للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ نتعرض فى حياتنا الحاضرة للتجارب والآلام، والخليقة كلها تعاني وتتألم وكانها فى حالة مخاض { فاننا نعلم ان كل الخليقة تئن وتتمخض معا الى الان }(رو 8 : 22). وقد يتسأل البعض فى حيرة لماذا الأمراض والحروب والقتل والحوادث والفقر وأنتقال الأحباء؟ ولماذا يعاني الأبرار؟. أننا يجب أن نفهم أن الله لا يجرب أحد بالشرور بل إن غياب الله من حياة البشر والشيطان وأعماله وأعوانه والخطية هم سبب رئيسي للشر { لاَ يَقُلْ أَحَدٌ إِذَا جُرِّبَ إِنِّي أُجَرَّبُ مِنْ قِبَلِ اللَّهِ، لأَنَّ اللَّهَ غَيْرُ مُجَرَّبٍ بِالشُّرُورِ وَهُوَ لاَ يُجَرِّبُ أَحَداً }(يع 1 : 13). لكن المؤمن عليه إن يسلم حياته لله ويتقبل ما يسمح به حتى وان كنا لا نفهم حكمته فى أمور عديدة { يَا لَعُمْقِ غِنَى اللهِ وَحِكْمَتِهِ وَعِلْمِهِ! مَا أَبْعَدَ أَحْكَامَهُ عَنِ الْفَحْصِ وَطُرُقَهُ عَنِ الاِسْتِقْصَاءِ! } (رو 11 : 33). كما انه علينا إن نثق في قدرة الله الفائقة وحكمته ومحبته العميقة {لأَنَّهُ كَمَا عَلَتِ السَّمَاوَاتُ عَنِ الأَرْضِ هَكَذَا عَلَتْ طُرُقِي عَنْ طُرُقِكُمْ وَأَفْكَارِي عَنْ أَفْكَارِكُمْ} (اش 55 : 9). ونثق اننا عندما نجتاز الالم والضيق فان كل الاشياء تعمل معنا للخير ولدينا رجاء وثقة ان الامنا ستنتهي وأننا لسنا متروكين أو وحيدين لان لنا رئيس كهنة قادر إن يرثى لضعفنا { لأَنَّهُ فِي مَا هُوَ قَدْ تَأَلَّمَ مُجَرَّباً يَقْدِرُ أَنْ يُعِينَ الْمُجَرَّبِينَ}(عب 2 : 18). ونعلم ان لنا في المسيح يسوع حرية وخلاص وقيامة { لان الخليقة نفسها ايضا ستعتق من عبودية الفساد الى حرية مجد اولاد الله} (رو 8 : 21).
+ يجب إن نثق في عناية الله وان الله ضابط الكل { وأن العلي متسلط فى مملكة الناس}( دا 23:4). الألم فى الحياة من الأدوية التي يسمح بها الله لفائدتنا وتنقينا وتأدبنا { وَقَدْ أَدَّبَنَا آبَاؤُنَا فَتْرَةً مِنَ الزَّمَانِ، حَسَبَ مَا رَأَوْهُ مُنَاسِباً أَمَّا اللهُ، فَيُؤَدِّبُنَا دَائِماً مِنْ أَجْلِ مَنْفَعَتِنَا: لِكَيْ نَشْتَرِكَ فِي قَدَاسَتِهِ. وَطَبْعاً، كُلُّ تَأْدِيبٍ لاَ يَبْدُو فِي الْحَالِ بَاعِثاً عَلَى الْفَرَحِ، بَلْ عَلَى الْحُزْنِ وَلَكِنَّهُ فِيمَا بَعْدُ، يُنْتِجُ بِسَلاَمٍ فِي الَّذِينَ يَتَلَقَّوْنَهُ ثَمَرَ الْبِرِّ.} (عب 11:12-12). فمن قال إن الحياة الرغدة الهادئة الخالية من الآلام تخلق عظماء وأبطال فهو كاذب؟. الألم يجعل الشخص رقيق المشاعر وباخوته شاعر. يتهذب ويتأدب ويشعر بضعفه ويجعل القلب حساس لآلام الناس ويشاركهم متاعبهم ويكون رحوما بهم. وها هو رئيس إيماننا تألم تاركا لنا مثالا لنتبع خطواته {لأَنَّكُمْ لِهَذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ} (1بط 2 : 21).
+ من خلال الألم لجأ كثيرين الي الله وصرخوا اليه خلال ضيقاتهم والامهم فسمع لهم وخلصهم وأخذوا الدروس والعبر من الآلام والضيقات وقد كانوا بعيدا عنه فى ايام راحتهم وسلامهم {وَيَطْلُبُوا وَجْهِي فِي ضِيقِهِمْ يُبَكِّرُونَ إِلَيَّ }(هو 5 : 15). الألم والتجارب مدرسة للتنقية والتقوية والأعداد فالذهب يصفى ويتنقى بالنار والمؤمنين يتنقوا فى بوتقة التجارب. وكما يقول النبي { لأَنَّكَ جَرَّبْتَنَا يَا اللهُ. مَحَصْتَنَا كَمَحْصِ الْفِضَّةِ. أَدْخَلْتَنَا إِلَى الشَّبَكَةِ. جَعَلْتَ ضَغْطاً عَلَى مُتُونِنَا. رَكَّبْتَ أُنَاساً عَلَى رُؤُوسِنَا. دَخَلْنَا فِي النَّارِ وَالْمَاءِ ثُمَّ أَخْرَجْتَنَا إِلَى الْخِصْبِ. أَدْخُلُ إِلَى بَيْتِكَ بِمُحْرَقَاتٍ أُوفِيكَ نُذُورِي. الَّتِي نَطَقَتْ بِهَا شَفَتَايَ وَتَكَلَّمَ بِهَا فَمِي فِي ضِيقِي} (مز 10:66-14). قد تنمو الحشاش الضارة فى بستان حياتنا وتحتاج للقلع كما تحتاج الكروم الى التقليم والتشذيب. الضيقات والاحزان وحتى التعثر والأمراض تنقي حياتنا وتهذب عوطفنا وترفع همتنا. هكذا سمح الله قديما بالتجارب والآلام فى حياة يوسف الصديق ليقوى عوده ويذداد حكمة وخبرة وقوة تؤهله ليكون مدبرا فى أرض مصر وينقذ حياة كثيرين من الجوع والهلاك.
+ قد يكون الألم هبة وبركة يسمح بها الله { لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ} (في 1 : 29). { إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ} (رو 8 : 17). المهم فى الأمر أن لا يتألم المؤمن كفاعل شر ينال عقاب شره { فَلاَ يَتَأَلَّمْ أَحَدُكُمْ كَقَاتِلٍ، أَوْ سَارِقٍ، أَوْ فَاعِلِ شَرٍّ، أَوْ مُتَدَاخِلٍ فِي أُمُورِ غَيْرِهِ }(1بط 4 : 15). ولكن أن تألم من أجل البر فطوباه { وَلَكِنْ وَإِنْ تَأَلَّمْتُمْ مِنْ أَجْلِ الْبِرِّ فَطُوبَاكُمْ. وَأَمَّا خَوْفَهُمْ فَلاَ تَخَافُوهُ وَلاَ تَضْطَرِبُوا} (1بط 3 : 14) { فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ }(1بط 4 : 19). الله قادر ان يجعل الآلام وسيلة لتقوية إيماننا وليس أداة تبعدنا عنه وهو قادر إن يثبتنا ويقوينا ويقودنا فى موكب نصرته{ وإِلَهُ كُلِّ نِعْمَةٍ الَّذِي دَعَانَا إِلَى مَجْدِهِ الأَبَدِيِّ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ، بَعْدَمَا تَأَلَّمْتُمْ يَسِيراً، هُوَ يُكَمِّلُكُمْ، وَيُثَبِّتُكُمْ، وَيُقَوِّيكُمْ، وَيُمَكِّنُكُمْ }(1بط 5 : 10). فلنكن أمناء يا أحبائي حتى الي الموت لننال إكليل الحياة الأبدية الذى وعد به الله من يصبر حتى المنتهي {لاَ تَخَفِ الْبَتَّةَ مِمَّا أَنْتَ عَتِيدٌ أَنْ تَتَأَلَّمَ بِهِ. هُوَذَا إِبْلِيسُ مُزْمِعٌ أَنْ يُلْقِيَ بَعْضاً مِنْكُمْ فِي السِّجْنِ لِكَيْ تُجَرَّبُوا، وَيَكُونَ لَكُمْ ضِيقٌ عَشَرَةَ أَيَّامٍ. كُنْ أَمِيناً إِلَى الْمَوْتِ فَسَأُعْطِيكَ إِكْلِيلَ الْحَيَاةِ }(رؤ 2 : 10).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق