للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ اللطف صفة من صفات معاملات الله نحو البشر ورحمته حتى نرجع إليه بالتوبة والإيمان لنتبرر من خطايانا ونرث الحياة الأبدية { وَلَكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغَسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.} (تي 4:3-7). وعلينا أن نقدر ونستفيد من لطف الله ونتوب ونبتعد عن الخطايا والذنوب ويكون لنا الله هو الرب والإله المحبوب { أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ }(رو 2 : 4). الله بلطفه يرعانا ويهتم بنا ويخلصنا من كل ضيقة لهذا قال يعقوب أبو الأباء شاكرًا الله { صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هَذَا الأُرْدُنَّ وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ} (تك 32 : 10). وتغنى داود النبي بلطف الله قائلا: {لطفك يُعظِّمُني} (2صم22: 36). ويستمر ويُظهر لطف الله وغني نعمته للمنتهى { وَذَلِكَ كَيْ يَعْرِضَ فِي الدُّهُورِ الْقَادِمَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ فِي لُطْفِهِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ }(اف 2 : 7). وان كان الله يتعامل معنا باللطف فيجب أن نكون لطفاء في تعاملنا مع الآخرين.
+ نحن نتعلم اللطف والوداعة والتواضع من ربنا يسوع المسيح { كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضاً فِي الْمَسِيحِ } (اف 4 : 32). لقد تعامل الرب باللطف مع الخطاة وكان يحبهم ويقبلهم ويدافع عنهم { لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ} (مر 2 : 17). وتعامل باللطف مع الأطفال عندما أقتربوا اليه ومنعهم البعض راينا الرب يسوع المسيح يدافع عنهم ويقدم لهم المحبة والحنان ويضع يديه عليهم ويباركهم ويقول {دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ} (مت 19 : 14). كما أحتمل التلاميذ وعدم فهمهم وعلّمهم على انفراد وشجعهم كثيرًا. وحتى مع مقاوميه كان يستخدم الحجة والمنطق في أقناعهم، لقد كان بحق هو الراعي الصالح الذى بذل نفسه عنا وكان وسيبقى لطيف وطيب مع الجميع. وتحققت فيه النبؤات { هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ.لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».} ( أش 3:42، مت 17:12-21).
+ المؤمنين الذىن أختبروا لطف الله من نحوهم يتعاملوا باللطف مع الجميع {فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ انَاةٍ} (كو 3 : 12). اللطف المسيحي كثمرة من ثمار الروح القدس ينبع من القلب النقي وأحشاء الرأفات والوداعة وليس هو فقط بشاشة وجه وكلام جميل، بل هو جوهر داخلي يرتبط بشركة صحيحة مع الله وشبع قلبي بالمسيح، فينتج عنه الأبتسامة الصادقة والكلمة الطيبة والمحبة الباذلة والخدمة المضحية والتفكير فى خدمة الغير وأسعادهم. التعامل الحسن الوديع يجب أن يبتدئ بخاصتنا وأهلنا { وَإِنْ كَانَ احَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا اهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ انْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَشَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ} (1تي 5 : 8). ثم يمتد تعاملنا الرقيق نحو الذين فى خارج المنزل مع الآخرين, فالحياة تصير تعيسة إذا احتقرنا الأمور الصغيرة في آداب الحديث والجواب المبهج والوجه المبتسم. والمسيحي الحقيقي لا يتجنب الشرور والخطايا فقط، بل أيضًا يتجنب الكلام الخشن والحدة في التعامل. باللطف والمحبة والوداعة والرقة يتعامل الشخص اللطيف مع الجميع. لاسيما مع الخطاة، والضعفاء، ومع من عثروا وسقطوا في سيرتهم دون كبرياء أو كراهية وفى محبة تستر وتحتمل، وليس معني اللطف التساهل مع الشر أو عدم التمسك بالحق, فالرب يسوع الذي كان لطيفًا مع الخطاة ورقيقًا, كان أيضًا حازمًا فيما يتعلق بحقوق الله ومجده, وحادثة تطهير الهيكل تشهد على ذلك (يوحنا 2: 14- 17). نكون لطفاء بعضنا مع بعض في تمسك بالحق ورفض للشر.
+ علينا أيضا أن لا نتوقع المعاملة بالمثل ونتوقع الإساءة حتى من المقربين، فهناك من يسيئون فهمنا وهناك من لا يقدّرون خدمتنا، وعندما نفعل معهم خيراً يجازوننا بالشر، وهناك من نتوقع منهم العون فنجد العكس، فلا نحزن بل نتعلم من الذى أحتمل الظلم وخرج مجروحا من بيت أحبائه وهو قادر أن يكأفانا خيرا وسيأتينا إحسانه يقيناً { لِنَعْرِفْ فَلْنَتَتَبَّعْ لِنَعْرِفَ الرَّبَّ. خُرُوجُهُ يَقِينٌ كَالْفَجْرِ. يَأْتِي إِلَيْنَا كَالْمَطَرِ. كَمَطَرٍ مُتَأَخِّرٍ يَسْقِي الأَرْضَ.}(هو 6: 3). فلا نتضايق ونحزن أو نكتئب عندما نتوقَّع خيراً من الناس ولا نجده، ونتعلَّمْ أن ننتظر الرب ونجد منه اللطف والراحة وهو القائل: { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ} (متى 11: 28-30). نير المسيح هيِّن لأنه رقيقٌ لا يجرح احد. وعندما يريحنا المسيح المريح نجتهد أن نريح المتعَبين ونسعدهم.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق