نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 19 مايو 2021

خواطر في الحياة الروحية (8) القراءة وتغذية الإنسان العاقل

 


خواطر في الحياة الروحية

(8)

 

القراءة وتغذية الإنسان العاقل  

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

الإنسان ونعمة العقل والتفكير ...

+ الإنسان هو ذلك الكائن المفكر الذي خلقه الله بعقل يميز ويدرك ويتدبر ويتطور وبهذا يتميز عن غيره من الكائنات الحية وقديما قال أحد الفلاسفة " تكلم لأعرفك!" وبالتفكير أخترع الإنسان اللغة والكتابة كأداة للتواصل بين البشر ومن هنا جاء التراكم المعرفى والعلمى من جيل إلى جيل وبالعقل سعى الإنسان لمواجهة الظروف الطبيعية الصعبة المحيطة وتحديات الحياة واستخدام الإمكانات المتاحة للوصول الى اهدافه حتى وصلنا الى العصر الحديث بما فيه من تكنولوجيا وتطور علمى وادبى وفلسفى وروحى فى كافة مجالات الحياة . وعندما خلق الله آدم وحواء خلقهما على صورته ومثاله، وقد وهب الله الانسان عقلا وحكمة بهما اعطى اسماء للحيوانات والطيور حسب طبعها وصفاتها {و جبل الرب الاله من الارض كل حيوانات البرية وكل طيور السماء و احضرها الى ادم ليرى ماذا يدعوها وكل ما دعا به ادم ذات نفس حية فهو اسمها. فدعا ادم باسماء جميع البهائم وطيور السماء وجميع حيوانات البرية}(تك 19:2-20). وبالعقل استطاع الإنسان أن يتغلب على الظروف الصعبة المحيطة به فالحاجة أم الاختراع والتعاون والتخصص وتقسيم العمل جعلنا كل منا يحتاج للآخرين لنصل الى التطور العلمي والأدبي والثقافي الذي نعيشه الآن.

+ الإنسان مكون من الروح والعقل النفس والجسد، وهو ككل متكامل يحتاج الى إشباع وتطوير كل الإنسان حتى يحقق إنسانيته وينمي مواهبه وقدراته والا أصابه الخلل والمرض والضعف، أرواحنا تحتاج الى الشبع بالله والعلاقة بالخالق الاعظم، وعقولنا وزنة ثمينة من الله تحتاج الى تغذية وضبط وترويض وتطوير، ويجب أن نفهم ونطور من أنفسنا ونعرف دوافعنا ونروضها ونسعدها، وللجسد مطالبه الضرورية التي تحتاج إلى إشباع وتنمية وترويض ومحافظة على سلامته .

+ كيف إذن نستطيع أن ننمى من شخصياتنا و نحقق التوازن المطلوب للكيان الإنساني كتاج للخلقة وسيدها ما لم ننمي كل الانسان؟. إن التطور العلمى جعل التطور المعرفي يتسارع ويتشعب فى مجالات العلوم واخذت المعارف تتسع وتمتد الى الى مجالات متعددة استحال على الإنسان الواحد أن يلم بها من أجل هذا وجد التخصص في فروع المعرفة ووجب علينا أن نأخذ بآراء الباحثين والمتخصصين وعلينا نحن ايضا ان نتخصص ونبدع في احد فروع المعرفة وفي نفس الوقت نكون ملمين بالمعرفة الضرورية في المجالات الاخرى وتبرز هنا أهمية الحكمة والإفراز في إيجاد الشخصية الإنسانية المتوازنة والتي تنسجم وتتكامل في ذاتها ومع غيرها ليحيا الإنسان إنسانيته .

+  وهنا تبرز أهمية القراءة والبحث في الكتب والتفكير الإيجابي والتأمل، حتى  تتغذى أرواحنا وعقولنا ونفوسنا بالمعارف اللازمة التى تنمى الانسان فى مجال تخصصه وتجعله مدركا لمجتمعه والعالم المحيط به. تعتبر القراءة من أهم الطرق المتاحة لتنمية الذهن وملكات الفهم والعقل للوصول إلى العلاقة بين الأشياء وفهم جوهرها والوصول إلى الابتكار وتعطى براعة في الحديث وسرعة الفهم فى عصر السماوات المفتوحة و النت ووسائل الاتصال الحديثة التي تجعلنا نحيا فى العالم من حولنا كقرية صغيرة ، لقد صرنا نتابع ما يحدث فى الشرق والغرب فى نفس الوقت الذى تحدث فيه الأحداث. وأصبحنا نحتاج الى الجلوس مع النفس والتفكير والتأمل والتمييز لئلا يجرفنا العالم بتياراته المتصارعة ويجعلنا نحيا في اضطراب وقلق. بالقراءة نبتعد عن ما هو ضار ومضيعة لوقتنا الثمين، ونحتاج إلى تنمية قراءتنا وتنويعها لما للكتاب من أهمية وتأثير في توصيل المعلومة حسب إمكانيات كل انسان، وإذا كان يصعب علينا قراءة كل ما تخرجه قريحة الإنسان وجب علينا أن نختار ما هو مفيد لبنياننا الروحى والفكرى والنفسي والجسدي ولاثراء حياتنا وإشباع رغبتها في التعلم والمعرفة ومواكبة عصر المعلوماتية. وكلما نضج الإنسان وازداد فى الوعى والمعرفة نمت لديه ملكة المعرفة. وأصبحت المعرفة في أنتقاء حكيم عن طريق الكتب أو بالطرق الأخرى المنافسة للكتاب كانت والميديا باشكالها لها اهمية الطعام والشراب في تطوير الإنسان لنفسه ومستقبله.

أهمية القراءة وتنميتها لدينا....

+ إن القراءة تحقق لنا العديد من الأهداف ومنها الشبع الروحى والنفسى وتطوير وصقل الشخصية الانسانية وإثراء الحياة فقيمتك الحقيقة كانسان تتحقق بمدى نضجك الفكرى والثقافى والروحى وكلما أمتلكنا المعرفة في حكمة وتمييز نمت شخصيتنا، نحتاج للقراءة فى مجالنا الوظيفى حتى نتطور ونتفوق ونبتكر فيه ونحتاج للقراءة لإسعاد النفس بما هو يضرم الفكر ويؤنسه ونعرف نفوسنا والناس حولنا والأهم أن نتواصل مع مجتمعنا، إن بيوتنا وحياتنا تصبح كالقبور المغشاة بالطلاء من خارج ويلفها الصمت او الفراغ او العظام من داخل مالم يكون فيها التواصل الفكرى والنفسى والعمل على إسعاد الآخرين وهذه كانت خطية الغنى الذى ترك لعازر البلايا بجواره جوعان ومحتاج للقمة والبسمة والتعاطف.

+ القراءات الروحية تشبع الروح فنعرف الله ونسير على هدى وصاياه لهذا يوصينا الكتاب المقدس{ اعكف على القراءة و الوعظ و التعليم }(1تي 4 : 13). فقراءة الإنجيل تعرفنا بالله وتعاملاته مع البشرية ومحبة الله لنا وتهب الفكر نقاوة روحية وتريح النفس وبها نعرف ارادة الله فى حياتنا وتهبنا مادة روحية للحديث مع الله وبمقتضى وصايا الإنجيل سنحاسب فى اليوم الأخير. كما أن الكتب الروحية تهبنا الحكمة وفهم ما عثر علينا فهمه { وقرأوا في السفر في شريعة الله ببيان وفسروا المعنى وافهموهم القراءة } (نح 8 : 8). يجب علينا أن نغصب أنفسنا على القراءة لاسيما فى المجالات التى نشعر بنقص معرفتنا { بل قدسوا الرب الاله في قلوبكم مستعدين دائما لمجاوبة كل من يسألكم عن سبب الرجاء الذي فيكم بوداعة وخوف } (1بط  3 :  15). علينا أن ننتصر بالفضيلة على الرذائل التي تحارب النفس بالمعرفة نحارب الجهل وبالمحبة نتغلب على  الكراهية، وبالقراءة في كتب الإيمان نتغلب على الشكوك التي تحاربنا. وعندما نحتاج إلى القدوة الصالحة نقرأ في سير الاباء القديسين. وهكذا نروض نفوسنا فى طريق التقوى ومحبة الله ونشبع ارواحنا بالحديث مع الله فى الصلاة والتأمل والقراءة الجيدة ومن خلالها نرفع قلوبنا الى الله فى حديث ودى بين النفس وخالقها .
+ بالقراءة  نعالج الخلل فى حياتنا ونعود أنفسنا على محبة القراءة والاطلاع ، أي أمة او اسرة أو فرد لا يقرأ ولا يتعلم فإنه يحيا فى الجهل وضيق الأفق وتعصف بهم المشكلات ، أن الضعف التعليمي وغياب الوعى الثقافى يجب معالجته بدء من الإنسان نفسه ثم لمن حوله. لقد أدان الكتاب المقدس عدم المعرفة كسبب من أسباب الهلاك {قد هلك شعبي من عدم المعرفة}(هو  4 :  6). والكتاب يدعونا للفهم والحكمة { طوبى للانسان الذي يجد الحكمة وللرجل الذي ينال الفهم } (ام 3 : 13). {لان الحكمة خير من اللآلئ وكل الجواهر لا تساويها} (ام 8 : 11). نحتاج الى الحكمة لنعرف ماذا وكيف نقرأ {من هو حكيم وعالم بينكم فلير اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة. ولكن إن كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا و تكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية. لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل أمر رديء. وأما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوءة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام}( يع 13:3-18).

+ علينا أن ننظم أوقاتنا ونشجيع انفسنا وابنائنا على القراءة في عصر أصبحت المعرفة متاحة وامكانية البحث والتنقيب متوفرة على الكمبيوتر والنت وحتى القنوات الفضائية تبث ما هو وثائقي جديد وطريف وروحى ومفيد وان كان لا غنى عن الكتاب فلهذا يجب أن نبدأ بالقراءة فى المجالات المحببة للنفس والمفيدة لنا فى الحياة.

الأفراز والحكمة في القراءة ..

+ يجب أن ننمي معرفتنا بإفراز وحكمه فليس لدى الإنسان الوقت ليقرأ أو يسمع ويشاهد كل شئ فلهذا نختار بحكمة ماذا وكيف نقرأ ؟. يجب أن نعطي الأولوية للكتاب المقدس ودراسته بتواضع وفهم ورغبة لأنه رسالة الله لخلاص الإنسان ولأن كلمة الله تنقي وتقدس وتطهر النفس وتجعلنا نثمر ويدوم ثمرنا ونستعين في القراءة بكتب التفسير للفهم والمعرفة.  نحن مدينون بالفضل لابائنا القديسين الذين عاشوا الكتاب وفسروه وفى هذا العصر نذكر بالفضل والشكر مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة الثالث  ومن بعده قداسة البابا تواضروس الثاني، اطال الله حياته فى اهتمامهم بالتعليم الديني والوعظ والكتابة والتأليف. وندين بالشكر للأب الفاضل القمص تادرس يعقوب وكنيسة مار جرجس بالإسكندرية التي اهتمت بتفسير الكتاب المقدس من كتابات الآباء الأولين كما ندين بالفضل للاباء الاساقفة  القديسين المنتقلين الانبا اغريغوريوس اسقف البحث العلمي والأنبا يؤانس أسقف الغربية والأنبا أثناسيوس مطران بنى سويف المتنيح وغيرهم من أباء قديسين. وفى مجال كتابات الاباء نذكر بالفضل الجهود القيمة للمركز الارثوذكسي  للدراسات الابائية. ويرجع الفضل لدار الكتاب المقدس التي وفرت لنا الكتاب المقدس وأصبح متاح لكل أسرة وفرد فيها. وقامت المكتبات المسيحية بالاهتمام بالكتب وتوزيعها وترجمتها ولقد كانت مكتبة المحبة بالقاهرة سباقة في الاهتمام بالكتاب العربي المسيحي والمترجم ومنها ترجمة المتنيح القمص مرقس داود للعديد من شخصيات الكتاب المقدس  وغير هؤلاء  الكثيرين ممن اثروا مكتبتنا القبطية بالكتب القيمة.

+ يجب أن نقرأ في الكتب التاريخية لنتعلم العبر ونأخذ حكمة من تاريخنا وحياة الشعوب وثقافاتها ويكون لدينا المعرفة الافقية بالفنون والعلوم وهنا أذكر موسوعة قصة الحضارة لول ديورانت وموسوعة الحضارة الفرعونية للدكتور سليم حسن وموسوعة الحملة الفرنسية على مصر . علينا أن نقرأ  تراجم الأشخاص العظماء الذين خدموا البشرية بعلمهم ومعرفتهم . ويجب أن ننمي معرفتنا فى مجال تخصصنا ومتابعة كل ما هو جديد فيها . علينا ان نقراء فى الموسوعات العلمية والكتب النفسية والاجتماعية والأدبية ونتعلم لغة جديدة تضيف إلى ثقافتنا وفكرنا المزيد من المعرفة والثراء والمعرفة بالآخرين وعلومهم.
+ يجب ان نضع للقراءة وقت فى مخططنا اليومى والاسبوعى ونختار الوقت المناسب لها فى الهدوء وفى مكان جيد الإضاءة والتهوية وأن نجعل من الكتاب صديقنا المفضل فى فى أوقات الفراغ من العمل أو في السفر ويفضل أن ندون الأفكار الهامة التى نتعلمها من الكتاب ليسهل الرجوع إليها فى وقت الحاجة وان اعجبك  كتاب ما فاقرأ  لنفس الكاتب وتواصل معه وشجع الآخرين على قرائته وتناقش معهم عن فوائده وصادق من لهم نفس الاهتمام بالقراءة وهكذا تصبح القراءة جزء من حياتك وتنطلق بها الى عالم رحب من عالم المعرفة والارتقاء بانسانية الانسان ليكون بحق تاج وسيد الخليقة ونحيا ملء الحياة الأفضل.

صلاة للقراءة والتأمل ...

+ ايها الرب الاله واهب الحكمة والمعرفة والعلم ، لقد وهبتنا روحا يشتاق الى الشبع والامتلاء ونريد أن نعرفك ونحبك وننمو فى النعمة والقامة والحكمة لديك ولدى الناس ، وهبتنا يارب نعمة العقل والتفكير فهبنا ياغنى بالمراحم السعى الدائم لنعرفك ونحبك وننمو فى المعرفة لأن هذه هى الحياة الأبدية والسعادة الحقيقية. لكل كمال رأيت منتهى اما وصاياك فواسعة جداً وبحر محبتك لا حد لعمقه ولا مجال للوصول إلى أغواره إلا عندما ترثوا سفن حياتنا فى سماء مجدك وهناك نتحرر من قيود المادة والمعرفة الضارة ونمتلئ ونتحد بك وإن كان علينا أن نصلي وأن نسعى لكي نتذوق الحياة الابدية ونحياها من الان فاعطنا وكل شعبك يا الله الآب ضابط الكل .

 هبنا يارب سعيا دائما الحكمة والإفراز والمعرفة وليحل روحك القدوس فينا ليقودنا ويهبنا حكمة وفهما ومعرفة ومشورة ومخافة لك كل الأيام ، لنعرف كيف نسلك بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لأن الايام شريرة ، علمنا ان نبتعد عن كل ما هو معثر وضار وأن نسعى فى أثر السلام وحياة الفضيلة والبر . اشبع نفوسنا بمحبتك ومعرفتك لنكتشف أنك دائما حاضراً معنا وفينا تقودنا دائما فى موكب نصرتك وتصل بنا الى معرفتك الحقيقية ومعرفة نفوسنا المخلوقة على صورتك وتنمية عقولنا لتعمل لمجد اسمك القدوس ويكون كل واحد منا ككاتب متعلم { فقال لهم من أجل ذلك كل كاتب متعلم في ملكوت السماوات يشبه رجلا رب بيت يخرج من كنزه جددا وعتقاء }(مت  13 :  52) 

ليست هناك تعليقات: