نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الجمعة، 25 ديسمبر 2020

69- القديس بولس الرسول والمحاكمة أمام فيلكس الوالي


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

محاكمة بولس الرسول أمام فيلكس الوالي

+ أرسل القديس بولس إلى قيصرية ليحاكم أمام فيلكس والي قيصرية، العاصمة المدنية لليهودية في ذلك الوقت وأخبر الأمير ليسياس في اورشليم رئيس الكهنة والقيادات الدينية المقاومين للقديس بولس بأنه إن كان لديهم شكوى على بولس فليقدموها ضده في قيصرية ولم يرد رئيس الكهنة والشيوخ أن يخسروا وقتًا، بل تبعوا الرسول بولس، وقد أخذوا معهم ترتلس الخطيب ليقدم الشكوى والاتهامات ضد بولس في قيصرية. لقد بلغت بهم الكراهية حتى أن رئيس الكهنة نفسه ترك الهيكل ومدينة الله أورشليم وكل التزامات الخدمة ليذهب بنفسه إلى القضاء في قيصرية يهاجم بولس الرسول. لقد ذهب رئيس الكهنة ومعه هيئة تمثل مجمع السنهدرين ليمثل ضغطًا على الوالي, بأن الأمر خطير ويمس الأمة اليهودية بأسرها. وتصاغروا  في أعين أنفسهم، فحسبوا أنهم عاجزون عن تقديم الدعاوى ضد القديس بولس، لذلك أخذوا معهم خطيب ومحامي روماني يدعي ترتلس وغالبًا ما كان خطيبًا رومانيًا، حيث كان اليهود يجهلون إلى حد كبير القوانين الرومانية والإجراءات القانونية في مثل هذه الحالة. فكانوا يوظفون بعض المحامين الرومانيين للدفاع عن قضاياهم وقدم ترتلس دعواهم الي فيلكس واستدعي القديس بولس من الحبس ليقف أمام الوالى ويسمع الدعاوى ضده وليدافع عن نفسه { بَعْدَ خَمْسَةِ أَيَّامٍ انْحَدَرَ حَنَانِيَّا رَئِيسُ الْكَهَنَةِ مَعَ الشُّيُوخِ وَخَطِيبٍ اسْمُهُ تَرْتُلُّسُ. فَعَرَضُوا لِلْوَالِي ضِدَّ بُولُسَ. فَلَمَّا دُعِيَ ابْتَدَأَ تَرْتُلُّسُ فِي الشِّكَايَةِ قَائِلاً:. «إِنَّنَا حَاصِلُونَ بِوَاسِطَتِكَ عَلَى سَلاَمٍ جَزِيلٍ وَقَدْ صَارَتْ لِهَذِهِ الأُمَّةِ مَصَالِحُ بِتَدْبِيرِكَ. فَنَقْبَلُ ذَلِكَ أَيُّهَا الْعَزِيزُ فِيلِكْسُ بِكُلِّ شُكْرٍ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَكُلِّ مَكَانٍ. وَلَكِنْ لِئَلاَّ أُعَوِّقَكَ أَكْثَرَ أَلْتَمِسُ أَنْ تَسْمَعَنَا بِالاِخْتِصَارِ بِحِلْمِكَ. فَإِنَّنَا إِذْ وَجَدْنَا هَذَا الرَّجُلَ مُفْسِداً وَمُهَيِّجَ فِتْنَةٍ بَيْنَ جَمِيعِ الْيَهُودِ الَّذِينَ فِي الْمَسْكُونَةِ وَمِقْدَامَ شِيعَةِ النَّاصِرِيِّينَ. وَقَدْ شَرَعَ أَنْ يُنَجِّسَ الْهَيْكَلَ أَيْضاً أَمْسَكْنَاهُ وَأَرَدْنَا أَنْ نَحْكُمَ عَلَيْهِ حَسَبَ نَامُوسِنَا. فَأَقْبَلَ لِيسِيَاسُ الأَمِيرُ بِعُنْفٍ شَدِيدٍ وَأَخَذَهُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِينَا. وَأَمَرَ الْمُشْتَكِينَ عَلَيْهِ أَنْ يَأْتُوا إِلَيْكَ. وَمِنْهُ يُمْكِنُكَ إِذَا فَحَصْتَ أَنْ تَعْلَمَ جَمِيعَ هَذِهِ الأُمُورِ الَّتِي نَشْتَكِي بِهَا عَلَيْهِ». ثُمَّ وَافَقَهُ الْيَهُودُ أَيْضاً قَائِلِينَ: «إِنَّ هَذِهِ الأُمُورَ هَكَذَا».}( أع 1:24-9).

+ بدأ ترتلس خطابه بكلمات التملق والرياء، مع أن فيلكس كان معروفًا بعنفه وشره وطمعه. أعتبر ترتلس أن الخلاص من بولس هو عمل صالح يًحسب امتدادًا لأعمال فيلكس الصالحة لحساب الأمة، إذ اخمد الفتن وحركات التمرد التى تهدد سلام الشعب. وكأن بولس واحد من هؤلاء المثيرين للفتن. ولم يكن أحد يجهل مدى كراهية رئيس الكهنة والشيوخ للوالي الروماني، حيث يتطلعون إليه كنيرٍ موضوعٍ على عنقهم. كانت قلوبهم مشحونة بالعداوة ضد فيلكس، لكن في كراهيتهم لاسم يسوع قالوا لبيلاطس أنه ليس لهم ملك إلا قيصر، والآن يحسبون فيلكس حليمًا ومهتمًا بمصالحهم من أجل تحقيق هدفهم من جهة القديس بولس. وباسم رئيس الكهنة وكل مجمع السنهدرين قدم ترتلس ثلاثة إتهامات خطيرة ضد الرسول بولس: أولهما يخص الأمن العام للدولة بكون بولس مهيج فتنة بين جميع اليهود، والثاني يمس سلامة الدين اليهودي كمنجس للهيكل وكاسر للناموس، والثالث كقائد حركة لشيعة جديدة تدعى الناصريين. فادعوا ان بولس ينادي بتعاليم ضد ناموس موسى والتقاليد والعادات اليهودية مما يسبب انقسامًا وثورة وسط اليهود. جاءت الكلمة مهيج فتنة بمعني كقائد للجيش، وكأن بولس هو الرجل الأول في حركة الناصريين الثائرة كجيش يحارب. لقد قلبوا الحقائق فالرسول بولس ككارزٍ بإنجيل المسيح، يسوع الناصري، يدعو إلى الخضوع للسلطات، وتقديم الكرامة لمن له الكرامة، كما يدعو إلى تنفيذ الناموس في كمال مفهومه الروحي، فيطالب بالحب حتى نحو الأعداء والمقاومين. وادعوا ان بولس يدنس الهيكل وهذا الاتهامات بلا أساس من الصحة، فقد أتهم بأنه دخل بيونانيين إلى المكان المقدس (أع 21: 28)، وقد نفي الرسول على ذلك. واتهموا الأمير ليسياس باستخدام العنف معهم، وأنه لو لم يفعل ذلك لتمت محاكمة عادلة بخصوص بولس. وهم في هذا يخفون الحقيقة، إذ كانوا يدبرون مؤامرة لقتل بولس بدون محاكمة. ويرى البعض أن حديث الخطيب ترتلس حتمًا قال أكثر من هذا، وأن القديس لوقا اكتفي بتقديم الخطوط العريضة للحديث أو ملخصًا له. وقد أيد قاده اليهود كلام خطيبهم ترتلس.

دفاع القديس بولس ...

+ لقد دافع القديس بولس عن نفسه قائلا{ إِنِّي إِذْ قَدْ عَلِمْتُ أَنَّكَ مُنْذُ سِنِينَ كَثِيرَةٍ قَاضٍ لِهَذِهِ الأُمَّةِ أَحْتَجُّ عَمَّا فِي أَمْرِي بِأَكْثَرِ سُرُورٍ. وَأَنْتَ قَادِرٌ أَنْ تَعْرِفَ أَنَّهُ لَيْسَ لِي أَكْثَرُ مِنِ اثْنَيْ عَشَرَ يَوْماً مُنْذُ صَعِدْتُ لأَسْجُدَ فِي أُورُشَلِيمَ. وَلَمْ يَجِدُونِي فِي الْهَيْكَلِ أُحَاجُّ أَحَداً أَوْ أَصْنَعُ تَجَمُّعاً مِنَ الشَّعْبِ وَلاَ فِي الْمَجَامِعِ وَلاَ فِي الْمَدِينَةِ. وَلاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يُثْبِتُوا مَا يَشْتَكُونَ بِهِ الآنَ عَلَيَّ. وَلَكِنَّنِي أُقِرُّ لَكَ بِهَذَا: أَنَّنِي حَسَبَ الطَّرِيقِ الَّذِي يَقُولُونَ لَهُ «شِيعَةٌ» هَكَذَا أَعْبُدُ إِلَهَ آبَائِي مُؤْمِناً بِكُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِي النَّامُوسِ وَالأَنْبِيَاءِ. وَلِي رَجَاءٌ بِاللَّهِ فِي مَا هُمْ أَيْضاً يَنْتَظِرُونَهُ: أَنَّهُ سَوْفَ تَكُونُ قِيَامَةٌ لِلأَمْوَاتِ الأَبْرَارِ وَالأَثَمَةِ. لِذَلِكَ أَنَا أَيْضاً أُدَرِّبُ نَفْسِي لِيَكُونَ لِي دَائِماً ضَمِيرٌ بِلاَ عَثْرَةٍ مِنْ نَحْوِ اللهِ وَالنَّاسِ. وَبَعْدَ سِنِينَ كَثِيرَةٍ جِئْتُ أَصْنَعُ صَدَقَاتٍ لِأُمَّتِي وَقَرَابِينَ. وَفِي ذَلِكَ وَجَدَنِي مُتَطَهِّراً فِي الْهَيْكَلِ لَيْسَ مَعَ جَمْعٍ وَلاَ مَعَ شَغَبٍ قَوْمٌ هُمْ يَهُودٌ مِنْ أَسِيَّا. كَانَ يَنْبَغِي أَنْ يَحْضُرُوا لَدَيْكَ وَيَشْتَكُوا إِنْ كَانَ لَهُمْ عَلَيَّ شَيْءٌ. أَوْ لِيَقُلْ هَؤُلاَءِ أَنْفُسُهُمْ مَاذَا وَجَدُوا فِيَّ مِنَ الذَّنْبِ وَأَنَا قَائِمٌ أَمَامَ الْمَجْمَعِ. إِلاَّ مِنْ جِهَةِ هَذَا الْقَوْلِ الْوَاحِدِ الَّذِي صَرَخْتُ بِهِ وَاقِفاً بَيْنَهُمْ: أَنِّي مِنْ أَجْلِ قِيَامَةِ الأَمْوَاتِ أُحَاكَمُ مِنْكُمُ الْيَوْمَ».}(أع 10:24-21) اتسم دفاع بولس بروح الحكمة والقداسة، وتحقق فيه وعد السيد المسيح أنهم إذ يقفون أمام ملوك وولاة من أجله ويُعطون في تلك الساعة ما يتكلمون به. لم يستخدم الرسول بولس كلمات الإطراء والتملق، كما فعل الخطيب ترتلس، لكنه قدم مديحًا متواضعًا لفيلكس الوالي، مظهرًا أنه صاحب خبرة في شئون الأمة اليهودية، لهذا حتمًا ستكون المحاكمة عادلة. وكان فيلكس والي لليهودية منذ سبعة سنوات وهي فترة طويلة أعطت لفيلكس خبرة قوية من جهة أمور الأمة اليهودية. إنها فترة طويلة إن قورنت بالولاة السابقين له. وقال له {احتج عما في أمري بأكثر سرور} إنها لغة الإنسان الجرىء الذي لا يخشى الموت والواثق في أعماقه ببراءته مهما دارت الأحداث. فلم يهتز الرسول بولس من كلمات الخطيب الأجير، ولا أعطى لكلماته اهتمامًا، إنما وجه الحديث بكل توقير للوالي، وقد ظهرت عليه علامات السرور والبهجة لا الاضطراب والخوف. لقد قدم الي اورشليم من اثني عشر يوم، لأنه حسب فقط الأيام التى كان يمكن أن يُتهم فيها بأنه يصنع فتنة في أورشليم، إذ لا يمكنه ان يصنع فتنة وهو في الحبس في قيصرية تحت الحراسة. وكانت الاثني عشر يومًا هي الفترة ما بين صعوده إلى أورشليم حتى مجيئه إلى قيصرية تحت الحبس لدى فيلكس، وهي فترة قصيرة للغاية. أوضح بولس غاية صعوده إلى أورشليم وهي ليتعبد لله وليس ليثير فتنة. صعد بهدفٍ تقويٍ تعبديٍ خاشعٍ. ولم يكن مفسدا أو مهيج فتنه كما أدعي ترتلس كيف يكون هذا صدقًا، وهو لم يدخل في حوارٍ مع أحد، ولا على مستوي التجمعات، ولا في داخل الهيكل، بل كان في الهيكل ينفذ نذرًا، ويحتفظ بشركته في العبادة مع شعبه، ولم يتحد أحدًا منهم. ولا يستطيعون أن يثبتوا ما يشتكون به الآن عليه فليس لديهم أي دليل على إثارة أي شعب، إذ يحمل كل حب وغيرة على خلاص بني جنسه (رو 9: 1-3).

+ أما عن الاتهام الثاني الذي قدمه ترتلس فهو أنه زعيم لفئة الناصريين، فقد جاءت إجابته { ولكنني أُقر لك بهذا،أنني حسب الطريق الذي يقولون له شيعة، هكذا أعبد إله آبائي،  مؤمّنًا بكل ما هو مكتوب في الناموس والأنبياء}. لم ينكر بولس عضويته لاتباع يسوع المسيح فهو يعتز بانتسابه للمسيحيين. لكن هذا الانتساب ليس إلا امتدادًا للعبادة بحسب فكر آبائهم، الذين دعاهم "آبائي". دخوله الهيكل دليل عملي على ممارسته للعبادة حسب فكر آبائه. كما أن المسيح تحقيق لما ورد في الناموس والأنبياء وهو تحقيق للنبوات وغاية بولس وجماعة ورجاؤها هو التمتع بالقيامة من الأموات وأوضح الرسول ما هو الإيمان المسيحي بقوله {هكذا أعبد إله آبائي مؤمنًا ولي رجاء باللَّه فيما هم أيضًا ينتظرونه،أنه سوف تكون قيامة للأموات الأبرار والآثمة}.

+ أن بولس يدرب نفسه ويجاهد ليرضى الله وليكون له دائمًا ضمير بلا عثرة من نحو اللَّه والناس وفي تواضعٍ لم ينسب الرسول لنفسه الكمال، لكنه سالك في الطريق، يدرب نفسه على الدوام، فاحصًا ضميره من جهة علاقته بالله والناس. فإن ما يشغله ليس تبرئة نفسه أمام القضاء، وإنما أمام الديان، العارف بما في ضمائر الناس. يطلب دومًا الاستنارة، ويجاهد ليكون مخلصًا وأمينًا أمام الله وفي حق الناس. فكيف يُتهم بمثير فتن وهو إلى سنوات طويلة لم يصعد إلى أورشليم، والآن إذ يصعد يأتي إلى أورشليم بصدقاتٍ وتقدماتٍ بسبب ما حل بالمدينة من مجاعة!. وكما قال في رسالته لاهل روميه {ولكن الآن أنا ذاهب إلى أورشليم لأخدم القديسين} (رو 15: 25) أنّه من أجل سماتهم هذه كقديسين يسافر بولس ليلتقي بهم شخصيًا، وهو يترجّى أنّهم يقبلوا تقدمته مظهرّا أنّه مغبوط بالأكثر هو العطاء عن الأخذ (أع 20: 35). وحين ألقوا القبض عليه كان معه يهود قادمون من آسيا وكان هو متطهرًا منشغلاً بخدمة مقدسة حيث يوفي بنذره، ولم يدخل الهيكل ومعه جمهور أو شغب. ولو أنه رافق بولس أحد غريب غير يهودي دخل معي إلى الهيكل، لكان يجب إحضارهم ايضا ليشهدوا ضدي أمامك. أنه التماس جرئ يقدمه الرسول فان كان قد أدخل أحد غير يهودي إلى الهيكل فليقدموا دليلاً عمليًا على اتهاماتهم له. وأراد الرسول بولس أن يوجه أنظارهم إلى أن الأمر الوحيد، ولعله الذي نطق به أمام المجمع، هو التعليم بالقيامة من الأموات.

+ تاجيل القضية للإطلاع والتحقيق... إذ سمع الوالي كلا من ترتلس وبولس أقوالهم أودع بولس في الحبس حتى يفحص الأمر بعد مجيء القائد ليسياس { فلما سمع هذا فيلكس أمهلهم، إذ كان يعلم بأكثر تحقيق أمور هذا الطريق قائلاً: متى انحدر ليسياس الأمير أفحص عن أموركم} (أع 22:24).  كان فيلكس على علم بالإيمان بالسيد المسيح ربما كان لدي فيلكس معرفة عن المسيحية أكثر مما كان يظن رئيس الكهنة ومن معه، ففي قيصرية وجد كرينليوس قائد المائة الذي قَبِل الإيمان هو وأهل بيته على يدي بطرس الرسول. ولعله احتك عمليًا ببعض المسيحيين وتلامس مع أمانتهم وإخلاصهم في العمل وحسن سيرتهم وسلوكهم. وخاب أمل رئيس الكهنة ومن معه إذ كانوا يتوقعون صدور حكم عاجل من الوالي ضد الرسول بولس. { وأمر قائد المائة أن يُحرس بولس، وتكون له رخصة، وأن لا يمنع أحدًا من أصحابه أن يخدمه أو يأتي إليه} (أع 23:24) بلا شك كان للرسول بولس أصدقاء كثيرون في قيصرية، يستطيعون خدمته، ويأتون إليه يسمعون له، كما كان له مقاومون كثيرون، فوجوده في الحبس كان بسماح إلهي لسلامته. ويرى البعض أن فيلكس أمر بحبس بولس مع معرفته ببراءة الرسول ليطيب خاطر القيادات اليهودية، وإن كان لم يحكم بموته كطلبهم. وربما كان يتوقع من أصدقاء الرسول، وهم ليسوا بالعدد القليل، أن يقدموا رشوة فيطلق سراحه. وأن يتأكد فعلاً خلال اللقاءات معه ومع غيره عن حقيقة الأمر.

لقاء فيلكس وزوجته بالقديس بولس

واضح أن فيلكس قد أعجب بالرسول بولس، فوهب له حرية اللقاء مع أصدقائه وكل زائريه. والتقاه هو وزوجته على مستوى عائلي. لقد استدعاه ليسمع منه عن يسوع المسيح، وعن الإيمان المسيحي الذي لديه بعض المعرفة عن هذا الأمر. ولعله استدعاه بناء على طلب زوجته التي كان لديها حب استطلاع للتعرف على هذا الطريق من الرسول نفسه{ ثُمَّ بَعْدَ أَيَّامٍ جَاءَ فِيلِكْسُ مَعَ دُرُوسِلاَّ امْرَأَتِهِ وَهِيَ يَهُودِيَّةٌ. فَاسْتَحْضَرَ بُولُسَ وَسَمِعَ مِنْهُ عَنِ الإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ. وَبَيْنَمَا كَانَ يَتَكَلَّمُ عَنِ الْبِرِّ وَالتَّعَفُّفِ وَالدَّيْنُونَةِ الْعَتِيدَةِ أَنْ تَكُونَ ارْتَعَبَ فِيلِكْسُ وَأَجَابَ: «أَمَّا الآنَ فَاذْهَبْ وَمَتَى حَصَلْتُ عَلَى وَقْتٍ أَسْتَدْعِيكَ». وَكَانَ أَيْضاً يَرْجُو أَنْ يُعْطِيَهُ بُولُسُ دَرَاهِمَ لِيُطْلِقَهُ وَلِذَلِكَ كَانَ يَسْتَحْضِرُهُ مِرَاراً أَكْثَرَ وَيَتَكَلَّمُ مَعَهُ. وَلَكِنْ لَمَّا كَمِلَتْ سَنَتَانِ قَبِلَ فِيلِكْسُ بُورْكِيُوسَ فَسْتُوسَ خَلِيفَةً لَهُ. وَإِذْ كَانَ فِيلِكْسُ يُرِيدُ أَنْ يُودِعَ الْيَهُودَ مِنَّةً تَرَكَ بُولُسَ مُقَيَّداً} (أع 24:24-27) كانت دروسلا هي ابنة هيرودس أغريباس الصغرى الذي أكله الدود وكانت محبة للاستطلاع، أما من جهة حياتها فقد كانت قبلاً متزوجة، تركت زوجها وعاشت مع فيلكس كزوجة غير شرعية، وكان يشغلها المعرفة الفكرية لا التمتع بالحياة الإيمانية المقدسة. قام أخوها أغريباس الصغير بتزويجها بأزيسيس ملك أميسا وكان موافقًا أن يختتن. وإذ رآها فيلكس والي اليهودية واحبها أرسل إليها سمعان أحد أصدقائه وهو يهودي قبرصي المولد الذي تظاهر بأنه ساحر لكي ما يغويها على ترك زوجها والزواج بفيلكس. واحبته وعاشت معه بغير زواج رسمي يرى البعض أن فيلكس استدعى بولس في حضور زوجته دروسلا، وكان يتوقع من هذا السجين أن يلطف من خاطر دروسلا ويطمئنها على سلامة زواجها من فيلكس وبينما كان يتكلم عن البرّ والتعفف والدينونة العتيدة أن تكون، ارتعب فيلكس وأجاب بولس أمّا الآن فاذهب، ومتى حصلت على وقت أستدعيك. فلم يداهن الرسول بولس الوالي وزوجته غير الشرعية، بل شهد لإنجيل المسيح بكل قوة، وتحدث عن البرّ والعفة والدينونة العتيدة فارتعب الوالي، ولم يحتمل أن يسمع، لأن ضميره صار يبكته، ولعله خشي من تأثير الرسول بولس على دروسلا فتفكر في التوبة وتترك فيلكس. والعجيب أن دروسلا لم ترتعب لحديث الرسول بولس، لقد تبلد فكرها وقلبها وضميرها مهما سمعت عن البرّ والعفة وعن الدينونة. بينما كان فيلكس واليًا وقاضيًا، لكنه لا يحمل سمات القيادةِ فارتعب أمام السجين. فالمؤمن الحقيقي لا يرتعب من الغير مهما كان سلطانهم، بل يحمل رهبة وسلطانًا. ومع أن فيلكس ارتعب متأثرًا بحديث القديس بولس، لكن محبة المال والمجد الباطل أفسدتا حياته، فكان يستدعي الرسول راجيًا أن يعطيه دراهم فيطلقه. تحقق الوالي أنه ليس من جريمة ارتكبها الرسول، وأنه يلزم إطلاقه. ومع أن الرشوة كانت ممنوعة حسب القانون الروماني، لكنها كانت سائدة، وكان فيلكس يرجو من بولس أن يدفع رشوة له. كان يستدعيه ويعامله بكل لطف لعله يشتري حريته بالمال. ولكن بعد سنتين تم عزل فيلكس وخلفه بوركيوس فستس فختم فيلكس ولايته بأن ترك الرسول أسيرا ليس اعتقادا بأنه مخطئ، وإنما ليكسب اليهود حتى بعد تركه الولاية لا يشتكوا عليه للأمبراطور.

اليك نرفع الصلاة

+ أيها الرب الهنا القدير نرفع اليك الصلاة من أجل المظلومين لتنصفهم وتحررهم ومن اجل الضعفاء لتقويهم ومن أجل المرضى لتشفيهم ومن أجل المدافعين عن الإيمان المستقيم لتهبهم حكمة لا يقدر جميع معانديهم أن يقاوموها، ومن أجل القضاة ليحكموا بالعدل، ولاجل الحكام ومن هم في منصب ليحيوا في مخافتكم ويقودوا بحكمة وعدل وحق وبر.

+ أيها المسيح الهنا الذي حل علي أرضنا وأفتقر ليغنينا وأحتمل الظلم ليهبنا التبرير والسلام، أنت القادر أن تهبنا سلامك وسط عواصف الحياة وتقرر لنا الحق وتقودنا في الطريق المستقيم وتهبنا الحياة الأفضل لنحيا في محبة وتعاون ونعمل لنخدم أخوتنا لا لنسود علي أحد، ونبذل أنفسنا حبا فيك وفي الغير ونسرع الي كل عمل صالح.

+ يا روح الله القدوس، حرك فينا الدوافع المقدسة للتوبة وأعمل فينا لنرجع بكل قلوبنا الي الله ونثمر ثمرا صالحا وأقم موتي الخطية وأفتح أعين العميان وهبنا بصيرة روحية لنعرف أن ما يزرعه الإنسان أياه يحصد، لنثمر ثمار صالحة ويدوم ثمرنا للحياة الأبدية، أمين.

ليست هناك تعليقات: