للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
{ يا ليت راسي ماء وعيني ينبوع دموع فابكي نهارا وليلا قتلى بنت شعبي} (ار 9 : 1)
{ يا ليت راسي ماء وعيني ينبوع دموع فابكي نهارا وليلا قتلى بنت شعبي} (ار 9 : 1)
واجبات الحكم العادل
والارتقاء بالامة ... ان اولى واجبات الحكم العادل لكي يستقر
ويستمر ويتطور النظام وترتقى الامة، هو احقاق الحق واجراء العدل ورفع
الظلم والاضطهاد عن العباد وانصاف المظلوم والفقير والارملة والاهتمام
بالضعيف والمريض والصغير والشيخ { هكذا قال الرب اجروا حقا وعدلا وانقذوا المغصوب
من يد الظالم والغريب واليتيم والارملة لا تضطهدوا ولا تظلموا ولا تسفكوا دما زكيا
في هذا الموضع} (ار3:22). العدالة والمساواة ورفع الظلم ليس عمل تتطلبه
الديمقراطية الحقة او حقوق الانسان فقط للنهوض باي مجتمع بل هي مطلب الهي
عادل يسر قلب الله ويؤدى الى الاستقرار والتقدم. ولا تفرض العدالة والقيم الاخلاقية
والروحية بقوة القانون فقط انما هي مسئلة اخلاقيات شعب وعادات وتقاليد تترسخ يوما
بعد يوما ويحرص فيها الانسان على تنشئة ابنائه على القيم والاخلاق السليمة. كما
يعمل المعلم على تثقيف تلاميذه بها فى مناهج تعليمية تدعو الى الالتزام والمساواة
والمحبة واحترام الانسان وادب الحوار. ويعمل القاضي على تطبيق روح القانون العادل
والمساواة بين ابناء الوطن بدون تمييز عرقي او ديني او مذهبي او سياسي { البر يرفع
شان الامة وعار الشعوب الخطية }(ام 14
: 34). ويقود الاعلام بدوره
فى كشف جوانب الخطأ ومعالجته وتشجيع القيم النبيلة واعطاء امثلة للصدق والامانة
والنجاح فى المجتمع. ثم ان نرى ذلك مطبقا فى ارض الواقع من خلال الخطاب الديني
الداعى الى قيم الحق والفضيلة والبر والمساواة بين الجميع كانعكاس للفهم السليم
للدين وتطبيقه فى المجتمع. ويسهر النظام الحاكم على تطبيق العدل والمساواة
وروح العدالة والصدق والمواطنة والحرية وقيم الديمقراطية بدون تمييز وهنا يشعر
الانسان بان حياته وعرضه وارضه مصونه وحاضره ومستقبله أمن وهنا فقط بالعدل
والمساواة وسيادة القانون نستطيع ان نحكم على بلد ما في حاضره ومستقبله فان ذهبت
الاخلاق ماذا نستطيع ان نقول الا كما
قال الشاعر: إنما الأمم الأخلاق ما بقيت فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا.
تراجع القيم الاخلاقية
وانقسام المجتمع... ان
ما شهدته بلادنا من تراجع فى القيم الاخلاقية التي تدعو الى المحبة والاخاء
والمساواة والصدق والعدل الى ان وصلنا الى الحض على الكراهية وتخوين الاخر
المختلف عنا فى الراي والمذهب وتكفير من يخالفنا الدين والمعتقد ومقاطعته وبث روح
الاستعلاء الديني وصولا الى عدم تطبيق سيادة القانون لالاف القضايا لا يتم الفصل
فيها منذ سنين وصولا الى اخد القانون بيد العامة والاستيلاء على اراضى واملاك
الغير تحت حجج واهية وبالبلطجة فى
ظل غياب دولة القانون وهدم الكنائس التي تدعو الى المحبة وتنشئة المواطن الصالح
وكمراكز للتنوير الروحي كل ذلك اوصلنا الى وضع يشعر فيه عنصر اصيل فى الامة
المصرية بالظلم البين وغياب دور الدولة. ويشعر فيه اهالي مناطق متعدده بالاهمال
والظلم كما نرى فى جنوب الوادى والنوبة وسيناء وتشعر فيه عامة الفئات الفقيرة
بالحرمان من اساسيات الحياة الكريمة فى المأكل والمشرب والمسكن. ويشعر الفلاحين
والعمال والموظفين ببؤس الحال والمعاناة ابتدأ من الحياة داخل البيت والشارع
والسكن ووصولاً الى الحياة العامة وتغليب روح الكسب بشتى الطرق والتهرب الضريبى
والكذب والنفاق حتى الى فرض دستور غير توافقي باساليب ملتويه من قمة المنظومة
الحاكمة فى عمل يبث روح الفرقة والانقسام فى المجتمع حتى وصلت بلادنا الى منحدر
خطير يجب ان نستفيق منه وان يعمل كل منا فى مجاله لاسيما هؤلاء الذين يملكون
القرار على اصلاحه بروح الضمير الانساني الواعي والمتزن والعادل.
الثورة والاصلاح وروح
المسئولية ...
لقد قامت ثورة 25 يناير 2011م على أكتاف عامة الشعب المصري الذى رفض الظلم وتوريث
الحكم والفساد الاقتصادي لطبقة تريد
ان تتربح على
حساب دماء الشعب المصري دون مشاريع اقتصادية تنموية حقيقية وظن المواطن العادي انه
سيجنى ثمار التغيير سريعا ولكن فى ظل غياب خطط حقيقية للتنمية وعدم السعي الجاد فى
اصلاح الوضع السياسي او الاقتصادي او الديني بروح المسئولية عن كل الامة ومستقبل
شعب باثره والتخبط فى اتخاذ القرارات غير المدروسة ومحاولة فئة معينة للسيطرة على
مقاليد الحكم والاقتصاد والقضاء والسلطة واقصاء بقية الشعب. وصولا الى العمل على
بيع او رهن اصول الدولة تحت مسمى دينى للضحك على الشعب باسم " الصكوك
الاسلامية" كل هذا اوصلنا الى تأزم
الاوضاع وعمت المظاهرات فى انحاء مصر مطالبة بالاصلاح فى ظل تفشي الفقر الجهل
والمرض والظلم. لقد اصبحنا نبكى قتلانا وجرحانا فى كل مدينة وشارع وغاب القانون
وعم التمرد والرفض، وتوقفت عجلة الانتاج وتراجع الاقتصاد واصبحنا نعاني غلاء
الاسعار وتدهور الخدمات وكثرة حوادث القطارات وحوادث الطرق وانهيارات المنازل ومن
معاناة الحاضر نصل الى غياب الرؤية نحو المستقبل الأفضل. ان المظاهرات غير الراضية
على الواقع المر يجب ان لا تمر بل هى مؤشر على السخط الشعبى من الاوضاع التى لابد ان تعالج بحلول جذرية واقعية دون
ديكتاتورية او تسلط او نفاق.
اننا نحتاج الى تكاتف الجهود الخيرة لوقف
نزيف العنف فى مجتمع يعانى من الانانية والتسلط وشريعة الغاب ليحل عوضا عنها تغليب
المصلحة العليا للوطن واحياء ضمير الأمة والتفاف الجميع نحو مشروع وطني يجمع جميع
الفرقاء السياسيين دون استقواء او هيمنة فصيل بعينه على مقدرات الامة تحت اي مسمى
ديني او سياسى او اقنصادى.
فياليت القائمين على امور امتنا يتداركوا
اخطاء المرحلة الماضية ويعترفوا بتقصيرهم ويدعوا بروح التحلي بالمسئولية الوطنية
لحوار مفتوح يرضى به الجميع للوصول الى نقاط اتفاق نعمل بها للوصول الى افضل
الحلول لمشاكلنا السياسية والاقتصادية والاجتماعية دون دفن لرؤوسنا فى الرمال، او
تخوين لفئة او جماعة او احتكار للسلطة فالوطن يحتاج لتكاتف القوى وتعاون الجميع من
اجل احياء ضمير الامة بعناصرها وأطيافها فى مشاركة حقيقية وبث سيادة القانون
والمساواة فى مختلف المدن والقرى والاقاليم. والعمل على دوران عجلة الانتاج ورفع
الظلم عن المظلومين والمهمشين والفقراء والعاطلين والاخذ بيد المرضى والمحتاجين فى
ظل مظلة تأمين صحى ووطني يضمن حياة كريمة واستعادة ثروات مصر المنهوبة ووقف
استنزاف ثرواتنا لقلة مختارة لا هم لها سوا التربح من
قوت الشعب الفقير.
يجب علينا ان نتدارك أخطائنا بروح المسؤولية
والقدرة على إتخاذ القرار السليم فى الوقت المناسب والا سيأتي الطوفان ويأخذ
الجميع ومقصلة التاريخ لن ترحم أحد وسيدين التاريخ من اضاع أمة وساهم فى أفساد
اخلاق شعب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق