للأب أفرايم الأورشليمي
حساب ختامى للعام ...
مع أقتراب رحلة أب الأباء يعقوب من الوصول الي نهايتها، وعندما أحضر يوسف بنيه له ليباركهما قال يعقوب " الله الذي سار امامه ابواي ابراهيم و اسحق، الله الذي رعاني منذ وجودي الى هذا اليوم. الملاك الذي خلصني من كل شر يبارك الغلامين " تك 15:48-16. تذكر يعقوب رعاية الله وحفظه وأحساناته عليه حتي وان لم يكن قلبه كاملاً مع الله كابائه الإ ان الله رحيم " اذكر مراحمك يا رب و احساناتك لانها منذ الازل هي" (مز 25 : 6) . نعم خلص الرب يعقوب وباركه رغم ضعفاته وخداعه لأبيه اسحق ولخاله لابان . تذكر يعقوب أحسانات الله القدير الذي قاد سفينة حياته ومن فيها ورعاه الي نهاية الرحلة . ولماذا فعل هذا " لاجل مراحمك الكثيرة لم تفنهم و لم تتركهم لانك اله حنان و رحيم" (نح 9 : 31).
- وانت يا عزيزي القارئ في نهاية عام من عمرنا وبدء عام جديد، جيد لك ان تتذكر مراحم الله وأحساناته عليك ليس في العام المنصرم بل وعلي مر الأعوام التي مضت من عمرك ، وعندما تتذكرها، أشكر الله علي كل أحساناته ومراحمه التي هي جديدة كل صباح . أن الكنيسة تعلمنا إن نطلب مراحم الله دائما فنردد كثيرا "يارب أرحم" طالبين مراحم الله. فيا ليتنا نصليها دائما بالروح والحق متذكرين خطايانا طالبين المغفرة لنا وللعالم كله.
- جيد ان نتذكر مراحم الله الذى أعطانا فرصة جديدة للحياه معه، فبينما كثيرين من أحبائنا وممن نعرفهم رحلوا عنا في العام الماضي فان الله اعطانا فرصة للحياة والتوبة والعيش معه ، جيد ان نتذكر مراحم الله وستره لضعفاتنا ومغفرته لخطايانا وأحساناته في كل النجاحات التي عبرت بنا . جيد ان نتذكر مراحم الله بمنعه شرور كثيرة كانت تحيق بنا ومنعها الله وعبر بنا ضيقات كثيرة ، نتذكر حتي الضيقات وكيف نجونا مثل العصفور من فخ الصياد فلولا ان الرب كان معنا عندما قام الناس علينا لابتلعونا ونحن أحياء أننا نصلي مع المرنم " باركى يا نفسى الرب ولا تنسى كل حسناته، الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك،الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة، الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك" مز103: 2-5.
- أجلس يا أخي واختي مع أنفسكم واشكروا الله علي أحساناته ومراحمه وعنايته فيما مضي وقولوا له " ارحمني يا الله كعظيم رحمتك،ومثل كثرة رافتك امح معاصي. اغسلني كثيرا من اثمي و من خطيتي طهرني"( مز1:51-2) " ايها الرب اله الجميع ارحمنا وانظر الينا وارنا نور مراحمك" (سيراخ 36 : 1). لا تقطعوا علي أنفسكم وعود للعام المقبل بل خذوا من الله العهود وأطلبوا منه القوة والعون للسير في طريق البر . كونوا أمناء ومحبين له وهو سيقودكم طوال الطريق ويكون لكم نعم الرفيق.
هل نسي الله شعبه؟
يظن البعض أن ما نتعرض له من ضيقات او اضطهادت او مرض او مصاعب في رحلة الحياة دليلاً علي ان الله تركنا لأيدي أعدائنا ، فأين الله من مما نراه في عالم اليوم من أمراض وحروب ؟ وكما قال الشعب قديما " و قالت صهيون قد تركني الرب و سيدي نسيني. هل تنسى المراة رضيعها فلا ترحم ابن بطنها حتى هؤلاء ينسين و انا لا انساك. هوذا على كفي نقشتك اسوارك امامي دائما. " أش 14:49-16. نعم لم ينسانا الله يا صديقى وما التجارب والضيقات الإ أدوية الله المرسلة لأصلاحنا وتنقيتنا ومنحنا الأكاليل السمائيه وكما ان الذهب يصفي بالنار هكذا المختارون من الله يمحصون في أتون التجارب..الضيقة دافع للصراخ الي الله . والأمراض هبه ونعمه للأحساس بالضعف وتنقية الأنسان وجلوسه مع نفسه ومشاركته للمسيح في الآمه، وعندما تحاصرنا التجارب نصرخ طالبين من الله المعونة فيرسلها فى حينه ، وعندما تضيق بنا الأرض نطلب الوطن السمائي.
الله الرحوم الذي نعبُده ..
- إن الله الهنا يتميز بالرحمة والحنو والشفقة وطول الأناة " الرب رحيم و رؤوف طويل الروح و كثير الرحمة" (مز 103 : 8) . هو يحبنا ويعود فيرحمنا، فى وسط ظلمة وشر الشعب قديما وعدم ثقته في الله وطلبه العون من البشر مع محاولات ارمياء النبى لتنبيه الشعب للرجوع لله والثقة فيه تارة بالترغيب والدعوة الي التوبة، وأخرى بالوعيد والتهديد، ومرة اخرى بالرثاء والبكاء ، نري النبى ينتظر مراحم الله الأتية من السماء "اردد هذا في قلبي من اجل ذلك ارجو. انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول. هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه. جيد ان ينتظر الانسان و يتوقع بسكوت خلاص الرب" مر3:21-26. نعم رددوا هذا فى قلوبكم وتغنوا بمراحم الله الجديدة كل صباح ولتكونوا فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين علي الصلاة. طيب هو الرب يا أحبائي فثقوا في طيبته وحنانه ورحمته وتعلموا منه، انه يريد رحمة لا ذبائح بدون حب ، انه يريد القلب الطاهر والروح الوديع والأفكار المقدسة وان تكونوا رحماء مع كل أحد في حكمة وبلإ رياء .
- من مراحم الله وأحساناته يسعي الي خلاصنا حتي دون أن نطلب ، فهو الذي أرسل يونان النبي الي أهل نينوى دون ان يطلبوا الله وكان شرهم قد كثر أمام الله ،هرب يونان غرباً بدل ان يذهب للشرق ، وهنا نرى الله يسمح بالضيقة ليونان فتحيط به المخاطر في بحر الحياة ويُبتلع في بطن الحوت دون ان يهلك ليأمره الله بالذهاب الي نينوي مرة اخرى وكان مبرر يونان للهرب " و صلى الى الرب و قال اه يا رب اليس هذا كلامي اذ كنت بعد في ارضي لذلك بادرت الى الهرب الى ترشيش لاني علمت انك اله رؤوف و رحيم بطيء الغضب و كثير الرحمة و نادم على الشر" ولم يعلم يونان ان رحمته الله كانت سبب لنجاته وخلاصه ولخلاص أهل نينوي أيضاً.
- جاء الرب يسوع الي اريحا يبحث عن زكا العشار محب المال ليخلصه من مرضه ودخل الي بيته لما وجد فيه الرغبه لرؤيته وهنا تذمر الكتبة والفريسيين قائلين انه دخل ليبيت لدي رجل خاطي ، لكن الرب الرحوم دافع عن زكا، كما دافع عن متي العشار الذي حرره من محبة المال وجعله تلميذاً ورسولاً " فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى. فاذهبوا و تعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة" مت 12:9-13. وهكذا حرر الرب مريم المجدلية والسامرية من محبة العالم والشر ، وغير شاول المضطهد الي بولس القديس المجاهد والرسول الشهيد. وهكذا عبر التاريخ قاد الله كثيرين الي التوبة والخلاص من اللص اليمين الي القديس موسي الأسود والقديس أغسطينوس والقديسة مريم المصرية وبلاجيا وحتي الان مراحم الله تعمل معك ومعي ومع كل نفس ليقودنا للتوبة والخلاص والقداسة .
أصنعوا رحمةً ...
- أن الله الرحوم يطوب الرحماء ويقول لنا طوبى للرحماء لأنهم يرحمون بل ان الحكم بلإ رحمة لمن لم يعمل رحمة . وماذا يطلب منا الله ؟" قد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح و ماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق و تحب الرحمة و تسلك متواضعا مع الهك" (مي 6 : 8).
- وفي مثل السامري الرحوم الذي صنع الرحمة مع الأنسان الذي سلبه اللصوص ماله وجرحوه وتركوه بين ميت وحي ، عبر عليه لاوي ثم كاهن وتركوه ولكن عندما عبر عليه سامري وكانت هناك عداوة بين السامريين واليهود ، تقدم السامري وداوى المجروح وطبب الجروح وحمله علي دابته ودفع لصاحب الفندق أجرته بل والتزم بدفع اي نفقات اخري . بعدها طالبنا الرب أن نصنع رحمته مع الجميع حتي أعدائنا مطالبا الناموسي ان يتشبه بالسامري " فقال له يسوع اذهب انت ايضا و اصنع هكذا" (لو 10 : 37)
أصنعوا أذاً رحمة يا أحبائي مع كل أحد لتجدوا رحمة في يوم الدين ، واطلبوا مراحم الله لكم وللعالم كله لاسيما المتعبين والضعفاء والساقطين والبعيدين والمرضي والمسجونين والحزاني والمضطهدين " ميز مراحمك يا مخلص المتكلين عليك بيمينك من المقاومين (مز 17 : 7) فلنتقدم بثقة الى عرش النعمة لكي ننال رحمة و نجد نعمة عونا في حينه (عب 4 : 16).ولا نكون أنانيين حتي في صلواتنا فنصلي من أجل أنفسنا أو أحبائنا فقط ، بل نصلي من أجل كل نفس ومن أجل الخليقة كلها وبالأكثر نشكر الله علي أحساناته ومراحمه .
- فلنفتش ذواتنا ونتوب عن أخطائنا وخطايانا ونصمم بعزم قلب علي أتباع الله ووصاياه ومحبته ونكون رحومين علي الخليقة كلها فنجد الرحمة ونتمتع بأحسانات الله لنا..ليكون كل يوم من حياتنا يوماً مثالياً ننمو فيه روحياً وعملياً ساعين في طريق الكمال المسيحي الذي دعانا الله اليه.
خلص شعبك بمراحمك ...
- مراحمك يا إلهي كثيرة هي جداً ، مراحمك يا إالهي لا يحصى لها عدداً، لتتقدمنا مراحمك سريعا لاننا قد تذللنا جدا، وقد وجه العدو سهامه نحو الكنيسة وأبنائها ولا قوة لنا ولكن عيوننا نحوك . فاذكر مراحمك يا رب و احساناتك لانها منذ الازل هي (مز 25 : 6) أقتننا لك يالله لأننا لا نعرف أخر سواك ، أسمك القدوس هو الذي ندعوه ، لا تتركنا الي الانقضاء ولا تسلمنا الي الدهر ، تعود فترحمنا ، انت يارب عالم بضعف البشر . ياسيد اغفر واصفح عن ذنب عبيدك انت القائل " و اخطبك لنفسي الى الابد و اخطبك لنفسي بالعدل و الحق و الاحسان و المراحم " (هو 2 : 19).
- نعم قد أخطانا وفي أخر اليوم والعام والعمر ، نطلب الصفح والغفران فليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران . فيا من يقبل توبة الخطاة ويفرح برجوعهم ، أقبل توبة وصلوات شعبك ، فمراحمك جديدة كل صباح، وفي هذا اليوم وكل يوم كأب صالح نترجى مراحمك يارب .
- وعندما تشرف السفينة للوصول الي الميناء وتنتهي رحلة الحياة ونقف علي أعتاب الأبدية نضرع اليك أيها الغني بالمراحم ان تفتح لنا الأحضان الابوية وتستقبلنا بالمراحم الإلهية التي بها غفرت للص اليمين وقلت له اليوم تكون معي في الفردوس ، نعم لنا فيك رجاء يا مخلص وفادي النفوس.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق