نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

القيم الروحية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (4)السلام

للأب القمص أفرايم الأورشليمي

الحاجة الى السلام ...

+ السلام كما انه صفة لله القدوس فهو قيمة روحية واخلاقية هامة فى حياة كل فرد ومجتمع، وما احوجنا الى السلام فى عالم اليوم الذي تسوده الكراهية والخصومات والحروب والنزاعات وتراق فيه الدماء البرئية والتى تصرخ الى الله مطالبة باقامة العدل ونزع البغضة وبدلا من السعى الى المصالحة مع الله والناس والنفس والتمتع بالسلام نرى الناس يسرعون الى حل المشكلات بالقوة والعنف مما يجعل دائرة العنف والبغضاء والحروب تذداد وتتسع ، ان الأنانية التى نراها اليوم والسعى الى تحقيق المصالح الخاصة وفرض السيطرة والتملك والتمسك بالسلطة والاستمرار فيها بكل وسائل البطش دون وازع اخلاقى او ضمير انسانى او مخافة لله جعلت مستقبل العالم كله فى مهب الرياح . كما ان تطوير اسلحة الدمار الشامل والاستمرار فيه بدون ضابط او حكمة سيودى الى نتائج كارثية فى ظل غياب الضمير الاخلاقى وهذا ما نراه على المستوى الفردى او المحلى او الاقليمي اوالدولي من حولنا وهذا يوجه افكارنا بالبحث عن السلام والسعى اليه كحاجة ملحة حتى نتفادى الطوفان والحروب التى لن تبقى على أحد .

+ يقدم لنا الله سلامه الكامل ويريدنا ان نحيا فى سلام وأطمئنان وهدوء . وفى ظل هذا السلام الروحى والاخلاقى ينمو الفرد والاسرة والمجتمع ويتقدم ولكن علينا ان نعمل ونصلى ان يحل السلام الدائم والعادل والشامل حياتنا ومجتمعاتنا وعالمنا ، علينا ان نسعى الى السلام ونجد فى أثره ، ونريد لغيرنا ان يحيا فى سلام وأمن وعدالة بدون ظلم مع مرعاة حقوق ومصالح الغير، ان سيادة قانون المحبة تجعل الحاجة الى الالتجاء الي القوانين الوضعية تقل وتنتفى . كما ان وجود مبادئ العدالة والمساوة وسيادة القانون والثواب والعقاب من الامور التى تبنى مجتمع أمناً مطمئناً . وكلما اقتربنا من الله بالتوبة وحياة الفضيلة والبر والتقوى ساد السلام والمحبة والرحمة والحكمة فى مواجهة المشكلات وحلها بالطرق السلمية . أن تحقيق هذا السلام في واقع الحياة ليس بالأمر الهين. فهو يتطلب توفر الإرادة الطيبة وبذل كل الجهود وكل المساعي الكبيرة والكثيرة والدائمة ،ان أمر تحقيق السلام منوط بنا جميعاً وذلك بإزالة المعوقات والموانع والتحديات كالحروب والنزاعات والصراعات التي ما زالت قائمة بين بني البشر وكذلك المطامع والمصالح الآنية والشخصية التى تحول دون تحقيقه علينا ان نكفء كافراد ودول وحكومات، عن أطماعنا وجشعنا ومحاولات استغلال الغير الامر الذى يعمل على نشر السلام والتعاون والمحبة بين الافراد والشعوب .

+ ان قبولنا للآخر والاعتراف بحقوقه واحترامه ونشر ثقافة السلام والتعاون والمحبة بدلا من العنف والكراهية ودق طبول الحرب من الامور التى نحتاج اليها للحصول على السلام . اننا نحتاج كافراد ودول الى أعلاء قيمة أحترام الحياة وحق الاخر فى الاختلاف فى الراى او المذهب او الدين دون استخفاف او تهميش او تكفير . نحتاج كافراد ومؤسسات ودول الى العمل الدؤوب من اجل المصالحة واقامة العدل ومكأفاة الساعين الى السلام والمحاسبة القانونية العادلة للمجرمين ودعاة الكراهية والعنصرية والحروب حتى ما نحيا فى سلام وكرامة انسانية وامن وامان.

السيد المسيح رئيس السلام

+ عندما ولد ولد السيد المسيح فى بيت لحم قبل ما يذيد من الفى عام تهللت الملائكة بالتسبيح { ظهر بغتة مع الملاك جمهور من الجند السماوي مسبحين الله وقائلين.المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام وبالناس المسرة} لو 13:2-14. وكما تنبأ اشعيا جاء الينا رئيس السلام الذى لرئاسته وسلامه لا نهاية { لانه يولد لنا ولد و نعطى ابنا وتكون الرياسة على كتفه ويدعى اسمه عجيبا مشيرا الها قديرا ابا ابديا رئيس السلام. لنمو رياسته وللسلام لا نهاية } اش 6:9-7. لقد كان التجسد الإلهي رحمة من الله لكى يهدي اقدامنا فى طريق السلام { باحشاء رحمة الهنا التي بها افتقدنا المشرق من العلاء. ليضيء على الجالسين في الظلمة و ظلال الموت لكي يهدي اقدامنا في طريق السلام} لو 78:1-79. وهكذا جال السيد المسيح يصنع خيرا ويشفى كل المتسلط عليهم ابليس وقال للمؤمنين به {سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم ولا ترهب (يو 14 : 27). إنه لا يقدم السلام كما يقدمه العالم، تحية كلامية شكلية، بل بركة حقيقية تتمثل في تقديم ذاته لمؤمنيه. هذا السلام لا يمكن للعالم بكل إمكانياته أن يقدمه ولا بكل أحزانه أن يسحبه من المؤمن. لأن ما يعطيه العالم يمس الجسد ويُحد بالزمن والمكان، أما سلام المسيح فيحتضن كيان الإنسان كله، ولا يقدر زمن ما أو مكان ما أن يحده. إنه يسحب أعماق الإنسان لتختبر الأبدية.لأن سلام المسيح أبدي، ليس من قوة تقدر أن تنزعه عن الإنسان المتمسك به. سلام العالم قد يدفع الإنسان إلى الخطية، سواء من جهة الملذات أو الكبرياء، أما سلام المسيح فهو عمل النعمة الغنية التي تحفظ الإنسان في القداسة والبر. وتسحب قلوبنا إلى الفرح الأبدي والسلام السماوي.

+ فى المسيح يسوع ظهرت رحمة الله وحقه وبره وعداله {الرحمة و الحق التقيا البر و السلام تلاثما} (مز 85 : 10) وبه ومن خلال صليبه تمت مصالحة البشرية الساقطة مع الله {ولكن الكل من الله الذي صالحنا لنفسه بيسوع المسيح واعطانا خدمة المصالحة.اي ان الله كان في المسيح مصالحا العالم لنفسه غير حاسب لهم خطاياهم وواضعا فينا كلمة المصالحة.اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله.لانه جعل الذي لم يعرف خطية خطية لاجلنا لنصير نحن بر الله فيه}2كو18:5-21.وكما صنع لنا سلاما مع الآب السماوى فقد دعانا لصنع السلام مع الغير والسعى اليه لنكون ابناء لله {طوبى لصانعي السلام لانهم ابناء الله يدعون }(مت 5 : 9). وان نتبع السلام مع الجميع { اتبعوا سلام مع الجميع و القداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14). لقد وعدنا ان يكون لنا فيه سلام { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في العالم سيكون لكم ضيق و لكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33).من أجل هذا رغم الضيقات نثق انه سيغلب بنا ومن اجلنا {فنظرت واذا فرس ابيض والجالس عليه معه قوس وقد اعطي اكليلا وخرج غالبا و لكي يغلب (رؤ 6 : 2).

+الى الله نصلى ونطلب كل حين قائلين : يا ملك السلام ، اعطنا سلامك ، قرر لنا سلامك واغفر لنا

ان كل إنسان منا غال وعزيز على قلب الله ويريد سلامنا وخيرنا وهذا ما فعله ويفعله باقواله وافعاله . لقد صالحنا السيد المسيح مع الآب السماوى وسعى لمصالحة اليهود مع السامريين والأمم ومدح السامرى الصالح وقائد المئة الاممى وجاء الى مصر الى كانت عاصمة للفكر الهلينى والوثنى لينشر الإيمان ويؤسس كنيسة العهد الجديد ويبارك ارضها وشعبها . انه كأب صالح يريد ان يجمع ابنائة كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها فهل نريد نحن ان نحتمى فى سلامى ونعمل للوصول اليه ؟

طوبى لصانعي السلام

+ السلام مع اللـه.. ان الانسان الذى يحيا فى حياة الخطية والإثم وعدم الايمان ، يبتعد عن الله ويحيا فى خصومة مع الغير ولا يجد السلام الداخلى {لا سلام قال الرب للاشرار} (اش 48 : 22) . اما الانسان التائب المؤمن بالله فيحيا في سلام {فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح }(رو 5 : 1). الانسان المؤمن يثق فى حفظ الله ورعايته { حبيب الرب يسكن لديه امنا يستره طول النهار و بين منكبيه يسكن }(تث 33 : 12).المؤمن لو احاطت به الضيقات والتجارب فانه يؤمن بقدرة الله على حفظه ورعايته .لقد القوا بالفتية الثلاثة فى اتون النار ولكن كان الرب معهم وحافظاً لهم واذ به يحلهم من القيود ويسيروا وسط النيران مسبحين الله على عظيم قوته من اجل هذا ترنم النبى قديما واثقاً بحفظ الله ورعايته {الرب نوري و خلاصي ممن اخاف الرب حصن حياتي ممن ارتعب.عندما اقترب الي الاشرار لياكلوا لحمي مضايقي و اعدائي عثروا و سقطوا.ان نزل علي جيش لا يخاف قلبي ان قامت علي حرب ففي ذلك انا مطمئن}مز -31:27.

لنصلى ونعمل ليقوى الله ايماننا به ويذيد من رجائنا فيه وتشتد محبتنا له فنحيا معه فى سلام واثقين بوجوده معنا واننا لسنا وحيدين . بل نثق أن الله معنا ويعتنى بنا وان كان الله معنا فمن علينا ان الله هو القوة القادرة على كل شئ، التي تساندنا فى الضعف وتنزع عنا كل خوف ، والتي كلها حب وعدل. وهي تعمل الخير الجميع، وتتراءف على كل من هو في ضيقة،وإذ نطمئن إلى هذه القوة الإلهية الحافظة، تمتلئ قلبنا سلاماً، ولا نقلق او نخاف. أما غير المؤمن، فإذ لا يثق بقوة خفية تسنده، نراه يتعب، ويقف وحيداً في ضيقاته فاقداً للسلام.

+ السلام مع الناس.. لقد دعانا السيد المسيح لنكون صناع سلام حتى نكون ابناء الله ملك السلام ، فهل نحن ندرك أهمية هذه الدعوة فى عالم ملئ بالصراعات { كما هو مكتوب ما اجمل اقدام المبشرين بالسلام المبشرين بالخيرات} (رو 10 : 15). يجب ان نكف عن الشر ونقابله بالخير والمحبة الاخوية للجميع لكى نتمتع بالسلام { والنهاية كونوا جميعا متحدي الراي بحس واحد ذوي محبة اخوية مشفقين لطفاء.غير مجازين عن شر بشر او عن شتيمة بشتيمة بل بالعكس مباركين عالمين انكم لهذا دعيتم لكي ترثوا بركة.لان من اراد ان يحب الحياة ويرى اياما صالحة فليكفف لسانه عن الشر وشفتيه ان تتكلما بالمكر.ليعرض عن الشر ويصنع الخير ليطلب السلام ويجد في اثره.لان عيني الرب على الابرار واذنيه الى طلبتهم و لكن وجه الرب ضد فاعلي الشر. فمن يؤذيكم ان كنتم متمثلين بالخير} 1بط 8:3-13.

لهذا يوصينا الانجيل ان نتبع البر والايمان والسلام والمحبة فى تعاون واحترام للغير ولا نشترك حتى فى المجادلات الغبية مع الاخرين { اما الشهوات الشبابية فاهرب منها و اتبع البر والايمان و المحبة و السلام مع الذين يدعون الرب من قلب نقي.والمباحثات الغبية والسخيفة اجتنبها عالما انها تولد خصومات. وعبد الرب لا يجب ان يخاصم بل يكون مترفقا بالجميع صالحا للتعليم صبورا على المشقات. مؤدبا بالوداعة المقاومين عسى ان يعطيهم الله توبة لمعرفة الحق. فيستفيقوا من فخ ابليس اذ قد اقتنصهم لارادته} 2تيمو 22:2-26.علينا ان نحيا فى محبة وتفاهم واحترام مع الغير سواء فى الاسرة او الكنيسة او المجتمع بالتعاون معهم، ونقدم الخير للكُل، ونحِرص على مشاعر كل مَن نتعامل معه ونعالج كل أمورنا بالحكمة والدعوة الي السلام وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس.

دعانا السيد المسيح الى محبة الجميع وبهذا نحيا فى سلام ونصل بالمحبة حتى الى الاعداء { سمعتم انه قيل تحب قريبك وتبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم وصلوا لاجل الذين يسيئون اليكم ويطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار والصالحين ويمطر على الابرار والظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا.فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل } مت 43:5-48. كما دعانا الى المغفرة غير المحدودة للمسيئين { حينئذ تقدم اليه بطرس و قال يا رب كم مرة يخطئ الي اخي و انا اغفر له هل الى سبع مرات. قال له يسوع لا اقول لك الى سبع مرات بل الى سبعين مرة سبع مرات} مت 21:18-22. اذا لنحب المحبة ونغفر وهذا يحول الاعداء الى اصدقاء ومن لا نستطيع ان نسالمة من مرضى النفوس والقلوب نتجنبه ونبتعد عنه وان لم يكن هناك مفر من التعامل مع هؤلاء فليكن بالاحترام والقانون وتدخل اهل الغير.

ويرى القدّيس يوحنا الذهبي الفم أن السيّد المسيح قد جاء ليرفعنا إلى كمال الحب، الذي في نظره يبلغ الدرجة التاسعة، مقدّمًا لنا هذه الدرجات هكذا- الدرجة الأولى: ألا يبدأ الإنسان بظلم أخيه. الدرجة الثانية: إذا أصيب الإنسان بظلم فلا يثأر لنفسه بظلم أشد، وإنما يكتفي بمقابلة العين بالعين والسن بالسن .

الدرجة الثالثة: ألا يقابل الإنسان من يسيء إليه بشر يماثله، إنّما يقابله بروح هادئ.

الدرجة الرابعة: يتخلّى الإنسان عن ذاته، فيكون مستعدًا لاحتمال الألم الذي أصابه ظلمًا وعدوانًا.

الدرجة الخامسة: في هذه المرحلة ليس فقط يحتمل الألم، وإنما يكون مستعدًا في الداخل أن يقبل الآلام أكثر مما يودّ الظالم أن يفعل به، فإن اغتصب ثوبه يترك له الرداء، وإن سخّره ميلاً يسير معه ميلين. الدرجة السادسة: أنه يحتمل الظلم الأكثر ممّا يودّه الظالم دون أن يحمل في داخله كراهيّة نحو العالم. الدرجة السابعة: لا يقف الأمر عند عدم الكراهيّة وإنما يمتد إلى الحب... "أحبّوا أعداءكم".

الدرجة الثامنة: يتحوّل الحب للأعداء إلى عمل، وذلك بصنع الخير "أحسنوا إلى مبغضيكم"، فنقابل الشرّ بعمل خير. الدرجة التاسعة والأخيرة: يصلّي المؤمن من أجل المسيئين إليه وطارديه.

هكذا إذ يبلغ الإنسان إلى هذه الدرجة، ليس فقط يكون مستعدًا لقبول آلام أكثر وتعييرات وإنما يقدّم عوضها حبًا عمليًا ويقف كأب مترفّق بكل البشريّة، يصلّي عن الجميع طالبًا الصفح عن أعدائه والمسيئين إليه وطارديه، يكون متشبِّهًا بالله نفسه أب البشريّة كلها. غاية مجيء السيّد إلينا إنّما هو الارتفاع بنا إلى هذا السموّ و يجعلنا نافعين لأعدائنا كما لأصدقائنا واحبائنا .

+ السلام الداخلى ..

الانسان الروحى يحيا فى انسجام داخلى وتوافق بين الانقياد لروح الله الساكن فيه وقيادة الروح لعقلة ونفسه وجسده فيضبط ميوله النفسيّة ويخضعها للعقل والروح، ويضبط ذاته ويوجها نحو الله وصنع السلام والخير فيحل ملكوت الله داخله فان كنت تريد السلام.. اعمل برًا يكن لك السلام، {السلام والبرّ تعانقا}(مز 85: 10).ليكن السلام حبيبًا لك وصديقًا، واجعل قلبك مضجعًا نقيًا لله . ولتكن لك معه راحة مطمئنة وصداقة لا تنفصم عراها{سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم} (يو 14: 27). لقد أعطانا هذا ميراثًا، فقد وعدنا بكل العطايا والمكافآت التي تحدّث عنها خلال حفظ السلام.

نثق فى الله ونؤمن بعمله معنا ونطمئن من جهة حياتنا الخاصة ومستقبلنا، والاطمئنان أيضاً على احبائنا ومعارفنا. المسيح جاء لهبنا السلام الداخلى ويجعلنا نواجه المشاكل في صمود وثقة. لا نضطرب، بل بفكر هادي مُتزن نبحث عن حلول وإن لم نجدها يمكنها أن نصبر ونحتمل دون أن تفقد رجائنا ودون أن نفقد سلامنا. إنَّ العاصفة تستطيع أن تهز شجرة الضعيفة ولكنها لا تهز السنديانة أو البلوطة أو أيَّة شجرة لها جذور قوية وعميقة في الأرض. كذلك الأمواج لا تستطيع أن تؤذي باخرة أو سفينة قوية تشق طريقها في البحر وتسير مطمئنة. ولكن هذه الأمواج يمكنها أن تتعب قارباً صغيراً أو سفينة فيها ثُقب يسمح للماء أن يترسَّب إلى داخلها .

يجب ان نكون اقوياء القلب ولا نفقد سلامنا أمام المشاكل والضيقات. ليكن لنا اذا سلام الإيمان الواثق ولا نخاف شئ . ان الضيقة عندما تحل بالمؤمن يلاقيها بكل اطمئنان وبسلام قلبي عجيب واثق فى تدخل الله فيها وحلها وانتهائها لصالح وخير المؤمن وهكذا يقوده الإيمان إلى الاطمئنان. وهكذا أولاد الله يعيشون دائماً في سلام. بل وفي فرح، شاعرين أن الله معهم، هو الذي يتولى كل أمورهم، ويعمل من أجلهم ما لا يستطيعون عمله لأجل أنفسهم.

إن الطريق المؤدي إلى السلام هو الطريق الذي يجعل القلب يتغير ويتبدل ويمتلئ حباً بدلاً من البغض،وعطفاً بدلاً من الانتقام، وحكمةً بدلاً من الجهل، وتواضعاً بدلاً من الشموخ والكبرياء، ولكن كيف يتغير القلب؟ بل هل يقدر أحدنا ان يبدل حياته وعاداته واستعداده الفطري والمكتسب؟ الجواب: نعم إذ ان هناكَ من يغير ويبدل كل شي إلى الأفضل حتى لو كان القلب قاسيا . هو ذلكَ الأول والأخير، الألف والياء،كلي القدرة والكامل والسرمدي، انه الهك الممسك بيمينك القائل لا تخف أنا اعينك . فلننزع عنا كل ثقل الخطية ونرجع اليه بقلب صادق وضمير بلا رياء ومحبة كامله طالبين ان يهبنا سلامه الكامل {وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع (في 4 : 7).

الاثنين، 29 أغسطس 2011

القيم الأخلاقية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (3) الحكمة

للأب القمص أفرايم الاورشليمى

السيد المسيح اقنوم الحكمة الإلهية ..

+ ان شخص ربّنا يسوع المسيح، هو أقنوم الحكمة الإلهية الذى تجسد من اجل خلاص جنس البشر وهو {المُذخر فيه جميع كنوز الحكمة والعلم} كو3:2 وهو حكمة الله وقوته 1كو30:1 الذى تنازل بالتدبير الالهي وصار بشرا {في البدء كان الكلمة و الكلمة كان عند الله و كان الكلمة الله. والكلمة صار جسدا وحل بيننا وراينا مجده مجدا كما لوحيد من الاب مملوءا نعمة وحقا} يو 1:1،14. وهو الذى يقدر ان يعطينا حكمة ومعرفة كما قال لتلاميذه { لانى اعطيكم فما وحكمة لا يقدر جميع معانديكم ان يقاوموها او يناقضوها } لو15:21 .لهذا قال السيد المسيح لسامعيه مرة { ملكة التيمن ستقوم في الدين مع رجال هذا الجيل وتدينهم لانها اتت من اقاصي الارض لتسمع حكمة سليمان وهوذا اعظم من سليمان ههنا.رجال نينوى سيقومون في الدين مع هذا الجيل ويدينونه لانهم تابوا بمناداة يونان وهوذا اعظم من يونان ههنا} لو 31:11-32.والسيد المسيح جاء ليهبنا حكمة وعلما لنعرفه ونحبه ونخلص نفوسنا وهو القادر وحده أن يضمنا إليه، فننعم بالشركة معه والحياة الإبدية .

+ اعمال السيد المسيح كانت كلها حكمة {ما اعظم اعمالك يا رب كلها بحكمة صنعت ملانة الارض من غناك} (مز 104 : 24) كما ان تعاليمة واقواله هي تعبير عن هذه الحكمة ودعوة اليها . المسيح هو الكلمة الإلهي جاء يعلن لنا مشورة الله الآب وإرادته، وكلامه له فاعلية فى حياة المؤمنين . لهذا السبب تسهم كلمة الكلمة في شفاء الإنسان{ أنتم الان أنقياء بسبب الكلام الذي كلمتكم به }(يو3:15) ان كلمة الله تطهّر وتنير وتقدّس الإنسان { بكلمة الرب صنعت السماوات } (مزمور 6:33).لذلك قال السيد المسيح أن مَن يحفظ وصاياه يحبه الآب { الذي عنده وصاياي و يحفظها فهو الذي يحبني والذي يحبني يحبه ابي وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21) يقول احد القديسين أن كلمة الله هى الله نفسه حاضر سرياً في كل وصية يعطيها. ومعروف أن كلمة الله لا ينفصل عن الآب والروح القدس. لهذا مَن يحفظ كلمة المسيح يحصل على محبة ونعمة الثالوث في داخله .

+ تعاليم المسيح هي حياة ابدية { فاجابه سمعان بطرس يا رب الى من نذهب كلام الحياة الابدية عندك } (يو 6 : 68). الكلمة المتجسد أعطى بروحه القدوس النبوة لأنبياء العهد القديم ولهذا نجدهم يقولوا { هكذا قال السيد الرب } (حز 3 : 27) . من ناحية ثانية، لا يتكلّم المسيح بهذه الطريقة بل يقول { اما انا فاقول لكم } (مت 5 : 22)وعندما تجد كلمة الله تربة ملائمة تثمر. المسيح كشف لنا بالتجسد إرادة الآب. وكما أن للبذرة إمكانية وقدرة عظيمتين لأن ينبت منها شجرة ضخمة متى وجدت التربة الصالحة والظروف المناسبة ، كذلك لكلمة الله إمكانية وقدرة عظيمة. يخبرنا القديس مكاريوس أن كلمة الله ليست كسولة بل لديها عمل حين تصبح في التربة الصالحة لهذا مَن يسمع كلام الله يستنير ويثمر {لأَنَّ كَلِمَةَ اللهِ حَيَّةٌ وَفَعَّالَةٌ وَأَمْضَى مِنْ كُلِّ سَيْفٍ ذِي حَدَّيْنِ، وَخَارِقَةٌ إِلَى مَفْرَقِ النَّفْسِ وَالرُّوحِ وَالْمَفَاصِلِ وَالْمِخَاخِ، وَمُمَيِّزَةٌ أَفْكَارَ الْقَلْبِ وَنِيَّاتِهِ. وَلَيْسَتْ خَلِيقَةٌ غَيْرَ ظَاهِرَةٍ قُدَّامَهُ، بَلْ كُلُّ شَيْءٍ عُرْيَانٌ وَمَكْشُوفٌ لِعَيْنَيْ ذلِكَ الَّذِي مَعَهُ أَمْرُنَا} (عبر 12:4-13). السؤال هو لماذا لا تعمل كلمة الله في كل الناس بالطريقة ذاتها. هذا يرتبط بأن النعمة الإلهية تعمل في الناس بشكل مختلف بحسب الحالة الروحية لكل منهم.كما ان الماء واحد ويعمل فى النباتات لتأتى بثمار مختلفه لكل شجرة ونبتة ثمرتها الخاصة، حلاوتها، مرارتها، حموضتها، مع أنها جميعاً تلقت الماء نفسه. هذا يتوقّف على تركيبة كل نبات. وهكذا تعمل الكلمة الإلهية وتظهر بما يتناسب مع نوعية فضيلة كل شخص ومعرفته عملياً ومعرفياً. إذا كان المرء دنساً، تطهره كلمة الله، إذا كان ناميا فى النعمة تجعله يثمر ، وان كان يسعى للكمال والحكمة والتقديس فكهذا يكون مفعولها هكذا كان السيد المسيح وسيبقى بحكمة يعمل وتختلف الثمار حسب استعداد نفوسنا لقبول كلمته .

+ لقد كان اليهود يطلبون ايات ومعجزات واليونانيين يسعون الى الحكمة ورغم ما صنعه السيد المسيح من ايات وما علمه من حكمه فقد عثر البعض فيه وآمن الذين سمعوا واطاعوا الإيمان { لانه اذ كان العالم في حكمة الله لم يعرف الله بالحكمة استحسن الله ان يخلص المؤمنين بجهالة الكرازة. لان اليهود يسالون اية و اليونانيين يطلبون حكمة. و لكننا نحن نكرز بالمسيح مصلوبا لليهود عثرة ولليونانيين جهالة. واما للمدعوين يهودا ويونانيين فبالمسيح قوة الله وحكمة الله} 1كو 21:1-24. لا نستطيع أن نفهم "الله محبة" الا بالصليب الذي به فدانا الله الكلمة وخلصنا من لعنة الخطيئة. بينما الصليب عند الهالكين هو ذلٌّ وعار ، عندنا نحن المسيحيين الصليب هو رمز المصالحة مع الآب وهو رمز لتجسّد محبة الله لنا لكي يدرك الأنسان محبة الله له، الصليب هو الجسر الذي يوصلنا الى السماء، بينما الذين لايقبلون الصليب كرمز للخلاص ،فهم يشبهون شخص يغرق ولا يقبل اليد الممدودة له لأنقاذه . هناك من يحاولون بلا جدوى ألأعتماد على قوّتهم وعقولهم وفلسفتهم او حتى اعمالهم لأنقاذ انفسهم من الموت ولكن مثلهم هو مثل العطشان في صحراء قاحلة يجري وراء السراب. قوة الصليب تظهر جليا في القيامة والأنتصار على الموت والخطيئة والدخول للحياة الإبدية لكل من يؤمن به .

+ يقدم لنا ايضا السيد المسيح فى الامثال حكمة علي مستويات وحاله المستمعين وهى دعوة للتفكير والحكمة والفم واعمال العقل . عندما أورد المسيح مثل البذار، لم يفهم اليهود معنى المثل ومحتواه العميق. وعندما اقترب التلاميذ ليسألوه معنى هذا المثل قال لهم: {لَكُمْ قَدْ أُعْطِيَ أَنْ تَعْرِفُوا أَسْرَارَ مَلَكُوتِ اللهِ، وَأَمَّا لِلْبَاقِينَ فَبِأَمْثَال، حَتَّى إِنَّهُمْ مُبْصِرِينَ لاَ يُبْصِرُونَ، وَسَامِعِينَ لاَ يَفْهَمُونَ}(لوقا 9:8-10). يبدو واضحاً أن الصور في الأمثال استُعملَت لتخفي معاني الأمثال التي كانت تُشرَح للتلاميذ المهيئين لها.أن التلاميذ كانوا مستحقين لمعرفة أسرار ملكوت السماوات، بينما الآخرون على مقدار فهمهم. لكن المسيح فعل هذا ليس من باب الانتقائية، بل من باب المحبة والعناية. فلأنه كان يعرف أنهم سوف يزدرون باسرار الملكوت أن عرفوها، فقد أخفاها حتى لا تزيد دينونتهم. إذاً نرى من مثل البذار أن البعض، مثل الجموع، يسمعون كلمة الله في الأمثال، وآخرون، مثل التلاميذ، يعرفون أسرار ملكوت الله، وغيرهم، مثل التلاميذ الثلاثة الذين صعدوا على جبل طابور، يرون المسيح المتجلّي. يتوقّف الأمر على حالة المستمعين الروحية .

دعوة السيد المسيح لنا لنكون حكماء

+ لقد دعانا السيد المسيح ان نكون حكماء ونراه يمدح وكيل الظلم (لو18:16) لانه بحكمة صنع وقال لنا{ كونوا بسطاء كالحمام ، وحكماء كالحيات } مت 16:10. وهو بالحكمة يبنى كنيسته ويعضدها بالاسرار المقدسة { الحكمة بنت بيتها ، نحتت أعمدتها السبعة } أم 1:9.والروح القدس العامل فى الكنيسة واعضائها هو روح الحكمة { روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب (اش 11 : 2).والذى يريد ان يسكن فيه روح الله لابد ان يتوب ويستجيب لعمل النعمة { ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية} (حك 1 : 4). ونحن نصلى لكي ما ننقاد بروح الله. التلاميذ والرسل الذين اختارهم وهبهم حكمة ومعرفة روحيه بروحه القدوس بل حتى الشمامسه كان شرط اختيارهم ان يكونونوا مملوين من الروح القدس والحكمة { فانتخبوا ايها الاخوة سبعة رجال منكم مشهودا لهم ومملوين من الروح القدس وحكمة فنقيمهم على هذه الحاجة }(اع 6 : 3). وعندما سُئل الانبا انطونيوس عن ما هي أعظم الفضائل ؟ اجاب : انه الافراز والحكمة ، بالافراز والحكمة الروحية يميز الانسان بين الخير والشر والحق والباطل ويسلك فى الفضيلة بحكمة فالحكيم عيناه فى راسه اما الجاهل فيسلك فى الظلام (جا 14:2).

+ الحكمة الروحية تنبع من معرفتنا لحقيقة انفسنا ومعرفتنا لله ومشيئته فى حياتنا وهكذا تجعلنا نفكر ونتصرف حسنا في سلوك يتسم بمخافة الله ومحبته والعمل علي رضاه {من هو حكيم وعالم بينكم ، فلير أعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة }يع 13:3. الحكيم يقيم توازن بين حياته على الارض كسفير للسماء فى غربة موقته وبين حياته الابدية وان كانت تعوزه حكمة فيطلب من الله { ان كان احدكم تعوزه حكمة فليطلب من الله الذي يعطي الجميع بسخاء ولا يعير فسيعطى له} (يع 1 : 5).

أنّ الحكمة تختلف عن المعرفة فهناك ناس عندهم معرفة ومعلومات كثيرة ولكنهم لا يستخدمونها بصورة صحيحة لآنّهم يفتقرون الى الحكمة التي يهبها الروح القدس من فوق،وهناك ناس اذكياء ولكن قد ينقصهم الحكمة للفهم والتدبير والرؤية الصحيحة للأحداث،بينما الشخص الحكيم يطلب التمييز وأختيار الصواب والمشورة والتدبير وهذه كلها يطلبها من ربنا يسوع المسيح ، وهو الذي بيّن لنا أن الآب السماوي يكشف الحكمة للاتقياء المتواضعين والبسطاء ،بينما يخفي هذا السر عن غير المؤمنين الذين يعتبرون انفسهم حكماء وفهماء { و في تلك الساعة تهلل يسوع بالروح و قال احمدك ايها الاب رب السماء و الارض لانك اخفيت هذه عن الحكماء و الفهماء و اعلنتها للاطفال نعم ايها الاب لان هكذا صارت المسرة امامك }(لو 10 : 21).

+ ان الحكمة التى من الله كهبة من الروح القدس ليس هى الكياسة او الدبلوماسية او الدهاء اوالمكر الذي يظنه البعض حكمة وليس هي الذكاء بل هى معرفة حقيقة الاشياء كما هى فى فكر الله والفطنة والافراز والتمييز الروحى الذى يهبنا ان نتصرف بالبساطة الحكيمة الطاهرة الرحيمة والوديعة كما يليق بابناء الله القديسين فى تكامل وتوازن واتزان والتزام روحى وكما جاء فى الإنجيل { من هو حكيم و عالم بينكم فلير اعماله بالتصرف الحسن في وداعة الحكمة.ولكن ان كان لكم غيرة مرة وتحزب في قلوبكم فلا تفتخروا وتكذبوا على الحق. ليست هذه الحكمة نازلة من فوق بل هي ارضية نفسانية شيطانية. لانه حيث الغيرة والتحزب هناك التشويش وكل امر رديء.واما الحكمة التي من فوق فهي اولا طاهرة ثم مسالمة مترفقة مذعنة مملوة رحمة واثمارا صالحة عديمة الريب والرياء وثمر البر يزرع في السلام من الذين يفعلون السلام} يع 13:3-18.

كيف نقتنى الحكمة الإلهية

+ بمداومة الصلاة لله بنقاوة قلب .. لقد صلى سليمان الحكيم وطلب من حكمة من الله { فقال سليمان انك قد فعلت مع عبدك داود ابي رحمة عظيمة حسبما سار امامك بامانة وبر واستقامة قلب معك فحفظت له هذه الرحمة العظيمة واعطيته ابنا يجلس على كرسيه كهذا اليوم.والان ايها الرب الهي انت ملكت عبدك مكان داود ابي وانا فتى صغير لا اعلم الخروج والدخول. وعبدك في وسط شعبك الذي اخترته شعب كثير لا يحصى ولا يعد من الكثرة. فاعط عبدك قلبا فهيما لاحكم على شعبك واميز بين الخير والشر لانه من يقدر ان يحكم على شعبك العظيم هذا. فحسن الكلام في عيني الرب لان سليمان سال هذا الامر.فقال له الله من اجل انك قد سالت هذا الامر ولم تسال لنفسك اياما كثيرة ولا سالت لنفسك غنى ولا سالت انفس اعدائك بل سالت لنفسك تمييزا لتفهم الحكم. هوذا قد فعلت حسب كلامك هوذا اعطيتك قلبا حكيما ومميزا حتى انه لم يكن مثلك قبلك ولا يقوم بعدك نظيرك.وقد اعطيتك ايضا ما لم تساله غنى و كرامة حتى انه لا يكون رجل مثلك في الملوك كل ايامك} 1مل 6:3-13.ونحن يجب ان نداوم على الصلاة والطلبة لنعرف ارادة الله وحكمته ونتعلم منه ونلتصق به مصدراً للحكمة {عنده الحكمة و القدرة له المشورة والفطنة} (اي 12 : 13) ليكون كل منا كاملاً فى المسيح يسوع { الذي ننادي به منذرين كل انسان ومعلمين كل انسان بكل حكمة لكي نحضر كل انسان كاملا في المسيح يسوع} (كو 1 : 28).

+ الانقياد لروح الله .. ان روح الله هو روح الحكمة والقداسة والمعرفة والتمييز { ويحل عليه روح الرب روح الحكمة والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب} (اش 11 : 2) .ان الروح القدس هو نبع لا ينضب ابدا فى انساننا الداخلى { و في اليوم الاخير العظيم من العيد وقف يسوع و نادى قائلا ان عطش احد فليقبل الي و يشرب.من امن بي كما قال الكتاب تجري من بطنه انهار ماء حي.قال هذا عن الروح الذي كان المؤمنون به مزمعين ان يقبلوه } يو37:7-39 .{ لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا اياكم في صلواتي.كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته.مستنيرة عيون اذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين.وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} اف 16:1-19. اننا اذ نولد من الماء والروح وناخذ بالميرون المقدس سكنى وعمل الروح القدس فينا يجب علينا ان لا نحزن روح الله بخطايانا وننقاد له فى افكارنا وسلوكنا ونطلب ارشاده فى كل ذلك وهو يعلمنا كل شئ{ و اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26).ويهبنا قوة وحكمة { فمتى ساقوكم ليسلموكم فلا تعتنوا من قبل بما تتكلمون ولا تهتموا بل مهما اعطيتم في تلك الساعة فبذلك تكلموا لان لستم انتم المتكلمين بل الروح القدس }(مر 13 : 11). ويهبنا قوة لنشهد لله { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم و في كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (اع 1 : 8).الروح القدس يهبنا ثمار ومواهب الروح القدس ويلهب قلوبنا بمحبة الله حتى المنتهى { لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو 5 : 5).

+ الكتاب المقدس والحكمة والاستنارة .. ان الكتاب المقدس مصدر لا ينضب من الحكمة فقد كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح القدس ومن خلاله يتحدث الله الينا { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) وبه نعرف ارادة الله الصالحة والكاملة نحونا ، ان عقولنا وقلوبنا وارواحنا تستنير بكلام الله { سراج لرجلي كلامك و نور لسبيلي }(مز 119 : 105) .وكلام الله يهبنا قداسة ومعرفة { قدسهم في حقك كلامك هو حق }(يو 17 : 17). وكما ان الجهل بكلام الله هلاك{ قد هلك شعبي من عدم المعرفة لانك انت رفضت المعرفة ارفضك انا} (هو 4 : 6). فان معرفة الكتاب حياة ابدية { وهذه هي الحياة الابدية ان يعرفوك انت الاله الحقيقي وحدك ويسوع المسيح الذي ارسلته} (يو 17 : 3).ولهذا دعى السيد المسيح اليهود قديما ان يفتشوا فى الكتب لانها تشهد له { فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية و هي التي تشهد لي{ (يو 5 : 39) وهكذا كلام الله لابد ان ياتى ثماره متى حفظناه وعملنا به وشهدنا له وعلمناه .

+ التعلم من القديسين الحكماء ... نحن نحتاج الى التلمذة والتعلم من أناس الله القديسين الذين تعبوا وجاهدوا فى اقتناء الفضيلة والحكمة . من اجل هذا يدعونا الانجيل لنتمثل بايمانهم وفضائلهم {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). لقد برع ابائنا القديسين فى اقتناء الافراز والحكمة والتمييز والتدقيق فى السلوك وكان يأتى اليهم الذين يريدون التعلم ليقولوا لهم كلمات قليلة ليخلصوا او يروا أعمالهم الحسنة ويقتدوا بها . ونحن نحتاج لحكمة هؤلاء القديسين والتلمذه عليها فى افراز وحكمة .نحتاج للسلوك فى الفضيلة بافراز دون تطرف او مغالاة فنعرف متى نتكلم وماذا نتكلم ومتى نصمت ونعرف ان نفرق بين التواضع وصغر النفس وبين الكبرياء واحترام الذات وبين الادانة والنصح واداء المسؤلية وبين الوداعة واللين وبين الحزم والقسوة وبين الطاعة للحق والشهادة لله والدفاع عنه . نعرف متى نتصرف فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وبالاسلوب اللائق فى بعد عن السطحية او التعقيد وفي اتزان والتزام لاسيما فى الامور المصيرية .نحن نتعلم الحكمة ايضا من خلال الخبرات الحياتية والتفكير والتأمل فى الاحداث ونكون انفسنا كما يريديها الله {العقلاء في الكلام يتممون اعمالهم بالحكمة و يفيضون الامثال السديدة} (سيراخ 18 : 29).

من عندك الحكمة والمشورة ..

+ ايها الرب الاله يامن عنده الافراز والمشورة وفيك مخبأة لنا كل كنوز الحكمة والعلم نأتى اليك قارعين باب تعطفك فهبنا يا غني بالمراحم حكمة ومعرفة ومشورة صالحة لنعبدك بالحق والروح ونخافك ونتبعك بمحبة من كل قلوبنا جميع ايام حياتنا .ان الذين يحبون الحكمة ينالون نعمة والذين يبغضونها يحبون الموت . تتمشى الحكمة في طريق العدل ، وتتحرك في سبيل الحق، لتهب الذين يعرفونها غنى، وتملأ قلوبهم سلاما وسعادة . الحكمة تحب الذين يحبونها وتدخل القلوب النقية الرحيمة وها نحن نطلبها بكل قلوبنا فلتسكن فينا لتقودنا فى طريق الفضيلة والبر .

+ انت يارب غايتنا وحكمتنا وخلاصنا ، ونحن نريد ان ندخل بانفسنا ومن معنا الى أحضانك الإلهية لننهل من حكمتك ونكتشف محبتك وابوتك ونعرفك ليس من أجل مكسب مادى ولا من اجل مجد زمنى ولكن من اجل ان نكون لك ابناء وتكون انت لنا ربا والها وحكمة وقداسة وبك نحيا مذاقة الملكوت على الارض وبك نتحصن ضد قوى الشر الروحية فلا يقوى علينا موت الخطية ولا على كل شعبك .

+ يا اله الحكمة وواهب الفهم يامن اعطى قديما ليوسف الصديق من روحه القدوس حكمة ولدانيال النبى معرفة بها شهد لك وتنبأ بخلاصك ، يامن قاد الكنيسة عبر العصور بحكمة من لدنه انت قادر يارب ان تعطي رعاتنا حكمة ومشورة ورعيتنا فهم ومعرفة روحية ، انت ضابط الكل وسيد التاريخ نسالك ان تقود البشرية قادة وشعوب وأمم نحو معرفتك وعمل اراداتك لتصل سفينة حياتنا المعذبه وسط أمواج الصراعات الى بر الأمان والإيمان ، أمين .

الخميس، 25 أغسطس 2011

القيم الأخلاقية فى حياة وتعاليم السيد المسيح (2) الرحمة

للأب أفرايم الأورشليمى

رحمة الله وحنانه على الجميع..

+ ان الرحمة والحنان صفة ثابتة من صفات الله وتنبع من أبوته ومحبته للبشر{محبة ابدية احببتك من اجل ذلك ادمت لك الرحمة (ار 31 : 3). فهو الذى قال قديما { الرب الرب اله رحيم و رؤوف بطيء الغضب و كثير الاحسان و الوفاء} (خر 34 : 6).وبهذه الرحمة رتل المرنم قائلاً {الرب بار في كل طرقه ورحيم في كل اعماله} (مز 145 : 17). وبمراحم الله يصبر ويطيل روحه على الخطاة { انه من احسانات الرب اننا لم نفن لان مراحمه لا تزول.هي جديدة في كل صباح كثيرة امانتك. نصيبي هو الرب قالت نفسي من اجل ذلك ارجوه. طيب هو الرب للذين يترجونه للنفس التي تطلبه} مرا 22:3-25.ولكى نتمتع بمراحم الله يجب علينا ان نكون رحومين على الجميع { طوبى للرحماء لانهم يرحمون} (مت 5 : 7).وهذا ما يطلبه منا الله { وقد اخبرك ايها الانسان ما هو صالح و ماذا يطلبه منك الرب الا ان تصنع الحق وتحب الرحمة وتسلك متواضعا مع الهك} (مي 6 : 8).

+ولقد جاء الينا السيد المسيح على الارض وهو الاله الظاهر فى الجسد ، ليعلن لنا رحمة الله الكاملة والتى تبحث عن الخطاة لتردهم وعن المقيدين لتحررهم وعن منكسرى القلوب ليشفيهم . لقد تشدق البعض برحمة الله دون ان يعوا اعماق هذه الرحمة المعلنة لنا فى المسيح يسوع ربنا { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح الذي حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من الاموات. لميراث لا يفنى ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ في السماوات لاجلكم} 1بط 3:1-4.ولقد لخص السيد المسيح عمله على الارض بتتميم نبؤة اشعياء النبى {روح الرب علي لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة.ثم طوى السفر و سلمه الى الخادم وجلس وجميع الذين في المجمع كانت عيونهم شاخصة اليه. فابتدا يقول لهم انه اليوم قد تم هذا المكتوب في مسامعكم} لو 18:4-21.ولقد اعطي المخلص الويل للكتبة والفريسيون المراؤون لتركهم الرحمة والحق والايمان{ ويل لكم ايها الكتبة و الفريسيون المراؤون لانكم تعشرون النعنع والشبث والكمون وتركتم اثقل الناموس الحق والرحمة والايمان كان ينبغي ان تعملوا هذه ولا تتركوا تلك} (مت 23 : 23).

+ من رحمة الله اعلانه عن محبته للخطاة لا بالكلام بالعمل والحق ، ووجد فيه الخطاة صديقا واباً ومدافعاً وكان يهدف بذلك الى إعلان رحمة الله الغافرة والمغيرة والمحررة التى تقبل الخطاة لا كعبيد بل ابناء محبوبين فى الرب . كان العشارين والخطاة مكروهين ومنبوذين فى المجتمع فاعلن لهم محبته وسعى لتغييرهم . لقد جذب الكثيرين بشبكة محبته الإلهية وعندما تذمٌر عليه الكتبة والفريسيين دافع عنهم قائلاً{ لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى لم ات لادعو ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مر 2 : 17). لقد نزع محبة المال من قلوب العشارين القاسية بمحبته . ودافع عن المرأة الخاطئة { و قدم اليه الكتبة و الفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت. قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر. ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط. فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا} يو3:8-11. لقد أظهر لهؤلاء خطاياهم التى سترها الله فرجعوا وتركوا المراة لحال سبيلهم . وفي مثل الخروف الضائع أعلن لنا أن كل إنسان خاطئ بعيد عن الخلاص إنما هو ذلك الخروف الضائع ، الذي يخرج الله الراعي الصالح للبحث عنه تاركاً التسعة والتسعين من أجل إيجاده وإعادته إلى حظيرة الخراف . وأثبت له المجد هذه الفكرة بقوله في نهاية المثل {هكذا يكون فرحٌ في السماء بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين لا يحتاجون إلى توبة }( لو15: 1-7 ) .

الرحمة وعمل الخير فى حياة السيد المسيح..

+ الله هو هو أمس واليوم والى الأبد مازالت مراحمه جديدة علينا كل صباح سواء شعرنا بها وشكرناه عليها او نسينها . وعندما تجسد السيد المسيح صار لنا قدوة ومثال فى الرحمة والمحبة . من مراحمه انه يهتم باشباع اجسادنا ونفوسنا وارواحنا . يجول يصنع خيراً ويشفى كل مرض وضعف فى الشعب ويهتم بالتعليم وأشباع الجموع الجائعة ولازال {فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا. و بعد ساعات كثيرة تقدم اليه تلاميذه قائلين الموضع خلاء و الوقت مضى.اصرفهم لكي يمضوا الى الضياع و القرى حوالينا و يبتاعوا لهم خبزا لان ليس عندهم ما ياكلون. فاجاب وقال لهم اعطوهم انتم لياكلوا فقالوا له انمضي ونبتاع خبزا بمئتي دينار ونعطيهم لياكلوا.فقال لهم كم رغيفا عندكم اذهبوا وانظروا ولما علموا قالوا خمسة وسمكتان. فامرهم ان يجعلوا الجميع يتكئون رفاقا رفاقا على العشب الاخضر.فاتكاوا صفوفا صفوفا مئة مئة وخمسين خمسين. فاخذ الارغفة الخمسة والسمكتين ورفع نظره نحو السماء وبارك ثم كسر الارغفة واعطى تلاميذه ليقدموا اليهم وقسم السمكتين للجميع. فاكل الجميع وشبعوا.ثم رفعوا من الكسر اثنتي عشرة قفة مملوة ومن السمك. وكان الذين اكلوا من الارغفة نحو خمسة الاف رجل} مر35:6-44 . + لقد تحنن على العميان ووهب لهم النظر وبالجهال ووهب لهم حكمة واستنارة {وجاءوا الى اريحا وفيما هو خارج من اريحا مع تلاميذه وجمع غفير كان بارتيماوس الاعمى ابن تيماوس جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع انه يسوع الناصري ابتدا يصرخ و يقول يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره كثيرون ليسكت فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع وامر ان ينادى فنادوا الاعمى قائلين له ثق قم هوذا يناديك. فطرح رداءه وقام وجاء الى يسوع. فاجاب يسوع وقال له ماذا تريد ان افعل بك فقال له الاعمى يا سيدي ان ابصر. فقال له يسوع اذهب ايمانك قد شفاك فللوقت ابصر وتبع يسوع في الطريق} مر46:10-52.السيد المسيح يريد ان يفتح أعين بصيرتنا الداخلية لنعاين مجده ومحبته ورحمته فهل نصرخ اليه بثقة قائلين {ارحمني يا الله حسب رحمتك ، حسب كثرة رافتك امح معاصي }(مز 51 : 1). + تحنن السيد الرب جعله يقيم الاموات . فتحنن على أرملة نايين فأقام من الموت ابنها وحيدها { وفي اليوم التالي ذهب الى مدينة تدعى نايين وذهب معه كثيرون من تلاميذه وجمع كثير. فلما اقترب الى باب المدينة اذا ميت محمول ابن وحيد لامه وهي ارملة ومعها جمع كثير من المدينة. فلما راها الرب تحنن عليها وقال لها لا تبكي. ثم تقدم ولمس النعش فوقف الحاملون فقال ايها الشاب لك اقول قم. فجلس الميت وابتدا يتكلم فدفعه الى امه. فاخذ الجميع خوف ومجدوا الله}لو 11:7-16.واقام بدافع الرحمة ابنة يايرس الذي جاء إلى يسوع متوسلاً من أجل ابنته ، فرحمه وأقام ابنته من الموت ( لو8: 54 ). وبهذا الحنان أقام لعازر بعد أربعة ايام من موته (يو1:11-44). وبرحمته هذا يقدر ان يقيم ميتوته نفوسنا الخاطئة اذ نرجع اليه ويقيم الاموات للحياة الإبدية فى اليوم الاخير {لا تتعجبوا من هذا فانه تاتي ساعة فيها يسمع جميع الذين في القبور صوته.فيخرج الذين فعلوا الصالحات الى قيامة الحياة و الذين عملوا السيات الى قيامة الدينونة} يو28:5-29.

طوبى للرحماء لانهم يرحمون ..

+ ان السيد المسيح له المجد يطوب الرحماء ويعدهم بالرحمة على الإرض وفى السماء .ويطالبنا بان نكون رحماء نحو الجميع { فكونوا رحماء كما ان اباكم ايضا رحيم }(لو 6 : 36). ويقول لنا ان نتعلم منه { فاذهبوا و تعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 9 : 13). ان أعمال الرحمة تشتمل على كل ما نقدمة من خير ومد يد المساعدة للمحتاجين سواء بالعطاء المادى او المعنوي وعدم أدانة المخطئين والستر على خطايا الاخرين وضعفاتهم واعلان رحمة الله للخطاة والمنكسرين والمحزونين واحتضان الضالين واحتمال ظلم الاشرار بمحبة وصلاة من اجلهم وفعل الرحمة يمتد ليشمل الاقرباء والغرباء والاعداء فان الله الرحوم يريدنا ان نتعلم منه . ولقد مدح الرب السامرى الرحيم الذى صنع الرحمة مع الرجل اليهودي الذى كان يُعتبر عدواً له (لان اليهود كانوا لا يخالطوا السامريين ) { واذا ناموسي قام يجربه قائلا يا معلم ماذا اعمل لارث الحياة الابدية.فقال له ما هو مكتوب في الناموس كيف تقرا. فاجاب وقال تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل قدرتك ومن كل فكرك وقريبك مثل نفسك. فقال له بالصواب اجبت افعل هذا فتحيا. واما هو فاذ اراد ان يبرر نفسه قال ليسوع ومن هو قريبي.فاجاب يسوع وقال انسان كان نازلا من اورشليم الى اريحا فوقع بين لصوص فعروه وجرحوه و مضوا وتركوه بين حي وميت. فعرض ان كاهنا نزل في تلك الطريق فراه و جاز مقابله.وكذلك لاوي ايضا اذ صار عند المكان جاء و نظر وجاز مقابله. ولكن سامريا مسافرا جاء اليه ولما راه تحنن.فتقدم وضمد جراحاته وصب عليها زيتا وخمرا واركبه على دابته واتى به الى فندق واعتنى به.وفي الغد لما مضى اخرج دينارين واعطاهما لصاحب الفندق وقال له اعتن به ومهما انفقت اكثر فعند رجوعي اوفيك.فاي هؤلاء الثلاثة ترى صار قريبا للذي وقع بين اللصوص. فقال الذي صنع معه الرحمة فقال له يسوع اذهب انت ايضا و اصنع هكذا} لو25:10-36.ان البشرية كلها سقطت من فردوس النعيم وبعدت عن الله فجاء اليها السيد المسيح ليرفعها ويشفى جراحاتها ويردها الى الفردوس دفعة اخرى

+ هكذا يوصينا الكتاب المقدس بان نصنع رحمة {لا تدع الرحمة و الحق يتركانك تقلدهما على عنقك اكتبهما على لوح قلبك }(ام 3 : 3). {لان الحكم هو بلا رحمة لمن لم يعمل رحمة و الرحمة تفتخر على الحكم }(يع 2 : 13). نصنع الرحمة ونصبر فى الضيقات والتجارب {ها نحن نطوب الصابرين قد سمعتم بصبر ايوب و رايتم عاقبة الرب لان الرب كثير الرحمة و رؤوف} (يع 5 : 11) . والى اي حد نكون رحومين ؟ ان السيد المسيح يريد لنا ان نتعلم من رحمته الكثيرة فعدما سأله بطرس : كم مرة يُخطئ إلي أخي وأنا أغفر له ، هل إلى سبع مرات ؟ فأجابه قائلاً : لا أقول لك إلى سبع مرات بل إلى سبعين مرة سبع مرات . ثم ضرب له المجد مثلاً في هذا الخصوص وهو مثل الملك الذي سامح عبداً كان مديوناً له بعشرة آلاف وزنة ، لكن ذلك العبد لم يُسامح رفيقاً كان مديوناً له بمئة دينار ، مما أدى إلى أن أمسكه الملك وزجه في أعماق السجن وقال أنه لن يخرج إلى أن يوفي الفلس الأخير . ثم ختم قوله بالقول : هكذا أبي السماوي يفعل بكم إن لم تتركوا كل واحد لأخيه زلاته ( مت18: 21-34). + وأعمال الرحمة مقياس للدينونة والمكافأة فى اليوم الأخير .. جعل رب المجد أعمال الرحمة التى نصنعها بالإيمان مقياس للدينونة في اليوم الأخير حينما قال بأنه سوف يأتي ويجمع كل الناس أمامه ويقسمهم إلى قسمين ، أحدهما إلى اليمين والآخر إلى اليسار ، والذين عن اليمين سوف يأخذهم إلى ملكوته الأبدي لأنهم كانوا رحماء ، وأما الذين كانوا عن اليسار فإلى العذاب الأبدي لأنهم لم يكونوا رحماء ( مت25: 31-46 ). + لقد تعلم التلاميذ والرسل وعلموا المؤمنين فى كل جيل ان يكونوا رحومين . هكذا يدعونا القديس يوحنا الحبيب للرحمة لتثبت فينا محبة الله { وأما من كان له معيشة العالم ونظر أخاه محتاجاً وأغلق أحشاءه عنه فكيف تثبت محبة الله فيه }( 1يو3: 17 ).ويعلمنا القديس بولس الرسول { و كونوا لطفاء بعضكم نحو بعض شفوقين متسامحين كما سامحكم الله ايضا في المسيح }(اف 4 : 32) . { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي انكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء اكثر من الاخذ (اع 20 : 35). ولقد برع الكثيرين فى عمل الرحمة فى كل جيل ونذكر من هؤلاء القديس ابراهيم الجوهرى الذى ضُرب به المثل فى عمل الرحمة والعطاء والانبا ابرام اسقف الفيوم المتنيح الذى كان يتصدق بكل ما يأتى اليه وحتى بعد إنتقاله الى السماء يمد يده بالمعجزات على الفقراء والمحتاجين وام عبد السيد التى انتقلت منذ فترة قريبة وكانت تبحث عن المرضى والمحتاجين والخطاة لتعمل معهم الرحمة . لقد عرف هؤلاء كيف يربحوا بالوزنات المعطاة لهم . ان الله هو قبل كل شيء اله الرحمة والمحبة.وان هذا أيضاً هو ما يطلبه الله منا في حياتنا أن تكون أفعالنا كُلها، أعمال رحمة تُظهر رحمة الله ودعوته الرحيمة للجميع للتمتع بالرحمة الإلهية.

مثل عظيم رحمتك يا خالقى ارحمنى

+ ايها الرب كثير الرحمة والاحسان والوفاء . يالله الذى من أجل رحمته الكثيرة يغفر الخطايا ويمحو الاثام ، ويصبر على البشرية الخاطئة والجاحده لمحبته ليعودوا ويرجعوا اليه . الهى ان ولادة كل طفل جديد فى العالم تقول لنا انك رحوم ولم تيأس من العالم ، نشكرك ونباركك على حنانك ورحمتك بنا ونصلى اليك لتهبنا قلوب حانية تقترب من مراحمك بتواضع قارعة باب مراحمك طالبة العون والرحمة على الخليقة كلها .

+ علمنا يارب ان نرتل لك ونقول كل صباح ومساء باركي يا نفسي الرب و كل ما في باطني ليبارك اسمه القدوس.باركي يا نفسي الرب و لا تنسي كل حسناته. الذي يغفر جميع ذنوبك الذي يشفي كل امراضك. الذي يفدي من الحفرة حياتك الذي يكللك بالرحمة و الرافة. الذي يشبع بالخير عمرك فيتجدد مثل النسر شبابك. الرب مجري العدل و القضاء لجميع المظلومين.الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة . لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا.لانه مثل ارتفاع السماوات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا. كما يتراف الاب على البنين يتراف الرب على خائفيه. لانه يعرف جبلتنا يذكر اننا تراب نحن.

+ علمنا يارب ان نجول نصنع خيراً ورحمة ، علمنا ان نكون متسامحين وشفوقين على الساقطين والبائسين والفقراء . نتأنى على الضعفاء ونشجع صغار النفوس واذ نذوق رحمتك وحنانك ونحيا فى ظل رعايتك الحانية لابد لنا ان نعلن لكل أحد تعالوا ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب وما اوسع مراحمه علينا .علمنا يارب ان نكون رحومين ندعوا الناس الى عمل الرحمة والبر والتسامح لاسيما فى هذه الايام الشريرة التى نري فيها محبة الانتقام والتشفي من الاعداء . علمنا ان نزرع المحبة حيث تنموا اشواك الكراهية ونبزر الرجاء حيث يوجد اليأس،ونصنع الرحمة فى القلوب القاسية ، وننادى بالتسامح والغفران وسط نيران الكراهية والاحقاد . ان العالم يحتاج للقيم التى عملتها وعلمتها ايه المسيح القدوس ليجد الراحة والسلام والسعادة فلتعمل يارب بروحك القدوس ليأتى ملكوت فى كل قلب ، أمين .

الأربعاء، 24 أغسطس 2011

القيم الاخلاقية فى تعاليم السيد المسيح (1) المحبة

للأب القمص أفرايم الأورشليمى

السيد المسيح قدوة ومثال ..

+جاء السيد المسيح كلمة الله المتجسد على الارض ليجول يصنع خيراً ويقدم المحبة لكل احد ويقدم نفسه قدوة ومثال لنا فى كل عمل صالح ،جاء لكى يقودنا الى حياة أفضل فى طريق الفضيلة والبر. وستبقى تعاليمه صالحة ونافعة لكل إنسان في كل جيل ، لانه يعرف ما بداخل الإنسان وما هو لخيره وصالحه وسعادته على الارض وفى السماء . والله لايريد ان نتبعه بالقهر أو نسير وفقاً للقيم السامية مجبرين بل كابناء لله نفعل الصلاح لنحيا الحياة الصالحة ونرث ملكوت السماوت { انظر قد جعلت اليوم قدامك الحياة و الخير و الموت و الشر. بما اني اوصيتك اليوم ان تحب الرب الهك و تسلك في طرقه و تحفظ وصاياه و فرائضه و احكامه لكي تحيا و تنمو} تث 15:30-16 .لقد عرفنا ان الله محبة وان من يثبت فى المحبة يثبت فى الله والله فيه .وقبل ان يعلمنا السيد المسيح عن المحبة فقد قدمها وعاشها ثم علمها لتلاميذه والمؤمنين به وحتى لاعدائه فعندما سأله أحدهم ليجربه {وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس.فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك .هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك.بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء}مت 35:22-40.

ان المحبة هي غاية الوصايا وهدفها { و اما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء }(1تي 1 : 5).ذلك ان الله خالق الإنسان يعرف حاجة النفس البشرية للمحبة فاعلن لنا المعلم الصالح الله محبة الله غير المشروطة او المحدودة لهذا من ينعم بمحبة الله يجب عليه ان يقدمها للاخرين.

+ لقد عرفنا عظم محبة الله لنا فى المسيح يسوع وبه فقد كان هو المحبة العملية المتجسده والذى بذل ذاته من أجل خلاص العالم { و كما رفع موسى الحية في البرية هكذا ينبغي ان يرفع ابن الانسان.لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه هكذا احب الله العالم حتى بذل ابنه الوحيد لكي لا يهلك كل من يؤمن به بل تكون له الحياة الابدية.لانه لم يرسل الله ابنه الى العالم ليدين العالم بل ليخلص به العالم}يو 14:3-17.واى حب أعظم من هذا ان يبذل أحد نفسه فدية عن أحبائه . وكل من تلامس بحق مع محبة السيد المسيح المحررة والغافرة يستطيع ان يسير في ذات الطريق التى سلكها معلمنا الصالح .

+ ومن محبة الله لنا انه دعانا له ابناء بالايمان وبهذه المحبة والإيمان بها ننال التبرير والخلاص { واما كل الذين قبلوه فاعطاهم سلطانا ان يصيروا اولاد الله اي المؤمنون باسمه.الذين ولدوا ليس من دم ولا من مشيئة جسد ولا من مشيئة رجل بل من الله} يو12:1-13. {انظروا اية محبة اعطانا الاب حتى ندعى اولاد الله}1يو1:3. لقد جاء عن السيد المسيح انه { اذ كان قد احب خاصته الذين في العالم احبهم الى المنتهى} (يو 13 : 1). واي منتهى هذا انه الحب الذى يبذل ذاته مصلوباً من أجل احبائه، تلك المحبة التى لا يدركها البعض ويتعثرون فيها . لقد قال لنا { لا اعود اسميكم عبيدا لان العبد لا يعلم ما يعمل سيده لكني قد سميتكم احباء } (يو 15 : 15).وقال للآب السماوي { وعرفتهم اسمك وساعرفهم ليكون فيهم الحب الذي احببتني به و اكون انا فيهم }(يو 17 : 26).

+ اننا ابناء لله بالإيمان وبسر العماد المقدس نولد من فوق من الماء والروح { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح.الذي به ايضا قد صار لنا الدخول بالايمان الى هذه النعمة التي نحن فيها مقيمون و نفتخر على رجاء مجد الله.وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء.والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا.لان المسيح اذ كنا بعد ضعفاء مات في الوقت المعين لاجل الفجار.فانه بالجهد يموت احد لاجل بار ربما لاجل الصالح يجسر احد ايضا ان يموت. ولكن الله بين محبته لنا لانه ونحن بعد خطاة مات المسيح لاجلنا. فبالاولى كثيرا ونحن متبررون الان بدمه نخلص به من الغضب.لانه ان كنا ونحن اعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالاولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته} رو 1:5-10.ان محبة الله الباذلة من أجل خلاصنا تجعلنا نحبه ونعبده بالروح والحق من كل القلب والنفس والفكر والقدرة ، وهكذا راينا اجدادنا وابائنا وشهدائنا فى كل جيل يقدمون حياتهم رخيصة - وهى ثمينة فى فكر الله ولدينا - حبا فى من أحبهم ويوجهون العذابات والاضطهاد وهم فرحين متهللين بالروح .

علاقتنا بالله تبنى على المحبة ..

+ ان علاقتنا بالله وعبادتنا له تبنى على المحبة لله وكل فضيلة خالية من المحبة لا تعتبر فضيلة فنحن نصلى لله ونعبده بالمحبة فى بذل باستمرار ، ونحن نحب الغير حبا فى الله ومن اجل عمل مرضاته من اجل ذلك قال القديس الانبا انطونيوس لتلاميذه : يا ابنائى انى لا أخاف الله فقالوا له كيف يا ابانا ؟ قال لهم لانى أحبه والمحبة تطرد الخوف الى خارج. ان المسيحية ليست وصايا او حلال وحرام بقدر ما هي محبة لله . نحب الله فنطيعه ونثبت فيه ونثمر بالمحبة ثمر الصلاح .والخطية هى انفصال عن الله فلهذا لا نسمح بوجود محبة تتعارض مع محبة الله فى قلوبنا لانها تمثل خيانة لله الذي احبنا فلا تجعلوا اي شئ يفصلكم عن محبة الله فى المسيح يسوع { من سيفصلنا عن محبة المسيح اشدة ام ضيق ام اضطهاد ام جوع ام عري ام خطر ام سيف.كما هو مكتوب اننا من اجلك نمات كل النهار قد حسبنا مثل غنم للذبح. ولكننا في هذه جميعها يعظم انتصارنا بالذي احبنا. فاني متيقن انه لا موت ولا حياة ولا ملائكة ولا رؤساء ولا قوات ولا امور حاضرة ولا مستقبلة. ولا علو ولا عمق ولا خليقة اخرى تقدر ان تفصلنا عن محبة الله التي في المسيح يسوع ربنا} رو35:8-39.

+ ان محبة الله الغافرة وابوة الله الفائقة للمؤمنين ورعايته الدائمة لنا تجعلنا نبادله المحبة {نحن نحبه لانه هو احبنا اولا }(1يو 4 : 19) .والله يقدر هذه المحبة ويطلبها من ابنائه {يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي} (ام 23 : 26). كما ان المحبة هى عمل نعمة الله فى قلوبنا عندما نعبده بالروح والحق {و يختن الرب الهك قلبك و قلب نسلك لكي تحب الرب الهك من كل قلبك و من كل نفسك لتحيا }(تث 30 : 6). فنحن لا نحب باللسان ولا بالكلام بل بالعمل والحق.

محبة الأخرين فى تعاليم السيد المسيح ..

+ ان محبتنا للإخرين هى الدليل العملى على محبتنا لله { بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض (يو 13 : 35). نحن لن نستطيع ان نصل الى محبة الله دون ان نحيا فى محبة للغير{ بهذا اولاد الله ظاهرون و اولاد ابليس كل من لا يفعل البر فليس من الله و كذا من لا يحب اخاه }(1يو 3 : 10).ان المحبة للغير تنقلنا الى دائرة الحياة الإبدية {نحن نعلم اننا قد انتقلنا من الموت الى الحياة لاننا نحب الاخوة من لا يحب اخاه يبق في الموت} (1يو 3 : 14).{ان قال احد اني احب الله و ابغض اخاه فهو كاذب لان من لا يحب اخاه الذي ابصره كيف يقدر ان يحب الله الذي لم يبصره }(1يو 4 : 20).ان الله يقدر حتى كأس الماء الذى يقدم بدافع المحبة والرحمة وبدون المحبة الروحية المقدسة لن نستفيد شئ ، انظروا ماذا يقول الإنجيل عن المحبة { ان كنت اتكلم بالسنة الناس والملائكة ولكن ليس لي محبة فقد صرت نحاسا يطن او صنجا يرن. وان كانت لي نبوة واعلم جميع الاسرار وكل علم وان كان لي كل الايمان حتى انقل الجبال ولكن ليس لي محبة فلست شيئا.وان اطعمت كل اموالي وان سلمت جسدي حتى احترق و لكن ليس لي محبة فلا انتفع شيئا.المحبة تتانى وترفق المحبة لا تحسد المحبة لا تتفاخر و لا تنتفخ.ولا تقبح ولا تطلب ما لنفسها ولا تحتد ولا تظن السوء . ولا تفرح بالاثم بل تفرح بالحق وتحتمل كل شيء وتصدق كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء. المحبة لا تسقط ابدا} 1كو1:13-8. {مياه كثيرة لا تستطيع ان تطفئ المحبة و السيول لا تغمرها ان اعطى الانسان كل ثروة بيته بدل المحبة تحتقر احتقارا (نش 8 : 7).

+ ان المحبة المسيحية للإخرين هى محبة شاملة للجميع من كل دين ولون ولسان وامة . وعندما نادى السيد المسيح {تحب قريبك كنفسك } أعطى مثل السامرى الرحيم (لو 30:10-37)ليبين من هو قريبنا، انه كل انسان لاسيما المتألم والمحتاج والفقير . نحب الكل ونقبلهم ونتعاون معهم في بذل وعطاء وتضحية، بهذه المحبة نخرج من الانانية والتعصب الدينى والعائلي او العرقى ونري خير الغير خيرا لنا ونريد ان نقدم المحبة الطاهرة الروحية للجميع فى انكارللذات وترفع عن الصغائر ، فالمحبة الحقيقية هى محبة مقدسة لا تخرج عن دائرة الحق والخير والبر والا تحولت الي شهوة ومحبة ضارة بالنفس والغير .

محبة الأعداء فى تعاليم السيد المسيح

+ المحبة اذا هى دستور المسيحية وعلمها وشعارها "الصليب" هو رمز المحبة والبذل والعطاء ، المحبة المسيحية تشمل جميع الناس بلا تمييز الاقرباء والاحباء والغرباء والاعداء وهذا ما فعله السيد المسيح وعلمه { سمعتم انه قيل تحب قريبك و تبغض عدوك. واما انا فاقول لكم احبوا اعداءكم باركوا لاعنيكم احسنوا الى مبغضيكم و صلوا لاجل الذين يسيئون اليكم و يطردونكم.لكي تكونوا ابناء ابيكم الذي في السماوات فانه يشرق شمسه على الاشرار و الصالحين و يمطر على الابرار و الظالمين.لانه ان احببتم الذين يحبونكم فاي اجر لكم اليس العشارون ايضا يفعلون ذلك. وان سلمتم على اخوتكم فقط فاي فضل تصنعون اليس العشارون ايضا يفعلون هكذا. فكونوا انتم كاملين كما ان اباكم الذي في السماوات هو كامل}مت 43:5-48.

+المحبة المسيحية تنهي عن الكراهية او الحقد او الانتقام ويأمرنا الإنجيل {إن كان ممكناً فحسب طاقتكم سالموا جميع الناس لا تنتقموا لأنفسكم أيها الأحباء } السيد المسيح ضرب المثل الأعلى في

المحبة عندما غفر لصالبيه ودعانا الى زرع مشاعر المحبة والسعى الى المصالحة مع الجميع { قد سمعتم انه قيل للقدماء لا تقتل و من قتل يكون مستوجب الحكم. واما انا فاقول لكم ان كل من يغضب على اخيه باطلا يكون مستوجب الحكم ومن قال لاخيه رقا يكون مستوجب المجمع ومن قال يا احمق يكون مستوجب نار جهنم. فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح و اذهب اولا اصطلح مع اخيك و حينئذ تعال و قدم قربانك} مت 21:5-24.

+ لان المسيحى يجب ان يكون خيراً محباً بطبيعته الجديده كابن لله وكغصن يتغذى من الكرمة المثمرة التى لمخلصه الصالح ويسكن فيه الروح القدس بثماره الصالحة { من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا.هكذا كل شجرة جيدة تصنع اثمارا جيدة و اما الشجرة الردية فتصنع اثمارا ردية.لا تقدر شجرة جيدة ان تصنع اثمارا ردية و لا شجرة ردية ان تصنع اثمارا جيدة.كل شجرة لا تصنع ثمرا جيدا تقطع و تلقى في النار.فاذا من ثمارهم تعرفونهم} مت16:7-20 +المحبة تجعلنا نلتمس الاعزار لضعفات الغير ولا ننتقدهم بل نفحص انفسنا فى ضوء كلمة الله المقدسة فكل منا سيعطي حساباً عن نفسه ولهذا يسعى المؤمن لاصلاح أخطائه والتوبة عن خطاياه والنموالدائم فى المحبة لله والغير وحب الخير { لا تدينوا لكي لا تدانوا.لانكم بالدينونة التي بها تدينون تدانون وبالكيل الذي به تكيلون يكال لكم.ولماذا تنظر القذى الذي في عين اخيك واما الخشبة التي في عينك فلا تفطن لها.ام كيف تقول لاخيك دعني اخرج القذى من عينك وها الخشبة في عينك. يا مرائي اخرج اولا الخشبة من عينك وحينئذ تبصر جيدا ان تخرج القذى من عين اخيك} مت 1:7-5. علينا ان نحكم علي الآخرين بالرحمة و الشفقة حتى يعاملنا الله بالرحمة وهكذا نرى السيد المسيح في العظة على الجبل قدم لنا القاعدة الذهبية فى التعامل مع الاخرين {فكل ما تريدون ان يفعل الناس بكم افعلوا هكذا انتم ايضا بهم لان هذا هو الناموس و الانبياء }(مت 7 : 12).

علمنا ان نكون محبة

+ ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه اراد ان يخلصنا من الهلاك الابدى ولما كان الموت فى طريق خلاصنا اشتهى ان يجوز فيه حبنا بنا . يارب يامن احبنا الى المنتهى ورفع من قيمة الانسان ليكون ابنا له ووارثا لملكوته السماوي ودعوتنا لكي نكون كاملين وقديسين بلا لوم فى المحبة . علمنا كيف نحبك لذاتك ولصفاتك ولمحبتك ونبادلك المحبة الروحية ونصلى لك بقلوب طاهرة ونطيع وصاياك فى محبة لانها لخيرنا وسعادتنا .

+ علمنا كيف نحب الجميع بدون رياء ونقدم من وقتنا ومالنا وفكرنا وحياتنا محبة للجميع لاسيما المحتاجين والمتألمين والضالين ولكل نفس لم تذق هذه المحبة بعد ، علمنا ايضا ان نحب خاصتنا واهلنا وكنيستنا وبلادنا ونسعى لخير كل أحد . نسألك ان تغرس فينا محبتك لتثمر فينا ثمار المحبة الروحية المقدسة ونسير فى طريق المحبة التى هى رباط الكمال حتى النفس الأخير .

+ ربى ان نفوسنا غاليه عليك وثمينة فى عينيك فلتكن ايضا مكرمة فى اعيننا نسعى الى خلاصها لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداءً عن نفسه . اننا سنقدم حسابا عن ما صنعناه خيراً كان او شراً ، فعلمنا ان نجول نصنع خيرا ونكون بسمة للمحزون وطعاما للجائع وعزاء للمحزون ورجاء للبائس وشفاء لكل نفس منكسرة فى عالم مريض محتاج للمحبة الإلهية الشافية والغافرة والمحررة من قيود الخطية والشر . ربى علمنا ان نكون محبة .