذا يأتي
بنتائج سيئة عليهم. لكن بالصلاة والأنقياد لروح الله نكتسب طول الأناة ونصبر ونفكّر
قبل القيام بأي عمل ونتعوّد علي ضبط أعصابنا ونكبح جماح أنفسنا لكي نكسب أنفسنا
وغيرنا { فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ
أَحْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفًا، وَتَوَاضُعًا، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ،
مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضًا إِنْ كَانَ
لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هكَذَا أَنْتُمْ
أَيْضًا}(كو12:3-13(.
+ لو عرفنا أضرار التسرع ونتيجته من أمراض ومتاعب كثيرة
نفسية وبدنية وإجتماعية، وما يصيبنا من عدم الاحتمال والغضب وخسارة الغير لفضلنا
أن نطيل بالنا ونصبر ونحتمل بل ونبادر لصنع الخير مع الغير {ها نحن نطوب الصابرين،
قد سمعتم بصبر أيوب، ورأيتم عاقبة الرب} (يع5: 11). فليكن لدينا طول اناة وشكر
وانتظار فرج الرب، الذي سوف يأتي في الوقت المناسب. لقد أعطى الله درساُ فى طول
الأناة والصبر والاحتمال لاب الاباء ابراهيم : قيل أن ضيفاً قدم الي أبراهيم يوماً
فرحب أبينا إبراهيم بالضيف وذبح له عجلاً وأعد الأطعمة. وقبل ان يأكلا ويبيتا طلب
منه الصلاة معاً ، وقبِل الشيخ ذو الستين ربيعاً وعندما طلب أبينا إبراهيم من
الضيف أن يصليا أخرج الضيف وثناً من جيبه وأخذ يصلى إليه فانزعج أبينا إبراهيم وقال إن هذا خطأ لأنه يوجد اله
خالق السماء والأرض له نسجد ونصلى هنا لم يقبل الضيف نصيحة رجل الإيمان وأستمر في
صلاته وإذ بأبينا إبراهيم يحتد عليه ويطره من عنده وفي ذات الليلة كلم الله أبينا
إبراهيم معاتباً قائلاً : ( يا إبراهيم ستون سنه وأنا صابر على هذا الرجل ومحتمله
، أما قدرت أن تصبر عليه ليلة واحدة).
+ فى كل مجالات
الحياة نحتاج للأناة وطول البال. فلو سادت طول الأناة بين الناس لأصبحت حياتنا
أفضل وارحنا الغير لأن من يطيل أناته على غيره يحصل على السلام مع الآخرين
ومع نفسه. فلو الزوج صبر على زوجته لو تأخرت في إعداد الطعام، ولو أطال المسئول أناته
على مرؤسيه لاصبحت الحياة أجمل وأفضل والروح القدس هو معلمنا وهو يستطيع ان يهبنا
طول الاناة ان طلبناه وسمعنا نداه وأطعناه {فتأنوا انتم ايها الاخوة وثبتوا قلوبكم
لأن مجيء الرب قد اقترب} (يع 8:5). ونتأني علي أنفسنا ونترجى مراحم الله ولا نيأس
بل نجاهد لنتخلص من أخطائنا وخطايانا وننمو فى الفضائل الروحية والتقوى. ونصبر على
ابنائنا واخوتنا وأقاربنا ومع الوقت لابد ان تنصلح احوالهم ومحبتنا لهم. نطيل
أناتنا حتى علي المسيئين الينا ونصلى ليحاسبوا أنفسهم ويصلحوا من احوالهم ونلتمس
لهم الأعذار لجهلهم أو قلة معرفتهم.{والذي في الارض الجيدة هو الذين يسمعون الكلمة
فيحفظونها في قلب جيد صالح ويثمرون بالصبر (لو 8 : 15).
+ الأنقياد للروح القدس.. كلما سلَّمنا أنفسنا أكثر
للروح القدس وخضعنا لتوجيهاته، يعمل فينا، ويعطينا من ثماره ويسيطر على أفكارنا وأقوالنا ومشاعرنا ويقودنا وعلينا
ان نصلى ليهبنا روح الله الوداعة وطول الأناة ويزيل منا الغضب من داخلنا، ويعلّمنا ويغرس فينا
فكر المسيح الذي شرحه الرسول بطرس في قوله: {لأَنَّكُمْ
لِهٰذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ ٱلْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا
مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ. ٱلَّذِي لَمْ يَفْعَلْ
خَطِيَّةً، وَلا وُجِدَ فِي فَمِهِ مَكْرٌ، ٱلَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ
عِوَضاً وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ
يَقْضِي بِعَدْلٍ} (1بط 2: 21-23). علينا ان نثق فى مواعيد الله وعمله وان لكل شئ تحت السماء وقت
فنصبر ونواظب على عمل الخير وسنحصد فى الوقت المناسب. فطويل الأناة لا يخاصم
ويحتمل ويكون محبوبا ومن محبته للغير يحتمل ويصبر ويملك الدرع الواقى لمنع
الخصومات ولذلك قال سليمان الحكيم {الرجل الغضوب يهيج الحقد ، وبطء الغضب يسكن
الخصام} (1م 5 : 19). فإن أردت أن تحيا سعيداً وتعمر مديداً لا تغضب وكن صبوراً
لكى لا تحطم سعادتك بيديك فالإنسان الهادئ يجلب السعادة لنفسه، ولمن حوله.
+ طول الأناة والملكوت السماوى .. الصبر لازم لخلاصنا،
كما هو ايضاً ضرورة لدخول الملكوت فمن يصبر للمنتهي فهذا يخلص ولذلك نري يعقوب
الرسول يوصي بشدة جماعة المؤمنين فيقول {فتأنوا ايها الاخوة إلي مجيء الرب، هوذا
الفلاح ينتظر ثمر الأرض الثمين متأنياً عليه حتي ينال المطر المبكر والمتأخر،
فتأنوا انتم وثبتوا قلوبكم لأن مجيء الرب قد اقترب... خذوا يا اخواتي مثالاً
لإحتمال المشقات والأناه، الأنبياء الذين تكلموا بإسم الرب ها نحن نطوب الصابرين،
قد سمعتم بصبر أيوب ورأيتم عاقبة الرب} (يع 5 : 7 ـ 11) ويمتدح الرسول بولس تلميذه
تيموثاوس {وأما أنت فقد تبعت تعليمي وسيرتي وايماني واناتي ومحبتي وصبري
واضطهاداتي وآلامي... اية اضطهادت احتملت ومن الجميع أنقذني الرب، وجميع الذين
يريدون ان يعيشوا بالتقوي في المسيح يسوع يضطهدون} (2تيم 3 : 10 ـ 12).
+ أننا نصلي اليك أيها الرب الاله طويل الانأة كثير
الرحمة، أن تتأنى على خليقتك رغم بعدنا وجحودنا وخطايانا لكننا نترجى مراحمك يارب وصبرك،
انت اله الصبر والرجاء، طويل البال، تأني علينا وعلى عالمك المجروح، فابليس يعمل
جاهدا ليبعدنا عنك وانت كآب صالح قادر على كل شئ فردنا اليك يالله كعظيم رحمتك. علمنا
ان نقابل الكراهية بالمحبة، والشر بالخير، والتسرع والغضب بالصبر والهدوء، علمنا
ان نكون شفوقين محتملين بعضنا بعض بالمحبة، مسرعين الى حفظ وحدانية الروح برباط
الصلح الكامل، صانعين ارادتك كل حين، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق