للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
نور
البصر والرؤية السليمة ..
لي صديق قديم اصيب
بصداع دائم اتعبه كثيرا وقد تدهور نظر عينيه الى الحد الذى لم تعد النظارة الطبية
تفيد معه وقد سبب له ذلك حزنا شديدا واخيرا أنعم له الرب بالشفاء بعد عملية
جراحية وعاد يبصر وقد قال بعدها : أن من أعظم الاشياء فى العالم ، هو القدرة على
الرؤيا بوضوح. انني أكاد أطير فرحاً ومع المولود أعمى الذى شفاه السيد المسيح أصيح { اعلم
شيئا واحدا اني كنت اعمى والان ابصر} (يو 9
: 25). ولقد هزتني هذه الكلمات فنعمة البصر لا يشعر بها
الا من فقد النظر، ولو صحوت من نومك فى ليلة مظلمة وقد أنقطع النور وأخذت تتلمس
طريقك فى الظلام لساعة واحدة لجربت كم مهم لنا ان نرى بوضوح، وكنا قديما قد تدربنا
ان نشارك اخوتنا من المكفوفين لمدة يوم بان نضع عصابة على عيوننا ونشاركهم مشاعرهم
وكم كان ذلك مفيدا لنا لنحيا احساسهم ولنحترمهم ونساعدهم ونشعر بما يشعرون. ان نور
البصر مهم جدا حتى نرى طريقنا ونسير بلا عثرات او وقوع فى الطريق فكم يكون أهم
ياترى نور البصيرة الملهمة والحكيمة. هل هناك سائق يسوق بلا معرفة للطريق ان يصل
فى الوقت المناسب والى المدينة التي يريد ان يصل اليها؟
نور
البصيرة من أعظم الاشياء ...
من أعظم الاشياء ان
يكون للانسان رؤيا واضحة لما يجرى حوله ومعرفة بماضية ودراية بالظروف المحيطة
بحاضره ودراية بنفسيته ودوافعها ثم من المهم ان يكون له مقدرة على تلمس وتوقع ما
يحدث بمستقبله والتخطيط والاستعداد له وليتنا نصلى من قلوبنا لنعرف ارادة الله
الصالحة الكاملة المرضية ونعملها فى حاضرنا وتكون كلمة الله سراج يهدينا فى
مستقبلنا. يجب علينا ان نكون صادقين مع أنفسنا ومع من حولنا
ومع الله ايضا ونطلب من الله كل يوم ولمستقبلنا القريب والبعيد ونقول { يا رب ماذا
تريد ان افعل ؟} (اع 9
: 6). والله الأمين والاب الصالح لايمكن ان يتركنا بلا
إرشاد او هدى. ربما نحتاج للوقت الكافي للنمو الروحي والمعرفي
ولكن يجب ان نصبر ونصلى ونطلب من الله ان يفتح عيوننا حتى ولو بالتدريج أو بالخروج
من دوامة العالم أو الانفطام عن ملذاته وشهواته وربما لهذا اخرج السيد المسيح له
المجد الأعمى الى خارج القرية ليخرج به من مكان التسول من آبار العالم التي لا
تضبط ماء لنعاين كم نحتاج الى نور البصيرة والحكمة الروحية لمعاينة حقائق الامور
ونعيد ترتيب اولوياتنا {وجاء الى بيت صيدا فقدموا اليه اعمى وطلبوا اليه ان يلمسه.
فاخذ بيد الاعمى واخرجه الى خارج القرية وتفل في عينيه ووضع يديه عليه وساله هل
ابصر شيئا. فتطلع وقال ابصر الناس كاشجار يمشون. ثم وضع يديه ايضا على عينيه وجعله يتطلع فعاد صحيحا وابصر كل انسان
جليا} (مر 22:9-25) لقد أظلمت أو تحجرت كثير من العقول وصار الناس لا يرون ما هو
مفيد وبناء وصحى لحياتهم وتخبطوا فى قراراتهم من ثقل اهتمامهم بالشهوات او المال
او المناصب ولم تعد الروحيات الصحيحة مصدر للرؤيا السليمة.
على المستوى العام ... من
المهم ان يكون لنا قادة ذوى رؤيا واضحة للمستقبل سواء على المستوى السياسي او
الفكري او الديني {بلا رؤية يجمح الشعب} (ام 29 : 18).
نريد اناس لهم الحس الروحي الذى يتلمس مطالب شعبه العميقة ويحقق لهم رغباتهم
ويقودهم نحو مستقبل افضل. اناس لهم صلة صادقة بالله وضمير صالح وصلة صادقة
ومصداقية مع شعبهم وربهم بلا رياء او مصالح خاصة ليقودوهم نحو المستقبل
الامن. حتى لو طالبونا بمزيد من العرق والصبر والكفاح والالتزام
للخروج من النفق المظلم الذى تمرمرت فيه حياة الكثيرين من بيع الاوهام لنا من رجال
بلا ضمير، الهتهم بطونهم ومجدهم فى خزيهم وشهواتهم وهمهم جمع المال بكل الوسائل أو
استخدام الجنس الرخيص او تلفيق القضايا للمعرضين والتشهير بذوي الضمائر. لقد فقد
الكثير من القادة مصداقيتهم لدى الكثيرين واصبحنا بلا رؤية واضحة نعانى من مستقبل
تعيس مظلم. واصبح الكثيرين يتهجمون على غيرهم بلا ضابط او ضمير أخلاقي او دينى أو حتى انساني. وبعد هذا كله يتسألون لماذا نحن نتخلف
ونتطاحن وغيرنا ينمو ويتقدم. اننا نحتاج للفكر المستنير والعقل المبتكر والاحترام
للراي الاخر والمعارضة البناءة مما
يأتي بنا الى الفكر الافضل وتبنيه لبناء مجتمع سليم يقوم على أكتاف الجميع دون
تهميش أو تخويف أو تسفيه أو تكفير للبعض. نحتاج للمؤسسات لا دكتاتورية الراي
الواحد والقائد الاوحد وتبنى مشاريع تخدم الكل فى ظل سيادة القانون دون تمييز دينى او جنسي او عرقي او سياسى. فان المجتمع الذى لا يحمى كرامة المرآة ويصون
عرضها بنظامه ومؤسساته أو ينتهك حقوقها هو مجتمع يسير بقدم واحده نحو مستقبل مظلم.
نحتاج لقاده فكر
واعلام وساسه ورجال دين يخططوا لما هو أفضل وعيونهم على مستقبل بلادنا وخير شعبنا
واولادنا، نحتاج لرؤية سليمة لتشخيص حاضرنا وبناء مستقبلنا ومشاريع قومية حقيقية
لمشاركة كل ابناء الوطن وشرائحه والى كل الجهود الخيرة التي تعمل من أجل بناء
مستقبل أفضل. ان رجل الشارع العادي الذى يبحث عن لقمة لمعدة خاوية والحرية لبلد
عانى فيه الشعب مصدر السلطات الحقيقي من الظلم والفقر والجهل والمرض يستحق ان يعيش
فى بلد نظيف وحاضر يرى فيه أمل لاصلاح حقيقي ومستقبل كريم دون خداع او نفاق او ظلم
تحت بريق شعارات كاذبه. اننا نحتاج الى قادة
على مستوى الظرف والزمان والمكان والتاريخ فهل من مجيب؟.ان بلادنا مهد الحضارة
والتاريخ وفجر الضمير الاخلاقي يجب ان تنهض من جديد بهمة أهلها. وها نحن نصلى
ونطلب من الله ان يستجيب من أجل خير العباد والبلاد ويهب لبلادنا القادة المملوؤين حكمة فى كل مجال ليقودوا البلاد نحو
مستقبل أفضل.
مع اهداء شعب المصر
كلمات من شعر ابو قاسم الشابى .
اذا الشعب يوما
اراد الحياة ... فلابدٌ أن يستجيب القدر
ولابد لليل أن ينجلى ... ولابد للقيد ان ينكسر
ولابد لليل أن ينجلى ... ولابد للقيد ان ينكسر
ومن لم يعانقه شوقُ الحياة ... تبخر فى جوها واندثر.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق