للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ قدم لنا السيد المسيح مثالا لعظمة التواضع والبساطة وأرتقى بنا لنتعامل مع الأطفال باحترام ومحبة وتقدير. لقد قدَّس السيِّد الطفولة إذ صار طفلاً، ولا يزال يقدّسها إذ يجعل الأطفال ابناء وبنات له ويباركهم ويجعل ملائكتهم قريبين منه وضرب بهم المثل للحياة الناضجة الروحيّة القادرة أن ترث الملكوت بمجد عظيم، وكأنه يريد إن ينقلنا من نضوج الجسد والعمر إلى نضوج النفس الداخليّة التي لا ترتبط بزمنٍ معين { فِي تِلْكَ السَّاعَةِ تَقَدَّمَ التَّلاَمِيذُ إِلَى يَسُوعَ قَائِلِينَ: «فَمَنْ هُوَ أَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ؟» فدَعَا يَسُوعُ إِلَيْهِ وَلَداً وَأَقَامَهُ فِي وَسَطِهِمْ وَقَالَ: «اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَرْجِعُوا وَتَصِيرُوا مِثْلَ الأَوْلاَدِ فَلَنْ تَدْخُلُوا مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ. فَمَنْ وَضَعَ نَفْسَهُ مِثْلَ هَذَا الْوَلَدِ فَهُوَ الأَعْظَمُ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ. وَمَنْ قَبِلَ وَلَداً وَاحِداً مِثْلَ هَذَا بِاسْمِي فَقَدْ قَبِلَنِي.} ( مت 1:18-5). فيليق بنا أن نتخلّى عن كل كبرياء ونتواضع فبدون التواضع يبقى الإنسان بعيدا عن الله، مهما قدّم من عبادة ونسكيّات فلا يمكنه الدخول، فإنه لا يمكن لقلب متكبّر أن ينعم بالاتّحاد مع ابن الله المتواضع ليعبّر به وفيه إلى حضن أبيه وإن كانت الكبرياء قد طردت الإنسان من الفردوس، فلا عودة إلي الفردوس بغير التواضع.
+ بينما نرى تشريد ما يزيد عن عشرين مليون طفل بسبب الحروب فى العالم المتخلف ومقتل ما يزيد عن المليون وتيتم حوالي 6 مليون وانتهاكات لحقوق الاطفال وأغتصاب الكثيرين والزج بهم كدروع واقية فى الحرب واستخدامهم فى السخرة وأعمال لا انسانية وتعليمهم كيف يمارسوا القتل والحرب، نرى كيف يتعامل الانسان الراقى مع الطفولة وتتوقف حركة السير لعبور طفل للشارع. فى السويد هناك عراقي يعيش منذ سنوات وابنه كان من أوائل المتفوقين دراسيا وقررت إدارة المدرسة تنظيم رحله إلى البرازيل للمتفوقين. طلبت إدارة المدرسة جواز سفر الابن لاستخراج تأشيرة دخول فرفضت سفارة البرازيل أعطاء الابن فيزا بسبب جواز سفره العراقى بعد عدة أيام، اتصلت المديرة بوالد الطفل ثم قابلته بأبتسامة عريضة ومدت يدها وأعطته جواز سفر سويدي لابنه. انبهر الرجل !بادرته المديرة قائلة لقد قمت بمخاطبة رئيس الوزراء بخصوص ابنك والذي وافق على منحه الجواز السويدي لتجنب الصدمة النفسية التي سيتلقاها الطفل والتي قد تنعكس على شخصيته عند الكبر وسافر الطفل مع المتفوقين.
+ لم يقصد السيد المسيح بمدح الطفولة تفضيل سنٍ على آخر، وإلا صار النمو عامل هدّام. وكنا لا نشتهي البلوغ إلى سن النضوج مادام يسلبنا تعبنا في ملكوت السماوات، ولما سمح الله بالنمو الذي ينمِّي الفضيلة، ولما اختار الرب تلاميذه من الرجال الناضجين، فالرب لا يُشير بالطفولة إلى سنٍ، بل إلى المحبّة التي تحمل بساطة الطفولة. فالفضيلة ليست عجزًا عن إتمام الخطيّة لكنها رفض لها، ومثابرة للعودة إلى الطبيعة الخيرة والبساطة والتواضع، قد يتشاجر الأطفال معا لكنهم سرعان ما يعودون ليجتمعوا ويعودوا للالتقاء معا فى صداقة إذ هم لا يعرفون السلوك بمكر وخداع ولا يحملون ضغينة أو أحقاد. أحترم السيد المسيح الأطفال وباركهم كما قدر حتى الخطاة ووالعشارين ودافع عن المرأة الخاطئة. ومنه نتعلم أن نقدر كل أحد لان احتقار النفس البشريّة والاستهانة بخلاصها، سواء كانت نفس طفل صغير أو شخص ناضج، لإنسانٍ عظيمٍ أو فقير، أو حتى ازدراء الإنسان لنفسه وهو غير مبال بخلاصه أو أعثار غيره، إنّما هو ازدراء بعمل المسيح الخلاصي. وأهمال لاخ لنا أو أخت مات المسيح لاجلهم، وعلينا أن نكرم في الإنسان كونه مخلوق على صورة الله ومثاله.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق