للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
القديس بولس الرسول والكنيسة فى
أفسس
+ قام القديس بولس الرسول
برحلته التبشيرية الثالثة لافتقاد وتثبيت المؤمنين والتبشير وتأسيس كنائس جديدة
أنطلق من إنطاكية سوريا إلى غلاطية وفيريجية (18: 22-23). اجتاز الرسول بولس تلك
النواحي يبشر ويثبت المؤمنين حتي وصل إلي أفسس وقد قضى حوالي ثلاث سنوات فى أفسس
(18: 24- 19: 41). وفيها صنع بولس قوات غير معتادة حتى آن كثيرين أمنوا وكان الله
يسنده ويشجعه لاحتمال ما يحل به بسبب ثورة الأفسسين عليه هو ومن معه لان إبليس لم
يحتمل أن يرى أبناءه الذين أغتصبهم لنفسه يلقون كتب السحر في النار ويرجعوا
بالتوبة إلى الآب السماوي نقراء في سفر أعمال الرسل عن الرحلة الثالثة { فَحَدَثَ
فِيمَا كَانَ أَبُلُّوسُ فِي كُورِنْثُوسَ أَنَّ بُولُسَ بَعْدَ مَا اجْتَازَ فِي
النَّوَاحِي الْعَالِيَةِ جَاءَ إِلَى أَفَسُسَ. فَإِذْ وَجَدَ تَلاَمِيذَ.
سَأَلَهُمْ: «هَلْ قَبِلْتُمُ الرُّوحَ الْقُدُسَ لَمَّا آمَنْتُمْ؟» قَالُوا
لَهُ: «وَلاَ سَمِعْنَا أَنَّهُ يُوجَدُ الرُّوحُ الْقُدُسُ». فَسَأَلَهُمْ:
«فَبِمَاذَا اعْتَمَدْتُمْ؟» فَقَالُوا: «بِمَعْمُودِيَّةِ يُوحَنَّا». فَقَالَ
بُولُسُ: «إِنَّ يُوحَنَّا عَمَّدَ بِمَعْمُودِيَّةِ التَّوْبَةِ قَائِلاً
لِلشَّعْبِ أَنْ يُؤْمِنُوا بِالَّذِي يَأْتِي بَعْدَهُ أَيْ بِالْمَسِيحِ
يَسُوعَ». فَلَمَّا سَمِعُوا اعْتَمَدُوا بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ. وَلَمَّا
وَضَعَ بُولُسُ يَدَيْهِ عَلَيْهِمْ حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْهِمْ
فَطَفِقُوا يَتَكَلَّمُونَ بِلُغَاتٍ وَيَتَنَبَّأُونَ. وَكَانَ جَمِيعُ
الرِّجَالِ نَحْوَ اثْنَيْ عَشَرَ. ثُمَّ دَخَلَ الْمَجْمَعَ وَكَانَ يُجَاهِرُ
مُدَّةَ ثَلاَثَةِ أَشْهُرٍ مُحَاجّاً وَمُقْنِعاً فِي مَا يَخْتَصُّ بِمَلَكُوتِ
اللهِ. وَلَمَّا كَانَ قَوْمٌ يَتَقَسُّونَ وَلاَ يَقْنَعُونَ شَاتِمِينَ
الطَّرِيقَ أَمَامَ الْجُمْهُورِ اعْتَزَلَ عَنْهُمْ وَأَفْرَزَ التَّلاَمِيذَ
مُحَاجّاً كُلَّ يَوْمٍ فِي مَدْرَسَةِ إِنْسَانٍ اسْمُهُ تِيرَانُّسُ. وَكَانَ
ذَلِكَ مُدَّةَ سَنَتَيْنِ حَتَّى سَمِعَ كَلِمَةَ الرَّبِّ يَسُوعَ جَمِيعُ
السَّاكِنِينَ فِي أَسِيَّا مِنْ يَهُودٍ وَيُونَانِيِّينَ. وَكَانَ اللهُ يَصْنَعُ
عَلَى يَدَيْ بُولُسَ قُوَّاتٍ غَيْرَ الْمُعْتَادَةِ. حَتَّى كَانَ يُؤْتَى عَنْ
جَسَدِهِ بِمَنَادِيلَ أَوْ مَآزِرَ إِلَى الْمَرْضَى فَتَزُولُ عَنْهُمُ
الأَمْرَاضُ وَتَخْرُجُ الأَرْوَاحُ الشِّرِّيرَةُ مِنْهُمْ.} (أع 1:19-12).
+ مدينة أفسس ومعبدها .. كانت أفسس ملتقى لشعوب وحضارات مختلفة كعاصمة لآسيا الصغرى وقد بناها
أندروكليس الأثيني،وهي مدينة ذات طبيعة غنية في أرضها وأنهارها ومينائها، امتازت
بالخصوبة والتجارة وكانت ملتقى طرق ومكتظة بالأبنية الفخمة، تفاخر بها أثينا. أعظم
الأبنية فيها هو هيكل أرطاميسArtemis
،
والمعروف بـمعبد دياناDiana . كان طول
الهيكل 425 قدمًا وعرضه 220 قدمًا، وارتفاع العمود 60 قدمًا، وعدد الأعمدة
127 عامودًا، وكان تمثالها في داخل الهيكل بدائيًا يمثل آلهة الصيد، به بروزات
عديدة بشكل الثدي، تعبيرًا عن الخصوبة. كان المتعبدون له يعتقدون أنه هبط من
السماء. وهو أحد عجائب الدنيا السبع، وعند زيارة الاسكندر الأكبر له طلب أن يُنقش
اسمه عليه، فرفض الأفسسيون في تشامخ. وبقي هكذا حتى أيام القديس بوليكاربوس. لكن
اقتحمه الغوطيون الذين نزحوا من وراء الدانوب، وهدموه حتى الأساس، وانمحت معالمه،
فلا يُعرف موقعه تمامًا. وقد تبارى صناع الفضة في عمل تماثيل مصغرة وهياكل مصغرة
من الفضة يشتريها العباد والسياح، وكان ذلك مصدر رزق ليس بقليل (أع 19: 24-25).
وقد عُثر على نقود في ذلك الموضع نُقش عليها من جانب هيكل أرطاميس.
+ جاء القديس بولس الرسول إلى
أفسس حوالي عام 54 أو 55م ومكث هناك حوالي ثلاث سنوات حسب قوله { ثلاث سنين ليلاً
ونهارًا لم أفتر عن أن أنذر بدموع كل واحد} (أع 20: 31). وقد كانت الباكورة إيمان
وعماد أثني عشر شخص يرى البعض أن هؤلاء الاثنى عشر كانوا قد آمنوا بأن المسيح قد
جاء لكنهم لم يتعرفوا على حلول الروح القدس وكانت قلوبهم مستعدة لقبول الروح القدس
والتمتع بالميلاد الثاني لكنهم لم يجدوا من يكرز لهم بذلك. كانوا في حاجة إلى قبول
ختم الروح القدس الذي وهب للكنيسة كي ينير لهم الحق، ويثبتوا في تعليم المسيح،
ويهبهم ثمر الروح الذي هو الشركة في الطبيعة الإلهية، فيتمتعوا بالحب والفرح
والسلام والتعفف والصلاح ويسيروا بالروح. بعد ان عمدهم القديس بولس وضع الرسول
يديه عليهم لينالوا سرّ التثبيت، وقد نالوا بعض مواهب الروح مثل التكلم بألسنة
والتنبؤ. لقد أنعم الله عليهم بالمواهب للتأكد من التمييز بين معمودية يوحنا
ومعمودية باسم يسوع المسيح. كامتداد ليوم البنطقستي وفاعليته إلى مدى الدهور.
+ كعادته بدأ القديس بولس الخدمة في أفسس في المجمع اليهودي، مقدمًا لهم
الإنجيل، ليجمع خراف بيت إسرائيل الضالة، المشتتة على الجبال. وهو في هذا كان
يقتدي بالسيد المسيح. كان يشترك معهم في العبادة داخل المجمع لينزع عنهم روح
الإجحاف، ويستميلهم نحوه لعله يكسبهم وكان يشاركهم عبادتهم في أيام السبوت، حتى
تتكون كنيسة العهد الجديد في المدينة وينقل المؤمنين للعبادة في يوم الأحد. بقي
لمدة ثلاثة شهور في حوار معهم دون يأس ولا ملل. كان حديثه معهم طوال الثلاثة أشهر
يركز على "ملكوت الله" الذي يؤسسه في قلوب البشر، ليهبهم الحياة
المطّوبة، ويجعل من أعماقهم أيقونة السماء. كان يصحح مفاهيمهم عن مملكة المسيا
الذي كانوا ينتظرونه، إنها ليست مملكة زمنية أرضية، بل مملكة من السماء روحية. كان
يحاججهم، أي يدخل معهم في حوار، ويقدم لها براهين من الكتاب المقدس، ويجيب على
اعتراضاتهم، ويقدم لهم أسئلة ويتقبل إجاباتهم. لم يطالبهم بالإيمان دون تفكيرٍ بل
"مقنعًا" إياهم بدلائل عقلية وفهم. ومن ثم هاج البعض على بولس
فاستخدم بولس ومن معه مدرسة تيرانس للكرازة لمدة سنتين.
+ خدمة القديس بولس في مدرسة
تيرانس .. إذ قسى البعض قلوبهم وقاوموا كلمة الحق لمدة ثلاثة شهور بالرغم من
الجهود التي بذلها معهم ترك المجمع اليهودي، وسحب معه الذين أمنوا، ليتتلمذوا على
يديه يوميًا في مدرسة تيرانس ويمارسوا الصلاة فيها ككنيسة. يعتقد البعض إنها مدرسة
فلسفية للأمم تنتمى لتيرانس، وهو شخص كان له مركز كبير. لقد انسحب القديس بولس من
المجمع ليس فقط حفظ تلاميذه من العثرة، وإنما لأعطاه الفرصة للقاء مع التلاميذ
يوميًا. هذا وقد انفتح الباب للإيمان أمام الكثيرين، ففي المجمع اليهودي لم يكن
ممكنًا أن يحضر سوى اليهود والدخلاء، أما في المدرسة، فكان يمكن لليهود كما للأمم
أن يدخلوا أبواب الحكمة الإنجيلية المفتوحة لكل البشرية ولمدة سنتين { حتى سمع
كلمة الرب يسوع جميع الساكنين في آسيا، من يهود ويونانيين}( أع 10:19). في هذه
المدة أسس بولس الرسول كنائس في كولوسي ولاودكية وهيرابوليس (كو 2: 1؛ 4: 13)،
وبعض الكنائس الأخرى التي في آسيا الصغرى والواردة في سفر الرؤيا (رؤ 2: 3).إذ كان
كثيرون يحضرون إلى أفسس بكونها عاصمة آسيا، لممارسة العبادة أو للتجارة أو للتعليم
أو للقضاء، كانوا يسمعون عن الرسول بولس فيستمعون إليه. وهكذا الشعب الجالس في
الظلمة رأى نور شمس البرّ، ربنا يسوع مشرقًا عليهم.
+ صنع الله على يدي بولس قوات غير المعتادة
و ثبت الله كرازة الرسول بولس وتعليمه، وفي أفسس وُجد بولس مقاومة شديدة
وشتائم من اليهود والأمم، لهذا كان الله يصنع على يدي بولس قوات غير معتادة {حتى
كان يؤتى عن جسده بمناديل أو مآزر إلى المرضى، فتزول عنهم الأمراض، وتخرج الأرواح
الشريرة منهم}( أع 12:19). إذ كان الشيطان يعمل بكل قوةٍ خلال عظمة أرطاميس، سند
الرب كنيسته فأعطى الرسول أن يصنع قوات غير معتادة (أع 19: 11-12)؛ وكان اسم يسوع
يتعظم (أع 19: 17)، وجاء كثيرون بكتب السحر ويحرقونها أمام الجميع، قُدرت أثمانها
خمسين ألفًا من الفضة. هكذا كانت كلمة الرب تنمو وتقوى بشدة (أع 19: 19-20). كان
القديس بولس هو الأداة المقدسة التي يستخدمها الله وقد قدس الله ليس فقط جسده بل
وحتى المناديل والمآزر التي على جسمه الضعيف، كانت توضع على المرضى ومن بهم أرواح
شريرة فيشفوا. وأكد الله أنه أعطاهم سلطانًا على الأرواح النجسة وأن يشفوا كل
الأمراض (مت 10: 1). وعندما شرع قوم من اليهود الطوافين ان يستخدموا اسم يسوع
المسيح وبولس من أجل الكسب المادي ولعمل السحر وظنوا أنهم يمارسون هذا العمل بقوة
اسم يسوع الذي يكرز به بولس،لاخراج الشياطين فاستهزاء بهم أبليس وغلبهم {
فَقَالَ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ لَهُمْ: «أَمَّا يَسُوعُ فَأَنَا أَعْرِفُهُ
وَبُولُسُ أَنَا أَعْلَمُهُ وَأَمَّا أَنْتُمْ فَمَنْ أَنْتُمْ؟».فَوَثَبَ
عَلَيْهِمُ الإِنْسَانُ الَّذِي كَانَ فِيهِ الرُّوحُ الشِّرِّيرُ وَغَلَبَهُمْ
وَقَوِيَ عَلَيْهِمْ حَتَّى هَرَبُوا مِنْ ذَلِكَ الْبَيْتِ عُرَاة
وَمُجَرَّحِينَ. وَصَارَ هَذَا مَعْلُوماًعِنْدَ جَمِيعِ الْيَهُودِ
وَالْيُونَانِيِّينَ السَّاكِنِينَ فِي أَفَسُسَ. فَوَقَعَ خَوْفٌ عَلَى
جَمِيعِهِمْ وَكَانَ اسْمُ الرَّبِّ يَسُوعَ يَتَعَظَّمُ. وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ
الَّذِينَ آمَنُوا يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ.وَكَانَ
كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ السِّحْرَ يَجْمَعُونَ الْكُتُبَ
وَيُحَرِّقُونَهَا أَمَامَ الْجَمِيعِ. وَحَسَبُوا أَثْمَانَهَا فَوَجَدُوهَا
خَمْسِينَ أَلْفاً مِنَ الْفِضَّةِ. هَكَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ تَنْمُو
وَتَقْوَى بِشِدَّةٍ.} ( أع 15:19-20). لقد استخدم الله الصالح الأحداث لبنيان
الكنيسة، إذ وقع خوف الرب على جميع اليهود والأمم الساكنين في أورشليم، وتعظم اسم
الرب يسوع أمام كثيرين. وأدرك كثير من السحرة وهواة الأعمال السحرية ضعف قوة إبليس
وكل جنوده أمام اسم الرب يسوع متى صدر عن قلب له شركة معه ونفس مقدسة له. في جدية
جاء كثيرون بكتب السحر التي كانوا يستعملونها فكانوا يحرقونها علانية، دون أية
اعتبار لأثمانها. لقد حرقوا كتب السحر علانية أمام الجميع، معلنين توبتهم معترفين
بخطاياهم. قدموا كل رصيدهم، كتب السحر الثمينة، ليعلنوا عدم الرجوع إلى السحر، ما
كانوا يظنونه مصدر رزقهم بل وغناهم لم يعد ذات قيمة بل صار أشبه بمرض يريدون
الخلاص منه. ولعل حرق الكتب علانية كان تعبيرًا عن روح الفرح بالنصرة على عدو
الخير والبهجة بخلاص السيد المسيح.
+ اضطراب في أفسس ... كان صناعة هياكل صغيرة من الفضة أو تماثيل للآلهة أرطاميس تجارة مربحة
للغاية. وإذ نجحت خدمة الرسول بولس انهارت هذه التجارة، لذلك عقد شخص يدعى
ديمتريوس اجتماعًا لصانعي التماثيل الفضية، وأوضح لهم الخطر الذي يحدق بهم. لم
يلجأ ديمتريوس إلى الحكام أو القضاة، بل إلى أصحاب المصالح المادية والعمال الذين
كل ما يشغلهم في هذه العبادة مكسبهم المادي. واستطاع أن يهيج المدينة على القديس
بولس ومن معه يكشف ديمتريوس عن مدى الخطورة التي تحل بهم، حيث أن انتشار الإيمان
حتمًا يسبب غلق متاجر هؤلاء الصناع، وتبطل صياغة هيكل أرطاميس الفضية. ضخم الصناع
الأمر ليس بفقدان مصدر رزقهم، وإنما بأنها إهانة لآلهتهم الباطلة. ولكي يثيرهوم
دينيًا أعلن ديمتريوس لهم أن ما هو أخطر أنه يهين الإلهة التي تتعبد لها جميع آسيا
والمسكونة. { فَجَمَعَهُمْ وَالْفَعَلَةَ فِي مِثْلِ ذَلِكَ الْعَمَلِ وَقَالَ:
«أَيُّهَا الرِّجَالُ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ سِعَتَنَا إِنَّمَا هِيَ مِنْ
هَذِهِ الصِّنَاعَةِ. وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ وَتَسْمَعُونَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْ
أَفَسُسَ فَقَطْ بَلْ مِنْ جَمِيعِ أَسِيَّا تَقْرِيباً اسْتَمَالَ وَأَزَاغَ
بُولُسُ هَذَا جَمْعاً كَثِيراًقَائِلاً: إِنَّ الَّتِي تُصْنَعُ بِالأَيَادِي
لَيْسَتْ آلِهَةً. فَلَيْسَ نَصِيبُنَا هَذَا وَحْدَهُ فِي خَطَرٍ مِنْ أَنْ
يَحْصُلَ فِي إِهَانَةٍ بَلْ أَيْضاً هَيْكَلُ أَرْطَامِيسَ الإِلَهَةِ
الْعَظِيمَةِ أَنْ يُحْسَبَ لاَ شَيْءَ وَأَنْ سَوْفَ تُهْدَمُ عَظَمَتُهَا هِيَ
الَّتِي يَعْبُدُهَا جَمِيعُ أَسِيَّا وَالْمَسْكُ. فَلَمَّا سَمِعُوا امْتَلأُوا
غَضَباً وَطَفِقُوا يَصْرُخُونَ قَائِلِينَ: «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ
الأَفَسُسِيِّينَ». فَامْتَلأَتِ الْمَدِينَةُ كُلُّهَا اضْطِرَاباًوَانْدَفَعُوا
بِنَفْسٍ وَاحِدَةٍ إِلَى الْمَشْهَدِ خَاطِفِينَ مَعَهُمْ غَايُوسَ
وَأَرِسْتَرْخُسَ الْمَكِدُونِيَّيْنِ رَفِيقَيْ بُولُسَ فِي السَّفَرِ. وَلَمَّا
كَانَ بُولُسُ يُرِيدُ أَنْ يَدْخُلَ بَيْنَ الشَّعْبِ لَمْ يَدَعْهُ
التَّلاَمِيذُ. وَأُنَاسٌ مِنْ وُجُوهِ أَسِيَّا كَانُوا أَصْدِقَاءَهُ أَرْسَلُوا
يَطْلُبُونَ إِلَيْهِ أَنْ لاَ يُسَلِّمَ نَفْسَهُ إِلَى الْمَشْهَدِ. وَكَانَ
الْبَعْضُ يَصْرُخُونَ بِشَيْءٍ وَالْبَعْضُ بِشَيْءٍ آخَرَ لأَنَّ الْمَحْفَلَ
كَانَ مُضْطَرِباً وَأَكْثَرُهُمْ لاَ يَدْرُونَ لأَيِّ شَيْءٍ كَانُوا قَدِ
اجْتَمَعُوا!. فَاجْتَذَبُوا إِسْكَنْدَرَ مِنَ الْجَمْعِ وَكَانَ الْيَهُودُ
يَدْفَعُونَهُ. فَأَشَارَ إِسْكَنْدَرُ بِيَدِهِ يُرِيدُ أَنْ يَحْتَجَّ
لِلشَّعْبِ. فَلَمَّا عَرَفُوا أَنَّهُ يَهُودِيٌّ صَارَ صَوْتٌ وَاحِدٌ مِنَ
الْجَمِيعِ صَارِخِينَ نَحْوَ مُدَّةِ سَاعَتَيْنِ «عَظِيمَةٌ هِيَ أَرْطَامِيسُ
الأَفَسُسِيِّينَ!». ثُمَّ سَكَّنَ الْكَاتِبُ الْجَمْعَ وَقَالَ: «أَيُّهَا
الرِّجَالُ الأَفَسُسِيُّونَ مَنْ هُوَ الإِنْسَانُ الَّذِي لاَ يَعْلَمُ أَنَّ
مَدِينَةَ الأَفَسُسِيِّينَ مُتَعَبِّدَةٌ لأَرْطَامِيسَ الإِلَهَةِ الْعَظِيمَةِ
وَالتِّمْثَالِ الَّذِي هَبَطَ مِنْ زَفْسَ؟. فَإِذْ كَانَتْ هَذِهِ الأَشْيَاءُ
لاَ تُقَاوَمُ يَنْبَغِي أَنْ تَكُونُوا هَادِئِينَ وَلاَ تَفْعَلُوا شَيْئاً
اقْتِحَاماً. لأَنَّكُمْ أَتَيْتُمْ بِهَذَيْنِ الرَّجُلَيْنِ وَهُمَا لَيْسَا
سَارِقَيْ هَيَاكِلَ وَلاَ مُجَدِّفَيْنِ عَلَى إِلَهَتِكُمْ. فَإِنْ كَانَ
دِيمِتْرِيُوسُ وَالصُّنَّاعُ الَّذِينَ مَعَهُ لَهُمْ دَعْوَى عَلَى أَحَدٍ
فَإِنَّهُ تُقَامُ أَيَّامٌ لِلْقَضَاءِ وَيُوجَدُ وُلاَةٌ فَلْيُرَافِعُوا
بَعْضُهُمْ بَعْضاً. وَإِنْ كُنْتُمْ تَطْلُبُونَ شَيْئاً مِنْ جِهَةِ أُمُورٍ
أُخَرَ فَإِنَّهُ يُقْضَى فِي مَحْفِلٍ شَرْعِيٍّ.لأَنَّنَا فِي خَطَرٍ أَنْ
نُحَاكَمَ مِنْ أَجْلِ فِتْنَةِ هَذَا الْيَوْمِ. وَلَيْسَ عِلَّةٌ يُمْكِنُنَا مِنْ
أَجْلِهَا أَنْ نُقَدِّمَ حِسَاباً عَنْ هَذَا التَّجَمُّعِ». وَلَمَّا قَالَ
هَذَا صَرَفَ الْمَحْفَلَ} (أع 25:19-41). أراد القديس بولس الرسول أن يدخل
وسط الجماهير ليتحدث معهم مدافعًا عن نفسه وعن صديقيه، أو ليشهد لهم بطريق
أو آخر عن الإنجيل. لكن منعه المؤمنين خوفا عليه ومعهم قادة عقلاء من هناك وكانوا
أصدقاء له فأرسلوا إليه ألا يسلم نفسه، إذ أدركوا خطورة الموقف وكان يلزم امتصاص
غضب الجماهير حتى يمكن السيطرة على الموقف دون أن يهلك الرسول ورفقاؤه. لعل تلاميذ
الرسول وهؤلاء الوجوه رأوا أن تسليم بولس نفسه للجماهير يلهب الموقف بالأكثر،
فستعامله الجماهير بعنفٍ شديدٍ وقد تقتله، وليس بذات المعاملة التي يعاملون بها
رفيقيه غايس وارسترخس. فالأفضل أن ينتظر حتى يتهيأ الجو للقاء مع الجماهير بعد
إقامة محفل للقضاء. وظهر كاتب المدينة أو سكرتير مجلس المدينة، وهو ضليع في القانون
وذو ثقافة عالية فتحدث معهم باللغة التي تهدئتهم من ثورتهم، مؤكدًا لهم أن هذه
الإلهة العظيمة النازلة من السماء لا يمكن أن يدمرها قلة قليلة جدًا من اليهود.
لقد وبخهم على مخاوفهم غير اللائقة بعظمة أرطاميس. وكأنه يقول لهم هذا الهياج يهين
العبادة فتظهر وكأنها ضعيفة ومعرضة للخطر بلا سبب. وأكد للجموع الهائجة أنه إن
كانت هناك أية شكاوى أخرى، فالقضاء مستعد للاستماع بمحفلٍ شرعيٍ وليس بالهياج
والثورة، حتى يمكن تحقيق العدالة وتنفيذ القانون. لان الهياج يسيء إلى سمعة
المدينة لدى روما، لأنه بلا ترتيب ولا نظام، ويتجاهل الإجراءات القانونية السليمة.
يلزمهم أن يتذكروا أن من يشترك في هياج هكذا يحسب جريمة يعاقب عليها القانون
الروماني بالإعدام. وإذ خشي الكثيرون لئلا يُقبض
عليهم، ويُحاكموا بجريمة التظاهر والشغب، انسحبوا، فانصرف المحفل كله.
في قيادة الله القدير..
+ يا الله ضابط الكل ومدبر
الكون القدير، أنت قادر أن تستخدم الأشخاص والأحداث من أجل مجد اسمك القدوس، أنت
قادر أن تقودنا بعين عنايتك وتستخدمنا لصلاحك وأنت صانع الخيرات الرحوم والعامل من
أجل خلاص ونجاة كل أحد فاستخدمنا كأواني مقدسة لصنع إرادتك المقدسة كل حين.
+ ايها المسيح الهنا، الراعي
الصالح الذي قاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل، أنت عملت بالرسل القديسين المعجزات
وكرزوا وبشروا باسمك القدوس في كل الأقطار وردوا كثيرين للإيمان فهربت من أمامهم
قوات الشر والظلمة، أعمل الآن يا سيد وأسمع واصفح عن ذنب شعبك وأرفع عن العالم
وبلادنا الوباء وروح والمرض والضلال واهدنا الى ملكوتك السماوي.
+ يا روح الله القدوس، العامل في الكنيسة و مؤمنيها وأسرارها . قدس شعبك وبارك ميراثك وحرك الأشخاص والأحداث وحتى المواقف العصيبة وتقودنا فيها لمجد اسمك القدوس ولبنيان وخلاص النفوس ولا تدع موت الخطية يقوى علينا بل أبعث فينا روح التوبة والصلاة من أجل خلاص النفوس البعيدة وتقوية الإيمان ومجد أسمك القدوس، امين .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق