نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الثلاثاء، 27 مارس 2018

مريح التعابى


القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ متاعب وأثقال الحياة ... عندما نتأمل فى حياتنا أو ننظر الي من حولنا نجد العالم ومن فيه يعاني المتاعب والأثقال الكثيرة ومن منا لا يبحث عن الراحة لنفسه المتعبة؟ ومن لا يسعي للحصول على السلام الداخلي والشعور بالرضا عن النفس والسلام مع الله والغير؟. قد يركض الإنسان وراء راحة البال وكانها سراب نطارده ولا ندركه فتمتلئ النفس بالهم والفكر بالقلق ويصاب الجسم بالأمراض والروح بالحزن!. ولقد دعانا الله ان ناتي اليه ونتعلم منه ونلقي همومنا عليه وهو يحملها ونعترف بخطايانا وهو يغفرها ونبثه متاعبنا وهو يريحنا وهو الذى قال: { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ، وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ}(مت 11 : 28- 30). أن لكل منا في الدنيا له متاعبه الخاصة، سواء كانت ظاهرة أو مكتومة في القلب، سواء كانت متاعب روحية، أو متاعب نفسية، أو متاعب جسدية، أو متاعب عائلية اجتماعية. سواء من أنفسنا أو من الناس حولنا أو من الشيطان وحروبه.
+ دعوة الله لنا ووعود صادقة ... جاء السيد المسيح ليخلص من هلك { قَدْ جَاءَ لِكَيْ يُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ}(مت 18 : 11). جاء ليخلص العالم من خطيئته { كُلُّنَا كَغَنَمٍ ضَلَلْنَا. مِلْنَا كُلُّ وَاحِدٍ إِلَى طَرِيقِهِ وَالرَّبُّ وَضَعَ عَلَيْهِ إِثْمَ جَمِيعِنَا (اش 53 : 6) وأيضًا جاء المسيح ليخلص العالم من آلامه ومتاعبه { لَكِنَّ أَحْزَانَنَا حَمَلَهَا وَأَوْجَاعَنَا تَحَمَّلَهَا.}(اش 53 : 4). أن الله يدعو جميع التعابي والمثقلين من الخطية أوالمرض أو الخلافات والصراع أن ياتو اليه وهو يريحهم. رغم أننا في متاعبنا قد نجلس مع آخرين فيزيدونا تعباً علي تعب. وقد نلجأ إلي البعض، فلا نجد منهم سوي الإهمال واللامبالاة. لكن المسيح المريح، كل من يلجأ إليه يستريح. الله يعطي الناس راحة وهدوًا وعزاءًا، وسلامًا وطمأنينة في الداخل. ويرفع عن الناس أثقالهم، ويحملها بدلًا عنهم ويريحهم. وهو يدعونا للعمل معه لنريح المتعبين ونساعد فى تضميد جراح المجروحين. علينا أن نلقي همومنا علي الله وهو يعولنا { أَلْقِ عَلَى الرَّبِّ هَمَّكَ فَهُوَ يَعُولُكَ. لاَ يَدَعُ الصِّدِّيقَ يَتَزَعْزَعُ إِلَى الأَبَدِ }(مز 55 : 22) عندما نشعر بثق الهموم علينا أن نلقيها على الله ونحدثه بصراحه عن سواء متاعبنا سواء من معاملة الآخرين أو ضغوطهم. أو ظلمهم أو قسوتهم.. أو كانت تتعبك شكوك أو أفكار، أو خطايا، أو عادات مسيطرة عليك، وتأكد أن الرب يعرف متاعبك أكثر مما تعرفها أنت ويريد أن يخلصك منها جميعًا.
+ الضيقة لا تعني تخلي عنا... قد تكون الضيقة تنقية للمؤمن أو لكي لا نتمسك بالأرض وشهواتها بل نتطلع للسماء وأمجادها أو أكاليل تمنح للمنتصرين الثابتين في الله الذى سمح حتى لرسله وقديسيه أن يعانوا، ولكنه كان واقفًا إلي جوارهم يريحهم.. كما قال القديس بولس عن نفسه ومن معه { مكتئبين في كل شي، لكن غير متضايقين. متحيرين لكن غير يائسين، مضطهدين لكن غير متروكين } (2 كو 8، 9). علينا في ضيقاتنا أن نلجأ الي الله وفيما هو تألم مجربا يستطيع أن يعين المجربين. أن الله لم يعدنا بعالم مفروش بالورود ولكن قال فى العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا أني غلبت العالم وسيغلب بنا أيضا ويريحنا متى لجأنا اليه، أن بعد الإنسان عن الله هو مصدر تعاسته وثقل حمله .. تحكي أحدى القصص أن إحد رجال الله ذهب ليقدم بشارة الإنجيل لحلاق ملحد في مدينة شيكاغو، وكانا يسيران معًا في حي من الأحياء التي ينتشر فيها الشر والفساد والإدمان، وكانت حالة الناس هناك تدعو إلى الرثاء وهم في منتهى البؤس والشقاء. أراد الحلاق إحراج المبشر، فبادره بالقول: "إذا كان يسوع يحب الخطاة المساكين كما تقول، فلماذا لم يخلص هؤلاء التعساء وينقذهم من حالتهم المتردية هذه؟ ". سكب رجل الله قلبه أمام الله في صمت، وفجأة مر أمامهما رجل قد أهمل حلاقة شعره وتنظيفه، فبدا منظره مقززًا، فقال للحلاق: "أنت رجل غير أمين في مهنتك، وإلا فما كنت تترك الرجل بهذا المنظر". استشاط الحلاق غضبًا وقال للمبشر: "كيف تتهمني بعدم الأمانة بسبب رجل لم أره من قبل، ولو أتى إلي لتغير شكله تمامًا"، فأجابه المبشر: "وسر تعاسة هؤلاء المساكين، هو أنه لم يأتوا إلى الرب يسوع ليطلبوا منه الخلاص".
+ الراحة فى المسيح يسوع ربنا .. وهو وعد ووعوده صادقة ان يريح من ياتوا اليه ففيه نكتشف محبّة الآب الفائقة ونتعرّف على حنوّه نحونا { الذي لم يشفق على ابنه، بل بذله لأجلنا أجمعين، كيف لا يهبنا أيضًا معه كل شيء؟! من سيشتكي على مختاري الله؟ الله هو الذي يبرّر! من الذي يدين؟ المسيح هو الذي مات بل بالأحرى قام أيضًا الذي هو أيضًا عن يمين الله الذي أيضًا يشفع فينا!}(رو 8: 32-35). في المسيح يسوع عرفنا الآب كمحب البشر لم يبخل علينا بشيء بل قدّم ابنه فِدية عنّا. فماذا نطلب بعد؟! وفي المسيح رأيناه الديّان والشفيع في نفس الوقت. المسيح يسوع سرّ راحة لجميع المتعبين. منه نتعلم التواضع والوداعة فقد جاء الي ارضنا وعاش ينادي بالمحبة للجميع حتى نحو الأعداء وفى تواضع الحكماء جال يصنع خير ورحمة نحو الجميع وعلمنا أن لا نهتم بالغد بل نثق فى الله الذى يهتم بطيور السماء وزنابق الحقل.
+ التوبة والأعتراف الحسن .. كالأبن الضال إنه كان في الكورة البعيدة يعيش في تعب. ثم فكر أن يأتي إلي أبيه ليستريح فأتى إليه بقلب منسحق يقول: "أخطأت إلي السموات وقدامك، ولست مستحقًا أن أدعي لك ابنًا" (لو 15: 21). وبهذا الانسحاق قلبه أبوه، وأقام له وليمه فرح وألبسه الحلة الأولي، وجعل خاتمًا في يده.. بينما أخوه الأكبر خسر الموقف، لأنه رفض أن يأتي، وتكلم مع أبيه بكبرياء قلب. علينا أن نصطلح مع الله، فربما يكون السبب الأصلي في مشاكلنا، أننا في خصومة مع الله وإن طرقنا لا ترضيه. ويقول لك الله: أنا مستعد أن أريحك، إنما المهم أن تترك الطريق الخاطئ الذي تسير فيه. {ارجعوا إلي، أرجع إليكم، قال رب الجنود} (ملا 3: 7). من الخطأ أن نسير علي نفس الطريق الخطأ ونتوقع نتائج جيدة!. أن أردنا إن نحصل على راحة البال علينا ان نقبل الي الله ونعترف بخطايانا ونتوب عن أثامنا وننال الغفران ونغفر لنفوسنا الاشياء التي لم نكن فيها كما يجب من أقوال أو تصرفات أو سلوك ونراعي أن لا تتكرر الأخطاء ونعالج ضعفاتنا بحكمة وصبر وطول بال فى بساطة وبدون تعقيد. علينا أن نتحلي بالبساطة وعدم التعقيد. البسطاء يدخلوا الي باب الراحة الحقيقيّة خلال اتّحادهم بالسيّد المسيح المتواضع القلب والوديع. يحملونه المسيح بالإيمان فيهم، فيجدون نيره هيّن وحمله خفيف، فتستريح نفوسهم في داخله. حقًا لقد دعانا السيد المسيح لحمل الصليب، لكن مادام الصليب خاص به والموت هو شركة معه تتحوّل الآلام إلى عذوبة والموت إلى حياة والصلب إلى قيامة، بهذا يصير النير هيّن، لأنه نير المسيح، والحمل خفيف لأنه حمل المخلص. أنا لست بحاجة لامتلاك ما يمتلكه الآخرون كي أستمتع بالحياة، فالله نصيبي ومعه لا اريد شئ على الأرض. والقناعة كنز لا يفنى، وان كان لاحد كثير فليس حياته فى أمواله بل يكثر المال مقرونا به الكدر.
+ المحبة والنوايا الحسنة ... يجب أن نتحلي بالمحبة تجاه الكل ونسعي للقيام بعمل ما ينبغي علينا القيام به من واجبات فى كل يوم فى علاقتنا بالله ومن حولنا وفى العمل باخلاص كقول الكتاب { ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس} (اع 24 : 16). نزرع المحبة حتى إن واجهنا الكراهية فالنار لا تطفئها النار بل الماء والنور يطرد الظلام والغبطة فى العطاء أكثر من الأخذ. ونعيش فى حدود يومنا فلا نقلق على ماضى قد ولي ولن يعود وننسي ما هو وراء ولا نقلق علي ما هو لم يات بعد فالمستقبل فى يد الله الأمينة ونعمل عمل اليوم فى ثقة بالله والنفس. نحيا فى رضا وقناعة بما نملك ونسعد بالاشياء الصغيرة التي بين أيدينا، نسعي الي فهم الآخرين وأسعادهم. نمنح المحبة والأبتسامة لمن حولنا ونقدم لهم الكلمة الطيبة برغبة صادقة فى مشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، نبتعد عن النزاعات والمجادلات العقيمة. نشكر الله على كل شئ { اشكروا في كل شيء لان هذه هي مشيئة الله في المسيح يسوع من جهتكم} (1تس 5 : 18). نجلس مع نفوسنا ولو عشرة دقائق كل صباح لشكر الله فى هدوء على نعمة الكثيرة وعلي اليوم الجديد وعلي نعمة الحياة والهواء والماء وفرصة العطاء وعلي كل ما لدينا من أشياء. نصلى من أجل أن يهبنا الله سلامه الكامل { وسلام الله الذي يفوق كل عقل يحفظ قلوبكم وافكاركم في المسيح يسوع }(في 4 : 7)
+ نغفر ونسامح عندما يُساء إلينا، أو تـُجرح مشاعرنا من أحد، علينا أن ندرّب أنفسنا على سرعة المسامحة والغفران. فلا نحتفظ بكراهية لأحد في قلوبنا فنحمل عب ثقيل يمرر حياتنا بل يجب أن نتخلص من مشاعر الغضب والضغينة التي بداخلنا من أجل سلامنا الداخلي وراحة نفوسنا وعندما نفعل هذا سنشعر بمدى الراحة فى المغفرة والصفح وننال المغفرة من الله. سليمان الحكيم بعد أن جرّب كل شيء في الحياة، صرَّح في النهاية قائلاً: { فلنسمع ختام الامر كله اتق الله واحفظ وصاياه لان هذا هو الانسان كله} (جا 12 : 13).
+ الصلاة بإيمان... البعض يأتوا إلي الله، ولكن ليس عندهم إيمان أن الله سيحل مشاكلهم! ويصلون وهم لا يحسون إن الصلاة ستكون لها نتيجة، لكن علينا أن نتمثل بايمان القديسين والمرأة الخاطئة التائبة "إيمانك خلصك، فاذهبي بسلام (لو 7: 50) وقال للأبرص الذي شفي "قم وأمض.. إيمانك خلصك" (لو 17: 19). وقال للأعمى المستعطي في أريحا "أبصر إيمانك قد شفاك" (لو 18: 42) وقال للأعميين "بحسب إيمانكما. لذلك تعال إليه بإيمان، واثقًا أنه سيريحك، وحينئذ ستستريح.
+ نحمل الصليب بشكر .. كما قال لنا {احملوا نير عليكم، وتعلموا مني فإني وديع ومتواضع القلب، فتجدوا راحة لنفوسكم} (مت 11: 29). حمل النير يشاركنا فيه ربنا فيحمل الحمل الأكبر هو ويعطينا السلام الداخلي وراحة البال والضمير. نأتي إلي الله بذنوبنا فيغفرها ونتركها فيرحمنا وفى كل يوم نري أحساناته المتجددة. نحيا حياة التسليم والشكر خاضعين لمشيئته، متذكرًا قول الرسول: { واحسبوه كل فرح يا أخوتي، حينما تقعون في تجارب متنوعة} (يع 1: 2). بهذا لا يضغط علينا التعب، المتاعب التي في الخارج لا تستطيع أن تؤثر علي القلب الذى يمتلي يالسلام الداخلي والطمأنينة والفرح، حتى في وسط الضيقات. وإن لم يكن لنا هذا الشعور فلنطلبه من الله. وهو الذي يهبنا السلام، لأنه هو القائل "سلامي أترك لكم، سلامي أنا أعطيكم" (يو 14: 27). أن من ثمار الروح "محبة وفرح وسلام (غل 5: 22).
أنت راحتي ...
+ يارب الي من نذهب وكلام الحياة الأبدية عندك؟ وأين نجد الراحة مالم ناخذها منك يا ملك السلام؟. أن العالم فاقد للسلام فلا يعطيه بل من يقبل اليه يتعبه ويشقيه!. لقد بحث الكثيرين عن الراحة والسعادة فى آبار العالم المشققة التي لا تضبط ماء فحصدوا العطش والتعب والشقاء.
+ اليك يا من دعوتنا الي ينابيع المياة الحية نأتي ومنك وحدك نطلب أن تشبع أرواحنا وتروي نفوسنا بروحك القدوس وتشفي أمراضنا بنعمتك وتقودنا فى موكب نصرتك ليعظم أنتصارنا بك أنت وحدك ويشتد عودنا ويكمل فرحنا ويتحقق سلامنا.
+ لقد دعوتنا أن نأتي اليك بمتاعبنا ونلقى عليك باحملنا ووعدت أنك تريحنا منها، ونحن نثق فى وعودك ونلبي دعوتك ونطلب أن تكون لنا سلاماً وراحة فى القلق والضيق، وفرحاً وعزاءاً فى الحزن والتعب ورفيق فى الطريق وشبعاً فى الجوع والحرمان وأنت لنا الآب السمائي الذى نطلبه فى كل حين ويستجيب لنا فنكون به دوماً فرحين.

الجمعة، 16 مارس 2018

قداسة البابا شنودة قدوة صالحة وطاقة حب


للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
البابا المحب لله ...
+ قدوة صالحة وميراث عظيم.. ونحن نحتفل بالذكري السادسة لقداسة البابا شنودة الثالث نراه حياً يعيش بيننا بعظاته وكتبه وتعاليمة وسيرة المقدسة، فلم يترك أحد عبر التاريخ الحديث،عظات ذهبية مكتوبة ومسموعة ومرئية مثلما ترك لنا المتنيح مثلث الرحمات قداسة البابا شنودة، والذى جال يبشر بتعاليم وقيم السيد المسيح عبر مسيرة حياته ومنذ ان بدء يخدم الاولاد الصغار، كان يحب ان يخدم الجميع لاسيما التلاميذ الصغار الذين لا يود غيره خدمتهم لكونهم مشاكسين ويجذبهم بالمحبة الى الله ويعدل من سلوكهم ويحررهم ويستغل نشاطهم الذائد فى العمل الروحى منذ ان كان طالباً جامعياً فى جامعة فؤاد الاول قسم التاريخ بكلية الاداب بالقاهرة فى 1943م ودارس للاهوت وخادم يخدم فى مدارس الاحد ثم طالبا للاهوت ووعاظاً وخادماً امينا. وعبر عن محبته لله فى اشعاره التى كتبها فى شبابه المبكر، ثم من محبته لله ذهب دير السريان ليحيا حياة المحبة لله ويمارسها فقد تمت رسامته راهبا باسم الاب أنطونيوس السريانى حبا فى أب الرهبان فى18/7/1954م على يد الانبا ثاؤفيلس وكان قد تتلمذ على اب قديس هو القمص ميخائيل ابراهيم وشرب محبة الله من ارشاد سلفه العظيم القمص مينا المتوحد الذى صار البابا كيرلس السادس.
+ من اجل محبته لله عاش وعمل وعلم ... فقد دخل الى حياة الوحدة عقب رهبنة بسنتين وكان يقضى الليل فى صلاة وسجود وعمل وبحث وترجمة للكتب الروحية والنسكية وكان له الصلة القوية بالله كرجل صلاة . ذات مرة ذهب اليه الاب صرابامون السريانى الذى سامه البابا بعد ذلك فى سنة 1973 اسقفا ورئيس لدير الانبا بيشوى ، بالماء وبعض البقول والخبز وكان يحملها على جمل واراد ان يسأله عن بعض الامور الروحية وترك الجمل خارج المغارة واخذهما الحديث وعندما هم بالرحيل لم يجدا الجمل فقد اختفى فى الصحراء وطمأن الاب انطونيوس صديقه فبعد رحلة بحث فى الصحراء اقبل القديس مارمينا يوقف الجمل ثم يختفى. وعندما دُعى من الله ليكون أول أسقف للكلية الأكليريكة والتعليم فى سبتمبر 1962م لم يكف عن محبة الله واشعالها فى النفوس، فالانسان المتذوق لمحبة الله يريد ان يشعل العالم كله حبا. وكما قالت النفس البشرية فى سفر النشيد {اجذبني وراءك فنجري. نبتهج ونفرح بك نذكر حبك اكثر من الخمر بالحق يحبونك} (نش 1 : 4). هكذا كان قداسة البابا سفير المحبة الالهية على الارض والداعية اليها وكل من سمعه راى فيه المحبة العاملة والمتأملة والتى تقول ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب. واستطاع قداسته ان يجمع بين حياة الخدمة ومحبة الوحدة وحياة النسك . فحتى بعد ان ترك الدير للخدمة وبعد ان صار بطريركاً كان يقضى كاول بابا وبطريرك للكنيسة القبطية نصف اسبوعه فى القاهرة والاسكندريه فى الخدمة ومتابعة شئون الكنيسة والنصف الاخر فى مقره فى دير الانبا بيشوى بالصحراء وكنت تراه يسير فى الدير كواحد من الاباء فى تواضع ووداعه القديسين وبقى هكذا حتى عندما ضعف الجسد وكثرت الامراض فى العقد الاخير من حياته .
المحبة لله والغير كصدى لمحبة الله لنا
+ المحبة قمة الفضائل .. هكذا عاش البابا شنودة الثالث يعلم عن عظمة محبة الله لنا { الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه} (1يو 4 : 1). وكان البابا يدعو فى كل تعاليمه على نهج معلمه الصالح الى محبة اللة وان نحب بعضنا بعضا. وهذه هي وصية الله { وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} (مت 35:22-40). والمحبة كما قال قداستة البابا هى جامعة لكل الفضائل { وأما غاية الوصية فهى المحبة، من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء} (1كو 1:13-3). ان المحبة المطلوبة منا هى صدى لمحبة الله لنا { فى هذا هى المحبة . ليس اننا نحن أحببنا الله، بل ان الله قد أحبنا وقد ارسل ابنه كفارة لخطايانا} (1يو 10:4). يقول قداسة البابا : ( ان الله قد أحبنا قبل أن نوجد، ومن اجل ذلك أوجدنا. فوجودنا هو ثمرة محبة لله. حينما كنا فى عقلة فكرة وفى قلبة مسرة) .
+ الله ومحبته كهدف روحى فى حياتنا ... اننا يجب ان نسعى الى معرفة الله ومحبته والاتحاد به كهدف روحى لحياتنا. كتب قداسة البابا فى شبابه المبكر قائلا : (لماذا أصوم؟ ولماذا اصلى؟ ولماذا أقرأ؟ هل لكى اصبح رجل صلاة، أو رجل صوم أو خلوة أو معرفة ؟ هل اريد ان تكبر نفسي، أو أن أكبر فى عينى نفسى، عن طرق النجاح والنبوغ فى هذا الطريق؟ هل أنا أحب الله ذاته، أم أحب الطريق الذى يوصل اليه؟ وتسأل قداسته قائلا هل اصلى من أجل لذة ومتعة الحديث مع الله وحلاوة الوجود فى حضرته أم من أجل أن أكتسب فضيلة أصل بها الى الحياة الاخري؟ وهل الصلاة فى نظرى هدف فى ذاتها أم مجرد وسيلة ؟ يجب قداسته قائلا ومعلماً ان كنت أثور على انسان عطل خلوتى وصلاتى ومن اجل الصلاة والخلوة، افقد سلامى الداخلى، وافقد سلامى مع الناس، وبالتالى يتعكر قلبى وافقد سلامى مع الله أيضا، اذن فقد اصبحت الصلاة هدفاً لا وسيلة، وفى سبيل هذا الهدف قد انحرف واخطى !. ان العبادة هى مجرد طرق يوصل الى الله، ولكن الهدف هو الله ذاته. والمحبة طريق والخدمة طريق ولكن واحداً هو الهدف، أعنى الله .. لماذا اذن نفقد الله من اجل المحافظة على الطريق الذى يوصل اليه ؟! . اننا نحب الصلاة والحديث مع الله لانها تقودنا الى الله. ثم يخلص قداسته فى نهاية الامر للقول : الكمال هو ان يكون طريقنا الى الله هو الله لانه ذاته هو الطريق ).
+ السيد المسيح جعل المحبة كعلامة يتميز بها تلاميذه... وكانت المحبة هى آخر وصية طلبها منا الرب { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض} (يو 34:13-35). بل نجد ان القديس يوحنا الحبيب يجعل المحبة علامة للميلاد من الله فقال { كل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله. ومن لا يحب لم يعرف الله، لان الله محبة } (1يو 1:7-8). لقد أحب المسيح شعبه وبذل ذاته فداءا عنه وهكذا تعلم البابا شنودة من سيده واحب شعبه وقضى سنة حياته يناضل من أجل تعليمنا محبة الله وكان قائداً ذو رؤية ثاقبة وتواضع جم ومحبة روحية خالصة تسعى لخلاص كل أحد وهكذا احبه شعبه وتقاطرت الالف المولفة لحضور جنازنه واالقاء نظرة الوداع عليه . كما تابع الملايين عبر شاشات التلفاز من مختلف القارات جنازة القرن كما اسمتها الجرائد المصرية وغيرها من وسائل الاعلام . لقد كان البابا شنودة وسيبقى سفير المحبة والإيمان ورجل السعى الى السلام والوحده بين كل ابناء الشعب المصرى . عانى البابا اليتم من امه عقب ولادته بثلاثة أيام وعانى انتقال ابيه فى الصغر ولكن نعمة الآب السماوى غمرت قلبه وأضاءت حياته فاعطى حياته لله والكنيسة والوطن ولهذا اصبح سفير للسماء ونورا للعالم وسيرة عطرة نتعلم منه فى حياته وتعلقت الملايين به وسنظل ننهل من بحر تعاليمه وسيرته العطرة .
+ الدين رحلة حب نحو الله والناس ... ان الدين هو مسيرة محبة نحو قلب الله وتعبر فى طريقها ويعبر عنها فى محبة الناس وخدمتهم، فالمحبة كما قال عنها القديس بولس الرسول هى رباط الكمال { وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال }(كو 3 : 14). فهى الرباط المقدس الذى يربط الناس بالله وهى جوهر الدين والتدين . ونحن لا نستطيع ان نصل الى محبة الله دون ان نحب الناس ولهذا نجد الانجيل يعلمنا { الذى لا يحب أخاه الذى يبصره، فكيف يحب الله الذى لا يبصره} (1يو20:4). ان محبتنا للناس تنتج عنها العديد من الفضائل: تلد الثقة والتعاون، والعطاء والبذل، والصداقة والتضحية، والسلام مع الغير. وتجعل الانسان يضحى ويحتمل ويبذل من أجل راحة الآخرين وسعادتهم وهكذا كان قداسة البابا، فكما عمل وعلم قداسته قائلاً : (المحبة هى خروج من الذات وانانيتها . بحيث ينسى الانسان ذاته ليربحها، فلا ينحصر الانسان فى مصلحته وانانيته انما فى داخل قلوب الناس ويحيا لاجل الغير وعمل الخير ويري الانسان ان خير الغير هو خير له وهكذا عاش ابينا البابا شنودة الثالث فملك على قلوبنا بمحبته وقادنا الى محبة الله والغير والخير ).
+ بالمحبة عاش البابا ... المحبة هى الاصل فى العلاقة بين الله والانسان، وبين آدم وحواء ونسلهما بل وبين الانسان والحيونات وفى ظل المحبة لم يكن فى طبع الحيونات الوحشية أوالافتراس ولم يعمل الانسان على قتل او اصطياد الحيونات وهكذا عاش الانسان مع كل اشكال الحيونات والطيور حتى عصر نوح وفى الفلك . المحبة هى الاصل والبغضة دخيلة على الطبع البشرى بسبب الطمع والانانية والكراهيته وعمل وحسد ابليس . هكذا عاش ابائنا المتوحدين فى الصحراء مع الوحوش فى آلفة وعدم اعتداء بل خضعت لهم الوحوش فنسمع عن اسدين ياتيا للانبا انطونيوس ليقوما بنبش واعداد مكان ليوارى فيه جسد الانبا بولا أول السواح فى منتصف الفرن الثالث الميلادى، وكما قال احد الاباء ان الطاعة والتواضع يخضعان لنا الوحوش ، كان قداسة البابا كيرلس السادس فى وحدته تتألف معه حتى الوحوش والزحافات من حيات وعقارب وهكذا عاش البابا شنودة فى مغارته فى الصحراء بل استطاع بمحبته ان يحول كثيرا من الذين هم ضده الى اصدقاء.
+ المحبة فضيلة عظمى ... يعلمنا الكتاب ان المحبة هى أعظم الفضائل وكل فضيلة خالية من المحبة ليس فضيلة حقيقية ، هكذا ان لم يكن عطائنا للفقراء فيه محبة فهو ليس شئ. هكذا كان قداسة البابا كما شهد عنه المقربين منه لاسيما فى لجنة البر كل خميس التى كان يحرص على خدمتها بنفسه فكل الحالات التى كانت تصل اليه كان يقدم لها أكثر مما تطلب وكان المحتاجين يشعرون بمدى حرصه على خدمتهم وارضائهم كمن يرضى الله وهذه هى الديانته الطاهرة الكاملة المرضية لدى الله الآب. فهو الذى قال : (ان الله فى يوم الحساب، سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط على ما فيها من حب. اما الفضائل الخالية من الحب فليس محسوبة لنا بل أخشى ان تكون محسوبة علينا. فالمحبة تدخل فى كل وصية حسب قول الكتاب {لتصر كل أموركم فى محبة}1 كو14:16. فان وصلت الى المحبة تكون قد وصلت الى الله واذا ملكت محبة الله على قلبك فانها تطرد منه الخطية وتطرد الخوف).
+ المحبة والخدمة ... المحبة هي الدافع للخدمة ونجاحها واستمرارها ولقد كانت حياة السيد المسيح وتجسدة مسيرة حب من الله نحو الانسان وكل معجزاته وأعماله كان يفعلها من اجل محبته وتحننه وعلى خطاه كانت مسيرة حياة قداسة البابا مسيرة محبة وبذل وكانت المحبة هى الدافع لخدمته القوية ومن اجل المحبة نجحت الخدمة ونمت وأمتدت وكما يقول قداسته (الاصل فى الخدمة هو ان نحب الله وملكوته وابنائه وبناته ونريد ان يحبوا الله ونبذل كل جهد لنقوم بعمل المحبة نحوهم ) وهذا ما رايناه فى راعى رعاة كنيستنا مثلث الرحمات البابا شنودة، فليذكر له الله تعب محبته وعطائه من أجل خدمة الكنيسة وشعبها وبلاده واستقرارها وسلامها وليصلي عنا رعاة ورعيه لنسير بالمحبة ونقوى في الإيمان ونحيا بالرجاء الراسخ ونرث مع القديسين ونشاركهم أفراح السماء، أمين .

السبت، 10 مارس 2018

تاملأت فى أحد السامرية


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ السيد المسيح يحرر الخطاة ... فى إنجيل أحد السامرية نجد الملخص الصالح يبحث عن النفس الخاطئة، والباحثة عن المحبة والشبع والأرتواء بطرق خاطئة. لقد كانت هذه المرأة تنتظر المسيحا ولا تعرفه، فجاء اليها خصيصا ليحررها ويجددها ويجعلها تكرز بمحبته ومعرفته ويعالج ضعفاتها ويعلن لها أنه المسيح المنتظر لليهود والسامريين والأمم لان ليس باحد غيره الخلاص { وَكَانَ لاَ بُدَّ لَهُ أَنْ يَجْتَازَ السَّامِرَةَ. فَأَتَى إِلَى مَدِينَةٍ مِنَ السَّامِرَةِ يُقَالُ لَهَا سُوخَارُ بِقُرْبِ الضَّيْعَةِ الَّتِي وَهَبَهَا يَعْقُوبُ لِيُوسُفَ ابْنِهِ. وَكَانَتْ هُنَاكَ بِئْرُ يَعْقُوبَ. فَإِذْ كَانَ يَسُوعُ قَدْ تَعِبَ مِنَ السَّفَرِ جَلَسَ هَكَذَا عَلَى الْبِئْرِ وَكَانَ نَحْوَ السَّاعَةِ السَّادِسَةِ. فَجَاءَتِ امْرَأَةٌ مِنَ السَّامِرَةِ لِتَسْتَقِيَ مَاءً فَقَالَ لَهَا يَسُوعُ: «أَعْطِينِي لأَشْرَبَ»} (يو 4:4-7). ورغم حالة العداوة التاريخية بين اليهود والسامريين، فان السيد المسيح جاء ليزيل العداوة ويقدم المحبة والشبع لكل نفس ومنها هذه المرأة السامرية. لقد أظهر أحتياجه للماء مع أنه معطي الماء الحي { أَجَابَ يَسُوعُ: «لَوْ كُنْتِ تَعْلَمِينَ عَطِيَّةَ اللَّهِ وَمَنْ هُوَ الَّذِي يَقُولُ لَكِ أَعْطِينِي لأَشْرَبَ لَطَلَبْتِ أَنْتِ مِنْهُ فَأَعْطَاكِ مَاءً حَيّاً». قَالَتْ لَهُ الْمَرْأَةُ: «يَا سَيِّدُ لاَ دَلْوَ لَكَ وَالْبِئْرُ عَمِيقَةٌ. فَمِنْ أَيْنَ لَكَ الْمَاءُ الْحَيُّ؟. أَلَعَلَّكَ أَعْظَمُ مِنْ أَبِينَا يَعْقُوبَ الَّذِي أَعْطَانَا الْبِئْرَ وَشَرِبَ مِنْهَا هُوَ وَبَنُوهُ وَمَوَاشِيهِ؟».أَجَابَ يَسُوعُ: «كُلُّ مَنْ يَشْرَبُ مِنْ هَذَا الْمَاءِ يَعْطَشُ أَيْضاً. وَلَكِنْ مَنْ يَشْرَبُ مِنَ الْمَاءِ الَّذِي أُعْطِيهِ أَنَا فَلَنْ يَعْطَشَ إِلَى الأَبَدِ بَلِ الْمَاءُ الَّذِي أُعْطِيهِ يَصِيرُ فِيهِ يَنْبُوعَ مَاءٍ يَنْبَعُ إِلَى حَيَاةٍ أَبَدِيَّةٍ».} ( يو 10:4-14). أنه يتعامل معنا بالطريقة التي تتناسب كل أحد فمع الإبن الضال الذى ترك بيت أبيه بإرادته، بعد أن تذوق حب أبيه، يحاصره بالضيقات والمجاعة ليقارن مع الحال في بيت أبيه وحاله في كورة الخطية ليندم ويعود الي الله. ومع المرأة الخاطئة (لو7) نراه يشجعها بنظراته الحانية وبدفاعه عنها ويعلن لها أنه غفر لها خطاياها الكثيرة فتحبه كثيراً وتبكي عند قدميه وتنال الغفران والخلاص. ومع مريض بيت حسدا (يو5). نري السيد يذهب اليه كمريض لا يشغله سوى شفائه من مرضه ومن يلقيه في البركة، فالسيد يشفيه ثم يطلب منه أن لا يخطئ ثانية. ولكن نرى الخطاة في معاملتهم مع المسيح يختلقون المعاذير حتى لا يتوبوا ويرجعوا وحتى لا تتواجه النفس مع نور المسيح ولتبقى في ظلمة الخطية، وكمثال لأعذار الخطاة نرى هذه السامرية تتحج وتقول أنت يهودي وأنا سامرية فلا معاملات بيننا. كما يظن كثير من الناس أنهم طالما أخطأوا فالله لن يتعامل معهم. ولكن السيد المسيح يبحث عن الخطاة ليشفيهم من خطيتهم.ثم تعلن المرأة له أنه لا دلو لك والبئر عميقة كما يظن البعض أن الله لا يستطيع أن يسد حاجتهم. ثم عندما كلمها عن الماء الحي {قالت له إعطنى هذا الماء} ظناً أن الماء ماء مادي. وكثيرون لا يعرفون المسيح سوى للماديات، بغير تفكير في عطاياه الروحية. ثم أنتقلت الي موضع السجود في هروب من مواجهة الله {أباؤنا سجدوا في هذا الجبل}. أنها مناقشة غير مجدية. كثيرون إذا كلمتهم عن الذهاب للكنيسة يبدأون في الحوار عن الفروق بين الأديان والطوائف وتتوه المناقشة والمطلوب منا التوبة ومعرفة الله والسجود لله بالروح والحق.
+ السيد المسيح وأهب ماء الحياة ...
أن أجسادنا تشرب وتعطش، أما الروح فهي تشرب وترتوي ولا تعود تشعر بالعطش بل تنمو فى محبة الله . ومن يشرب من الماء الذي يعطيه الله ينتمي للسماويات فلا تعود الدنيا تشغله بملذاتها. من يشرب من الماء الذي يعطيه الله يتجدد ويتحرر ويتقدس. أن الماء الذي يعطيه الله هو ماء فياض يروي الآخرين. ومن يشرب ويجري وراء شهوات العالم يعطش ولا يرتوي فآبار العالم مشققة لا تضبط ماء. لهذا عاتب الله شعبه قديما { لان شعبي عمل شرين تركوني انا ينبوع المياه الحية لينقروا لانفسهم ابارا ابارا مشققة لا تضبط ماء }(ار 2 : 13). الماء الذي يعطيه الله ماء يروي الروح وليس الجسد فقط. الروح القدس هو النبع الدائم الجريان الذى يروي ويسعد ويجدد الحياة الروحية ويعطي محبة وفرح وسلام. والروح القدس هو الذي يستعلن لنا المسيح فنشتاق أن نعرف أكثر ونراه أوضح، ويصير في داخلنا فرح وتهليل يظل ينبع بفيضان فنعيش بإطمئنان في بهجة الخلاص نشرب منها كل يوم. فالمياه الحية التي أسماها المسيح عطية الله حينما تستقر في نفس الإنسان تصبح قوة حية فاعلة تسكن هيكل الإنسان تحييه وتجدده مثلها مثل عطية الحياة التي ينالها الإنسان من التناول من الأسرار المقدسة بانسحاق (يو54:6). وفي سفر النشيد نسمع "أختى العروس جنة مغلقة ينبوع مختوم" أي أن مواردها من الداخل وليس لها حاجة لشئ من الخارج. وماء الحياة من الداخل فعلينا أن لا نسعى إليه خارجاً عن دائرة قلوبنا. عندما نعتمد ونمسح بالميرون المقدس نصير هياكل مقدسة لله وبالتوبة والأعتراف نتنقي من خطايا العالم وشهواته وندخل دائرة الحياة الأبدية، لقد طلب منها السيد المسيح ان تدعى زوجها فقالت له ليس لي زوج! ودخل معها فى حوار لتعترف بخطيتها وشعرت بهيبة الجالس أمامها، وحتى هذه اللحظة هي شعرت أنه على إتصال بالله ولكنه إنسان، عندما أفرغت المرأة خطاياها إستضاءت عينها ورأت المسيح على قدر ما استطاعت أن تبصر{ أرى أنك نبي.} بالإعتراف ينفتح القلب لله فتتدفق نعمة الله داخل القلب. والمرأة شعرت بهذه النعمة أن المسيح قادر أن يرى ما لا يراه الآخرون.
+ السجود بالروح والحق لله ....
العبادة لله تشغل الإنسان منذ أن خلقه الله، فنحن مخلوقين علي صورة الله ومثاله وتظل أرواحنا تشتاق لله. رغم أن الكثيرين زاغوا وفسدوا وأعوزهم مجد الله. كانت عبادة الله ومكان العبادة تشغل المرأة السامرية، لقد حاولت الهروب من ماضيها، ولكن كان المهم أنها إنكشفت لنفسها واعترفت بخطيتها. والأكثر واقعية أنها إكتشفت أن الذي أمامها قادر أن يقودها في الطريق الصحيح ولكن إلى أين سيأخذها، هل إلى أورشليم حيث يقول اليهود أم إلى جرزيم حيث يقول السامريين. لقد إنقلبت الخاطئة إلى مصلية تبحث أين تصلي، والمسيح لم يدخل في شكليات التدين والمظهرية التي تبعدنا عن الله بل دخل إلى العمق، إلى السجود لله بالروح والحق. فنحن لو قدمنا عبادة حقيقية سنعرف أين الحق. يجب ان يكون هدف عبادتنا أن نعرف المسيح ونسجد لله بالروح والحق. أي سجود بإنتماء حقيقي لله، من أناس يعيشوا لله ويتقدسوا وبالمسيح نعرف الحق. السيد المسيح أرسل لنا الروح القدس يقودنا في العبادة الحقة ضد كل ما هو باطل ووهمي. والروح تشير لشعور العابد وإنسحاقه والحق تشير لفكر الساجد عن الخالق الذي يسجد له. والمسيح هو الإستعلان الكامل للآب، فنحن صرنا نسجد لمن نعرفه. الآب طالب مثل هؤلاء الساجدين له فهو يجذبهم إليه. ولأن الله روح يطلب الساجدين بالروح والحق فلا الزمان ولا المكان يحد من سجودنا الحقيقي لله. العبادة في المسيحية لا ترتبط بمكان ولا زمان ولا جنس. بل الكل يسجدون للآب، إذ آمنوا بإبنه المسيح وحل فيهم الروح القدس ليقودهم في العبادة بالروح. نطلب مجد الله لا أشياء تافهة لأنفسنا. السجود لا يعني فقط الإنحناء بل هو الشعور بوجود الله والإنسحاق أمامه. يشعر المؤمن بخطاياه ونجاسته في مقابل قداسة الله وعطاياه ومحبته. مثل هذا السجود يعطي للإنسان أن يقبل توبيخ وتبكيت الروح القدس وتشجيعه ويخرج الإنسان من صلاته وهو مملوء سلاماً وقد إزداد إنسحاقاً. وكلما إزداد إنسحاقاً يمتلئ من الروح وتظهر ثمار الروح القدس فيه. ولذلك ينبغي أن ندخل للصلاة ونحن تاركين مشاغل العالم طالبين محبته ومعرفته ونمتلئ من الروح فيسهل على الروح أن يقودنا للعبادة التي تفرح قلب الله وتفرحنا. والإتصال بالله هو طعام الروح، إن لم يتم فالروح تجف ويبطل عملها، فلا يعود الإنسان يشعر بوجود الله، بل يشك في الله وفي الحياة الأبدية وذلك لأن أداة الإتصال معطلة. أن روح الإنسان النشطة تصير مكاناً لسكنى الروح القدس ومرافقته. فإذا أهمل الإنسان السجود بالروح لا يعود يحظى بزيارة الروح القدس والنعمة وتترصده الخطية فتتعتم الرؤيا. السجود بالحق يملك الروح على القلب فيستنير المؤمن ويعرف الحق. فتكون لنا فكرة صحيحة عن الله الذي نقدم له العبادة. ونعرف إرادته وفكره فمن يقدم عبادة لله وقلبه مملوء من الشهوات العالمية والأحقاد وطلب الماديات أو طلب الإنتقام من أحد فهذا ليس سجود بالحق. ومن يطلب الله لأجل الماديات فقط، لم يفهم أن الله أبدي وأعد لنا مجداً في الأبدية هو الذي يجب أن نتعلق به. السجود بالحق هو أن الله الحق يقودنا لنعبده بالحق فنعرف الحق فنتحرر. ومن يصلي وهو شاعر أن الله لا يمكنه حل مشكلته، هو لا يعبد بالحق، فهو لم يعرف أن الله قدير ولا يعسر عليه أمر. لكن من يصلي طالباً معرفة شخص المسيح القدير يكون ساجداً بالحق. وكما أعطى الله للإنسان الشهية للأكل أعطى الروح الشهية للعبادة والسجود والصلاة.
لقد تركت المرأة السامرية جرتها عند البئر وذهبت تبشر أهل بلدتها أنه وجدت المسيا المحرر والشبع والذى يجدد الإنسان ويشبع قلبه وروحه وفكرة بعمل نعمته لقد دعت كل الناس وملأ المسيح فكرها وقلبها فإن من يجد المسيح ينسى نفسه وكل شئ من إهتماماته. قالت لهم { قال لي كل ما فعل} هذا أكثر ما أثر في نفسيتها أن المسيح فاحص القلوب. ولكل إنسان إكتشافه الخاص في المسيح الذي يؤثر فيه ويجذبه. هذا التلامس مع المسيح يغير حياة من يعرفه ويستنير قلبه وروحه. فالتائب الحقيقي يسهل عليه أن يعترف علناً وهذا يطهره دم المسيح. أما السالك في الظلمة فلا يرى خطاياه. هناك من آمن بسبب شهادة المرأة، ثم بعد أن استمعوا له آمنوا به أكثر جداً بسبب كلامه. والعجيب أن أهل السامرة لم يطلبوا آيات أو معجزات بل إقتنعوا بالتعليم. {وقالوا للمرأة أننا لسنا بعد بسبب كلامك نؤمن لأننا نحن قد سمعنا ونعلم أن هذا هو بالحقيقة المسيح مخلص العالم.} (يو 42:4).
علمنا أن نصل بالروح والحق..
* علمنا يارب أن نأتي اليك ونعترف الأعتراف الحسن مقرين بخطايانا وأثامنا وضعفنا، طالبين الصفح والمغفرة فليس عبد بلا خطية ولا سيد بلا غفران. أنت وحدك غافر الخطايا ومانح العطايا ومتوجنا بالخيرات. نصلي لكي تشبع حاجتنا لمحبتك وتروي عطش نفوسنا الباحثة عن الشبع والأرتواء فانت الذى تعطي المحبة الكاملة والرجاء الثابت والإيمان الحقيقى.
* علمنا يارب أن ندخل بالروح الي عمق العبادة بالروح والحق. أنت هو الحق وبدونك لن نصل الي الحق والحقيقة وأن حررتنا من الضلالة التي فى العالم نعرفك أيها الآب القدوس وننمو في المعرفة ويقودنا روحك القدوس لنعبدك بالروح ونكون حارين فى الروح ساجدين لك بكل مهابة وأكرام ومحبه.
* علمنا يارب أن نجول نصنع خير نعلن محبتك لكل أحد، ليعلن للجميع أنك مخلص العالم، الذى جاء ليطلب ويخلص من هلك ويرده الي أحضانه الأبوية ونعمته الغنية ونقول للجميع ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب، أمين.

السبت، 3 مارس 2018

خير الكلام (7) الرجوع الي الله


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ
{For this my son was dead and is alive again; he was lost and is found.} Luke 15:24""
+ فى رحلة حياتنا الروحية والتي يمثلها بصورة مصغرة الصوم الكبير ، نحن نسعي ونجاهد لنصل الي السماء وهناك نكنز كنوزنا، لنحيا الحياة الأبدية مع الله فى فرح وتسبيح وشكر وسعادة دائمة مع الله والملائكة والقديسين، ولابد أن نعلم أن لنا أعداء يقاوموا نجاحنا ونمونا الروحي فيجب أن نجاهد ونتحرر من الأنانية والخطية ومحبة العالم وننتصرعلي إبليس وقواته ونغلب شهوة الجسد وشهوة العيون ومظاهر العالم الخادعة والبراقة ببساطة العيون ونقاوة القلب وبفكر المسيح وبالإيمان العامل بالمحبة وننتصر بالصلاة والصوم والتواضع وكلمة الله القوية والأنقياد لروح الله. وعندما نسقط أو نخطئ عن جهل أو كسل أو نسيان أو ضعف بشري فعلينا أن نقوم ونرجع الله الله بالتوبة والأعتراف والرجوع الى الله. ومهما كانت خطايانا وجهلنا كالأبن الضال أو تكرار الخطية كما المرأة السامرية وحتى لو ظن البعض أننا بعدنا وهلكنا فان السيد المسيح جاء ليطلب ويخلص من قد هلك { لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ قَدْ جَاءَ لِكَيْ يَطْلُبَ وَيُخَلِّصَ مَا قَدْ هَلَكَ}(لو 19 : 10). أن الله كأب صالح أنعم علينا بمواهب ووزنات وعطايا يجب أن نستخدمها حسنا ونستثمرها لمجد الله وعمل الخير ونتجار بها ونربح ونسمع أخيرا { فَقَالَ لَهُ سَيِّدُهُ: نِعِمَّا أَيُّهَا الْعَبْدُ الصَّالِحُ وَالأَمِينُ. كُنْتَ أَمِينا فِي الْقَلِيلِ فَأُقِيمُكَ عَلَى الْكَثِيرِ. ادْخُلْ إِلَى فَرَحِ سَيِّدِكَ }(مت 25 : 21).
+ لقد ظن الأبن الضال أن سعادته فى الحصول علي الأموال والشهوات والحرية المزيفة بالبعد عن بيت الأب { فَقَالَ أَصْغَرُهُمَا لأَبِيهِ: يَا أَبِي أَعْطِنِي الْقِسْمَ الَّذِي يُصِيبُنِي مِنَ الْمَالِ. فَقَسَمَ لَهُمَا مَعِيشَتَهُ. وَبَعْدَ أَيَّامٍ لَيْسَتْ بِكَثِيرَةٍ جَمَعَ الاِبْنُ الأَصْغَرُ كُلَّ شَيْءٍ وَسَافَرَ إِلَى كُورَةٍ بَعِيدَةٍ وَهُنَاكَ بَذَّرَ مَالَهُ بِعَيْشٍ مُسْرِفٍ. فَلَمَّا أَنْفَقَ كُلَّ شَيْءٍ حَدَثَ جُوعٌ شَدِيدٌ فِي تِلْكَ الْكُورَةِ فَابْتَدَأَ يَحْتَاجُ.} ( لو 12:15-14). لقد أكتشف الأبن الضال أن البعد عن الله موت روحي وضياع وفقدان للكرامة الإنسانية. أن المال لا يشتري راحة البال أو راحة الضمير. المال قد يشتري البيت لكن لا يشتري السعادة. يشترى الوسادة لكن لا يمنح النوم الهادي. قد يجلب لنا أصدقاء لكنهم أصدقاء مصلحة يبتعدوا بمجرد ما يحصلوا علي بغيتهم أو تتبدد ثروتنا فلا نجدهم وقت الأحتياج { لأَنَّ مَحَبَّةَ الْمَالِ اصْلٌ لِكُلِّ الشُّرُورِ، الَّذِي اذِ ابْتَغَاهُ قَوْمٌ ضَلُّوا عَنِ الإِيمَانِ، وَطَعَنُوا انْفُسَهُمْ بِأَوْجَاعٍ كَثِيرَةٍ (1تي 6 : 10) . كما أن الشهوات قد تشبع بعض الرغبات لكن لا تحقق أو تعطي الأشباع والسلام الداخلي. بالأبتعاد عن الله ينبوع الحياة نعطش وبالبعد عن يسوع نجوع ولا نرتوي الا بينابع الروح القدس { وَفِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ الْعَظِيمِ مِنَ الْعِيدِ وَقَفَ يَسُوعُ وَنَادَى: «إِنْ عَطِشَ أَحَدٌ فَلْيُقْبِلْ إِلَيَّ وَيَشْرَبْ. مَنْ آمَنَ بِي كَمَا قَالَ الْكِتَابُ تَجْرِي مِنْ بَطْنِهِ أَنْهَارُ مَاءٍ حَيٍّ». قَالَ هَذَا عَنِ الرُّوحِ الَّذِي كَانَ الْمُؤْمِنُونَ بِهِ مُزْمِعِينَ أَنْ يَقْبَلُوهُ } ( يو 37:7-39). لقد أعترف القديس أغسطينوس أشهر من كتبوا أعترافاتهم " أن أرواحنا قد خلقت علي صورة الله ولن تجد راحة الا فيه وبه ومعه". أن أبتعادنا عن السيد المسيح يجعلنا نبتعد عن مصدر الحكمة ونتصرف بطيش وجهل فنتعثر. الخطية تورث القلق والحزن والكأبة وحياة الشر والشهوات غير المنضبطة هى أبتعاد عن مصدر الحياة والفضيلة وتنتج موت وهلاك.
+ التوبة هى رجوع الي النفس . فحسنا فعل الأبن الضال أذ رجع الي نفسه { فَرَجَعَ إِلَى نَفْسِهِ وَقَالَ: كَمْ مِنْ أَجِيرٍ لأَبِي يَفْضُلُ عَنْهُ الْخُبْزُ وَأَنَا أَهْلِكُ جُوعاً!. أَقُومُ وَأَذْهَبُ إِلَى أَبِي وَأَقُولُ لَهُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ. وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. اِجْعَلْنِي كَأَحَدِ أَجْرَاكَ.} ( 17:15- 19). علينا أن نرجع الي أنفسنا فنحاسبها أو نعاتبها أو حتى نعاقبها، لانه متى حاسبنا أنفسنا وحكمنا عليها نصحح أخطائها وننجو في يوم الدينونة ومتى عاتبنا أنفسنا نقوم أخطائها وعندما نعاقبها ونتوب ونرجع الي الله يرد لنا بنوتنا ونفرح معه فى السماء . هكذا عاتب الله الشعب قديما لانهم لم يرجعوا الي أنفسهم ثم اليه { لانه هكذا قال السيد الرب قدوس اسرائيل بالرجوع والسكون تخلصون بالهدوء والطمانينة تكون قوتكم فلم تشاءوا} (اش 30: 10). يجب أن نرجع لأنفسنا ونتخذ القرارات المناسبة والسريعة لتصحيح مسيرتنا وأصلاح سيرتنا. الأعتراف بخطيئتنا لله وتركها يجعلنا ننال المغفرة والصفح من الله { من يكتم خطاياه لا ينجح ومن يقر بها ويتركها يرحم}(ام 28 : 13). فنحن لدينا نفس واحدة لو لم نربحها فنخسر كل شئ{ لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت 16 : 26).
+ الرجوع الي الله ... علينا أن نرجع الي الله بالأعتراف الحسن والأقرار بالخطأ ونطلب المغفرة ونثق أنه أب صالح لا يسر بموت الخاطئ مثلما يرجع وتحيا نفسه. أن الأحضان الأبوية تنتظر رجوعنا اليه { فَقَامَ وَجَاءَ إِلَى أَبِيهِ. وَإِذْ كَانَ لَمْ يَزَلْ بَعِيد اًرَآهُ أَبُوهُ فَتَحَنَّنَ وَرَكَضَ وَوَقَعَ عَلَى عُنُقِهِ وَقَبَّلَهُ. فَقَالَ لَهُ الاِبْنُ: يَا أَبِي أَخْطَأْتُ إِلَى السَّمَاءِ وَقُدَّامَكَ وَلَسْتُ مُسْتَحِقّاً بَعْدُ أَنْ أُدْعَى لَكَ ابْناً. فَقَالَ الأَبُ لِعَبِيدِهِ: أَخْرِجُوا الْحُلَّةَ الأُولَى وَأَلْبِسُوهُ وَاجْعَلُوا خَاتَماً فِي يَدِهِ وَحِذَاء فِي رِجْلَيْهِ. وَقَدِّمُوا الْعِجْلَ الْمُسَمَّنَ وَاذْبَحُوهُ فَنَأْكُلَ وَنَفْرَحَ. لأَنَّ ابْنِي هَذَا كَانَ مَيِّتاً فَعَاشَ وَكَانَ ضَالاًّ فَوُجِدَ. فَابْتَدَأُوا يَفْرَحُونَ.} ( لو 20:15-24). والتوبة والأعتراف لله أمام أب الأعتراف تهبنا الراحة والعلاج والأرشاد والحل والمغفرة { فقال داود لناثان قد اخطات الى الرب فقال ناثان لداود الرب ايضا قد نقل عنك خطيتك لا تموت }(2صم 12 : 13). التوبة تمحو الخطايا وتبعد الضيق والكأبة وتجلب الفرج { فتوبوا وارجعوا لتمحى خطاياكم لكي تاتي اوقات الفرج من وجه الرب} (اع 3 : 19). والله من رحمته يامر جميع الناس بالتوبة ويتغاضي عن جهلنا وضعفنا ويحول حزننا الي فرح قلب { فالله الان يامر جميع الناس في كل مكان ان يتوبوا متغاضيا عن ازمنة الجهل} (اع 17 : 30).
+ التوبة تعيد لنا ثياب البر والغني الروحي الذي يسلبه منا الشيطان والذى نفقده بالخطية والأسرار المقدسة تعطي عنا خلاصاً وغفراناً للخطايا وتفرح الملائكة والقديسين وتسر قلب الله. فلنتب يا أحبائي ونسهر علي خلاص نفوسنا ونجاتنا من طوفان بحر العالم { لنفحص طرقنا ونمتحنها ونرجع الى الرب} (مرا 3 : 40). ونخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور ونجاهد بالصبر ناظرين الي رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع { قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور} (رو 13 : 12). إن كان عمل التوبة يبدأ بعودة الإنسان إلى نفسه بالروح القدس ليكتشف أنه في حالة جوعٍ، مدركًا أن الأنانية والخطية قد أردته على الأرض منهارًا وجعلته جائع الي أبارا العالم المشققة التي لا تضبط ماء ولا تروي عطشان، والخطية تكتشف لنا ضعفنا وتوقعنا تحت حكم الموت الأبدي. لكن الروح القدس يكشف عن بصيرة التائب ، ليرى في مخلِّصه يسوع المسيح القائم من الأموات أنه سّر القيامة. إنه يهب موتى الخطية، قيامة وحياة ورجاء ليعيش التائب في خبرة الحياة المقامة فى المسيح يسوع وينتصر علي الشيطان والخطية والضعف والموت. التوبة ليست عملاً سلبيًا خلاله يكتشف الإنسان ضعفاته وهلاكه فقط بل التوبة عمل إيجابي فيه يقبل المؤمن مسيحه كسرّ قيامته وحياته ويقول التائب مع القديس بولس الرسول { استطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني } (في 4 : 13) . ونعيش كل أيام غربتنا مختبرين الحياة المقامة مع المسيح، منطلقًين من قوَّة إلى قوَّة، ومتمتعين بمجد ونعمة وقوة القيامة وننال الحياة الأبدية مع القديسين، أمين.