للأب القمص
أفرايم الأنبا بيشوى
مفهوم الامتلاء من
الروح القدس
+ الأمتلاء من الروح القدس يعني إنقيادنا
لروح الله وأعلان الروح ذاته فينا وتأكيد حلوله في داخلنا وبلوغ مقاصده الإلهية في
حياتنا. نحيا فى نمو روحي وأنقياد لروح الله. لهذا يوصي الكتاب قائلا { وَلاَ
تَسْكَرُوا بِالْخَمْرِ الَّذِي فِيهِ الْخَلاَعَةُ، بَلِ امْتَلِئُوا بِالرُّوحِ}(اف
5 : 18). الروح القدس يعطينا بقدر أستعدادنا وقبولنا لعمله فينا. أن االخمر تجعل
الإنسان ينقاد تحت تاثيرها وهكذا الإنسان الممتلئ بالروح يقوده الروح القدس
ويحركه، والخمر تعطي فرح وقتى لشاربها أما الروح القدس فيعطي فرح أبدي لا ينطق به
وكما قال السيد المسيح من آمن بى تجرى من بطنه أنهار ماء حي. الامتلاء في الكتاب
المقدس لا يعني الكم بل بالأكثر الكيف، كما جاء في العبارات التالية: { امتلأَت
أفواهنا فرحا وألسنتنا ترنمًا} (مز 126: 2). { والأرض امتلأَت من تسبيحهِ}(حب 3:
3). { مجده مِلءُ كل الارض }(إش 6: 3).
+ الإمتلاء" بالروح القدس يعني أن نسمح
للروح القدس، روح الله، أن يسيطر على كل جزء من حياتنا: الفكرية والعاطفية والعملية
ويملك علي قلوبنا ونفوسنا وأرواحنا فنسلك بالروح {ان كنا نعيش بالروح فلنسلك ايضا
بحسب الروح }(غل 5 : 25) . إذن، ليس معنى الإمتلاء أن ننال جزءً
أكبر من الروح القدس، حيث أن الروح القدس كامل لا يتجزأ لأنه الله نفسه. بل
بالحري، الإمتلاء بالروح القدس يعني أن نسلمه أكثر فأكثر كل نواحي حياتنا، ونسمح
له بتشكيل خلقنا، وشخصيتنا، وسلوكنا بما يرضي الله القدوس، ولكي يفعل ذلك الروح
القدس ينبغي أن نواظب علي الصلاة والأنقياد لارشاد وعمل الروح القدس فينا ويكون
لنا شركة دائمة مع الله، نتعلم منه، وننقاد به ونسلك حسب وصاياه.
+ عندما نسمح للروح القدس بملء حياتنا، ينعم
علينا بفيض من ثماره ومواهبه ويستخدمها الله فينا لبنيان، وتشجيع، وتعزية المؤمنين
وأيضاً للتبشير والكرازة لغير المؤمنين حتى يعرفوا محبة الله الباذلة والتي تسعي
لخلاص كل أحد. والهدف هو {الى ان ننتهي جميعنا الى وحدانية الايمان ومعرفة ابن
الله الى انسان كامل الى قياس قامة ملء المسيح }(اف 4 :13). يعبر القديس
باسليوس الكبير في كتابه عن الروح القدس عن هذا الامتلاء بقوله: إن الروح
يعطي للإنسان قدر استعداد الإنسان وكأن الروح لا يكف عن أن يُعطي مادام
الإنسان يفتح قلبه لعمله فيه ويتجاوب معه. لقد أمتلاء القديس بولس الرسول بالروح
وخاطب باريشوع الساحر بقوة الروح { وأما شاول الذي هو بولس أيضًا
فامتلأَ من الروح القدس وشخص إليهِ وقال: أيُّها الممتلئُ كل غشٍّ وكل
خبثٍ يا ابن إبليس يا عدَّو كل برٍّ أَلا تزال تفسد سبل الله المستقيمة.
فالان هوذا يد الرب عليك فتكون اعمى لا تبصر الشمس الى حين ففي الحال سقط عليه
ضباب وظلمة فجعل يدور ملتمسا من يقوده بيده. فالوالي حينئذ لما راى ما جرى امن مندهشا من
تعليم الرب. } (أع 13: 9-12)، الامتلاء إذن ليس حلول خارجي نتقبله لكن قبول عمل
الروح فينا وتمتع بقوته العاملة داخل النفس. وفي صلاة الصاعة الثالثة نقول: (هلمّ
وحلّ فينا وطهرنا من كل دنس). لماذا نطلب حلوله فينا؟ أن الحلول هنا إنما يعني استنارتنا به. في
اختصار نقول أن الامتلاء هو نمو في الحياة مع بالله بالروح القدس الذي
يثبت فرح المسيح ويكمل فرحنا (يو 15: 11).
القديس الأنبا أنطونيوس يقول إحدى
رسائله لأولاده موضحًا عمل الروح القدس فيهم أنه يعلن أن ما قد نالوه، يعمل
فيهم ليس كغريبٍ عنهم بل ساكن فيهم، إذ يقول: (كل الذين اقتربوا من النعمة
وتعلموا من الروح القدس قد عرفوا أنفسهم حسب جوهرهم العقلي، وفي معرفتهم
لأنفسهم صرخوا قائلين: "إذ لم تأخذوا روح العبودية أيضًا للخوف، بل أخذتم روح
التبني الذي به نصرخ يا أبّا الآب "(رو 8: 15)، فنعرف ما أنعم به الله علينا:
"فإن كنا أولادًا فإننا ورثة أيضًا"، وشركاء في الميراث
مع القديسين يا إخوتي الأحباء وشركاء
الميراث مع القديسين إن
كل الفضائل ليست غريبة عنكم، ولكنها هي لكم وفيكم ).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق