للأب
القمص أفرايم الأنبا بيشوى
وَلَكِنْ شُكْراًلِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي
مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ
مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ (2كو 2
: 14)
السيد
المسيح وحياة النصرة ...
قدم
لنا السيد المسيح في تجسده الصورة المثالية لحياة الغلبة والانتصار كما جاء عنه { هُوَذَا
فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ
رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ.لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ
وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ
وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى
النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ .} ( مت 18:12-21). لقد انتصر
السيد المسيح في حروبه مع الشيطان، كما في التجربة على الجبل (مت 4) وأنتصر
بالمنطق وقوة الحجة في كل حواراته مع الكتبة والفريسيين وكل قيادات
اليهود (مت 21-23). وأنتصر على الصليب وأظهر قوة المحبة الغافرة حتى
للصالبين وقدم لنا الخلاص الثمين وداس على الموت بموته (عب 2: 14، 15). وأنتصر
على الموت بقيامته. وانتصر على العالم وشروره ووعدنا أنه كما غلب
العالم فانه سيعطينا الغلبة { ثقوا أنا قد غلبت العالم} (يو 16: 33) ومن جهة البر
كان منتصرًا.. فقد شابهنا في كل شيء ما
عدا الخطية (عب 4: 15). وقد تحدى اليهود قائلًا { من منكم يبكتني على خطية؟!} (يو8:
46). وأنتصر في كسبه لمحبة الناس.. فقيل
عنه {هوذا العالم قد ذهب وراءه} (يو 12: 19). ودخل أورشليم منتصرًا كملك وديع
وعادل ومنتصر فارتجت المدينة كلها (يو 21: 10). وقيل عن انتصاراته {هوذا قد غلب الأسد
الذي من سبط يهوذا} (رؤ 5: 5). وأنتصر عندما صعد الي السماء وأصعد طبيعتنا معه وقد رسم
لنا سر النصرة وطريق الخلاص كما أنتصر في تلاميذه ونشروا الكرازة في كل مكان
وينتصر بنا وفينا أن تمسكنا بالإيمان المستقيم وجاهدنا الجهاد الحسن.
الله
وأهب الغلبة .... الله هو سر نصرة المؤمن في حياته العملية
وحروبه الروحية وهو الذى يهبنا النعمة الحكمة والقوة وكما صنع الله خلاصاً عجيباً مع الشعب قديما في
خروجهم من مصر بذراع رفيعة فان الرب يقاتل عن شعبه فى كل جيل الشيطان وكل قواته { أَلَيْسَ
هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْنَاكَ بِهِ فِي مِصْرَ قَائِلِينَ: كُفَّ
عَنَّا فَنَخْدِمَ الْمِصْرِيِّينَ لأَنَّهُ خَيْرٌ لَنَا أَنْ نَخْدِمَ
الْمِصْرِيِّينَ مِنْ أَنْ نَمُوتَ فِي الْبَرِّيَّةِ». فَقَالَ مُوسَى
لِلشَّعْبِ: «لاَ تَخَافُوا. قِفُوا وَانْظُرُوا خَلاَصَ الرَّبِّ الَّذِي
يَصْنَعُهُ لَكُمُ الْيَوْمَ. فَإِنَّهُ كَمَا رَأَيْتُمُ الْمِصْرِيِّينَ
الْيَوْمَ لاَ تَعُودُونَ تَرُونَهُمْ أَيْضاً إِلَى الأَبَدِ. الرَّبُّ يُقَاتِلُ
عَنْكُمْ وَأَنْتُمْ تَصْمُتُونَ».} ( خر12:14-14). والله يطمئن كل نفس قائلا {لا
تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد ايدتك واعنتك وعضدتك بيمين بري} (اش 41 : 10). وكما أنتصر السيد المسيح فى حياته وحقق الهدف
من تجسده وأكمل لنا تدبير الخلاص وأنتصر علي كل تجارب إبليس فانه وعدنا بانه
سيكون معنا كل الأيام والي انقضاء الدهر { ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر
امين} (مت 28 : 20) .
كيف
ننتصر في الحروب الروحية...
الشيطان
وقواته وأعوانه هم أعداء روحيين يحاربوننا.
وكما حارب السيد المسيح الشيطان وأنتصر عليه في التجربة علي الجبل فهو ينصرنا وقد
قال عنه الرب لمقاوميه {أَنْتُمْ مِنْ أَبٍ هُوَ إِبْلِيسُ وَشَهَوَاتِ أَبِيكُمْ
تُرِيدُونَ أَنْ تَعْمَلُوا. ذَاكَ كَانَ قَتَّالاً لِلنَّاسِ مِنَ الْبَدْءِ
وَلَمْ يَثْبُتْ فِي الْحَقِّ لأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ حَقٌّ. مَتَى تَكَلَّمَ
بِالْكَذِبِ فَإِنَّمَا يَتَكَلَّمُ مِمَّا لَهُ لأَنَّهُ كَذَّابٌ وَأَبُو
الْكَذَّابِ }(يو 8 : 44) . وقال عنه الكتاب أنه خصمنا الذي يجول
كأسد زائر متلمساً من يبتلعه {اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ
كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِساً مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ} (1بط 5 : 8).
علينا أن نبتعد عن الخطية والشر لكي لايقوى علينا إبليس وننتصر عليه { مَنْ
يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ
يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ
إِبْلِيسَ }(1يو 3 : 8)
فيجب علينا أن نتسلح باسلحة الحرب
الروحية لكي ننال الغلبة والنصرة لهذا
يوصينا الكتاب أن نخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور { قد تناهى الليل وتقارب
النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور (رو 13 : 12). أننا نواجه أنواع
من الحروب منها ما يأتي الينا من الداخل كحروب الفكر والحواس والقلب والميول
والشهوات الخاطئة ومنها الحروب الخارجية سواء من الشيطان أو ما له من أعوان الشر. أو
أغراءات العالم أو محبة المال والأتساع. وعلينا أن نطلب من الله الحكمة والمعرفة
والنعمة والقوة وأن يقودنا فى موكب نصرته .
علينا في حروبنا ومواجهتنا لتجارب إبليس والعالم
أن لا نعتمد علي ذواتنا أو إرادتنا، وقوتنا، وخبرتنا، وذكائنا، لأن العدو أكثر قوة
وخبرة وحيلة، والرب نفسه قال { بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا} (يو 15: 5). فعلينا
أن نثق في الله أولاَ ونطلب منه الحكمة والنصرة ويكون لدينا الأفراز ونطلب روح
الله ليقودنا ويرشدنا ونصلي ليتدخل الله ويحارب عنا وكما قال الكتاب {الحرب للرب.. والرب قادر أن يغلب بالكثير
وبالقليل} (1صم 14: 6). وكما قال القديس
بولس الرسول {يعظم انتصارنا بالذي أحبنا} (رو 8: 37).
أسلحتنا
الروحية... الصلاة
بتواضع والصوم والسهر والحكمة واليقظة الروحية والأنقياد لروح الله القدوس وكلمة
الله والحق ودرع البر وكلام الله في الكتاب المقدس وترس الإيمان المستقيم والعمل
بإمانة وأخلاص والألتصاق بكل وساط النعمة من صلاة وقراءات روحية وتأملات وتداريب لمحاسبة
النفس واليقظة الروحية والألتصاق بالكنيسة وأب الاعتراف، والتناول والاجتماعات
الروحية. فإن هذه كلها توقد الحرارة في قلوبنا، وتعمق محبتنا لله ، وتمنحنا قوة
للانتصار. أما إن بعدنا عن هذه الوسائط الروحية، فما أسهل أن نضعف، ويجد العدو
مدخلًا له فينا .
يعطينا
الكتاب المقدس أمثلة لأسلحة الحرب الروحية {
الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ
مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ
مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ
هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ
أَجْلِ ذَلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ
تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ
أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ،
وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ
السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ
تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا
خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ
بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهَذَا
بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ} ( أف
11:6-18)
من
يستخدم سلاح الصلاة والصوم وتواضع القلب لا يعرف الهزيمة إطلاقًا فبالصلاة يأتي
بالرب ليحارب عنا لهذا قال النبي{ جعلت الرب أمامي في كل حين، لأنه عن يميني
فلا أتزعزع} (مز 16 : 8). الانبا أنطونيوس الذي حاربته الشياطين وزلزلت
موضع سكناه ذات مرة قال للشياطين (إن كان
الله قد أعطاكم سلطانًا على، فمن أنا حتى أقاوم الله؟ وإن لم يكن الرب قد أعطاكم
سلطانًا، فلن يستطيع أحد منكم أن يغلبني). الحرب ليست بينك وبين الأعداء، وإنما هي
أولا وقبل كل شيء مع الله. إن صارعته حتى الفجر، وأخذت منه القوة فلن يستطيع
عدو أن يغلبك. فصلي بإيمان وثق أن الله واقف معك، يحارب ويقاتل أعداءك إن وثقت
بهذا تقول مع داود النبي {إن يحاربني جيش فلن يخاف قلبي، وإن قام على قتال،
ففي هذا أنا مطمئن} (مز 26). وهناك أسلحة
ضرورية لهذه الحروب الروحية، يجب أن نستخدمها في الوقت المناسب، فيهرب إبليس وكل
أفكاره الشريرة .
الصلوات السهمية... هي صلوات سريعة جدًا، كسرعة
"السهم" يصليها المؤمن فى كل وقت كصلاة يسوع لتقيه سهام إبليس وأفكاره وعندما يأتي العدو
بهجوم مفاجيء نرُد عليه بصلاة سهمية ة
لطلب المعونة والقوة والنصرة ويمكننا أن نصليها في كل زمان ومكان.
الإيمان
... يقول القديس
بولس الرسول {حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع
سهام الشرير الملتهبة}(أف 6: 16). الإيمان هو الذي يوقف سهام إبليس وبخوفنا من
الدينونة المستقبلة، والإيمان بملكوت السموات ننتصر في المحاربات الروحية ونثبت
فى جهادنا الروحي وأثقين أن السماء تراقب جهادنا، وملائكة وقديسون كثيرون يشفعون فينا.
وليكن
جهادنا مسنود بالإيمان بيد الله القوية
وذراعه الحصينة، التي تغنى بها النبي قائلًا:
{
دفعت لأسقط والرب عضدني. قوتي وتسبحتي هو الرب وقد الرب وقد صار لي خلاصًا}
(مز 118 : 14).
المحبة
.... { فالمحبة تحتمل كل شيء وترجو كل شيء وتصبر
على كل شيء} (1 كو 13: 7). فأي أفكار خاصة بالغضب والحقد والضغينة لو
قابلتها بالمحبة لأهلكتها وجعلتها لا تتعمق في قلب الإنسان فتفسده، فالذي يحب
الآخرين ويحب الأعداء لا يغضب ولا يحقد.
الرجاء... يقول القديس بولس الرسول { وأما نحن الذين
من نهار، فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة رجاء الخلاص} (1 تس 5: 8).
والخوذة هي التي تحمي الرأس. والمسيح رأسنا لذلك ينبغي علينا في التجارب أن نحمي
رأسنا برجاء الأمور الصالحة المقبلة.
كلمة
الله .... كلمة
الله قوية جدًا وفعالة في محاربة الأرواح الشريرة، لذلك استخدمها رب المجد في
تجربة الشيطان لأنها { أمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح
والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته} (عب 4: 12).
الصبر
والمثابرة.... نحن نحتاج إلى الصبر في هذه الحرب الروحية، فالمجاهد الصبور
سيحارب بالصبر كما قيل {لأنكم تحتاجون إلى الصبر، إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد}
(عب 10: 36).
أن
عمل الله معنا ليس معناه أن نكسل. بل نجاهد
بكل قوتنا . ونقاوم كل شهوة وكل رغبة خاطئة. كما قال الرسول {قاوموا إبليس فيهرب
منكم} (يع 4: 7) وأيضًا {قاوموه راسخين في الإيمان} (1بط 5: 9). إن مقاومتنا تدل
على رفضنا للخطية. وبذلك نستحق معونة النعمة.
وعود
الله وتشجيعه للمجاهدين ... أن وعود الله للغالبين تهبنا قوة روحية في
جهادنا الروحي. وعده بوجوده معنا وعونه لنا ونصرته الأكيدة والآكاليل المعدة
للمنتصرين تجعلنا نجاهد علي يقين { الفرس معد ليوم الحرب اما النصرة فمن الرب}
(ام 21 :
31) . أن قول الل للقديس بولس يوجهه لنا أيضاً { لا تخف.. لأني أنا معك،
ولا يقع بك أحد ليؤذيك} (أع 18: 9، 10). وقوله لارميا النبي {يحاربونك ولا يقدرون عليك، لأني أنا معك،
يقول الرب، لأنقذك} (أر 1: 19). علينا أن نعيش في محبة الله، فننتصر ونستعين في جهادنا بالصبر
والثبات فى كلمة الله. وإن أخافنا عدو الخير، تذكر قول القديس بولس {أستطيع
كل شيء في المسيح الذي يقويني}(فى 4:
13). ونثق أننا كلما نلنا خبرة في حروبنا الروحية، سوف نزداد قوة وإيمان وننتصر
وننال الغلبة بربنا يسوع المسيح.
أمثلة لحياة النصرة
قدم
لنا الكتاب المقدس وتاريخ الكنيسة أمثلة ونماذج للأنتصار في الحروب الروحية
كما قدم لنا أمثلة للسقوط فى الحرب، وقدم أمثلة للتائبين الذين سقطوا ثم
قاموا وأنتصروا لنتعلم كيف نجاهد وننتصر في الحرب. ومن الأمثلة الشهيرة الشهيرة للأنتصار في الحرب
أبونا أبراهيم ويعقوب والقديس الأنبا أنطونيوس وباخوميوس ومقاريوس والبابا كيرلس
وأثناسيوس والأنبا برسوم والأنبا رويس وكثيرون كالكواكب يضيئون فى السماء ومن أشهر
قصص التائبين داود النبي والقديس بطرس الرسول الذي بكي بمرارة بعد أنكاره لمخلصه
الصالح والقديس القوى الأنبا موسي والقديس أغسطينوس والقديسة مريم المصرية
والقديسة بلاجيا ومن أشهر الذين سقطوا يهوذا لمحبة للفضة وخيانه لسيده { حين كنت
معهم في العالم كنت احفظهم في اسمك الذين اعطيتني حفظتهم ولم يهلك منهم احد الا
ابن الهلاك ليتم الكتاب} (يو 17 : 12). وديماس
الذى أحب العالم { لان ديماس قد تركني اذ
احب العالم الحاضر } (2تي 4 : 10). كل ذلك لتعليمنا وقيادتنا في الطريق
الروحي {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا
بايمانهم }(عب 13 : 7)
أبونا
ابراهيم وحياة الإيمان... انتصر أبراهيم أبو الأباء في طاعته لله على
مشاعر القرابة والوطن وتغرب فى طاعة لله حينما قال له الله { اذهب من أرضك ومن
عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك} (تك 12: 1). فأطاع {وخرج وهو لا يعلم
إلى أين يذهب} (عب 11: 8). وأنتصر واطاع الله فى إيمان وقدم أبنه علي مذبح المحبة
لله {إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات}(عب 11: 17 – 19). وأخذ ابنه
وحيده اسحاق ليقدمه محرقة لله (تك 22). انتصر على مشاعر الأبوة وأنتصر علي حب
المال والمقتنيات حين رفض أن يأخذ شئ مما استرده في المعركة { فَلَمَّا سَمِعَ أَبْرَامُ أَنَّ أَخَاهُ سُبِيَ
جَرَّ غِلْمَانَهُ الْمُتَمَرِّنِينَ وِلْدَانَ بَيْتِهِ ثَلاَثَ مِئَةٍ
وَثَمَانِيَةَ عَشَرَ وَتَبِعَهُمْ إِلَى دَانَ. وَانْقَسَمَ عَلَيْهِمْ
لَيْلاًهُوَ وَعَبِيدُهُ فَكَسَّرَهُمْ وَتَبِعَهُمْ إِلَى حُوبَةَ الَّتِي عَنْ
شَمَالِ دِمَشْقَ. وَاسْتَرْجَعَ كُلَّ الأَمْلاَكِ وَاسْتَرْجَعَ لُوطاً أَخَاهُ
أَيْضاً وَأَمْلاَكَهُ وَالنِّسَاءَ أَيْضاً وَالشَّعْبَ. فَخَرَجَ مَلِكُ سَدُومَ
لِاسْتِقْبَالِهِ بَعْدَ رُجُوعِهِ مِنْ كَسْرَةِ كَدَرْلَعَوْمَرَ وَالْمُلُوكِ
الَّذِينَ مَعَهُ إِلَى عُمْقِ شَوَى. وَمَلْكِي صَادِقُ مَلِكُ شَالِيمَ أَخْرَجَ
خُبْزاًوَخَمْراً. وَكَانَ كَاهِناًلِلَّهِ الْعَلِيِّ. وَبَارَكَهُ وَقَالَ:
"مُبَارَكٌ أَبْرَامُ مِنَ اللهِ الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاوَاتِ
وَالأَرْضِ. وَمُبَارَكٌ اللهُ الْعَلِيُّ الَّذِي أَسْلَمَ أَعْدَاءَكَ فِي يَدِكَ".
فَأَعْطَاهُ عُشْراًمِنْ كُلِّ شَيْءٍ. وَقَالَ مَلِكُ سَدُومَ لأَبْرَامَ:
"أَعْطِنِي النُّفُوسَ وَأَمَّا الأَمْلاَكَ فَخُذْهَا لِنَفْسِكَ". فَقَالَ
أَبْرَامُ لِمَلِكِ سَدُومَ: "رَفَعْتُ يَدِي إِلَى الرَّبِّ الإِلَهِ
الْعَلِيِّ مَالِكِ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ.لاَ آخُذَنَّ لاَ خَيْطاً وَلاَ شِرَاكَ
نَعْلٍ وَلاَ مِنْ كُلِّ مَا هُوَ لَكَ فَلاَ تَقُولُ: أَنَا أَغْنَيْتُ
أَبْرَامَ.} (تك 14:14-23). لقد ظهر الله لابراهيم بعد ذلك وقال له أجرك عظيم جدا
{ بعد هذه الامور صار كلام الرب الى ابرام في الرؤيا قائلا لا تخف يا ابرام انا
ترس لك اجرك كثير جدا (تك 15 : 1).
أبونا
يعقوب والصلاة سر النصرة .... يقدم لنا
انتصار من نوع آخر، هو الصراع مع الله في الصلاة ، إذ أمسك به، وصارعه حتى
الفجر، وقال له { لا أطلقك إن لم تباركني} (تك 32: 26) ونال البركة فعلًا، وقال له
الرب {لأنك جاهدت مع الله والناس وقدرت" (تك 32: 28). كان يعقوب خاف من عيسو ولكنه
لم يعتبر أن الصراع قائم بينه وبين عيسو وإنما صارع مع الله، مؤمنًا أنه إذا
انتصر في صراعه مع الله، ونال منه البركة والوعد والبركة حينئذ لابد سينتصر وقد
أخذ الإيمان الذي يقابل به عيسو إنه درس لنا في الصراع مع الله { يحاربونك
ولا يقدرون عليك، لأنى أنا معك لأنقذك} (أر 1: 19).
دواد
النبي والتوبة وسر القوة .... إن داود في صراعه مع جليات يرمز للشيطان وحربه
معنا لقد قال داود لذلك الجبار { اليوم
يحبسك الرب في يدي} (1صم 17: 46). لست أنا الذي يغلبك، وإنما الرب. وعندئذ أستطيع
أن أجعل لحمك طعامًا لطيور السماء.. وقال قوله الشهير {أنت تأتيني بسيف ورمح، وأنا
آتيك باسم رب الجنود}(1صم 17: 45). لقد فهم دواد النبي السر، فأدخل الله إلى
ميدان المعركة. هل انتصر داود إذن لأن يده كانت ماهر في القتال، أم لأن الرب
حبس جليات في يد النبي ؟ السر كله في الرب نفسه. لذلك ما أجمل قول داود
النبي في كل حروبه{مبارك الرب الذي علم يدي القتال، وأصابعي الحرب} (مز 144:
1).
إن الدروس والعبر التي ناخذها من حياة داود
النبي ليس فقط من السلوك الإيجابي بل حتى فى ضعفه وسقوطه فمع كون داود نبي وملك
عظيم فإن ذلك لم يحميه من الوقوع في الخطية فكون المؤمن متقدم في الإيمان لن يجعله بعيداً عن هجمات ابليس الذي
يجول ملمتساً من يبتلعه. وقد قال الكتاب {لا تشمتي بي يا عدوتي إذا سقطت أقوم}
(مي 7 :
8) من المهم جداً أن نعرف كيف ننهض من الخطية ولا نسمح لها بأن تسيطر على
حياتنا وتدمرها ونجد في المزمور السادس والثاني والثلاثين والواحد والخمسين ندم وتوبة
داود النبي ولنا في حياة داود النبي وغيرة من التائبين الدروس في تحدي الخطية
والنهوض والعودة من جديد , ولنا نحن في المسيح يسوع وصليبه الرجاء , ألم يقل { تعالوا
إليّ ياجميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم} (مت 11 :
28). فالله لا يريد للخاطئ أن يستمر
في الخطية بل أن يعيش حياة النصرة عليها.
القديس
الانبا أنطونيوس والطاعة ..
لقد أطاع الأنبا أنطونيوس صوت الله وسار
في طريق الكمال المسيحي ووزع كل ماله علي الفقراء وتفرغ للعبادة والصلاة ومحبة
الله { قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك
كنز في السماء وتعال اتبعني} (مت 19
: 21). أنتصر على محبة المال، ووزع كل
أمواله على الفقراء. وانتصر في حروب الشكوك وفي كل المخاوف التي وضعها الشيطان في
طريقه. وانتصر باحتماله الوحدة والنسك وفي بقائه في البرية بلا مرشد أو أنيس لسنين.
وانتصر أيضًا في قيادته لكثيرين في هذا الطريق الملائكى، حتى أصبح نورًا للعالم .
أن الله ينتصر فينا، حينما نسلمه إرادتنا، نسلمه تدبير أمورنا، وحينئذ {يقودنا في
موكب نصرته} (2كو 2: 14). ولنا وعد الله الصادق { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم
سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم (يو
16 : 33) . أنه سيغلب فينا هذا العالم مرة أخرى. كما
قال القديس بولس الرسول { أحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيَّ}( غل 2: 20). أن أردنا
أن ننتصر، علينا أن نلتصق بالمسيح، ونطلبه
أن يحارب عنا وناخذ منه القوة التي بها نغلب العالم. ونقول مع بولس الرسول {أستطيع
كل شيء في المسيح الذي يقويني }(في 4
: 13) ومادامت الحرب للرب، إذن هو الذي سيحارب
عنا وينتصر وليس نحن. يجب إذن أن تسلمه قيادة المعركة في جهادك الروحى مع العدو، مع العالم، مع الخطية، مع ذاتك. وقبل
أن تحارب، أطلب من الرب أن يدربك، أن يعلم يديك القتال، وأصابعك الحرب.. تتلمذ على
الرب وقديسيه وأبيك الروحى، فيستطيع مقلاعك أن يفعل الأعاجيب. وبحصاة واحدة تكسب
الحرب. وفي كل حروبك، استمع إلى قول موسي النبي { قفوا وانظروا خلاص الرب. الرب
يقاتل عنكم وأنتم تصمتون} (خر 14: 14).
يقودنا
فى موكب نصرته ...
*
أيها الآب القدوس مخلص ومحيي النفوس الذين منحنا السلطان أن ندوس علي كل قوات
العدو لا تدع موت الخطية يقوى علينا ولا علي كل شعبك بل هبنا حياة الكمال المسيحي
الذى يرضيك أمامك وعلمنا أن نصلي كل حين وأن نحيا بك واثقين وفي محبتك نكون فى
الإيمان نامين ومثمرين وبنعمتك نحيا علي رجاء القيامة فرحين وشاكرين محبتك التي
تؤهلنا لميراث القديسين في النور.
*
أيها الرب يسوع المسيح الهنا وقائد نصرتنا اليك نصلي أن تقودنا فى موكب نصرتك،
علمنا وأرشدنا فى الطريق وكن لنا مرشداً ومنقذا في الضيق . علما أن نسهر لخلاص
نفوسنا ونجاتنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل . وبالصلاة والصوم نتحصن ضد هجمات
العدو. أعطنا يقظة روحية لنجاهد الجهاد الحسن وتسندنا نعمتك.
*
أيها الروح القدس المعزي الذى أعان وأرشد وقاد أبائنا القديسين وأعانهم ليكملوا
جهادهم أعنا بصلواتهم لنتذكر جهادهم وصبرهم ونتمثل بإيمانهم ونقتدى بسيرتهم ونحيا
كحياتهم. أعطنا يا روح الله من مواهبك وثمارك وعلمنا أن نسير في طريق الكمال كما
سار ابائنا أخنوخ ونوح والأنبا أنطونيوس وباخوميوس ومقاريوس ونجاهد حسنا مواظبين
علي الصلاة كل حين كموسي النبي والانبا شنودة رئيس المتوحدين والأنبا بيشوى ونتمثل
بإيمان أبونا أبراهيم وأسحق ويعقوب ونتقوى فى الحرب كداود النبي والقوى الأنبا
موسي ونحيا حياة الرجاء متشبهين بزكريا النبي وبطرس الرسول ونبكي علي خطايانا
كارميا النبي والقديس أرسانيوس ونجاهد الجهاد الحسن كالقديس بولس الرسول ونتعلم من
فضائل القديسين ونسير علي أثر خطاهم لنكون معهم وأرثين لملكوتك السماوى، أمين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق