للأب القمص أفرايم الأنبا
بيشوى
قوة
محبة الله للبشر ...
+
للمحبة الروحية قوة خلاقة تتخطى كل الحواجز وتتغلب على كل العقبات وتبذل حتى
الموت. لقد أحبنا الله كتاج خليقته ووهب الإنسان العقل المميز والروح الخلاقة والحرية
الإنسانية ويتعامل معنا بالمحبة لهذا يقول الكتاب{ لانه هكذا احب الله العالم حتى
بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية} (يو 3 :
16). هذه المحبة الباذلة لله جعلته يتخذ جسد بشريتنا ويشاركنا آلامنا وأحزاننا
وأفراحنا ويجول يقدم محبة لكل أحد، ويصف الكتاب قوة المحبة { اجعلني كخاتم على
قلبك كخاتم على ساعدك لان المحبة قوية كالموت الغيرة قاسية كالهاوية لهيبها لهيب
نار لظى الرب }(نش 8 : 6).
+
الله محبة ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. وقد قدم لنا السيد المسيح
هذه المحبة العملية فى تعاملاته مع البشرية وعاشها ثم علمها لتلاميذه والمؤمنين
به. قدم المحبة و اوصي بها وطلب من الآب القدوس المغفرة حتى لصالبيه { فقال يسوع يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون }
(لو 23 : 34) وعندما سأله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا { يا معلم أية
وصية هي العظمى في الناموس.فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن
كل فكرك .هذه هي الوصية الأولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك.بهاتين
الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} (مت 35:22-40) وقدم المحبة في العهد الجديد
بوصية جديدة أن تكون على مقياس محبته لنا { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم
بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا} (يو 13 : 34). المحبة تجعلنا
نسلك في النور ونحب الجميع كما أحبهم المسيح { أيضا وصية جديدة اكتب اليكم
ما هو حق فيه وفيكم إن الظلمة قد مضت والنور الحقيقي الان يضيء. من قال إنه في
النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة. من يحب أخاه يثبت في النور وليس فيه
عثرة. وأما من يبغض اخاه فهو في الظلمة وفي الظلمة يسلك ولا يعلم أين يمضي لأن
الظلمة أعمت عينيه.} ( 1يو 8:2-11).أن غاية الوصية هو المحبة وهدفها { وأما غاية
الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء } (1تي 1 : 5). الله
خالق الإنسان يعرف حاجة النفس البشرية للمحبة فاعلن لنا المعلم الصالح أن الله
محبة غير مشروطة او محدودة لهذا من ينعم بمحبة الله يجب عليه أن يقدمها للآخرين.
+
من محبة الله لنا أنه دعانا له ابناء بالايمان وبهذه المحبة والإيمان بها ننال
التبرير { وأما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون
باسمه.الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله}( يو
12:1-13) {انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله}(1يو1:3). لقد جاء عن
السيد المسيح أنه { إذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو
13 : 1). واي منتهى هذا أنه الحب الذى يبذل ذاته مصلوباً من أجل احبائه، تلك
المحبة التي لا يدركها البعض ويتعثرون فيها. لقد قال لنا { لا اعود اسميكم عبيدا
لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم أحباء } (يو 15 :
15).وقال للآب السماوي { وعرفتهم اسمك وسأعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به
واكون انا فيهم }(يو 17 : 26). إن محبة الله تنسكب في قلوبنا بالروح القدس المعطى
لنا من الله لنستطيع أن نحب علي مثاله { محبة الله قد انسكبت في قلوبنا
بالروح القدس المعطى لنا. لان المسيح اذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لأجل
الفجار.فانه بالجهد يموت أحد لأجل بار ربما لاجل الصالح يجسر احد ايضا ان يموت.
ولكن الله بين محبته لنا لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا. فبالاولى كثيرا
ونحن متبررون الآن بدمه نخلص به من الغضب. لانه ان كنا ونحن أعداء قد صولحنا مع
الله بموت ابنه فبالاولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته} (رو 1:5-10). إن محبة
الله الباذلة من أجل خلاصنا تجعلنا نحبه ونعبده بالروح والحق من كل القلب والنفس
والفكر والقدرة ، وهكذا رأينا اجدادنا وابائنا وشهدائنا فى كل جيل يقدمون حياتهم
رخيصة وهى ثمينة فى فكر الله ولدينا حبا فى من أحبهم ويوجهون العذابات والاضطهاد
وهم فرحين متهللين بالروح .
علاقتنا
بالله والناس تبنى على المحبة..
+
ان علاقتنا بالله وعبادتنا له تُبنى على المحبة لله وكل فضيلة خالية من المحبة لا
تعتبر فضيلة فنحن نصلى لله ونعبده بالمحبة فى بذل باستمرار ، ونحن نحب الغير حبا
فى الله ومن اجل عمل مرضاته من أجل ذلك قال القديس الانبا انطونيوس لتلاميذه
: يا أبنائي انى لا أخاف الله ! فقالوا له كيف يا ابانا ؟ قال لهم لأني أحبه
والمحبة تطرد الخوف الى خارج. إن المسيحية ليست وصايا أو حلال وحرام بقدر ما
هي محبة لله . نحب الله ونطيعه ونثبت فيه ونثمر بالمحبة ثمر الصلاح . الخطية هى انفصال
عن الله ولهذا لا نسمح بوجود محبة تتعارض مع محبة الله فى قلوبنا لأنها تمثل خيانة
لله الذي أحبنا فلا تجعلوا أي شئ يفصلكم عن محبة الله فى المسيح يسوع { من سيفصلنا
عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف.كما هو مكتوب
اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم
انتصارنا بالذي أحبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا
قوات ولا أمور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا
عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} (رو 35:8-39).
+
ان محبة الله الغافرة وابوة الله الفائقة للمؤمنين ورعايته الدائمة لنا
تجعلنا نبادله المحبة {نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 :
19) .والله يقدر هذه المحبة ويطلبها من ابنائه {يا ابني اعطني قلبك ولتلاحظ
عيناك طرقي} (ام 23 : 26). كما أن المحبة هى عمل نعمة الله فى قلوبنا
عندما نعبده بالروح والحق {ويختن الرب الهك قلبك وقلب نسلك لكي تحب الرب الهك من
كل قلبك و من كل نفسك لتحيا }(تث 30 : 6). فنحن لا نحب باللسان ولا بالكلام بل
بالعمل والحق.
+
ان محبتنا للغير هي الدليل العملى على محبتنا لله والمحبة للغير تنقلنا إلى دائرة
الحياة الابدية {نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة لاننا نحب الاخوة
من لا يحب اخاه يبق في الموت} (1يو 3 : 14). {ان قال احد اني احب الله وابغض اخاه
فهو كاذب لان من لا يحب اخاه الذي ابصره كيف يقدر أن يحب الله الذي لم يبصره }(1يو
4 : 20). الله يقدر حتى كأس الماء الذي يقدم بدافع المحبة والرحمة وبدون المحبة
الروحية المقدسة لن نستفيد شئ انظروا ماذا يقول الإنجيل عن المحبة { إن كنت أتكلم
بألسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن. وإن كانت
لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن
ليس لي محبة فلست شيئا. وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق ولكن ليس لي
محبة فلا انتفع شيئا. المحبة تتأنى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر ولا
تنتفخ. ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء . ولا تفرح بالاثم بل
تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة لا
تسقط ابدا} 1كو1:13-8. {مياه كثيرة لا تستطيع أن تطفئ المحبة والسيول لا تغمرها ان
اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا} (نش 8 : 7).
+
المحبة المسيحية للغير هى محبة شاملة للجميع من كل دين ولون ولسان وأمة. عندما
نادى السيد المسيح { تحب قريبك كنفسك } أعطى مثل السامري الرحيم (لو 30:10-37)
ليبيين من هو قريبنا، انه كل انسان لاسيما المتألم والمحتاج والفقير. نحب الكل
ونقبلهم ونتعاون معهم في بذل وعطاء وتضحية، بهذه المحبة نخرج من الانانية والتعصب
الدينى او العائلي او العرقي ونري خير الغير خيرا لنا ونريد ان نقدم المحبة
الطاهرة الروحية للجميع في إنكار للذات وترفع عن الصغائر ، فالمحبة الحقيقية
هي محبة مقدسة لا تخرج عن دائرة الحق والخير والبر والا تحولت الي شهوة ومحبة ضارة
بالنفس والغير . لتكن محبتكم روحية ومقدسة وبدون مقابل وتهدف الى خلاص الآخرين
وبنيان نفوسهم .
نصلي
الى الله ونتعلم منه ...
+
ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه أراد أن يخلصنا من الهلاك الأبدي ولما كان الموت
في طريق خلاصنا اشتهى أن يجوز فيه حبنا بنا. يارب يا من احبنا الى المنتهى ورفع من
قيمة الإنسان ليكون ابنا له ووارثا لملكوته السماوي ودعوتنا لكي نكون كاملين و
قديسين وبلا لوم في المحبة. علمنا كيف نحبك لذاتك وصفاتك ومحبتك ونبادلك المحبة
الروحية ونصلى لك بقلوب طاهرة ونطيع وصاياك فى محبة لانها لخيرنا وسعادتنا.
+
علمنا كيف نحب الجميع بدون رياء ونقدم من وقتنا ومالنا وفكرنا وحياتنا محبة للجميع
لاسيما المحتاجين والمتألمين والضالين ولكل نفس لم تذق هذه المحبة بعد، علمنا ايضا
ان نحب خاصتنا واهلنا وكنيستنا وبلادنا، أحبائنا وأعدائنا، ونسعى لخير كل أحد.
نسألك أن تغرس فينا محبتك لتثمر فينا ثمار المحبة الروحية المقدسة ونسير بالمحبة
التي هي رباط الكمال حتى النفس الأخير.
+ ربى ان نفوسنا غاليه عليك وثمينة فى عينيك فلتكن ايضا مكرمة في أعيننا نسعى الى خلاصها لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الإنسان فداءً عن نفسه . اننا سنقدم حسابا عن ما صنعناه خيراً كان أو شراً ، فعلمنا أن نجول نصنع خيرا ونكون بسمة للمحزون وطعاما للجائع وعزاء للمحزون ورجاء للبائس وشفاء لكل نفس منكسرة فى عالم مريض محتاج للمحبة الإلهية الشافية والغافرة والمحررة من قيود الخطية والشر. علمنا يارب ان نكون على مثال محبتك لنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق