نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الجمعة، 31 ديسمبر 2010

مرمم الثغرة

للأب القمص أفرايم الاورشليمى

خطايا محبوبة وثغرات مفتوحة...

أن أحطت بستانك أو بيتك بسياج ضخم ولكن تركت فيه ثغرة صغيرة غير مكتملة البناء الإ يكون ذلك فرصة للمتطفلين والعابثين واللصوص للدخول وللعبث أو سرقة ما فيه من خيرات، هكذا حياتك الروحية تحتاج الى يقظة وترميم ما بها من ثغرات لتمنع حتى الثعالب الصغيرة المفسدة للكرم الروحى والنمو. فكما جاء فى أشعياء النبى " و يقودك الرب على الدوام و يشبع في الجدوب نفسك و ينشط عظامك فتصير كجنة ريا و كنبع مياه لا تنقطع مياهه. و منك تبنى الخرب القديمة تقيم أساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى" أش 11:58-12.

-أريد ان نسأل أنفسنا بصراحة وأمانة ما هى الخطايا المحبوبة التى يتعلق بها القلب وتبعدنا عن الرب ، وهل الكسل وأراحة الجسد أو التعرج بين الفرقتين يعيق تقدمى أم حبى لذاتى وسعيي للمديح يجعل صورة الله المحبوبة غير منعكسة على هذه الذات فاحيا انا لإ المسيح في. هل كبرياء القلب تمنع نعمة الله من الجريان على هضاب ارتفاع نفسى ها هو النبى الأنجيلى يحذرنا " نَادِ بِصَوْتٍ عَالٍ. لاَ تُمْسِكْ. ارْفَعْ صَوْتَكَ كَبُوقٍ وَأَخْبِرْ شَعْبِي بِتَعَدِّيهِمْ وَبَيْتَ يَعْقُوبَ بِخَطَايَاهُمْ. وَإِيَّايَ يَطْلُبُونَ يَوْماً فَيَوْماً وَيُسَرُّونَ بِمَعْرِفَةِ طُرُقِي كَأُمَّةٍ عَمِلَتْ بِرّاً وَلَمْ تَتْرُكْ قَضَاءَ إِلَهِهَا. يَسْأَلُونَنِي عَنْ أَحْكَامِ الْبِرِّ. يُسَرُّونَ بِالتَّقَرُّبِ إِلَى اللَّهِ. يَقُولُونَ: «لِمَاذَا صُمْنَا وَلَمْ تَنْظُرْ ذَلَّلْنَا أَنْفُسَنَا وَلَمْ تُلاَحِظْ؟» هَا إِنَّكُمْ فِي يَوْمِ صَوْمِكُمْ تُوجِدُونَ مَسَرَّةً وَبِكُلِّ أَشْغَالِكُمْ تُسَخِّرُونَ. هَا إِنَّكُمْ لِلْخُصُومَةِ وَالنِّزَاعِ تَصُومُونَ وَلِتَضْرِبُوا بِلَكْمَةِ الشَّرِّ. لَسْتُمْ تَصُومُونَ كَمَا الْيَوْمَ لِتَسْمِيعِ صَوْتِكُمْ فِي الْعَلاَءِ" أش 1:58-4

أن كنا نصوم ونصلى فى تظاهر وكبرياء ونحى فى خصومة والتقاتل وعدم المصالحة أو المحبة للأخرين فان أصوامنا وصلواتنا تماثل ما فعله الفريسى قديما " وقال لقوم واثقين بأنفسهم انهم أبرار ويحتقرون الآخرين هذا المثل. إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا واحد فريسي والآخر عشار. أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة ولا مثل هذا العشار. أصوم مرتين في الأسبوع واعشر كل ما اقتنيه. وأما العشار فوقف من بعيد لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء بل قرع على صدره قائلاً اللهم ارحمني أنا الخاطئ. أقول لكم أن هذا نزل إلى بيته مبرراً دون ذاك لأن كل من يرفع نفسه يتضع ومن يضع نفسه يرتفع." لو 9-18-14.

ان ترميم الثغرات فى حياتنا يحتاج منا الى العمل على أكتشافها والسهر لكى لا يتسلل منها الشيطان وأعوانه بيد تبنى ويد تحمل الأسلحة الروحية " البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس" (اف 6 : 11). فلنفحص ذواتنا فى نهاية العام لئلا نشابه الفريسى بل نتمثل بالعشار متذكرين خطايانا فى تواضع قلب طالبين المغفرة من الرب وبهذه التوبة والتواضع أمام الله تُقبل صلواتنا ونتبرر من خطايانا ، نحتاج للتوبة والاقلاع عن الخطايا المحبوبة لنا لكى لا يجد أبليس مكانا او اشياء له فى قلوبنا واله السماء يعطينا النجاح ونحن عبيده نقوم ونبنى.

يقودك الرب على الدوام..

- فى البرية القفرة سار الشعب قديما وكان الرب يقودهم " و كان الرب يسير امامهم نهارا في عمود سحاب ليهديهم في الطريق و ليلا في عمود نار ليضيء لهم لكي يمشوا نهارا و ليلا؟ (خر 13 : 21 وعندما جاعوا أرسل لهم المن وهو كرقاق بعسل وعندما أشتهوا أكل اللحوم ارسل لهم السلوى فأكلوا حتى الشبع وفى عطشهم رواهم من صخرة تابعتهم والصخرة هى مسيحنا صخر الدهور مع هذا تذمروا على الله وأكلوا وشبعوا ثم قاموا لفعل الخطية والشر من أجل ذلك مات الكثيرين منهم فى البرية ولم يصلوا الى نهاية الرحلة ونحن نحتاج الى قيادة الراعى الصالح الذي يعرف أحتاجاتنا وضعفاتنا وأمكانياتنا ويتكفل بنا على الدوام لا لنصل الى ارض الموعد ولكن لنصل الى الملكوت السماوى.

- أتبع المسيح أذن وأطلب قيادته على الدوام وأجعله سيدك وأعرف صوته من أصوات الغرباء وعندما يقودك بمهارته يهبك الحكمة والقوة والنعمة فتتعلم منه ويشبع فى صحراء الحياة نفسك ويروى عطشك الروحى والاجتماعى والنفسي فتكون مثمرا ويدوم ثمرك " اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة و ان كان مدح ففي هذه افتكروا" (في 4 : 8)

- وقيادة الراعى تحتاج الى اليقظة والسهر على أنفسنا ورعيتنا لئلا يأتى الذئب فيبدد ويقتل الخراف، نحتاج للحفر واقتلاع الأشواك الخانقة للنفس وأزالة أحجار القساوة الروحية من القلوب ، نحتاج لبناء الخرب القديمة وأكتشاف الينابيع التى طمرها الأعداء في قلوبنا ..في بعض البلاد الغنية بالبترول الأن كانوا يتضورون جوعاً قديما والذهب الاسود تحت أقدامهم ونحن نجول نلتمس الحب من أبار العالم المشققة التى لا تضبط الماء ونبع الحياة الابدية داخلنا لا نكتشفه . أن ايماننا بعمل المسيح الخلاصى وسكنى الروح القدس ونعمته وثماره ومواهبه داخل النفس تحول حياتنا الى جنة رياء وبستان فيه كل الثمار المشتهاه للنفوس.

بناء على صخر...

- أننا نحتاج لسماع كلمة الله والعمل بها حتى نرمم ثغرات بيت بنائنا الروحى ونلاحظ أنفسنا والتعلم ونداوم على ذلك لنخلص أنفسنا والذين يسمعوننا أيضاً وكما قال المعلم الصالح "فكل من يسمع اقوالي هذه ويعمل بها اشبهه برجل عاقل بنى بيته على الصخر. فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح ووقعت على ذلك البيت فلم يسقط لانه كان مؤسسا على الصخر. وكل من يسمع اقوالي هذه ولا يعمل بها يشبه برجل جاهل بنى بيته على الرمل. فنزل المطر وجاءت الانهار وهبت الرياح وصدمت ذلك البيت فسقط وكان سقوطه عظيما". مت 24:7-28.

- والبناء الروحى للأنسان يحتاج للصبر والأستمرارية والرعاية المستمرة والسهر لخلاص النفس والثقة بالله ووعوده الصادقة فمن يصبر الى المنتهى فهذا يخلص وبصبركم تقتنون أنفسكم " و اما انتم ايها الاحباء فابنوا انفسكم على ايمانكم الاقدس مصلين في الروح القدس (يه 1 : 20) .

- أن الكنيسة فى حاجة ماسة فى هذة الأيام الأخيرة لتقديس حياة كل فرد لكى ما تنهض وتعيد مجدها الأول فقداسة الفرد تقود الى قداسة الجماعة وفساد أحد الأعضاء يعيق تقدم ونمو الجماعة ويشوه الصورة الجميلة لكنيسة المسيح التى أقتناها بدمه الثمين على عود الصليب. فهل تنهض عزيزى من جديد لترمم الثغرة فى بيت الله؟

أقوم الأن وارجع إلى أبى...

-أن كنت قد بددت ثروتى وأمكانياتى التى هى هبة منك ، وان كانت كبرياء ذاتى وشهواتى سبباً فى ضعف بيتنا الروحى ، أو كان جهلى وضعفى ويأسى بدد سلامى وتسبب فى دخول اللصوص وسلبهم لكنوزى فها أنا راجع اليك .

- بالقلب المنكسر والتوبة الصادقة والتصميم على الحياة معك للنفس الأخير فهب لى يا قدير البرء من خطاياى وأمراض نفسي بكنوز أدويتك الروحية .

- قدنى على الدوام وأهدنى وقت الظلام وروحك القدوس ينير ظلمتى ويشبع نفسي ويروى جدوب حياتى فأبنى ذاتى والأخرين على الإيمان المسلم لى من أبائى القديسين بالدم والعرق والجهاد فى الصلاة والصوم

- رمم أنت يارب الثغرات فى كنيستك المقدسة لكى لا يتخاصم ويحزن قلبك أبناء الكنيسة ولكى لا يتعثر السقيم ولكي تتقوى وتتشدد الركب المخلعة لتكون كنيستك مقدسة بلا عيب ولا دنس ، وتحيا شاهدة لآلامك وقيامتك وأنتصارك على الظلم والظلمة والشر والأشرار والخطية والضعف وتحيا على رجاء القيامة للنفس الأخير.

عام جديد وفرص متجددة

للأب القمص أفرايم الأورشليمى

نودع العِقد الأول من الأفية الثالثة...

أذ نودع عام 2010 والعقد الاول من الألفية الثالثة فاننا نشكر الله على كل حال فى السراء والضراء ونتوب عن أنفسنا على أخطائنا وخطايانا ونصلى من أجل سلام العالم كله والمسئولين فيه ليعطيهم الله الحكمة والنعمة والتدبير لأدارة شئون بلادهم بعدل ومعرفة وحكمة لنصل بسفينة بلادنا ومنطقتنا والعالم الى بر النجاة والأزدهار.

لقد مررنا فى هذا العقِد بنجاحات علمية وثقافية وتأمل العالم خيراً بوصول باراك اوباما للسلطة فى أمريكا ولكن يبدو أننا واهمون فقد مررنا بأزمات وحروب وكروب ومعاناة وشهداء ، لقد تعرض العالم كله لتسونامى من مختلف الأشكال ،أزمات أقتصادية هزت الاقتصاد العالمى ولم يتعافى منها بعد، ففى بدء العقد الاول فى أول الألفية الثالثة مرورنا باحداث 11 سبتمبر فى أمريكا والتى جاء ت بعدها الحرب فى أفغانستان ثم سقوط النظام العراقى والحرب اللبنانية الاسرائيلية والحرب على غزة بعد الأنقسام الفلسطينى المحزن واستمرار الازمات المتلاحقة فى القرن الأفريقى في الصومال والسودان والحرب بين اثيوبيا وأرتريا .وكل ذلك خلق جوء من التوجس والكراهية وأدى الى مذيد من القتلى الأبرياء واستمرار نزيف الدماء ولقد ذاد ذلك من تأجيج الصراع الحضارى والدينى مع عدم وجود فرص حقيقة للوصول لحل عادل ودائم لمشكلة الصراع الأسرائيلى الفلسطينى والذى يذداد تعقيدا بالتخوف من الحرب ضد النظام الايرانى والتى متى حدثت ستزعزع النظام العالمى كله وتقود الى مزيد من القتلى والدمار وعدم الأستقرار والفوضى السياسية غير محسوبة العواقب ويا ليت العالم بمن يقودونه يعود

إلى رشده قبل الطوفان .

وعلى المستوى المصرى والقبطى ..

مرورنا بانفلونزا الطيور ثم الخنازير والذى اتخذتها حكومتنا الرشيدة ! ذريعة لقتل خنازير الاقباط الفقراء فى جهل وتعصب وتسرع أعمى حتى على المستوى الوزارى والتشريعى وكأن الخنازير سبب الداء مما فاقم مشاكل النظافة فى مصر . وكانت بداية العام الماضى حزينة مؤلمة باحداث نجع حمادى التى راح ضحياتها شباب فى عمر الزهور قدموا أرواحهم مع أطفال بيت لحم الأبرياء على مذبح الحب الإلهى نتيجة للتعصب الأعمى ومازالت دمائهم تنزف مطالبة بالعدل الالهى والى أحداث العمرانية وأشتراك قوات الأمن فى غزوة جديدة ضد الأقباط الابرياء ولسبب بناء مبنى خدمات كنسية ، ويصرخ شهدائها وجرحاها والمبنى المغلق على ظلم الأنسان لإخيه داخل الوطن الواحد، ويطالبونا بالصمت والهدوء وأن سكتنا نحن فالحجارة المحترقة تشهد، ودم هابيل البار يصرخ من الأرض بسبب الظلم .

فلعل النظام السياسى يأخذ العبر والدروس من أخطاء الماضى ولعلنا جميعا نتعلم من الماضى ونخطط ونعمل من أجل اليوم الحسن والحاضر الناجح والمستقبل المزدهر . ولن يكون لنا مستقبل الا بالخطط المدروسة وأقامة الحق والعدل والمساواة بين جميع المواطنين ، فالظلم لا يدوم والحق أحق ان يتبع والعدل هو أكبرضامن لأستمرارية النظم وان يعمل النظام السياسي أو حتى الدينى من أجل رعاياه ومواطنيه بديمقراطية وشفافية وعدل فان ذلك مدعاة للأستقرار والأزدهار السياسى والاقتصادى والروحي والأمن والأمان للجميع.

مشكلات وحلول...

لم يتبقى لنا من العام الماضى الا أثاره التي يجب علينا معالجتها والتعلم من أخطائنا فيها على المستوى الفردى والعام والأسرى والأجتماعى والعام والنظام ..لكن من أين نبتدى ..

- علينا معالجة أنفسنا والصدق معها كفضيلة لأبد منها لمعرفة النفس والنقص فيها وعلى كل منا فى موضعه ووضعه الأجتماعى والدينى والفكرى والوطنى أصلاح نفسه والعمل الجاد والأمين من أجل تنمية وأستثمار ما لديه من طاقات وموارد من أجل خدمة الأخرين مما يعود عليه وغيرة بالرخاء.

- على النظام السياسى العمل والتخطيط لمستقبل أفضل لمواطنيه ومعالجة مشكلات الفقر والجهل والمرض. أننا نمر بازمات حياتية كثيرة تبدأ من لقمة العيش الى نظافة المياة مروراً بالغلاء الفاحش والمتسارع والازمات الصحية والتعليمية والبيئية والإمنية وحوادث الطرق والمواصلات وكل ذلك لم يعد خافياً على أحد . فهل يأخذ النظام بإيدى مواطنيه أم نظل نعانى ونغرق كل يوم فى مشكلة تعصف بنا وتغرق بلادنا فى مستنقع الجهل والتخلف.

- أننا من منطلق الصدق نعبر عن معاناة أبناء شعبنا وبصدق نريد خطط أسترتيجية قصيرة وأخرى طويلة الأمد للعبور ببلد الحضارة والتاريخ والعراقة والإيمان إلي بر الأمان . لقد طالت معاناتنا وما أكثر الوعود بالرخاء منذ خمسينات القرن الماضى حتى الأن ونجد أنفسنا نتعثر وتتوالى أزماتنا فمتى نخرج من النفق المظلم الذي نصنعه بايدينا أو نشارك فيه وعلى من تقع المسئولية القانونية والأدبية وهل يتم محاسبة المسئولين.

أمنيات للعام الجديد..

- أننا نصلى ونتمنى ان يكون هذا العام المقبل والعِقد القادم خيراً وسلاماً على مصرنا الحبيبة وعلى وطننا العربى وعلى العالم كله ، نصلى من أجل كنيستنا القبطية الشهيدة والشاهدة لالآم السيد المسيح وصبره ، نصلى من أجل كل نفس لتعود إلى الله بالتوبة والرجوع الى الحق والأيمان والرحمة .

- نصلى من أجل الساقطين ليقوموا ، والمسجونين ليتحرروا ، والمرضى ليشفوا ، والفقراء ليشبعهم الله من خيراته . نصلى ونطلب من أجل المساكين ومنكسري القلوب ، والجهال ليفتح الرب عيون قلوبهم . نصلى من أجل أحبائنا واعدائنا ليكون عامهم مقدساً سعيداً .

- أمنياتنا من أجل شعبنا أن ينعم باستقرار الاسعار وربطها بالأجور العادلة وان يكون كل منا منتج وبناء ، ونصلى ليجد كل شاب وفتاه ومواطن وعاطل عن العمل الى عمل يكفيه وبيت يأويه وكساء يدفيه ولقمه هنئية تعافيه وأسرة صالحه تسعده ومواصله نظيفة تنقله ومشفى يستأمن فيه علي حياته متى مرض، ونظام عادل ينصفه متى تعرض للظلم، وأخيراً تربة مناسبة يوارى فيها الثرى ، وأناس أوفياء يترحمون عليه .

- أحبائى لن أتمنى أن نصل القمر ولكن أرجو لكم طول العمر والصحة والسعادة وراحة البال واعلموا ان دوام الحال من المحال مع أمنياتى بغداً أفضل لجميعكم . كل عام وحضراتكم بالف خير .

الخميس، 30 ديسمبر 2010

قدس فكرى

للأب القمص أفرايم الاورشليمى

فيما تفكر ...

الفكر هو ما يميز الإنسان عن غيره من الكائنات وترجع أهمية الفكر في انه يشكل الإنسان ويوجه تصرفاته فما تفكر فيه وتقتنع به ، تتصرف طبقاً له فالأفكار التي تتبناها تحدد اتجاهاتك في الحياة ومن ثم تصرفاتك التي تتحول إلى عادات تحدد مصيرك وتضبط علاقاتك " كما فكر في نفسه هكذا يكون " . إن قراءتنا التي نقرأها وما نسمعه من الآخرين يشكل فكرنا أيضا وما تؤمن به من قيم ومبادئ في الحياة يبنى شخصيتك والإنسان ككائن مفكر يجب أن يوجه ويضبط أفكاره طبقاً لما يؤمن به ولا يجعل فكره يطيش في كل اتجاه " هادمين كل ظنوناً وكل علو يرتفع نحو الله وموجهين كل فكر إلى طاعة المسيح " 2 كو 5 : 10.

فكر المسيح ....

يقدم لنا السيد المسيح مثالاً في تجسده للفكر الإنساني السامي الذي يسعى لخلاص كل احد .. وقدم لنا أهم وأفضل الدوافع التي تبنى الإنسان الروحي إلا وهو محبة الله من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ومحبة القريب كالنفس... وعندما تكون محبة الله هى هدفك ، فان افكارك تتجه إلي كيف ترضيه وتعرفه " لتكن أقوال فمي وفكر قلب مرضية أمامك يا رب صخرتي ".

ولهذا جاء الرب يسوع ليقدم لنا صورة حية للإنسان الكامل الذي يحب الله ويقضي الليالي مصلياً ساهراً ويطالبنا بالسهر للصلاة وبنا الفكر وتغذية الروح ،ثم بالنهار يتحرك الأنسان ويعمل لصنع الخير ويسعى لنشر رسالة الملكوت وخلاص كل أحد . وفي محبته للبشر جاء ليحرر المأسورين ويبشر المساكين ويشفي منكسري القلوب ويطلب ويخلص ما قد هلك ، جاء المخلص يقدم المغفرة للخطاة ويقدم الصفح والحب للأعداء لأنهم لا يعرفون ماذا يفعلون .

جاء السيد المسيح كلمة الله المتجسد ، ليقدم لنا مثالاً في التواضع ووداعة القلب " تعلموا مني لأني وديع ومتواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم " " فليكن فيكم هذا الفكر الذي في المسيح يسوع أيضا الذي كان في صورة الله لم يحسب خلسةً أن يكون معادلاً لله لكنه أخلى نفسه أخذا صورة عبد صائرا في شبه الناس . وإذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه وأطاع حتى الموت موت الصليب " في 2 : 5 – 8 . هكذا أيضا يا عزيزي ليكن لك في المسيح مثالاً في الاتضاع ويكفي التلميذ أن يشبه سيده " فتفكروا في الذي احتمل من الخطاة مقاومة لنفسه مثل هذه لئلا تكلوا وتخوروا في نفوسكم " عب 12 : 3 .

جاء الرب يسوع المسيح ليرفع أفكارنا للسماء والى الأب السماوي وطلب منا أن نكنز في السماء وليس على الأرض لأنه حيث يكون كنزنا هناك يكون قلبنا وفكرنا .. وكان همه أن يكرز بالتوبة واقتراب ملكوت الله منا ليكون داخل القلب بما فيه من محبه وفرح وسلام وسعادة فاذ يملك الله على قلبك وفكرك يكون الرب هو محبتك ، على مثاله تتصرف وتسلك . إن تلمذتنا للمسيح تُشكل فكرنا وتجعل منا صيادين للناس ليذوقوا مما أطيب الرب . وهو أمين قد وعدنا أن يعطينا حكمة لا يقدر جميع معادينا أن يقاوموها أو يناقضوها .

إن أردت أن يكون لك فكر المسيح القدوس، قدس فكرك بكلمة الله الحية واطلب منه أن يرشدك ويضبط فكرك " قلب الإنسان يفكر في طريقه والرب يهدي خطواته " أم 16 : 9

وأقرا في كلام الإنجيل وأحفظه ليحفظك الرب في ساعة التجربة وتأمل في كلامه ليكون سراج لرجليك ونوراً لسبيلك، وكلمة الله قادرة أن تنقيك وتقدسك . لقد جاء عن القديسة مريم العذراء " أما مريم فكانت تحفظ جميع هذا الكلام متفكرة به في قلبها ، فليكن فكرك وقلبك في الرب وهو يعلمك ويرشدك كل الأيام .

تغذية الفكر وضبطه ...

إن ما تغذي به فكرك هو الذي يصنعك ويشكلك ، والحواس هي أبواب الفكر فما تراه وتسمعه وتلمسه وتذوقه وتشمه يدخل إلى فكرك . ونحن في عصر المعلومات والسرعة والأخبار والدعاية لا بد إن تضبط حواسك وان دخل إلى فكرك عن طريقها شيء ضار فلا تفكر فيه أو تتمادى معه ولا تسترجعه لأنه قد يدنس فكرك وعواطفك .

وبدلاً من سماع وقراءة ما يضر لنبنى أنفسنا على إلأيمان الأقدس وتغذيه الروح بكلام الله

" فليس بالخبز وحده يحيا الإنسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله " إن القراءة في الكتاب المقدس كنز وغذاء يعرفك إرادة الله نحوك ونحو العالم كله وكيف يتعامل الله مع قديسيه ويجعل لك فكر المسيح القدوس . كما أن قراءة وسماع الكتب والعظات الروحية وآباء الكنيسة تمنحك مادة للتأمل والصلاة. وليس معنى هذا أن ينعزل الأنسان عن مجتمعه او ثقافة عصره بل يجب ان نقرأ في مختلف مجالات الحياة من تاريخ وعلم نفس وعلوم مختلفة وفلسفة وأقتصاد وأجتماع وأدب وقانون وعلى حسب طاقتنا ووقتنا ، وذلك بانتقاء ومعرفة وبتعقل ليكون لنا الألمام والمعرفة بثقافة عصرنا مما يجعل لشخصيتنا قوتها ولحياتنا عمقها وثرائها.

غذي إذن عقلك بأفكار وقراءات صالحة تنقي فكرك وتجعله فكر قوى منضبط بالإرادة الصالحة وأشعل فكرك بعمل ايجابي يحفظه من الطياشة في الأفكار الباطلة التى لا تنفع وجيد ان تحول ما تراه حتى من مشكلات حولك إلى الصلاة إلى الله لكي يتدخل في حياتك وحياة الآخرين وان يوجه العالم نحو الخير والصلاح .

اضبط لسانك. فان كثيراً من الخطايا يتسبب فيها اللسان. واللسان يعبر عن ما بداخل الأنسان لأنه من فضلة القلب يتكلم اللسان والإنسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصالحات " الشجرة تظهر من ثمارها كذلك تفكير الإنسان يظهر من كلامه " سير 27 : 7 .

إن كثرة الكلام لا تخلو من معصية أما الضابط شفتيه فعاقل. والذي يضبط لسانه رجل كامل قادر أن يحكم الجسد كله فراقب كلامك واضبط لسانك وفكر أكثر من مرة قبل أن تتكلم لتعرف دافع كلامك وليكن كلامك للبنيان لتعطى نعمة للسامع فالكلمة الحكيمة تبني وهي كتفاحة من ذهب على طبق من فضة متى قيلت في وقتها، اعرف انه بكلامك تتبرر وبكلامك يحكم عليك .

أن تحررت من أخطاء الكلام كالكذب والمبالغة والتهكم والإدانة والتباهي والثرثرة وكان كلامك مُملح بنعمة الروح القدوس وإرشاده تكون بركة لنفسك وللسامعين.

أبعد إذا عن السلبيات والأهواء وراقب أفكارك وكن سيداً عليها فمالك نفسه خير ممن يحكم مدينة وأنت قادر بالنعمة على طرد كل فكر خاطئ وتقديس فكرك بالصلاة ومحبة الله ومحبة الخير والغير .

الفكر المقدس ....

أخضع فكرك لقيادة الروح القدس واجعل من نفسك إناء صالح مرتبط بإرادة الله وتنفيذ مشيئته غير خاضع لأهوائك ، واعلم إن للفكر أعداء تحاربه " ولكني أخاف انه كما خدعت الحية حواء بمكرها هكذا تفسد أذهانكم عن البساطة التي في المسيح " 2 كو 11 : 3 .

اعلم إن كل ما هو صالح فيك هو عطية لك من الله فلا تفتخر بمواهبك أو صلاحك لئلا تسلم للتأديب بتخلي نعمة الله عنك بسبب كبرياء القلب . واعلم إن الله يقاوم المستكبرين أما المتواضعين فيعطيهم نعمة وفي حروبك استند إلى قوة الله لتحررك من سلطان الذات وعنادها .

وراقب أفكارك واعرف أين تجول وكلما تقدمت روحياً تعرف أن تضبط فكرك فلا يطيش يميناً وشمالا ً لا في أفكار المجد الباطل أو في التزكية الخاطئة للنفس أو المديح أو التسلط أو في أفكار الشهوة والكراهية والإدانة والقي بأفكارك الخاطئة تحت صليب المسيح قائلاً مع المسيح صلبت لاحيا لا أنا ل المسيح يحيا في . وكلما تزداد محبة الله في قلبك تصغر محبة العالم في عينيك وتأتيك نعمة الروح القدس للتعزية وثق أن الرب يراقب جهادك الروحى ويحارب حروبك ما دمت أمينا له وتريد أن تجاهد وتنتصر لحساب ملكوته السماوي .

وإذ تريد أن تصلي وتقدس الفكر للمسيح في صلوات نقية ابعد عن التخمة في الأكل والشراب حتى لا تخمد حرارة روحك فهذه هي خطية سدوم التي أوجبت الهلاك عليها الكبرياء والشبع بالكل والشرب مما قادهم إلى الزنا والخطية . ولا تدع هموم الحياة تشغلك عن مناجاة الاسم الحلو الذي لربنا يسوع المسيح .

درب نفسك على الشعور بحضور الله معك في كل وقت في أثناء العمل والحديث والأكل والنوم واجعل مخافة بين عينيك وفي فكرك وقل لفكرك هل هذا الفكر يوافق عليه الرب ، وهل هذا هو فكر المسيح وكل ما تفكر فيه اسأل الرب هل هذا فكر يرضيه وهل هذا العمل يوافق إرادته وفي أي وقت يرد إليك فكر غير مقدس اطرده " قاوموا إبليس فيهرب منكم " يع 4 : 7 .

قائدي يسوع

فكرى وميولى وإرادتى بين أيديك ،

قلبى وحياتى ومصيرى ومستقبلى .

سلمت نفســي يا ربي وديعة عندك،

وسفينة حياتى لتقودهــــــا بيديـــــك ،

اســـكن في قلبــــى أنــــت يا رب ،

أملاء قلبى صلاح وقدنى دائماً للنجاح ،

كلامك هدايتى . صلــــــيبك نجاتى ،

وفكرى ليكن كفــــكرك وفى محبتـــك،

نور لــــي عقلـــــي واهدي خطاى ،

واغفر لى ذنوبى وحارب حروبى ،

فبك أغلــــب طول الطريق .

الأربعاء، 29 ديسمبر 2010

حبّو ساكن في ضْلوعي

بقلم الاخ الشاعر/ زهير دعيم

حُبّو ساكن في ضلوعي

وزارع بالحلا رْبوعي

لا تلوموني يا حبايب

هذا ربّي ويســــوعي

ملّا قلبي بحبّ جديدْ

لوّن عمري بلون العيدْ

غنّى حياتي باحلى نشيدْ

ومسح من عيني دْموعي

قصيدة شِعْري غنّاها

وبروحو الحلوه نقّاها

وبدمو الطّاهر ورواها

صليبو شبعي وينبوعي

كلّ العالَم في كفِّه

ويسوع معطي ومْكفّي

امْلُكْ قلبي والدّفِه

وكن شغلي وموضوعي

مِنْ غيرك ما في راحه

ولوْ عشنا بألف واحه

حياتنا زهرة فوّاحه

بتشرب منك يا يسوعي

الثلاثاء، 28 ديسمبر 2010

فأعطني الآن حكمة

للأب القمص أفرايم الأورشليمي

البحث عن الحكمة ...

بحث المفكّرون منذ القدم عن الحكمة . وتميزت حضاراتنا الشرقية منذ أمد طويل بالحكماء. وكان الهدف من هذا البحث هو المعرفة ، وان يتصرف الناس بفطنة وحنكة لينجح الإنسان في حياته ، وتكون له المعرفة بالخالق والعالم والأخلاقيات والسلوك الحسن . واتخذت مساعي البحث عن الحكمة في بلاد اليونان قديماً منحىً نظريًا فلسفيًا للبحث في حقيقة وجوهر الأمور، وعندما أسبغ على سقراط لقب الحكيم أجاب : انه ليس حكيماً بل محباً للحكمة "فيلو " باليونانية محب ، " صوفيا " تعني الحكمة .

وفي العهد القديم نجد إن الحكمة صفة لله وهو وهب الحكمة ، وتميز رجال الاستقامة والصلاة ومحبة الله بالحكمة. فنجد أن يوسف الصدِّيق تميَّز بحكمة من الله جعلته يفسر أحلام فرعون وأحلام جميع عبيده فقال فرعون لعبيده : " هل نجد مثل هذا رجلاً فيه روح الله ، ثم قال فرعون ليوسف بعدما أعلمك الله كل هذا ليس بصير وحكيم مثلك " تك 41 : 37 – 39 . كما تميز موسى النبي بالحكمة والحلم مهذبا أولا بحكمة المصريين ثم بالتأمل في حياته في البرية والصلة بالله ومعرفته لله . نما موسي النبي في الحكمة وأصبح مقتدراً في الأقوال والأعمال واستطاع أن يقود الشعب قديماً للتحرر من العبودية ، وقادهم في البرية بنعمة وحكمة من الله كما يقودنا الرب يسوع في برية هذا العالم عندما نطيعه ونسترشد بحكمته ونعمته ، ليعطينا حكمة ليست من هذا العالم ويصل بنا إلى السماء .

أما سليمان فطلب من الله عندما تراءى له الرب وسأله ماذا أعطيك فطلب سليمان الحكمة " فأعطني ألان حكمة ومعرفة لأخرج أمام هذا الشعب وادخل لان من يقدر أن يحكم على شعبك هذا العظيم . فقال الله لسليمان من اجل أن هذا كان في قلبك ولم تسال غنى ولا أموالا ولا كرامةً ولا أنفس مبغضيك ولا سألت أياما كثيرة بل إنما سالت لنفسك حكمة ومعرفة بهما تحكم على شعبي الذي ملكتك عليه . قد أعطيك حكمة ومعرفة وأعطيك غنى وأموالا وكرامةً " 2 أخ 1 : 10-12 . وفاقت حكمة سليمان حكمة كل بني المشرق وحكمة كل مصر 1مل 5 : 9 هذه الحكمة تجلّت في حسن قيادته وتصريفه للأمور وفي تبصّره وتميّزه .

الحكمة المسيحية والفلسفة ....

الحكمة المسيحية تهدف إلى معرفة الله ، وصفاته وملكوته وخلقه للعالم ومخلوقاته والنفس البشرية والفضيلة والسلوك الحسن، والإيمان الذي يجعل الإنسان مميزاً للخير والشر سالكاً في وصايا الله . والفلسفة تهدف إلى تكوين رأي صحيح عن الكون وخالقه والنفس البشرية ومعايير الفضيلة عن طريق أعمال العقل والتفكير ، ومع اعتراف الفلسفة بمحدودية العقل فان الفلسفة لا تضاد ولا تناقض الحكمة المسيحية والوحي الإلهي ومع هذا فنحن لا نطمئن لكل رأي للمفكرين والفلاسفة ، بل يجب دراسة هذه الآراء لمعرفتها ، لان الناس ومنهم المفكرين والفلاسفة مختلفون باختلاف بيئتهم وملكاتهم الفكرية وتجاربهم وظروفهم الاجتماعية وثقافتهم السائدة واتجاهاتهم ، فان ذلك يودي إلى اختلاف النتائج التي يتوصلوا إليها في بحوثهم ولهذا يجب أن يكون لنا التميز والبصيرة الروحية للتمييز بين الحكمة والفلسفة التي تؤكد وجود الله ومحبته أوالتى تلحد به في غرور وكبرياء .

إننا كمسيحيين لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله ، لنعرف الأشياء الموهوبة لنا من الله والتي نتكلم بها أيضا لا بأقوال حكمة إنسانية بل بما يعلّمه الروح القدس ، لأنه من عرف فكر الرب فيُعلّمه أما نحن فلنا فكر المسيح . الحكمة المسيحية وديعة روحية مملوءة رحمةً وأثمارًا صالحة عديمة الريبة والرياء يع 3 : 17 .إننا بالوحي المقدس وبالإيمان بالله يكون لنا التمييز والمعرفة لنميز بين السفسطة والفلسفات الكاذبة وبين البحث الجاد للوصول للحقيقة والارتقاء بالفكر.

مصدر الحكمة الحقيقية...

الله هو كليّ الحكمة والمدخر فيه كل كنوز الحكمة والعلم واهب الحكمة وهو الذي يعطي الإنسان قلباً قادرا على التمييز بين الخير والشر " عنده الحكمة والقدرة والمشورة والفهم " أي 12 : 13 وفي حثه لنا لاقتناء الحكمة يقدمها لنا ويطوِّب الساعين إليها " طوبى للإنسان الذي يجد الحكمة وللرجل الذي ينال الفهم لان تجارتها خير من تجارة الفضة وربحها خير من الذهب الخالص ، هي أثمن من اللآليء وكل الجواهر لا تساويها في يمينها طول الأيام وفي يسارها الغنى والمجد ، طرقها طرق نعم وكل مسالكها سلام . هي شجرة حياة لممسكيها والمتمسك بها مغبوط " أم 3: 13 ،18،أم8: 11

والسيد المسيح هو اقنوم الحكمة المتجسد ،هو العقل الإلهى ، الذي يهب الحكمة للمؤمنين به الساعين إلى الكمال والحكمة والمعرفة ، وهو الذي دعانا أن نكون به حكماء ونتعلم منه " ملكة اليمن جاءت من أقاصي الأرض لتسمع حكمة سليمان وهودا أعظم من سليمان هاهنا " مت 12 : 42 . وقدّم الرب يسوع نفسه بان الحكمة التي كانت تنادي في العهد القديم من يريدها أن يأتي إليها ليرتوي " إن عطش احد فليقبل إلي ويشرب " يو 7 : 37 . ولنكتشف انه حكمة الله خالق العالم الذي به كل شيء كان وبغيره لم يكن شيء من كان فيه كانت الحياة والحياة كانت نوراً للناس والنور أضاء في الظلمة. ويطالبنا الله أن نسير في النور والحكمة لهذا نجد الأشرار يسلكون في الظلام ويهربوا من النور لئلا توبخ أعمالهم .

والروح القدس هو روح الله واهب الحكمة والفهم والمشورة والمعرفة ومخافة الرب . الروح القدس يعطي الاستنارة لعيون أذهاننا وهو قائد الكنيسة عبر تاريخها الطويل ومعطي الحكمة التي لا يستطيع العالم أن يقاومها أو ينقضها.

كونوا حكماء .....

انها دعوة الله لنا أن نكون حكماء ، وإذ نريد الحكمة ونجدّ في أثرها علينا أن نسلك بالحق والاستقامة ونجدّ حياة التوبة " أن الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحلّ في الجسد المسترق بالخطية " مك 1 : 14 . علينا أن نعرف الله ونحفظ وصاياه ونسلك بها " يا ابني إذا رغبت في الحكمة فأحفظ الوصايا فيهبها لك الرب " سير 1 : 33 ليست الحكمة علم الشر وحيث تكون مشورة الخطاة فليست هناك فطنه ، إننا إذ ابتعدنا عن الله وحكمته يظلم فكرنا " إن الذين أهملوا الحكمة لم ينحصر ظلمهم لأنفسهم بجهلهم الصلاح لكنهم خلفوا للناس ذكر حماقتهم بحيث لم يستطيعوا كتمان ما زلوا فيه " مك 10 : 8 .

التواضع والتعلم من المسيح وحياته وتعاليمه وممارسة أسرار الكنيسة في وداعة تمنح حكمة حتى للجهلاء " تأتي الكبرياء فيأتي الهوان ومع المتواضعين حكمة " أم 11 : 2 نعم إننا في وداعة وتواضع الأطفال المتكلين على أبيهم السماوي الطالبين عونه نأخذ منه حكمة " في ذلك الوقت أجاب يسوع وقال أحمدك أيها ألآب ربّ السماء والأرض لأنك أخفيت هذه عن الحكماء والفهماء وأعلنتها للأطفال . نعم أيها الأب لأنه هكذا صارت المسرة أمامك كل شيء قد دفع إلي من أبي.

وليس احد يعرف الابن إلا الأب ولا احد يعرف الأب إلابن ومن أراد الابن أن يعلن له . تعالوا إليَّ يا جميع المتعبين والثقيلي الأحمال وأنا أريحكم. احملوا نيري عليكم وتعلموا مني . لأني وديع ومتواضع القلب. فتجدوا راحة لنفوسكم. لان نيري هيّن وحملي خفيف " مت 11 : 25 – 29 .

إننا مطالبون بالصلاة الواثقة في محبة الله ، لنأخذ منه حكمة كيف نتكلم ونسلك في مختلف المواقف " فان كان أحدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطي له ولكن ليطلب بإيمان غير مرتاب البتة " يع 1 : 5،6

كلما كانت لنا مخافة لله ، ونكرمه كاب لنا ونظهر بنوتنا له بحرصنا على إرضائه " مخافة الرب رأس المعرفة أما الجاهلون فيحتقرون الحكمة والأدب " أم 1 : 7 .

إننا نتعلم من الحكماء والمعلمين الروحيين ومن كتب الآباء المتصفة بالروحانية والسلوك المستقيم وسير الآباء القديسين، فعندما سئل الأنبا انطونيوس الكبير عن ما هي أعظم الفضائل قال انه الإفراز أي التمييز والحكمة، ليعرف الإنسان ان يميز بين الخير والشر فالحكمة تتخلل كل فضيلة وسلوك لتجعله فاضلاً، الحكمة تجعلنا نسلك في اعتدال دون تطرف وأعمال الفكر وطلب العون من روح الله ، ليكون لنا دقة التعبير وسلامة التدبير وعدم التسرع ودراسة الأمور من جوانبها المختلفة ومعرفة آراء الدارسين والمرشدين للخروج بأفضل الحلول لمواجهة مشكلات الحياة وإيجاد الوسائل السليمة لحل المشكلات .

إن التأمل والدراسة لمعرفة حقيقة الأشياء لا الأخذ بظواهرها مع طلب قيادة روح الله يجعلنا نسلك في حكمة " أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت ملآنة الأرض من غناك " مز 104 : 24 .

النجاح في الحياة العملية ....

إننا في بحثنا عن الحكمة وصلواتنا إلى الله من اجلها ، نسعى إلى تطبيق الحكمة في سلوكنا العملي ، وفي أقوالنا وتصرفاتنا لنصل إلى الحياة الناجحة التي ترضي الله وتجعلنا نوراً في العالم وملحاً في الأرض. فيكون لنا فطنة وتمييز في علاقتنا مع العالم والمجتمع وأنفسنا والله. وتكون لنا النظرة الفاحصة، نعرف التميز بين الغث من السّمين . لا نشترك في أعمال الظلمة . نعرف النفس البشرية ودوافع تصرفات الآخرين ونسلك بنا على معرفتنا وإيماننا في اعتدال وفي أدب وتواضع وبر ، ونستلهم من الكتاب المقدس كيف نسلك بحكمة من جهة كل احد " من هو حكيم وعالم بينكم فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة ، ولكن إن كان لكم غيرة مُرّة وتحزّب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق . ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي أرضية نفسانية شيطانية ، لأنه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل أمر رديء. وأما الحكمة التي من الله فهي أولا طاهرة ثم مسالمة مملوءة رحمة وأثمار صالحة عديمة الريبة والرياء " يع 3 : 13 - 17 .

بالحكمة والتمييز نعرف متى نتكلم ومتى نصمت كما يعلمنا قداسة البابا شنودة الثالث المعلم الحكيم حسب الحكمة المعطاة له من الله ، وعندها نتكلم بكلام حكمة وعزاء ومنفعة للآخرين، نعرف متى نكون ودعاء نتعامل في طيبة قلب ، ومتى نكون حازمين في مواجهة الأخطاء. متى تكون الطيبة ليس مدعاة للتسيب والتراخي ، ومتى يكون الحزم والشدة ليس ضد الرحمة والحب ، إن الطبيب الماهر يعرف متي يستخدم العلاج والمسكنات ومتى يستخدم المشرط للبتر والاستئصال ، فالحياة الروحية ليس قوانين عمياء بل هي حياة روحية منقادة بالروح في محبة الله ، هدفها السعي إلى نقاوة القلب والقداسة والاتحاد والشركة مع الله لنصل إلى النجاح في الحياة والملكوت السماوي .

الحكمة تجعلنا نحيد عن التطرف ونسير باعتدال ، مما يبعدنا عن التطرّف اليميني والمغالاة في أمور نظنها حميدة ، أو بالتطرف يساراً بالاستسلام للكسل وحياة الرخاوة والخطية والهلاك الأبدي. الحكمة إذا سراج النفس الساعية للكمال للمعرفة والفضيلة. إن شاول أول ملوك إسرائيل اظلم عقله وفقد الحكمة ولم يصغ لصوت الطاعة فظنَّ انه بتقديم عمل جيد وهو ذبيحة لله يسلك بحكمة فهلك ونُزع منه الملك .

في تمييز وحكمة تعطى كل جوانب حياتك حقها ، أعطِ لروحك حقّها في الصّلاة والصوم ومحبة الله والفضيلة ، وأعطِ لعقلك حقّه في القراءة والاطلاع والتأمل ، ولجسدك حقه في التغذية والتقوية والنمو فلا يمرض ولا يتمرد عليك .

تعطي الله حقه في العبادة ، وللآخرين حقهم في الاحترام والتعاون ، ولأهلك حقهم في الخدمة والبذل ، ولنفسك حقها في النمو والخلاص. وللمجتمع والعمل حقه في الأمانة والأخلاص والسعى لراحة الأخرين وأسعادهم فى حكمة ودون تصارع أو منافسة غير شريفة.

يجب أن نحترس من حكمة أهل العالم ووسائلهم التي تتميز بالمكر والدهاء والكذب أو الخداع والبعد عن الله ، كما خدعت الحية قديما أبوينا " تكونان كالله عارفين الخير والشر " تك 2 : 5 ، " فقد توجد طريق تبدو للإنسان مستقيمة وعاقبتها طريق الموت " أم 14 : 12 . لقد سلكت الملكة إيزابيل قديما طريق المكر والكذب لكي ينال زوجها حقل نابوت اليزرعيلي فدبرت حيلة استولى بها على الحقل وادعت كذبا انه جدَّف على الرب ، فتمّ رجم نابوت ظلماً فجاءها صوت الرب على يد إيليا النبي بالهلاك لها ولزوجها ( أمل 21 : 5 – 15 ) . إن العالم في حكمته المرضية لم يعرف ، فصلب رب المجد. واما الرب يسوع المسيح فانه بتواضعه وبذله خلّص العالم بجهالة الصليب.

فلنفحص أفكارنا ونتوب عن خطايانا وأخطائنا ونطلب في إيمان حكمة من الله ، لنعرف كيف نسلك بتدقيق كحكماء وليس في جهل مفتدين الوقت لان الأيام شريرة " لا تشاكلوا هذا الدهر . بل تغيروا عن شكلكم بتجديد أذهانكم لتختبروا ما هي إرادة الله الصالحة المرضية الكاملة " رو 12 : 2 لا نكون حكماء عند أنفسنا بل حكمتنا هي من الله وقيادة روحه القدوس واهب الحكمة للجهلاء ومقوّي الضعفاء ورافع البائسين ، محرّر المأسورين ، والذي يقودنا في كل حين في موكب نصرته .

هبنا حكمة ونعمة

البركة والمجد والكرامة لك يــــــــا رب

الحكمة والقدرة والبركة لألهنــــــــــــــا

المدخر فيه كل كنوز الحكمة والعلــــــم

معطي الحكمة للمتواضعين والودعـــــاء

هبنا الحكمة من عندك يا أبا الأنـــــــوار

وأعطنا قلبا حكيمًا لمعرفة وصايــــــــاك

لنسلك في أحكامك باســـتقامة وبـــــــــر

روحك القدوس يمنحنا الحكمة والإفـراز

لنعرف الأشياء الموهـــــوبة لنــــا منك

ونســــــــير كأبناء النــــــــور والـــحق

حررنـــــا مــــن أخطــــــائنا وخطايانا

لنتصــــــــرف حسنا في وداعة الحكمة

وتكـــــون لنــــــــــــــا الثمار الصالحة

والقداســــــــــة ونقـــــــــاوة القلــــــب

بهما نحيـــــــا معـــــك ونعايــن مجدك

الخميس، 23 ديسمبر 2010

قلبى مهيأ مغارة

للأب القمص أفرايم الأورشليمي

أين هي قلوبكم؟

- فى كل قداس يسأل الأب الكاهن الشعب: أين هى قلوبكم؟

ويجاوبه الشعب: هى عند الرب ؟

وفى كل قداس وفى مختلف ظروف الحياة يطلب منا الرب "يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي (ام 23 : 26). فهل قلبى حقا مسكنا للرب ،وعند الرب ،أم هو مشغول باهتمامات الحياة ومشاغلها وهمومها أو هناك محبة العالم او المال أو الشهوات فيه، الأمر الذى يحزرنا منه الرب يسوع المسيح قائلاً " فاحترزوا لانفسكم لئلا تثقل قلوبكم في خمار و سكر و هموم الحياة فيصادفكم ذلك اليوم بغتة (لو 21 : 34).

- أننا عندما نتكلم عن القلب لا نقصد تلك المضخة اللحمية التي تعمل لتغذية الجسم بالدم النقي ليل نهار بل المراد من ذلك الأنسان الداخلي بعواطفه وأفكاره وارادته وميوله ودوافعه النفسية وروحه . ذلك هو العمل الحقيقى أمامي وامامكم في كل يوم ، أن يكون لنا القلب الصالح النقى غير المنقسم . الذى يستطيع ان يهدأ ويبعد هموم العالم ويكون عند الرب ،سواء في البيت أو العمل أو الكنيسة . نصلى ليكون قلبنا دائما وابداً عند الرب وله نعطى محبتنا " فاذا سمعتم لوصاياي التي انا اوصيكم بها اليوم لتحبوا الرب الهكم و تعبدوه من كل قلوبكم و من كل انفسكم اعطي مطر ارضكم في حينه المبكر و المتاخر فتجمع حنطتك و خمرك و زيتك. (تث 13:11-14) نعم نحتاج لمطر نعمة روح الله فنشبع بكلمة الله ونفرح بمحبته ونثمر بثمار الروح القدس ونأخذ حكمة لا يقدر جميع معاندينا ان يقاوموها.

- أين هى قلوبنا ؟ هل هى في من حولنا من ناس وأحداث ، أم في العمل ومشاكله ؟ أم فى لقمة العيش وتوفير متطلبات الحياة؟ مع ان أبانا السماوي يهتم بكل هذه الاشياء ويطلب منا ان نطلب ملكوت السماوات وبره وكل هذه تعطي لنا وتذاد. ومع سعينا الدائم من اجل حياة كريمة فان قلوبنا مسكنا لله يجد فيها موضعاً لراحته .

- اعزائي لاتبرروا أنفسكم أو تسقطوا أخطائكم علي الأخرين ويحق علينا قول الرب " فقال لهم انتم الذين تبررون انفسكم قدام الناس و لكن الله يعرف قلوبكم ان المستعلي عند الناس هو رجس قدام الله (لو 16 : 15).لنعترف أمامك يارب رعاة ورعية ان قلوبنا ليست كاملة نحوك .

و نصلى من كل القلب والروح ان تُطهر قلوبنا وارواحنا ونفوسنا وعقولنا لتكون قلوبنا مسكنا لك وتحل بالإيمان فيها

قلبى مهيأ مغارة ...

قلبى مهيأ مغارة ،ربى أعملى زيارة ... من شمسك نورني وملينى حرارة

ضلك طل علي، لا تكون عني بعيد.. . فرحة وجودك في ، متل ليلالى العيد

أيامي حليها وضوي ها العتمة ... وشفافى رويٌها من أصفى البسمات

- فى أعياد الميلاد فى الأراضى المقدسة يرتل الأطفال هذه الترتيلة الجميلة ، فى عيد الميلاد وفي أيام غربتنا علي الإرض يجب أن نسأل انفسنا هل قلوبنا مهيأة لسكنى الله بالأيمان فيها.

وهل لو جاء المسيح ليولد من جديد على أرضنا يجد بيت يأويه، و قلوب تدفئه، أم هل سيولد من جديد فى مغارة ومذود للبهائم..لانه كما جاء فى الأنجيل لم يكن لهما موضع فى المنزل؟!

- فى عيد الميلاد يجتمع الناس للأكل والشرب والضحك والسهر ويأتي بابا نويل يقدم الهدايا للأطفال ويفرحوا بالهدايا وبعد التخمة من المأكولات ..ياتى ملك السلام ليزور بيت القلب لينيره بالحب ، يجد الناس عنه مبتعدين ولأستقباله غير مستعدين ..ينظر من الشبابيك ،يهمس في الأذان " اجعلني كخاتم على قلبك، كخاتم على ساعدك لان المحبة قوية كالموت الغيرة قاسية كالهاوية لهيبها لهيب نار لظى الرب" (نش 8 : 6).

- عندما أمر الرب التلاميذ ان يعدا للعشاء الفصحي ،اراد الرب ان يكون ذلك في مكان نقي سامي مجهز لأستقباله " فهو يريكما علية كبيرة مفروشة معدة هناك اعدا لنا (مر 14 : 15) نعم الرب الوديع والمتواضع يريد قلوب كبيرة بالتواضع والحب ، مفروشه بالفضائل ومعدة ومجهزة بالأيمان والرجاء .الله لن يقتحم القلب بل يريدنا ان ندعوه (ها انا واقف علي الباب وأقرع ان سمع أحد صوتى وفتح لى ، أدخل اليه واتعشى معه وهو معى أيضاً) فهل نفتح قلوبنا ونعدها للميلاد المجيد؟ يجب علينا ان نتحفظ لئلا يكون لنا القلب القاسى او المنقسم او الملئ بالأشواك " فوق كل تحفظ احفظ قلبك لان منه مخارج الحياة (ام 4 : 23).

- قلبى مهيأ مغارة ، للغني الذي أفتقر ليغنينا ، وجاع ليشبعنا وتجسد وصار أبنا للأنسان ليجعل الأنسان أبنا لله بالإيمان ، تعالى يارب يا من ولد فى مذود ، تعالى وطهر قلبى واجعله موضعاً لسكناك و مغارة تحل فيها بالإيمان ايها الغني بطبيعته ، يارب السماء والأرض الذي تجسد ولم يحد التجسد من لإهوتك وتواضع وانت القدوس الممجد من الملائكة. من شمس برك يارب أنر قلبى وأطرد منه كل عاطفة لا ترضيك وقدسه ليكون مسكناً للمحبة الإلهية لأحيا في عيد دائم حاراً فى الروح ، مقدما ذاتي أناء مقدس لحلولك وخدمتك .

أغسلني فابيض كالثلج..

- عندما نظرت الي الثلج المتساقط من سماء أوربا قبيل أعياد الميلاد،ونظرت للأرض من اسفل وقد أكتست بحلة بيضاء، بل عندما تنظر الي المباني والاشجار والسيارات المتوقفة لن ترى الا اللون الأبيض ،هنا أتذكر داود النبي وهو يصرخ لله " طهرني بالزوفا فاطهر اغسلني فابيض اكثر من الثلج (مز 51 : 7) .

- كان الكاهن قديماً يغمس نبات الزوفا في دم الحمل لينضح به علي الخاطى ليطهر ، وكان داود النبى يريد من الله ان يغسله من خطاياه فيبيض أكثر من الثلج . لعل داود النبي تطلع علي الثلج وهو يكسو جبال القدس في موجات الثلج في الشتاء ، فابيض الجبل وازدان بهاء حتى فى ظلمة الليل تراه منيراً ببياض الثلوج. أننا نحتاج ان ينضح علينا الرب بدمه فيكسونا بثوب بره فيمحوا خطايانا ويغسل أثامنا ويستر علينا فلا نهلك ونتبرر ببره.

- أننا نتمسك بوعوده الأمينة " انا انا هو الماحي ذنوبك لاجل نفسي و خطاياك لا اذكرها (اش 43 : 25) وكما نقل الرب عن داود خطاياه هو قادر ان يغفر ويمحو خطايانا ويبدء معنا عاماً جديدا بقلب جديد .

- مع وقع تساقط الثلوج تذكرت فيروز ذلك الصوت الشجي يشدو " تلج تلج عم بتشتي الدنيا تلج ، ومغارة سهرانه فيها طفل صغير، بعيونا الحليانه حب كتير كتير. كل قلب زهر فيه الحب مثل الثلج ، ألفه وخير وحب مثل التلج "

نعم وسط برودة الجو نحتاج لدفء الروح ، نحتاج إلى طفل المذود يدخل قلوبنا فيبث فيها المحبة الروحانية ، والعطاء والشفقة والحنان، نعم ان كل قلب زهرت فيه المحبه يحل فيه الله ،لان الله محبه ومن يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه. المحبة التى تطرد الخوف الى خارج ،نعم عندما تثمر المحبة في قلوبنا نستطيع ان نشترك مع الملائكة فى التمجيد "المجد لله في الأعالي وعلى الأرض السلام وبالناس المسرة).

قلبى مغارة لصاحب العيد...

تعال أيها الرب يسوع ،وحل فى قلبى فيمتلئ بعد جوع،

ليكن قلبى مغارة تولد فيها وتكون رب القلب والبيت،

طهر قلبى ونقيه من كل شائبة ليكون أهلاً لحلولك فيه،

أنت صاحب العيد وانت رب القلب وأنت عنى ليس ببعيد ،

فلتكن حياتى ملكاً لك وليكن قلبى نابضاً بمحبتك

ياشمس البر حررنى من القيود وأجعلنى على العالم أسود،

فتكون أنت ربى المعبود وقلبى بالمحبة بك يجود.

التجسد الإلهى وكرامة الجسد

للأب القمص أفرايم الأورشليمى

الجسد الإنساني في المسيحية :

لقد اخذ الجسد الإنساني كرامة ومجداً بتجسد الله الكلمة " والكلمة صار جسداً وحل بيننا ورأينا مجده مجداً كما لوحيد من الأب مملوء نعمة وحقاً " يو 1 : 14 . لقد شابهنا الرب يسوع المسيح في تجسده في كل شيء ما عدا الخطية وحدها وعندما قام من الموت وصعد للسماء اصعد باكورتنا للسماء ليكون سابق لأجلنا. إن الكنيسة في إيمانها بقيامة الجسد في اليوم الأخير للمكافأة أو العقاب " لأننا لا بد جميعاً أن نظهر أمام كرسي المسيح لينال كل واحد منا ما كان بالجسد بحسب ما صنع خيراً كان أم شراً " 2 كو 5 : 10 .

الجسد الإنساني ذلك الكيان الأنسانى الذي تكرمه المسيحية والذي يحمل نسمة الحياة داخله من الله ، وهو هيكل الروح القدس الذي يحل عليه بالعماد والميرون المقدس ليقدسه ويطهره

" أم لستم تعلمون إن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم الذي لكم من الله ولستم لأنفسكم " . ذالك الكيان الذي يتناول من الأسرار المقدسة " من يأكل جسدي ويشرب دمي فله الحياة أبدية وأنا أقيمه في اليوم الأخير " يو 6 : 54 . إن أجسادنا لها كرامتها بكونها أعضاء جسد المسيح السري الذي هو كنيسته المقدسة " أم لستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء جسد المسيح " 1 كو 6 : 9 . وهذا الجسد الترابي وان مات وتحلل فانه سيقوم جسد نوراني ممجد في القيامة العامة ليحيا في السماء " الذي سيغير جسد تواضعنا ليكون على صورة جسد مجده بحسب عمل استطاعته أن يخضع لنفسه كل شيء " في 3 : 21 .

ولهذا تكرم الكنيسة رفات القديسين وتصنعهم تحت المذبح وفي الكنائس لأنهم أكرموا الله في أجسادهم وأرواحهم التي لله لقد أقامت عظام اليشع النبي الميت عندما لامسته قديماً وكانت المناديل وعصائب القديس بولس المأخوذة من على جسده تشفي الأمراض وتخرج الأرواح الشريرة . وما زالت رفات القديسين تصنع المعجزات في كنائسنا حتى اليوم لأنها تحمل سمات وقوة أشخاصهم وهم كسحابة شهود محيطة بنا وليسوا عنا ببعيد والرب اله أبائنا إبراهيم وإسحاق ويعقوب واثناسيوس وانطونيوس ومار جرجس اله أحياء وليست اله أموات لان الجميع عنده أحياء .

الجسد في الكتاب المقدس :

عندما تأتي كلمة جسد في الكتاب المقدس فانه يقصد بها العديد من المعاني ولهذا سنتعرض لها حتى حتى نكون على وعي بمعانيها المختلفة كما جاءت في الإنجيل .

1 - تأتي كلمة جسد تعبيراً عن الكيان الإنساني ككل بما فيه من جسد وروح وعقل " إذا أعطيته سلطان على كل ذي جسد ليعطي حياة أبدية لكل من أعطيته " يو 17 ، 2 " .

" ولو لم يقصر الرب تلك الأيام لم يخلص جسد ولكن لأجل المختارين قصر الأيام " مر 13 : 20 .

" فها أنا آت بطوفان الماء على الأرض لأهلك كل جسد فيه روح حياة من تحت السماء كل ما في الأرض يموت " تك 6 : 17 .

2 - الجسد اللحمي الذي نلبسه مثلما جاء في العديد من الآيات

" ويرحض جسده في مكان مقدس ثم يلبس ثيابه ويخرج ويعمل محرقته ومحرقة الشعب ويكفر عن نفسه " لا 26 : 24 . " سراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً " مت 6 : 23 . " لم يبغض احد جسده قط بل يقوته ويربيه " أف 5 : 29 " بأعمال الناموس كل ذي جسد لا يتبرر " رو 3 : 20 . " وان أطعمت كل أموالي وان سلمت جسدي حتى احترق وليس لي محبة فلا انتفع شيء " 1 كو 13 : 3 – 62 .

3 - جسد الرب يسوع المسيح المتجسد أو الافخارستي :

" وأما هو فكان يقول عن هيكل جسده " يو 2 : 21 . " الذي حمل خطايا في جسده على الخشبة " ا بطر 2 : 24 ." ولما لم يجدن جسده أتين قائلات إنهن رأين منظر ملائكة قالوا انه حي " لو 24 " 23 .

أو عن الجسد الافخارستى في القربان المقدس :

" واخذ خبزاً وكسر وأعطاهم قائلاً هذا هو جسدي الذي يبذل عنكم اصنعوا هذا لذكري " لو 22 : 19 . " فقال لهم يسوع الحق الحق أقول لكم إن لم تأكلوا جسد ابن الإنسان وتشربوا دمه فليس لكم حياة فيكم " يو 6 : 52 ." كاس البركة التي نباركها أليس هي شركة دم المسيح الخبز الذي نكسره أليس هو شركة جسد المسيح " 1 كو 10 : 16

4 - الكنيسة ككيان مقدس وجسد المسيح السري .

" لان الرجل هو رأس المرأة كما أن المسيح أيضا رأس الكنيسة وهو مخلص الجسد " أف 5 : 29 . " هكذا نحن الكثيرين جسد واحد في المسيح " رو 15 : 5

5 - الاتحاد الروحي المقدس

" فلذلك يترك الرجل أباه وأمه ويلتصق بامرأته ويكون جسداً واحداً " تك 2 : 24 ، مت 9 : 5 ، أف 5 : 31

6 - قرابة اللحم والدم

" من ثمرة صلبه يقيم المسيح حسب الجسد " أع 2 : 30 ." إخوتي انسبائي حسب الجسد " رو 9 : 3 . " إن الأمم شركاء في الميراث والجسد ونوال المواعيد في المسيح بالإنجيل " أف 3 : 6

7 - الجسد بمعنى حالة الخطية أو بمعنى الانصياع للشهوات الغريزية.

" لأننا لما كنا في الجسد كانت أهواء الخطايا تعمل فينا " رو 7: 5. " عالمين هذا أن إنساننا العتيق قد صلب معه ليبطل جسد الخطية كي لا نعود نستعبد حتى بعدما كرزت للآخرين لا أصير أنا نفسي مرفوضاً " 1 كو 9 : 27 . " وإنما أقول اسلكوا بالروح فلا تكملوا شهوة الجسد " غل 5 : 16 ." مع المسيح صلبت فاحيا لا أنا بل المسيح يحيا في فما أحياه ألان في الجسد فإنما أحياه في الإيمان ابن الله الذي أحبني واسلم نفسه لأجلي " غل 2 : 20 " ابعد ما ابتدأتم بالروح تكملون ألان بالجسد " غل 3 : 3" أعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى ، عهارة ، نجاسة ، دعارة عبادة أوثان ، عداوة ، خصام ، غيرة ، سخط ، تخريب ، شقاق ، بدعة ، حسد قتل سكر بطر وأمثال هذه التي اسبق فأقول لكم عنها كما سبقت فقلت أيضا إن الذين يفعلون هذا لا يرثون ملكوت الله " غل 5 : 20 ، 21 .

الأهواء والشهوات الجسدية :

المسيحي مطالب أن يسير ويحيا بالروح ، لا حسب الأهواء والشهوات الجسدية بل ينقاد بروح الله للقداسة والمحبة والسلام " الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات " غلا 5 : 24 . أي إننا مطالبون أن نصلب الأهواء والشهوات من النفس وليس ضد الجسد كلحم ودم فالنفس العفيفة تجعل الجسد مقدساً فأعمال وأهواء الطبيعة البشرية العتيقة الخاطئة هي التي نحاربها ونجاهد ضدها .

لقد أعطينا الحرية أن نصير أبناء الله بالإيمان ويختم الجسد بكل أعضاءه بالميرون المقدس ليتقدس فكره وإرادته وعمله وسلوكه وجسده بما فيه من غرائز وعواطف وبالتوبة والتناول نأخذ طبيعة جديدة لنحيا حياة البر والقداسة وننمو فيهما وهذا لا يعني عصمتنا من الخطأ لان الإنسان يظل حراً مسئولاً يقدر أن يفعل الخير والشر.

إن علاج الخطيئة والشهوات الجسدية هو محبة الله والشركة معه فعندما ننجذب لله ونتحد به بالأسرار والمحبة تتقدس أجسادنا وتعود لنا الصورة الإلهية للإنسان من المخلوق على صورة خالقه في القداسة والبر، وبالتوبة والاعتراف تمحو كل الأوساخ التي تغطي هذه الصورة المقدسة والتواضع والوداعة تلبسنا كرامة من الله وأمام الناس .

كرامة الجسد الانساني :

أجسادنا هي الهيكل الذي يحتوي النسمة الإلهية التي وهبنا الله إياها وبه نعبر عما في نفوسنا من مشاعر وبه نتحرك ونحيا في وحدة كيانيه نفساً وروحاً وعقلاً وبه نخدم ونصلي وهو يكشف لنا عن قدرة الخالق وعظمة الإنسان كسيد وتاج الخليقة وهو مرآة النفس في أحزانها وأفراحها وخيرها وشرها .

لقد أراد الله لنا أن نحيا في انسجام جسداً وروحاً ونفساً لنحقق وجودنا ورسالتنا على الأرض بلا انقسام أو خطية وهنا نرى جمال الجسد وسلامة النفس ووداعتها ، وقداسة الروح ورجاحة وحكمة العقل وقوة الإرادة لنصير هيكلاً لروح الله وأعضاء في جسد المسيح السري الذي هو الكنيسة 1 كو 6 : 5 .

إن الجسد بما فيه من أجهزة وأعضاء بشرية كلها مقدسة وظاهرة حتى الأعضاء التناسلية لها كرامتها الفائقة كمستودع لامتداد الحياة البشرية والتعبير عن المحبة الطاهرة ، سر الزواج المقدس فلماذا يستحى البعض من أعضاء لم يستحى الله إن يخلقها بل إعطائها قدسية واحترام " فان الجسد أيضا ليس عضواً واحداً بل أعضاء كثيرة . لا تقدر العين أن تقول لليد لا حاجة لي إليك ولا الرأس أيضا للرجلين لا حاجة لي إليكما . بل بالأولى أعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية. وأعضاء الجسد التي نحسب أنها بلا كرامة نعطيها كرامة أفضل " 1 كو 12 : 14 – 23 .

إن أردت لجسدك كرامة ومجداً ولكيانك وجوداً فاعلاً وحياة أبدية فليكن ذالك بان تحترمه وتزينه بالوداعة والتواضع وتسعى في اقتناء الفضائل وعلى رأسها ثمار ومواهب الروح القدس لكي لا يكون عثرة وان تزين جسدك بلباس الحشمة في زينة الروح وبالأكثر تنمية في الحكمة فالحكمة هي الله نفسه " أنا الحكمة عندي الغنى والكرامة " ام 8 : 18 . فالله يكرم قديسيه " مجد وكرامة لكل من يفعل الصلاح " رو 2 : 1 ، كما أن الاتضاع يعطيك كرامة " ثوب التواضع هو مخافة الرب هو غنى وكرامة وحياة " أم 22 : 4 .

فلا تخاصم جسدك أو تكرهه بل ربيه وقوته لكن لا تدلله أو تتخمه بالأكل فيثور عليك ولا تضعفه وتهمله وتقسو عليه فيعتل وتعجز عن الخدمة كما يليق .

إن النسك والزهد المسيحي هو حياة ترك وبذل للذات من اجل المسيح الذي بذل ذاته عنا فهو حب وبذل وصوم وجهاد روحي للنمو دون تفكير في كون الجسد خطية هو قهر للأهواء والشهوات الجسدية " فأميتوا أعضائكم التي هي على الأرض . الزنا ، النجاسة ، الهوى ، الشهوة الرديئة الطمع الذي هو عبادة الأوثان " الجسد أذن مقدس وكريم للإنسان الروحي عندما نروضه للبر والقداسة والبذل .

الجهاد الروحي :

الجهاد الروحي هو أعمال الصلاة والصوم والسهر والبذل والخدمة والعطاء والتوبة وفي ذلك يشترك الجسد والنفس والفكر والروح من اجل إرضاء الله وصنع إرادة الله ومقاومة الأهواء سواء أتت من داخل الإنسان وميوله أو من البيئة المُعثرة في إغرائها أو سواء أتت من الشيطان في حروبه وان كان القلب محصن بمحبة الله والفكر مقدس لله ويفكر ايجابياً في إرضاء الله والحواس مختومة بالنعمة والجسد مضبوط بالجهاد فلا تجد الخطية لها مكان فينا .

الجهاد الروحي تؤازره النعمة وعندما يرى الله أمانتنا في الجهاد يهبنا العفة والطهارة وقداسة الفكر وكلما قويت أرواحنا رأينا الجسد يسعى لإرضاء الله في فرح وسلام وحب " حياة الجسد هدوء القلب ونخر العظام الحسد " أم 14 : 30 .

" يا الله الهي أنت إليك أبكر عطشت إليك نفسى. يشتاق إليك جسدي في ارض ناشفة ويابسة بلا ماء " مز 63 : 1 .

الجسد إذا شريك حقيقى غير منفصل عن الروح في الجهاد يخدم ويصلى ويسجد ويصوم هو جسد مهذب مقدس وليس جسد نعذبه كما يفعل الهندوس مثلاً من اجل التخلص من خطية الجسد وتحرير الروح أو كما قال بعض الغنوسيين أهل البدع انه من صنع اله الشر الأمر الذي تحرمه المسيحية . ففي نسكك ودرجة صومك يجب أن يتم ذلك في اعتدال وحكمة واستشارة لأبيك الروحي إننا بالصوم والنسك والجهاد نسمو ونطلب عمل الروح القدس ونعمته ليقدس كياننا وليست تكفيراً عن خطايانا التي لا يكفر عنها إلا دم المسيح الذي سفك على عود الصليب من اجل خلاصنا .

جسدك وكيانك هبة ووزنة من الله لا تسيء إليه ولا تجعله عثرة للآخرين أو سلعة تباع وتشترى فقدموا أعضائكم عبيداً للبر والقداسة رو 6 : 9 " اله السلام يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح " افس 5 : 23 .

يقول القديس أغسطينوس " تعال إلى الله بنجاستك وخطاياك ، بقلبك واشتياقك الروحية وفي الخفاء اخلع أعمال الظلمة ، اخلع جسم خطايا البشرية وحينئذ يرفع عنك ويجدد فيك الروح القدس ،الحواس التي فسدت بالإثم وتصير نفوسنا مقدسة وروح الله يسكن فيها .

إن خير مثل للحكمة والاعتدال نجده في سيرة الأنبا انطونيوس الكبير الذي ذهب للبرية الداخلية وقضى عشرين سنة في صوم وصلاة ووحدة ولما عرف الناس حياته وذهبوا إليه وجدوه سليما راجح العقل صحيح الجسم يشع سلاماً وصحة وجمال روحي لا ضعيفا من النسك ولا مترهلا من الكسل بل إن كل من كان يراه يمتلئ من السلام ومن قداسته يأخذ عبره وعظه وكان يوصي بحياة الطهارة فيقول برسالة له " يا أولادي الأحباء فلنجاهد من اجل الطهارة حتى الموت ، لنشع بالطهارة فان ثمرتها هي نور وحق واستيقاظ . فلا تصيروا عبيداً للأوجاع الرديئة المرذولة او للذات الشريرة النجسة أمام الله . اكتبوا اسم الله على قلوبكم ليصرخ داخلكم انتم هيكل الله الحي وموضع راحة للروح القدس. ولنسعى في طلب الطهارة لأنها فخر الملائكة

حياة الطهارة ومجدها :

الطهارة والعفاف المسيحي هم فضيلة ايجابية تعني طهارة الوجدان وقداسة الفكر الداخلي وعفة الحواس والجسد سواء للشباب وللبتولين والمتزوجين ، هي الامتناع عن عمل ما لا يحل من شهوات جسدية مخزية تتعارض مع السلوك الروحي حسب وصايا المسيح .

هي طهارة وعفة وامتناع عن الأفكار والممارسات الجنسية للاتحاد بالمسيح سواء بتكريس الروح والنفس والجسد للمتبتلين أو في زيجة مقدسة أمينة في سر الزواج تجعل الجنس تعبيرا عن الوحدة والمحبة والشركة . إننا كنفوس مكرسة لله يعمل فيهم الروح القدس في شركة حب الله كنفوس عذارى " إني خطبتكم لرجل واحد لأقدم عذراء عفيفة للمسيح " 2 كو 11 : 2 .

حقاً " ما أحسن الجيل العفيف " مك 4 : 1 . وعندما جاء المسيح متجسدا ولد من عذراء بتول وعاش حياة البتولية وعندما صعد الرب للسماء عهد ليوحنا الرسول البتول برعاية العذراء . ويدعونا الرب يسوع المسيح لحياة القداسة التي بدونها لا يرى احد الرب ولا يمكن أن يطلب الله من الإنسان شيء ليست في استطاعته عمله.

والعفاف والطهارة تحتاج منا إلى البعد عن العثرات وتقديس الحواس والفكر والعواطف والغرائز والميول فالعين العفيفة لا تتطلع إلى المغريات أو حتى أسرار الغير واليد لا تلمس أو تمتد إلى عمل أثيم والسمع يتقدس بكلمة الله والفكر الطاهر يبتعد عن الحسد والخبث والشر والأعضاء تتقدس في أداء كل ما يمجد الله " لأنكم اشتريتم بثمن فمجدوا الله في أجسادكم وفي أرواحكم التي هي لله " 1 كو 6 : 20 .

انظر إلى جسدك نظرة مقدسة روحية " وان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيراً " أنت هيكل روح الله القدوس " ألستم تعلمون أن أجسادكم هي أعضاء للمسيح أفأخذ أعضاء المسيح واجعلها أعضاء زانية ؟ " 1 كو 16 : 15 .

كلما تظل ثابتاً في المسيح القدوس فانه يقودك في موكب نصرته مقدساً حياتك نفساً وجسداً وعقلاً وروحاً محرراً إياك من العزلة أو الانطواء أو الانحرافات الجنسية وكلما أحببته وكانت لك عشرة حية معه اشبع روحك وعواطفك وسمت غرائزك وأحببت الآخرين محبة روحية تنظر أليهم كأعضاء مقدسة في جسد المسيح .

لتملأ حياتك بالروحانيات الايجابية من قراءة وصلاة وتأمل وخدمة ونشاط وكف عن التفكير في الشهوات وجاهد من اجل الطهارة فان النعمة تسندك وتطرد عنك كل عاطفة غير مقدسة .

نحن نحتاج إلى اليقظة الروحية وعدم الانجراف وراء الحواس والعواطف والأفكار التي تدنس الجسد والروح والنفس فلا ندخل أفكار دنسه إلى عقولنا ولا نجاري الفكر ونسمح له بالتردد على عقولنا طالباين الطهارة كهبة من الله.

قدسية الزواج المسيحي :

الزواج المسيحي سر مقدس يعمل فيه الله ليوحد الاثنين "ويكون الاثنان جسداً واحداً فالذي جمعه الله لا يفرقه الإنسان" مت 19 : 4 – 6 . إن الأب السماوي يبارك الزواج المسيحي وهو الذي ككل أبوينا ادم وحواء في الفردوس وبارك الرب يسوع عرس قانا الجليل .

ويعمل الروح القدس ليقدس الزوجين ويرفع الزواج ليكون كسر اتحاد المسيح بالكنيسة .

في الزواج المقدس يقدس الرب البيت المسيحي وكلما كانت محبة الله في بيوتنا انتفى الخصام ويحب الرجل زوجته كنفسه ويبذل من اجل سعادتها وتحترم الزوجة رجلها وتطيعه في تفاهم وتضحية ولا يكون لأحد منهما سلطان على جسده بل للأخر .

ويوحد الروح القدس اتصالهما ويجعل مضجعهما نقياً مقدساً وغير دنس تكون العشرة الزوجية تعبيراً عن هذا الحب المقدس والوحدة .

وتكون ثمرة البطن الأبناء ، بركة وسعادة للأسرة ولبناء ملكوت الله على الأرض وفي السماء، وتكون الحياة في تفاهم وانسجام وحب واحترام وتعاون وبذل، شهادة لإيماننا وسعادة لحياتنا وعون للأسرة للسعادة على الأرض وللدخول بسعة للدخول للملكوت السماوي .

أما الذين قد أعطى لهم مجد البتولية والتكريس وقد أصبحوا نفوس مكرسة للمسيح فقد تمتعوا بالحياة الملائكية وهم على الأرض ، مع الاقرار منهم لقدسية الزواج كسر مقدس . والمكرس لله يحيا حياة الملائكة وهو على الأرض وهو مجاهداً من اجل عفة حواسه وفكره وجسده مقتدياً بسيده مدرباً نفسه على الصلاة والصوم تائباً عن أخطاءه وخطاياه كل يوم نامياً في الشركة والاتحاد بالله إلى أن يدخل العرس السماوي مرتلاً مع المائة والأربعة والأربعين ألفا البتوليين ترتيله الأبكار هؤلاء الذين يتبعون الخروف والراعي الصالح حيثما ذهب ( رؤ 14 : 1 – 4 ) .

الهي ما أعظمك

ما أعظمك يا رب فيما وهبتني، فسيداً للخليقة جعلتنى،

وعلى صورتك خلقتني وعلم معرفتك أعطيتنى،

وبالروح الحكيمة كللتني وجسداً بديعاً خلاقاً منحتنى،

ما أعظم أعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت.

علمنى يا رب أن لا افقد صورتك في، فأكون طاهرا ،

جسدا وفكراً وروحاً، بالتواضع والوداعة والحكمة أسير ،

وكما تريد لي من قداسة وطهارة وبر أصير ،

ساعدني يا رب أن أكون ابنا لك وصورة متواضعة منك ،

مقدسا روحى وعقلى وجسدي لإنى ابنك .

يا رب أنت تعلم إني أريد أن احبك ، وان لا أكون عثرة لأحد

فعلمني أن انظر للجميع أنهم أخوة وأعضاء في الكنيسة المقدسة،

امنحني رقة الإحساس لأكون محبة طاهرة ،

تعطى بلا مقابل . وتحيا بلا أنقسام ،

امنحني شبعاً و اروي عطش نفسي بحبك ،

هبني التوبة والنقاوة ، العفة والقداسة لأعاينك داخلي ،

ربي ... اصنع لك في داخلي مسكناً لأعاين مجدك كل حين .