نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الثلاثاء، 29 أغسطس 2017

شعر قصير - 57 - صوت يارب


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
(1)
صوتك يارب
بين الأصوات والأغراءات اللي حولينا هي كثيرة
نسمع أصوات مزعجه أوقاسية ومرات تكون مثيرة
أصوات تجيب الأضطراب أو أكتئاب أو حتى حيرة
صوتك يارب هادى وديع بحب أسمعه وأكون أسيرة
صوتك يشجع نفسي يارب ويديها فى الحسني غيرة
صوتك بيهدي خطوتي ويجعل حياتي حلوة ومنيرة
علي هدي صوتك سارت جموع وتركت قداسة السيرة
......
(2)
" حبك يارب"
أقول بحبك وأعترفلك في كل نبضه
وأحب أعيشلك حياتي في كل لحظه
وأشهد لمجدك وأخدمك ياربي برضه
دا أنت جمايلك وأحساناتك مغرقاني
وحبك يا ربي خلي حياتي شكل تاني
ملاء حياتي حب وسلام وملك كياني
ياللي بحبه لعالمي جه ومات وفداني
حبك يارب خلي لحياتي قيمة ومعاني
......
(3)
" غامرني بالحنان "
بيسالوني ليه بتحبه وبيه دائما فرحان؟
قلت نحبه زي حبه لينا ونعيش بالإيمان
دا بحبه لينا نزل من السماء وصار انسان
وأتصلب ومات ودفن ولفوه كمان بالاكفان
وهو حي بلإهوته لا يحده زمان ولا مكان
وقام وقال يا ابني كلي ليك خلاص وأمان
أديك حياتي وأطهرك من الخطية والادران
بروحي اعلمك ولك في السماء أحلي مكان
أزي يا ناس محبوش وهو غامرني بالحنان
.......
(4)
" الله المحب والحنان"
فى كل صباح يوم يجي عليّ جديد
محبة وحنان ربنا أشوفها تزيد
يقوليّ أنت ليّ أبن محبوب وفريد
بأجدد رحمتي وأرعاك بحب شديد
مادامت أنت ثابت وماسك فيّ الأيد
اللي تضبط الكون كله وترفع العبيد
وتدعوهم للبنوة والمجد والمواعيد
أنصرك وأفرحك مهما الحروب تزيد
......
(5)
" راسخ فى الإيمان"
خليك قوى وثابت راسخ فى الإيمان
لا تتأثر بتعاليم غريبة ولا بقول إنسان
أبني نفسك علي الصخرة فيثبت البنيان
أنت عزيز علي ربك وفي عيونه منصان
ولو هاج عليك الشر وأعوان الشيطان
أصرخ بتواضع لربك ونصرته ليك تبان
بصبرك تربح نفسك وتحيا معاه فرحان

الأحد، 27 أغسطس 2017

الأصغاء لصوت الله طرق سماع صوت الله (3)



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
1- الله يكلمنا بطرق متعددة ....
+ منذ أن خلق الله الإنسان وهو يعمل علي أن تكون لنا معرفة به وأن نسمع صوته ونعرفه ونطيعه ونحبه، لقد تحرك الله بالمحبة نحو البشرية ليتكلم معنا بطرق كثيرة { الله بعدما كلم الآباء بالانبياء قديما بأنواع وطرق كثيرة، كلمنا في هذه الايام الاخيرة في ابنه} (عب 1 : 1 ، 2) . لذلك يحث الروح القدس الناس على طاعة صوت الله عند سماعه ويدعونا الي قبوله {اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم}( عب 3 : 7 و 8). أليس الله هو الذي تكلم في بدء البشرية مع آدم (تك 3: 17)؟ وتكلم مع قايين ونوح وإبراهيم وإسحق ويعقوب وموسى وأشعياء وأرميا والأنبياء ؟ بل ويتحدث حتى مع الشخص الواحد ليس فقط مرة بل مرات كثيرة بطرق متنوعه تتناسب وفهمنا الروحي وأنفتاح بصيرتنا الداخلية. مستخدمًا كل وسيلة، لعلنا نسمع صوته، ونقبله ونتجاوب معه. يقول الوحي الإلهي: { كلمت الأنبياء وكثرت الرؤى وبيد الأنبياء مثلت أمثالاً} (هو 12: 10)، وجاء في النبي {اصغوا واسمعوا صوتي انصتوا واسمعوا قولي} (اش 28 : 23). تكلم بنفسه أو بواسطة ملائكة، أو بواسطة الأنبياء، وتكلم بواسطة مؤمنيه الأتقياء عندما ينطقوا بالحق. إنه يتكلم بطرق متنوعة، وبأوانٍ كثيرة، وفي العهد الجديد تكلم معنا في أبنه، كلمة الله، الواحد مع الآب. تجسد الابن لكي يقترب الينا ويعلن لنا ذاته ومحبته ووصاياه، حمل الصليب ليهبنا حق الدخول فيه، نازعا العداوة، وبقيامته صرنا كأبرارٍ، فيه نلتقي مع أبيه أباً لنا، لم يعد كلام الله مجرد وصايا نتقبلها لنطيعها، وإنما بالأكثر قبول للكلمة الإلهي وثبوت فيه وأتحاد به ويعلمنا بروحه القدوس داخلنا.
+ لقد أبلغ الأنبياء الصوت الإلهي للآباء بكونهم قنوات، لا فضل لهم سوى تبليغ الرسالة كما هي { استؤمنوا على أقوال الله} (رو 3: 2)، ويشهد السيد المسيح نفسه أن موسى والأنبياء تحدثوا عنه؛ أما السيد المسيح فهو الكلمة عينه، الحق بذاته، يعلن عن الآب بكونه واحدًا معه في الجوهر، لهذا قال { ليس أحد يعرف الابن إلاَّ الآب، ولا أحد يعرف الآب إلاَّ الابن ومن أراد الابن أن يعلن له} (مت 11: 37). في القديم كلم الله الآباء بالأنبياء، أما الآن فيكلمنا في ابنه. ماذا يعني الرسول بهذا؟ الله دائم الحديث معنا، يتحرك نحونا بحركة الإعلان عن حبه. يريد أن يتعامل معنا، فهو وإن كان مطلقًا فوق كل إدراك لكنه ليس عنا ببعيد، ولا بمعزل عنا، أنه يود إتحاد الإنسان معه لينعم بشركة أمجاده الأبدية. كلام الله معنا ليس ألفاظًا تقف عند سماع الأذن لها، إنما هو حياة فعّالة {لأن كلمة الله حية وفعالة، وأمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته. وليست خليقة غير ظاهرة قدامه} (عب4: 12, 13). حين تحدث الأنبياء مع الآباء قدموا رسائل إلهية مجيدة، أما وقد تحدث الآب إلينا في ابنه فإنه قدم لنا ابنه ذاته سرّ حياة وخلاص وقيامة. فالابن واحد مع أبيه يحمل فيه الآب على مستوى فريد ويحوينا نحن أيضًا داخله بتقديسنا بدمه، فنلتقي مع الآب فيه، نتعرف عليه وندخل إلى حالة إتحاد معه وشركة فائقة. حقًا لقد كان الروح القدس يهيء الأنبياء لقبول الرسالة الإلهية وتبليغها، لكن لم يكن ممكنًا للبشر أن يدخلوا إلى أعماقهم ليلتقوا بالآب. الابن الوحيد الجنس هو القادر وحده أن يصالحنا مع أبيه لنبقى معه وبه وفيه إلى الأبد.
2- سماع صوت الله من خلال الكتاب المقدس...
+ حين نقرأ في الكتاب المقدس نكون عمليا في حالة استماع الى صوت الله يكلمنا من خلال الكتاب. فاذا كنا نقرأ كلمة الله بروح الخشوع وبرغبة قلبية صادقة نحفظها في قلوبنا وننفذها في حياتنا العملية، سنكتشف اننا بالفعل نسمع صوت الله يرشدنا الى ما يجب عمله او تقريره في مواجهة اي ظرف من الظروف التي نتعرض لها. فعندما يهاجمنا ابليس بتجربة معينة، ثم تلمع في افكارنا الآية المناسبة التي تعيننا على مواجهة الموقف والانتصار على التجربة، نكون عمليا في حالة استماع لصوت الله. لذلك يقول الكتاب { لتسكن فيكم كلمة المسيح بغنى. وانتم بكل حكمة معلمون ومنذرون بعضكم بعضا بمزامير وتسابيح واغاني روحية بنعمة مترنمين في قلوبكم للرب} (كو 3 : 16). والرسالة الى العبرانيين يوبخ فيها من وصفهم بمتباطئي المسامع تجاه اقوال الله، بسبب عدم تغذيهم بلبن الكلمة، ويشجعهم على تناول طعام الكلمة المقدسة القوي لكي يصيروا بالغين روحيا، الامر الذي يجعل حواسهم مدربة على سماع اقوال الله والتمييز بين الخير والشر.
+ علينا أن نسمع صوت الله فى الإنجيل ونطيعه ونعمل به { هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من شحم الكباش} (1صم 15 : 22). وتكون لنا علاقة شخصية وعشرة حب مع الله ونتبعه بكل قلوبنا {خرافي تسمع صوتي، وأنا أعرفها فتتبعني} (يو 27:10). الخراف تسمع صوت راعيها وتميزه بين كل الأصوات وعندما تسمعه يأتوا مسرعين ليتناولوا الطعام من بين يديه أو يتبعوه. فأن أردنا معرفة وتمييز صوت الله فلا بد لنا من قضاء وقت معه وفي كلمته بصورة مستمرة ويومية. نحرص علي الصلاة، قراءة الكتاب ودراسته، والتأمل في كلمة الله يومياً. فكلما قضيت وقتاً مع الله وكلمته، كلما أصبح سهلاً عليك معرفة صوته وتمييز قيادته لأمور حياتك. أن موظفي البنوك يتدربو علي تمييز العملات المزورة وذلك بالتعمق في دراسة الأوراق المالية الحقيقية. وبالمثل، فعند دراستنا لكلمة الله وتعاليمه والتعمق فيها، يمكننا معرفة وتمييز صوت الله بوضوح عند سماعه وايضا عند قيادته لنا. فالله يتحدث لنا حتي نتفهم الحق. وبينما يتحدث الله أحياناً بصوت مسموع، فأنه غالباً ما يخاطبنا من خلال كلمته، وفي بعض الأحيان الأخري يقوم الروح القدس بتبكيت ضمائرنا من خلال ظروف معينة، بالعمل بما تعلمناه من الحق الموجود في كلمته وطاعتنا لوصاياه.
+ لقد سمع صموئيل صوت الله ولكنه لم يميزه وظنه صوت الكاهن الي أن أرشده عالي { ثم عاد الرب ودعا ايضا صموئيل فقام صموئيل وذهب الى عالي وقال هانذا لانك دعوتني فقال لم ادع يا ابني ارجع اضطجع. ولم يعرف صموئيل الرب بعد ولا اعلن له كلام الرب بعد. وعاد الرب فدعا صموئيل ثالثة فقام وذهب الى عالي وقال هانذا لانك دعوتني ففهم عالي ان الرب يدعو الصبي. فقال عالي لصموئيل اذهب اضطجع ويكون اذا دعاك تقول تكلم يا رب لان عبدك سامع فذهب صموئيل واضطجع في مكانه. فجاء الرب ووقف ودعا كالمرات الاول صموئيل صموئيل فقال صموئيل تكلم لان عبدك سامع.} (1صمو 6:3-10). عندما نستمع لصوت الله، كيف نميز انه هو الذي يتحدث الينا؟ يوجد لدينا ما لم يمتلكه صموئيل وجدعون، الا وهو الكتاب المقدس بأكمله، كلمة الله المقدسة النافعة للتعليم والتأمل. فهل لدينا سؤال عن موضوع معين أو قرار ما في حياتنا ؟ لابد من تأمل ما يقول الكتاب المقدس عن هذا الموضوع. فالله لن يقودنا أو يرشدنا بطريقة مخالفة لتعاليمه أو وعوده الموجودة في الإنجيل.
3- الروح القدس وسماع صوت الرب ....
+ لم يتركنا الله بلا رفيق فى الطريق، بل أعطنا روحه القدوس مرشداً ومعلماً حكيماً يقودنا ويخبرنا بكل تعاليمه ووصاياه { اما المعزي الروح القدس الذي سيرسله الاب باسمي فهو يعلمكم كل شيء و يذكركم بكل ما قلته لكم} (يو 14 : 26). الروح القدس هو روح الحكمة والحق الذى يخبرنا بالحق { واما متى جاء ذاك روح الحق فهو يرشدكم الى جميع الحق لانه لا يتكلم من نفسه بل كل ما يسمع يتكلم به ويخبركم بامور اتية. ذاك يمجدني لانه ياخذ مما لي ويخبركم.} (يو 13:16-14). وعلينا أن نحيا فى حياة التوبة والنقاوة الروحية لنمتلئ بالروح القدس ونستجيب لعمله داخلنا لاسيما عندما يبكتنا لنتوب عن خطية أو يحثنا علي عمل البر أو يشجعنا علي الصلاة والحياة مع الله فينبغي علينا أن نطيعه. ولا نتساهل مع الشر في حياتنا العملية حتى لا نحزن الروح القدس ونعطل الشركة التي تجمعنا مع روح الله فنفقد امكانية سماع صوته. ولنتذكر ان الروح القدس الذي فينا هو الذي يقدم صلواتنا الى الله ويشفع فينا كما يقول الكتاب { وكذلك الروح ايضا يعين ضعفاتنا. لاننا لسنا نعلم ما نصلي لاجله كما ينبغي. ولكن الروح نفسه يشفع فينا بأنات لا ينطق بها. ولكن الذي يفحص القلوب يعلم ما هو اهتمام الروح، لانه بحسب مشيئة الله يشفع في القديسين} (رو 8 : 26 ، 27). فلا يمكننا سماع صوت الله في حالة احزان الروح القدس. وعلى العكس من ذلك، فان انتعاش الروح فينا، ولا سيما في حالة التغذية المستمرة بكلمة الله، يجعلنا نميز تماما صوت الله كما يقول الكتاب ايضا { ما لم تر عين ولم تسمع اذن ولم يخطر على بال انسان ما أعده الله للذين يحبونه، فأعلنه الله لنا نحن بروحه. لان الروح يفحص كل شيء حتى اعماق الله. لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه؟ هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم نأخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله ... لانه من عرف فكر الرب فيعلمه. واما نحن فلنا فكر المسيح} ( 1كو 2 : 9-16.( نمونا الروحي يفتح امامنا آفاقا اوسع لفهم المشيئة الالهية والقبول بها، حتى ولو كانت استجابة الصلاة مغايرة لما نريده او نتمناه نحن. فالله الكلي الحكمة يعرف اكثر منا ما هو لازم ومفيد لنا، فان كنا نصغي اليه من خلال شركة الصلاة، ولا نسمح لضجيج رغباتنا وارادتنا الشخصية بل نصغي لصوته اللطيف الهادىء في أعماقنا، سنختبر ما اختبرته عروس سفر النشيد عندما قالت { صوت حبيبي. هوذا آت ...}
4- صوت الله من خلال المواقف والأحداث...
+ المؤمن له الأذن الروحية المدربة علي تمييز صوت الله وارادته وتنفتح بصيرته الروحية ويستجيب لصوت الله من خلال المواقف والأحداث التي يمر بها {هلم ايها البنون استمعوا الي فاعلمكم مخافة الرب} (مز 34 : 11). أن صوت الله لن يدعونا إلى شئ ضد وصاياه أو لعمل خطية أو أثم، فالله قدوس و يدعونا جميعاً للقداسة. لقد سمع الأنبا أنطونيوس لصوت الله وقد أتاه من حيث لا نتوقع مثل صوت المرأة التى نزلت لتستحم أمام الأنبا أنطونيوس، وعندما لامها علي ذلك قالت له لو كنت راهبا لذهبت للصحراء بعيداً فتعلم منها وقال هذا صوت الله لي وذهب إلى البرية الجوانية. كما أن صوت الله قد يأتى من خلال الأحداث التي نمر بها، كموت شخص عزيز كما حدث مع الأنبا بولا عندما راي ميت محمول علي الأكتاف وقد ترك ثروة كبيرة، فترك الخصومة و الارث مع أخيه، و صار أول المتوحدين. وقد يرسل الله صوته لنا على لسان أب الإعتراف، أو المرشدين الروحيين {طريق الجاهل مستقيم في عينيه . اما سامع المشورة فهو حكيم} (أم 12 : 15).
+ إن الله قد يرسل لنا صوته ولكن قد نحن نسد آذاننا عنه. فقد يكون الانسان محتارا فى كيفية إختيار شريكة لحياته، و يرسل له الله فتاة بها كل المواصفات الحسنة، و لكنه لا يبصرها لأنه متعلق بعلاقة عاطفية خاطئة وكثيرون يقولون له ذلك، ولكنه يعند مع الجميع ولا ينصت وقد يستمر فى الخطوبة بل والزواج أيضاً. ثم تأتى ساعة يتمنى فيها أن يفترق عنها، ويبدأ بصب جام غضبه على الكنيسة التى منعت الطلاق إلا لعلة الزنا. وكأن الكنيسة هى السبب فى سوء إختياره. أو أن يختار شاب عمل ما وهو يعلم أن هذا المكان فاسد ويقوده للعثرات، ولكنه يصر ويسد آذانه عن كل نصيحة يرسلها له الله على لسان الآخرين. علينا أن ننقاد لصوت الله ونطيعه ونرفض الأصوات التي تبعدنا عنه {هادمين ظنونا وكل علو يرتفع ضد معرفة الله ومستاسرين كل فكر الى طاعة المسيح} (2كو 10 : 5).
5- الصلاة وطاعة الله في حياتنا ....
+ الله لا يتركنا بل ويريدنا أن نعرف أرادته الصالحة لخلاصنا وحياتنا الأفضل وهو مستعد أن يعلنها لنا لاسيما عندما نطلب أرادته بروح الصلاة بتواضع قلب وطلب المعونة من رب المجد أن يرسل لنا صوته و يرشدنا لسماعه {قلب الانسان يفكر في طريقه والرب يهدي خطوته} (أم 16 : 9)، فلن يتوقف الانسان عن التفكير حيث إنه مخير، و لكن عليه باللجوء لله والطاعة لمشيئته حتى يهدى الله خطواتنا دون أن نفرض علي الله كيف يكلمنا وكيف يرسل صوته لكن أرادة الله معلنة لنا عامة ومكتوبة في ضمائرنا وفي كتابه المقدس لنعبده وحده ونحبه ونحفظ وصاياه وأن نحب حتى أعداؤنا، وأن نتوب عن خطايانا، وأن نكون قديسين كما هو قدوس. إن قوانين الله، سواء الموجودة في قلوبنا أو في الكتاب المقدس ملزمة لنا. فنحن نتحمل مسئولية عدم طاعتها. إن العلامة الحقيقية لبنوتنا لله هي سعينا أن نعرف ونعيش إرادة الله كما تعلنها كلمته والتي يمكن أن تلخص في "كُونُوا قِدِّيسِينَ لأَنِّي أَنَا قُدُّوسٌ" (1بط 1: 16). ونسعى لأن "ننقاد بالروح" الذى يقودنا إلى البر وإلى التغيير حتى يتمجد الله في حياتنا. { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2). نصلي لكي يغيرنا الروح القدس من خلال تجديد أذهاننا فتكون النتيجة عمل أرادة الله صالحة ومرضية وكاملة.
+ علينا أن لا نفرض أو نحدد لله شروط أو أوقات ليعرفنا أرادته أو يعلن لنا رايه فى موضوع ما كما جاء في سفر يهوديت حينما حاصر أليفانا قائد جيوش نبوخذ نصر مدينة أورشليم، إذ أن شعب الله قد شاروا على عزيا الكاهن أن يضعوا لله خمسة أيام حتى ينقذهم فيها أو يلجأوا للطرق البشرية. فما كان من يهوديت إلا أن قالت لهم { من انتم حتى تجربوا الرب؟ ليس هذا بكلام يستعطف الرحمة ولكنه بالاحرى يهيج الغضب ويضرم السخط. فانكم قد ضربتم اجلا لرحمة الرب وعينتم له يوما كما شئتم، و لكن بما ان الرب طويل الاناة فلنندم على هذا ونلتمس غفرانه بالدموع المسكوبة} (يهو 8: 11-14). فلا نضع لله حدوداً و نفرض عليه طرقنا البشرية ليسمعنا صوته كمن يفتح الكتاب المقدس كمن يفتح الكوتشينة وما إلى ذلك من الطرق البشرية فى فرض طريقة معينة على الله بل نفتح قلوبنا ونستجيب بارواحنا وعقولنا لصوت الله ولنتمم أرادته الكاملة الصالحة لخلاصنا.

السبت، 26 أغسطس 2017

الأصغاء لصوت الله - معوقات الأصغاء لصوت الله (2)


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
كثيرا ما يكلمنا الله ولكن لا نميز صوته أو نتعرف عليه أو نبتعد عنه أو حتى نرفضه. فان كنا حقا نريد أن نصغى لصوت الله ونعمل به فعلينا أن نزيل المعوقات التي تمنع أصغائنا لصوت الله وتمييزه وتكون لنا القلوب اللينة التي تصغي له ولها الرغبة الصادقة للعمل به { الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ} (عب 4 : 7). فما هي معوقات سماع صوت الله فى حياتنا.
1- المشغوليات وهموم الحياة والطمع ...
الكثير منا تشغلهم هموم الحياة ومشغولياتها عن سماع صوت الله، الكثير فكرهم ملئ بما يعرض فى الأنترنيت والموبيل والتلفزيون والأخبار ومشغولين بعلاقاتهم وأموالهم وهموم الحياة والبعض يقلق ويضطرب لمشكلات الحياة من حوله ولا يشاء أن يحيا فى هدوء ويرجع الي نفسه ويسمع صوت الله { والَّذِي سَقَطَ بَيْنَ الشَّوْكِ هُمُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ، ثُمَّ يَذْهَبُونَ فَيَخْتَنِقُونَ مِنْ هُمُومِ الْحَيَاةِ وَغِنَاهَا وَلَذَّاتِهَا، وَلاَ يُنْضِجُونَ ثَمَرًا.} ( لو ٨: ١٤). أن ضجيج الحياة يشوش على الذهن فيجعله غير قادر على سماع صوت الله. نعمل ليلا ونهارا ثم نعود الى المنزل منهكين وفى اليوم التالى نفعل نفس الشىء، اننا مشغولون للغاية لكسب العيش وجمع المال لدرجة اننا نسينا أن الله هو الأهم فى حياتنا{ لأَنَّهُ مَاذَا يَنْتَفِعُ الإِنْسَانُ لَوْ رَبِحَ الْعَالَمَ كُلَّهُ وَخَسِرَ نَفْسَهُ؟ أَوْ مَاذَا يُعْطِي الإِنْسَانُ فِدَاءً عَنْ نَفْسِهِ؟} (مت 16 : 26). ينهمك البعض في العمل والسعي وراء النجاح المادي ويهمل حياته الروحية وهكذا فعل الغني الغبي لهذا ضرب لنا السيد المسيح هذا المثل { وَقَالَ لَهُمُ: «أنْظُرُوا وَتَحَفَّظُوا مِنَ الطَّمَعِ فَإِنَّهُ مَتَى كَانَ لأَحَدٍ كَثِيرٌ فَلَيْسَتْ حَيَاتُهُ مِنْ أَمْوَالِهِ». وَضَرَبَ لَهُمْ مَثَلاً قَائِلاً: «إِنْسَانٌ غَنِيٌّ أَخْصَبَتْ كُورَتُهُ. فَفَكَّرَ فِي نَفْسِهِ قَائِلاً: مَاذَا أَعْمَلُ لأَنْ لَيْسَ لِي مَوْضِعٌ أَجْمَعُ فِيهِ أَثْمَارِي؟. وَقَالَ: أَعْمَلُ هَذَا: أَهْدِمُ مَخَازِنِي وَأَبْنِي أَعْظَمَ وَأَجْمَعُ هُنَاكَ جَمِيعَ غَلاَّتِي وَخَيْرَاتِي. وَأَقُولُ لِنَفْسِي: يَا نَفْسُ لَكِ خَيْرَاتٌ كَثِيرَةٌ مَوْضُوعَةٌ لِسِنِينَ كَثِيرَةٍ. اِسْتَرِيحِي وَكُلِي وَاشْرَبِي وَافْرَحِي. فَقَالَ لَهُ اللهُ: يَا غَبِيُّ هَذِهِ اللَّيْلَةَ تُطْلَبُ نَفْسُكَ مِنْكَ فَهَذِهِ الَّتِي أَعْدَدْتَهَا لِمَنْ تَكُونُ؟.هَكَذَا الَّذِي يَكْنِزُ لِنَفْسِهِ وَلَيْسَ هُوَ غَنِيّاً لِلَّهِ».} ( لو 15:12-21).
2- الشك أو الخوف أو صغر النفس ...
كان جدعون قديما يمر بظروف صعبه فهو وأهله مضغوطين ومحاصرين من المديانيين جعلته يشك في أن الله موجود معهم لقد كان الخوف معطلا له لسماع وتصديق ملاك الرب الذى ظهر له فقال (أسالك يا سيدي أن كان الله معنا فلماذا أصابتنا كل هذه؟ ) فالخوف دائما يعمي عيوننا عن أن نري الرب وكما حدث مع التلاميذ في العلية بعد قيامة الرب يسوع ظنوا انه روح. وقد يكون صغر النفس أو التردد أو الشك عائق لسماعنا صوت الرب وخصوصا حين يقلل إبليس من مكانتنا لدي الله وهذا ما جعل جدعون يشك في أن الله سيستخدمه لذلك حين سمع صوت الله اذهب بقوتك هذه قال أن الكلام ليس لي قد يكون لغيري - {فقال له أسالك يا سيدي بماذا اخلص إسرائيل ها عشيرتي هي الذلى في منسى وأنا الأصغر في بيت أبي.}( قض 6 :15 )الكلام من الرب واضح لكن بسبب الإحساس بصغر النفس جعله يشك في كلام الله. وبعد معاناة طويلة اقتنع جدعون أن يسمع صوت الله ولكن لابد لله أن يعلمه درس هام جدا هو كيف لا يعتمد علي نفسه بل علي الله وكانت هذه هي البداية لكي يتعلم جدعون أن يسمع ويميز صوت الله وينفصل عن الشر ويهدم مذبح البعل الذي بناه أبوه ويبني مذبحا للرب ويصعد محرقه عليه وبعد ذلك استخدمه الله ( قض 6 : 25-32 (. لقد وثق جدعون فى كلام الله وقبل أن ينزل جدعون لمحاربة المديانين بعده أن أمره الله أن ينزل ويسمع مايقوله المديانيين عليه كان من الممكن أن يقول جدعون إذا كنت أخاف من المديانين واخبط الحنطة في المعصرة وأنا أخاف من النزول للمداينين مع الجيش فكيف انزل وحدى0 لكننا لم نسمع جدعون ينطق بمثل هذه الكلمات بل حينما يقول له الله أن ينزل إلي محلة المديانيين ليسمع ما يقوله الشعب يسمع جدعون للرب لذلك شجعه الله من خلال الحلم الذي حلمه احد الرجال المديانيين) قض 9:7-15)
3- حياة الخطية والبعد عن الله ...
البعض يبتعد عن سماع صوت الله لأنه يريد أن يحيا في الخطية والبعد عن الله ويظنوا خطأ أن الله يعيق تمتعهم الوقتى بالخطية غير عالمين أن الله يريد سعادتهم هكذا فعل الأبن الضال وأخذ نصيبه وبدده في حياة الخطية حتى جاع وتعري ولم يجد حوله أحد يمد اليه يده من أصدقاء السوء { وَكَانَ يَشْتَهِي أَنْ يَمْلَأَ بَطْنَهُ مِنَ الْخُرْنُوبِ الَّذِي كَانَتِ الْخَنَازِيرُ تَأْكُلُهُ فَلَمْ يُعْطِهِ أَحَدٌ. فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً!. أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ. وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.} ( لو 16:15-19) . هكذا عاتب الله الشعب قديما علي تركهم له واشهد عليهم السماء والأرض { اِسْمَعِي أَيَّتُهَا السَّمَاوَاتُ وَأَصْغِي أَيَّتُهَا الأَرْضُ لأَنَّ الرَّبَّ يَتَكَلَّمُ: «رَبَّيْتُ بَنِينَ وَنَشَّأْتُهُمْ أَمَّا هُمْ فَعَصُوا عَلَيَّ. اَلثَّوْرُ يَعْرِفُ قَانِيهِ وَالْحِمَارُ مِعْلَفَ صَاحِبِهِ أَمَّا إِسْرَائِيلُ فَلاَ يَعْرِفُ. شَعْبِي لاَ يَفْهَمُ». وَيْلٌ لِلأُمَّةِ الْخَاطِئَةِ الشَّعْبِ الثَّقِيلِ الإِثْمِ نَسْلِ فَاعِلِي الشَّرِّ أَوْلاَدِ مُفْسِدِينَ! تَرَكُوا الرَّبَّ اسْتَهَانُوا بِقُدُّوسِ إِسْرَائِيلَ ارْتَدُّوا إِلَى وَرَاءٍ.}( أش 2:1-4). كثيرين فى عالم اليوم لا يسمعوا صوت الله بل وينكروا وجوده ويجدفوا عليه من أجل أسكات ضمائرهم وعمل الشر الذى يحلو لهم { لَمْ يَسْمَعُوا لِصَوْتِ الرَّبِّ إِلَهِهِمْ، بَلْ تَجَاوَزُوا عَهْدَهُ وَكُلَّ مَا أَمَرَ بِهِ مُوسَى عَبْدُ الرَّبِّ، فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يَعْمَلُوا} (2مل 18 : 12). أن الله يحذرنا ويدعونا أن نرجع اليه ونسمع لصوته ونحيا { لاَ تَكُونُوا كَآبَائِكُمُ الَّذِينَ نَادَاهُمُ الأَنْبِيَاءُ الأَوَّلُونَ: هَكَذَا قَالَ رَبُّ الْجُنُودِ: ارْجِعُوا عَنْ طُرُقِكُمُ الشِّرِّيرَةِ وَعَنْ أَعْمَالِكُمُ الشِّرِّيرَةِ. فَلَمْ يَسْمَعُوا وَلَمْ يُصْغُوا إِلَيَّ يَقُولُ رَبُّ الْجُنُودِ}(زك 1 : 4)
4- الأهمال والكسل ... البعض يهتم بطعامه الجسدى أو دراسته وعمله ويهمل نموه الروحي ويكسل عن قراءة الكتاب المقدس كصوت الله له ويكسل ويبتعد عن الصلاة وسماع العظات ويبتعد عن الوسائط الروحية، فينمو الشوك فى حياته الي أن يخنق صوت الله داخله ويحزن روح الرب بخطاياه . أن الله دائما يحاول التواصل معنا، فهل نعطي أنفسنا فرصة للسماعه أو نتحجج ونهتم باشياء كثيرة مع أننا فى أمس الحاجة للأصغاء لصوت الله.


5- الكبرياء وقساوة القلب والأنانية والجهل
الإنسان فى كبريائه يرفض سماع صوت الله ويستمع لصوت أصدقاء السوء وقد تكون ذاته حكيمة فى عينيه { قد سمعنا بكبرياء مواب المتكبرة جدا عظمتها وكبريائها وصلفها بطل افتخارها} (اش 16 : 6) هكذا تكبر نبوخذنصر ورفض مشورة دانيال النبي ولم يسمع لصوت الرب { لِذَلِكَ أَيُّهَا الْمَلِكُ فَلْتَكُنْ مَشُورَتِي مَقْبُولَةً لَدَيْكَ وَفَارِقْ خَطَايَاكَ بِالْبِرِّ وَآثَامَكَ بِالرَّحْمَةِ لِلْمَسَاكِينِ لَعَلَّهُ يُطَالُ اطْمِئْنَانُكَ }(دا 4 : 27) وبكبريائه فقد ملكه وطرد من بين الناس حتى تواضع وتذلل وشهد لعظمة الله { وَعِنْدَ انْتِهَاءِ الأَيَّامِ: أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ رَفَعْتُ عَيْنَيَّ إِلَى السَّمَاءِ فَرَجَعَ إِلَيَّ عَقْلِي وَبَارَكْتُ الْعَلِيَّ وَسَبَّحْتُ وَحَمَدْتُ الْحَيَّ إِلَى الأَبَدِ الَّذِي سُلْطَانُهُ سُلْطَانٌ أَبَدِيٌّ وَمَلَكُوتُهُ إِلَى دَوْرٍ فَدَوْرٍ. فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ رَجَعَ إِلَيَّ عَقْلِي وَعَادَ إِلَيَّ جَلاَلُ مَمْلَكَتِي وَمَجْدِي وَبَهَائِي وَطَلَبَنِي مُشِيرِيَّ وَعُظَمَائِي وَتَثَبَّتُّ عَلَى مَمْلَكَتِي وَازْدَادَتْ لِي عَظَمَةٌ كَثِيرَةٌ. فَالآنَ أَنَا نَبُوخَذْنَصَّرُ أُسَبِّحُ وَأُعَظِّمُ وَأَحْمَدُ مَلِكَ السَّمَاءِ الَّذِي كُلُّ أَعْمَالِهِ حَقٌّ وَطُرُقِهِ عَدْلٌ وَمَنْ يَسْلُكُ بِالْكِبْرِيَاءِ فَهُوَ قَادِرٌ عَلَى أَنْ يُذِلَّهُ} (دا 35:4-37). قساوة القلب تسد الأذان عن سماع صوت الله {إِذْ قِيلَ: «الْيَوْمَ إِنْ سَمِعْتُمْ صَوْتَهُ فَلاَ تُقَسُّوا قُلُوبَكُمْ، كَمَا فِي الإِسْخَاطِ» }(عب 3 : 15). كما أن جهل الانسان وأنانيته تبعده عن الله سماع صوت الله { قَدْ هَلَكَ شَعْبِي مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ.} (هو 4 : 6) والذين يرفضوا سماع صوت الله يتركهم الله لجهلهم { وَكَمَا لَمْ يَسْتَحْسِنُوا أَنْ يُبْقُوا اللهَ فِي مَعْرِفَتِهِمْ أَسْلَمَهُمُ اللهُ إِلَى ذِهْنٍ مَرْفُوضٍ لِيَفْعَلُوا مَا لاَ يَلِيقُ (رو 1 : 28). لهذا علينا أن نرجع الي الله وننقي قلوبنا من الأشواك الخانقة لنفوسنا ولكلمة الله فيها ونجلس الي أنفسنا ونعاتبها أو نهذبها أو حتى نعاقبها ونرجع الي الله بالتوبة ونسرع لسماع صوته وعمل ارادته .
+ أن الله يرسل بحسب كثرة رحمته يكلمنا ويريد أن نسمع صوته ويرسل لنا مراحمه المتجددة كل صباح ويريد منا الأذان الصاغية والقلب الوديع النقي والروح المتواضعة ويدعونا الى التوبة وجمال الحياة معه ولا يجد الا القليل من الاستجابة. انه ينتظر رجوع البعيدين وعودة الضالين ويعلن لنا محبته كل حين من خلال روحه القدوس وكتابه المقدس وأحساناته الكثيرة وعلينا أن نسمع ونعمل أرادته ونفرح بها لنحيا سعداء وتكون لنا حياة أبدية ونكون معه كل حين، أمين.

الأصغاء لصوت الله (1)


أولاً : أهمية الأصغاء لصوت الله
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ ما احوجنا وسط الضجيج المحيط منا من وسائل الأعلام والميديا والصراعات الفكرية من حولنا أن نسمع ونصغي لصوت الله في حياتنا وخصوصا كشباب يريد أن يضع قدميه علي طريق النجاح العملي أو الدراسي أو الوظيفي أو الأرتباط بشريك الحياة أو فى ظروف الحياة وأتخاذ القرارات لاسيما أن هناك أصوات كثيرة حولنا منها أصوات الأصدقاء أو الأغراءات المادية أو المالية أو الشهوات أو صوت الذات وأطماعها كما حدث مع الغني الغبي الذى سمع ذاته وأنانيته وكما حدث مع حواء حين سمعت لصوت الحية وكسرت وصية الله (تك 3 :1 ). ان كنا نؤمن ان الله اله حي وقريب منا ويسمع صلواتنا ويستجيب لطلباتنا ويحبنا ويسعى لاقامة علاقة حية مشبعة معنا فلماذا نبتعد عنه؟ ولماذا لا نقيم دائما معه حوار حى وصريح ومباشر ؟. نتحدث اليه ونستمع الى صوته الهادئ الوديع وهو يقترب الينا ويحل بالإيمان في قلوبنا هوذا الله يدعونا الى الاصغاء اليه وذلك لسلامنا ونجاحنا وتوفقنا وها هو يقول لنا { ليتك اصغيت لوصاياي فكان كنهر سلامك وبرك كلجج البحر} (أش 17:48). أننا بدون الله لا نستطيع شئ وبالإيمان نستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينا ويكون معنا { هنذا واقف على الباب واقرع ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي} (رؤ 3 : 20). الله يريد أن نسمع لصوته كما يريدنا أن نسمعه صوتنا { يَا حَمَامَتِي فِي مَحَاجِئِ الصَّخْرِ فِي سِتْرِ الْمَعَاقِلِ. أَرِينِي وَجْهَكِ. أَسْمِعِينِي صَوْتَكِ لأَنَّ صَوْتَكِ لَطِيفٌ وَوَجْهَكِ جَمِيلٌ} (نش 2 : 14). أنه يريد أن يقيم معنا حوار حتى فى ضعفنا وخطايانا لنتوب ويغفرها لنا { هَلُمَّ نَتَحَاجَجْ يَقُولُ الرَّبُّ. إِنْ كَانَتْ خَطَايَاكُمْ كَالْقِرْمِزِ تَبْيَضُّ كَالثَّلْجِ. إِنْ كَانَتْ حَمْرَاءَ كَالدُّودِيِّ تَصِيرُ كَالصُّوفِ} (اش 1 : 18)
+ علينا أن نصادق الله ونسمع صوته ونستجيب لمحبته وتكون حياتنا على الارض هى رحلة صداقة مع الله او مسيرة حب بيننا كما سار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله اخذه {وسار اخنوخ مع الله و لم يوجد لان الله اخذه} (تك 5 : 24) وكما كان ابو الاباء ابراهيم قديما يسير مع الله والله يعلن له عن اسراره ويتناقش معه { فقال الرب هل اخفي عن ابراهيم ما انا فاعله. وابراهيم يكون امة كبيرة وقوية ويتبارك به جميع امم الارض. لاني عرفته لكي يوصي بنيه وبيته من بعده ان يحفظوا طريق الرب ليعملوا برا وعدلا لكي ياتي الرب لابراهيم بما تكلم به} (تك 17:18-19). الله يفرح باستماعنا اليه وتجاوبنا مع محبته، كأب صالح يريد ان يسمع ابناءه صوته ويحبونه وياتون اليه يقدمون له الشكر ويطيعونه ويصنعوا أرادته { فقال صموئيل هل مسرة الرب بالمحرقات والذبائح كما باستماع صوت الرب هوذا الاستماع افضل من الذبيحة والاصغاء افضل من شحم الكباش}(1صم 15 : 22). ان الله ليس عنا ببعيد بل هو قريب ، واقرب الينا من الدم فى الوريد . لان الله روح والساجدون له بالروح والحق ينبغى ان يسجدوا. وهو يريد ان يفرح بنا فرح العريس بالعروس، ويدعونا ان نأتى اليه ونتعلم منه ونرتوى من ينابيع محبته ونشبع . لقد وعد وهو أمين ان من يحبه ويحفظ كلامه فانه يكون محبوبا لديه ويصبح قلبه مسكناً لله { اجاب يسوع وقال له ان احبني احد يحفظ كلامي ويحبه ابي واليه ناتي وعنده نصنع منزلا} (يو 14 : 20).
+ الأستماع لكلام الله يأتي علينا بالبركة والخير والنجاح { هَكَذَا تَكُونُ كَلِمَتِي الَّتِي تَخْرُجُ مِنْ فَمِي. لاَ تَرْجِعُ إِلَيَّ فَارِغَةًبَلْ تَعْمَلُ مَا سُرِرْتُ بِهِ وَتَنْجَحُ فِي مَا أَرْسَلْتُهَا لَهُ} (اش 55 : 11) {ان سمعت سمعا لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه التي انا اوصيك بها اليوم يجعلك الرب الهك مستعليا على جميع قبائل الارض. وتاتي عليك جميع هذه البركات وتدركك اذا سمعت لصوت الرب الهك . ولكن ان لم تسمع لصوت الرب الهك لتحرص ان تعمل بجميع وصاياه وفرائضه التي انا اوصيك بها اليوم تاتي عليك جميع هذه اللعنات وتدركك. وتاتي عليك جميع هذه اللعنات وتتبعك وتدركك حتى تهلك لانك لم تسمع لصوت الرب الهك لتحفظ وصاياه وفرائضه التي اوصاك بها} (تث 28-1،2- 44،45) هكذا أمر الله يشوع النبي بعد موت موسي قائلاً { إِنَّمَا كُنْ مُتَشَدِّداً, وَتَشَجَّعْ جِدّاًلِتَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ الشَّرِيعَةِ الَّتِي أَمَرَكَ بِهَا مُوسَى عَبْدِي. لاَ تَمِلْ عَنْهَا يَمِيناًوَلاَ شِمَالاًلِتُفْلِحَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ. لاَ يَبْرَحْ سِفْرُ هَذِهِ الشَّرِيعَةِ مِنْ فَمِكَ, بَلْ تَلْهَجُ فِيهِ نَهَاراًوَلَيْلاً, لِتَتَحَفَّظَ لِلْعَمَلِ حَسَبَ كُلِّ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهِ. لأَنَّكَ حِينَئِذٍ تُصْلِحُ طَرِيقَكَ وَحِينَئِذٍ تُفْلِحُ. أَمَا أَمَرْتُكَ؟ تَشَدَّدْ وَتَشَجَّعْ! لاَ تَرْهَبْ وَلاَ تَرْتَعِبْ لأَنَّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مَعَكَ حَيْثُمَا تَذْهَبُ».} ( يش 7:1-9). + يدعونا السيد المسيح فى العهد الجديد أن نأتي اليه ويعدنا بالراحة والسلام { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ } ( مت 28:11-30). ويعطي الله الطوبي والسعادة لكل من يسمع ويقرأ كلامه ويعمل به { طُوبَى لِلَّذِي يَقْرَأُ وَلِلَّذِينَ يَسْمَعُونَ أَقْوَالَ النُّبُوَّةِ، وَيَحْفَظُونَ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ فِيهَا، لأَنَّ الْوَقْتَ قَرِيبٌ }(رؤ 1 : 3).
+ ويحثنا أن تكون لنا الأذن الروحية التي تسمع وتعمل بكلامه { وَسَقَطَ آخَرُ فِي الأَرْضِ الصَّالِحَةِ فَلَمَّا نَبَتَ صَنَعَ ثَمَراًمِئَةَ ضِعْفٍ». قَالَ هَذَا وَنَادَى: «مَنْ لَهُ أُذْنَانِ لِلسَّمْعِ فَلْيَسْمَعْ!} (لو 8 : 8). ومن الواجب إن نفتح آذاننا لسماع أقوال الله لكي نخلص بها. أن الغاية التى نضعها فى أهتمامنا الاول هي سماع صوت الله وكلامه {من له أذنان للسمع فليسمع}(مت 15:11 ). وفي سفر الرؤيا كرر الرب أمره للكنائس السبع بقوله: {من له أذن فليسمع ما يقوله الروح للكنائس} (رؤ7:2). يجب أن يكون الإنسان حريصاً ليفتح أذنيه أو يغلاقها بحكمة وأفراز وتمييز لأن الاذن من الابواب الهامة التى تدخل منها المؤثرات إلى حياتنا. ونقصد بالأذن الروحية ليس فقط الأذنين بل الأنسان الداخلي والبصيرة الروحية والفهم القلبي الذى يسمع صوت الله ويستجيب له {أيها العطشى جميعاً هلموا إلى المياه والذي ليس له فضة تعالوا اشتروا وكلوا هلموا اشتروا بلا فضة وبلا ثمن. استمعوا لي استماعاً وكلوا الطيّب ولتتلذذ بالدسم أنفسكم. أميلوا آذانكم وهلمّوا إليً اسمعوا فتحيا أنفسكم واقطع لكم عهداً أبدياً مراحم داود الصادقة} ( أش 1:55-3). ان أنذارات الله لنا يجب ان نصغى لها ونعمل بها { كونوا عاملين بالكلمة لا سامعين فقط خادعين نفوسكم} (يع22:1). فلنكن مستعدين ان نسمع ونعمل لتكون لنا البركات التي تتضمنها كلمة الله {من يحول أذنه من سماع الشريعة فصلاته أيضاً مكرهة} (أم 9:28). ما دمنا في هذا العالم فالمجرب موجود ويحاول أن يقنع الشخص ليفتح له الباب ومن واجبنا أن نكون حريصين لنبقي أبواب حواسنا وفكرنا مقفلة في وجهه حتى لا يتمكن من الدخول إلى القلب ونطيع الكلمة الإلهية القائلة: {لا تعطوا إبليس مكاناً}(أف27:4). علينا أن نسد آذاننا الروحية لكي لا تخدعنا أنغام مغريات الدنيا فتقودنا إلى الهلاك. وواجب علينا أن نميز صوت الله من بين الأصوات التي نسمعها ويكون لنا الحكمة والتمييز بين الغث من الثمين فحتى الحيوانات التى لا تفهم مثلنا، تميز صوت راعيها وتعرفه فتتبعه ولا تتبع الغريب، فكم بالأحرى نحن الخليقة العاقلة يجب أن نميز صوت راعيها السماوي لكي تتبعه دون سواه، فنكون خرافة الخاصة { خرافي تسمع صوتي وأنا أعرفها فتتبعني} (يو27:10).

الثلاثاء، 22 أغسطس 2017

شعر قصير (56) طوبي لصانعي السلام


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
(1)

" ينابيع نعمة"
عطشان يارب أنا لمحبتك وانت اللي ترويني
في حر الصيف تظلل عليّ بعنايتك وتحميني
تشبعني بدسم نعمتك وفي جوعي أنت تغذيني
أنت راعي الأمين ونبع الحب اللي مالي عيني
أن سرت في وادي ظل الموت وحدك تنجيني
روحك القدوس يفيض فيّ ينابيع نعمة تغنيني
تملاني بثمار الروح وتقودني يارب وتهديني
......
(2)
" أقبل صلوات شعبك"
اقبل صلوات شعبك الصارخين اليك ليل نهار
وأمحو أثامنا وخطايانا وخلصنا من عذاب النار
أرجعنا اليك فنرجع من هموم العالم ونحيا كابرار
أسكب علينا من روحك فتنطلق صلواتنا كسهام نار
خلصنا من الرياء والمظهرية وأبعدنا عننا الاشرار
أدينا روح الصلاة لنعبدك بالروح يا قدوس وبار
روحك القدوس يحل فينا ويجعلنا من الخطية أحرار
........
(3)
"أنتظر الرب"
أنتظر الرب وأصبر وصلي مهما صبرك طال
خلي أمامك صبر نوح وأبراهيم وأيوب كمثال
بالعمل تتغير الأمور للأفضل وتتصلح الأحوال
بالانأة نفرح ونرث المواعيد والأجر من الله ننال
رابح النفوس حكيم وبايمانه ومحبته يحقق الأمال
الكلمة الحلوة تفرح القلب وتهدئ وتريح متعب البال
خلي رجائك في ربنا وأطلبه بثقة وهتبقي عال العال
.......
(4)
" طوبي لصانعي السلام"
المحبة الحقيقية بالعمل والحق مش بالكلام
المسيح بذل ذاته علي الصليب وصنع السلام
أحنا واجب علينا نقدم للغير محبة مش خصام
نعمل حتي بالقليل اللي نملكه نصنع خير ووئام
نحاول نسعد غيرنا ونقدم للغير فرحة مع ابتسام
طوبي لصانعي السلام لانهم لله ابناء وبنات كرام
........
(5)
" ثقى فى وعود الهك"
ثق في وعود الهك دا هو بيحبك ومش ناسيك
هو سلامك وفي ضعفك حاسس بيك وبيقويك
تجسد وجاء أرضنا وجٌرب وعاني حبا فيك
صلب لخلاصنا وقام لتبريرنا وقال انا هافديك
انا معاك كل الأيام يا أبني برعاك وعيني عليك
ادعو الرب فهو قريب وأتكل عليه وهو ينجيك
يقودك وينجح طريقك وتفرح معاه ويفرح بيك
......

الاثنين، 14 أغسطس 2017

التوبة والرجوع إلي الله


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
التوبة وأهميتها ..
+ مفهوم التوبة.. التوبة هى عودة الإنسان الخاطئ الى الله بعزم قلب وارادة صادقة. وأقلاعه عن الخطية وعدم الرجوع اليها وتحرره من العبودية للخطية والشيطان وأعماله. لغوياً فى اللغة العربية، تاب اي عاد الى ثوابه او رشده. فالابن الضال ليتوب قيل عنه { رجع الى نفسه وقال كم من اجير لابي يفضل عنه الخبز وانا اهلك جوعا. اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطات الى السماء وقدامك} (لو 15 : 17- 18) اما التوبة في اللغة اليونانية، في مأخوذة من كلمتين " ميتا" اي تغيير و"نوس". اي العقل فمعناها ( ميتانيا) اي تغيير الذهن والفكر والسلوك اي التغيير في فكر الانسان وسلوكه وحياته. من اجل ان يكون لنا فكر المسيح المقدس والاعمال الصالحة. والتوبة بذلك تحمل معانى الندم على العيش بعيدا عن الله والاصرار على عدم العودة الى الخطية . قد يخطئ الانسان عن جهل او عدم حرص او تهاون او بحيل الشيطان ومصادقة الاشرار وتفتقده النعمة ويستيقظ من غفلته وتهاونه وكسله فيعود الى الله الذى يدعونا للتوبة كأب صالح {ارجعوا اليٌ ، ارجع اليكم } (ملا7:3 ). التغيير يبدأ فى حياة التائب برفض المشاعر والسلوك والعلاقات الخاطئة ويعمل على اصلاح ما أفسده ويسير مع الله فى اصرار على عدم الرجوع الى الخطية، وهذا ما راينا فى حياة قدّيسي التوبة كداود النبي والقديس اغسطينوس ومريم المصرية وغيرهم ، الذين تابوا ولم يعودا الى الخطية مرة اخري وقاوموا حتى الدم مجاهدين ضدّها.
+ التوبة تمحو الخطايا .. يقدم الله العلاج للخطية فى الايمان به وخلاصة وعمل روحه القدوس فينا الذى يبكّتنا على الخطية ويحثنا على عمل البر ويدفعنا الى الرجوع اليه بالتوبة :{ هلم نتحاجج يقول الرب ان كانت خطاياكم كالقرمز تبيض كالثلج ان كانت حمراء كالدودي تصير كالصوف }(اش 1 : 18). { فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب }(اع 3 : 19). التوبة لازمة لكل واحد وواحدة منا لانه من منا بلا خطية ولو كانت حياته ايام قليلة على الارض {الجميع زاغوا و فسدوا معا ليس من يعمل صلاحا ليس ولا واحد }(رو 3 : 12). وعندما اخبروا السيد المسيح عن الجليليون الذين قتلهم بيلاطس وهم يقدمون الذبائح لله { فاجاب يسوع وقال لهم اتظنون ان هؤلاء الجليليين كانوا خطاة اكثر من كل الجليليين لانهم كابدوا مثل هذا. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون. او اولئك الثمانية عشر الذين سقط عليهم البرج في سلوام وقتلهم اتظنون ان هؤلاء كانوا مذنبين اكثر من جميع الناس الساكنين في اورشليم. كلا اقول لكم بل ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون} (لو 1:13-5).
+ التوبة تغيير يتم بعمل النعمة واستجابة الخاطئ .. وهذا التغيير يحصل منا بالوعي والارادة والاصرار على الاصلاح والتغيير والندم على الخطأ وبقوة وعمل النعمة فينا لكي نتغير ونتحرر من سلطان ابليس { لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة }(في 2:13). الله يدعونا الى التوبة ويفتقدنا بنعمة لنرجع ويمهد لنا الطريق للرجوع ثم يقبل توبتنا ويفرح برجوعنا . الله يريدنا أن نعود إليه، و يستقبلنا فرحا ، ويرد الخاطئ إلى مكانته الأولى {فقال الأب لعبيده: أخرِجوا الحُلَّة الأولى وألبِسوهُ، واجعلوا خاتمًا في يده، وحذاءً في رِجليه، وقدموا العِجل المُسَمن واذبَحوهُ فنأكُل ونفرح}(لو15: 22-23). كابناء لله يريد لنا الخلاص {الذي يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4) . {أنا أنا هو الماحي ذُنوبَكَ لأجل نفسي، وخطاياكَ لا أذكُرُها} (إش43: 25). {قد مَحَوتُ كغَيمٍ ذُنوبَكَ وكسحابة خطاياكَ. اِرجِع إليَّ لأني فدَيتُكَ} (إش22:44). لان الله صالح ورحوم يعد بالغفران للراجعين اليه { فاذا رجع الشرير عن جميع خطاياه التي فعلها وحفظ كل فرائضي وفعل حقا وعدلا فحياة يحيا لا يموت. كل معاصيه التي فعلها لا تذكر عليه في برّه الذي عمل يحيا. هل مسرة اسر بموت الشرير يقول السيد الرب الا برجوعه عن طرقه فيحيا. واذا رجع البارّ عن بره وعمل اثما وفعل مثل كل الرجاسات التي يفعلها الشرير افيحيا كل بره الذي عمله لا يذكر في خيانته التي خانها وفي خطيته التي اخطا بها يموت} (حز 21:18-24). فالتوبة الحقيقية هي عودة من خدمة الشيطان وحياة الخطية والنجاسة الى الاحضان الابوية والبنوّة لله.

+ التوبة أعلان لرحمة الله .. التوبة تظهر محبة الله للخطاة وسعيه لخلاص الانسان من اجل هذا قال احد القديسين : ( ان الله لا يسألنا لماذا أخطئنا ولكن يسألنا لماذا لم تتوبوا). لقد راينا كيف ان التوبة استطاعت ان تمنع حكم الله بالهلاك على أهل مدينة نينوى قديما { فامن اهل نينوى بالله ونادوا بصوم ولبسوا مسوحا من كبيرهم الى صغيرهم. وبلغ الامر ملك نينوى فقام عن كرسيه وخلع رداءه عنه وتغطى بمسح وجلس على الرماد. ونودي و قيل في نينوى عن امر الملك وعظمائه قائلا لا تذق الناس ولا البهائم ولا البقر ولا الغنم شيئا لا ترع ولا تشرب ماء. وليتغط بمسوح الناس والبهائم ويصرخوا الى الله بشدة ويرجعوا كل واحد عن طريقه الرديئة وعن الظلم الذي في ايديهم. لعل الله يعود ويندم ويرجع عن حمو غضبه فلا نهلك.فلما راى الله اعمالهم انهم رجعوا عن طريقهم الرديئة ندم الله على الشر الذي تكلم ان يصنعه بهم فلم يصنعه} (يون 5:30-19). وعندما أخطأ داود النبي وتاب الله الله معترفًا بخطئه غفر له الله { فقال داود لناثان قد اخطات الى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت} (2صم 12 : 13).
+ نتائج الخطية المهلكة.. عندما ندرك نتيجة الخطية المهلكة لابد ان نتوب ولا نعود نخطئ بعد. ان الخطية ضعف وانهزام وعدم ضبط للنفس وهى موجهة ضد الله فهي كسر وتعدً وعصيان لوصاياه وهى موت أدبي وانفصال عن الله القدوس كما انها تفقد الانسان سلامه { اما الاشرار فكالبحر المضطرب لانه لا يستطيع ان يهدا و تقذف مياهه حماة وطينا. ليس سلام قال الهي للاشرار} (اش 57 : 20-21). ان الخطية تقود للحزن والكأبة والياس وسوء العلاقات بين الناس وتجلب الامراض والعار { البر يرفع شان الامة وعار الشعوب الخطية }(ام 14 : 34). وبالنظر الى مدمني الخمور والمخدرات والشهوات حولنا وكم تحط الخطية من قدرهم وتعبث بحاضرهم ومستقبلهم بالاضافة الى الهلاك الابدي فاننا ندرك اى نتائج سيئة تقود اليها الخطية .

السيد المسيح ودعوته الى التوبة ..

+ جاء السيد المسيح يدعو الى الإيمان والتوبة.. { ابتدا يسوع يكرز ويقول توبوا لانه قد اقترب ملكوت السماوات} (مت 17:4).{ قد كمل الزمان واقترب ملكوت الله فتوبوا وامنوا بالانجيل } (مر1 : 15). لقد وجه اليه الكتبة والفريسيين النقد لموقفه المترفق والقابل للخطاة والعشارين ، كان رده {فلما سمع يسوع قال لهم لا يحتاج الاصحاء الى طبيب بل المرضى.فاذهبوا وتعلموا ما هو اني اريد رحمة لا ذبيحة لاني لم ات لادعوا ابرارا بل خطاة الى التوبة} (مت 12:9-13). وعندما دخل الى بيت زكا العشار ليبيت تذمّر الكتبة والفريسيون علية فكان ردّه عليهم انه جاء ليطلب ويُخلّص ما قد هلك {فلما جاء يسوع الى المكان نظر الى فوق فراه و قال له يا زكا اسرع وانزل لانه ينبغي ان امكث اليوم في بيتك. فاسرع ونزل وقبله فرحا.فلما راى الجميع ذلك تذمروا قائلين انه دخل ليبيت عند رجل خاطئ. فوقف زكا وقال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف.فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك}( لو 5:19-10).
+ السيد المسيح قابل الخطاة .. لقد تجسد كلمة الله بالحقيقة وجاء الى العالم وصلب وقام من اجل خلاص البشرية الخاطئة واعلان محبة الله لهم وسعيه لرجوعهم اليه وضرب لنا الامثال عن قبول الله للخطاه وخلاصهم واهمّ هذه الامثال ما جاء فى إنجيل لوقا البشير الاصحاح الخامس عشر عن الخروف الضالّ والدرهم المفقود والابن الضالّ وترينا هذه الامثال كيف يفرح الله برجوع الخطاة سواء ضلوا عن جهل او لعدم سهر واهتمام الراعي او الاسرة او بدافع الطيش والتهوّر، وفى كل الحالات يسعى الله الى خلاصنا . لقد حمَّل السيد المسيح الرعاة مسئولية إضاعة الخروف الضال. وحمَّل الكنيسة مسئولية إضاعة الدرهم المفقود، أما في مثل الابن الضال فكان الإنسان هو المسئول عن ضياع نفسه. وفي كل الأحوال كان باب التوبة مفتوحًا، والعودة المفرحة مطلوبة، وسعي الله والكنيسة لعودة الخطاة موجود، ويبقى دور الإنسان الخاطئ نفسه فى التوبة والرجوع. ان الله يبحث عن الضالّ بين الأشواك، وفوق الجبال، وفي البراري القفرة. والكنيسة توقد له سراج الروح القدس وتصلّي من اجله وتفرح لرجوعه، وتفتش باجتهاد عن الخاطئ بروح الرعاية الحانية حتى تجده، أما الخاطئ فمطلوب منه أن يرجع ويقوم سريعًا ويذهب إلى أبيه، ويعترف أمامه بخطاياه، ويفرّح الله وملائكة السماء والقديسين بعودته سالما { اقول لكم انه هكذا يكون فرح في السماء بخاطئ واحد يتوب اكثر من تسعة وتسعين بارا لا يحتاجون الى توبة}( لو 7:15).
+ السيد المسيح يدافع عن الخطاة ويحرِّرهم .. راينا كيف دافع الرب يسوع المسيح عن المرأة الخاطئة فهو المحبة الحانية والرحمة الغافرة المحررة { وقدم اليه الكتبة والفريسيون امراة امسكت في زنا ولما اقاموها في الوسط. قالوا له يا معلم هذه المراة امسكت وهي تزني في ذات الفعل. وموسى في الناموس اوصانا ان مثل هذه ترجم فماذا تقول انت.قالوا هذا ليجربوه لكي يكون لهم ما يشتكون به عليه واما يسوع فانحنى الى اسفل وكان يكتب باصبعه على الارض.ولما استمروا يسالونه انتصب وقال لهم من كان منكم بلا خطية فليرمها اولا بحجر.ثم انحنى ايضا الى اسفل وكان يكتب على الارض. واما هم فلما سمعوا وكانت ضمائرهم تبكتهم خرجوا واحدا فواحدا مبتدئين من الشيوخ الى الاخرين وبقي يسوع وحده والمراة واقفة في الوسط.فلما انتصب يسوع ولم ينظر احدا سوى المراة قال لها يا امراة اين هم اولئك المشتكون عليك اما دانك احد. فقالت لا احد يا سيد فقال لها يسوع ولا انا ادينك اذهبي ولا تخطئي ايضا}( يو 3:8-11). نعم من منا بلا خطية لهذا يجب ان نترفق بالخطاة ونتأنى ونعلن لهم محبة الله ليتوبوا ويرجعوا وتمحي خطاياهم . السيد المسيح هو الرحمة المعلنه لنا ودمه الثمين الذى سفك على الصليب كفارة لخطايانا { وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا} (1يو 2 : 2) . {في هذه هي المحبة ليس اننا نحن احببنا الله بل انه هو احبنا وارسل ابنه كفارة لخطايانا }(1يو 4 : 10).
+ بحث السيد المسيح عن الخطاة ليخلصهم.. كان يجول يصنع خير ويشفي المرضى ويقيم الساقطين ويبحث عن الضالين. راينا كيف سار من الصباح الباكر حتى الظهيرة ليخلص المرأة السامرية ويقودها للاعتراف الحسن والتوبة مبيناً ان من يشرب من ماء الشهوة والخطية لا يرتوي { اجاب يسوع وقال لها كل من يشرب من هذا الماء يعطش ايضا. ولكن من يشرب من الماء الذي اعطيه انا فلن يعطش الى الابد بل الماء الذي اعطيه يصير فيه ينبوع ماء ينبع الى حياة ابدية} (يو 13:4-14). وعلى الصليب رايناه يحقق نبؤة اشعياء النبي { احزاننا حملها واوجاعنا تحملها ونحن حسبناه مصابا مضروبا من الله ومذلولا. وهو مجروح لاجل معاصينا مسحوق لاجل اثامنا تاديب سلامنا عليه وبحبره شفينا. كلنا كغنم ضللنا ملنا كل واحد الى طريقه والرب وضع عليه اثم جميعنا. ظلم اما هو فتذلل ولم يفتح فاه كشاة تساق الى الذبح وكنعجة صامتة امام جازيها فلم يفتح فاه }( أش 4:53-7). ونبؤة القديس يوحنا المعمدان { وفي الغد نظر يوحنا يسوع مقبلا اليه فقال هوذا حمل الله الذي يرفع خطية العالم }(يو 1 : 29). راينا الرب على الصليب يقدم ذاته فداءً عنا ويغفر حتى لصالبيه { يا ابتاه اغفر لهم لانهم لا يعلمون ماذا يفعلون } (لو 23 : 34).
+ الرسل وكرازتهم بالإيمان والتوبة .. ولقد اوصى السيد المسيح تلاميذه الاباء الرسل بعد القيامة ان يكرزوا باسمه للتوبة { وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتالم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث.وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدا من اورشليم}( لو 44:24-47) وهكذا راينا الرسل بعد صعود السيد المسيح وحلول الروح القدس عليهم يبشرون بالتوبة والايمان وبعظة واحدة للقديس بطرس آمن ثلاثة الاف نفس { فلما سمعوا نخسوا في قلوبهم وقالوا لبطرس ولسائر الرسل ماذا نصنع ايها الرجال الاخوة. فقال لهم بطرس توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس}( أع 37:2-38). وبعد شفاء المقعد عند باب الهيكل راينا الرسل ينادوا بالتوبة {فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تأتي اوقات الفرج من وجه الرب }(اع 3 : 19). {فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل} (اع 17 : 30). وهكذا لخص القديس بولس أمام رعاة الكنيسة حياته انها قضاها {شاهدا لليهود واليونانيين بالتوبة الى الله والايمان الذي بربنا يسوع المسيح }(اع 20 : 21) . هكذا لخص القديس بولس أمام اغريباس الملك كيف ظهر له السيد المسيح وغيره من شاول مضطهد الكنيسة الى بولس الرسول المجاهد من أجل نشر بشارة التوبة والخلاص { فقلت انا من انت يا سيد فقال انا يسوع الذي انت تضطهده. ولكن قم و قف على رجليك لاني لهذا ظهرت لك لانتخبك خادما و شاهدا بما رايت و بما ساظهر لك به. منقذا اياك من الشعب ومن الامم الذين انا الان ارسلك اليهم. لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات الى نور ومن سلطان الشيطان الى الله حتى ينالوا بالايمان بي غفران الخطايا ونصيبا مع المقدسين. من ثم ايها الملك اغريباس لم اكن معاندا للرؤيا السماوية.بل اخبرت اولا الذين في دمشق و في اورشليم حتى جميع كورة اليهودية ثم الامم ان يتوبوا ويرجعوا الى الله عاملين اعمالا تليق بالتوبة}( أع 15:26-20). من اجل هذا رايناه فى تواضع ودموع يقول { صادقة هي الكلمة ومستحقة كل قبول ان المسيح يسوع جاء الى العالم ليخلص الخطاة الذين اولهم انا (1تي 1 : 15). وينبهنا أن لا نستهين بغنى لطف الله وامهاله علينا بل يجب ان نسرع الى التوبة {ام تستهين بغنى لطفه وامهاله وطول اناته غير عالم ان لطف الله انما يقتادك الى التوبة} (رو 2 : 4). من اجل هذا يقول القديس باسليوس : (جيد ان لا تخطئ وان اخطأت فجيد ان لا تؤخر التوبة وان تبت فجيد ان لا تعود للخطية وان لم تعد فاعرف ان ذلك بمعونة الله وان عرفت ذلك فجيد ان تشكر الله).
+ الله يدعونا الى عدم اليأس او قطع الرجاء.. فباب مراحمه مفتوح دائما للراجعين اليه { يخبر الامم بالحق.لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم} (مت 18:12-21). فهو الذي جاء ليطلب ويخلِّص من قد هلك. الشيطان يعمل باستماتة ان يوقعنا فى اليأس من جهة أمكانية بعدنا عن الخطية لنستمر فيها أو من جهة قبول الله لنا، لكن علينا ان نتمسك بالرجاء وبرحمة الله ونقوم ونرجع الى الله ونقول { لا تشمتي بي يا عدوتي اذا سقطت اقوم اذا جلست في الظلمة فالرب نور لي }(مي 7 : 8). فلا تيأس من نفسك بل أطلب من الرب ان يهبك القوة والقدرة والتوبة { توبني فاتوب لانك انت الرب الهي} (ار 31 : 18). والله هو معين من ليس له معين ورجاء من ليس له رجاء وهو كالسامريّ الرحيم يبحث عن الانسان الذى جرحته الخطية ليضمد جراحاته ويعالجه ويضمه الى كنيسته لتعتني به وهو كراعٍ صالح يتكلَّف بكل نفقات خلاصنا. لقد غفر لبطرس نكرانه وجحوده وردّه الى رتبته مرة اخرى كما غفر لهارون رئيس الكهنة قديما اشتراكه فى صنع العجل الذهبي وعبادته بدلا من عبادة الله الحيّ { الرب رحيم ورؤوف طويل الروح وكثير الرحمة.لا يحاكم الى الابد ولا يحقد الى الدهر.لم يصنع معنا حسب خطايانا ولم يجازنا حسب اثامنا. لانه مثل ارتفاع السماوات فوق الارض قويت رحمته على خائفيه. كبعد المشرق من المغرب ابعد عنا معاصينا. كما يتراف الاب على البنين يتراف الرب على خائفيه.لانه يعرف جبلتنا يذكر اننا تراب نحن} (مز 8:103-14).

كيف أتوب ؟
+ محاسبة الذات .. ان حساب الذات ومعرفة اننا مخطئون تجاه الله بخطايانا هو بداية التوبة { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26). هكذا فعل الابن الضالّ بعد ان أخذ نصيبة من ميراث ابيه وبدّده فى ارض الخطية وجاع ولم يجد ما يشبعه حتى من أكل الخنازير كرمز للخطية، يجب ان نفكر فيما حصدناه فى البعد عن الله ونصارح أنفسنا والله ونقف أمامه فى خشوع ودموع ونقول له ( اخطأت يا ابتاه فى السماء وقدامك ولست مستحقاً ان ادعى لك ابناً) ومن ثم نبدأ بالعمل على البعد عن الخطية والعثرات ونجاهد فى الصلاة وضبط النفس واكتساب الفضائل الروحيّة. كما لا يجب علينا ان نؤجّل التوبة من يوم الى اخر لاننا قد نعتاد الخطية وتبرد حرارة التوبة فينا وقد يباغتنا الموت فجأة { لا تؤخر التوبة إلى الرب ولا تتباطأ من يوم إلى يوم} (سي 8:5).
+ الاعتراف الحسن .. نحن فى حاجة للأعتراف الأمين لكى يخلصنا من الكبت والتعب النفسي الناتج عن ثقل الخطية ، كما نحتاج للارشاد من اب الاعتراف عن كيفية مقاومة الخطايا والتغلب على الضعفات ونحتاج لعلاج الخطية وآثارها واصلاح نتائجها {ويل لمن هو وحده ان وقع اذ ليس ثان ليقيمه }(جا 4 : 10). والكاهن كخادم أمين فيما لله يسمعنا صوت الله ويصف لنا العلاج المناسب كطبيب روحي {اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي قلت اعترف للرب بذنبي وانت رفعت اثام خطيتي } (مز 32 : 5) . أليست الخطية مرضا روحياً يحتاج الى طبيب روحيّ. وكما ان الله هو الذي يشفي امراضنا الجسدية على يد الطبيب كذلك الله هو الشافي امراضنا الروحية عبر الكاهن. مهمة الكاهن مثل مهمة الطبيب لذلك الكاهن لا يعالج عوارض الامراض بل اصل المرض ، لذلك الاعتراف هو ارشاد روحي لكي يساعد المعترف على التخلص من امراضه الروحية. ويطلب للمعترف المغفرة من الله ويطلب عن نفسه ايضا ( نسأل ونطلب من صلاحك يا محب البشر عن عبدك وعن ضعفى نحن المنحنين برؤوسنا أمام مجدك القدوس، ارزقنا رحمتك واقطع كل رباطات خطايانا . ان كنا قد أخطائنا اليك بعلم او بغير علم او بجزع القلب، بالقول او بالفعل او بصغر النفس او بجميع الحواس، انت كصالح ومحب البشر انعم لنا بمغفرة خطايانا، باركنا، حاللنا وحالل كل شعبك، املأنا من خوفك ،قومنا الى ارادتك المقدسة ..). عندما يرى الله صدق توبتنا نسمع منه على فم الكاهن مغفورةً لك خطاياك {فلما راى يسوع ايمانهم قال للمفلوج يا بني مغفورة لك خطاياك} (مر 2 : 5). من اجل ذلك يقول القديس اغريغوريوس النيصى (خذوا خادم الكنيسة شريكاً أميناً لكم في أحزانكم وأباً روحياً وأكشفوا له أسراركم بجسارة أعظم وأكشفوا له أسرار نفوسكم فتنالوا الشفاء ).

+ علاج نتائج الخطية .. ينبغى علينا ان نعالج نتائج خطايانا السابقة لننعم بالغفران والسلام مع الله والناس . يجب ان نبادر بالمصالحة وعلى قدر طاقتنا نسالم جميع الناس { فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك.كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن} (مت 23:5-25). وكما فعل زكا العشار بعد توبته {فوقف زكا و قال للرب ها انا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلِّص ما قد هلك} (لو 8:19-10). يجب ان نجاهد لتقديس أفكارنا ونبعد عن العثرات ومسببيها لنا ولا نتذكر تفاصيل الخطايا حتى نتخلص من تذكار الشرّ الملبس الموت .
+ النمو فى الفضيلة .. التوبة هى بداية طريق غايته ليس الأمتناع عن الشرّ بل فعل الخير{حد عن الشر واصنع الخير اطلب السلامة واسع وراءها }(مز 34 : 14). نسعى للوصول لا للبعد عن الخطية بل لكراهيتها وانتزاعها من الفكر والقلب لانها خيانة لله المحب {فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة }(مت 3 : 8). اننا نسعى للوصول الى القداسة والكمال {اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى احد الرب } (عب 12 : 14). اننا نسعى الى محبة الرب من كل القلب والفكر والنفس والارادة وقريبنا كانفسنا ونعوض ما فاتنا من سنين أكلها الجراد وكانت بلا ثمر . حتى نصل فى نهاية الرحلة الى السماء لنكون مع الله كل حين.

الأربعاء، 9 أغسطس 2017

أنتم نور العالم


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

{ أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.} (مت 14:5-16)
الله يعلن لنا عن طبيعته النورانية .... لقد أعلن لنا السيد المسيح أنه النور الحقيقي فقال { أنا هو نور العالم. مَن يتبعني فلا يمشي في الظلمة، بل يكون له نور الحياة.} (يو 8: 12) { أنا قد جئتُ نوراً للعالم حتى كل مَن يؤمن بي لا يمكث في الظلمة.} (يو 12: 46). وعن دينونة الذين يرفضونه { وهذه هي الدينونة: إن النور قد جاء إلى العالم، وأحب الناس الظلمة أكثر من النور، لأن أعمالهم كانت شريرة.}(يو 3: 19). وهذا ما أعلنه لنا أشعياء النبى قبل ما يذيد من سبعمائة سنة من التجسد الإلهى { قومي استنيري لانه قد جاء نورك ومجد الرب اشرق عليك } (اش 1:60). أقترب الله الينا لكى ما نستنير بالإيمان به وبتعاليمه النورانية وكلامه معطي الحياة وبمحبته الغافرة والمحررة ولكى ما تكون لنا تعاليمه ووصاياه نور لحياتنا وطرقنا ولكى ما نتعلم منه كيف نسلك معا بالمحبة والرحمة والحق فنكون ابناء نور ونعكس نور الله علي من حولنا كما يعكس القمر نور الشمس بالليل هكذا المؤمنين يعكسوا نور المسيح باقوالهم وأعمالهم وسيرتهم. ويوم التجلِّي تغيَّرت هيئة الرب قدَّام تلاميذه { وأضاء وجهه كالشمس، وصارت ثيابه بيضاء كالنور} (مت 17: 2) وفي ظهور السيد المسيح بعد الصعود لشاول في طريقه لدمشق أبرق حوله نور من السماء { فبغتةً أبرق حوله نورٌ من السماء وسمع صوتاً قائلاً له: شاول شاول، لماذا تضطهدني} (أع 9: 3و4). يقول القديس بولس عن هذا الحدث الذي غيَّر حياته للملك أغريباس: {رأيتُ في نصف النهار في الطريق أيها الملك نوراً من السماء أفضل من لمعان الشمس أبرق حولي وحول الذاهبين معي}(أع 26: 133).
+ المؤمن عليه أن يقترب من شمس البر، السيد المسيح المنير، فيستنير من تعاليمه ومحبته ويكون نور كالقمر الذى يستمد نوره من الشمس. ونقتدي به ونسير في النور ونكون نور في ظلمة هذا العالم من خلال أعمالنا الحسنة وأقوالنا النافعة وأضائتنا طريق البر للغير.لا يقدر أحد أن يسيء الي النور أو يحجبه، حتى مقاوميه الأشرار. وكما يقول الرسول بولس: { لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب في وسط جيل معوجّ وملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم} (في 2: 15).
مصادر الأستنارة للمؤمن ....
1- الإيمان والأستنارة ... جاء المسيح يسوع نورا للعالم ومن يؤمن به يحيا فى النور ويسير فى النور ويكون له نور ابدياً ليرث الملكوت السماوى كملائكة النور. ذات مرة قالت الفيلسوفة العمياء، الصماء، الخرساء "يوجد شئ واحد أسوأ من العمي وهو إن يكون للأنسان عينان ولا يُيصر". المسيحي له عيون داخلية هي البصيرة الروحية المستنيرة بالإيمان وكلما يقترب ويتحد بالمسيح في الأسرار وبالصلاة والمحبة والأقتداء بالمسيح ينير للغير وكما ينعكس نور الشمس على كواكبها، فإن المسيحي المؤمن ينعكس عليه نور المسيح فيصير هو أيضاً نوراً للعالم، وها هو الرب يُخاطبنا قائلاً: { أنتم نور العالم... فليُضئ نوركم هكذا قدَّام الناس لكي يروا أعمالكم الحسنة، ويمجِّدوا أباكم الذي في السموات} (مت 5: 14و16). الإيمان ينقلنا من الظلمات الي النور {لتفتح عيونهم كي يرجعوا من ظلمات إلى نور، ومن سلطان الشيطان إلى الله، حتى ينالوا بالإيمان بي غفران الخطايا ونصيباً مع المقدَّسين.} (أع 26: 18).
+ نحن يا أحبائى واثقين بايماننا الأقدس ونحياه وعالمين ان الله قادر على رعايتنا وقيادتنا لنكون له ابناء وخدام لملكوته السماوى فى نوره العجيب{ الله لم يعطنا روح الفشل بل روح القوة و المحبة والنصح . فلا تخجل بشهادة ربنا ولا بي انا اسيره بل اشترك في احتمال المشقات لاجل الانجيل بحسب قوة الله . الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى اعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي اعطيت لنا في المسيح يسوع قبل الازمنة الازلية . وانما اظهرت الان بظهور مخلصنا يسوع المسيح الذي ابطل الموت وانار الحياة والخلود بواسطة الانجيل . الذي جعلت انا له كارزا ورسولا ومعلما للامم . لهذا السبب احتمل هذه الامور ايضا لكنني لست اخجل لانني عالم بمن امنت وموقن انه قادر ان يحفظ وديعتي الى ذلك اليوم }(2 تيمو 7:1-12). وفي شرح الرب لمَثَل زوان الحقل، أعلن الرب عن تمجيد قديسيه في اليوم الأخير قائلاً: {حينئذ يُضيء الأبرار كالشمس في ملكوت أبيهم} (مت 13: 43).
2- المعمودية والاستنارة...
ا- المعمودية تنقلنا من مملكة الشيطان والظلمة الي مملكة المسيح فى النور وهي موت مع المسيح وقيامة معه كابناء النور { ولكن تذكروا الأيام السالفة التي فيها بعدما أنٌرتم صبرتم علي مجاهدة آلام كثيرة} (عب 3:10). هكذا المولود أعمي عندما أغتسل في بركة سلوام أتي بصير وأستنار عقله ووبخ اليهود علي عدم إيمانهم بمن فتح عينيه. المعمودية تهب أستنارة بالروح وتنير أنساننا الداخلي وننال مغفرة للخطايا ويحل المسيح فينا { لان الذى قال أن يشرق نور من ظلمة، هو الذى أشرق في قلوبنا لانارة معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح} (2كو6:4) . المعمودية تعطي أستنارة للمؤمن وحكمة وتمييز ليكون لنا الإيمان العامل بالمحبة ونعرف مجد ميراثنا فيه { مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو مجد ميراثه في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدة قوته} ( أفس 18:1-19). فالمعمودية هي سرُّ إنارة المؤمن، ومن هنا فهي تُسمَّى سرَّ الاستنارة.
ب- بالمعمودية نولد من فوق كأبناء الله بالتبني، ويشرق علينا نور الإيمان وننمو في معرفه ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ونحيا أسرار الكنيسة ونجاهد برجاء منتظرين المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي .
ج- بالمعمودية يحل علينا روح الله ونتقدس بالميرون لنكون هيكلاً لله (1كو 3: 16؛ 6: 19). فلنطلب دائما من الله ان يعطينا البصيرة الروحية لنحيا كابناء وبنات مقدسين ومكرسين حياتنا لله لنعرفه ونعبده بالروح والحق ونتدرج في معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ. { إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!»}(رو 8 : 15). { فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ }(رو 8 : 17) . نطلب كابناء فنأخذ ونسأل فيعطى لنا ونقرع ويفتح لنا.
3- التوبة والأستنارة .... ان رجوع الخاطئ إلى الله ينقله من الظلمة إلى نور الله العجيب، ولهذا جاء النور الى العالم ليهبنا النور ويبدد أعمال الظلمة. ومن اجل هذا دعي الرسل إلى التوبة {قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور}( رو 13 : 12). الإنسان الخاطئ يحيا في الظلام، كما أن البغضة والكراهية من الخطايا التي تجعلنا نحيا في الظلمة {من قال انه في النور وهو يبغض أخاه فهو إلى الآن في الظلمة ومن يحب أخاه يثبت في النور وليست فيه عثرة }( 1 يو 2 : 9-10). نحن نحتاج الي توبة دائمة ومهما حاولت قوات الظلمة ان تعثرنا، يجب أن نجاهد مع الله من اجل خلاصنا {لا تشمت بي يا عدوتي إذا سقطتُ أقوم ، إذا جلست في الظلمة فالربّ نور لي }( أم 7 : 8 ). نتوب ونعترف ونحرص على نقاوة حواسك وفكرك لا سيما عيوننا . فسراج الجسد هو العين فان كانت عينك بسيطة فجسدك كله يكون نيّراً، وان كانت عينك شريرة فجسدك كله يكون مظلماً، فان كان النور الذي فيك ظلامًا فالظلام كم يكون}( مت 6 : 23 ). نحن كابناء للنور مدعوين لا للتوبة فقط بل لحياة القداسة والتعفّف. نحن مدعوين أن تكون نورا يضئ للذين في العالم . لكن لنعلم ان النور الذي فينا ليس منا انه كنور القمر في الليل، يستمده من نور الشمس. وإذا ابتعدنا عن إلله أصبحنا مظلمين لا نور فينا . وكلما اقتربنا من نور المسيح ازداد نورنا. لقد مكث موسى النبي مصليّاً لله في الجبل أربعين يوما وعندما رجع لم يستطع بنو إسرائيل ان يروا وجهه لأنه كان يشع نورا وأنت كذلك، عندما تجلس مع مصدر النور تستضئ بنوره ويشرق في قلبك وعقلك ويقود خطواتك، ويرى الآخرون أعمالك الحسنة ويمجّدوا أباك الذي في السموات . علينا اذا أن نجاهد ونسلك بتدقيق ونطلب من الله أن ينير حياتنا بعمل روحه القدوس ونسلك في طريق الفضيلة ومحبة الله والغير ونصلي ليستخدما الله حسب صلاحه وبره لكي يرى الناس أعمالنا الصالحة ويمجدوا ابانا السماوي.أن سيرة القديسة مريم المجدلية ومريم المصرية وموسي الأسود وأغسطينوس وكل قديسي التوبة تعلمنا كيف تستطيع نعمة الله أن تغيير وتقدس وتنير كل من يرجع الي الله ويتوب ويحيا مع الله وتكون سيرته نور لكثيرين من بعده.
4- الكتاب المُقدّس والنور... ان أردت ان تستنير وتقترب من فكر الله ادخل الى الكتاب المقدس في تواضع وحب، وقل أنر يا رب عينيّ قلبي وعقلي وأجلس في هدوء وأقراء كلمات الكتاب طالباً ارشاد روح الله وان عصي عليك شئياً في الفهم ابحث عن تفسيره في كتابات الأباء القديسين ،ان كلام الله نور {سراج لرجلي كلامك ونور لسبيلي }(مز 119 : 105). والوصية مصباح ،والشريعة نور، أن كلمة الله هي واسطة لا يُستغنى عنها للحياة في النور { وصية الرب مُضيئة تنير العينين عن بُعْد.} (مز 19: 8). ولعلاقة الكلمة بالنور يقف الشمامسة عند قراءة الإنجيل حوله حاملين الشموع إشارة إلى نور كلمة الله. وفي شركة الصلاة نحن نلتقي مع مصدر النور، وبقدر عمق الصلاة وحبنا لكلمة الله، بقدر ما تستنير أعماق المؤمن وينكشف له نور محبة الله ويستضئ فكرنا وتتعمق معرفتنا بالله ويصبح المؤمن منارة لمن حوله هكذا راينا القديس أثناسيوس الرسولي والأنبا أنطونيوس والبابا شنودة الثالث أستناروا بكلمة الله وعاشوها وعلموها وصاروا من أعمدة الكنيسة فى تعاليمهم وسيرتهم.
5- الكنيسة والأستنارة ... الكنيسة بكونها منارة ونور منها نستنير بتعاليمها وأستقامة إيمانها ونحي أسرارها والتناول من شركة الجسد والدم يجعلنا نتحد بالمسيح ونثبت فيه ويزيل منا كل ظلمة الشر. الكنيسة مصدر أستنارة للمؤمنين فهي بيت الصلاة والأسرار والتعليم والتعزية والتقديس، وسُمِّي برجها بالمنارة، فهي للمؤمنين كالفنار للسفن وسط أمواج بحر العالم تقودنا للنجاة من طوفان شر العالم. ومنها نتعلم المسيحية كما عاشها ابنائنا القديسين. ومن الكنيسة ورعاتها نتعلم كيف يكون المؤمن نوراً للعالم، يحب حتي أعدائه ويكون رحيم ومحسن للجميع ينثر حوله السلام والفرح، ويدين بسلوكه النقي أعمال الظلمة والانحراف من حوله، ويُبشـِّر الهائمين في ظلمة الخطية بالنور الحقيقي؛ الكنيسة تعلمنا أن نعيش حياتنا كلها في النور. الكنيسة تنادي بتعالم مخلصها وتدعونا للشهادة للنور وللسهر والانتباه والتدقيق والاستعداد الدائم للقاء الرب {وأما أنتم أيها الإخوة فلستم في ظلمة حتى يُدرككم ذلك اليوم كلص. جميعكم أبناء نور وأبناء نهار، لسنا من ليل ولا ظلمة. فلا نَنَمْ إذاً كالباقين، بل لنسهر ونَصْحُ... وأما نحن الذين من نهار فلْنَصْحُ لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة هي رجاء الخلاص.} (1تس 5: 4-6، 8). أبناء الظلمة يتستَّرون بالظلام، ولا يعرفون السهر الروحي أو الاستعداد؛ بل يسيروا وراء شهواتهم وفي شرهم يحسدوا أبناء النور أو يضطهدونهم ، لأن نورهم يُبكِّتهم.
والإيمان والمعمودية وعمل الروح القدس داخله ومن تعاليم المسيح المقدسة فيكون أشبه بمدينة مقدّسة يسكنها الله نفسه ويضئ لمن حوله فلا يحجب عمل الروح القدس داخله الجسد ولا المادة أو شهوات العالم بل يكون كمنارة وقدوة تهدى الغير لمحبة الله وعمل الخير فى عالم يحتاج لشهادة حية للإيمان المسيحي العامل بالمحبة. النور يشير إلى معرفة الحق والإيمان ، والظلمة تشير إلى الجهل به. لهذا قال المخلص "من يتبعني فلا يمشى في الظلمة، بل يكون له نور الحياة" (يو8: 12). وقيل في سفر الحكمة "أما الجاهل فيسلك في الظلام" (جا2: 14).
النور يشير إلى حياة القداسة والظلمة تشير إلى حياة الخطية. كما قال الرب {وهذه هي الدينونة أن النور قد جاء إلى العالم وأحب الناس الظلمة أكثر من النور لأن أعمالهم كانت شريرة. لأن كل من يعمل السيآت يبغض النور، ولا يأتي إلى النور لئلا توبخ أعماله. وأما من يفعل الحق، فيُقبل إلى النور لكي تظهر أعماله أنها بالله معمولة} (يو3: 19-21).

لا يمكن إخفاء النور ..... العالم يحتاج إلى النور. وأولاد الله مطلوب منهم أن يكونوا نورًا للعالم، هذه هي رسالتهم التي طلبها منهم الرب يسوع المسيح والنور يضئ في الظلمة، كلما زادت الظلمة، ذادت الحاجة إلى النور. وكلما زادت خطايا البشر في جيل من الأجيال، كلما ازدادت الحاجة إلى قديسين ينيرون في وسط هذا الجيل. إن مصباحًا واحدًا يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها. هكذا يستطيع قديس واحد أن ينير مدينة بأكملها، ومهما حاول القديس أن يخفى قداسته، فإنه لا يستطيع كقول المزمور عن عمل الرب أنه { يُخرج مثل النور برك} (مز37: 6). الأعمال النافعة لرجال الإيمان والعلم تبقي تخلد حياتهم وكم نحن مديونين لتوماس أديسون أختراعه المصباح الكهربائي كان لاختراع المصباح الكهربائي قصة مؤثرة في حياة أديسون، ففي أحد الأيام مرضت والدته مرض شديد، وقد استلزم الأمر إجراء عملية جراحية لها، إلا أن الطبيب لم يتمكن من إجراء العملية نظراً لعدم وجود الضوء الكافي، واضطر للانتظار للصباح لكي يجري العملية لها، ومن هنا تولد الإصرار عند أديسون لكي يضئ الليل بضوء مبهر فأنكب على تجاربه ومحاولاته العديدة من اجل تنفيذ فكرته حتى انه خاض أكثر من 900 تجربة في إطار سعيه من اجل نجاح اختراعه، وقال عندما تكرر فشله في تجاربه (هذا عظيم.. لقد أثبتنا أن هذه أيضا وسيلة فاشلة في الوصول للاختراع الذي نحلم به) وعلى الرغم من تكرار الفشل للتجارب إلا انه لم ييأس وواصل عمله بمنتهى الهمة باذلاً المزيد من الجهد إلى أن كلل تعبه بالنجاح فتم اختراع المصباح الكهربائي في عام 1887م. يقول أديسون (أن أمي هي التي صنعتني، لأنها كانت تحترمني وتثق في، أشعرتني أنى أهم شخص في الوجود، فأصبح وجودي ضروريا من اجلها وعاهدت نفسي أن لا اخذلها كما لم تخذلني قط). (تحلى بالإيمان وانطلق) عندما توفي اديسون في نيو جيرسي في 18 أكتوبر عام 1931 عن عمر يناهز 84 . أطفئت جميع أنوار ومصابيح أمريكا أعترافا بفضله علي أمريكا بل وعلي العالم كله. فلتكونوا يا أحبائي نور للعالم باعمالكم ومحبتكم وصلواتكم وليبارك الله حياتكم وينيرها بروحه القدوس، أمين.

الأربعاء، 2 أغسطس 2017

شعر قصير (55) الله محبة


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
(1)
" الله محبة"
علمنا الإنجيل ان اللي بيعمل خير بكره هيلقاه
واللي يعمل شر كمان ينال جزاء ما صنعته يداه
حتي لو نسيوه الناس، ربنا مش ممكن هاينساه
كأس ما بارد تقدمه بمحبه ربنا يفتكره فى سماه
أحنا تعلمنا نقدم خير وحب، دا المحبة هي الله
والمحبة لله والغير دي شاملة لمعظم وصاياه
واللي يحب الناس، هو اللي بالحقيقة بيعرف الله
........
(2)
" نسبح ونرنم للرب"
نسبح ونرنم للرب الهنا بأجمل الألحان
رحيم هو الرب وبار ودائم الأحسان
مراحمه جديده كل صباح وكله حنان
لم يعاملنا كخطايانا ويقدم لنا الغفران
يمهد لنا طريق الخلاص ويهبنا الإيمان
يقودنا بروحه القدوس علي مر الزمان
أحبوا الرب وأثبتوا فيه يا بني الإنسان
.....
(3)
" توبني فاتوب"
جايلك ياربي زي العشار وانا خاشع مطاطي
قلبي مثقل بالذنوب والهم وأنت الغافر العاطي
تغفر ذنوبي وتعالجنى وتشفي جهلي وأفراطي
أديني قلب جديد وروحك القدوس يجدد نشاطي
لا تطرحني من قدام وجهك وقوم أفاتي وضعفاتي
لا يحتاج الابرار الي توبة بل اللي زي أنا الخاطي
توبني يارب فاتوب ودبر حسب ارادتك أنت حياتي
......
(4)
" يارب"
يارب ياللي خلقت السماء ومافيها من نجوم
وكواكب سيارة في الفضاء وطيور حولينا بتحوم
خلقت الأرض وما عليها من بشر وأحياء وتخوم
جبلت المياة ومافيها من كائنات وأسماك بتعوم
يا ضابط الكل وواهب الإنسان الفهم وكل علوم
نشكرك يا اللي بيك نحيا ونتحرك يوم وراء يوم
أرح المتعب وهب الأمل للبائس وأنصف المظلوم
أدينا نصنع أرادتك ونحبك ومحبتنا لبعض تدوم
....
(5)
" سامع الصلاة"
لنا أباً صالحاً ومحباً وهو سامع لكل صلاة
أجيله بهمومي واطرحها أمامه واقوله يا أبتاه
أنظر وأعنا، فاختبر حبه ورحمته ويهبني نجاة
يتقدس اسمه ونذوق ملكوته داخلنا ويهبنا حياة
مشئيته الحلوة تتحقق فينا ونحيا كما في سماه
يغفر ذنوبنا فنغفر نحن لمن أخطأ الينا وننال رضاه
يسدد حاجاتنا ويدافع عنا ويقودنا ونسير للأبد معاه