للأب القمص أفرايم الأورشليمي
أين هي قلوبكم؟
- فى كل قداس يسأل الأب الكاهن الشعب: أين هى قلوبكم؟
ويجاوبه الشعب: هى عند الرب ؟
وفى كل قداس وفى مختلف ظروف الحياة يطلب منا الرب "يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي (ام 23 : 26). فهل قلبى حقا مسكنا للرب ،وعند الرب ،أم هو مشغول باهتمامات الحياة ومشاغلها وهمومها أو هناك محبة العالم او المال أو الشهوات فيه، الأمر الذى يحزرنا منه الرب يسوع المسيح قائلاً " فاحترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار و سكر و هموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة (لو 21 : 34).
- أننا عندما نتكلم عن القلب لا نقصد تلك المضخة اللحمية التي تعمل لتغذية الجسم بالدم النقي ليل نهار بل المراد من ذلك الأنسان الداخلي بعواطفه وأفكاره وارادته وميوله ودوافعه النفسية وروحه . ذلك هو العمل الحقيقى أمامي وامامكم في كل يوم ، أن يكون لنا القلب الصالح النقى غير المنقسم . الذى يستطيع ان يهدأ ويبعد هموم العالم ويكون عند الرب ،سواء في البيت أو العمل أو الكنيسة . نصلى ليكون قلبنا دائما وابداً عند الرب وله نعطى محبتنا " فاذا سمعتم لوصاياي التي انا اوصيكم بها اليوم لتحبوا الرب الهكم و تعبدوه من كل قلوبكم و من كل انفسكم اعطي مطر ارضكم في حينه المبكر و المتاخر فتجمع حنطتك و خمرك و زيتك. (تث 13:11-14) نعم نحتاج لمطر نعمة روح الله فنشبع بكلمة الله ونفرح بمحبته ونثمر بثمار الروح القدس ونأخذ حكمة لا يقدر جميع معاندينا ان يقاوموها.
- أين هى قلوبنا ؟ هل هى في من حولنا من ناس وأحداث ، أم في العمل ومشاكله ؟ أم فى لقمة العيش وتوفير متطلبات الحياة؟ مع ان أبانا السماوي يهتم بكل هذه الاشياء ويطلب منا ان نطلب ملكوت السماوات وبره وكل هذه تعطي لنا وتذاد. ومع سعينا الدائم من اجل حياة كريمة فان قلوبنا مسكنا لله يجد فيها موضعاً لراحته .
- اعزائي لاتبرروا أنفسكم أو تسقطوا أخطائكم علي الأخرين ويحق علينا قول الرب " فقال لهم انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس و لكن الله يعرف قلوبكم ان المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله (لو 16 : 15).لنعترف أمامك يارب رعاة ورعية ان قلوبنا ليست كاملة نحوك .
و نصلى من كل القلب والروح ان تُطهر قلوبنا وارواحنا ونفوسنا وعقولنا لتكون قلوبنا مسكنا لك وتحل بالإيمان فيها
قلبى مهيأ مغارة ...
قلبى مهيأ مغارة ،ربى أعملى زيارة ... من شمسك نورني وملينى حرارة
ضلك طل علي، لا تكون عني بعيد.. . فرحة وجودك في ، متل ليلالى العيد
أيامي حليها وضوي ها العتمة ... وشفافى رويٌها من أصفى البسمات
- فى أعياد الميلاد فى الأراضى المقدسة يرتل الأطفال هذه الترتيلة الجميلة ، فى عيد الميلاد وفي أيام غربتنا علي الإرض يجب أن نسأل انفسنا هل قلوبنا مهيأة لسكنى الله بالأيمان فيها.
وهل لو جاء المسيح ليولد من جديد على أرضنا يجد بيت يأويه، و قلوب تدفئه، أم هل سيولد من جديد فى مغارة ومذود للبهائم..لانه كما جاء فى الأنجيل لم يكن لهما موضع فى المنزل؟!
- فى عيد الميلاد يجتمع الناس للأكل والشرب والضحك والسهر ويأتي بابا نويل يقدم الهدايا للأطفال ويفرحوا بالهدايا وبعد التخمة من المأكولات ..ياتى ملك السلام ليزور بيت القلب لينيره بالحب ، يجد الناس عنه مبتعدين ولأستقباله غير مستعدين ..ينظر من الشبابيك ،يهمس في الأذان " اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك لان المحبة قوية كالموت الغيرة قاسية كالهاوية لهيبها لهيب نار لظى الرب" (نش 8 : 6).
- عندما أمر الرب التلاميذ ان يعدا للعشاء الفصحي ،اراد الرب ان يكون ذلك في مكان نقي سامي مجهز لأستقباله " فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة هناك اعدا لنا (مر 14 : 15) نعم الرب الوديع والمتواضع يريد قلوب كبيرة بالتواضع والحب ، مفروشه بالفضائل ومعدة ومجهزة بالأيمان والرجاء .الله لن يقتحم القلب بل يريدنا ان ندعوه (ها انا واقف علي الباب وأقرع ان سمع أحد صوتى وفتح لى ، أدخل اليه واتعشى معه وهو معى أيضاً) فهل نفتح قلوبنا ونعدها للميلاد المجيد؟ يجب علينا ان نتحفظ لئلا يكون لنا القلب القاسى او المنقسم او الملئ بالأشواك " فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة (ام 4 : 23).
- قلبى مهيأ مغارة ، للغني الذي أفتقر ليغنينا ، وجاع ليشبعنا وتجسد وصار أبنا للأنسان ليجعل الأنسان أبنا لله بالإيمان ، تعالى يارب يا من ولد فى مذود ، تعالى وطهر قلبى واجعله موضعاً لسكناك و مغارة تحل فيها بالإيمان ايها الغني بطبيعته ، يارب السماء والأرض الذي تجسد ولم يحد التجسد من لإهوتك وتواضع وانت القدوس الممجد من الملائكة. من شمس برك يارب أنر قلبى وأطرد منه كل عاطفة لا ترضيك وقدسه ليكون مسكناً للمحبة الإلهية لأحيا في عيد دائم حاراً فى الروح ، مقدما ذاتي أناء مقدس لحلولك وخدمتك .
أغسلني فابيض كالثلج..
- عندما نظرت الي الثلج المتساقط من سماء أوربا قبيل أعياد الميلاد،ونظرت للأرض من اسفل وقد أكتست بحلة بيضاء، بل عندما تنظر الي المباني والاشجار والسيارات المتوقفة لن ترى الا اللون الأبيض ،هنا أتذكر داود النبي وهو يصرخ لله " طهرني بالزوفا فاطهر اغسلني فابيض اكثر من الثلج (مز 51 : 7) .
- كان الكاهن قديماً يغمس نبات الزوفا في دم الحمل لينضح به علي الخاطى ليطهر ، وكان داود النبى يريد من الله ان يغسله من خطاياه فيبيض أكثر من الثلج . لعل داود النبي تطلع علي الثلج وهو يكسو جبال القدس في موجات الثلج في الشتاء ، فابيض الجبل وازدان بهاء حتى فى ظلمة الليل تراه منيراً ببياض الثلوج. أننا نحتاج ان ينضح علينا الرب بدمه فيكسونا بثوب بره فيمحوا خطايانا ويغسل أثامنا ويستر علينا فلا نهلك ونتبرر ببره.
- أننا نتمسك بوعوده الأمينة " انا انا هو الماحي ذنوبك لاجل نفسي و خطاياك لا اذكرها (اش 43 : 25) وكما نقل الرب عن داود خطاياه هو قادر ان يغفر ويمحو خطايانا ويبدء معنا عاماً جديدا بقلب جديد .
- مع وقع تساقط الثلوج تذكرت فيروز ذلك الصوت الشجي يشدو " تلج تلج عم بتشتي الدنيا تلج ، ومغارة سهرانه فيها طفل صغير، بعيونا الحليانه حب كتير كتير. كل قلب زهر فيه الحب مثل الثلج ، ألفه وخير وحب مثل التلج "
نعم وسط برودة الجو نحتاج لدفء الروح ، نحتاج إلى طفل المذود يدخل قلوبنا فيبث فيها المحبة الروحانية ، والعطاء والشفقة والحنان، نعم ان كل قلب زهرت فيه المحبه يحل فيه الله ،لان الله محبه ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. المحبة التى تطرد الخوف الى خارج ،نعم عندما تثمر المحبة في قلوبنا نستطيع ان نشترك مع الملائكة فى التمجيد "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة).
قلبى مغارة لصاحب العيد...
تعال أيها الرب يسوع ،وحل فى قلبى فيمتلئ بعد جوع،
ليكن قلبى مغارة تولد فيها وتكون رب القلب والبيت،
طهر قلبى ونقيه من كل شائبة ليكون أهلاً لحلولك فيه،
أنت صاحب العيد وانت رب القلب وأنت عنى ليس ببعيد ،
فلتكن حياتى ملكاً لك وليكن قلبى نابضاً بمحبتك
ياشمس البر حررنى من القيود وأجعلنى على العالم أسود،
فتكون أنت ربى المعبود وقلبى بالمحبة بك يجود.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق