للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
القبض على بولس وحديثه الي قائد الكتيبة..
+ قبض الجند على القديس بولس في الهيكل ليساق لقلعة أنطونيا في أورشليم فقال بولس للأمير قائد الكتيبة: أيجوز لي أن أقول لك شيئًا؟ فقال: أتعرف اليونانية فتحدث الرسول مع أمير الكتيبة باليونانية، فدُهش لأنه كان يظنه يهودي مصري سبق أن صنع فتنة مدعيًا أنه نبي وخرج وراءه أربعة آلاف شخص إلى جبل الزيتون. كما يقول يوسيفوس أنه قال لهم سيظهر كيف تتساقط حصون أورشليم، وأنه سيعبر بهم خلال هذه الحصون الساقطة. كما يقول أنه جَمع ثلاثون الف وقد ضلوا معه وذهب معهم إلى جبل الزيتون، وقال لهم أنه مستعد أن يدخل أورشليم بالقوة. قام فيلكس الوالي بإحباط هذه الحركة بقوى عسكرية قتلت 400 منهم شخص وأسروا 200 شخصًا. وهرب الثائر ولم يظهر بعد. لهذا كان طبيعيًا أن يظن أمير الكتيبة أنه المصري الهارب وقد عاد فثارت الجماهير عليه { فقال بولس: أنا رجل يهودي طرسوسي، من أهل مدينة غير دنية من كيليكية، والتمس منك أن تأذن لي أن أُكلم الشعب} (أع 21:39) حولت العناية الإلهية هذا الاضطراب للخير، فقد وجدها الرسول بولس فرصة للشهادة للمسيح في أورشليم وسط الجموع الآتية الي العيد، واستطاع أن يجذبهم للاستماع إليه بحديثه معهم باللغة العبرية. وأعلن الرسول للأمير عن موطنه فهو رجل يهودي شريف المولد، وحامل للجنسية الرومانية التي تعطيه كامل الحقوق المدنية.
+ وقف القديس بولس أعلى درجات درجات في الهيكل لكي يراه الجميع. وقف الأسير بين العسكر مربوط بالسلاسل, لكنه كان سيد الموقف في هدوءه العجيب وسلامه الداخلي الذي أدهش الكثيرين حتى الثائرين ضده. لم يحسب هذا الموقف مخزيًا له, بل وكأنه قد صعد على سلم يعقوب, وارتفع إلى حيث الرب واقف, يحوط به العسكر السمائيون. ويتطلع بقلب ينبض حبًا نحو مقاوميه, لعل نعمة اللَّه تقتنصهم فيختبروا ما يتمتع به من أمجاد داخلية. أشار بيده للجموع، والعجيب أنه صار سكوت عظيم. لم يكن يحلم الرسول بولس بهذه الفرصة الرائعة ليشهد لمسيحه أمام جميع طبقات الأمة اليهودية بكافة علمائها ورؤسائها وأتقيائها، أمام اليهود الذين من أورشليم والقادمين من كل أنحاء العالم. لقد وهبه الرب نعمة، فما أن أشار بيده حتى صار سكوت عظيم. تحدث معهم بالعبرية التي لا يتقنها سوى علماء اليهود والكهنة، لغة العبادة والطقس. ولما سمعوه يتحدث بلغتهم الأصلية صار سكوت عظيم.
أول دفاع لبولس أمام اليهود..
+ يقدم لنا الإنجيلي لوقا أول دفاع يوجهه الرسول بولس إلى اليهود، ويفند فيه الاتهامات الثلاثة التي وُجهت ضده، وهي أنه ضد الأمة اليهودية، ومقاوم للناموس، ومدنس للهيكل. وقد جاء دفاعه قوي الحجة مرتب الفكر وكرازى تبشيري فهو عبراني بالمولد، غيور على أمته، و يعتز بلغته. هذه الغيرة يشهد لها مجمع السنهدرين نفسه ورئيس الكهنة، حيث كان يعمل معهم لمقاومة اسم يسوع. كما أن إيمانه بالمسيح يسوع لم يكن بدعوة بشرية، بل بإعلان إلهي في لحظات مقاومته بكل عنف لاسم يسوع. فقد أنار له يسوع المسيح السماوي الطريق، وحوله من مضطهد للكنيسة إلى كارز بإيمانها. أنه لم يهجر الهيكل، بل يشارك في العبادة، وأن الرب نفسه ظهر له في الهيكل، يؤكد له أنه سيرفضه اليهود ليكرز بين الأمم. لقد بدأ دفاعه بالحديث معهم بكونه واحدًا منهم، يتطلع إليهم أنهم إخوته وآباؤه، يكِّن لهم كل حبٍ وتقديرٍ بكونهم بني أمته ويتحدث بكل شجاعة بلا خوف ولما سمعوا أنه ينادي لهم باللغة العبرانية، أعطوا سكوتًا أحرى. لقد استراح له الشعب المستمع إليه، واطمأن له أيضًا القائد إذ سمعه يتحدث باليونانية والعبرانية بطلاقة { أنا رجل يهودي، وُلدت في طرسوس كيليكية،ولكن رُبِّيت في هذه المدينة مؤدبًا عند رِجليّ غمالائيل،على تحقيق الناموس الأبوي، وكنت غيورًا للَّه كما أنتم جميعكم اليوم} (أع 3:22). بولس ليس بالإنسان الغريب عنهم ولا سبطه غريب عن بقية الأسباط. مولود في طرسوس، عاصمة كيليكية، أي في بلد جدير بالشرف تتمتع بالحرية وهو دارس متعلم جاء إلى أورشليم ليتعلم عند قدمي غمالائيل أبرز معلم للناموس اليهودي في عصره. اهتم بناموس الآباء معتزًا بالتقليد الآبائي السليم، فهو يعتز بما تسلمه الآباء وما سلموه جيلاً بعد جيلٍ، وأن ما يمارسه الآن هو امتداد حقيقي للتقليد الآبائي الحق وليس فيه انحراف. إنه يعلن الأمانة التي تسلمها، ولكن بحسب الفكر الروحي. ومملوء غيرة لله، كما يشهدون، إذ كان يضطهد من كان يظنهم مقاومين لله. وغيرة شاول على حفظ الناموس روحيًا هي بعينها غيرة بولس في المسيح يسوع مكمل الناموس ومحقق غايته.
+ لقد حدثهم كيف أنه كان مضطهد للمؤمنين بالمسيح بقلب ناري بلا تمييز بين رجلٍ أو امرأةٍ، غايته في ذلك الكشف عن أن تحوله إلى الخدمة لحساب المسيح لم يكن إلا بقوة إلهية ودعوة سماوية حولت كل فكره، خاصة وأن هذا قد حدث فجأة خلال إعلان إلهي. { و اضطهدت هذا الطريق حتى الموت، مقيدًا ومسلمًا إلى السجون رجالاً ونساء. كما يشهد لي أيضًا رئيس الكهنة وجميع المشيخة، الذين إذ أخذت أيضًا منهم رسائل للإخوة إلى دمشق، ذهبت لآتي بالذين هناك إلى أورشليم مقيّدين لكي يعاقبوا}( أع 4:22-5). كان شاول لا يقبل اسم يسوع ولا الإيمان به. وبذل كل الجهد ليرعب الكل رجالاً ونساءً، مسلمًا إياهم للسجون، فقد حسبهم لا يستحقون الحياة، ولم يكن يتصور أنه يأتي اليوم الذي فيه يجد فرحه في أن يموت كل النهار من أجل مسيحه ويصير مقيدًا من أجل اسم يسوع والشهادة له { أنا الذي كنت قبلاً مجدفًا ومضطهدًا ومفتريًا، ولكنني رُحمت لأني فعلت بجهل في عدم إيمان، وتفاضلت نعمة ربنا جدًا} (1 تي 13:1-14). فمن جانب، أكد أنه كان يسلك بلا لوم (في 6:3)، ومن جانب آخر، يعترف أنه خاطئ إلى الحد الذي لا يحتاج الخطاة أن ييأسوا من أنفسهم. فشاول مضطهد الكنيسة قد وجد غفران ورحمة من الله. وكأنه يقول لهم: ما تفعلونه الآن هو صورة باهتة لما سبق أن فعلته أنا بالمسيحيين. لي خبرة بما في قلوبكم، وما تحملونه أنتم من مشاعر. وإني اشتهي أن تنالوا ذات خبرتي، لتدركوا الحق الذي أدركته أنا.
شاول يكرز بسر تحوله...
+ كشف القديس بولس ما كان عليه حين كان مضطهدًا للكنيسة وهي ذات الحالة التي يعيشها اليهود الثائرين ضده، حدثهم عن عمل الله معه، وكأنه يطلب لهم أن يعمل الله فيهم كما عمل فيه. يؤكد الرسول بولس أن تغييره لم يقم على حبه لما هو جديد، ولا لتأثير بشري عليه. لقد تركه الرب يسير طوال الطريق من أورشليم حتى قرب دمشق، وكانت كل أحلام يقظته أن يخدم الله بكل قوة بإبادة المسيحيين ونزع اسم يسوع من على وجه الأرض، متطلعًا إلى المسيحيين كأصحاب بدعة تقاوم الحق الإلهي، وتفسد الأمة. لقد أشرق عليه نور عظيم من السماء، واليهود يعلمون أن الله نور، ساكن في النور، ملائكته هم ملائكة نور. هذا حدث في الظهيرة حيث لا يمكن أن يكون تخيلاً، ولا فيه خدعة { فَحَدَثَ لِي وَأَنَا ذَاهِبٌ وَمُتَقَرِّبٌ إِلَى دِمَشْقَ أَنَّهُ نَحْوَ نِصْفِ النَّهَارِ بَغْتَةً أَبْرَقَ حَوْلِي مِنَ السَّمَاءِ نُورٌ عَظِيمٌ. فَسَقَطْتُ عَلَى الأَرْضِ وَسَمِعْتُ صَوْتا قَائِلاً لِي: شَاوُلُ شَاوُلُ لِمَاذَا تَضْطَهِدُنِي؟. فَأَجَبْتُ: مَنْ أَنْتَ يَا سَيِّدُ؟ فَقَالَ لِي: أَنَا يَسُوعُ النَّاصِرِيُّ الَّذِي أَنْتَ تَضْطَهِدُهُ.} (أع 6:22-8) لقد ناداه المسيح من السماء باسمه، وقد تشكك في الأمر، وكانت مفاجأة له أن يسوع الناصري حي، هو في السماء، يحسب كل مقاومة ضد كنيسته موجهه ضده شخصيًا. وكأن الرسول يحذرهم حتى لا يسقطوا في ما سقط هو فيه، فإن اضطهادهم للرسول الآن هو اضطهاد مباشر ليسوع الناصري الذي ظنوا أنه قد تخلصوا منه بصلبهم إياه. إنهم يقاومون المسيا السماوي. ولئلا يعترضوا: لماذا غيَّر النور والصوت حياتك، ولم يغير حياة الذين كانوا حولك؟ وإن كنا لا نعرف إن كان منهم من تأثروا من الموقف أم لا، لكن الرسول أكد أن الرؤيا كانت له شخصيًا، لقد رأوا النور ولم يميزوه، ولم يسمعوا الصوت الذي كلمه. ربما سمعوا صوتًا رهيبًا لكنهم لم يفسروا الكلمات، لأنه موجه لشاول الطرسوسي. ويرى القديس أمبروسيوس أن شاول الطرسوسي دون رفقائه سمع صوت الرب ودخل معه في الحوار لأنه كان في أعماقه مستعدًا لقبول الحق، ومشتاقًا إلى المعرفة. ولم يقبل شاول الطرسوسي الإيمان في الحال، لكنه طلب مشورة السماوي، فقاده إلى الكنيسة لكي يتعرف على الحق. في المدينة التي كان يود أن يخرب كنيستها فيصير هو تلميذًا يتعلم الحق الإنجيلي منها. ولم تحتمل عيناه الجسديتان أن تنظرا بهاء نور السيد المسيح فأصيبت بالعمى، حتى تنفتح عيون قلبه لرؤية المجد الداخلي للمسيح المخلص.
+ حنانيا الرسول وإيمان شاول ... لقد أرسله الرب الي حنانيا الرسول والمشهود لتقواه كي يعلمه باختيار إله الآباء له لكي يتعرف على مشيئته الخاصة بخطة الخلاص، ويدرك رسالته، فيرى المسيح القدوس البار، ويتقبل من فمه الدعوة الرسولية ويعتمد ويغتسل من خطاياه ويكون شاهدا للإيمان بالمسيح لجميع الناس { لأنك ستكون له شاهدًا لجميع الناس بما رأيت وسمعت} (أع 15:22). كرسول مدعو من السيد المسيح يقدم شهادة حية عملية لما رآه وما سمعه، يشهد أن يسوع هو بالحقيقة المسيا المنتظر من الآباء والأنبياء، وقد جاء وتمم عمل الخلاص، فهو مخلص العالم. ولم يكن هدف الرسول استعراض أعماله، بل الكشف عن عمل الله معه لحساب الحق، وروى لهم دعوة الرب له للعمل بين الأمم، وهو في داخل هيكل سليمان في أورشليم. وأوضح أنه ترك أورشليم ليس خوفًا، ولكن بدعوة من الله وهو في الهيكل يصلي مع إخوته اليهود { فرأيته قائلاً لي: أسرع وأخرج عاجلاً من أورشليم، لأنهم لا يقبلون شهادتك عني}(أع 18:22) إذ أتهم الرسول بأنه مدنس الهيكل، أراد تأكيد أنه تمتع برؤيا سماوية ودعوة لخدمة الأمم وهو في الهيكل. واضح أن الذي تراءى له في الهيكل اليهودي هو يسوع المسيح، وكان يود أن يبقى شاهدًا له بين اليهود، لأنهم يعرفون سيرته الماضية، وأن تحوله هو عمل إلهي. لم يكن يتوقع شاول الطرسوسي أن بني أمته يرفضون شهادته.
+ شهد أما الجمع بالإيمان عن سر تحوله للإيمان بل ودعاهم اليه واضح لهم ان دعوته للأمم للإيمان هي أرادة الله { فَسَمِعُوا لَهُ حَتَّى هَذِهِ الْكَلِمَةَ ثُمَّ صَرَخُوا قَائِلِينَ: «خُذْ مِثْلَ هَذَا مِنَ الأَرْضِ لأَنَّهُ كَانَ لاَ يَجُوزُ أَنْ يَعِيشَ». وَإِذْ كَانُوا يَصِيحُونَ وَيَطْرَحُونَ ثِيَابَهُمْ وَيَرْمُونَ غُبَاراً إِلَى الْجَوِّ. أَمَرَ الأَمِيرُ أَنْ يُذْهَبَ بِهِ إِلَى الْمُعَسْكَرِ قَائِلاً أَنْ يُفْحَصَ بِضَرَبَاتٍ لِيَعْلَمَ لأَيِّ سَبَبٍ كَانُوا يَصْرُخُونَ عَلَيْهِ هَكَذَا.} ( أع 22:22-24) لقد غلبوا صوت العاطفة والغيرة الخاطئة وثار الرعاع ورفعوا أصواتهم وصاروا يصرخون حتى يقاطعوه في الحديث، ولا يسمحوا لأحد أن يسمع عن ضرورة الخدمة بين الأمم. وصرخوا أنه غير مستحق أن يعيش على الأرض متطلعين إليه كوباءٍ مدمرٍ، ولم يدركوا أنه في سجل رجال الله الذين لم يكن العالم مستحقًا لهم (عب 11: 38). وليس عجيبًا أن يشعر الرسول بأن ما يحل به هو تكميل آلام المسيح في جسده. هكذا صرخت الجموع "خذ مثل هذا من الأرض، لأنه كان لا يجوز أن يعيش". لقد أصغوا بكل انتباه حين تكلم معهم بالعبرانية، وحين شهد لظهور السيد المسيح له في الطريق، وكيف اختاره للشهادة له، أما أن يُعلن أنه يذهب إلى الأمم، فهذا ما لم يحتملوه، وحسبوه أنه ليس أهلاً أن يوجد على وجه الأرض، مع أن كل أنبياء العهد القديم تنبأوا عن عودة الأمم إلى الله. لم يكن ممكنًا لتشامخهم أن يقبلوا دخول الأمم إلى الإيمان، فإنهم فى نظرهم نجسون. لم يشيروا إلى اتهامٍ معينٍ، لكنهم تصرفوا هكذا لكي يخيفوا الحاكم. كانوا يصيحون ويمزقون ثيابهم ويرمون غبارًا إلى الجو. كان تمزيق الثياب يسري على رؤساء الكهنة حين يسمعون تجديفًا على الله تبرأ من دم المجدف (مت 26: 65-66). أما إلقاء التراب في الهواء فوق رؤوسهم تعبير عن ظلمٍ حلّ بهم، وأنهم يستغيثون بالسماء والأرض. هذا المنظر أثار الأمير، فأمر بفحصه داخل القلعة بضربات. وإذ كان القديس بولس يتحدث بالعبرانية مع الجموع لم يفهم الأمير خطابه، كما أن هياج الشعب لم يعطه فرصة لدراسة الموقف، فأراد أن يتعرف على الجريمة باستخدام العنف مع الرسول بجلده فيعترف بما ارتكبه.
دفاع القديس بولس عن حقه كمواطن روماني...
+ لم يكن قانوني بالنسبة للمواطن الروماني أن يجلد لقد استخدم الرسول هذا الامتياز قبلاً حين كان في فيلبي ولكن بعدما جلد (أع 16: 37)، أما هنا فاستخدمه قبل جلده. وقد تحدث مع قائد المائة بهدوء ولطف في غير غضبٍ ولا احتدادٍ. عند الرومان قانون يدعى lex Sempronia يعَّرض القاضي أو الحاكم الذي يؤدب أو يدين رومانيًا حرًا دون الاستماع إليه أن يسقط تحت الحكم { فَلَمَّا مَدُّوهُ لِلسِّيَاطِ قَالَ بُولُسُ لِقَائِدِ الْمِئَةِ الْوَاقِفِ: «أَيَجُوزُ لَكُمْ أَنْ تَجْلِدُوا إِنْسَاناً رُومَانِيّاًغَيْرَ مَقْضِيٍّ عَلَيْهِ؟». فَإِذْ سَمِعَ قَائِدُ الْمِئَةِ ذَهَبَ إِلَى الأَمِيرِ وَأَخْبَرَهُ قَائِلاً: «انْظُرْ مَاذَا أَنْتَ مُزْمِعٌ أَنْ تَفْعَلَ! لأَنَّ هَذَا الرَّجُلَ رُومَانِيٌّ».فَجَاءَ الأَمِيرُ وَقَالَ لَهُ: «قُلْ لِي. أَأَنْتَ رُومَانِيٌّ؟» فَقَالَ: «نَعَمْ». فَأَجَابَ الأَمِيرُ: «أَمَّا أَنَا فَبِمَبْلَغٍ كَبِيرٍ اقْتَنَيْتُ هَذِهِ الرَّعَوِيَّةَ». فَقَالَ بُولُسُ: «أَمَّا أَنَا فَقَدْ وُلِدْتُ فِيهَا». وَلِلْوَقْتِ تَنَحَّى عَنْهُ الَّذِينَ كَانُوا مُزْمِعِينَ أَنْ يَفْحَصُوهُ. وَاخْتَشَى الأَمِيرُ لَمَّا عَلِمَ أَنَّهُ رُومَانِيٌّ وَلأَنَّهُ قَدْ قَيَّدَهُ.} (أع 25:22-29). كانت الجنسية الرومانية تُمنح للشخص إما بميلاده من والدين رومانيين، أو تُشتري بالمال، أو تُمنح هبة من الحكومة الرومانية. ولعل والدا بولس اقتنيا الجنسية الرومانية هبة مقابل خدماتهما للدولة الرومانية. ويرى البعض أن طرسوس كمستعمرة رومانية كان لها حق الامتياز، فكل مواطنيها يحسبون كرومانيين لهم ذات امتياز الرومان. ارتعب الأمير لأن في هذا مسئولية خطيرة عليه أمام روما. لقد سبق فظنه المصري المتمرد المثير للفتنة، لكنه دُهش إذ وجده يتحدث اليونانية (أع 21: 37)، وازدادت دهشته عندما عرف أنه روماني الجنسية، خاصة وأنها بالمولد. لقد حل الأمير القديس بولس من القيود حتى لا يكون كاسرًا للقانون الروماني، لكنه تركه في الحبس ربما خشية أن يتعرض له اليهود الثائرين ضده. وفي الغد طلب الأمير أن يقف بولس الرسول أمام مجمع السنهدريم في حضور الأمير، ووقف بولس الرسول أمام رؤساء الكهنة وقادة اليهود الذين قتلوا السيد المسيح يشهد لهم بالقيامة من الأموات. صار يتفرس فيهم، وعرفهم وعرفوه حق المعرفة، فقد تسلم منهم خطابات توصية لمقاومة المسيحيين، وهو الآن يدعوهم لقبول الإيمان المسيحي.
صلاة من أجل الإيمان
+ يا أبانا السماوى القدوس، ليس لنا سوى أن نرفع الصلاة ونطلب من كل القلوب، من أجل البعيدين عن معرفتك والمقاومين لك والعالم الذي يسير في الشر والخطية وانت الخالق وضابط الكل أن ترد قلوبنا اليك وتهدينا الي الإيمان وتهدى مقاومي الحق وتعطي حكمة ونعمة للمبشرين باسمك ويستعلن مجدك في كل الأرض.
+ يا مسيحنا القدوس الذي بذل ذاته عنا خلاصاً. انت وحدك تسعى لطلب الضالين وتعطي رجاء للبائسين وتستطيع أن تفتح أعين العميان وتهب محبتك حتى للمضطهدين وتصبر على المقاومين ، خلصنا وأرحمنا وأهدى الضالين وحرر أسرى إبليس والجهل والتعصب والخطية لنفرح بخلاصك.
+ يا روح الله القدوس، نريد يوم خمسين جديد، تحل فيه علينا وتمنحنا القوة والنعمة والحكمة لنعمل معك ونتوب عن تكاسلنا وجهلنا ونعمل بكل جد ونشاط معك لخلاص كل نفس ونجاتنا من طوفان بحر العالم، ليتمجد اسمك القدوس أيها الآب والأبن والروح القدس، الإله الواحد، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق