للأب القمص أفرايم الأورشليمي
عمي البصر والبصيرة..
ذات مرة قالت الفيلسوفة العمياء ،الصماء،الخرساء "هيلين كيلر" {يوجد شئ واحد أسوأ من العمي وهو إن يكون للأنسان عينان ولا يُيصر}نعم يا أحبائي ان النظر لا يعادله شئ ،وعندما شفي الرب يسوع المسيح المولود أعمي خالقاً له عيون تدرج الأعمي في المعرفة بالسيد المسيح قائلاً في الابتداء انه "أنسان" ثم قال في الحوار مع الذين ارادوا ان يصطادوه "انه نبي" وبعد ان هاجموا السيد المسيح قال لهم لو لم يكن هذا الانسان باراً لما كان يقدر ان يفعل هذه المعجزة فمنذ البدء لم نسمع ان أحد فتح عيون أعمي منذ ولادته ! بعد هذا قابله الرب وعرفه بذاته وقال له "أتؤمن بابن الله" قال له الأعمي من هو يا سيد لأؤمن به؟ أجابه الرب قد رايته وهو الذي يكلمك.. قال له المولود أعمى : أؤمن ياسيد وسجد له، بعد هذا هاجم المتطرفين المولود أعمي وطردوه من المجمع فقال الرب " لدينونة اتيت انا الى هذا العالم حتى يبصر الذين لا يبصرون و يعمى الذين يبصرون. فسمع هذا الذين كانوا معه من الفريسيين و قالوا له العلنا نحن ايضا عميان. قال لهم يسوع لو كنتم عميانا لما كانت لكم خطية و لكن الان تقولون إننا نبصر فخطيتكم باقية"يو39:9-41 . نعم يا أحبائي هناك الكثيرين جدا عميان ولا يرون الحق هؤلاء يجب ان نصلي من أجلهم ونطلب لهم النور والهداية ،وهناك مقاوموا الحق عن عناد وأصرار وحب للظلمة أكثر من النور لان أعمالهم شريرة وهؤلاء مدعاة للرثاء والصلاة بلجاجة ليفتح الله عيونهم ليرجعوا من عالم الظلمة الي نور الأيمان والتوبة ، وهناك الأعمي عن جهل وعدم معرفة فهذا يحتاج لأعلان رحمة ونور الرب ليري الأمور علي حقيقتها .
كيف ترى العالم حولك ...
أننا نري العالم من خلال مرآة أنفسنا فاذا كانت سوداء او معتمة فلن نري شئ، وان كانت عيوننا بسيطة فجسدنا كله سيكون نيراً وان كانت عيون قلوبنا شريرة فكل حياتنا والناس حولنا لن نراهم علي حقيقتهم وهذا ما يفعلة المتعصبين الذين وضعوا عصابة علي عيونهم لكي لا يروا. علي هؤلاء بكي يسوع المسيح قديما وألي الأن " و فيما هو يقترب نظر الى المدينة و بكى عليها. قائلا انك لو علمت انت ايضا حتى في يومك هذا ما هو لسلامك و لكن الان قد اخفي عن عينيك".لو 41:19-42. أتذكر قصة حدثت مع أحد الاشخاص كان مهتما بجمع المال فقط وكان يضعهٌ في صندوق خشبي تحت سريره وذات يوم شب حريق في البيت أتي علي كل ما فيه ،فهنا كاد يموت الرجل وعاش يبكي ويحزن حتي كلت عيناه واحتاج لنظارة طبية وذات يوم قامت زوجته بإلصاق عملات ورقيه علي النظارة فصرخ فيها ما هذا فقالت له لقد أعمي المال عينيك وكدت تجن ولم ترى يد الله في الاحداث وكيف نجونا من موت محقق ، وكيف وقف الكثيرين معنا وها نحن لا نحتاج شئ . كان المال الهاً لك وقد أحترق الهك وفقدناك معه ، ارجع الي ذاتك والا تفقد ابديتك وتفقدنا وهكذا استفاق الرجل ورجع الي الله والحياة.
نريد ان نُبصر...
صرخ أعمي اريحا طالباً ان يبصر " و جاءوا الى اريحا و فيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه و جمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ و يقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع و امر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه و قام و جاء الى يسوع. فاجاب يسوع و قال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر و تبع يسوع في الطريق" 46:10-52. نعم نحتاج ان نبصر يارب ان الذين معنا أقوي وأكثر ممن هم علينا، نحتاج ان نبصر يدك في الاحداث ونثق أنك ضابط الكل ، نحن أن نري بعين الأيمان فيك الحنان والأمان والايمان. وان ملائكتك وقديسوك محيطين بنا وانك انت تدافع عنا ، نحتاج ان نتبعك في الطريق نحو اورشليم والجلجثة وأمجاد القيامة .يا من قلت " انا هو نور العالم من يتبعني فلا يمشي في الظلمة بل يكون له نور الحياة " يو 8 : 12 .
انه النور الذي يدعونا...
جاء الربّ يسوع ليفتح عيوننا لكي نرجع من الظلمات إلى النور ومن سلطان الشيطان إلى الله . أع 26 : 28 .انه النور الهادئ الوديع الذي يكشف لنا الطريق وينير لنا الحياة . ويشرق علينا بنور الإيمان . "ولكم أيها المتقون اسمي تشرق شمس البر والشفاء في أجنحتها ." ملا 4 : 2 . لقد قاد الله الشعب في القديم بعمود السحاب نهاراَ وعمود من النار ليلا، وهو لا يزال يهدي ويرشد وينير الذين يطلبونه . وهو الذي ينير أعين قلوبنا مانحا إيانا روح المعرفة والحكمة والفهم .
انه يدعونا ان نؤمن به وان نسير في نوره ، ونصير أبناء النور ونستيقظ من نوم وظلمة الخطية. ." قومي استنيري لأنه قد جاء نورك ومجد الرب أشرق عليك . " اش 60 : 1 .النور يدعوك ان تمشي فيه ومعه وهو لا يريد إلا خيرك ويفرح النور الالهى بان يُعرف بين الناس .
التوبة والنور...
ان رجوع الخاطئ إلى الله ينقله من الظلمة إلى نور الله العجيب، ولهذا جاء النور الى العالم ليفضح إعمال الظلمة. ومن اجل هذا دعي الرسل إلى التوبة " قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور " رو 13 : 12 . الإنسان الخاطئ يحيا في الظلام والذي يبغض أخاه يحيا في الظلمة " من قال انه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة . من يحب أخاه يثبت في النور وليست فيه عثرة " 1 يو 2 : 9-10 . فلا تخف حتى وان حاولت قوات الظلمة ان تعثرك ،وقم مجاهدا مع الله من اجل خلاصك " لا تشمت بي يا عدوتي إذا سقطتُ أقوم ، إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي " أم 7 : 8 .
احرص إذا على نقاوة حواسك وفكرك لا سيما عينيك . فسراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً، وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً ، فان كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون " مت 6 : 23 . قل مع داود المرنّم الرب نورى وخلاصي مما أخاف ، الربّ حصن حياتي ممّا ارتعب " مز 27 : 1 .
السير في النور ....
وكونوا شاكرين الآب الذي أهلّنا لشركة ميراث القديسين فى النور .كو 1 : 12 . أنت كابن للنور مدعو لحياة القداسة والتعفّف ، ومدعو أن تكون نورا يضئ للذين في العالم . لكن اعلم ان النور الذي فيك ليس منك انه كنور القمر في الليل، يستمده من نور الشمس . وإذا ابتعدت عن إلهك أصبحت مظلما لا نور فيك . وكلما اقتربت من الِبرِّ ونور المسيح ازداد نورك . لقد مكث موسى النبي مصليّاً لله في الجبل أربعين يوما وعندما رجع لم يستطع بنو إسرائيل ان يروا وجهه لأنه كان يشع نورا وأنت كذلك،عندما تجلس مع مصدر النور تستضئ بنوره ويشرق في قلبك وعقلك ويقود خطواتك، ويرى الآخرون أعمالك الحسنة ويمجّدوا أباك الذي في السموات .
الكتاب المُقدّس والنور...
ان أردت ان تستنير وتقترب من فكر الله ادخل الى الكتاب المقدس في تواضع وحب، وقل أنر يا رب عينيّ قلبي وعقلي وأجلس في هدوء وأقراء كلمات الكتاب طالباً ارشاد روح الله وان عصي عليك شئياً في الفهم ابحث عن تفسيره في كتابات الأباء القديسين ،ان كلام الله نور " سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي " مز 119 : 105 .والوصية مصباح ،والشريعة نور، وعندما آتي الينا كلمة الله المتجسد اخفي هذا النور لكي نستطيع أن نقترب إليه . واستتر نور اللاهوت في الناسوت ليقترب الينا ونعرفه ونحبه " فيه كانت الحياة، والحياة كانت نور الناس، والنور أضاء في الظلمة والظلمة لم تدركه " يو 1 : 4 – 5 . وعندما أتمَّ الربّ الفداء قام بجسد نوراني ممجدًا صاعداً به للسماء كسابق لأجلنا . وطلب منا ان نحيا مفكرين بما هو فوق فى السماء " ان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الآب " .
المعمودية والاستنارة...
إننا إذا اعتمدنا بالماء والروح نولد من فوق كأبناء الله بالتبني، وإذ يشرق علينا نور الإيمان نعطى استنارة داخلية . وننمو في معرفه ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ونحيا أسرار الكنيسة ونجاهد برجاء منتظرين المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي . اطلب أذن من الله ان يعطيك البصيرة الروحية لتعرفه وتعبده بالروح والحق . اننا نتدرج في معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ . وإلا فإننا لو نظرنا ما لا نستطيع احتماله لإصابتنا بالكبرياء ، والله يدعوك لتنمو في النور والحياة معه، وهو يريد ان يأتي إليك ويصنع عندك منزلا فلا تتكاسل فى زمن الجهاد، بل اطلب فستجد ، واسأل فستعطى، واقرع فيفتح لك . آمن بالنور وسرْ معه و فيه وهو يقود خطواتك ويمنحك حياة أبدية .
أفتح عيني لأعاين ..
نحن في شوق إلى معرفتك وقبولك والنمو في نورك فأهدنا بالروح القدس المحيّي المنبثق منك والواحد معك . العامل في الكون خالقا ومجددا ليعمل ويجدد طبيعتنا ، لنكون ابناًء مُكمَّلين بالفضائل.
يا روح الله اعمل فيَّ وأنرْ عقلي وروحي وقلبي ، لأكون لك وأحيا في النور وبك أكون شمعه تحترق لتنير الطريق لكثيرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق