نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 29 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 111- { كُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاَللهِ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ يبحث الإنسان عن القدوة الصالحة لكي يقتدى ويتمثل بها، ونحن مدعوين الي الأقتداء بالله الذى دعانا لنكون أبناء وبنات له، فيجب أن يكون لنا فكر الله المقدس ونقتدي بتعاليمه ونتمثل بأعماله ومحبته ورحمته وخيريته وصلاحه { فَكُونُوا مُتَمَثِّلِينَ بِاَللهِ كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ،وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضًا وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَانًا وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً} (أفس 1:5-2). كابناء لله يجب علينا أن نقتدي بالآب السماوي ويكون لنا فكر المسيح الأبن الكلمة الذى تجسد وحل بيننا وجال يصنع خير وبذل ذاته فداء عنا كما قال القديس بولس الرسول { وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ } (1كو 2 : 16). الله من أجل محبته الكثيرة، أعطانا روحه القدوس ليقودنا ويعزينا ويقدسنا { لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ } (رو 8 : 14). والسبب المقنع لنا أن نتمثل بالله أننا صرنا له أبناء، ولانه ليس كل الأبناء يتمثلون بآبائهم بل "الأحباء" لذا يقول الكتاب" كَأَوْلاَدٍ أَحِبَّاءَ" فنحن أبناء أحباء نتمثل بالله ويكون لنا فكره ونشترك فى العمل معه. لقد غفر الله لنا وحسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية بالماء والروح ولهذا علينا أذ رحُمناوسامحنا الله أن نسامح أخوتنا المسيئين { فَإِنَّهُ إِنْ غَفَرْتُمْ لِلنَّاسِ زَلاَّتِهِمْ يَغْفِرْ لَكُمْ أَيْضاً أَبُوكُمُ السَّمَاوِيُّ} (مت 6 : 14).
+ الله محبة وعلينا أن نثبت فى المحبة لله وللغير ولعمل الخير وخلاص نفوسنا لنكون بحق أبناء لله{ نَحْنُ قَدْ عَرَفْنَا وَصَدَّقْنَا الْمَحَبَّةَ الَّتِي لِلَّهِ فِينَا. اللهُ مَحَبَّةٌ، وَمَنْ يَثْبُتْ فِي الْمَحَبَّةِ يَثْبُتْ فِي اللهِ وَاللهُ فِيهِ} (1يو 4 : 16). المحبة هي علامة اقتدائنا بالسيد المسيح الذي خلال المحبة أسلم نفسه لأجلنا قربانًا وذبيحة للآب رائحة سرور { بِهَذَا قَدْ عَرَفْنَا الْمَحَبَّةَ: أَنَّ ذَاكَ وَضَعَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، فَنَحْنُ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَضَعَ نُفُوسَنَا لأَجْلِ الإِخْوَةِ.} (١ يو ٣: ١٦). هذه وصية الله لنا وبها نُعرف أننا تلاميذ وأتباع له { بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ} (يو 13 : 35). أن كان الله اباً لنا فعلينا ان نمتد بالمحبة لنصل الي محبة الاعداء والأحسان الي مبغضينا والصلاة من أجل خلاصهم فنهزم بالمحبة قوى الكراهية، وبالخير نغلب الشر، وبالعطاء ننتصر علي الأنانية { سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: تُحِبُّ قَرِيبَكَ وَتُبْغِضُ عَدُوَّكَ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ. لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ. لأَنَّهُ إِنْ أَحْبَبْتُمُ الَّذِينَ يُحِبُّونَكُمْ فَأَيُّ أَجْرٍ لَكُمْ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ ذَلِكَ؟. وَإِنْ سَلَّمْتُمْ عَلَى إِخْوَتِكُمْ فَقَطْ فَأَيَّ فَضْلٍ تَصْنَعُونَ؟ أَلَيْسَ الْعَشَّارُونَ أَيْضاً يَفْعَلُونَ هَكَذَا؟. فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ} (مت 43:5-48). فكما أحبنا الله نحب الغير علي قدر ما نستطيع.
+ ربما يظن البعض أنه من الصعوبة أن نتمثل بالله الكامل والقدوس، المحب والرحيم، لكن نحن بالبنوة لله أصبحنا شركاء لطبيعته ووهب لنا منه نعمة وقوة وحكمة وكل ما هو ضرورى للحياة والتقوى لنهرب من الفساد الذى فى العالم { كَمَا أَنَّ قُدْرَتَهُ الإِلَهِيَّةَ قَدْ وَهَبَتْ لَنَا كُلَّ مَا هُوَ لِلْحَيَاةِ وَالتَّقْوَى، بِمَعْرِفَةِ الَّذِي دَعَانَا بِالْمَجْدِ وَالْفَضِيلَةِ،.اللَّذَيْنِ بِهِمَا قَدْ وَهَبَ لَنَا الْمَوَاعِيدَ الْعُظْمَى وَالثَّمِينَةَ لِكَيْ تَصِيرُوا بِهَا شُرَكَاءَ الطَّبِيعَةِ الإِلَهِيَّةِ، هَارِبِينَ مِنَ الْفَسَادِ الَّذِي فِي الْعَالَمِ بِالشَّهْوَةِ. وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً،. وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى،. وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً. لأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.} ( 2بط 3:1-8) .عندما ننقاد لروح الله القدوس، يعطينا الحكمة والقوة للتغير إلى فكر وصورة المسيح له المجد. وكلمنا صرنا دعاة سلام ومحبة نصير بحق أبناء وبنات لله{ طُوبَى لِصَانِعِي السَّلاَمِ لأَنَّهُمْ أَبْنَاءَ اللَّهِ يُدْعَوْنَ }(مت 5 : 9).
+ لقد دعانا السيد المسيح أن نتعلم من وداعته وتواضعه ونلقي أحمالنا عليه فتستريح نفوسنا { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ.اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ} (مت 28:11-30). وعلينا أن نتمثل بمسيحنا القدوس الذي دعانا أن نُريح أخوتنا ونخدمهم بالمحبة والتواضع { فَلَمَّا كَانَ قَدْ غَسَلَ أَرْجُلَهُمْ وَأَخَذَ ثِيَابَهُ وَاتَّكَأَ أَيْضاً قَالَ لَهُمْ: «أَتَفْهَمُونَ مَا قَدْ صَنَعْتُ بِكُمْ؟. أَنْتُمْ تَدْعُونَنِي مُعَلِّماً وَسَيِّداً وَحَسَناً تَقُولُونَ لأَنِّي أَنَا كَذَلِكَ. فَإِنْ كُنْتُ وَأَنَا السَّيِّدُ وَالْمُعَلِّمُ قَدْ غَسَلْتُ أَرْجُلَكُمْ فَأَنْتُمْ يَجِبُ عَلَيْكُمْ أَنْ يَغْسِلَ بَعْضُكُمْ أَرْجُلَ بَعْضٍ.لأَنِّي أَعْطَيْتُكُمْ مِثَالاً حَتَّى كَمَا صَنَعْتُ أَنَا بِكُمْ تَصْنَعُونَ أَنْتُمْ أَيْضاً. اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنَّهُ لَيْسَ عَبْدٌ أَعْظَمَ مِنْ سَيِّدِهِ وَلاَ رَسُولٌ أَعْظَمَ مِنْ مُرْسِلِهِ. إِنْ عَلِمْتُمْ هَذَا فَطُوبَاكُمْ إِنْ عَمِلْتُمُوهُ.} ( يو 12:13-17). وكما قبل المسيح الآلام وحمل الصليب نسير معه حاملين الصليب بشكر {لأَنَّكُمْ لِهَذَا دُعِيتُمْ. فَإِنَّ الْمَسِيحَ أَيْضاً تَأَلَّمَ لأَجْلِنَا، تَارِكاً لَنَا مِثَالاً لِكَيْ تَتَّبِعُوا خُطُواتِهِ} (1بط 2 : 21). وكما سلك السيد الرب علينا أن نسير خلفه وكما سلك هو نسلك نحن أيضا فى صلاة ومحبة وخدمة وتواضع وصبر حتى المنتهي { مَنْ قَالَ إِنَّهُ ثَابِتٌ فِيهِ، يَنْبَغِي أَنَّهُ كَمَا سَلَكَ ذَاكَ هَكَذَا يَسْلُكُ هُوَ أَيْضاً} (1يو 2:6).

الأربعاء، 28 أكتوبر 2015

شعر قصير .. " مخلوق للسماء"

شعر قصير
(1)

" مخلوق للسماء"

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

حياتك مش لعبة ليد الظروف والقدر يا إنسان
دا أنت رسالتك تجول تصنع الخير والأحسان
وأن يوم القدر أداك لمون مر يضرس الأسنان
أصنع منها شراب حلو يريح النفس والأبدان
لا تقبل يعكر مزاجك شئ ولاتعيش فى الأحزان
أنت مخلوق للسماء، ولك عند الله قيمة وشأن

.......
(2)
" مع لا أريد شئ"
بذلت ذاتك للموت عني تعبيرا عن حبك ليِّ
وأنا سوداء ولا جمال أو منظر في تشتهيّ
وعوضاً عن حبي لك قلت أبعد وعنك أختفيّ
لكنك تشدني بالمحبة وتتطلع اليّ ولا تكتفيّ
الهي ما أعمق حبك وما أعظم رحمتك لشقيّ
أقُدم جفاء تُقدم حنان، أقُدم خيانة تبقي وفيّ
محبتك تحصرني، فمعك حبيبي لا أريد شئ
..............
(3)
" ياريت "
ياريت ترجع الأيام ونرجع أحنا كمان صغار!
نفرح بحتة حلاوه وباللمة مع الضيوف بالدار
تجمعنا سواء لعبة وضحكة أما نروح مشوار
لكن مش هاترجع الأيام وفارقنا حبايب كتار
بقيت اللقمة مرة في الحلق وبقينا كمان كبار
ياريت نحيا المحبة ومن الخطية نكون أحرار
نلتقي سوا في السماء, ونعيش كملائكة أبرار
....
(4)

" كان ضالا فوجد"
أيها الشارد قل لي ما هو طعم البعاد !
أسعيداً تحيا أنت؟ ومع المحبة لك ميعاد !
أم تعاني من شقاءً ويعانقك القلق والسهاد؟
قال: ظننت البعد راحة فوجدته ناراً تقاد!
أهرب وليس من مطارد فى حزن وأنتقاد
قلت أرجع لأبي وأقول أخطئت يارب العباد
رايت أبي يركض اليّ فى محبة وأبتهاج
قال أبني كان ضال فوجد وكان ميتا فعاد
......
(5)
كرمة خصبة بتنمو فيها دايما الأغصان
عايزنى أكون ربى ثابت فيه فى كل زمان
أتغذى بعصارة نقيه ومعاه أكون فى أمان
ثابت في حبه وبقربه ومعاه أحيا شبعان
كلامه ينقي قلبي ومعاه أنا دائما فرحان
بثمارى الحلوه أفرح غيرى وثمري يبان
حبي لربي يملك قلبي ومعاه أحيا بالإيمان
........
(6)
" أَنَا أُرِيحُكُمْ"
لمين في ضيقنا نروح ونبوح؟.
مفيش يارب زيك يشفى الجروح!
لو نشتكى لحد غيرك يزود الاحزان.
ولما نرتمى فى حضنك بنحس بالأمان.
لما نسأل المساعدة من يد إنسان ؟
كتير بيتأفف ويقول لا لا دا طمعان؟
وانت يا ابونا السماوي بتزعل وتقول:
ليه يا ابنى من غيرى تطلب الاحسان!.
عجبى على اللي يطلب العون من تعبان
ويبعد عن الله، ويترك اللى أنهار محبته،
بتشبع وتروي وتسعد ودائمة الجريان!.

.................
(7)
" مع لا أريد شئ"
بذلت ذاتك للموت عني تعبيرا عن حبك ليِّ
وأنا سوداء ولا جمال أو منظر في تشتهيّ
وعوضاً عن حبي لك قلت أبعد وعنك أختفيّ
لكنك تشدني بالمحبة وتتطلع اليّ ولا تكتفيّ
الهي ما أعمق حبك وما أعظم رحمتك لشقيّ
أقُدم جفاء تُقدم حنان، أقُدم خيانة تبقي وفيّ
محبتك تحصرني، فمعك حبيبي لا أريد شئ

الثلاثاء، 27 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 110- { كُونُوا لُطَفَاءَ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ اللطف صفة من صفات معاملات الله نحو البشر ورحمته حتى نرجع إليه بالتوبة والإيمان لنتبرر من خطايانا ونرث الحياة الأبدية { وَلَكِنْ حِينَ ظَهَرَ لُطْفُ مُخَلِّصِنَا اللهِ وَإِحْسَانُهُ لاَ بِأَعْمَالٍ فِي بِرٍّ عَمِلْنَاهَا نَحْنُ، بَلْ بِمُقْتَضَى رَحْمَتِهِ خَلَّصَنَا بِغَسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ، الَّذِي سَكَبَهُ بِغِنًى عَلَيْنَا بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ مُخَلِّصِنَا. حَتَّى إِذَا تَبَرَّرْنَا بِنِعْمَتِهِ نَصِيرُ وَرَثَةً حَسَبَ رَجَاءِ الْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.} (تي 4:3-7). وعلينا أن نقدر ونستفيد من لطف الله ونتوب ونبتعد عن الخطايا والذنوب ويكون لنا الله هو الرب والإله المحبوب { أَمْ تَسْتَهِينُ بِغِنَى لُطْفِهِ وَإِمْهَالِهِ وَطُولِ أَنَاتِهِ غَيْرَ عَالِمٍ أَنَّ لُطْفَ اللهِ إِنَّمَا يَقْتَادُكَ إِلَى التَّوْبَةِ؟ }(رو 2 : 4). الله بلطفه يرعانا ويهتم بنا ويخلصنا من كل ضيقة لهذا قال يعقوب أبو الأباء شاكرًا الله { صَغِيرٌ أَنَا عَنْ جَمِيعِ أَلْطَافِكَ وَجَمِيعِ الأَمَانَةِ الَّتِي صَنَعْتَ إِلَى عَبْدِكَ. فَإِنِّي بِعَصَايَ عَبَرْتُ هَذَا الأُرْدُنَّ وَالآنَ قَدْ صِرْتُ جَيْشَيْنِ} (تك 32 : 10). وتغنى داود النبي بلطف الله قائلا: {لطفك يُعظِّمُني} (2صم22: 36). ويستمر ويُظهر لطف الله وغني نعمته للمنتهى { وَذَلِكَ كَيْ يَعْرِضَ فِي الدُّهُورِ الْقَادِمَةِ غِنَى نِعْمَتِهِ الْفَائِقَ فِي لُطْفِهِ عَلَيْنَا فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ }(اف 2 : 7). وان كان الله يتعامل معنا باللطف فيجب أن نكون لطفاء في تعاملنا مع الآخرين.
+ نحن نتعلم اللطف والوداعة والتواضع من ربنا يسوع المسيح { كُونُوا لُطَفَاءَ بَعْضُكُمْ نَحْوَ بَعْضٍ، شَفُوقِينَ مُتَسَامِحِينَ كَمَا سَامَحَكُمُ اللهُ أَيْضاً فِي الْمَسِيحِ } (اف 4 : 32). لقد تعامل الرب باللطف مع الخطاة وكان يحبهم ويقبلهم ويدافع عنهم { لاَ يَحْتَاجُ الأَصِحَّاءُ إِلَى طَبِيبٍ بَلِ الْمَرْضَى. لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ} (مر 2 : 17). وتعامل باللطف مع الأطفال عندما أقتربوا اليه ومنعهم البعض راينا الرب يسوع المسيح يدافع عنهم ويقدم لهم المحبة والحنان ويضع يديه عليهم ويباركهم ويقول {دَعُوا الأَوْلاَدَ يَأْتُونَ إِلَيَّ وَلاَ تَمْنَعُوهُمْ لأَنَّ لِمِثْلِ هَؤُلاَءِ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ} (مت 19 : 14). كما أحتمل التلاميذ وعدم فهمهم وعلّمهم على انفراد وشجعهم كثيرًا. وحتى مع مقاوميه كان يستخدم الحجة والمنطق في أقناعهم، لقد كان بحق هو الراعي الصالح الذى بذل نفسه عنا وكان وسيبقى لطيف وطيب مع الجميع. وتحققت فيه النبؤات { هُوَذَا فَتَايَ الَّذِي اخْتَرْتُهُ حَبِيبِي الَّذِي سُرَّتْ بِهِ نَفْسِي. أَضَعُ رُوحِي عَلَيْهِ فَيُخْبِرُ الأُمَمَ بِالْحَقِّ.لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ».} ( أش 3:42، مت 17:12-21).
+ المؤمنين الذىن أختبروا لطف الله من نحوهم يتعاملوا باللطف مع الجميع {فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ انَاةٍ} (كو 3 : 12). اللطف المسيحي كثمرة من ثمار الروح القدس ينبع من القلب النقي وأحشاء الرأفات والوداعة وليس هو فقط بشاشة وجه وكلام جميل، بل هو جوهر داخلي يرتبط بشركة صحيحة مع الله وشبع قلبي بالمسيح، فينتج عنه الأبتسامة الصادقة والكلمة الطيبة والمحبة الباذلة والخدمة المضحية والتفكير فى خدمة الغير وأسعادهم. التعامل الحسن الوديع يجب أن يبتدئ بخاصتنا وأهلنا { وَإِنْ كَانَ احَدٌ لاَ يَعْتَنِي بِخَاصَّتِهِ، وَلاَ سِيَّمَا اهْلُ بَيْتِهِ، فَقَدْ انْكَرَ الإِيمَانَ، وَهُوَشَرٌّ مِنْ غَيْرِ الْمُؤْمِنِ} (1تي 5 : 8). ثم يمتد تعاملنا الرقيق نحو الذين فى خارج المنزل مع الآخرين, فالحياة تصير تعيسة إذا احتقرنا الأمور الصغيرة في آداب الحديث والجواب المبهج والوجه المبتسم. والمسيحي الحقيقي لا يتجنب الشرور والخطايا فقط، بل أيضًا يتجنب الكلام الخشن والحدة في التعامل. باللطف والمحبة والوداعة والرقة يتعامل الشخص اللطيف مع الجميع. لاسيما مع الخطاة، والضعفاء، ومع من عثروا وسقطوا في سيرتهم دون كبرياء أو كراهية وفى محبة تستر وتحتمل، وليس معني اللطف التساهل مع الشر أو عدم التمسك بالحق, فالرب يسوع الذي كان لطيفًا مع الخطاة ورقيقًا, كان أيضًا حازمًا فيما يتعلق بحقوق الله ومجده, وحادثة تطهير الهيكل تشهد على ذلك (يوحنا 2: 14- 17). نكون لطفاء بعضنا مع بعض في تمسك بالحق ورفض للشر.
+ علينا أيضا أن لا نتوقع المعاملة بالمثل ونتوقع الإساءة حتى من المقربين، فهناك من يسيئون فهمنا وهناك من لا يقدّرون خدمتنا، وعندما نفعل معهم خيراً يجازوننا بالشر، وهناك من نتوقع منهم العون فنجد العكس، فلا نحزن بل نتعلم من الذى أحتمل الظلم وخرج مجروحا من بيت أحبائه وهو قادر أن يكأفانا خيرا وسيأتينا إحسانه يقيناً { لِنَعْرِفْ فَلْنَتَتَبَّعْ لِنَعْرِفَ الرَّبَّ. خُرُوجُهُ يَقِينٌ كَالْفَجْرِ. يَأْتِي إِلَيْنَا كَالْمَطَرِ. كَمَطَرٍ مُتَأَخِّرٍ يَسْقِي الأَرْضَ.}(هو 6: 3). فلا نتضايق ونحزن أو نكتئب عندما نتوقَّع خيراً من الناس ولا نجده، ونتعلَّمْ أن ننتظر الرب ونجد منه اللطف والراحة وهو القائل: { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ ٱلْمُتْعَبِينَ وَٱلثَّقِيلِي ٱلأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ ٱلْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ} (متى 11: 28-30). نير المسيح هيِّن لأنه رقيقٌ لا يجرح احد. وعندما يريحنا المسيح المريح نجتهد أن نريح المتعَبين ونسعدهم.

الجمعة، 23 أكتوبر 2015

(معك ياوطن)


بقلم الأستاذ سيد بهى

ياوطن...ما أعذبك
منذ أن ملكتنى
كنت كل شئ معك
متخما من الجوع
كى أغذى الزعيم الذى جوعك
دافعا ببراءة عربته الفاجرة
كى تطحنك
مرددا ببراءة أبواقه المسخرة
كى تخدعك
مصدقا ببراءة أحزابة المكدسة
فى حقائب السماسرة
كى تنهبك
شاهدا ببراءة فى مصرع الثورة الحزين
على قضبان غفلتك
ياوطن ما اجحدك
الجأتنى لقوارب الموت
وأنكرت حتى جثتى
فى شواطئ ﻻتقبلك
أنت تعرفنى
أنا على هذه اﻷرض منذ غابر الزمان
لكننى ﻻ أعرفك
رغم هذا لم أخن
ولم أمزق نسيجك العتيق
لم أخجل من عورتك
ولم أضع حذائى الثقيل
على جبهتك
وعشت دائما بعشق
يليق بك

فكرة لليوم وكل يوم 109- { كُونُوا شاكرين }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ اننا نتعلم الشكر والوفاء من الله كثير الاحسان والوفاء {فاجتاز الرب قدامه "موسي" ونادى الرب الرب اله رحيم ورؤوف بطيء الغضب وكثير الاحسان والوفاء }(خر 34 : 6). وعندما شفى السيد المسيح العشرة البرص. رجع واحد فقط ليقدم الشكر لله وكان رجلا سامري غريب تسأل الرب أين التسعة الباقين؟ { وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْصٍ فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ. وَصَرَخُوا: «يَا يَسُوعُ يَا مُعَلِّمُ ارْحَمْنَا». فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا. فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِراً لَهُ. وَكَانَ سَامِرِيّاً. فَقَالَ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟. أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْداً لِلَّهِ غَيْرُ هَذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟». ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَامْضِ. إِيمَانُكَ خَلَّصَكَ».{(لو 15:17-19). من اجل هذا تعلمنا الكنيسة فى كل صلاة نصليها ان نبتدى بالشكر لله صانع الخيرات الرحوم لانه سترنا واعاننا وحفظنا وقبلنا اليه واشفق علينا وعضَددنا ووهبنا نعمة الحياة لنقف أمامه ونشكره. نحن نشكر الله فى كل صلاة ولاسيما فى القداس التي هي بحق سر الشكر " الأفخارستيا" نشكر الله على عطيته التى لا يعبر عنها بكلمات. لقد عرف داود النبي مراحم الله واختبرها { بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَكُلُّ مَا فِي بَاطِنِي لِيُبَارِكِ اسْمَهُ الْقُدُّوسَ. بَارِكِي يَا نَفْسِي الرَّبَّ وَلاَ تَنْسَيْ كُلَّ حَسَنَاتِهِ. الَّذِي يَغْفِرُ جَمِيعَ ذُنُوبِكِ. الَّذِي يَشْفِي كُلَّ أَمْرَاضِكِ.الَّذِي يَفْدِي مِنَ الْحُفْرَةِ حَيَاتَكِ. الَّذِي يُكَلِّلُكِ بِالرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ. الَّذِي يُشْبِعُ بِالْخَيْرِ عُمْرَكِ فَيَتَجَدَّدُ مِثْلَ النَّسْرِ شَبَابُكِ.} (مز1:103-5). فياليتنا نتعلم من رجال الله القديسين ونشكر الله على نعمه المتنوعة ونحيا فى سلام { لْيَمْلِكْ فِي قُلُوبِكُمْ سَلاَمُ اللهِ الَّذِي الَيْهِ دُعِيتُمْ فِي جَسَدٍ وَاحِدٍ، وَكُونُوا شَاكِرِينَ} (كو 3 : 15).
+ المؤمن الشاكر لله هو الذى يشعر بنعم الله عليه ورعايته له فى مختلف ظروف الحياة، يشعر ان الله صانع الخيرات وحتى وان سمح الله بضيقات تأتى عليه فهى لفائدته الروحية، فالله قادر ان يغير ما يصنعه ضدنا الاشرار الي خير لنا كما قال يوسف الصديق { أَنْتُمْ قَصَدْتُمْ لِي شَرّاً أَمَّا اللهُ فَقَصَدَ بِهِ خَيْراً لِكَيْ يَفْعَلَ كَمَا الْيَوْمَ لِيُحْيِيَ شَعْباً كَثِيراً}(تك 50 : 20). لهذا يدعونا الإنجيل الى شكر الله { اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ} (1تس 5 : 18). شكرنا هو عرفان بالجميل لله ولكل من يقدم لنا خدمة من البشر فنقدم الشكر لله كل حين{ شَاكِرِينَ كُلَّ حِينٍ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ فِي اسْمِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، لِلَّهِ وَالآبِ }(اف 5 : 2).
+ لقد وهبنا الله نعم كثيرة تكفى للشكر الدائم، والإنسان القنوع بما لديه، الشاكر الله على نعمه يحيا سعيدا ويقبل نفسه ساعيا الي الكمال المسيحي والنمو الروحي والعملى فى تواضع ورضا بما لديه فى غير تذمر او تمرد او عصيان بدلا من السعى للوصول الى اهداف زائفة تقود الى هلاك النفس والروح {لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26). الإنسان الشاكر لله والأخرين يحيا حياة الرضا والسعادة بما لديه فالسعادة ليس بمقدار ما نملك ونستهلك بل السعادة تأتي من القناعة بما بين ايدينا وما في مقدورنا عمله لادخال البهجة والفرح لحياتنا وحياة من حولنا {واما التقوى مع القناعة فهي تجارة عظيمة } (1تي 6 : 6). وكما يقول أحد القديسين ( لا موهبة بلا زيادة الا التي هي بلا شكر). حياة الشكر تقودنا إلى العيض فى سلام وفرح ومحبة لله وللغير ومن يتذمر ويشتكي لا يوجد لديه الوقت ولا التفكير للمحبة والشكر ويحيا فى تعاسة وشقاء.
+ عندما نتذكر اسباب ومجالات الشكر فاننا نستمر فى حياة الشكر الدائم لله على كل شى، نشكره على انه اعطانا واحبائنا نعمة الوجود كخالق ومحب للبشر، نشكره على نعمة البنوة لله ونشكره على انه عبر بنا تجارب كثيره تعلمنا منها الكثير. نشكره حين يمنح أو عندما يمنع فهو أدرى بما هو فى صالحنا. نشكر الله على نعمة الوجود وعلى ما لدينا من صحة وحتى أن سمح بمرض، فالمرض هبة من الله لنعرف ضعفنا ونشترك فى الآم المسيح. نشكر الله لانه أهلنا لميراث القديسين {شَاكِرِينَ الآبَ الَّذِي اهَّلَنَا لِشَرِكَةِ مِيرَاثِ الْقِدِّيسِينَ فِي النُّورِ} (كو 1 : 12). نشكر الله على كل ما لدينا من أمكانيات ومواهب { فشكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها }(2كو 9 : 15). فمع كل يوم جديد نشكر الله الذى اعطانا فرصة جديده للتوبة والحياة والعمل والنجاح ولا ندع شئ يفصلنا عن محبة الله حتى التجارب التى نواجهها فى حياتنا هى فرص نرى يد الله العاملة معنا. فلنشكره ما دامنا أحياء وفي عروقنا الدم يجري, وفي قلوبنا مشاعر وقلب ينبض, ونعترف من أرواحنا وبافواهنا ونقول: "أشكرك يارب".

الأربعاء، 21 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 108- { كُونُوا رُحَمَاءَ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ من منا لا يلتمس ويطلب مراحم الله وغفرانه؟. لقد تغني الأنبياء برحمة الله وطلبوها فقال أرميا النبي { إِنَّهُ مِنْ إِحْسَانَاتِ الرَّبِّ أَنَّنَا لَمْ نَفْنَ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ لاَ تَزُولُ}(مرا 3 : 22). وعندما أخطأ داود النبي أختار أن يسلم أمره لله ولا يقع فى يد أعدائه { فَقَالَ دَاوُدُ لِجَادٍ: قَدْ ضَاقَ بِيَ الأَمْرُ جِدّاً. دَعْنِي أَسْقُطْ فِي يَدِ الرَّبِّ لأَنَّ مَرَاحِمَهُ كَثِيرَةٌ, وَلاَ أَسْقُطُ فِي يَدِ إِنْسَانٍ} (1اخ 2 : 13) لان داود النبي كان يثق في رحمة الله {لأَنَّكَ أَنْتَ يَا رَبُّ صَالِحٌ وَغَفُورٌ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ لِكُلِّ الدَّاعِينَ إِلَيْكَ} (مز 86 : 5) وهكذا رايناه يصف الله بالرحمة والرأفة وطول الروح { أَمَّا أَنْتَ يَا رَبُّ فَإِلَهٌ رَحِيمٌ وَرَأُوفٌ طَوِيلُ الرُّوحِ وَكَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَالْحَقِّ} (مز 86 : 15). ولقد جاء الينا السيد المسيح على الارض، ليعلن لنا رحمة الله الكاملة والتى تبحث عن الخطاة لتردهم وعن المقيدين لتحررهم وعن منكسرى القلوب لتشفيهم. أن مراحم الله جديدة علينا كل صباح سواء شعرنا بها وشكرناه عليها او نسينها. وهكذا راينا السيد المسيح يجول يصنع خيراً ويشفى كل مرض وكل ضعف فى الشعب ويهتم بالتعليم وأشباع الجموع الجائعة ولازال يعمل معنا فهو أمس واليوم والي الأبد، ومراحمة جديدة فى كل صباح.
+ الله الرحيم يطلب منا أن نكون رحماء ونتمثل ونقتدى برحمته { فَكُونُوا رُحَمَاءَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمْ أَيْضاً رَحِيمٌ} (لو 6 : 36). ولكي يرحمنا الله يجب علينا أن نصنع الحق ونحب الرحمة ونسلك بتواضع مع الله والناس { قَدْ أَخْبَرَكَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ مَا هُوَ صَالِحٌ وَمَاذَا يَطْلُبُهُ مِنْكَ الرَّبُّ إِلاَّ أَنْ تَصْنَعَ الْحَقَّ وَتُحِبَّ الرَّحْمَةَ وَتَسْلُكَ مُتَوَاضِعاً مَعَ إِلَهِكَ} (مي 6 : 8). ويوصينا الكتاب أن نسلك بالرحمة وحق ونفتخر بهما كقلادة في العنق ومشاعر فى القلب وسلوك معاش{ لاَ تَدَعِ الرَّحْمَةَ وَالْحَقَّ يَتْرُكَانِكَ. تَقَلَّدْهُمَا عَلَى عُنُقِكَ. اكْتُبْهُمَا عَلَى لَوْحِ قَلْبِكَ} (ام 3 : 3). وقد طوب الله الرحماء لانهم يرحمون { طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ} (مت 5 : 7). وقد أعطانا الكتاب أمثلة لفعل الرحمة ونتائجها فى حياة المؤمن { هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ }(يع 5 : 11). وراينا فى سير القديسين أحسانات الله للرحماء وعلمتنا الحياة أن ما يزرعه الإنسان أياه يحصد { لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ }(يع 2 : 13). ولاننا كثيرا ما نخطأ سواء بالقول أو الفكر أو الفعل فنحن نصلي في صلواتنا الكنسية واليومية ونطلب الرحمة باستمرار قائلين (يا رب ارحم). وعندما نتذكر يوم الدينونة الأبدية عندما يأتى المسيح فى مجيئه الثاني ليعطي كل واحد وواحدة كنحو أعمالهم نصرخ قائلين: (كرحمتك يا رب ولا كخطايانا).
+ القلب الرحيم هو قلب يمتلي بالشفقة والحنان لكل أحد، يحنو ويشفق على الساقطين والضعفاء ويلتمس الأعزار للمخطئين. الرحمة تطرد القساوة من القلب، وتجعل الإنسان مستحق لمراحم الرب الكثيرة والفائقة. لهذا علينا أن نغصب أنفسنا علي فعل الخير حتى نعتاده ومن ثم نجد فرحنا وسرورنا فى عمل الرحمة وتظهر ثمارها فى حياتنا. أن عمل الرحمة يفوق حد العطاء المادي ويجعل المؤمن يتسم بالرحمة في كل أفكاره ودوافعه وسلوكه. أعمال الرحمة تشتمل على كل ما نقدمة من خير ومد يد المساعدة للمحتاجين سواء بالعطاء المادى او المعنوي وعدم أدانة المخطئين والستر على خطايا الغير واعلان رحمة الله للخطاة والمنكسرين والمحزونين واحتضان الضالين واحتمال ظلم الاشرار بمحبة وصلاة من اجلهم فتجعلنا نشارك الآخرين حمل أثقالهم، وكأننا نحتل مكانهم، فنشعر بآلامهم وأتعابهم، كما فعل السيّد المسيح نفسه الذي رحمنا باقترابه إلينا وقبوله طبيعتنا وحمله آلامنا: { أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا. وَنَحْنُ حَسِبْنَاهُ مُصَاباً مَضْرُوباً مِنَ اللَّهِ وَمَذْلُولاً. وَهُوَ مَجْرُوحٌ لأَجْلِ مَعَاصِينَا مَسْحُوقٌ لأَجْلِ آثَامِنَا. تَأْدِيبُ سَلاَمِنَا عَلَيْهِ وَبِحُبُرِهِ شُفِينَا. كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا.} (أش 4:53-6) ولهذا يوصينا الإنجيل قائلاً: { اُذْكُرُوا الْمُقَيَّدِينَ كَأَنَّكُمْ مُقَيَّدُونَ مَعَهُمْ، وَالْمُذَلِّينَ كَأَنَّكُمْ أَنْتُمْ أَيْضاً فِي الْجَسَدِ} (عب 13 : 3).
+ عمل الرحمة يمتد ليشمل الاقرباء والغرباء وكل أحد يحتاج منا لمد يد العون، فان الله الرحوم يريدنا ان نتعلم منه. ولقد مدح الرب السامرى الرحيم الذى صنع الرحمة مع الرجل اليهودي الذى كان يُعتبر عدواً له (لان اليهود كانوا لا يخالطوا السامريين )( لو25:10-36). فلنحمل بالمحبة أثقال بعضنا البعض ونسند إخوتنا فى ضيقاتهم بالمحبة والرحمة ليحملنا المسيح ويرحمنا. أننا نصلي ليفتح الله قلوبنا وعيوننا لنصنع رحمة مع الجميع ونجد رحمة منه على الأرض وفى السماء ويمحو أثامنا وذنوبنا { اِرْحَمْنِي يَا اللهُ حَسَبَ رَحْمَتِكَ. حَسَبَ كَثْرَةِ رَأْفَتِكَ امْحُ مَعَاصِيَّ} (مز 51 : 1). نصلي لنجد رحمة وحماية في الله العلي وقت الضيقات { اِرْحَمْنِي يَا اللهُ ارْحَمْنِي لأَنَّهُ بِكَ احْتَمَتْ نَفْسِي وَبِظِلِّ جَنَاحَيْكَ أَحْتَمِي إِلَى أَنْ تَعْبُرَ الْمَصَائِبُ }(مز 57 : 1). نصلى لنجد رحمة ودالة أمامه يوم الدينونة الرهيب.

الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

شعر قصير " عنده للموت مخارج"


أفرايم الأنبا بيشوى

(1)
" تقدر تصنع التغيير"
أنت مهندس حياتك، تقدر تصنع التغيير
حباك ربنا بالعقل زينة وبنعمة التفكير
أستخدمه للخير وللأفضل الامور هاتسير
ولما فى أمر تحتار حكم القلب والضمير
أنقاد لروح ربنا يديك حل لكل أمر عسير
صلى لله يرشدك وهو بكل الأمور بصير
تستطيع كل شئ فى المسيح دا هو قدير
.............................
(2)
" عنده للموت مخارج"
لما يحاصرك القلق وتكترعليك الهموم
وتهاجمك الأحزان ويهرب منك النوم
ويقوم عليك اشرار ويشنو عليك هجوم
يحاربك اليأس وتتمنى الموت المحتوم
أصرخ لربك وقله يا قادر بدد الهموم
دا الهك ينجي الهالك وينصف المظلوم
وعنده للموت مخارج ونوره يبدد الغيوم
.....
(3)
وطن قاسي
آه يا وطن قاسي ما بيرحم الإنسان
يهرب للبحر يغرق ويحدفه لأى مكان
تطرد أبنائها ومفهاش رفق بالحيوان
يدب فيها الفساد من الأقدام للأذنان
يرسب الناجح وينجح بالتزوير الفشلان
لفين نروح ومش لاقين ببلادنا أمان
يارب صحي الضماير وأيقظ الغفلان
برحمتك أشملنا يارب ونظف الأوطان
......................
(4)
"أمشي عدل"
حتى لو الظلمة عمت وساءت الأحوال
وشفت كثير عن الحق والصواب مال
أمشى عدل يحتارعدوك وتحقق الأمال
وتعيش فى سلام الضمير مرتاح البال
خليك واثق بربك وأرمي عليه الأحمال
دا يقدر يقودك وينصرك وينقل الجبال
هو أمين وعادل يرعانا لمنتهي الاجيال

........................
(5)
" يقظة الضمير"
راح كام وزير؟ وياما مر علينا كتير!
ياما سمعنا من قبل عن الحاجة للتغير
لكن الحاجة قوية ليقظة في الضمير
عدل ورحمة وحق من الصغير والكبير
بالغش للأفضل ياناس أمورنا كيف تسير؟
زي ما تحب الناس يعاملوك ويراعوك
عاملهم أنت كمان وقدم لهم محبة وخير

.........
(6)
" سفراء للسماء"
حياتنا علي الارض مؤقته ومش هتدوم
لازم نجاهد ونتسلح بالصلاة والصوم
نحمل صليبنا دايما بشكر يوم وراء يوم
احنا مخلوقين للسماء وهناك فرحنا يدوم
والعمر بيجري ويرحل كالبخار او الغيوم
كسفراء للسماء نفرح مش نحمل الهموم
بالإيمان نحيا ونثمر وبالصبر ثمرنا يدوم

............

(7)
" تحت الصليب"
تحت الصليب أنحنى وأركع يا رب يا محبوب
أراك عني تصلب، تعاني وتتألم فقسوتى تذوب
تغفر برحمتك خطيتى وتملك بحبك علي القلوب
بعريك كسوتنى وسترتني فكيف لا ارجع وأتوب؟
تحت ظل صليبك نتعلم الصفح وتحتمى الشعوب
أرحم يارب ضعفنا وأعنا وأغفر لشعبك الذنوب

الاثنين، 19 أكتوبر 2015

قصص قصيرة .. الله وحكمته

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
سخر رجل ملحد من الله وقال لأحد الفلاحين :
لو كان الله حكيماً، لخلق حبة البلح كبيرة لأن النخلة ضخمة،
واما البطيخة لصنعها صغيرة لأن نبتة البطيخ صغيرة!
تطلع المؤمن للسماء وقال أنا لا ادري حكمة الله فى ذلك ولكن أثق فيها وأقبلها !
وفي أحد الأيام، بينما كان هذا الرجل غير المؤمن مستلقياً ونائماً في ظلّ نخلة،
اذا ببلحة تسقط على رأسه! فقام مذعوراً ولمّا نظر الي ما حدث قال: كان خيراً أن البلحة صغيرة، فلو كانت كالبطيخة لهشّمت رأسي !.
رجل الله والحلاق الملحد
كان إحدى رجال الله يقدم بشارة الإنجيل فى احدى البلاد وتقابل مع حلاق ملحد واراد الحلاق إحراجه، فقال له : "إذا كان يسوع يحب الخطاة المساكين كما تقول، فلماذا لم يخلص هؤلاء التعساء والمتقاتلين وينقذهم من حالتهم المتردية هذه"؟
صمت رجل الله مفكرا .. وفجأة مر أمامهما رجل قد أهمل حلاقة شعره وتنظيفه، فبدا منظره مقززًا، فقال للحلاق: "أنت رجل غير أمين في مهنتك، وإلا فما كنت تترك الرجل بهذا المنظر". ... استشاط الحلاق غضبًا وقال للمبشر: "كيف تتهمني بعدم الأمانة بسبب رجل لم أره من قبل، ولو أتى إلي لتغير شكله تمامًا"، فأجابه المبشر: " أن سر تعاسة هؤلاء، هو أنه لم يأتوا إلى المخلص ليطلبوا منه الخلاص".
......
أم اربعة واربعين
كانت أم أربعة وأربعين تمشي سعيدة
حتى داعبتها ضفدعة قائلة :
صلّ حتى تعرفي أي الأرجل تحركي قبل الأخري ؟
فاخذت تفكر فى المأذق حتى وقعت فى الخندق!
فقد كانت تفكر كيف تتحرك؟
وأنا يجب أن أخرج عن نطاق التمركز حول ذاتي ولذاتي
أحب الله وأفهم وأهتم وأخدم الأخرين فاجد ذاتي وأحيا سعيد ولا فى خندق التقوقع والأنانية.
...
عمل الخير
كان الشاب يسرع فى طريقة ليتقدم الي أحدى الوظائف، كان يلبس بدلته الوحيدة وقد قامت والدته المريضة بغسلها وكيها..
فى الطريق وجد رجل كبير يقف بجوار سيارته الفاخرة المتوقفة بجانب الطريق، قدم الشاب المساعدة للرجل وغير معه أطار السيارة رغم تأذية وأتساخ ملابسه!. شكره الرجل ومضي فى طريقة ..
وصل الي موعد المقابلة وأذ به يجد أمامة نفس الرجل الذى قدم له المساعدة.
وأذ بالرجل يكرر له الشكر ويهنئه بتعيينه فى العمل من الغد فى شركته الناجحة.

السبت، 17 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 107- { كُونُوا حُكَمَاءَ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ كم من مرة تصرفنا بتسرع وبدون حكمة وأتزان أو مشورة وندمنا أو تعثرنا فى خطواتنا؟ من أجل ذلك نحتاج للحكمة وعمل النعمة معنا لننجح ونوفق فى قراراتنا. الله هو كلي الحكمة والمعرفة والعلم وكل أعماله تتميز بالحكمة { مَا أَعْظَمَ أَعْمَالَكَ يَا رَبُّ! كُلَّهَا بِحِكْمَةٍ صَنَعْتَ. مَلآنَةٌ الأَرْضُ مِنْ غِنَاكَ} (مز 104 : 24) والسيد المسيح هو أقنوم الحكمة الإلهية الذى تجسد من اجل خلاصنا { الْمُذَّخَرِ فِيهِ جَمِيعُ كُنُوزِ الْحِكْمَةِ وَالْعِلْمِ } (كو3:2 ) وهو الذى يقدر ان يعطينا حكمة ومعرفة كما قال لتلاميذه { لأَنِّي أَنَا أُعْطِيكُمْ فَماً وَحِكْمَةً لاَ يَقْدِرُ جَمِيعُ مُعَانِدِيكُمْ أَنْ يُقَاوِمُوهَا أَوْ يُنَاقِضُوهَا} (لو 21 : 15). ويجب أن نتعلم منه{ مَلِكَةُ التَّيْمَنِ سَتَقُومُ فِي الدِّينِ مَعَ رِجَالِ هَذَا الْجِيلِ وَتَدِينُهُمْ لأَنَّهَا أَتَتْ مِنْ أَقَاصِي الأَرْضِ لِتَسْمَعَ حِكْمَةَ سُلَيْمَانَ وَهُوَذَا أَعْظَمُ مِنْ سُلَيْمَانَ هَهُنَا.} ( لو31:11). جاء المسيح ليهبنا حكمة وعلم لنعرفه ونحبه وقد دعانا أن نكون حكماء {هَا أَنَا أُرْسِلُكُمْ كَغَنَمٍ فِي وَسَطِ ذِئَابٍ فَكُونُوا حُكَمَاءَ كَالْحَيَّاتِ وَبُسَطَاءَ كَالْحَمَامِ }(مت 10 : 16). نعمل على خلاص نفوسنا من أخطار العالم الشرير فى حكمة وبساطة فى تدقيق روحي { فَانْظُرُوا كَيْفَ تَسْلُكُونَ بِالتَّدْقِيقِ، لاَ كَجُهَلاَءَ بَلْ كَحُكَمَاءَ} (اف 5 : 15). وكلما أنقاد المؤمن لروح الله فى أمانة وتدقيق ينجح ويفلح وينمو.
+ الحكمة الروحية شئ ثمين يجب أن نسعي لاقتنائه {لأَنَّ الْحِكْمَةَ خَيْرٌ مِنَ اللّآلِئِ وَكُلُّ الْجَوَاهِرِ لاَ تُسَاوِيهَا} (ام 8 : 1). فهي تهب المؤمن معرفة لحقيقة نفسه ومعرفة الله ومشيئته فى حياتنا فنتصرف حسنا في سلوك يتسم بمخافة الله ومحبته والعمل علي رضاه { مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ} (يع 3 : 13). الحكيم يعيش كلّ يوم بانسجام مع الله ومع نفسه ومع العالم ويقيم توازن بين حياته على الارض كسفير للسماء فى غربة موقته وبين حياته الابدية. وتظهر الحكمة فى سلوكنا العملي فى التصرف المناسب والذوق السليم والفهم والفطنة والبراعة كفنّ للحياة. الحكمة تؤمّن السعادة في هذه الحياة وتقود الي الحياة الأبدية ولهذا تسمى ينبوع السعادة وطريق الحياة وشجرة الحياة. ومن تعوزه حكمة فليطلبها باجتهاد من الله { وَإِنَّمَا إِنْ كَانَ أَحَدُكُمْ تُعْوِزُهُ حِكْمَةٌ فَلْيَطْلُبْ مِنَ اللَّهِ الَّذِي يُعْطِي الْجَمِيعَ بِسَخَاءٍ وَلاَ يُعَيِّرُ، فَسَيُعْطَى لَهُ }(يع 1 : 5). الحكمة التى من الله طاهرة رحيمة وديعة بعكس حكمة أهل العالم { مَنْ هُوَ حَكِيمٌ وَعَالِمٌ بَيْنَكُمْ فَلْيُرِ أَعْمَالَهُ بِالتَّصَرُّفِ الْحَسَنِ فِي وَدَاعَةِ الْحِكْمَةِ. وَلَكِنْ إِنْ كَانَ لَكُمْ غَيْرَةٌ مُرَّةٌ وَتَحَّزُبٌ فِي قُلُوبِكُمْ، فَلاَ تَفْتَخِرُوا وَتَكْذِبُوا عَلَى الْحَقِّ. لَيْسَتْ هَذِهِ الْحِكْمَةُ نَازِلَةً مِنْ فَوْقُ، بَلْ هِيَ أَرْضِيَّةٌ نَفْسَانِيَّةٌ شَيْطَانِيَّةٌ. لأَنَّهُ حَيْثُ الْغَيْرَةُ وَالتَّحَّزُبُ هُنَاكَ التَّشْوِيشُ وَكُلُّ أَمْرٍ رَدِيءٍ.وَأَمَّا الْحِكْمَةُ الَّتِي مِنْ فَوْقُ فَهِيَ أَوَّلاً طَاهِرَةٌ، ثُمَّ مُسَالِمَةٌ، مُتَرَفِّقَةٌ، مُذْعِنَةٌ، مَمْلُوَّةٌ رَحْمَةً وَأَثْمَاراً صَالِحَةً، عَدِيمَةُ الرَّيْبِ وَالرِّيَاءِ.}( يع 13:3-17).
+ يجب أن نصلي ونطلب من الله ونلتصق بالله وكلامه كمصدر للحكمة { فَمُ الصِّدِّيقِ يَلْهَجُ بِالْحِكْمَةِ وَلِسَانُهُ يَنْطِقُ بِالْحَقِّ} (مز 37 : 30). نحيا فى مخافة الله كرأس الحكمة { رَأْسُ الْحِكْمَةِ مَخَافَةُ الرَّبِّ. فِطْنَةٌ جَيِّدَةٌ لِكُلِّ عَامِلِيهَا.}(مز 111 : 10) وننقاد لروح الله { رُوحُ الرَّبِّ رُوحُ الْحِكْمَةِ وَالْفَهْمِ رُوحُ الْمَشُورَةِ وَالْقُوَّةِ رُوحُ الْمَعْرِفَةِ وَمَخَافَةِ الرَّبِّ (اش 11 : 2). والذى يريد ان يسكن فيه روح الله لابد ان يتوب ويستجيب لعمل النعمة وينقاد لروح الله { ان الحكمة لا تلج النفس الساعية بالمكر ولا تحل في الجسد المسترق للخطية} (حك 1 : 4). ان الروح القدس هو نبع لا ينضب ابدا فى انساننا الداخلى.{ لاَ أَزَالُ شَاكِراً لأَجْلِكُمْ، ذَاكِراً إِيَّاكُمْ فِي صَلَوَاتِي،.كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلَهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، أَبُو الْمَجْدِ، رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ،.مُسْتَنِيرَةً عُيُونُ أَذْهَانِكُمْ، لِتَعْلَمُوا مَا هُوَ رَجَاءُ دَعْوَتِهِ، وَمَا هُوَ غِنَى مَجْدِ مِيرَاثِهِ فِي الْقِدِّيسِينَ،. وَمَا هِيَ عَظَمَةُ قُدْرَتِهِ الْفَائِقَةُ نَحْوَنَا نَحْنُ الْمُؤْمِنِينَ، حَسَبَ عَمَلِ شِدَّةِ قُوَّتِهِ.} (اف 16:1-19). االروح القدس يهبنا ثمار ومواهب الروح القدس ويلهب قلوبنا بمحبة الله حتى المنتهى.
+ الكتاب المقدس مصدر لا ينضب من الحكمة فقد كتبه اناس الله القديسين مسوقين بالروح القدس ومن خلاله يتحدث الله الينا { ينبوع الحكمة كلمة الله في العلى ومسالكها الوصايا الازلية} (سير 1 : 5) بالحكمة نعرف ارادة الله الصالحة والكاملة نحونا، ان عقولنا وقلوبنا وارواحنا تستنير بكلام الله. وكلام الله يهبنا قداسة ومعرفة { قدسهم في حقك كلامك هو حق } (يو 17 : 17). ولهذا دعى السيد المسيح اليهود قديما ان يفتشوا فى الكتب لانها تشهد له { فتشوا الكتب لانكم تظنون ان لكم فيها حياة ابدية وهي التي تشهد لي}{ (يو 5 : 39). كلام الله لابد ان ياتى ثماره متى حفظناه وعملنا به وعلينا أن نتتلمذ علي أناس الله القديسين وكتباتهم ومن جاهدوا فى اقتناء الفضيلة والحكمة، هكذا نسلك فى الفضيلة بافراز دون تطرف او مغالاة فنعرف متى نتكلم وماذا نتكلم ومتى نصمت ومتى نتصرف بوداعة ومتى يجب أن نتصرف بحزم فى الوقت المناسب وبالطريقة المناسبة وبالاسلوب اللائق فى بعد عن السطحية او التعقيد وفي اتزان والتزام لاسيما فى الامور المصيرية. نحن نتعلم الحكمة ايضا من خلال الخبرات الحياتية والتفكير والتأمل ونتمم أعمالنا بالحكمة والتمييز {العقلاء في الكلام يتممون اعمالهم بالحكمة ويفيضون الامثال السديدة} (سي 18 : 29).

الخميس، 15 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 106- { غُرَبَاءُ عَلَى الأَرْضِ }

فكرة لليوم وكل يوم
106- { غُرَبَاءُ عَلَى الأَرْضِ }
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ قدم الكتاب المقدس معاني متعددة للغربة ومنها الغربة عن الوطن الأصلي، كغربة إبراهيم في فلسطين بعد مجيئه من موطنه الأصلي في أور الكلدانيين، {أنا غريبٌ ونزيلٌ بَينَكُم. دعوني أملِكُ قبرًا عِندَكُم لأدفِنَ فيهِ مَيتي مِنْ أمامي} (تك 23: 4). أو الغربة بمعني والترك والإهمال والنبذ، كما قال داود في المزامير {صِرْتُ أجنبيُا عِندَ إخوَتي وغريبًا عِندَ بَني أُمِّي} (مز 69: 8). أو الغربة التي يحياها الإنسان بعيدا عن أهله واقربائه أو أن يتزوج من غرباء ليسوا من بني جنسه وأخيرا الغربة كاحساس وشعور وحياة الإنسان الأرض كغريب يتطلع للوطن السماوي كما ذكر ذلك القديس بولس الرسول عندما تكلم عن رجال الإيمان { فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ} (عب 11 : 13). والمعنى الروحي للغربة أن لا يتعلق قلب المؤمن بالأرض ولا تمتلك المادية والاشياء قلبه ولا يتمثل بمن يعيشوا حياة الخطية والبعد عن الله بل يحيا حياة القداسة والتقوى فى مخافة الله {أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، أَطْلُبُ إِلَيْكُمْ كَغُرَبَاءَ وَنُزَلاَءَ أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الشَّهَوَاتِ الْجَسَدِيَّةِ الَّتِي تُحَارِبُ النَّفْسَ} (1بط 2 : 11).
+ لقد تجسد الأبن الوحيد وأتحد بطبيعتنا وجاء لخلاص العالم، لكي يهبنا الإيمان ويقودنا في طريق البر ويهبنا الحياة الأبدية { لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ }(يو 3 : 16). قدس الله طبيعتنا بتجسده وهو يريد أن يقدس كل الإنسان, روح وجسد ونفس لتكون مقدسة، ومتحدة بالله فى تتناغم مع قداسة الله ومشيئته. الإيمان بالمسيح يجدد الإنسان ليكون تاج وكاهن للخليقة لتتصالح مع الله. الإيمان يجعل المؤمن ينتمي للمسيح ويحب كنيسته وينتمى لوطنه الذي يعيش فيه ويخلص له وتتسع دائرة انتمائه لتشمل الأخوة الإنسانية ومحبة الجميع وعمل الرحمة مع الكل ونشر النور في كل مجالات الحياة كما جاء المسيح ليكون نور للعالم { أَنَا قَدْ جِئْتُ نُوراً إِلَى الْعَالَمِ حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ} (يو 12 : 46) وفى صلاته الوداعية راينا السيد المسيح يكلف المؤمنين به برسالة سامية على الأرض { كَمَا أَرْسَلْتَنِي إِلَى الْعَالَمِ أَرْسَلْتُهُمْ أَنَا إِلَى الْعَالَمِ} (يو 17 : 18). يجب أن يكون المؤمن كالملح يذوب ليعطي مذاقة روحية طيبة لمن حوله. وطلب السيد المسيح من الآب السماوي أن يحفظنا من الشرير { لَسْتُ أَسْأَلُ أَنْ تَأْخُذَهُمْ مِنَ الْعَالَمِ بَلْ أَنْ تَحْفَظَهُمْ مِنَ الشِّرِّير}ِ ( يو 17 : 15) .
+ شعور المؤمن بالغربة عن الأرض، سواء أكان متغرب عن بلده الأصلى أو يحيا فيه ، يجعله لا يتكالب على متع العالم وشهواته { َالْعَالَمُ يَمْضِي وَشَهْوَتُهُ، وَأَمَّا الَّذِي يَصْنَعُ مَشِيئَةَ اللهِ فَيَثْبُتُ إِلَى الأَبَدِ} (1يو2:17). ولكن يجب أن نفهم أن للمسيحي على الأرض رسالة سامية وهدف نبيل ولكي نرث ملكوت السموات يجب أن نعد أنفسنا له ونحن على الأرض { هَا مَلَكُوتُ اللهِ دَاخِلَكُمْ} (لو 17 : 21) بالإيمان بالله ومحبته المعلنة لنا فى المسيح يسوع والأنقياد لروح الله نصير أبناء لله ونحيا كسفراء للمسيح علي الأرض، نجول كخدام أمناء للمسيح الذى صالح السمائيين مع الأرضيين وجعل الأثنين وأحدا { إِذْ عَرَّفَنَا بِسِرِّ مَشِيئَتِهِ، حَسَبَ مَسَرَّتِهِ الَّتِي قَصَدَهَا فِي نَفْسِهِ،. لِتَدْبِيرِ مِلْءِ الأَزْمِنَةِ، لِيَجْمَعَ كُلَّ شَيْءٍ فِي الْمَسِيحِ، مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأَرْضِ، فِي ذَاكَ.الَّذِي فِيهِ أَيْضاً نِلْنَا نَصِيباً، مُعَيَّنِينَ سَابِقاً حَسَبَ قَصْدِ الَّذِي يَعْمَلُ كُلَّ شَيْءٍ حَسَبَ رَأْيِ مَشِيئَتِهِ.}( أف 9:1-11). السيد المسيح هو سلامنا {لأَنَّهُ هُوَ سَلاَمُنَا، الَّذِي جَعَلَ الِاثْنَيْنِ وَاحِداً، وَنَقَضَ حَائِطَ السِّيَاجِ الْمُتَوَسِّطَ} (اف 2 : 14).
+ حياتنا على الأرض كغربه لا تعني أن نعيش بسلبية أو أن لا نقوم بواجباتنا، أو لا نطالب بحقوقنا. بل علينا أن نعمل بكل جهد في الحياة، وننجح ونخدم أوطاننا على الأرض بامانة وأخلاص ونصلى من أجل سلامها وتقدمها حتى بعد أنتقالنا الي السماء. لقد أهتم السيد المسيح بخلاص العالم كله مبتدأ من بلده حيث تربى { وَجَاءَ إِلَى النَّاصِرَةِ حَيْثُ كَانَ قَدْ تَرَبَّى. وَدَخَلَ الْمَجْمَعَ حَسَبَ عَادَتِهِ يَوْمَ السَّبْتِ وَقَامَ لِيَقْرَأَ }(لو 4 : 16). وبعد قيامتة أوصى تلاميذه بالكرازة بدأ من أورشليم والي أقصي الأرض { سَتَنَالُونَ قُوَّةً مَتَى حَلَّ الرُّوحُ الْقُدُسُ عَلَيْكُمْ وَتَكُونُونَ لِي شُهُوداً فِي أُورُشَلِيمَ وَفِي كُلِّ الْيَهُودِيَّةِ وَالسَّامِرَةِ وَإِلَى أَقْصَى الأَرْضِ} (اع 1 : 8). فكل علم أو خدمة أو عمل خير نعمله هو أمتداد لملكوت الله على الأرض. فالملكوت السماوي الذي نسعى إليه يبدأ هنا في أرض الغربة بالجهاد والكفاح ضد الخطيئة وبنشر الإيمان وحياة القداسة على الأرض، نعمل في بناء الملكوت وتصبح أرضنا هى الرحم الذي يلدنا للسماء. نتاجر بوزناتنا لنربح وننال المكأفاة{ فَجَاءَ الَّذِي أَخَذَ الْخَمْسَ وَزَنَاتٍ وَقَدَّمَ خَمْسَ وَزَنَاتٍ أُخَرَ قَائِلاً: يَا سَيِّدُ خَمْسَ وَزَنَاتٍ سَلَّمْتَنِي. هُوَذَا خَمْسُ وَزَنَاتٍ أُخَرُ رَبِحْتُهَا فَوْقَهَا} (مت 25 : 20). أما الذي يأخذ الوزنات ولا يتاجر بها علي الأرض فيخسر السماء { فَخُذُوا مِنْهُ الْوَزْنَةَ وَأَعْطُوهَا لالَّذِي لَهُ الْعَشْرُ وَزَنَاتٍ} (مت 25 : 28). حياتنا الحالية على الأرض ثمينة وإيماننا العامل بالمحبة فيها هو المقياس للمكأفاة أو العقاب الأبدي وهي التي تعدنا للحياة مع المسيح في السماء.

الثلاثاء، 13 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 105- { كُونُوا مُسْتَعِدِّينَ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ علي المؤمن أن يحيا حياة الأستعداد ويعد نفسه كإنسان الله بالمعرفة الصالحة والتعليم النافع ويتحلي بالقيم الروحية والمحبة الصادقة لله وللغير ولعمل الخير ويقوم بعمله بامانة وأخلاص، نلبي عمل الروح القدس فينا مستعدين لاداء كل عمل صالح { ذَكِّرْهُمْ أَنْ .. يَكُونُوا مُسْتَعِدِّينَ لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ} (تي 3 :1). ونبتعد عن التعاليم الباطلة والدنس والخطية لنكون كأواني مقدسة وللكرامة { فَإِنْ طَهَّرَ احَدٌ نَفْسَهُ مِنْ هَذِهِ يَكُونُ انَاءً لِلْكَرَامَةِ، مُقَدَّساً، نَافِعاً لِلسَّيِّدِ، مُسْتَعَدّاً لِكُلِّ عَمَلٍ صَالِحٍ }(2تي 2 : 21). هكذا جاء القديس يوحنا المعمدان يهيئ للرب شعبا مستعدا بالتوبة واليقظة الروحية والمحبة المتبادلة كقول الكتاب { وَيَتَقَدَّمُ أَمَامَهُ بِرُوحِ إِيلِيَّا وَقُوَّتِهِ لِيَرُدَّ قُلُوبَ الآبَاءِ إِلَى الأَبْنَاءِ وَالْعُصَاةَ إِلَى فِكْرِ الأَبْرَارِ لِكَيْ يُهَيِّئَ لِلرَّبِّ شَعْباً مُسْتَعِدّاً} (لو 1 : 17). نحن فى المجتمع المعاصر يجب أن نجاهد وننجح فى الحياة ونستعد للأبدية ناظرين الي رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع، نقدس الله فى قلوبنا ونستعد لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا:{ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلَهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ}(1بط 3 : 15)
+ لقد طوب الرب الساهرين على خلاصهم والمستعدين دائما للقاء سيدهم { طُوبَى لأُولَئِكَ الْعَبِيدِ الَّذِينَ إِذَا جَاءَ سَيِّدُهُمْ يَجِدُهُمْ سَاهِرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ إِنَّهُ يَتَمَنْطَقُ وَيُتْكِئُهُمْ وَيَتَقَدَّمُ وَيَخْدِمُهُمْ } (لو 12 : 37). يجب أن نستعد لاننا لا نعرف الوقت ولا الساعة التي يأتي فيها الرب أو متى نذهب فيها اليه { فَكُونُوا أَنْتُمْ إِذاً مُسْتَعِدِّينَ لأَنَّهُ فِي سَاعَةٍ لاَ تَظُنُّونَ يَأْتِي ابْنُ الإِنْسَانِ} (لو 12 : 40). المؤمن يسهر على خلاص نفسه وعلى أبديته، فيسعي للنمو في معرفة الله ومحبته ويكنز للأبدية السعيدة. فالاستعداد الروحى للانسان المؤمن يكون بالإيمان العامل بالمحبة والتقوى لملاقاة الرب بعد الموت الذى يكافئه بحسب ما قام به في حياته على الأرض من أعمالٍ صالحة. نستعد للقاء الله {فاستعد للقاء ألهك } (عا 4 : 12). لقد كانت التحية المفضلة بين المؤمنين منذ عصر الرسل عند التلاقي أن يبادر المؤمن غيره بالقول {ماران آثا}(1كو 16 : 22) وهي كلمة أرامية تعني الرب قادم، نستعد لأننا لا نعلم فى أى ساعة يطلب منا أن نقدم حساب وكالتنا إلى الله.
+ نستعد أيضا لان عدونا إبليس متيقظ ولا ينام ومستعد لمحاربتنا فمقاومته تحتاج إلى استعداد دائم { اُصْحُوا وَاسْهَرُوا لأَنَّ إِبْلِيسَ خَصْمَكُمْ كَأَسَدٍ زَائِرٍ، يَجُولُ مُلْتَمِساً مَنْ يَبْتَلِعُهُ هُوَ} (1بط 5 : 8) ويلزم للاستعداد الدائم الجهاد الروحى والمثابرة بالتوبة المستمرة ولذلك نقول في صلاة النوم " توبي يا نفسي ما دمت في الأرض ساكنة.. انهضي من رقاد الكسل، وتضرعي إلى المخلص بالتوبة قائلة: اللهم ارحمني وخلصني" وصلاة نصف الليل تدعونا للتوبة والسهر والأستعداد. المؤمن الساهر يجاهد بكل قوته ليقاوم كل قوى الشر، كما قال الكتاب { فَاخْضَعُوا لِلَّهِ. قَاوِمُوا إِبْلِيسَ فَيَهْرُبَ مِنْكُمْ} (يع 4 : 7) هذه المقاومة لإبليس تمثل الجهاد الروحي، الذي هو عنصر أساسي من عناصر الأستعداد وهذا الجهاد ليس سلبيًا، إنما له إيجابيته بالعمل الصالح.
+ الإنسان الساهر على خلاص نفسه هو إنسان مستنير يرى ما هو النافع لخلاصه وما هو الضار. فهو حكيم عيناه في رأسه، أما الجاهل فيسلك في ظلام (جا 2: 14). والنور الذي في المؤمن ينير لمن حوله هو مصباح موقد، يوضع على المنارة ليضئ لكل من في البيت (مت 5: 15) والمصباح يوقد بالزيت. وهذا الزيت كان سر نجاح الحياة الروحية للخمس العذارى الحكميات، وهن مثال للسهر الروحي السليم. المجاهد المسيحي يأخذ النور والاستنارة والحكمة من شركة الروح القدس والأنقياد لروح الله والخمس العذارى الحكيمات الساهرات اللائي احتفظن بالزيت في آنيتهن، أشارة إلى النفوس الساهرة على خلاصها التي يظهر عمل الروح القدس وثماره في حياتها فتحرص علي النمو في محبة الله والنعمة والحكمة وفي الصلاة والتأمل والأمانة فى أعمالها ووقتها وأموالها. نحن يجب أن نحيا كوكلاء صالحين سنعطي حساب عن فكرنا وأقوالنا وأعمالنا أمام الله وملائكته القديسين. ونستحق أن نسمع صوت الملك السمائى المفرح فى اليوم الأخير { تَعَالَوْا يَا مُبَارَكِي أَبِي رِثُوا الْمَلَكُوتَ الْمُعَدَّ لَكُمْ مُنْذُ تَأْسِيسِ الْعَالَمِ } (مت25:34).

الأحد، 11 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 104- { أَنَّتمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ المسيحي الحقيقى يرى فيه الناس رسالة المسيح الخلاصية ومحبة الله للبشر فيعلن بهم الروح القدس محبة الله الآب ونعمة أبنه الوحيد، فهم إنجيل حي {ظَاهِرِينَ أَنَّكُمْ رِسَالَةُ الْمَسِيحِ، مَخْدُومَةً مِنَّا، مَكْتُوبَةً لاَ بِحِبْرٍ بَلْ بِرُوحِ اللهِ الْحَيِّ، لاَ فِي أَلْوَاحٍ حَجَرِيَّةٍ بَلْ فِي أَلْوَاحِ قَلْبٍ لَحْمِيَّةٍ}(2كو 3 : 3). يرى الناس أعمالنا الصالحة ويمجدوا ويعرفوا الله من خلالنا. فهل نحمل نحن الشهادة الحياة للمسيح القائم من بين الأموات باقوالنا وأعمالنا؟. وهل نخضع لروح الله الذى يعيد تشكيلنا لنصير خليقة جديدة في المسيح يسوع؟.الروح القدس يثبتنا فى المسيح وفي نعمته الغنية ويكتب فينا وصاياه لا فى ألواح حجرية على نحو ما كتب موسى النبي الوصايا العشر، بل فى ألواح قلب لحمية حساسة تدرك وتعلن ما يكتبه الروح القدس عليها. فيرى العالم فينا شهود ورسالة حية { أَنْتُمْ رِسَالَتُنَا، مَكْتُوبَةً فِي قُلُوبِنَا، مَعْرُوفَةً وَمَقْرُوءَةً مِنْ جَمِيعِ النَّاسِ }(2كو 3 : 2). وفى رسائل الرب إلى السبع كنائس الواردة في سفر الرؤيا نرى السيد المسيح متمشياً في وسط هذه الكنائس، يقوى ويحذر ويلاحظ مدي تجاوبنا ونجاحنا أو أخفاقنا في إتمام مسئولياتها ويقودنا وينصحنا لنكون رسالته ورسله.
+ علينا أن نلاحظ أنفسنا وتعاليم المسيح. وماهو أنطباع من حولنا عنا كمؤمنين بالمسيح ؟ عندما يرى الناس تصرفاتنا على المستوى الفردي أو الجماعى؟ . ينبغى أن يظهر المسيح فينا بمحبته وبذله وتواضعه ووداعته وسعيه لقبول الخطاة. وتظهر فينا المحبة الروحية والأخوية كسمة مميزة لنا كوصية الرب نفسه { بِهَذَا يَعْرِفُ الْجَمِيعُ أَنَّكُمْ تلاَمِيذِي: إِنْ كَانَ لَكُمْ حُبٌّ بَعْضاً لِبَعْضٍ}(يو 13 : 35). وبالرغم من كل فشل البعض، أو تعثرهم أحيانا فيبقى المسيحيين رسالة المسيح، بل ويظل قصد الله العظيم ثابتاً؛ وهو أن يرى جميع الناس صفات المسيح جلية في شعبه { لأَنَّنَا نَحْنُ عَمَلُهُ، مَخْلُوقِينَ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ لأَعْمَالٍ صَالِحَةٍ، قَدْ سَبَقَ اللهُ فَأَعَدَّهَا لِكَيْ نَسْلُكَ فِيهَا }(اف 2 : 10). أن محبـة المسيح تُقدَّم لنا الدافع الحقيقي لكل خدمة، وفى ضوء كلمة الله يمكننا أن نختبر دوافع قلوبنا التي تحركنا في كل خدمة نقوم بها. فهل نحن محصورون بمحبة المسيح؟ أم ما يحركنا هو محبة ذواتنا؟ عندما نعطي قلوبنا لله ننسي أنفسنا ونتأمل في كمال صفاته ومحبته، نجد ثمرته حلوة لنا؛ وبدون شعور منا تظهر وتتشكل فينا صورته وهكذا لا يكتب الروح القدس المسيح على قلوبنا فقط حتى نصير رسالة المسيح، ويغيرنا إلى صورته؛ لنكون رسالته المقروءة من جميع الناس.

+ نحن رسالة المسيح نشهد للعالم بإيماننا بالله الواحد الذى تجسد فى ملء الزمان وجال يصنع خير وصلب وقام وسيأتى بمجد عظيم وأرسل لنا روحه القدوس ليعزي ويعلم ويقود الكنيسة وأعضائها ونؤمن بقيامة الأموات وحياة الدهر الاتى ونحفاظ على الإيمان المستقيم حتى الموت {جَاهِدْ جِهَادَ الإِيمَانِ الْحَسَنَ، وَأَمْسِكْ بِالْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ الَّتِي الَيْهَا دُعِيتَ أَيْضاً، وَاعْتَرَفْتَ الاِعْتِرَافَ الْحَسَنَ امَامَ شُهُودٍ كَثِيرِينَ}(1تي 6 : 12). كما أننا نشهد للحق الذى نؤمن به وندعوا اليه بسلوكنا حياة الفضيلة والبر نقدم فى أيماننا فضيلة {وَلِهَذَا عَيْنِهِ وَأَنْتُمْ بَاذِلُونَ كُلَّ اجْتِهَادٍ قَدِّمُوا فِي إِيمَانِكُمْ فَضِيلَةً، وَفِي الْفَضِيلَةِ مَعْرِفَةً،.وَفِي الْمَعْرِفَةِ تَعَفُّفاً، وَفِي التَّعَفُّفِ صَبْراً، وَفِي الصَّبْرِ تَقْوَى،.وَفِي التَّقْوَى مَوَدَّةً أَخَوِيَّةً، وَفِي الْمَوَدَّةِ الأَخَوِيَّةِ مَحَبَّةً.لأَنَّ هَذِهِ إِذَا كَانَتْ فِيكُمْ وَكَثُرَتْ، تُصَيِّرُكُمْ لاَ مُتَكَاسِلِينَ وَلاَ غَيْرَ مُثْمِرِينَ لِمَعْرِفَةِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ.} ( 2طر 5:1-8)
+ نحن رسالة المسيح نقتدى بالمسيح ويكون لنا فكره ولغته ومحبته {وَأَمَّا نَحْنُ فَلَنَا فِكْرُ الْمَسِيحِ }(1كو 2 : 16). كما أوصى القديس بولس تلميذه تيمؤثاوس { مُقَدِّماً نَفْسَكَ فِي كُلِّ شَيْءٍ قُدْوَةً لِلأَعْمَالِ الْحَسَنَةِ، وَمُقَدِّماً فِي التَّعْلِيمِ نَقَاوَةً، وَوَقَاراً، وَإِخْلاَصاً} (تي 2 : 7). ندعو الآخرين إلي أن يتذوقوا محبة الله ويؤمنوا به { فَكُلُّ مَنْ يَعْتَرِفُ بِي قُدَّامَ النَّاسِ أَعْتَرِفُ أَنَا أَيْضاً بِهِ قُدَّامَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ }(مت 10 : 32). فالشهادة للمسيح هى واجب ووفاء وعرفان بالجميل، كما أن إنكاره خيانة وجحود. وعلينا فى عالم اليوم الذى يركض الي فيض الخلاعة أن نكون قديسين ومستعدين لمجاوبة كل من يسالنا عن سبب الرجاء الذى فينا { بَلْ قَدِّسُوا الرَّبَّ الإِلَهَ فِي قُلُوبِكُمْ، مُسْتَعِدِّينَ دَائِماً لِمُجَاوَبَةِ كُلِّ مَنْ يَسْأَلُكُمْ عَنْ سَبَبِ الرَّجَاءِ الَّذِي فِيكُمْ بِوَدَاعَةٍ وَخَوْفٍ} (1بط 3 : 15) أن التاريخ المسيحي قديما وحديثا يذخر بالقديسين والشهداء الذين كانوا وسيبقوا رسالة وشهادة حية للمسيح العامل فيهم كما قال القديس يوحنا ذهبي الفم " إنَّ شهادِة الشُّهداء وسِيرتهم أمامنا هي في حد ذاتها عِظة للإنسان، وعون للكنيسة كلها، وتثبيت للإيمان المسيحي وغلبة لأوهام الموت، وعيِّنة للقيامة، وتوبيخ للشيطان، واحتقار أباطيل الدنيا، وراحة وعزاء للنَّفْس الحزينة، ومُحرِك للصلوات أنَّ سيرِة الشُّهداء هي مُلهمة لكل الأمور الصالِحة."

السبت، 10 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 103- { كُونُوا قِدِّيسِينَ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ القداسة صفة من صفات الله { يا رب من مثلك معتزا في القداسة مخوفا بالتسابيح صانعا عجائب} (خر 15: 11). وفى سفر الرؤيا نرى الغالبين فى السماء يسبحون الله قائلين {من لا يخافك يارب ويمجد إسمك لأنك أنت وحدك قدوس}(رؤ4:15). والله القدوس يدعونا ان نتعلم منه ونقتدى به فنكون قديسين{ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ» } (1بط 1 : 16). وقداسة الله تعنى طهارته الكلية وبره وصلاحه وسموه وتنزيهه عن الخطية والشر، كما تعنى عدم قبوله للخطية وحياة الأثم أو النجاسة ولان الله عالم بضعف البشر لهذا يدعو الله الانسان متى أخطأ الى التوبة والرجوع الى حياة القداسة والنقاوة والطهارة. لقد دعانا الله لنخصص حياتنا ونكرسها كشعب مخصص له { وانتم تكونون لي مملكة كهنة وامة مقدسة } (خر 19 : 6). لقد دخل الله معنا فى عهد جديد يقدسنا فيه لا بدم ذبائح حيوانيه بل بدمه الكريم لهذا كرس السيد المسيح ذاته لخلاص جنس البشر{ ولاجلهم اقدس انا ذاتي ليكونوا هم ايضا مقدسين في الحق} (يو 17 : 19). وعلينا نحن أن نكرس ونخصص أنفسنا له ابناء وبنات ومن قداسته نأخذ ونقتدى وبه ندخل للاقداس السمائية.
+ ارادة الله هى قداستنا { لان هذه هي ارادة الله قداستكم } (1تس 4 : 3) وهو يدعونا لكى نكون قديسين لانه بدون القداسة لن ندخل الملكوت السماوى او نعاين الرب { اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب} (عب 12 : 14).ان القداسة فى جوهرها تعنى التوبة والنقاوة والطهارة { طوبى للانقياء القلب لانهم يعاينون الله} (مت 5 : 8). انها الخلو من النجاسة التى تحرم المؤمن من السماء{ فانكم تعلمون هذا ان كل زان او نجس او طماع الذي هو عابد للاوثان ليس له ميراث في ملكوت المسيح والله }(اف 5 : 5). لهذا دعانا السيد المسيح للانفصال والبعد عن ما يعيقنا عن القداسة { كل من يعمل الخطية هو عبد للخطيئة}( يو34:8). ان ابتعادنا عن الخطية ومقاومتنا لاغرائتها يحتاج الى الحرص والتصميم والارادة على السير فى طريق القداسة والانتصار على العقبات التى يضعها أبليس واعوانه او شهوات الانسان واهوائه لهذا دعانا السيد المسيح الى الدخول من الباب الضيق لنصل الى الحياة الابدية { ادخلوا من الباب الضيق لانه واسع الباب ورحب الطريق الذي يؤدي الى الهلاك وكثيرون هم الذين يدخلون منه. ما اضيق الباب واكرب الطريق الذي يؤدي الى الحياة وقليلون هم الذين يجدونه} (مت 13:7-14). القداسة تنبع من صميم القلب فى تقوى وطاعة ورغبة صادقة لمحبة الله وليس مجرد أفعال أو اقوال او عبادة شكلية من اجل هذا طلب منا الله ان نحبة من كل القلب. ومحبة الله لابد ان تترجم فى حياة المؤمن الى سلوك عملى لتنفيذ ارادة الله فى حياتنا. فالقداسة هى فكر مقدس وعواطف وارادة قد تقدست بالروح القدوس تجعل المؤمن يسلك فى النور ويشهد له.
+ الله يقدس المؤمنين به ويقدم لنا الإيمان بذبيحة أبنه يسوع المسيح ربنا على الصليب وفاعليتها فى تقدس المؤمنين وتبررهم بالإيمان ليصيروا ابناء مقدسين في الحق ويعملوا أعمال تليق بابناء الله. كما أن كلام الله يقدسنا { قدسهم في حقك كلامك هو حق} (يو 17 : 17). الرب يسوع المسيح يمنح للمؤمنين قداسة ليست "خارجية " بل تدخل الى اعماق كياننا. يحيا المسيح القدوس فينا ونحن فيه، فيشترك المسيحيون في حياة المسيح القائم من بين الأموات بالإيمان والمعمودية والمسحة المقدسة {واما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء} (1يو 2 : 20) ثم يجدد حياتنا بالتوبة والاعتراف { ان اعترفنا بخطايانا فهو امين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا ويطهرنا من كل اثم} (1يو 1 : 9). كما ان القداس الإلهى هو رحلة نحو القداسة وفى التناول نصلى ونقول القدسات للقديسين ونتناول منها لتقودنا للقداسة وعلينا أن نسلك فى هذه القداسة ونختبرها فى داخلنا كل يوم ونمجد الله القدوس باعمالنا الذى جعلنا قديسين فى أبنه يسوع المسيح. وتصير حياتنا متحدة بحياة أبن الله على صعيد معرفتنا لله وحبنا له واعمالنا تجاه الله والناس.
+ القداسة هي أيضا انقياد لروح الله القدوس والثبات فى كلمة الله والعمل بها فكلمة الله حية وفعالة وقادرة ان تقودنا للخلاص. والمسيحية هى بنوة حقيقة لله الآب وثبات وأتحاد فى أبنه نبع الفضيلة والبر والقداسة وأنقياد لروح الله القدوس مما يجعلنا نثمر ثمار البر والفضيلة وتحتاج القداسة الي جهاد شخصى ضد الخطية تؤازه نعمة الله. فننموا في القداسة استعداداً لمجي الرب والحياة المقدسة معه كل حين فننمو فى معرفة الله والصلاة والشوق اليه بصفته القدوس فى علاقة بنوة للآب فالقداسة بعلاقة شخصية مباشرة بالله ننالها بالنعمة ونجاهد لنصل الى الكمال المسيحي.

الثلاثاء، 6 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 102- { أَهْلِ بَيْتِ اللهِ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ يفتخر البعض بنسبه الي عائلة شريفة، وكم يكون لنا الشرف عظيم عندما يدعونا السيد الرب يسوع المسيح باخوته اليس ذلك سبب لكرامة مضاعفة. لا كقرابة جسدية بل روحية بالإيمان بالمسيح نصير أبناء لله { وَأَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. الَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.} (يو 12:1-13). وعلى الأبن ان يتشبه بصفات أبيه ويصنع ارادته حينئذ يرفعه الله ويكون مقربا له ومنتسبا اليه كما قال الرب { مَدَّ يَدَهُ نَحْوَ تَلاَمِيذِهِ وَقَالَ: «هَا أُمِّي وَإِخْوَتِي.لأَنَّ مَنْ يَصْنَعُ مَشِيئَةَ أَبِي الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ أَخِي وَأُخْتِي وَأُمِّي»}( مت 49:12-50). عندما نسمع ونعمل ارادة الآب السماوى نتحد بالمسيح له المجد ونستحق أن ندخل في رعيته ونصير أهل بيت الله كما قال معلمنا بولس الرسول { فَلَسْتُمْ إِذاً بَعْدُ غُرَبَاءَ وَنُزُلاً، بَلْ رَعِيَّةٌ مَعَ الْقِدِّيسِينَ وَأَهْلِ بَيْتِ اللهِ} (اف 2 : 19). أي من رعوية أهل بيته أي أفراد عائلته المقدسة. وأعضاء جسده الذى هو الكنيسة مترابطين معا كاعضاء الجسد الواحد فى محبة وتناسق وتكامل وانسجام لهذا قال معلمنا بولس الرسول : {هَكَذَا نَحْنُ الْكَثِيرِينَ: جَسَدٌ وَاحِدٌ فِي الْمَسِيحِ وَأَعْضَاءٌ بَعْضاً لِبَعْضٍ كُلُّ وَاحِدٍ لِلآخَرِ} (رو 12 : 5). أنتسابنا للسيد المسيح أذن ليس نسب مادي جسدي بل هو روحي يقوم على الإيمان والطاعة، فماذا يفيد الأب لو كان الابن كاسر لكلام أبيه ولا يشعر إتجاهه بأي محبة؟ كما قام أبشالوم على داود أبيه وحاربه وأرد أن يغتصب منه الملك وهلك وخسر نفسه ومن تبعوه. لذلك ربنا يسوع ينبه أذهاننا لنوع أرقى من بنوة الجسد وهو بنوة الروح { لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ فَأُولَئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ}(رو 8 : 14) عندما ننقاد بروح الله نكون إبناء وبنات له وبمحبتنا لله وتنفيذنا لوصاياه سنشعر بالفعل أنه محب ألصق وأب حنون وكأم محبة يسدد كل إحتياجاتنا حسب غناه فى المجد.
+ لقد كرم السيد المسيح أمه القديسة مريم العذراء وأعلن أن كرامتها التي لا تقوم فقط على حملها وولدتها له فقط وإنما من خلال فضائلها الروحية وإيمانها وطهارتها وتواضعها وهى التي أوصتنا قائلة:{ قَالَتْ أُمُّهُ لِلْخُدَّامِ: «مَهْمَا قَالَ لَكُمْ فَافْعَلُوهُ»} (يو 2 : 5). وقدم مفهومًا جديدًا للارتباط به من خلال الطاعة لإرادة أبيه. فلنحرص علي تتمم مشيئة الله كاعضاء في الكنيسة نتمخض إلى أن يتشكل المسيح ويولد داخلنا بالإيمان وننمو فى محبته وطاعة وصاياه. وكل مؤمن يسير طريق القداسة فى صلاة وصلة وتناول من الأسرار المقدسة ويعمل بوصايا الله، يتمتع بشركة مع المسيح كأنما يولد المسيح فيه من جديد وعندما يجول يصنع خير مبشر بفضل من دعانا من عالم الظلمة الي ملكوته السماوى فى النور يصير كأم روحية تلد بنين لله. ومن يبشر بالحق يحسب فوق كل شيء أمًا وأخا أو أختا للسيد المسيح، إذ ياتي بالخطاة والبعيدين بالإيمان لله.
+ لقد جاء الأبن الكلمة وتجسد ليتمم أرادة ابيه الصالح كما قال: { لأَنِّي قَدْ نَزَلْتُ مِنَ السَّمَاءِ لَيْسَ لأَعْمَلَ مَشِيئَتِي بَلْ مَشِيئَةَ الَّذِي أَرْسَلَنِي}(يو 6 : 38). والله يريد خلاصنا وقبولنا للحق وعلينا أن نؤمن ونحيا الإيمان بالروح والحق{ يُرِيدُ أَنَّ جَمِيعَ النَّاسِ يَخْلُصُونَ وَإلَى مَعْرِفَةِ الْحَقِّ يُقْبِلُونَ} (1تي 2 : 4). الله كأب صالح يريدنا أن نؤمن بابنه الوحيد لكي تكون لنا حياة أبدية ويقيمنا فى اليوم الخير { لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ الَّذِي أَرْسَلَنِي: أَنَّ كُلَّ مَنْ يَرَى الاِبْنَ وَيُؤْمِنُ بِهِ تَكُونُ لَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ} (يو 6 : 40). ومن واجبنا أن نبتعد عن العثرات ولا نتسبب فى عثرة لأحد قط {هَكَذَا لَيْسَتْ مَشِيئَةً أَمَامَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ أَنْ يَهْلِكَ أَحَدُ هَؤُلاَءِ الصِّغَارِ} (مت 18 : 14). الله القدوس يريدنا ان لا نسير فى طريق الخطاة بل نكون قديسين كما هو قدوس { وَلاَ تُشَاكِلُوا هَذَا الدَّهْرَ بَلْ تَغَيَّرُوا عَنْ شَكْلِكُمْ بِتَجْدِيدِ أَذْهَانِكُمْ لِتَخْتَبِرُوا مَا هِيَ إِرَادَةُ اللهِ الصَّالِحَةُ الْمَرْضِيَّةُ الْكَامِلَةُ }(رو 12 : 2). فارادة الله قداستنا { لأَنَّكُمْ تَعْلَمُونَ أَيَّةَ وَصَايَا أَعْطَيْنَاكُمْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ. لأَنَّ هَذِهِ هِيَ إِرَادَةُ اللهِ: قَدَاسَتُكُمْ. أَنْ تَمْتَنِعُوا عَنِ الزِّنَا} ( 1تس 2:4-3). نعيش حسب ارادة الله منقادين بالروح القدس فى كل عمل صالح { لِكَيْ لاَ يَعِيشَ أَيْضاً الزَّمَانَ الْبَاقِيَ فِي الْجَسَدِ لِشَهَوَاتِ النَّاسِ، بَلْ لِإِرَادَةِ اللهِ } (1بط 4 : 2). وكما كان السيد المسيح فى حياته على الأرض يجول يدعو للتوبة ويكرز ببشارة الملكوت علينا أن نقتدى به ونتعلم منه { لأَنَّ هَكَذَا هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ أَنْ تَفْعَلُوا الْخَيْرَ فَتُسَكِّتُوا جَهَالَةَ النَّاسِ الأَغْبِيَاءِ} (1بط 2 : 15). وعلينا أن نتحلى بالتواضع والصبر لكي ننال المواعيد الثمينة { لأَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى الصَّبْرِ، حَتَّى إِذَا صَنَعْتُمْ مَشِيئَةَ اللهِ تَنَالُونَ الْمَوْعِدَ}(عب 10 : 36) فلا نفشل فى صنع الخير حتى أن تعرضنا للحروب { لأَنَّ تَأَلُّمَكُمْ إِنْ شَاءَتْ مَشِيئَةُ اللهِ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ خَيْراً، أَفْضَلُ مِنْهُ وَأَنْتُمْ صَانِعُونَ شَرّاً } (1بط 3 : 17). علينا أن نسلم حياتنا لله الأمين فى عمل الخير ونصبر لنقتني أنفسننا وننال الأجر السمائى والحياة الأبدية { فَإِذاً، الَّذِينَ يَتَأَلَّمُونَ بِحَسَبِ مَشِيئَةِ اللهِ فَلْيَسْتَوْدِعُوا أَنْفُسَهُمْ كَمَا لِخَالِقٍ أَمِينٍ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ} (1بط 4 : 19).

الأحد، 4 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 101- { رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ }

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ نحن رائحة المسيح الذكية { لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ لِلَّهِ، فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ} (2كو 2 : 15). وكلما كان لنا شركة مع المسيح وصلة دائمة وشبع بكلامه المحيي يظهر ذلك في كلامنا وسلوكنا وحياتنا ويحيا السيد المسيح فينا (غل 2 : 20). فالسيد المسيح غير منظور بالعين المجردة تظهر رائحته في المؤمنين باقوالهم وأعمالهم. ويجب أن نصلى ونعمل ليكون كل منا سبب بركة وحياة لمن حوله. هناك من يقبل كلامنا يتأثر بكرازتنا وسلوكنا ويؤمن ويخلص كما هناك من يرفض هذه المحبة ولا يؤمن فتكون دينونة عليه ويهلك. قبول كلمة الإيمان يتوقف على الناس، فكلمة الله لا تلزم بل هي تحث وتدفع للتفكير والإيمان. رائحة المسيح الذكية فينا يشتمها البعض فيتوب فتكون لهم رائحة حياة لحياة وتكون رائحة موت لمن لا يؤمن أو يقاوم الإيمان، كالشمس تخرج بنورها نباتات لها رائحة جميلة وتخرج من كوم النفايات رائحة كريهة. وهذا ما قيل عن المسيح شمس البر أنه وضع لسقوط وقيام كثيرين (لو 2 : 34). بينما أتى الرب يسوع المسيح لخلاص الناس جميعاً. هكذا كلمة الكرازة من يقبلها ويعمل بها يتحرر من الخطية بسلطانها فتكون له حياة، ومن لا يقبل كلمة الله ستكون كلمة الله دينونة له (يو 12 : 48).
+ أن البخور العطري يقدم في الكنيسة وهو يرمز إلى رائحة المسيح الذكية وللصلوات المقدسة المرفوعة لله فمثل قارورة الطيب الناردين الخالص كثير الثمن الذى تفوح رائحتها هكذا مات المسيح على خشبة الصليب وجرى منه دم وماء لكي يطهرنا من كل خطية ونغتسل من أثامنا، وأنتشرت من صليبه وإنجيله رائحة الخلاص في العالم كله. وعلينا أن نحيا كما يليق بانجيل المسيح وننقل ونكرز ببشري الخلاص ونخبر بكم صنع الرب معنا ورحمنا. وفي سبيل ذلك نحتمل الأتعاب ونحمل صليبنا بشكر وكما ان العطر يستخلص من الورود بالضغط والتعرض للألم، وزيت الزيتون ينتج من العصر وكما ينقى الذهب بالنار هكذا المؤمن كلما تعرض للتجارب والضيقات وحمل الصليب فان رائحة المسيح الطيبة منه تفوح ويظهر صبره وقوة تحمله كما الشهداء والمعترفين.
+ نحن مخلوقين لأعمال حسنة خلقها الله لنسلك فيها ليضيء بها نورنا قدام الناس لكي يروا أعمالنا الحسنة ويمجدوا أبانا الذي في السموات. فلنسير زمان غربتنا بخوف في محبة الله ونكون بسلوكنا وأعمالنا وتصرفاتنا رائحة المسيح الذكية.أن المؤمنين هو رائحة المسيح الذكية بنقاوة سيرتهم وقلوبهم وبكلامهم الطيب فهم الصورة الحلوة لمسيحهم القدوس. يقدموا الأبتسامة الصادقة للجميع والكلمة المشجعة والمحبة الصادقة ويجولوا يصنعوا خير كرسل سلام يتبعوا السلام مع الجميع ويحبوا الجميع محبة صادقة { وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً }(اف 5 : 2). تمتد محبة المسيحي حتى لمحبة الأعداء لكي نكون ابناء لابينا السماوى { أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لاَعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ وَصَلُّوا لأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ. لِكَيْ تَكُونُوا أَبْنَاءَ أَبِيكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ فَإِنَّهُ يُشْرِقُ شَمْسَهُ عَلَى الأَشْرَارِ وَالصَّالِحِينَ وَيُمْطِرُ عَلَى الأَبْرَارِ وَالظَّالِمِينَ.} (مت 44:5-45). أن وداعة الشهداء وشجاعتهم في مواجهة الآلام والموت كانت ومازالت باعث لنشر الإيمان كما ان وداعة وتواضع ومحبة المؤمنين تجعلهم رائحة المسيح الذكية كانوار تضئ في برية هذا العالم { شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ }(2كو2 : 14)
+ عندما سألوا السيد المسيح عن جواز اعطاء الجزية لقيصر أم لا؟ فقال { أَعْطُوا مَا لِقَيْصَرَ لِقَيْصَرَ وَمَا لِلَّهِ لِلَّه} (مر 12 : 17). وعلينا أن نستخدم المال والاشياء التى في العالم لمجد الله أما نحن كصورة الله خلقنا على صورته ومثاله ويجب أن نكون لله, نحن رائحة المسيح لله والبخور يجب أن يستخدم في الكنيسة بقلب طاهر فقط في الصلوات التى تقام لله ونحن اشترانا المسيح بدمه، فنحن ملك الله. فمجدوا الله في أرواحكم وأجسادكم التي هي لله. نحن رائحة المسيح الذكية مادمنا في المسيح والمسيح فينا هو يعطينا النور ويبث فينا الحكمة والنعمة والقوة ما دمنا متصلين بالتيار الإلهي فتشرق فينا شمس البر والشفاء في أجنحتها. فلنشكر الله لانه جعلنا رائحة الذكية تفوح من حولنا ونصلى لتكون لهم رائحة حياة وخلاص وبركة، أمين .

الجمعة، 2 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 100- { أَنْتُمْ أَحِبَّائِي }


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ كل إنسان يريد أن يكون محبوب ومحب، ولن نجد محبة مثل محبة الله لنا. فمحبة الله غير محدودة وغير مشروطة وليس شئ يحد عمق محبته للبشر. محبة الله تتجلى لنا من خلال تجسد أبنه الوحيد يسوع المسيح ربنا وتنسكب علينا بالروح القدس. { بِهذَا أُظْهِرَتْ مَحَبَّةُ اللهِ فِينَا: أَنَّ اللهَ قَدْ أَرْسَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ إِلَى الْعَالَمِ لِكَيْ نَحْيَا بِهِ} (1يو4:9). خلال تجسد الأبن الكلمة والفداء أعلن لنا الله محبته الغافرة والمحرره { لأَنَّهُ هكَذَا أَحَبَّ اللهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَم}( يو 3: 16-17(. ونحن بعد خطاه وأشرار مات المسيح عنا وقام من أجل تبريرنا {لأَنَّ الْمَسِيحَ، إِذْ كُنَّا بَعْدُ ضُعَفَاءَ، مَاتَ فِي الْوَقْتِ الْمُعَيَّنِ لأَجْلِ الْفُجَّارِ. فَإِنَّهُ بِالْجَهْدِ يَمُوتُ أَحَدٌ لأَجْلِ بَارّ. رُبَّمَا لأَجْلِ الصَّالِحِ يَجْسُرُ أَحَدٌ أَيْضًا أَنْ يَمُوتَ.وَلكِنَّ اللهَ بَيَّنَ مَحَبَّتَهُ لَنَا، لأَنَّهُ وَنَحْنُ بَعْدُ خُطَاةٌ مَاتَ الْمَسِيحُ لأَجْلِنَا. فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُتَبَرِّرُونَ الآنَ بِدَمِهِ نَخْلُصُ بِهِ مِنَ الْغَضَبِ! لأَنَّهُ إِنْ كُنَّا وَنَحْنُ أَعْدَاءٌ قَدْ صُولِحْنَا مَعَ اللهِ بِمَوْتِ ابْنِهِ، فَبِالأَوْلَى كَثِيرًا وَنَحْنُ مُصَالَحُونَ نَخْلُصُ بِحَيَاتِه} (رو5: 6- 10).
+ من محبة الله لنا أنه جعلنا أبناء وبنات له بالإيمان وبسر العماد المقدس نولد من فوق، من الماء والروح { اُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ. أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، الآنَ نَحْنُ أَوْلاَدُ الله) { 1يو ٣ :١-٢).{ لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ }(غل 3 : 26). أن المؤمن الذى يحب الله لا تستطيع قوة أن تفصله عن محبة الله التى فى المسيح يسوع. وتتجلي محبة الله لنا عندما نبادله المحبة ونحفظ وصاياه ونعمل بها { أَنْتُمْ أَحِبَّائِي إِنْ فَعَلْتُمْ مَا أُوصِيكُمْ بِهِ}(يو 15 : 14). الله يكشف أسراره لأحبائه، وعلينا أن نسأل الله يوما فيوم ماذا تريد يارب ان نفعل؟ ونصنع أرادة الله فيقودنا ويرعانا كراعي صالح ويكون فردوس لنفوسنا وصديق شخصي لنا وفرح لنفوسنا الباحثة عن الحب والحياه والفرح. هكذا راينا فى كل جيل رجالا ونساء نموا فى معرفة الله ومحبته لتكون لهم عشره وصداقة واتحاد بالله. اصبح كل واحد منهم يحس بالحضور الالهي والحديث المتبادل حتى فى العمل اليومي البسيط كما في الأمور الهامة والصلاة الدائمة والعشرة الصادقة مع الله تتأصل محبة الله فينا وندرك عمق محبته لنا.
+ الله يريد مننا طاعته وحفظ وصاياه كابناء، فالتمرد هو جحود لمحبة الله ورفض لصداقته {الذى عنده وصاياي ويحفظها فهو الذى يحبني والذى يحبني يحبه ابى وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21) نحن لا نحب باللسان والكلام بل بالعمل والحق نحن مدعوين اذن لطاعة الله وحفظ وصاياه والعمل بها ومدعوين ان ننكر ذواتنا ونحمل الصليب كل يوم ونتبعه. ننسى ما وراء ونمتد الى ما هو قدام طالببن منه ان يجذبنا بربط المحبة {من يتقي الرب يحصل على صداقة صالحة لان صديقه يكون نظيره }(سير 6 : 17). من محبتنا لله نبتعد عن طرق إبليس والخطية التي تمثل عائق لقبولنا لمحبة الله، فالانسان الخاطئ يهرب من الله ولا يريد ان يلتقى به، الابن الضال فى طلبه نصيبه من ثروة ابيه ذهب الى الكورة البعيدة ليبذر ماله فى عيش مسرف ولكنه جاع ولم يجد مثل قلب الله الابوي فرجع اليه وعلينا ان نعلم ان آبار العالم المشققة لا تضبط ماء ولا تعطى شبع أو ارتواء. وان الله يبقى أمينا وصادق وصديق يستقبل الخاطئ بالاحضان الأبوية دون توبيخ أو تعنيف او لوم ويريد ان يملأ قلوبنا فرحا وهو يدعونا ان نستريح فيه { تعالوا الي يا جميع المتعبين والثقيلي الاحمال وانا اريحكم} (مت 11 : 28). وبمحبتنا لله نعيش لا لانفسنا، بل للذي مات لأجلنا وقام { وَهُوَ مَاتَ لأَجْلِ الْجَمِيعِ كَيْ يَعِيشَ الأَحْيَاءُ فِيمَا بَعْدُ لاَ لأَنْفُسِهِمْ، بَلْ لالَّذِي مَاتَ لأَجْلِهِمْ وَقَامَ } (2كو 5 : 15).

الخميس، 1 أكتوبر 2015

فكرة لليوم وكل يوم 99- { أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ.}


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ مثل الأغصان في الكرمة كتشبيه لعلاقة المؤمنين بالمسيح وعلاقة السيد المسيح بالآب من أجمل أمثال السيد المسيح كمنهج الرب يسوع المسيح فى الأنتقال بالفكر العميق من الأمور الحياتية والمادية من حولنا الي الفكر الروحي العميق. الكرمة هي الاساس الذى يحمل الأغصان لان جذورها في الارض ومنها تتفرع الاغصان، والسيد المسيح هو الاساس ومنه يتفرع المؤمنون كاغصان وعلينا الثبات فيه والاتصال به لكي نبقي أحياء وأن نداوم على التغذية من عصارة الكرمة الحقيقية ومن الأسرار المقدسة والصلاة كصلة دائمة بالله والأنقياد لروحه القدوس والتأمل فى كلامه المحيي الذى ينقي الفكر والقلب والروح. فلا حياة ولا ثمر للغصن بدون الكرمة ولا حياة أبدية ولا ثمر روحي لنا بدون الله. حياة السيد المسيح تنتقل إلينا كما تنتقل حياةُ الكرْمة إلى أغصانها. فيسوع المسيح ربنا هو الكرْمة, والمؤمنين به هم الأغصان. المسيحيُّون يتَّحدوا بيسوع ويستمدُّون حياتهم الروحيَّة منه { أَنَا الْكَرْمَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَبِي الْكَرَّامُ. كُلُّ غُصْنٍ فِيَّ لاَ يَأْتِي بِثَمَرٍ يَنْزِعُهُ، وَكُلُّ مَا يَأْتِي بِثَمَرٍ يُنَقِّيهِ لِيَأْتِيَ بِثَمَرٍ أَكْثَرَ. أَنْتُمُ الآنَ أَنْقِيَاءُ لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ. كَمَا أَنَّ الْغُصْنَ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَأْتِيَ بِثَمَرٍ مِنْ ذَاتِهِ إِنْ لَمْ يَثْبُتْ فِي الْكَرْمَةِ، كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً إِنْ لَمْ تَثْبُتُوا فِيَّ. أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ. الَّذِي يَثْبُتُ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ هَذَا يَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ، لأَنَّكُمْ بِدُونِي لاَ تَقْدِرُونَ أَنْ تَفْعَلُوا شَيْئاً.} (يو1:15-5). نحن بالإيمان نستطيع كل شئ وبدون المسيح نحن عاجزون عن القيام بأيِّ عمل صالح.
+ أشجار الكروم من الأشجار المتعددة الفوائد أنها تظلل في البيوت وتقي من الحر، وأوراقها الخضراء تُجمع ويحشونها كما أن ثماره تؤكل عنب طازج ويجفف زبيب ويُصنع منه مربي طيبة المذاق ويُشرب عصيراً ويُخمّر نبيذاً وحتى ولو تلف العصير يصبح خل مفيد وصحى، فعندما اختار السيد المسيح هذا المثل ليس عبثاً، بل يريد أن يقول لنا بأنه مصدر حياتنا ونمونا وبه نثمر ثمار البر والتقوى وكأغصان فيه يجب أن نفرح قلب الله وقلب الانسان، بأن نكون بالفعل مفيدين نافعين علي كل حال، فنظلل علي من حولنا ونكون ذوى فائدة لمن حولنا في الاسرة والكنيسة والمجتمع. وعلينا أن لا نفقد رجائنا فى الله أو فى أحد، فحتى عندما يكون الغصن شبه يابس في الخريف والشتاء فهذا لا يعني بأنه ميت، ولكنه سرعان ما يعود الى الحياة ويخضر ويعطي الثمار، فالمهم في نهاية الامر هو اتصال الغصن بالكرمة التي يأخذ منها الحياة وإلا فمصيره الموت والنار. علينا أذن مسؤولية والتزام شخصي بترجمة ايماننا الي حياة واعمال صالحة { وَلَكِنْ هَلْ تُرِيدُ أَنْ تَعْلَمَ أَيُّهَا الإِنْسَانُ الْبَاطِلُ أَنَّ الإِيمَانَ بِدُونِ أَعْمَالٍ مَيِّتٌ؟ }(يع 2 : 20). نحن لا نحب الله بالكلام بل بالعمل والحق{ لاَ نُحِبَّ بِالْكَلاَمِ وَلاَ بِاللِّسَانِ، بَلْ بِالْعَمَلِ وَالْحَقِّ! }(1يو 3 : 18) علاقتنا بالله تقوم على الايمان العامل بالمحبة وتتغذي بالصلاة، وتُبنى على الانجيل وتترسخ بالاستماع لكلام الله، وتتقوى بالأسرار المقدسة وتنمو في ظلال الكنيسة وبالاتحاد بجماعة المؤمنين.
+ علينا أن نحترس لان الغصن الذى لا يأتى بثمر يقطع ويلقى فى النار. الآب ينزع الغصن عديم الثمر (أش1:5-6). لان الغصن عديم الثمر يعطل نمو الكرمة فهو يأخذ من عصير الكرمة دون فائدة بل يحرم الغصن المثمر. فعلينا أن نبتعد عن كل نجاسة وشر ونجاهد بالصبر ونصلى وننقب ونبتعد عن كل نجاسة وخطية وشبه شر ونقبل التقليم والتأديب ونتوب عن كل خطية ونحيا حياة التقوى فى جهاد روحي لكي نتنقى ونأتى بثمر أكثر ومن يأتي بثمر ينقيه الله ليأتى بثمر أكثر { إِنْ كُنْتُمْ تَحْتَمِلُونَ التَّأْدِيبَ يُعَامِلُكُمُ اللهُ كَالْبَنِينَ. فَأَيُّ ابْنٍ لاَ يُؤَدِّبُهُ أَبُوهُ؟ }(عب 12 : 7). لدينا وعد الله يطمئننا قائلا { أنتم الآن أنقياء لِسَبَبِ الْكَلاَمِ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ. اُثْبُتُوا فِيَّ وَأَنَا فِيكُمْ.} أن الرب يسوع المسيح يريدنا مثمرين ويثمن كأس الماء البارد الذى نقدمه من أجله. كما أن كلمة المسيح تنقى من يقرائها وهي كسيف ذو حدين، بحدها الأول تنقي وتقدس فتحيي وكأنها تَلِدْ الإنسان من جديد (1بط23:1) وبحدها الثاني تدين من لا يعمل بها (يو22:5، 48:12) فإن لم تأتي كلمة الله بثمر تكون هذه الكلمة للدينونة (رؤ12:2،16، عب12:4) وكلما نهتم بكلمة الله في حياتنا نزداد نقاوة. فكلمة الله حية وفعالة ولها قوة على التنقية. فى المعمودية نموت مع المسيح ونقوم متحدين به (رو3:6-5) وحين نتحد به تكون لنا حياته {لي الحياة هي المسيح} (في23:1) { مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20:2) وحين تكون لي الحياة هي المسيح فهو يستخدم أعضائنا كآلات بر (رو13:6) وإذا كنت ثابتاً في المسيح. ولي حياة المسيح فأنا غصن مثمر. وحياة المسيح فيّ تعطيني قوة لكي نثبت فيه ويعمل فينا بروحه القدوس ويمنحهنا الروح نعمته ويملأنا من ثماره.
{ أَنَا الْكَرْمَةُ وَأَنْتُمُ الأَغْصَانُ.}
كرمة خصبة بتنمو فيها دايما الأغصان
عايزنى أكون ربى ثابت فيه فى كل زمان
أتغذى بعصارة نقيه ومعاه أكون فى أمان
ثابت في حبه وبقربه ومعاه أحيا شبعان
كلامه ينقي قلبي ومعاه أنا دائما فرحان
بثمارى الحلوه أفرح غيرى وثمري يبان
حبي لربي يملك قلبي ومعاه أحيا بالإيمان