الحاجة للامتلاء والشبع ...
نحن في حاجة ماسة في هذة الأيام الي حياة الشبع الروحي والامتلاء والفيض، في عصر يذداد فيه غلاء الأسعار ونسبة التضخم والقحط الروحي وعدم الشبع رغم أن الكثيرين يموتون من أمراض سببها عدم العدالة وسوء التوزيع فمنهم من يموت بسبب أمراض يسببها الأكل والتخمة وأخرون يموتوا بسبب الجوع ... وكلا الفريقين يظل جوعان للشبع الحقيقي ولا يجده يبحث عن السعادة وكانها سراب نركض نحوه فيهرب منا .
وعندما نري الكثيرون يلهثون وراء الغني المادي بشتي الأساليب المتاحة حتي ولو بالغش والتهرب والسرقه ،وعندما نري البعض يبحث عن اللذة في الأكل والشراب والدنس والخطئة،
وحينما يتقاتل الكثيرين ويبيعوا أيمانهم ومبادئهم سعياً وراء سلطة لا تدوم او منصب يورث الهموم ،وعندما نري البعض يختالون علي الارض بكبرياء ويتعاملون مع الأخرين بصلف وجفاء .نبحث عن السبب نجدهم يبحثون عن حياة الشبع والأمتلاء، والسعادة وان بعدت عن كل هؤلاء فالسعادة الحقيقية ليس في امتلاك كل هذة الاشياء ، بل في سيادتك علي نفسك وان تضبط ذاتك وتشبع بالله ومعرفته والاتحاد به وان تمتلي بروح القداسة والوداعه والعفة .وان تمتلك الاشياء لا ان تمتلكك .العالم يغرينا ويقول لاسيما في الأعياد ،كلوا ،واشربوا واشتروا واستمتعوا ، ونحن نقول أزهدوا واتركوا فقيمة الأنسان في ذاته وسعادتة يجدها في المحبة الباذلة لا في الأخذ والأمتلاك .
أن هناك كثير من الأنواع من الشبع والأمتلاء ، مثل الأمتلاء من الأمور الروحية او المادية او الامتداد في العلاقات الأجتماعيه او في المعرفة الثقافية او الغني المادي ، وعندما نقول ان هذا الشخص "مليان" أننا نقصد انه شخصية لديها الثراء الفكري والعاطفي والروحي اوالمادي. واحساس الفرد بقيمته والقناعة بما لدينا عامل هام في أحساسنا بالأمتلاء مع عدم الأكتفاء لاسيما في المجال الروحي والفكري والاجتماعي..نحن نحتاج للأمتداد الي فوق نحو الله، وافقيا نحو الناس ، والي العمق نحو الأنسان الداخلي.
كيفية الشبع والأمتلاء..
- هنا أذكر لكم قصة حدثت في العهد القديم {و صرخت الى اليشع امراة من نساء بني الانبياء قائلة ان عبدك زوجي قد مات و انت تعلم ان عبدك كان يخاف الرب فاتى المرابي لياخذ ولدي له عبدين. فقال لها اليشع ماذا اصنع لك اخبريني ماذا لك في البيت فقالت ليس لجاريتك شيء في البيت الا دهنة زيت. فقال اذهبي استعيري لنفسك اوعية من خارج من عند جميع جيرانك اوعية فارغة لا تقللي. ثم ادخلي و اغلقي الباب على نفسك و على بنيك و صبي في جميع هذه الاوعية و ما امتلا انقليه. فذهبت من عنده و اغلقت الباب على نفسها و على بنيها فكانوا هم يقدمون لها الاوعية و هي تصب. و لما امتلات الاوعية قالت لابنها قدم لي ايضا وعاء فقال لها لا يوجد بعد وعاء فوقف الزيت. فاتت و اخبرت رجل الله فقال اذهبي بيعي الزيت و اوفي دينك و عيشي انت و بنوك بما بقي}. (2 مل 1:4-7).
- أن هذه القصة بمغزاها الروحي والحرفي نجدها تمثل حياة الفقر والشبع .حياة الفاقة والأمتلاء .وتعطي لنا رجاء في الله الذي يصنع المعجزات .أن الشيطان قد سلب الانسان غناة ويظل يدفعه للجمع وعدم الشبع{ العين لا تشبع من النظر و الاذن لا تمتلئ من السمع } (جا 1 : 8) ولهذا جاء الينا المسيح الهنا المخلص الحقيقي لنؤمن به ويملأ حياتنا شبعا ومحبة وقلوبنا فرحا ونعيما وارواحنا سلاما ومسرة .
- وقال لنا السيد الرب { من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي } (يو 7 : 38).قال هذا عن الروح القدس الذي يغني الروح والقلب والنفس فيسدد الرب ديوننا بنعمته ويصد عنا المرابي الظالم ويدافع عنا ضد أبليس وكل قواته ويقودنا في برية هذا العالم ومعه لا يعوزنا شئ .أن إحساسنا بالجوع وحاجتنا للشبع تحتاج الي أعداد النفس للأمتلاء ، وغلق ابواب الفكر عما يفسد ،وسماع كلمة الله والعمل بها، والثقة في مواعيد الله ، وعدم الاكتفاء والنمو للوصول الي ملء القامة الروحية .
الرجوع الي النفس والله...
- ان كثيرين مما نظن انهم سعداء بمتع العالم وشهواته ،يشتهون النوم ولا يجدونه ويطلبون السلام ويبتعد عنهم،ويودون الراحة ولا يجدون الا الشقاء وحقا قال الكتاب لا سلام للأشرار .
والا فلماذا انتحرت مارلين منرو، والفنانه الشهيرة داليدا و كريستينا أوناسيس، ابنة الملياردير اليوناني أوناسيس صاحب الجزر والأساطيل البحرية والطائرات والمليارات، الذي يعد من أكبر أثرياء العالم.. ولأن كريستينان وريثته الوحيدة فقد ورثت عن أبيها كل ثروته الهائلة، إلا أن ذلك لم يحقق لها السعادة التي تبحث عنها، فقد تزوجت عدداً من المرات، وكان زواجها الأخير من أحد الشيوعين، حيث سئمت حياة الترف والثروة، وذهبت لتعيش مع زوجها في منزل متهالك في أحد أحياء موسكو الفقيرة، إلا أن الفشل لاحقها في هذا الزواج أيضاً، ففارقت زوجها بعد أن أصيبت باكتئاب مزمن وحزن مرضي متصل، ولم تستطع الثروة والمال أن تحقق لها أبسط معاني السعادة الإنسانية، وأقل درجات الرضى والطمأنينة، فقررت الانتحار ووجدت ميتة على أحد السواحل الأرجنتينية، بعدما ابتلعت عدداً كبيراً من الحبوب المنومة، وكان عمرها آنذاك سبعة وثلاثين عاماً فقط .
أعدد ذاتك للأمتلاء...
انت صنيعه أفكارك فقل لي في ماذا تفكر أقول لك من أنت ! ان ملأت فكرك وقلبك وروحك بأباطيل العالم المملؤة تعباً فستورثك القلق والهم والكأبة ، وان سعيت وراء شهواته فستموت بالحسرات ان فاقد الشئ لا يعطيه ، العالم أفقر مما يغنيك ، انت هو غنى العالم بفكرك المبدع وبصلتك بالسماء وينور المسيح الذي فيك تستطيع ان تنير للأخرين الطريق..فاعدد ذاتك للأمتلاء بالروح القدس مفرغاً ذاتك من أهتمامات العالم المملؤة تعباً وأعدد ذاتك لاستقبال طفل المذود بتواضع ووداعة وهدوء ومحبة مقدما له قلبك ذهبا وصلواتك لباناً وبخوراً مقدساً يصعد الي عرش النعمة، وأحتمالك وأتعابك وصبرك ناردين رائحته طيبه لدي الله .
غني حكمة الله ...
تراءى الله لسليمان الحكيم قديما سائلا أياه ماذا يطلب منه؟ فماذا طلب سليمان { اعطني الان حكمة و معرفة لاخرج امام هذا الشعب و ادخل لانه من يقدر ان يحكم على شعبك هذا العظيم} 2أخ 10:1 . {فقال الله لسليمان من اجل ان هذا كان في قلبك و لم تسال غنى و لا اموالا و لا كرامة و لا انفس مبغضيك و لا سالت اياما كثيرة بل انما سالت لنفسك حكمة و معرفة تحكم بهما على شعبي الذي ملكتك عليه ، قد اعطيتك حكمة و معرفة و اعطيتك غنى و اموالا و كرامة لم يكن مثلها للملوك الذين قبلك و لا يكون مثلها لمن بعدك} . (2اخبار 1 : 11-12).
نعم يا أحبائي في المسيح يسوع مذخر لنا كل كنوز الحكمة والعلم .فهل نقترب اليه وهو يدعونا ان ننهل مجانا ونمتلئ بكل حكمة روحيه ،ونكون حكماء لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى {و انتم بكل حكمة معلمون و منذرون بعضكم بعضا بمزامير و تسابيح و اغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب} . (كو 3 : 16). لنعلم يا أحبائي انه ليس بالخبز وحده يحيا الأنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله. وان غني الأيمان بالله والسلام المرافق له لا يمكن ان نحصل عليه بأي اموال { طوبى للانسان الذي يجد الحكمة و للرجل الذي ينال الفهم}. (ام 3 : 13).سعيد هو الأنسان الحكيم لا بحكمة أهل هذا العالم التي تتميز بالمكر والدهاء بل الحكمة النازلة من عند ابي الانوار { و اما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة و اثمارا صالحة عديمة الريب و الرياء}. (يع 3 : 17).
الصلاة والشبع...
أننا نصلي مع القديس بولس الرسول لكي ما تستنيرعيون اذهاننا لنعلم ما هو رجاء دعوته و ما هو غنى مجد ميراثه في القديسين (اف 1 : 18) . ان الصلاة تشبع النفس الجائعة لله ولا أنسي انني قابلت في القدس احد الاباء الرهبان الفرنسسكان الذي سار لمدة ثلاث سنوات عبر العالم من أيطاليا الي الهند سيرا علي قدميه ،ثم رجع الي القدس في سنه 2000م وعندما سالته
كيف كانت الرحله أجاب لقد كانت الصلاة الدائمة شبعه وسروره ، نعم كان يجود عليه الخيرين بما لهم لكن في كل الدول والمدن والقري كان رسالة الله المقرؤة من جميع الناس ، في ايمان وثقة بالله المشبع والحافظ سار وفي ظل القدير كان يبيت . {هكذا اباركك في حياتي باسمك ارفع يدي. كما من شحم و دسم تشبع نفسي و بشفتي الابتهاج يسبحك فمي}مز4:63-5. هل تشعر بالجوع الروحي أرفع قلبك بالصلاة لله وهو يشبع جدوب نفسك ويقدر ان يملأ قلبك بالسعادة ومعه ينتفي الأحساس بالحرمان والوحدة والغربة . علينا اذاً بالجهاد القانوني للحصول علي نعمة الروح القدس لتفيض دهنة الزيت التي لدينا ويبارك الله فيها عندما يرى أمانتنا في الجهاد ورغبتنا في الامتلاْ وحرصنا علي النمو.
الروح القدس والأمتلاء ...
الروح القدوس هو روح الله القدوس ،المعزي والمقوي والمرشد ، هو روح الحكمة والمعرفة هو يعلمنا كل شئ ويذكرنا بكل ما قاله لنا السيد المسيح ..نحن في حاجة للأمتلاء من روح الله القدوس لتجري منا أنهلر ماء حي تقود الي الحياة الابدية { و لا تسكروا بالخمر الذي فيه الخلاعة بل امتلئوا بالروح (اف 5 : 18). ان أهل العالم ومحبيه قد يسكروا بخمر العالم وأطيابه لكن ابناء الله يمتلئو بالروح{ لكي يعطيكم بحسب غنى مجده ان تتايدوا بالقوة بروحه في الانسان الباطن (اف 3 : 16) . ان اليصابات وزكريا عندما امتلأ بالروح تنبأ وأنجبا لنا القديس يوحنا المعمدان الذي ارتكض فرحاً مستقبلاً يسوع المسيح في بطن أمه ، وانت يا من تريد ان تنجب فضائل روحية وتمتلي سرورا بالروح هل تسلك في وصايا الله لكي يحل عليك روح الله. وهل تحيا حياة الشركة والصلاة والأيمان {لما صلوا تزعزع المكان الذي كانوا مجتمعين فيه و امتلا الجميع من الروح القدس و كانوا يتكلمون بكلام الله بمجاهرة } (اع 4 : 31). صلي أذن بتواضع قلب وانتظر بشوق ان تمتلئ بالروح وتشعر بغني المسيح الذي يعطي بسخاء ولا يعير .
الشخصية الغنية الشبعانة ..
عندما نتكلم عن من هو الشخص الغني والنفس الشبعانة بالله فاننا نتكلم عن الشخص الناجح والسعيد والذي يستطيع ان يتفوق ويتميز في مجتمعه .قد يكون هناك أختلاف بين الناس في الأمزجة والطباع والاراء ،لكن مع التباين وفي عصر يتسم بالقلق والتطور السريع فان للسعادة والأمتلاء مقاييس نسبية .ومع حاجة الأنسان الملحة للنمو وعدم الأكتفاء نجد اننا السلام النفسي مهم لسعادة الأنسان كما ان العلاقات الأجتماعية السعيدة سواء داخل الاسرة او الكنيسة او العمل والمجتمع تعطي للأنسان الأحساس بالشبع .الصحة الجسدية ايضا عامل هام في الاحساس بالشبع والامتلاء {فلا غنى خير من عافية الجسم و لا سرور يفوق فرح القلب} (سيراخ 30 : 16) وفوق هذا وذاك السعادة والشبع الروحي بكل ما ذكرته سابقاً يلعب دوراً هاما في ان يكون الأنسان سعيداً ناميا في كل عمل صالح. أننا لن نصل الي الكمال الذي نرجوه ان لم نسعي الي المتاجرة والربح بالوزنات المعطاة لنا سواء فكرية او روحية او عملية .الانسان الروحي هو أنسان ينمو بأستمرار ولا يتوقف لا في المعرفة ولا في العمل حتي يكمل سعيه ويصل الي هتاف النصرة وتمام السعي وويوهب له أكليل البر.
احبائي الله هو مالئ كل مكان والغني في المواهب والمعطي بسخاء لن تشبع النفس البشرية الا بمحبته ولن تمتلئ الا بحلول نعمة روحه فيها ولن تجد سلامها الا في رئيس السلام وملك الدهور ، نحن نجلس علي قمة العالم عندما نشبع بالمسيح ، ونكون نوراً للأخرين عندما نتحرر من جاذبية الخطية وتيار الأثم العامل في أبناء المعصية، النفس الشبعانة بالمسيح لن تجد راحتها الا فيه وبه ومعه.
الغنى المادي والفكري..
المسيحية هي دعوة للعمل والبذل والتفوق ،ان الله عندما خلق كل شئ ، خلقة حسن والي الان يعمل من أجل سعادتنا وعندما تجسد الله الكلمة كان يجول يصنع خيراً ،وجاء لتكون لنا حياة أفضل بل ملء الحياة، ولهذا يشجعنا الأنجيل علي العمل فمن يقدر علي العمل ولا يعمل ذاك خطية له " فمن يعرف ان يعمل حسنا و لا يعمل فذلك خطية له". (يع 4 : 17). ان اجمل شئ فى الحياة تسعد بة ، هو النجاح ، والنجاح ليس بعيدا عن الجميع بل هو قد يكون رفيقا لك اذا كان لديك هدفا وقدوة و تصميم وعزيمة صادقة ، من نسمع عنهم من مشاهير من هنا وهناك كانوا يحلمون بالنجاح ولكنهم صمموا واجتهدوا ولم يفقدوا الامل ، فجميع المشاهير قريبين منك ومنى و يعيشون بيننا وقد تكون منهم ان أجتهدت ،فبالجهد والعرق وصل الكثيرين للتفوق والثراء الفكري والعملي والمادي. الغني والتفوق شئ حسن ان كان بالطرق والوسائل الشريفة والهدف القويم دون ان نتكل عليه أو يكون الهاُ او صنما نعبده ، بل نستخدمة من الله كهبة وعطية ومصدر للسعادة ،فان الله يهبنا كل شى بغنى للتمتع، أن التواضع والوداعة مع القناعة والشبع بالمسيح تجعل الأنسان يسلك باعتدال في كل شئ. وعندما يتفوق لا يتكبر ولا يبتعد عن الله وعندما يغتني يكون الغني وسيلة الجيدة لخدمة الله ومساعدة المحتاجين وأسعاد النفس ، والوصول الي حياة السعادة الحقيقية.
ها صلاتي اليك يالله..
ايها الرب الاله الذي أحبني من فيض محبته،
وجاء الينا متجسداً ليهبنا من غنى نعمته،
وباركتنا بكل بركة روحية مريدا لنا السعادة وملء الحياة.
أنى أصلي اليك من أجل البشرية الباحثة عن السعادة،
لتكشف لنا عن عمق محبتك وتهبنا الشبع والأمتلاء.
أملائنا من ثمارك ومواهبك وحكمتك يا روح الله،
أملاء قلوبنا محبة وايمانا ورجاء وسلاماً وفرحاً،
قدس أفكارنا وعواطفنا وأرادتنا لنكون كما تريد،
أملاء حياتنا بالعمق والروحانية والأغكار النورانيه،
لكي نحيا في سلام معك ومع الأخرين وفي أنفسنا.
ونمتد بروح العطاء والبذل لنكون نبع للسعادة لمن حولنا،
ونجد فيك كفايتنا وبك نمتد لنصل الي الكمال المسيحي.
وعندما يحين وقت الحصاد نسمع ذلك الصوت العذب،
نعما ايها العبد الصالح والأمين كنت أميناً في القليل ،.
ساقيمك علي الكثير ،أدخل الي فرح سيدك.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق