نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الاثنين، 6 أغسطس 2018

كرامة القديسة مريم العذراء-2 السيدة العذراء في طقس الكنيسة




للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
القديسة مريم العذراء  تكرمها الكنيسة وتقدرها فهي أرفع من السمائين وأجل من الشاروبيم، وأفضل من السيرافيم، وأعظم من طغمات الملائكة الروحانيين. كنيستنا القبطية تقدم للعذراء مريم تطوبياً وافراً وتمجيداً لائقاً بكرامتها السامية. وإذ نتتبع صلوات التسبحة اليومية ومزامير السواعى والقداس الإلهى نجد تراثاً غنياً من التعبيرات والجمل التى تشرح طوباويتها وتذكر جميع الأوصاف التى خلعتها عليها الكنيسة، وهى مأخوذة عن أصالة لاهوتية، وكلها من وضع آباء قديسين ولاهوتيين، استوحوها من الله، ومن رموز ونبوات العهد القديم، التى تحققت فى شخصية العذراء.
1- القديسة مريم فى صلوات التسبحة

 تعطي الكنيسة القبطية اهتماما خاصا بالتسبيح، بكونه تعبيرا عن طبيعة الكنيسة السماوية، تتقبلها خلال اتحادها بالسيد المسيح المقام من الأموات. فمن القرون الأولى وضعت تسابيح خاصة بكل يوم من أيام الأسبوع، تقدمها الكنيسة ذبيحة حب، يرفعها المؤمنون من أجل انطلاق قلوبهم للسماء، استعدادا مستمرا خلال الأسبوع للتمتع بالشركة في القداس الإلهي. هذه التسابيح البسيطة العذبة استخدمت أيضا لتعليم الشعب المعتقدات الأرثوذكسية وحمايتهم من الهرطقات. هذا بجانب ما للاجتماع الكنسي اليومي للتسبيح من فاعلية لحفظ روح وحدة الكنيسة.
 كل تسبحة يومية تضم: الصلاة الربانية، صلاة الشكر، مجموعة من المزامير، مقتطفات من الكتاب المقدس، أربع هوسات أي تسابيح ولبش أي تفسير، كما تتضمن ثيؤطوكية خاصة باليوم أي تسبحة خاصة بتمجيد العذراء أي مخصصة لتمجيد والدة الإله .
وكانماذج نجد فى التسبحة  فى الأيام العادية تمجيداً لاسم السيدة العذراء فى بدء صلاة نصف الليل فى القطعة الخاصة بالقيامة نخاطبها قائلين: "كل الأفراح تليق بك يا والدة الآلة لأنه من قبلك أرجع آدم الى الفردوس ونالت الزينة حواء عوض حزنها"
ونطلب شفاعتها فى آخر لبشين (آى تفسير) الهوس الأول والثانى وكذا فى أول صلاة المجمع. وهناك ثلاثة ذكصولوجيات (آى تماجيد) خاصة بالعذراء تقال فى صلاة عشية ونصف الليل وباكر، تحوى كثير من التماجيد التى تمجد طوباويتها مثل: "زينة مريم فى السماويات العلوية عن يمين حبيبها تطلب منه عنا". وفى نهاية كل ذوكصولوجية نكمل: "السلام لك أيتها العذراء الملكة الحقيقة الحقانية السلام لفخر جنسنا لانك ولدت لنا عمانوئيل، نسألك اذكرينا أيتها الشفيعة الأمينة لدى ربنا يسوع المسيح ليغفر لنا خطايانا".
 لقد استخدمت الثيؤطوكيات عددا كبيرا من ألقاب القديسة مريم مأخوذة عن أعمالها المتباينة وامتيازاتها المختلفة، مثل:  "القبة الثانية"، قدس الأقداس، وعاء المن الذهبي، المنارة الذهبية، المجمرة الذهب. القديسة، غير الدنسة، العذراء الحقيقية، الحمامة الحسنة، الزهرة القديسة، الحجر الثمين.  الثيؤتوكوس، والدة عمانوئيل، أم الملجأ، أم القدوس، والدة الإله، والدة السيد، والدة الحبيب، أم يسوع المسيح، أم ابن الله. فرح حواء، بهجة الأجيال.فخر يهوذا، كرازة موسى، صديقة سليمان، ابنة يواقيم". "عليقة موسى المشتعلة، الحقل غير المفلح الذي انتج ثمرة الحياة، الكنز الذي اشتراه يوسف ووجد فيه اللؤلؤة المختفية، مرضعة ذاك الذي يقوت كل جسد، جبل (سيناء) العاقل، الجبل الذي رآه دانيال، الكاملة، الطاهرة، فرح الملائكة. أم المسيح، أم كل حي". "السماء الثانية، الباب الشرقي، أورشليم مدينة ربنا، الفردوس العاقل.العروس الطاهرة للعريس الطاهر، غير الفاسدة.التي بلا عيب، الإناء المختار، العبدة والأم. معمل الاتحاد غير المنفصل (بين اللاهوت والناسوت)."فخر كل العذارى، سماء جديدة، "الشفيعة الأمينة". والثيؤتوكيات غنية جدا بالرموز الخاصة بالقديسة مريم، مقتبسة من الكتاب المقدس، مع عرض لاهوتي بسيط وعميق لأعمال القديسة وامتيازاتها وعلاقتها بالثالوث القدوس والسمائيين والمؤمنين وكل الجنس البشري.
وخلال هذه التسابيح توضح الكنيسة سر التجسد وسر خلاصنا مع جوانب كثيرة من لاهوت السيد المسيح. من أمثلة ذلك:
+ فى ثيؤطوكية الأحد " الله الكلمة الذي صار إنسانا بغير افتراق، واحد من اثنين: اللاهوت القدوس غير الفاسد، والناسوت الطاهر، من غير زرع بشر، مساو لنا كالتدبير" .
+ وفي ثيؤطوكية الخميس نقول "  لم يزل إلها، أتي وصار ابن بشر، لكنه هو الإله الحقيقي، أتي وخلصنا". هذه الثيؤتوكيات في الواقع هي تسابيح ليتورجيا، تهيئنا روحيا للشركة في ليتورجيا الأفخارستيا (القداس الإلهي)، للتمتع بالتناول من المن الحقيقي، جسد ودم يسوع المسيح، ابن القديسة مريم. ومن الثيؤطوكيات نتكشف الأساس اللاهوتي الرئيسي في تكريم الأقباط للقديسة مريم ألا وهو أنها "ثيؤتوكوس" أي والدة الإله، هذا بجانب الجوانب الأخرى مثل دوام بتوليتها وصداقتها القوية للمؤمنين.
ومن رموز القديسة مريم في التسابيح القبطية:
1- خيمة الاجتماع: ثيؤتوكية الأحد تدعو القديسة مريم: "القبة الثانية وقدس أقداس خيمة الاجتماع الخ.. "من يقدر أن ينطق بكرامة القبة التي صنعها موسى على جبل سيناء؟! شبهوك بها، يا مريم العذراء، القبة الحقيقية،التي في داخلها الله".
2- تابوت العهد:
 فى ثيؤطوكية الأحد شبهت القديسة مريم بتابوت العهد المصنوع من الخشب الذي لا يسوس مغشى بالذهب من الداخل والخارج. "وأنت يا مريم العذراء، متسربلة بمجد اللاهوت من الداخل والخارج". تابوت العهد الذي يمثل حضرة الله، وبقى في بيت عوبيد آدوم ثلاثة شهور قبلما يحضره داود إلى بيته (2 صم 6)، والقديسة مريم الحاملة للرب نفسه بقيت ثلاثة شهور في مدينة اليهودية. كان حمل التابوت يبعث في الشعب فرحا، وجعل داود يرقص أمام الرب (2صم6، 1 آي 15: 29)، وهكذا وصول القديسة مريم بعث في اليصابات الفرح وركض الجنين –يوحنا المعمدان- في أحشاء أمه مبتهجا. حقا أن القديسة مريم هى تابوت الله الحقيقي والتي صارت سر فرح كل الخليقة.
3- غطاء التابوت:
 كان غطاء التابوت يسمى في العبرية "شكينا أو مسكن"، إذ كان يمثل كرسي الرحمة الخاص بالله، يظلله كاروبان. وكان الله يظهر بين الكاروبين في لون أزرق رمز السماء، ومن هناك أعتاد الله أن يتحدث مع موسى. القديسة مريم هي هذا الغطاء، رمز الكنيسة، حيث يجلس الله على عرش رحمته وسط شعبه.
+ فى  ثيؤطوكية الأحد
 كاروبا الذهب مصوران مظللان على الغطاء بأجنحتهما كل حين. يظللان على موضع قدس الأقداس في القبة الثانية. وأنت يا مريم ألوف ألوف وربوات ربوات يظللان عليك"مسبحين خالقهم،وهو في بطنك.هذا الذي أخذ شبهنا".
4- قسط المن
فى ثيؤتوكية الأحد نقول "أنت هي قسط الذهب النقي، المن الخفي في داخله، خبز الحياة الذي نزل إلينا من السماء، وأعطى الحياة للعالم... وأنت أيضا يا مريم حملت في بطنك، المن العقلي الذي أتى من الآب. ولدته بغير دنس، وأعطانا جسده ودمه الكريمين فحيينا إلى الأبد..."
في العهد القديم عال الله شعبه بالمن، أما الآن فيعطينا المن العقلي الذي نزل من السماء في أحشاء العذراء. وكما يقول الرب نفسه: "آباؤكم أكلوا المن في البرية وماتوا. هذا هو الخبز النازل من السماء لكي يأكل منه الإنسان. أن أكل أحد من هذا الخبز يحيا إلى الأبد. والخبز الذي أنا أعطي هو جسدي الذي أبذله من أجل حياة العالم" (يو6: 49-51). يليق بنا أن نعرف أن القديسة مريم لم تكن مجرد إناء، بل تقبل المن المخفي جسده منها.
5- المنارة الذهبية:
 +  في ثيؤطوكية الأحد ..  أنت المنارة الذهب النقي، الحاملة المصباح المتقد كل حين.  الذي هو نور العالم غير المقترب إليه... الذي تجسد منك بغير تغيير... كل الرتب العلوية لم تقدر أن تشبهك أيتها المنارة الذهبية...  الذي في بطنك يا مريم العذراء، أضاء لكل إنسان آت إلى العالم لأنه هو شمس البر، ولدته، وشفانا من خطايانا..."هكذا صارت القديسة مريم أعظم من كل الطغمات السمائية، لأنها حملت النور الحقيقي. أضاء ولم تستطع خليقة ما أن تعاين جوهره!
6- العليقة المتقدة نارا: فى ثيؤطوكية الخميس نسبح قائلين
"العليقة التي رآها موسى في البرية، والنار مشتعلة فيها ولم تحترق أغصانها، هي مثال مريم العذراء غير الدنسة، التي أتى وتجسد منها كلمة الآب. ونار لاهوته لم تحرق بطن العذراء. وأيضا بعدما ولدته بقيت عذراء." العليقة ليس فقط لم تحترق بل كانت مخضرة ومزهرة بجمال (حز3: 1- 3)؟
 كما جاء في الطقس الأرمني:
"أنت اشتعلت بالشمس كالعليقة ولم تحترقي، بل قدمت للبشر خبز الحياة، وتشفعت فينا لكي يغفر لنا المسيح خطايانا" وكما يقول القديس أفرام السرياني:  "حملت في أحشائها السيد المسيح، كعليقه جبل حوريب التي حملت الله في لهيبها".
 7- عصا هرون:
من ثيؤطوكية الاحد .." مرتفعة أنت بالحقيقة أكثر من عصا هرون، أيتها الممتلئة نعمة، ما هي العصا إلا مريم؟! لأنها مثال بتوليتها. حبلت وولدت بغير زرع بشر، ابن العلي، الكلمة الذاتي".  العصا التي بلا حياة أزهرت (عد 17: 8) رمزا للقديسة مريم التي أنجبت "الحياة".
8- سلم يعقوب: من  ثيؤطوكية الثلاثاء + أنت هي السلم الذي رآه يعقوب  ثابت على الأرض، ومرتفع إلى السماء، والملائكة نازلون عليه.
 قدمت لنا التسابيح اليومية رموز ومثالات أخرى للقديسة مريم مثل  مجمرة هرون، باب حزقيال، فلك نوح، مدينة الله، السحابة المنيرة التي يجلس عليها الله (أش 19)، أورشليم الجديدة إلخ...
2- القديسة مريم في القداس الإلهي:
 تحتل النصوص والتسابيح المريمية مركزا ساميا في ليتورجياتنا، وقد نظمت معانيها الروحية ونغماتها بطريقة جميلة تتفق مع المناسبات المختلفة.
  وفيما يلي أمثلة لمركز النصوص المريمية في بعض الليتورجيات القبطية: ففى رفع بخور عشية وباكر .. ترتل أرباع الناقوس بعد صلاة الشكر، وفيها تختلف الجمل، نرسل بها السلام للعذراء فى الأيام الواطس أو الآدام ثم نكمل: "... السلام لك يا مريم سلام مقدس السلام لك يامريم أم القدوس" وتصلى القطع التى تسبق قانون الايمان وأولها: السلام لك أيتها القديسة"
أ‌-     قبل تقديم الحمل يقال اللحن التالي:
 "السلام لمريم الملكة، الكرمة غير الشائخة، التي لم يفلحها فلاح، ووجد فيها عنقود الحياة!... ابن الله الحقيقي تجسد من العذراء... وجدت نعمة أيتها العروس، كثيرون نطقوا بكرامتك، لأن كلمة الأب تجسد منك! أنت هي البرج العالي، الذي وجدوا فيها الجوهرة..."
 يحمل هذا اللحن معاني تتناسب مع الموقف، فإن الكنيسة في هذه اللحظات تستعد لتقديم الحمل، بعد أن يختاره الكاهن وهو واقف عند الباب الملكي أي الباب السماوي، هذا الحمل هو الملك. لهذا فإن القديسة مريم في هذا اللحن تدعى الملكة، لتذكرنا بالملك السماوي، ابنها الذي بذل حياته لنكون واحدا مع هذه الملكة جالسين عن يمين الملك.  ودعيت أيضا بالعروس، لأن ليتورجيا الأفخارستيا في الحقيقة تمثل سر اتحاد العريس السماوي والكنيسة، تمثل سر الزيجة الروحية بين المسيح المصلوب ونفوسنا.  ولقبت أيضا بالبرج العالي، إذ استطاعت الدخول في الفردوس في استحقاق ابنها، تنتظرنا هناك.  وأخيرا فإن هذا اللحن خاص بسر التجسد الذي تحقق في أحشاء القديسة مريم، السر الذي يقودنا للتناول من جسد الرب ودمه الاقدسين.
 (ب) في أثناء تقديم البخور يترنم الشعب باللحن التالي:
 "المجمرة الذهب النقي، الحاملة العنبر، في يدي هرون الكاهن، يرفع بخورا فوق المذبح". وفي أيام الصوم يقال:
 "المجمرة الذهب هي العذراء، وعنبرها هو مخلصنا، ولدته وخلصنا، وغفر لنا خطايانا.
 وفي أيام الصوم الكبير يقال:
 "أنت هي المجمرة الذهب النقي، الحاملة جمر النار المبارك".
 تعلن هذه الألحان أن عملية تقديم البخور هي رمز لسر التجسد،إذ قدم الإله المتجسد نفسه عنا ذبيحة طيبة، مقبولة لدى الأب.
 (ج) عند تقديم البخور أمام أيقونة القديسة مريم، يقول الكاهن القبطي العبارات التالية:
"السلام لك أيتها الحمامة الحسنة، التي حملت الله الكلمة من أجلنا.
نعطيك السلام مع جبرائيل الملاك قائلين: السلام لكي أيتها الممتلئة نعمة،
الرب معك"."السلام لك أيتها العذراء، الملكة الحقيقية،
 السلام لفخر جنسنا" ولدت لنا عمانوئيل".
 "نسألك أيتها الشفيعة المؤتمنة أن تذكرينا أمام ربنا يسوع المسيح،
لكي يغفر لنا خطايانا".
 (د) قبل قراءة الأبراكسيس يقال:
 "السلام لك يا مريم، الحمامة الحسنة، التي ولدت لنا الله الكلمة!".
يرنم هذا اللحن الذي فيه توصف القديسة مريم كحمامة حسنة قبل قراءة فصل من سفر أعمال الكنيسة (أعمال الرسل)، لأن القديسة هي مثال الكنيسة التي بلا غصن التي تقبلت القداسة من يدي الله خلال يسوع المسيح، الإله المتجسد، هذا وأننا نلاحظ أن جميع الألحان المريمية التي ترنم خلال القراءات (قداس الكلمة) تركز على التجسد الإلهي، وكأننا لسنا فقط نسمع عن كلمة الله المقروءة بل نتقبل الكلمة كشخص يسكن في نفوسنا كما يسكن في أحشاء القديسة.
 (ه) بعد صلاة الصلح، عادة يقال اللحن التالي:
 "أفرحي يا مريم العبدة والأم، لأن الذي في حجرك، الملائكة تسبحه. والشار وبيم يسجدون له باستحقاق، والسيرافيم بغير فتور. ليس لنا دالة، عند ربنا يسوع المسيح، سوى طلباتك وشفاعتك يا سيدتنا كلنا، يا والدة الإله". هكذا إذ تمت المصالحة التي تحققت بالمسيح يسوع، صارت مريم مثالا للكنيسة، لها أن تفرح.كما نطلب شفاعتها عنا، خلال المصالحة التي صنعها يسوع!.
 (و) بعد تقديس القرابين إذ تتحد الكنيسة في المسيح يسوع نذكر القديسين لكي يسندوننا بصلواتهم. وكان طبيعيا أن نذكر القديسة مريم في مقدمة كل القديسين:  "وبالأكثر العذراء كل حين، والدة الإله، القديسة المملؤة مجدا،الطاهرة مريم،التي ولدت لنا الله الكلمة".
 (ز) وفي صلوات مجمع القدس الباسيلي
عند التناول من الأسرار المقدسة، يقال لحن (بي أويك) أي "الخبز":
 "خبز الحياة الذي نزل إلينا من السماء، وهب الحياة للعالم. وأنت أيضا يا مريم، حملت في بطنك المن العقلي الذي أتى من الأب". ولدته بغير دنس، وأعطانا جسده ودمه الكريم، فحيينا إلى الأبد".
3- فى مزامير السواعى:
رتبت الكنيسة فى صلاة الأجبية قطعاً مختارة بعد إنجيل كل ساعة فى نظام دقيق، تختص القطعة الثالثة دائماً بطلب شفاعات العذراء. وفى بعض هذه القطع تلقب العذراء بأنها الكرمة الحقيقية الحاملة عنقود الحياة، والممتلئة نعمة، سور خلاصنا الحصن المنيع غير المنثلم، باب الحياة العقلى.
بعد هذا العرض السريع للترتيب الكنسى الخاص بالسيدة العذراء، نلاحظ مقدار الغنى والوفرة فى الصلوات والتسابيح المخصصة لتطويب وتمجيد العذراء مريم، كام وشفيعة لنا تربطنا بها علاقة وعشرة محبة ووفاء والتصاق بواقعنا اليومي لتنطلق قلوبنا وألسنتنا على الدوام، لنمجد هذه التى قالت عن نفسها: "هوذا منذ الآن جميع الأجيال تطوبنى".

الأحد، 5 أغسطس 2018

كرامة القديسة مريم العذراء -1



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

1- كرامة القديسة مريم وصية الكتاب المقدس
تكرم كنيستنا القبطية الأرثوذكسية القديسة مريم العذراء كوصية الكتاب المقدس فهي التي تطلع الأب من السماء فلم يجد من يشبهها، فارسل أبنه الوحيد أتي وتجسد منها كقول رئيس الملائكة غبريال المبشر لها { فَقَالَ لَهَا الْمَلاَكُ: «لاَ تَخَافِي يَا مَرْيَمُ لأَنَّكِ قَدْ وَجَدْتِ نِعْمَةً عِنْدَ اللهِ. وَهَا أَنْتِ سَتَحْبَلِينَ وَتَلِدِينَ ابْناً وَتُسَمِّينَهُ يَسُوعَ. هَذَا يَكُونُ عَظِيماً،وَابْنَ الْعَلِيِّ يُدْعَى، وَيُعْطِيهِ الرَّبُّ الإِلَهُ كُرْسِيَّ دَاوُدَ أَبِيهِ، وَيَمْلِكُ عَلَى بَيْتِ يَعْقُوبَ إِلَى الأَبَدِ، وَلاَ يَكُونُ لِمُلْكِهِ نِهَايَةٌ».فَقَالَتْ مَرْيَمُ لِلْمَلاَكِ: «كَيْفَ يَكُونُ هَذَا وَأَنَا لَسْتُ أَعْرِفُ رَجُلاً؟»  فَأَجَابَ الْمَلاَكُ وَقَالَ لَهُ: «اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ،و َقُوَّةُ الْعَلِيِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ.}( لو 30:1-35)  ولهذا قالت العذراء فى الإنجيل (فَهُوَذَا مُنْذُ الآنَ جَمِيعُ الأَجْيَالِ تُطَوِّبُنِى) (لو 48: 1). وعبارة "جَمِيعُ الأَجْيَالِ"  تعنى أن تطويب العذراء هو عقيدة كتابية استمرت منذ البشارة بالميلاد وستبقى إلى آخر الزمان. ولعل من عبارات إكرام العذراء التى سجلها الكتاب أيضاً قول القديسة أليصابات لها { فَمِنْ أَيْنَ لِى هَذَا أَنْ تَأْتِىَ أُمُّ رَبِّى إِلَىَّ؟ فَهُوَذَا حِينَ صَارَ صَوْتُ سَلاَمِكِ فِى أُذُنَىَّ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ بِابْتِهَاجٍ فِى بَطْنِى} (لو 43: 1-44). والعجيب هنا فى عظمة العذراء، أن مجرد سلامها علي اليصابات جعل يوحنا المعمدان جنيناً يبتهج ويرتكض في بطن أمه ( فَلَمَّا سَمِعَتْ أَلِيصَابَاتُ سَلاَمَ مَرْيَمَ ارْتَكَضَ الْجَنِينُ فِى بَطْنِهَا وَامْتَلأَتْ أَلِيصَابَاتُ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ} (لو 41: 1). ومجرد سماعها صوت القديسة العذراء، جعلها تمتلئ من الروح القدس وتعبر عن إيمانها بان العذراء ستلد الأبن الكلمة المتجسد. فلا توجد امرأة تنبأ عنها الأنبياء واهتم بها الكتاب مثل مريم العذراء، فقد جاءت رموز ونبوات عديدة عنها في العهد القديم. ونحن من حياتها وفضائلها نتعلم ونقتدي ومن تسبحتها والمعجزات التي تحدث للمؤمنين بشفاعتها نحبها ونكرمها ونطلب معونتها لنا فى جهادنا الروحي .
فما أكثر التمجيدات والتأملات التي وردت عن العذراء في كتب الأباء. وما أمجد الألقاب التي تلقبها بها الكنيسة، وكلها مستوحاة من روح الكتاب. إنها أمنا كلنا وسيدتنا كلنا وفخر جنسنا الملكة القائمة عن يمين الملك العذراء الدائمة البتولية، الطاهرة المملوءة نعمة القديسة مريم، الأم القادرة المعينة الرحيمة أم النور، أم الرحمة والخلاص، الكرمة الحقانية. هي التي ترفعها الكنيسة فوق مرتبة رؤساء الملائكة فنقول عنها في تسابيحها و ألحانها: علوت يا مريم فوق الشاروبيم وسموت يا مريم فوق السارافيم.
+ العذراء لم تنل الكرامة فقط من البشر، وإنما أيضاً من الملائكة. وهذا واضح فى تحية الملاك جبرائيل لها بقوله { سَلاَمٌ لَكِ أَيَّتُهَا الْمُنْعَمُ عَلَيْهَا! اَلرَّبُّ مَعَكِ. مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِى النِّسَاءِ} (لو 28: 1). ونلاحظ أن أسلوب مخاطبة الملاك للعذراء فيه يظهر الأكرام للعذراء  أكثر من أسلوبه فى مخاطبة زكريا الكاهن {لاَ تَخَفْ يَا زَكَرِيَّا لأَنَّ طِلْبَتَكَ قَدْ سُمِعَتْ وَامْرَأَتُكَ أَلِيصَابَاتُ سَتَلِدُ لَكَ ابْناً وَتُسَمِّيهِ يُوحَنَّا} (لو 13: 1).
+ ونبوءات كثيرة فى الكتاب عن القديسة مريم العذراء، ومنها نبؤة أشعيا النبي عن الميلاد البتولي للعذراء وان المولود منها هو عمانوئيل  { ولكن يعطيكم السيد نفسه اية ها العذراء تحبل وتلد ابنا وتدعو اسمه عمانوئيل} (اش 7 : 14) { بَنَاتُ مُلُوكٍ بَيْنَ حَظِيَّاتِكَ. جُعِلَتِ الْمَلِكَةُ عَنْ يَمِينِكَ بِذَهَبِ أُوفِيرٍ"}(مز 9: 45). وفى نفس المزمور يقول عنها الوحى الإلهى {كُلُّ مَجْدٌ ابْنَةُ الْمَلِكِ فِى خِدْرِهَا. مَنْسُوجَةٌ بِذَهَبٍ مَلاَبِسُهَا" (مز 13: 45). فهى إذن ملكة ولذلك فإن الكنيسة القبطية فى أيقوناتها الخاصة بالعذراء، تصورها كملكة متوجة، وتجعل مكانها باستمرار عن يمين السيد المسيح له المجد. والكنيسة تمدح العذراء فى ألحانها قائلة (نساء كثيرات نلن كرامات. ولم تنل مثلك واحدة منهن). وهذه العبارة مأخوذة من الكتاب (أم 29: 31). السيدة العذراء هى مشتهي الأجيال كلها، فهى التى استطاع نسلها أن يسحق الشيطان "هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ" محققاً أول وعد لله بالخلاص (تك 15: 3). والعذراء من حيث هى أم المسيح، يمكن أن أمومتها تنطبق على كل ألقاب السيد المسيح. فالمسيح هو "النُّورُ الْحَقِيقِىُّ" (يو 9: 1). وهو الذى قال عن نفسه "أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ" (يو 12: 8). إذن تكون أمه العذراء هى أم النور. ومادام المسيح قدوساً (لو 53: 1) تكون هى أم القدوس ومادام هو المخلص، حسبما قيل للرعاة "أَنَّهُ وُلِدَ لَكُمُ الْيَوْمَ فِى مَدِينَةِ دَاوُدَ مُخَلِّصٌ هُوَ الْمَسِيحُ الرَّبُّ" (لو 11: 2). وحسب أسمه ( فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ (أى مخلص) لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ) (مت 21: 1). إذن تكون العذراء هى أم المخلص. ومادام المسيح هو الله (يو 1: 1، رو 5: 9، يو 28: 20). إذن تكون العذراء هى والدة الإله. ومادام هو الرب، حسب قول أليصابات عن العذراء "أُمُّ رَبِّى" (لو 43: 1). إذن تكون العذراء هى أم الرب. وبنفس القياس هى أم عمانوئيل (مت 23: 1) وهى أم الكلمة المتجسد (يو 14: 1).
2- كرامة القديسة مريم في الكنيسة القبطية ...
أن الكنيسة القبطية الأرثوذكيسة فى تكريمها للقديسة مريم العذراء جعلت شهر كيهك السابق لميلاد السيد المسيح مخصص لتسابيح التجسد الإلهي والسيد العذراء مريم بالحانه وتسابيحه ومداح كيهك المميزة، وفيه نكرم العذراء التي صارت والدة الإله فى االثيوطوكيات والمداح ونعطيها السلام ونطوبها ونطلب شفاعتها فى صلوات الأجبية فى القطعة الثالثة من كل صلاة بعد إنجيل كل ساعة من الصلوات وفي القداس الإلهي نطلب شفاعتها باستمرار ونعطيها السلام مع غبريال المبشر. كما أننا ندشن الكثير من الكنائس علي اسمها ونعيد لها سبعة أعياد.
أعياد الكنيسة للقديسة مريم العذراء:
كل قديس له في الكنيسة عيد واحد، هو يوم نياحته أو استشهاده وربما عيد أخر هو العثور علي رفاته أو معجزة حدثت باسمه أو بناء كنيسة له
لكن القديسة العذراء لها أعياد كثيرة جدا منها:
وهو يوم 7 مسري، حيث بشر ملاك الرب أباها يواقيم بميلادها ففرح بذلك هو وأمها حنة ونذرها للرب.
وتعيد له الكنيسة في أول بشنس.
وتعيد له الكنيسة يوم 3 كيهك وهو اليوم الذي دخلت فيه لتتعبد في الهيكل في الدار المخصصة للعذاري.
ومعها السيد المسيح ويوسف النجار وتعيد له الكنيسة يوم 24 بشنس.
وهو يوم 21 طوبة وتذكر فيه الكنيسة أيضا المعجزات التي تمت في ذلك اليوم وكان حولها الأباء الرسل ما عدا القديس توما الذي كان وقتذاك يبشر في الهند.
وهو يوم 21 من كل شهر قبطي، تذكار لنياحتها في 21 طوبة.
7- عيد صعود جسدها إلي السماء:
وتعيد له الكنيسة في يوم 16 مسري الذي يوافق 22 من أغسطس ويسبقه صوم العذراء (15 يوما).
8- عيد معجزتها (حالة الحديد):
وهو يوم 21 بؤونة ونذكر فيه معجزات في حل أسر القديس متياس الرسول ومن معه بحل الحديد الذي قيدوا به.
ونعيد أيضا لبناء أول كنيسة علي اسمها في فيلبي.
وكل هذه الأعياد لها في طقس الكنيسة ألحان خاصة وذكصولوجيات تشمل في طياتها الكثير من النبوءات والرموز الخاصة بها في العهد القديم.
علي قباب كنيسة العذراء وكان ذلك يوم 2 أبريل سنة 1968 واستمر لمدة طويلة ويوافق 24 برمهات تقريبا. وبالإضافة إلي كل هذا نحتفل طول شهر كيهك بتسابيح خاصة ومداح عن كرامة السيدة العذراء.
3- أمومة العذراء للمؤمنين....
وإن كانت العذراء هى أم المسيح، فمن باب أولى تكون أماً روحية لجميع المسيحيين. ويكفى أن السيد المسيح وهو على الصليب، قال عن العذراء للقديس يوحنا الرسول الحبيب { هُوَذَا أُمُّكَ} (يو 27: 19). فإن كانت أماً لهذا الرسول الذى يخاطبنا بقوله {يَا أَوْلاَدِى} (1يو 1: 2). فبالتالى تكون العذراء هى أم لنا جميعاً. وتكون عبارة (أختنا) التي يرددها بعض الطوائف لا تستحق الرد. فمن غير المعقول ولا المقبول أن تكون أماً للمسيح وأختاً لأحد المؤمنين باسمه..!
 إن من يكرم أم المسيح، إنما يكرم المسيح نفسه. أن آكرام الأب والأم هو أول وصية بوعد (أف 2: 6، خر 12: 20، تث 16: 5). أفلا نكرم العذراء أمنا وأم المسيح وأم أبائنا الرسل؟! هذه التى قال لها الملاك { اَلرُّوحُ الْقُدُسُ يَحِلُّ عَلَيْكِ، وَقُوَّةُ الْعَلِىِّ تُظَلِّلُكِ، فَلِذَلِكَ أَيْضاً الْقُدُّوسُ الْمَوْلُودُ مِنْكِ يُدْعَى ابْنَ اللهِ} (لو 35: 1). هذه التى طوبتها القديسة أليصابات بقولها { فَطُوبَى لِلَّتِى آمَنَتْ أَنْ يَتِمَّ مَا قِيلَ لَهَا مِنْ قِبَلِ الرَّبِّ} (لو 45: 1). والتى جميع الأجيال تطوبها. وعبارة { مُبَارَكَةٌ أَنْتِ فِى النِّسَاءِ}(لو 28: 1، 42: 1) التى قيلت لها من الملاك جبرائيل ومن القديسة أليصابات، تعنى أنها إذا قورنت بكل نساء العالم، تكون هى المباركة فيهم، لأنه لم تنل واحدة منهن مجداً نالته فى التجسد الإلهى. ولاشك أن الله قد اختارها من بين كل نساء العالم، لصفات فيها لم تكن تتوافر فى واحد منهن. ومن هنا يظهر علو مكانتها وإرتفاعها. لذلك لقبها إشعياء النبى بلقب (سحابة) أثناء مجيئها إلى مصر (إش 1: 19).
 أن الكنيسة تكرم العذراء لحلول الروح القدس ولأنها والدة الإله ولأنها دائمة البتولية، ولقداستها وشهادة الكتاب عنها، ولأن الرب نفسه قد أكرمها كما تكرمها الكنيسة كذلك من أجل معجزاتها وظهوراتها المقدسة. وهذا التكريم يظهر فى طقس الكنيسة وتسابيحها وألحانها، وفى التشفع بالعذراء وذكرها فى صلواتنا، كما يظهر فى الاحتفال بأعياد كثيرة لها. وفى تقديس أحد أصومنا على اسمها.