للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أهمية الرجاء المسيحي ..
+ الرجاء هو الثقة التي لا تتزعزع فى الله والإيمان بانه عوننا فى الطريق نحو تخطى أزماتنا سواء الصغيرة أو الكبيرة والوصول بنا الى الخلاص وانه سيقيمنا من بين الاموات لنحيا معه فى سماء المجد، فالرجاء هو توقع الخير فى المستقبل القريب والبعيد من الله {لاني عرفت الافكار التي انا مفتكر بها عنكم يقول الرب افكار سلام لا شر لاعطيكم اخرة و رجاء}( أر 11:29). الرجاء هو طوق نجاة المؤمن وهو يواجه أمواج الحياة وتجاربها واثقا ان الله سيقوده فى موكب نصرته سواء على مستوى العالم الحاضر او الحياة الأبدية.
+ الكتاب المقدس يبين كيف أتكل آباؤنا على الله فنجاهم وقادهم الى الأبدية { عليك اتكل اباؤنا اتكلوا فنجيتهم. اليك صرخوا فنجوا عليك اتكلوا فلم يخزوا} (مز 4:22-5). لقد أختبر داود النبي معونة الله وانقاذه له وهو مطارد من الملك شاول { لولا الرب الذي كان لنا ليقل يعقوب. لولا الرب الذي كان لنا عندما قام الناس علينا. اذا لابتلعونا احياء عند احتماء غضبهم علينا. اذا لجرفتنا المياه لعبر السيل على انفسنا. اذا لعبرت على انفسنا المياه الطامية. مبارك الرب الذي لم يسلمنا فريسة لاسنانهم. انفلتت انفسنا مثل العصفور من فخ الصيادين الفخ انكسر ونحن نجونا. عوننا باسم الرب الصانع السماوات والارض}(مز 1:124-8). ولهذا كان داود يدعونا ان لا نتكل على بنى البشر ولا حتى على معونة الملوك والجيوش بل على الله الحى { لن يخلص الملك بكثرة الجيش، الجبار لا ينقذ بعظم القوة. باطل هو الفرس لاجل الخلاص وبشدة قوته لا ينجي. هوذا عين الرب على خائفيه الراجين رحمته. لينجي من الموت انفسهم وليستحييهم في الجوع. انفسنا انتظرت الرب معونتنا وترسنا هو. لانه به تفرح قلوبنا لاننا على اسمه القدوس اتكلنا. لتكن يا رب رحمتك علينا حسبما انتظرناك} (مز 16:33-22). هكذا فعل اشعياء النبي وكان يحزر الشعب قديما من الالتجاء الى العون الخارجي { ويل للذين ينزلون الى مصر للمعونة ويستندون على الخيل ويتوكلون على المركبات لانها كثيرة وعلى الفرسان لانهم اقوياء جدا ولا ينظرون الى قدوس اسرائيل ولا يطلبون الرب } (اش 31 : 1). ان خلاصنا بالله وعين الرب على خائفيه الراجين رحمته {لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين} (عب 10 : 23).
+ لقد جاء مسيحنا القدوس وديعا متواضعا ومع هذا كان قوياً مهاباً يقول الحق ولا يبالى بالوجوه، جاء يخبر الأمم بالحق وينصر الضعيف وعلى اسمه رجائنا فى الخلاص من الشيطان والشر والخطية والضعف والموت. ان رجائنا لا يتوقف على الظروف { لأنك أنت رجائى يا سيدي الرب متكّلى منذ صباى}(مز5:71). لقد قاد موسى النبي الشعب قديما من عبودية فرعون الى الحرية والدخول الى الاراضي المقدسة كخادم أمين أما السيد المسيح فهو كلمة الله المتجسد ورأس الكنيسة ومخلص الجسد سيقودنا الى الخلاص والدخول الى الأقداس السمائية متى تمسكنا بثقة الرجاء الثابت في اها { موسى كان امينا في كل بيته كخادم شهادة للعتيد ان يتكلم به. واما المسيح فكابن على بيته وبيته نحن ان تمسكنا بثقة الرجاء وافتخاره ثابتة الى النهاية} (عب 5:3-6).
+ للخطاة رجاء فى الله غافر الخطايا ومانح العطايا حتى لو رجعنا الى الله كما اللص اليمين فى اخر لحظات حياتنا، وللمرضى رجاء فيه فهو الطبيب الشافي الذى كل شئ مستطاع لديه، وللجياع رجاء فيه وهو الذى أشبع الالاف من خمس خبزات وسمكتين، وللذين فى الضيقات والتجارب رجاء فى خلاص الله الذى دافع عن المرأة الخاطئة وانقذها من الرجم وقال لها اذهبى بسلام ولا تخطئ ايضا، وللذين تسلط عليهم إبليس رجاء فى من له السلطان على الارواح الشريرة ليطردها بكلمة، وللذين تسلطت عليهم الضعفات والخطايا رجاء فى الذي حرر زكا العشار والمرأة السامرية، وللحزانى رجاء فى اله التعزية الذى أقام لعازر من القبر انه سيقيم أحبائنا ويقيمنا لنلتقى بهم فى سماء المجد. فلا تيأسوا ابدا من رحمة الله وثقوا فى الله وشدة قوته وعمله من أجل خلاصكم واطلبوه فهو قريب { واما منتظرو الرب، فيجددون قوة. يرفعون اجنحة كالنسور. يركضون ولا يتعبون. ويمشون ولا يعيون }(إش 40: 31 ).
الرجاء الزمنى والأخروي .
+ إيماننا بان الله ضابط الكل وان كل ما يحدث فى عالمنا بارادته أو بسماح منه يريحنا ويجعلنا نحيا فى صلة وصلاة بالله ضابط الكل، وحتى لو أراد بنا الناس شراً، فالله قادر ان يحول الشر الى خير ويحقق ارادته فى حياتنا. وهذا يجعلنا واثقين مطمئنين فى الله على حاضرنا ومستقبلنا كافراد أو كجماعة أو كنيسة محلية أو على مستوى الوطني والعالمي. فعلى المستوى الفردي فى حياة يوسف الصديق قصد اخوته به شرا لكن الله اراد به خير عاش يوسف بالرجاء والإيمان حتى تحقق فى الواقع العملي {انتم قصدتم لي شرا اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما اليوم ليحيي شعبا كثيرا } (تك 50 : 20). وهكذا على المستوى الجماعي كان لله خطة اعلنها لابراهيم ابو الاباء عن شعبه وتم تنفيذها على مدى قرون طويلة فليس لدى الله ماضي وحاضر ومستقبل بل معرفة شاملة كاملة عامله { فقال لابرام اعلم يقينا ان نسلك سيكون غريبا في ارض ليست لهم ويستعبدون لهم فيذلونهم اربع مئة سنة. ثم الامة التي يستعبدون لها انا ادينها وبعد ذلك يخرجون باملاك جزيلة. واما انت فتمضي الى ابائك بسلام وتدفن بشيبة صالحة. وفي الجيل الرابع يرجعون الى ههنا لان ذنب الاموريين ليس الى الان كاملا} تك13:15-16.
+ الانسان له حرية الارادة فى السير مع الله أو للانسياق وراء ارادته الخاصة أو أهوائه وتحمل تبعات السلوك الفردي او الجماعي الخاطئ. هكذا راينا السيد المسيح ينادى لاورشليم بالخلاص بل وقف على جبل الزيتون قبل اتمام الفداء وبكى عليها لانها لم تعرف ما هو لسلامها وانبأ عن خرابها وهدم هيكلها تلاميذه القديسين وعاتب قادتها وأهلها قائلا: { يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء وراجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها ولم تريدوا. هوذا بيتكم يترك لكم خرابا والحق اقول لكم انكم لا ترونني حتى ياتي وقت تقولون فيه مبارك الاتي باسم الرب}( لو 34:13-35). لقد كان إضطهاد المؤمنين الاوائل فى اورشليم سببا لانتشارهم للكرازة فى كل العالم { فالذين تشتتوا جالوا مبشرين بالكلمة }(اع 8 : 4).
+ قيامة السيد المسيح هي حجر الزاوية فى الإيمان والرجاء المسيحي الأخروي، فان لم يكن المسيح قد قام فباطل ايماننا وكرازتنا ولكن كما قام السيد المسيح سنقوم نحن معه فى اليوم الاخير. ولهذا نصبر ونجاهد ونحيا ضيق والآم الزمان الحاضر على رجاء مكافاة الأبرار { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم.انتم الذين بقوة الله محروسون بايمان لخلاص مستعد ان يعلن في الزمان الاخير.الذي به تبتهجون مع انكم الان ان كان يجب تحزنون يسيرا بتجارب متنوعة. لكي تكون تزكية ايمانكم وهي اثمن من الذهب الفاني مع انه يمتحن بالنار توجد للمدح والكرامة والمجد عند استعلان يسوع المسيح} (1بط 3:1-7). اننا نطلق من الرجاء الحاضر الى الرجاء الأبدي فى المسيح يسوع ربنا، حيث اننا نحيا الجهاد الروحي ونحتمل على رجاء المجد العتيد ان يستعلن فينا { وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس }(رو 15 : 13).
+ اننا من أجل هذا الرجاء فى الحياة الأبدية نحتمل ونحمل الصليب ونقدم المحبة للجميع { كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح }(رو 8 : 36) ومن اجل الرجاء فى الحياة الأبدية نحيا حياة الطهارة والقداسة لنشارك فى المجد العتيد ان يستعلن فينا { انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله من اجل هذا لا يعرفنا العالم لانه لا يعرفه. ايها الاحباء الان نحن اولاد الله ولم يظهر بعد ماذا سنكون ولكن نعلم انه اذا اظهر نكون مثله لاننا سنراه كما هو. وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر.}(1يو 3 : 1- 3). لقد صعد الرب يسوع المسيح الى السماء كسابق لأجلنا { لنمسك بالرجاء الموضوع امامنا. الذي هو لنا كمرساة للنفس مؤتمنة وثابتة تدخل الى ما داخل الحجاب. حيث دخل يسوع كسابق لاجلنا صائرا على رتبة ملكي صادق رئيس كهنة الى الابد} (عب 18:6-20).
+ بالرجاء نصلى لله ضابط الكل، صانع الخيرات الرحوم ان يقود بلادنا وكنيستنا وشعبنا نحو السلام والأمن والعدل والعيش الكريم المشترك. ويوجه قلوبنا جميعا نحو الخير والمصالحة بدلا من الصراع. وعلينا جميعا ان نتكاتف لمحاربة التخلف والفقر والمرض والبطالة بدلا من زرع الكراهية والأحقاد والفتن مما يجلب الخراب والدمار الذى يحرق الجميع. اننا نصلى من أجل العتق للخليقة كلها لترجع الى الله بالإيمان ليتحقق رجائنا لنعتق من عبودية الفساد { لان انتظار الخليقة يتوقع استعلان ابناء الله.اذ اخضعت الخليقة للبطل ليس طوعا بل من اجل الذي اخضعها على الرجاء.لان الخليقة نفسها ايضا ستعتق من عبودية الفساد الى حرية مجد اولاد الله. فاننا نعلم ان كل الخليقة تئن و تتمخض معا الى الان.و ليس هكذا فقط بل نحن الذين لنا باكورة الروح نحن انفسنا ايضا نئن في انفسنا متوقعين التبني فداء اجسادنا} (رو 19:8-23). وان كنا نتوقع المعونة من الله لينقذنا من الضيق الحاضر فيجب ان نحيا فرحين فى الرجاء ونعمل على تحقيق ارادته فى حياتنا بالعمل والسعي الدائم والايمان والصلاة { فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة } (رو 12 : 12) ان رجائنا يتجه بالصلاة الى العون السماوي الأخروي الذى يضع نهاية لكل شدة { ويقال فى ذلك اليوم هوذا هذا إلهنا انتظرناه فخلصنا. هذا هو الرب الذى انتظرناه نبتهج ونفرح بخلاصه} (إش9:25).
رجائنا فى اله السماء .
+ فيك يالله نضع رجائنا وثقتنا، فانت رجاء من ليس له رجاء، معين من ليس له معين، عزاء صغيري النفوس، مينا الذين فى العاصفة .كل الأنفس المتضايقة والتي يريد الشيطان ان يقودها لليأس، اعطيها خلاصا ومعونة ونعمة ورجاء لا يخزي . لتضمد يارب جراح المجروحين وتقيم الساقطين وتعطى رجاء للبائسين والمحرومين وتنصف المظلومين وتهدى الضالين فانت الهنا الأمين .
+ وسط تجارب وضيقات الحياة وعندما تواجه سفينة حياتنا أمواج البحر أو يبتلعنا الحوت كيونان ويقوم علينا الاشرار نجد يدك الحنون تمتد لنا فى جوف الحوت لتحمى وتصون، وتسد أفواه الاسود وتنقذنا لنواصل الرسالة مؤمنين بحفظك ورعايتك وقيادتك الأمينة فى كل زمان والى منتهى الأيام.
+ رجائنا فيك يا الله أن تحول الشر الذى يريده بنا الشيطان وأعوانه الى خير، وتقود شعبك الى بر الأمان والسلام يا من قلت ها انا معكم كل الأيام والى إنقضاء الدهر. يا اله النصرة والرجا . اغلب بقوتك تيارات الالحاد والاباحية والمادية والفساد والشر ولتقودنا رعاة ورعية، حكام ومسئولين وأهل فكر ورجال دين وشعب نحو السلام والخير والاخاء، ليثبت الايمان والرجاء والمحبة لنحيا منتظرين الرجاء المبارك وظهور مجدك العظيم، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق