أعداد الاب القمص أفرايم الانبا بيشوى
اية اليوم
{ كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ
مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ
الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي
أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ.}(يو13:4-14
)
قول لقديس..
(نعمة الروح هى جدول يفيض منها ينبوع حيّ. فالروح القدس هو ينبوع الحياة الأبدية. حسنة هي هذه المياه. ليتها تفيض فيَّ، ليت هذه التي تعطي الحياة الأبدية تفيض عليّ. ليفض الينبوع علينا، ولا يفيض بعيدًا عنا. إذ تقول الحكمة: "اشرب مياهًا من أوانيك، ومن ينابيع آباؤك، ولتفض مياهك في شوارعك" ( أم 16:5-17). كيف احتفظ بآنيتي حتى لا يتسلل إليها شقوق الخطية؟. فلا تتسرب منها مياه الحياة الأبدية.)القديس امبروسيوس
(نعمة الروح هى جدول يفيض منها ينبوع حيّ. فالروح القدس هو ينبوع الحياة الأبدية. حسنة هي هذه المياه. ليتها تفيض فيَّ، ليت هذه التي تعطي الحياة الأبدية تفيض عليّ. ليفض الينبوع علينا، ولا يفيض بعيدًا عنا. إذ تقول الحكمة: "اشرب مياهًا من أوانيك، ومن ينابيع آباؤك، ولتفض مياهك في شوارعك" ( أم 16:5-17). كيف احتفظ بآنيتي حتى لا يتسلل إليها شقوق الخطية؟. فلا تتسرب منها مياه الحياة الأبدية.)القديس امبروسيوس
حكمة لليوم ..
+ الجمال، جمال الروح.
Beauty is skin deep.
Beauty is skin deep.
من الشعر والادب
"حياة
الشبع " للأب أفرايم الأنبا بيشوى
ياللى بتبحث عن الخاطى،
وتدعوه الى الرجوع،
وتدور
على الاثيم،
فى المدن والقرى والنجوع،
وتمدح ما فينا من ضعف
وتدعونا للفرح والشبع ،
من غير عطش ولا جوع،
ادينى من روحك شبع،
وفجر فى حياتى الينبوع.
اسجد لك بالروح والحق
وارتوى من نبع الحب،
وابشر بيه بين الجموع.
قراءة مختارة ليوم
قراءة مختارة ليوم
الثلاثاء الموافق 9/11
يو
1:4- 42
فَلَمَّا
عَلِمَ الرَّبُّ أَنَّ الْفَرِّيسِيِّينَ سَمِعُوا أَنَّ يَسُوعَ يُصَيِّرُ
وَيُعَمِّدُ تلاَمِيذَ أَكْثَرَ مِنْ يُوحَنَّا، مَعَ أَنَّ يَسُوعَ نَفْسَهُ لَمْ
يَكُنْ يُعَمِّدُ بَلْ تلاَمِيذُهُ،تَرَكَ الْيَهُودِيَّةَ وَمَضَى أَيْضاً إِلَى
الْجَلِيلِ. وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ. فَأَتَى إِلَى
مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ، بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ
الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ. وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ
يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ، جَلَسَ هَكَذَا
عَلَى الْبِئْرِ، وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ
مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً، فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي
لأَشْرَبَ»لأَنَّ تلاَمِيذَهُ كَانُوا قَدْ مَضَوْا إِلَى الْمَدِينَةِ
لِيَبْتَاعُوا طَعَاماً. فَقَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ السَّامِرِيَّةُ: « كَيْفَ
تَطْلُبُ مِنِّي لِتَشْرَبَ، وَأَنْتَ يَهُودِيٌّ وَأَنَا امْرَأَةٌ
سَامِرِيَّةٌ؟» لأَنَّ الْيَهُودَ لاَ يُعَامِلُونَ السَّامِرِيِّينَ. أَجَابَ
يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: « لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ، وَمَنْ هُوَ
الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ
مَاءً حَيّاً». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: « يَا سَيِّدُ، لاَ دَلْوَ لَكَ
وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟ أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ،
الَّذِي أَعْطَانَا الْبِئْرَ، وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ؟»
أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهَا: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ
يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا
فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ، بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ
يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ:
« يَا سَيِّدُ أَعْطِنِي هَذَا الْمَاءَ، لِكَيْ لاَ أَعْطَشَ وَلاَ آتِيَ إِلَى
هُنَا لأَسْتَقِيَ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «اذْهَبِي وَادْعِي زَوْجَكِ
وَتَعَالَيْ إِلَى هَهُنَا» أَجَابَتِ الْمَرْأَةُ وَقَالتْ: «لَيْسَ لِي زَوْجٌ».
قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «حَسَناً قُلْتِ: لَيْسَ لِي زَوْجٌ، لأَنَّهُ كَانَ لَكِ خَمْسَةُ أَزْوَاجٍ،
وَالَّذِي لَكِ الآنَ لَيْسَ هُوَ زَوْجَكِ. هَذَا قُلْتِ بِالصِّدْقِ». قَالَتْ
لَهُ الْمَرْأَةُ: « يَا سَيِّدُ، أَرَى أَنَّكَ نَبِيٌّ! آبَاؤُنَا سَجَدُوا فِي
هَذَا الْجَبَلِ، وَأَنْتُمْ تَقُولُونَ إِنَّ فِي أُورُشَلِيمَ الْمَوْضِعَ
الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُسْجَدَ فِيهِ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: « يَا امْرَأَةُ،
صَدِّقِينِي أَنَّهُ تَأْتِي سَاعَةٌ، لاَ فِي هَذَا الْجَبَلِ، وَلاَ فِي أُورُشَلِيمَ
تَسْجُدُونَ لِلآبِ. أَنْتُمْ تَسْجُدُونَ لِمَا لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ، أَمَّا
نَحْنُ فَنَسْجُدُ لِمَا نَعْلَمُ, لأَنَّ الْخَلاَصَ هُوَ مِنَ الْيَهُودِ.
وَلَكِنْ تَأْتِي سَاعَةٌ، وَهِيَ الآنَ، حِينَ السَّاجِدُونَ الْحَقِيقِيُّونَ
يَسْجُدُونَ لِلآبِ بِالرُّوحِ وَالْحَقِّ، لأَنَّ الآبَ طَالِبٌ مِثْلَ هَؤُلاَءِ
السَّاجِدِينَ لَهُ. اَللَّهُ رُوحٌ. وَالَّذِينَ يَسْجُدُونَ لَهُ فَبِالرُّوحِ
وَالْحَقِّ يَنْبَغِي أَنْ يَسْجُدُوا». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: « أَنَا
أَعْلَمُ أَنَّ مَسِيَّا، الَّذِي يُقَالُ لَهُ الْمَسِيحُ، يَأْتِي. فَمَتَى
جَاءَ ذَاكَ يُخْبِرُنَا بِكُلِّ شَيْءٍ». قَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَنَا الَّذِي
أُكَلِّمُكِ هُوَ». وَعِنْدَ ذَلِكَ جَاءَ تلاَمِيذُهُ، وَكَانُوا يَتَعَجَّبُونَ
أَنَّهُ يَتَكَلَّمُ مَعَ امْرَأَةٍ. وَلَكِنْ لَمْ يَقُلْ أَحَدٌ: «مَاذَا
تَطْلُبُ؟» أَوْ «لِمَاذَا تَتَكَلَّمُ مَعَهَا؟»فَتَرَكَتِ الْمَرْأَةُ
جَرَّتَهَا وَمَضَتْ إِلَى الْمَدِينَةِ وَقَالَتْ لِلنَّاسِ: «هَلُمُّوا
انْظُرُوا إِنْسَاناً قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ. أَلَعَلَّ هَذَا هُوَ
الْمَسِيحُ؟». فَخَرَجُوا مِنَ الْمَدِينَةِ وَأَتَوْا إِلَيْهِ. وَفِي أَثْنَاءِ
ذَلِكَ سَأَلَهُ تلاَمِيذُهُ قَائِليِنَ: « يَا مُعَلِّمُ، كُلْ» فَقَالَ لَهُمْ:
«أَنَا لِي طَعَامٌ لِآكُلَ لَسْتُمْ تَعْرِفُونَهُ أَنْتُمْ». فَقَالَ
التّلاَمِيذُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ: «أَلَعَلَّ أَحَداً أَتَاهُ بِشَيْءٍ
لِيَأْكُلَ؟» قَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «طَعَامِي أَنْ أَعْمَلَ مَشِيئَةَ الَّذِي
أَرْسَلَنِي وَأُتَمِّمَ عَمَلَهُ. أَمَا تَقُولُونَ: إِنَّهُ يَكُونُ أَرْبَعَةُ
أَشْهُرٍ ثُمَّ يَأْتِي الْحَصَادُ؟ هَا أَنَا أَقُولُ لَكُمُ: ارْفَعُوا
أَعْيُنَكُمْ وَانْظُرُوا الْحُقُولَ إِنَّهَا قَدِ ابْيَضَّتْ لِلْحَصَادِ.
وَالْحَاصِدُ يَأْخُذُ أُجْرَةً وَيَجْمَعُ ثَمَراً لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ،
لِكَيْ يَفْرَحَ الزَّارِعُ وَالْحَاصِدُ مَعاً. لأَنَّهُ فِي هَذَا يَصْدُقُ
الْقَوْلُ: إِنَّ وَاحِداً يَزْرَعُ وَآخَرَ يَحْصُدُ. أَنَا أَرْسَلْتُكُمْ
لِتَحْصُدُوا مَا لَمْ تَتْعَبُوا فِيهِ. آخَرُونَ تَعِبُوا وَأَنْتُمْ قَدْ دَخَلْتُمْ
عَلَى تَعَبِهِمْ».فَآمَنَ بِهِ مِنْ تِلْكَ الْمَدِينَةِ كَثِيرُونَ مِنَ
السَّامِرِيِّينَ بِسَبَبِ كلاَمِ الْمَرْأَةِ الَّتِي كَانَتْ تَشْهَدُ أَنَّهُ:
«قَالَ لِي كُلَّ مَا فَعَلْتُ». فَلَمَّا
جَاءَ إِلَيْهِ السَّامِرِيُّونَ سَأَلُوهُ أَنْ يَمْكُثَ عِنْدَهُمْ، فَمَكَثَ
هُنَاكَ يَوْمَيْنِ. فَآمَنَ بِهِ أَكْثَرُ جِدّاً بِسَبَبِ كلاَمِهِ. وَقَالُوا
لِلْمَرْأَةِ: « إِنَّنَا لَسْنَا بَعْدُ بِسَبَبِ كلاَمِكِ نُؤْمِنُ، لأَنَّنَا
نَحْنُ قَدْ سَمِعْنَا وَنَعْلَمُ أَنَّ هَذَا هُوَ بِالْحَقِيقَةِ الْمَسِيحُ مُخَلِّصُ
الْعَالَمِ». والمجد لله دائما
تأمل..
+
كان لابد له أن يجتاز السيد المسيح الى السامرة، تحمل هذه العبارة معنيين، الأول
وهو المعنى الجغرافى أن السامرة فى طريقه إلى الجليل. أما المعنى الأعمق فهو روحى
هو سعى الله فى خلاص المرأة السامرية. فلهذا كان لابد أن يجتاز السامرة حتى يتقابل
معها ويحدثها. وكانت سوخار بلدة قريبة من شَكِيمَ الأكثر شهرة، وكان بها بئرا
حفرها يعقوب ليسقى أغنامه، ويؤكد ملكيته لهذه الأراضى إذ حملت البئر اسمه، وقد وهب
يعقوب هذا المكان ليوسف تمييزا عن باقى إخوته (راجع تك 48: 22)، وهذا يؤكد أيضا
نسب السامريين إلى أبيهم يعقوب.
+
"تعب من السفر" نرى هنا الرب يسوع أخذاً جسدنا وعاشاً حياتنا، وتعب من
أجلنا لكى يقدم لنا الخلاص. اختبر الألم والتعب كإنسان، حتى لا يكون لنا عذر فى
ألا نتعب نحن أيضا فى خدمة الآخرين، فالمسافة التى قطعها منذ تحركه من اليهودية
حتى هذه البلدة حوالى 64 كيلومترا، محتملا
مشقة السير فى الحر من أجل خلاص نفس واحدة. ومن المقابلات الرائعة بين ما تشير
إليه هذه القصة وببين أحداث الصليب، هو ما نراه من العطش والتعب والساعة السادسة،
والهدف هو الخلاص، سواء للسامرية أو للعالم أجمع، وفى كلتا القصتين تركه التلاميذ
وحده. فهنا إشارة نبوية واضحة، كمقدمة لأحداث الصليب؟ ولا نغفل أيضا أن الساعة
السادسة هنا تشير إلى حال المرأة السامرية، إذ أنها، بسبب خطيئتها وسوء سمعتها،
خرجت لتستقى فى وقت يندر فيه وجود غيرها من النساء معها، حتى تتجنب تعييراتهن
ونظراتهن إليها أما المسيح فيحبها ويسعى إليها.
+
أرسل السيد تلاميذه ليبتاعوا طعاما، حتى
يتسنى له لقاء المرأة السامرية منفردا، ليعلّمنا أنه، بجانب خدمة التعليم والوعظ
للجموع، فالاهتمام بالعمل الفردى والنفس الواحدة لا يقل فى الأهمية عن العمل
الجماهيرى، وحتى لا يخجلها عند اعترافها بخطاياها، وطلب منها السامرية ماء ليشرب
رغم أنه "ينبوع المياه الحية". وكان جالسا عند البئر كأنه محتاج للماء؛
كل هذا ليدخل بالاتضاع إلى قلبها. أما إجابة المرأة السامرية فاخذته الى العداوة القائمة
بين اليهود والسامريين، وكان رفضها بأسلوب استنكارى لتخفى أو تتناسى خطيتها. اما
الرب فقد وجهها الى عطية الرب التى لا ندرك أبعادها العظيمة، وإلا ما كان هذا
حالنا. فنحن لا زلنا نبحث عن ماء العالم ومادياته وشهواته، بالرغم من إدراكنا بأنه
لا شبع ولا ارتواء منه، متناسين مصدر الغنى الحقيقى الذى يسد كل عطش واحتياج مادى
ونفسى وروحى، إنه الله الحقيقى الذى يريد أن يعطيك كل شيئ. ومن يقبل عطية الله
يرتفع فوق كل العالم، ولن يعطش إلى الأبد. إن عطية الله لا تجعل الإنسان مكتفيا به
فقط، بل يصير نبعا يروى احتياجات الآخرين، كقناة تحمل تيار ماء نهر عظيم، فترتوى هى
أولا، ويستقى منها كل عطشان. وهذا هو مصدر غنى الإنسان الروحى الذى رأيناه فى كل
القديسين الأوّلين والمعاصرين. والأعجب أن هذا التيار الإلهى الذى يعطيه الله وهو سكنى الروح القدس فى الإنسان لا يفارقه أبدا
حتى الحياة الأبدية.أما المرأة السامرية، فما زالت لا تستوعب حديث السيد، فتارة
تتعجب من أين له هذا الماء وهو لا يملك دلوا وتارة أخرى تريد هذا الماء بصورته
المادية، حتى لا تعود وتأتى لهذا البئر متحملة عناء الطريق.
+
بعد أن تكلم السيد المسيح عن الروحيات بأسلوب خفى أعدها فيه لطلب الماء الحى، أفصح
عن نفسه بصورة مباشرة، ولكن بالقدر الذى تتحمله، فطلب منها إحضار زوجها إن كانت
ترغب فعلا فى هذا الماء الحى، فأجابت المرأة بنصف الحقيقة أن ليس لها زوج شرعى،
خافية بذلك خطيتها فى معاشرتها لرجل بدون زواج. إلا أن المفاجأة التى أذهلها بها
المسيح، فى إعلانه عن معرفة كل ماضيها، بل والحاضر الذى تعيشه أيضا، هز وجدانها،
فجاء ردها الذى يمثل شرارة إيمانها الأولى، ناطقة: "يا سيد"، بعد أن
كانت ترفض التحدث معه أولا لأنه يهودى، ثم شهدت أيضا أنه "نبى"، بعد أن
كانت تسخر وتقول: "ألعلك أعظم من أبينا يعقوب؟". هنا نرى رقة الرب يسوع
العجيبة فى اقتحام هذه النفس الخاطئة، فهو العالم بحالها وخطيئتها، ولكن يمدحها
مرتين، مرة قبل أن يعلن معرفته بخطيتها، ومرة أخرى بعد أن أعلن هذه المعرفة، فيبدأ
كلامه بعبارة: "حسنا قلت"، وينهى كلامه بعبارة: "هذا قلت
بالصدق". ومع هذه الرقة، لم يتهاون فى إعلان الحق حتى تتوب هذه المرأة عن
خطيتها. ليتنا نتعلم جميعا هذا الأسلوب، فالله لم يدنها وهو الديّان، بل كشف عن
الخطأ من أجل توبتها وليس هلاكها. وعلينا ان نتعامل مع الناس لاسيما الخطاه بهذه
الرقة، مع الفارق أننا خطاة وتحت الحكم؟ فلنأخذ هذا التدريب لحياتنا أن نمدح شعاع
النور الباهت فى كل إنسان قبل توجيهه.
+
عندما أدركت السامرية أن الرب ليس شخصا عاديا تحول حديثها لوجهة أخرى، إذ شغلها
الخلاف الدينى بين اليهود والسامريين، وادعاء كل طرف صحة إيمانه، وكأنها، بعد
إدراكها لشخصه المميز، نست قصة المياه والبئر واهتمت بخلاص نفسها. ولما وجد الرب
أن المرأة صارت مهيأة، بدأ يحدثها عن السجود الحقيقى ومفهومه الذى لا يرتبط
بالمكان بل بالطريقة، فالله لا يقبل سجود الجسد دون الروح. "بالروح والحق
ينبغى أن يسجدوا": تعنى السجود بالانسحاق والإحساس بحضرة الله. أما السجود
الجسدى والعددى فقط لا يقبله الله، بل ينخدع به الإنسان فى ممارساته الروحية. قال
لها "تأتى ساعة، وهى الآن": إشارة واضحة إلى ظهور المسيا المنتظر والانتقال
للسجود الروحى الحقيقى. إن شخص المسيح هو الوحيد الذى يستطيع أن يذيب الفوارق
والنزاعات والعداوة، ويصير فيه الجميع واحدا. فكثير من المشاكل والخلافات، لا نجد
لها حلا لإصرار الطرفين على إبعاد المسيح عن حياتهما. لقد آمنت السامرية، وعبّرت
عن إيمانها إيجابيا بالانطلاق إلى قريتها لتكرز به، وكلمة "ألعل" هنا لا
تحمل شكا فى إيمانها، بل تحفيزا للناس أن يخرجوا ويتأكدوا بأنفسهم. لقد "تركت
المرأة جرتها": لها معنى روحى جميل، وهو أن النفس التى تحب المسيح لا تملك
إلا إبلاغ الآخرين عنه، حتى لو تركت اهتماماتها المختلفة التى تعيق مسيرتها عن
خدمة الله، مثل محبة المال والمنصب.
+
رجع التلاميذ ودار الحوار حول الطعام، أخذ
فيه التلاميذ موقف المرأة السامرية السابق، فالسيد المسيح يتكلم عن طعام روحى
"لستم تعرفونه"، أما هم، فاعتقدوا أنه أكل بصورة ما. وهذا ليس معناه أن
المسيح لم يكن محتاجا لطعام وهو إنسان كامل مثلنا، بل هو اختلاف فى الأولويات،
فالجوع والعطش لخلاص النفس البشرية له الأولوية. فبالرغم من الإعياء بعد طول
السفر، واحتياجه الجسدى للماء والطعام، إلا أن إتمام مشيئة أبيه فى دعوة الإنسان
للخلاص، وإكمال عمله بالفداء على عود الصليب، اعتبره السيد المسيح هو طعامه
الحقيقى، بل هو شهوة قلبه، مقدما دليلا جديدا على حبه واشتياقه لخلاص النفس
البشرية. ثم انتقل المسيح إلى مشهد حقيقى عندما قال: "ارفعوا أعينكم وانظروا
الحقول". هناك حصاد من نوع آخر، إذ خرج كل أهالى السامرة من قرية سوخار
بملابسهم البيضاء فى جماعات كبيرة بعد بشارة المرأة، فامتلأت الحقول بهم، فاعتبرهم
السيد المسيح حصادا روحيا جاهزا للحصاد بمنجل الإيمان. ان الله ليس بظالم حتى ينسى
تعب إنسان، فكل من يجمع نفوسا لملكوت الله، يأخذ أجرا أرضيا وسمائيا بالفرح. فليتنا
نصلى من اجل الفعلة والحصاد ونشترك فى العمل مع الله فى كل عمل صالح. لقد سمع
السامريين من المرأة واتوا للرب يسوع المسيح ومكث عندهم يومين فهو لا يرفض دعوة احد، إذ
ينتظر على الباب قارعا. ونحن يجب ان ندعوه لياتى الى قلوبنا وحياتنا ويمكث معنا
وهنا نرى أن الإيمان نشأ وقوى خلال يومين فقط، فعمق الإيمان لا يحتاج مدة، بل رغبة
وجهاد.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق