للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
الروح القدس، الرب المحيي..
+ عندما نتكلم عن الروح القدس فنحن نتكلم عن الله لان الله روح {الله روح والذين يسجدون له فبالروح والحق ينبغي ان يسجدوا} (يو 4 : 24). الروح القدس هو أقنوم الحياة ومعطيها فهو الرب المحي، الواحد فى الطبيعة الإلهية مع الأب والإبن. بهذا أمر السيد المسيح تلاميذه ان يبشروا به فى كل الأرض { فاذهبوا وتلمذوا جميع الامم وعمدوهم باسم الاب والابن والروح القدس} (مت 28 : 19).فالله الهنا واحد كائن بذاته، ناطق بكلمته، حي بروحه القدوس {فان الذين يشهدون في السماء هم ثلاثة الاب والكلمة والروح القدس وهؤلاء الثلاثة هم واحد} (1يو 5 : 7). الروح القدس هو الإله الخالق {روح الله صنعني ونسمة القدير أحيتني} (أى 33: 4). وكما يقول الكتاب {أين أذهب من روحك ومن وجهك أين أهرب. إن صعدت إلى السموات فأنت هناك. وإن فرشت في الهاوية فها أنت. إن أخذت جناحي الصبح وسكنت في أقاصي البحر فهناك أيضا تهديني يدك وتمسكني يمينك} (مز 139: 7-10). أن الروح القدس حاضر في كل مكان، والقديس بطرس في حواره مع حنانيا وسفيرة قد اعتبر أن من يكذب على الروح القدس يكذب على الله ( أع 5: 4).
+ الله واحد من حيث جوهره. الآب والابن والروح القدس. الروح القدس قال عنه الرب يسوع المسيح {أنا أطلب من الآب فيعطيكم معزيا آخر ليمكث معكم إلى الأبد. روح الحق}(يو 14 : 16، 17). فكلمة "آخر" هنا لا تعنى انفصاله عن الآب أو عن الابن بل تعنى أن له أقنوميته الخاصة المتمايزة. إذن الروح القدس ليس طاقة أو قوة، كما يدّعى شهود يهوه، بل هو اله حقيقي يتكلم ويسمع. فهو أقنوم إلهي واحد في الجوهر مع الآب والابن. { قال الروح القدس أفرزوا لي برنابا وشاول للعمل الذي دعوتهما إليه} (أع 13 : 2). وعبارة "افرزوا لي" تشير إلى شخصية الروح القدس أنه صاحب ضمير الملكية. وقال السيد المسيح {ذاك يمجدني} (يو16 :14)، وكلمة ذاك تقال عن شخص أو أقنوم وليس عن قوة أو طاقة. وقال عنه أيضا {متى جاء ذاك روح الحق} (يو16 :13). وقال عنه "يأخذ" وقال عنه "يخبر" وقال عنه "يشهد". كل هذه الأشياء التي قيلت عن الروح القدس تدل على أقنوميته. فكما أن الابن له شخصيته الحقيقية التي أدركناها حينما جاء لخلاص العالم، فالروح القدس أيضا له شخصيته الحقيقة التي أدركناها حينما جاء ليقود الكنيسة ويشهد للمسيح ويعمل في الأسرار. الروح القدس مساوي للآب والابن في الجوهر وهو أقنوم حقيقي له شخصيته المتمايزة. من أجل هذا حرمت الكنيسة مقدونيوس فى المجمع المسكوني المنعقد بالقسطنطينية سنة 381م. وعزلته من رتبته كبطريرك لانه أنكر الوهية الروح القدس وقال أنه عمل إلهي منتشر فى الكون وقال ان الروح القدس يشبه الملائكة ولكنه رتبة أسمى منهم. وليس بأقنوم متميز مما أستوجب حرمه وتجريده من رتبته الكنسية. الروح القدس هو روح الله ويتحدث ويعزى المؤمنين ويقدسهم ويهب الحياة ويقيم الخدام ويعلمنا ويرشدنا الى الحق ويدبر أمورنا ويدافع عنا وهو الذى يقيم أجسادنا فى اليوم الأخير واليه نرفع الصلاة قائلين: ( ايها الملك السمائي، روح الحق الحاضر فى كل مكان، والمالي الكل، كنز الصالحات ومعطي الحياة، هلم تفضل وحل فينا وطهرنا من كل دنس وخلص نفوسنا).
+ الروح القدس يقدم لنا شركة فائقة الوصف مع الأب فى أبنه ويعمل فينا لنؤمن بالاله الواحد، الله الأب ضابط الكل وابنه الوحيد يسوع المسيح ربنا، كلمة الأب الأزلي، الذى تجسد وتأنس من الروح القدس ومن القديسة العذراء مريم ولم يحد التجسد من لاهوته وصلب عنا خلاصا وقام ليقيمنا معه وصعد الى السموات جسديا ليصعد طبيعتنا الى السماء وارسل لنا الروح القدس، الرب المحيي، المنبثق من الأب الذى حل على التلاميذ والمؤمنين فى يوم الخمسين ليؤسس ويقود الكنيسة الى التوبة والقداسة. الروح القدس يعمل فينا لنؤمن بالله ونطيع ونعمل وصاياه وهو الذى يمنحنا الاستنارة والقداسة والقوة ويعزينا فى غربة العالم. يقول القديس كيرلس السكندرى: ( أن التجديد فى الحقيقة هو من عمل الثالوث القدوس، حتى وإن ظهر أننا ننسب لكل أقنوم على حده عملا مما يحدث لنا أو للخليقة، ولكن علينا أن نؤمن ان كل شئ هو من الآب خلال الابن فى الروح القدس).
حاجتنا للروح القدس...
+ نحن نعيد لحلول الروح القدس فى يوم الخمسين على التلاميذ القديسين والرسل المكرمين بفرح جزيل، وبروح الصلاة ليحل علينا ويعمل فينا ويقود نفوسنا ويبكتها على كل خطية ويمنحها القوة لتتوب وتكره الخطية لانها عداوة لله ونطلب منه ان يهبنا التعزية والصبر فى الضيق. ويعلمنا ويذكرنا بكل ما قاله الرب يسوع المسيح { واما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). لقد حل الروح القدس على المؤمنين فى يوم الخمسين كالسنة نار منقسمة { ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملا كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلا الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بالسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا.} ( أع1:2-4). وهذا يبين لنا طبيعة الروح القدس النارية التي تحرق الخطايا والأثام، وتعطى إستنارة وفهم وحكمة وعلم، وتهب حرارة روحية للمؤمنين فى كل زمان لاسيما اولئك الذين ينقادون بروح الله.
+ قديما كان الأنبياء في العهد القديم يعزوا الشعب وسط ضيقاتهم بمجيء المسيا المخلص كمعزي لهم (إش ٩: ٦؛ مي ٥: ٦؛ زك ٣: ٨). وعندما جاء المسيا كان للمؤمنين راعيا صالحا ومعزيا وعندما فارقهم بالجسد، صارت الحاجة ملحة إلى معزى آخر يمكث مع المؤمنين للابد هو الروح القدوس. وهذا ما فعله السيد المسيح خلال تجسده لحساب مؤمنيه، وكما ان صعود المخلص الصالح كان طريقنا للتمتع بحلول الروح القدس على الكنيسة واستقراره داخلها لكي يتمتع المؤمنين بهذه السكنى ثم ليسحب قلوبنا إلى المسيح الممجد في السماء، فتلتهب أعماقنا للحياة مع الله والشهادة له ثم للانطلاق إلى العريس السمائي.
+ الروح القدس والتوبة ...
الروح القدس يعمل فى الخليقة كلها ليخلق ويجدد وجه الارض { ترسل روحك فتخلق وتجدد وجه الارض } (مز 104 : 30). فهو الذى يعطي الحياة وهو روح التجديد الدائم والذى يدعو ويحث للإيمان ويغفر خطايا الراجعين الى الله. وهو حال فى كل مكان ويعمل ويتمم الاسرار المقدسة لكي يهبنا نعمة البنوة فى المعمودية ويبكتنا على الخطية ويحثنا على التوبة ويغفر الخطايا فى سر التوبة والاعتراف ويقدس ويثبت المؤمنين بالمسحة المقدسة وهكذا فى كل الاسرار. الروح القدس يفضح الخطايا أمام بصيرة المؤمن الداخلية فنكتشف حاجتنا للغفران المستمر بقدر ما نحتمل، ويعطينا رجاء فى التوبة وفرح وعزاء بقبول الله للتائبين. وهو الذى يعطينا روح الصلاة والتضرع { وكذلك الروح ايضا يعين ضعفاتنا لاننا لسنا نعلم ما نصلي لاجله كما ينبغي ولكن الروح نفسه يشفع فينا بانات لا ينطق بها} (رو 8 : 26). الروح القدس كما قال عنه الرب يسوع {ومتى جاء ذاك يبكت العالم على خطية، وعلى برّ، وعلى دينونة} (يو8:16) فهو وحده يقدر أن يدخل القلب ويفضح الخطية لنرجع إلى عذوبة الشركة مع الله. إنه قادر أن يقنع أعماق الإنسان أن سعادته وسلامه وفرحه وخلوده وعدم فساده يكمن في الالتصاق بالمخلص لا بالخطية، وأن لذة العشرة مع الله لا تُقارن بأية لذة للخطية. لذلك دعى بالباركليت، وهي كلمة يونانية قديمة "بارا" تعني الملازمة، و"كليت" تعني الدعوة للمعونة، فهو الملازم المعين، أو القائد المعزي، الشفيع المدافع. إنه ينخس قلب الإنسان قبل أن يؤمن أو يسكن فيه مغيرا طبيعته، ليعطيه الإيمان، ويهيئه لقبول عطية الروح القدس، وذلك ما حدث يوم الخمسين {فلما سمعوا نُخسوا في قلوبهم، وقالوا لبطرس وسائر الرسل... توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا، فتقبلوا عطية الروح القدس} (أع 37:2-39). ان التبكيت على الخطية يحمل معنى حث الإنسان على التخلي عن عدم إيمانه بالمسيح، بهذا ينفتح أمامه باب المغفرة. أما عن التبكيت على برٍّ، فان الروح القدس يبكت الانسان على عدم إدراكه لبرّ المسيح وقداسته، فقيامته وصعوده إلى السماء هما الدليل على برّه. لذلك إذ صعد السيد إلى السماء أرسل روحه ليحمل قلوب البشرية إلى حيث المسيح جالس، فيتلامسوا معه ويختبروا برَّه فيهم ويصير المسيح لهم برًا. أما تبكيته {واما على دينونة فلان رئيس هذا العالم قد دين} (يو 16 :11). فقد ادان الرب ابليس وقيده ووهبنا السلطان ان ندوس كل قوة العدو ولم يعد لدينا العذر فى الانهزام أمام حيل ابليس ان تمسكنا برئيس إيماننا. الروح القدس يكشف لنا أنه بالصليب دين عدو الخير وشُهر به (١ كو ٢: ١٥). وهكذا يختبر المؤمن في حياته اليومية عربون السلطان الذي ناله للانتصار على تجارب العدو ولكي يتمتع بكمال النصرة في يوم الدينونة حيث يُدان إبليس ويتمتع الإنسان بكرامة فائقة ويحتل الإنسان الدرجة السماوية الفائقة التي سقط منها إبليس وكل جنوده. لهذا جاء فعل "دين" يحمل معنى الاستمرارية، فالغلبة على قوات الظلمة عمل يومي مستمر.
يقول القديس الأنبا أنطونيوس فى رسالته الاولى لاولاده الروحيين عن الروح القدس وعمله فى التوبة : ( الجسد يتطهر بالصوم الكثير وبالسهر وبالصلوات وبالخدمة التي تجعل الإنسان ينضبط في جسده ويقطع من نفسه كل شهوات الجسد. ويصبح روح التوبة هو مرشده في هذه الأمور، ويختبره بواسطتها لئلا يقتنصه العدو إليه مرة ثانية. وعندئذ يبدأ الروح الذي يرشده، أن يفتح عيني نفسه لكي يعطيها التوبة ايضا لكيما تتطهر ويبدأ العقل ايضا في التمييز بين الجسد والنفس، وذلك عندما يبدأ أن يتعلم من الروح كيف يطهرهما بالتوبة. وعندما يتعلم العقل من الروح فإنه يصبح مرشدا لكل أعمال الجسد والنفس معلما إيانا كيف نطهرهما. ويفصلنا عن كل الثمار اللحمية التي اختلطت بأعضاء الجسد منذ المعصية الأولى. ويعيد كل عضو من أعضاء الجسد إلى حالته الأصلية دون أن يكون فيه أي شيء من روح الشيطان. ويصبح الجسد تحت سلطان العقل المتعلم من الروح كما يقول الرسول بولس {أقمع جسدي واستعبده} (1كو 9: 27) لأن العقل يطهره في أكله وفي شربه وفي نومه، وبكلمة واحدة فإنه يطهره في كل حركاته. حتى انه من خلال طهارة العقل يتحرر الجسد حتى من الحركات الطبيعية التي فيه... هذه الأشياء قلتها لكم يا محبوبون لكي تعلموا كيف ينبغي على الإنسان أن يتوب جسدا ونفسا ويطهرهما كليهما. فإذا ما غلب العقل في هذا النضال، فإنه حينئذ يصلي بالروح ويبدأ في أن يطرد من الجسد شهوات النفس التي تأتي اليها من ارادتها الخاصة. حينئذ يصير للروح القدس شركة وألفة مع العقل، لأن العقل يحفظ الوصايا التي سلمها إليه الروح).
+ الروح القدس والاستنارة ...
الروح القدس هو روح الحق الحكمة والعلم والمعرفة. هو معلمنا وقائدنا لطريق الفضيلة والبر {اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء ويذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). هو الذى يعطي إستنارة لبصيرتنا الداخلية لندرك بنوتنا لله ويعمل فينا لطاعة وصاياه وهو الذى يتكلم فينا وقت الضيق { لان الروح القدس يعلمكم في تلك الساعة ما يجب ان تقولوه} (لو 12 : 12). هو الذى يعطي البصيرة الروحية لنشهد للحق فى شجاعة وعدم خوف {وأما متى جاء ذاك روح الحق، فهو يرشدكم إلى جميع الحق،لأنه لا يتكلم من نفسه،بل كل ما يسمع يتكلم به، ويخبركم بأمور آتية} (يو 13:16). وهو الذى يكشف لنا عن حقائق الله والنفس لننمو فى النور، ومن محبة الى عمق فى الحياة مع الله حتى نعى ما أعد لنا من أمجاد فى السماء فنطرح عنا ثقل الخطية ونحاضر بالصبر فى الجهاد الموضوع أمامنا { بل كما هو مكتوب ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما اعده الله للذين يحبونه. فاعلنه الله لنا نحن بروحه لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله} (1كو 9:2-10) هو روح النبوة (رو ٨: ١٤). الذى يقود المؤمنين في الطريق، ويبقى سندا لهم حتى يبلغ بهم إلى النهاية، حيث يتمتعون بكل الحق. إنه أشبه بربان السفينة العارف بأسرار المنطقة البحرية، يقودها ويبلغ بالمسافرين إلى البر بأمان. لذلك نطلب أن ننمو في المحبة التي تنسكب في قلوبكم بالروح القدس المعطي لنا من الله (رو ٥: ٥). لنتعرف على ذلك النور الروحي وننال معرفة أفضل وأكمل.
بالروح القدس يتعزي المؤمنين فى الضيق والاضطهاد عالمين ان الضيقة لفترة محدوده ويعقبها ثقل مجد ابدي فنحيا على رجاء وثقة فى الله { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح. الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون ونفتخر على رجاء مجد الله. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو1:5-5) هكذا كان حال الكنائس فى العصر الرسولي رغم الضيقة تنمو فى سلام المسيح بالروح {واما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر} (اع 9 : 31). عاش ابائنا سواء فى العالم ومعاناته اليومية وهم يماتوا من اجل المسيح حاملين صليبهم بفرح وحتى المتوحدين فى الجبال كان الروح القدس مصدر سلامهم وفرحهم وتعزيتهم فى حياة النسك والزهد، هو الذى علمهم وقادهم وكانوا بركة فى جيلهم كما كان القديس الانبا بولا أول السواح بركة للعالم وكان مصدر تعزيتهم الوحيد هو الله.
+ الروح القدس والتقديس.. الروح القدس هو واهب القداسة يدفعنا من عالم الظلمة والخطية للتوبة المستمرة والإيمان العامل بالمحبة لنحيا فى النور والقداسة. لهذا جاء الرب يسوع المسيح وكرس وخصص حياته لتقديسنا { لاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق }(يو 17 : 19) ان دعوة الله لنا هي دعوة للقداسة {بل نظير القدوس الذي دعاكم كونوا انتم ايضا قديسين في كل سيرة} (1بط 1 : 15). ودور الروح القدس هو ان يدخلنا الى التمتع بحياة المسيح المقدسة، اذ يهبنا نعمة الاتحاد به وحلول المسيح له المجد بالإيمان فينا لتقديسنا وتبريرنا بعمل الروح القدس {اغتسلتم بل تقدستم بل تبررتم باسم الرب يسوع وبروح الهنا (1كو 6 : 11).
ان تقديسنا بالروح يحتاج منا لحياة الجهاد الروحي فالروح القدس لا يبخل علينا بالتقديس لكنه لا يعمل فينا بغير ارادتنا أو ونحن متكاسلون. المعمودية تعطينا ولادة جديدة كابناء لله بالتبني لكنها لا تعطي المؤمن عصمة من الخطية لهذا قال السيد الرب { ملكوت السماوات يغصب والغاصبون يختطفونه} (مت 11 : 12). بالميرون المقدس ننال نعمة الروح القدس لكن نحتاج ان نضرمها داخلنا بالجهاد والاشتراك بالعمل مع الله لتظهر ثمار الروح القدس فى حياتنا وكلما كنا أمناء فى القليل يقيمنا الله على الكثير. لهذا نحن نحتاج للثبات فى المسيح بالاسرار المقدسة وبكلامه المشبع وبالصلاة والصوم وكلما ثبتنا فيه ينقينا لنأتي بثمر أكثر{ كل غصن في لا ياتي بثمر ينزعه وكل ما ياتي بثمر ينقيه لياتي بثمر اكثر.انتم الان انقياء لسبب الكلام الذي كلمتكم به. اثبتوا في وانا فيكم كما ان الغصن لا يقدر ان ياتي بثمر من ذاته ان لم يثبت في الكرمة كذلك انتم ايضا ان لم تثبتوا في. انا الكرمة وانتم الاغصان الذي يثبت في وانا فيه هذا ياتي بثمر كثير لانكم بدوني لا تقدرون ان تفعلوا شيئا.} ( يو 2:15-5)
الروح القدس يختمنا بختم ملوكي فى أعماق النفس الداخلية لنحمل صورة الملك المسيح فينا ويكون لنا فكر المسيح وتصير النفس مكرسة للرب {الذي فيه ايضا انتم اذ سمعتم كلمة الحق انجيل خلاصكم الذي فيه ايضا اذ امنتم ختمتم بروح الموعد القدوس} (اف 1 : 13). الروح القدس يعمل فى المؤمن بدون إنقطاع مادمنا فى جهادنا الروحي نتقبل ونستجيب لعمله فينا ويقودنا فى حياة الكمال المسيحي ومحبة الله والتطلع الى أمجاد السماء.
يقول القديس مقاريوس الكبير فى العظة الخامسة: (المسيحيون لهم عالم مختلف خاص بهم، ومائدة أخرى وثوب آخر ونوع آخر من التمتع والتنعم، وشركة أخرى وطريقة أخرى للتفكير والعقل، ولهذا السبب فإنهم يتميزون عن باقي البشر. إذ أن لهم الامتياز أن ينالوا قوة هذه الأمور في داخل نفوسهم منذ الآن بواسطة الروح القدس. لذلك فإن أجسادهم تُحسب أهلاً في القيامة للاشتراك في خيرات الروح الأبدية هذه، وسوف تختلط بذلك المجد الذي قد عرفته نفوسهم بالاختبار في هذه الحياة. لذلك يجب على كل واحد منا أن يجتهد ويسعى ويجد في كل فضيلة، وان يؤمن ويطلب من الرب لكي يجعل الإنسان الباطن شريكا في ذلك المجد هنا منذ الآن وأن تصير للنفس شركة في قداسة الروح، لكي ما نتطهر من أدناس الشر وليكون لنا في القيامة ما نكسو به عرى أجسادنا عند قيامتها وما نغطى به عيوبها، وما يحييها وينعشها إلى الأبد في ملكوت السموات لأن المسيح سوف ينزل من السماء، ويقيم نسل آدم كله الذين رقدوا من بدء العالم، حسب الكتب المقدسة وسيقسمهم جميعا إلى قسمين، فأولئك الذين يحملون علامته أى ختم الروح سيدعوهم إليه باعتبارهم خاصته وسيقيمهم عن يمينه، كما يقول { لأن خرفي تسمع صوتي وأنا أعرف خاصتي وخاصتي تعرفني} "يو27،14: 10" وحينئذ تلتحف أجساد هؤلاء بالمجد الإلهي من أعمالهم الصالحة، ويمتلئون من مجد الروح، وهكذا إذ نتمجد في النور الإلهي ونختطف إلى السماء لنلاقى الرب في الهواء حسب المكتوب فإننا نكون كل حين مع الرب مبتهجين معه إلى دهر الدهور).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق