للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ من منا لا يبحث عن الراحة لنفسه المتعبة؟ ومن لا يسعي للحصول على السلام الداخلي والشعور بالرضا عن النفس والسلام مع الله والغير؟. قد يركض الإنسان وراء راحة البال وكانها سراب نطارده ولا ندركه فتمتلئ النفس بالهم والفكر بالقلق ويصاب الجسم بالأمراض والروح بالحزن!. ولقد دعانا الله ان ناتي اليه ونتعلم منه ونلقي همومنا عليه وهو يحملها ونعترف بخطايانا وهو يغفرها ونبثه متاعبنا وهو يريحنا وهو الذى قال: { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ}(مت 11 : 28- 30). يدعو السيّد المسيح المتعبين جميعًا لنوال الراحة ففيه نكتشف محبّة الآب الفائقة ونتعرّف على حنوّه نحونا، لهذا يقول الرسول بولس: { الذي لم يشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟! من سيشتكي على مختاري الله؟ الله هو الذي يبرّر! من الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات بل بالأحرى قام أيضًا الذي هو أيضًا عن يمين الله الذي أيضًا يشفع فينا!}(رو 8: 32-35). في المسيح يسوع عرفنا الآب كمحب البشر لم يبخل علينا بشيء بل قدّم ابنه فِدية عنّا. فماذا نطلب بعد؟! وفي المسيح رأيناه الديّان ولشفيع في نفس الوقت. المسيح يسوع سرّ راحة لجميع المتعبين. منه نتعلم الوداعة فقد جاء الي ارضنا وعاش ينادي بالمحبة للجميع حتى نحو الأعداء وفى تواضع الحكماء جال يصنع خير ورحمة نحو الجميع وعلمنا أن لا نهتم بالغد بل نثق فى الله الذى يهتم بطيور السماء وزنابق الحقل.
+ أن أردنا إن نحصل على راحة البال علينا ان نتحلي بالمحبة والنوايا الحسنة تجاه الكل ونسعي للقيام بعمل ما ينبغي علينا القيام به من واجبات فى كل يوم فى علاقتنا بالله ومن حولنا وفى العمل باخلاص كقول الكتاب { ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس} (اع 24 : 16). ثم علينا إن نطلب المغفرة والسماح عن التقصير من الله ونغفر لنفوسنا الاشياء التي لم نكن فيها كما يجب من أقوال أو تصرفات أو سلوك ونراعي أن لا تتكرر الأخطاء ونعالج ضعفاتنا بحكمة وصبر وطول بال فى بساطة وبدون تعقيد. نزرع المحبة أن حتى إن واجهنا الكراهية فالنار لا تطفئها النار بل الماء والنور يطرد الظلام والغبطة فى العطاء أكثر من الأخذ.
+ علينا إن نعيش فى حدود يومنا فلا نقلق على ماضى قد ولي ولن يعود وننسي ما هو وراء ولا نقلق علي ما هو لم يات بعد فالمستقبل فى يد الله الأمينة ونعمل عمل اليوم فى ثقة بالله والنفس. نحيا فى رضا وقناعة بما نملك ونسعد بالاشياء الصغيرة التي بين أيدينا، نسعي الي فهم الآخرين وأسعادهم. نمنح المحبة والأبتسامة لمن حولنا ونقدم لهم الكلمة الطيبة برغبة صادقة فى مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، نبتعد عن النزاعات والمجادلات العقيمة. نشكر الله على كل شئ { اشكروا في كل شيء لان هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم} (1تس 5 : 18). نجلس مع نفوسنا ولو عشرة دقائق كل صباح لشكر الله فى هدوء على نعمة الكثيرة وعلي اليوم الجديد وعلي نعمة الحياة والهواء والماء وفرصة العطاء وعلي كل ما لدينا من أشياء. نصلى من أجل أن يهبنا الله سلامه الكامل { وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع }(في 4 : 7)
+ البساطة وعدم التعقيد نعمة تمنح راحة للنفس. يدخل البسطاء باب الراحة الحقيقيّة خلال اتّحادهم بالسيّد المسيح نفسه. يحملونه فيهم، فيجدون نيره هيّن وحمله خفيف، فتستريح نفوسهم في داخله. حقًا لقد دعانا السيد المسيح لحمل الصليب، لكن مادام الصليب خاص به والموت هو شركة معه تتحوّل الآلام إلى عذوبة والموت إلى حياة والصلب إلى قيامة، بهذا يصير النير هيّن، لأنه نير المسيح، والحمل خفيف لأنه حمل المخلص. أنا لست بحاجة لامتلاك ما يمتلكه الآخرون كي أستمتع بالحياة، فالله نصيبي ومعه لا اريد شئ على الأرض. والقناعة كنز لا يفنى، وان كان لاحد كثير فليس حياته فى أمواله بل يكثر المال مقرونا به الكدر.
+ علينا أن نغفر ونسامح عندما يُساء إلينا، أو تـُجرح مشاعرك، علينا أن ندرّب أنفسنا على سرعة المسامحة والغفران. فلا نحتفظ بكراهية لأحد في قلوبنا فنحمل عب ثقيل يمرر حياتنا بل يجب أن نتخلص من مشاعر الغضب والضغينة التي بداخلنا من أجل سلامنا الداخلي وراحة نفوسنا وعندما نفعل هذا سنشعر بمدى الراحة فى المغفرة والصفح وننال المغفرة من الله. سليمان الحكيم بعد أن جرّب كل شيء في الحياة، صرَّح في النهاية قائلاً: {فلنسمع ختام الامر كله اتق الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله} (جا 12 : 13).
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق