للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ اللطف كلمة مرادفة للتواضع والرقة والحنان والشفقة والبساطة
والطيبة فى التعامل وهو عكس القسوة تمام .الروح القدس يريدنا ان نتميز عن بلطفنا ويحثنا كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض، وفي الكتاب المقدس اللطف
يعني الإنسان المنحدر من عائلةٍ طيبة. وأيَّة عائلة أفضل من «أَهْلِ بَيْتِ ٱللّٰهِ؟» (أف
2: 19). فعلى كل مؤمنٍ أن يكون لطيف كابن لله، يتعلم منه، ويتمثَّل به. المؤمن الذي سكن فيه الروح القدس يظهر اللطف فيه بوضوح من خلال كلامه الطيب والرقيق والمشجع
والمريح. الشخص اللطيف يتوق
الآخرين للتقرب اليه والكلام معه عكس الشخص القاسي الذي يتجنبه ويبتعد عنه الآخرين والشخص اللطيف فيه جاذبية وشهاده قويه للمسيح ويكون لطيف
في بيته وفي العمل ومع الجميع{ فَٱلْبَسُوا
كَمُخْتَارِي ٱللّٰهِ ٱلْقِدِّيسِينَ ٱلْمَحْبُوبِينَ أَحْشَاءَ
رَأْفَاتٍ، وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ
أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً إِنْ
كَانَ لأَحَدٍ عَلَى أَحَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ ٱلْمَسِيحُ هٰكَذَا أَنْتُمْ
أَيْضاً» (كو 3: 12 و13). وبقدر محبتنا لله وخضوعنا لتوجيهات روحه القدوس
يكون تمثُّلنا به وسيرنا في خطواته. عندما يقودنا
الروح القدس ونطيعه يعلّمنا اللطف حتى مع الذين يسيئون إلينا. أننا نتعلم لطف الله
ومعاملته كيف نكون لطفاء مع الغير { أَيُّهَا ٱلإِخْوَةُ، إِنِ ٱنْسَبَقَ
إِنْسَانٌ فَأُخِذَ فِي زَلَّةٍ مَا، فَأَصْلِحُوا أَنْتُمُ ٱلرُّوحَانِيِّينَ
مِثْلَ هٰذَا بِرُوحِ ٱلْوَدَاعَةِ، نَاظِراً إِلَى نَفْسِكَ
لِئَلا تُجَرَّبَ أَنْتَ أَيْضا. اِحْمِلُوا بَعْضُكُمْ أَثْقَالَ بَعْضٍ
وَهٰكَذَا تَمِّمُوا نَامُوسَ ٱلْمَسِيحِ } (غلا 6: 1 و2(.
+ كل انسان يحتاج إلى المعاملة اللطيفة، فالحياة
فيها من الشقاء والمشاكل ما يكفيها، وكلٌ يتمنى لو ان كل البشر عاملوه
برقة ولطف. ان فضيلة اللطف مطلوبة فى كل تعاملاتنا اليومية، إن تعاملت مع
انسان بدونها ينفر منك وإن عاملت به حيوان استأنسته، حتى ما لدينا من أجهزة يحتاج
الى رقة فى التعامل ليعمر معنا. حين خاطب الله ايليا لم يكلمه من
الريح العظيمة الشديدة التى شقت الجبال ولا من الزلزلة ولا من النار بل من
الصوت المنخفض الخفيف. والحق اننا كثيراً ما نهمل هذه الفضيلة فى حياتنا
ولعل عدم اهتمامنا يرجع إلى اننا لا نضع فى اعتبارنا انها واحدة من مطالب
الحياة الروحية ربما يعتبرها البعض مجرد سلوك اجتماعى. لكن الحياة
المسيحية لابد ان تكون لها ثمارها التى يراها العالم فينا { من ثمارهم
تعرفونهم لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثماراً ردية} (مت 7 :
16 – 18) لابد ان نعلن للعالم عن الروح الوديع الهادى الذى هو قدام
الله كثير الثمن. اننا نؤمن بشخص المسيح الوديع ويجب أن يكون لإيماننا ثمر ونضبط
أنفسنا ونثمر ويدوم ثمرنا بالروح القدس.
+ اللطف نراه ونتعلمه من معاملات الله وفى مثل الأبن
الضال نري الأب يعامل ابنائه بلطف الابن الضال جاء إلى أبيه يطلب منه أن يعطيه
نصيبه من الميراث، فلم ينتهره الأب ولم يقل له: كيف هذا يا أبنى؟! كيف ترثني وأنا
حيّ؟. إنما بكل لطف وهدوء قسم ماله وأعطاه نصيبه ولما أنفق هذا المال بعيش مسرف،
احتاج وجاع، وعاد إلى أبيه معترفًا بأنه أخطاء، قلبه الأب بفرح، بل لما رآه من
بعيد، وقبل أن يعترف {تحنن الأب، وركض ووقع على عنقه وقبله} (لو 15: 20). وألبسة
الحلة الأولى، يجعل خاتمًا في أصبعه، وذبح له العجل المسمن، وفرح برجوعه. باللطف
لم يكسر نفسه في رجوعه، ولم يخجله، ولم يوبخه. وأيضًا مع الابن الأكبر حينما غضب
لإكرام أخيه العائد، ورفض أن يدخل البيت وأن يشترك في الفرح بعودة أخيه. واتهم
أبيه بالبخل وعدم العدل، وقال له { ها أنا أخدمك سنين هذا عددها، وقط لم أتجاوز
وصيتك. وجديًا لم تعطني لأفرح مع أصدقائي. ولكن لما جاء ابنك هذا الذي أكل معيشتك
مع الزواني، ذبحت له العجل المسمن}. ولم يغضب الأب لهذا العتاب القاسي بل باللطف
أجابه { يا ابني أنت معي في كل حين. وكل ما لي فهو لك. ولكن كان ينبغي أن نفرح
ونسر، لأن أخاك هذا كان ميتًا فعاش، وكان ضالًا فوجد}(لو 15: 25 - 31). لم
يحاسبه ولم يعاتبه على اتهاماته له ولأخيه، وإنما في لطفه، رد عليه إيجابيًا { كل ما لي فهو لك، كان ينبغي أن نفرح} القلب
العامر باللطف لا يوبخ كثيرًا. وحتى إن وبخ لا يستخدم كلام جارح.
+ متي أعطينا الروح القدس القيادة على حياتنا، سيعلّمنا
أن نكون لطفاء شفوقين متسامحين كما سامحنا الله.
تعلَّم يوسف قديما من روح الله كيف يكون لطيفاً مع الآخرين، فأكرم إخوته الذين سبق
وباعوه عبداً، واستضافهم في مصر طيلة حياة أبيهم
يعقوب. فلما مات يعقوب خافوا أن يردَّ لهم يوسف الشر الذي فعلوه به، فبكوا أمامه
وطلبوا غفرانه. ولم يتصرَّف يوسف معهم كما توقَّعوا، بل قال لهم: { لا تَخَافُوا.
لأَنَّهُ هَلْ أَنَا مَكَانَ ٱللّٰهِ؟ أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرّاً، أَمَّا
ٱللّٰهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْراً، لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا ٱلْيَوْمَ،
لِيُحْيِيَ شَعْباً كَثِيراً}(تك 50: 15-21(. الله بسط إليك يديه باللطف والإنعام، لا لأنك تستحق، لكن من فيض
محبته لك. وعليك أن تبسط يديك باللطف للذين
يختلفون معك ويسيئون إليك، كما فعل يوسف.اعترف النبي إشعياء بفضل الله عليه،
فقال: { أَعْطَانِي ٱلسَّيِّدُ ٱلرَّبُّ لِسَانَ ٱلْمُتَعَلِّمِينَ لأَعْرِفَ أَنْ
أُغِيثَ ٱلْمُعْيِيَ بِكَلِمَةٍ}(إش 50: 4). وما أكثر المصابين بالإعياء من حولنا،
وهم يحتاجون للإغاثة بكلمة طيبة نقولها لهم. نحن مدينون أن نقول كلمة شكر للأمّ أو للزوجة أو للأب أو للمعلم أو لرجل الدين أو
زميلنا فى العمل. كثيراً ما نشعر في قلوبنا بفضل الآخرين علينا، دون أن نذكر هذا لهم.
فلنكن لطفاء، نشجع الآباء والأمهات والإخوة والأخوات والأساتذة والمعلمين بكلمة
رقيقة لطيفة يستحقونها كثمرة حلوة من ثمار الروح القدس فينا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق