نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 29 سبتمبر 2016

(136) فكر روحية لكل يوم - الشكر لله والغير



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ الشكر لله والغير صفة يتصف بها ذوى القلوب المحبة والطيبة المقدرين لغيرهم على محبتهم وعطاياهم، أما التذمر وعدم العرفان بالجميل فهو صفه للأشخاص الأنانيين المحبين لأنفسهم فقط والذين تعودوا على الأخذ دون العطاء. هكذا مدح السيد المسيح السامرى الأبرص الذي شفاه وهو الوحيد الذى رجع من بين عشرة برص ليقدم الشكر لله { وَفِيمَا هُوَ دَاخِلٌ إِلَى قَرْيَةٍ اسْتَقْبَلَهُ عَشَرَةُ رِجَالٍ بُرْصٍ فَوَقَفُوا مِنْ بَعِيدٍ. وَصَرَخُوا: «يَا يَسُوعُ يَا مُعَلِّمُ ارْحَمْنَا». فَنَظَرَ وَقَالَ لَهُمُ: «اذْهَبُوا وَأَرُوا أَنْفُسَكُمْ لِلْكَهَنَةِ». وَفِيمَا هُمْ مُنْطَلِقُونَ طَهَرُوا. فَوَاحِدٌ مِنْهُمْ لَمَّا رَأَى أَنَّهُ شُفِيَ رَجَعَ يُمَجِّدُ اللهَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ. وَخَرَّ عَلَى وَجْهِهِ عِنْدَ رِجْلَيْهِ شَاكِراً لَهُ. وَكَانَ سَامِرِيّاً. فَقَالَ يَسُوعُ: «أَلَيْسَ الْعَشَرَةُ قَدْ طَهَرُوا؟ فَأَيْنَ التِّسْعَةُ؟.أَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَرْجِعُ لِيُعْطِيَ مَجْداً لِلَّهِ غَيْرُ هَذَا الْغَرِيبِ الْجِنْسِ؟». ثُمَّ قَالَ لَهُ: «قُمْ وَامْضِ. إِيمَانُكَ خَلَّصَكَ».} ( لو 12:17-19). الله يريد منا الأعتراف بمحبته وأحساناته ونعمه علينا. هكذا شكر القديس بولس الله علي نعمته { اشكر الهي في كل حين من جهتكم على نعمة الله المعطاة لكم في يسوع المسيح }(1كو 4:1). وعلمنا الكتاب أن نشكر فى كل حين { اشْكُرُوا فِي كُلِّ شَيْءٍ، لأَنَّ هَذِهِ هِيَ مَشِيئَةُ اللهِ فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ مِنْ جِهَتِكُمْ }(1تس 5 : 18). وتعلمنا الكنيسة أن نبدأ كل صلواتنا بصلاة " أبانا الذى فى السموات" ثم بعدها مباشرة "صلاة الشكر" ليكون لدينا شكر لله صانع الخيرات الرحوم لانه سترنا وأعاننا وقبلنا ونطلب من أن يحفظنا ويعيننا كل أيام حياتنا،.
+ الله يطلب منا الشكر لمحبته ومغفرته وصبره ورحمته وعلينا أن نشكره أيضا عطاياه وحين يمنع عنا الشرور أو حتى حين يسمح بالضيقات لفائدتنا وخلاصنا من الكبرياء والبر الذاتي والأنانية فعلينا ان نشكر فى كل حين علي كل شئ. { لاَ تَهْتَمُّوا بِشَيْءٍ، بَلْ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالصَّلاَةِ وَالدُّعَاءِ مَعَ الشُّكْرِ، لِتُعْلَمْ طِلْبَاتُكُمْ لَدَى اللهِ}(في 4 : 6). شكرنا لله لصلاحه ورحمته { فاشكروا له كلكم لانه صالح لان رحمته الى الابد} (يهو 13 : 21). وكما يقول مار أسحاق السرياني " لا موهبة بلا زيادة الإ التي بلا شكر" فلنتدرب يا أحبائى أن ناخذ في كل يوم ولو خمسة دقائق فقط من وقتنا ونشكر الله على نعمة وعمله واحسانته معنا ومع أحبائنا، لا ننظر الي ما ليس معنا ونتذمر بل ننظر الي ما هو معنا ونشكر فالقناعة كنز لا يفني وبالشكر تدوم النعم.
+ من الواجب الإنساني أن نشكر أيضا كل من يقدم لنا خدمة ونقدم الكلمة الطيبة فى وقتها والمحبة الصادقة للجميع ولاسيما الذين يصنعوا معنا الخير ونعبر لهم عن تقديرنا لدعمهم ومساندتهم لنا. نتعود على الرقي والرقة فى التعامل، نجول كمخلصنا الصالح نصنع خير ونبذل فى هدوء ونقدم محبتنا ومساعدتنا لمن حولنا { فَلاَ نَفْشَلْ فِي عَمَلِ الْخَيْرِ لأَنَّنَا سَنَحْصُدُ فِي وَقْتِهِ إِنْ كُنَّا لاَ نَكِلُّ }(غل 6 : 9). نهتم باسرتنا وأصدقائنا وزملائنا ونعمل الخير نحو الجميع { فَإِذاً حَسْبَمَا لَنَا فُرْصَةٌ فَلْنَعْمَلِ الْخَيْرَ لِلْجَمِيعِ، وَلاَ سِيَّمَا لأَهْلِ الإِيمَانِ} (غل 6 : 10. ونشكر أهلنا على تعبهم معنا، وأصدقائنا علي تعلمنا منهم، زملائنا على الوقت الطيب الذى نقضيه معهم. أشكركم أيضا أحبائي الأعزاء لوجودكم فى حياتى أصدقاء وعلى حسن متابعتكم وتقديركم وأصغائكم لي أيضا. فحياتنا تصبح أحلي بكلمة شكرا .

الاثنين، 26 سبتمبر 2016

عيد الصليب المجيد

+ الصليب شعار المسيحية وقوتها....
الصليب هو شعار المسيحية وعنوانها وعلمها فهو رمز البذل والمحبة والفداء والعطاء والتواضع وهو فخر المسيحيين، يرسموه علي أياديهم وأعلى كنائسهم ويرشموا الصليب على أنفسهم في الضيق والفرح، والدخول والخروج، وبعلامة الصليب تتقدس الأماكن والأشياء وتحدث المعجزات وتنهار عن طريقه قوى الشيطان لما لهذه العلامة العظيمة من قوة وبركة وعزاء وقداسة، وكما يقول القديس بولس الرسول { وَأَمَّا مِنْ جِهَتِي، فَحَاشَا لِي أَنْ أَفْتَخِرَ إِلاَّ بِصَلِيبِ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ، الَّذِي بِهِ قَدْ صُلِبَ الْعَالَمُ لِي وَأَنَا لِلْعَالَمِ} (غل 6 : 14). نحن نفتخر بالصليب من أجل المصلوب عليه مخلص البشرية حتى لو كان الصليب جهالة عند غير المؤمنين فهو يمثل قوة محبة الله وحكمته { فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ اللهِ }(1كو1 : 18). وكل من يؤمن بعمل المسيح الخلاصي علي الصليب ويحيا الإيمان العامل بالمحبة ينال الحياة الأبدية ويخلص كقول الرب { وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الْحَيَّةَ فِي الْبَرِّيَّةِ هَكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ. لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.الَّذِي يُؤْمِنُ بِهِ لاَ يُدَانُ والَّذِي لاَ يُؤْمِنُ قَدْ دِينَ لأَنَّهُ لَمْ يُؤْمِنْ بِاسْمِ ابْنِ اللَّهِ الْوَحِيدِ.} (يو14:3-18). وفى أفتخارنا بالصليب وتبعيتنا للمسيح المصلوب والقائم منتصراً علي الشيطان والموت فاننا نحمل الصليب ونتبع المسيح الهنا القائل { إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي }(مت 16 : 24). ومن أجل المسيح نصلب كل شهوة غريبة عن محبة الله ونحيا بالإيمان بيسوع المسيح المصلوب {مَعَ الْمَسِيحِ صُلِبْتُ، فَأَحْيَا لاَ أَنَا، بَلِ الْمَسِيحُ يَحْيَا فِيَّ. فَمَا أَحْيَاهُ الآنَ فِي الْجَسَدِ، فَإِنَّمَا أَحْيَاهُ فِي الإِيمَانِ، إِيمَانِ ابْنِ اللهِ، الَّذِي أَحَبَّنِي وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِي}(غلا 2: 20).
+ عيد الصليب تاريخيا....
عيد الصليب المقدس أو عيد اكتشاف الصليب المقدس، ويسمى أيضاً عيد رفع الصليب المحي. وتحتفل به كنيستنا القبطية مع الكنائس الأرثوذكسية والكاثوليكية تذكاراً لأكتشاف خشبة الصليب المقدسة فى عهد الملك قسطنطين وأمه القديسة هيلانة ولهذا العيد أصول تاريخية ومنها ما ذكره المؤرخ الكبير أوسابيوس القيصري بأن الملك قسطنطين الكبير (311ـ 337) رأى علامة الصليب في السماء على مثال نور بهيئة الصليب مع مكتوب تحتها عبارة: (بهذه العلامة تغلب(. فرسم علامة الصليب على اعلام ودروع جيشه وأنتصر به على أعدائه كما أن أقدم شهادة عن وجود خشبة الصليب المقدس في أورشليم جاءتنا في عظة للقديس كيرلس الأورشليمي الذي ذكر في سنة 347م. بأن ذخائر خشبة الصليب المقدس وجدت الآن في العالم. ومن قوله هذا يمكن الاستنتاج بأن خشبة الصليب اكتشفت في الفترة بين 335ـ 347 م. وذكرت ايجيريا الراهبة الأسبانية في أخبار رحلاتها الى فلسطين بأن تذكار اكتشاف الصليب يكون فى تكريس كنيسته وبأنه كان يجرى الأحتفال به فى القدس لمدة سبعة ايام يتمم خلالها تقديم الصليب المقدس لتسجد الناس له اكراماً وتشفعاً. وعندما قام الفرس بغزو اورشليم ونهبها سنة م. كانت خشبة الصليب المقدس بين جملة الغنائم التي أخذوها ونقلوها معهم وبقي الصليب في حوزتهم حتى قام الإمبراطور الروماني هرقل وانتصر على كسرى الثاني ملك الفرس سنة 628م. وأعاد خشبة الصليب المقدس الي إورشليم بأحتفالات وتراتيل الأبتهاج ويذكر التقليد أنّ الملك هرقل حمل الصليب على كتفه وسار به بحفاوة كبيرة بين الجموع المحتشدة إلى الجلجثة وهناك أحسّ الملك بقوة خفية تصده وتمنعه من دخول المكان فوقف الأسقف زكريا بطريرك أورشليم وقال للإمبراطور: (حذار أيها الملك أن هذه الملابس اللأمعة وما تشير اليه من مجد وعظمة تبعدك عن فقر المسيح يسوع وتواضع الصليب) وفي الحال خلع الملك ملابسه الفاخرة وارتدى ملابس بسيطه فى تواضع وتابع مسيره حافي القدمين حتى الجلجثة حيث رفع عود الصليب المكرم فسجد المؤمنون على الأرض، وهم يرنمون (لصليبك يارب نسجد ولقيامتك المقدسة نمجد). وأضيف تذكار هذه المسيرة الى عيد ارتفاع الصليب في 27من شهر سبتمبر من كل عام.
+ الصليب والفداء والحب ....
+ في العهد القديم كان الإنسان الخاطئ يجب أن يكفر عن خطيئته فيقدم ذبائح حيوانية طاهرة بدلا عنه معترفا بخطاياه لكي يكفر عن الخطية.(لا 11: 17). وكانت هذه الذبائح كتمهيد وأشارة الي المسيح المصلوب على الصليب من أجل خلاصنا فلا يمكن أن يكون هناك "كفارة" عن الخطية بدون سفك الدم أو بذل الحياة. وهكذا أمر الله شعبه قديما بتقديم ذبيحة لفداء شعبه ورشم دم الذبائح على قوائم بيوتهم ليعبر عنهم الملاك المهلك { وَيَكُونُ لَكُمُ الدَّمُ عَلاَمَةً عَلَى الْبُيُوتِ الَّتِي أَنْتُمْ فِيهَا فَأَرَى الدَّمَ وَأَعْبُرُ عَنْكُمْ فَلاَ يَكُونُ عَلَيْكُمْ ضَرْبَةٌ لِلْهَلاَكِ حِينَ أَضْرِبُ أَرْضَ مِصْرَ }(خر 12 : 13). من هنا نرى أهمية ذبيحة العهد الجديد في دم المسيح إذ أن المسيح قدم ذاته وسفك دمه على الصليب لفداء البشرية جميعا كي يكفر عن خطيئة كل البشر، لكل من يؤمن بعمل الصليب. إن ذبيحة العهد الجديد في دم المسيح، قد وفت مطالب العدل الإلهي اللازمة للفداء، وأرضى المخلص بروح أزلي مطالب الله القدوس وصالحنا مع الأب {يُصَالِحَ بِهِ الْكُلَّ لِنَفْسِهِ، عَامِلاً الصُّلْحَ بِدَمِ صَلِيبِهِ، بِوَاسِطَتِهِ، سَوَاءٌ كَانَ: مَا عَلَى الأَرْضِ، أَمْ مَا فِي السَّمَاوَاتِ} (كو 1: 20). الصليب المقدس وموت المسيح المحيي وقيامته المقدسة شهادة عمليه على فداء الله ونعمته الغنية نحو البشر. فالله في محبته خلقنا وتعهدنا بالخلاص ولهذا أقام العهد معه شعبه قديما بدم الذبائح ويشهد دم الذبيحة من جنة عدن حين ستر الله عري ابوينا أدم وحواء بدم الحملان { وصنع الرب الإله لآدم وامرأته اقمصة من جلد والبسهما}(تك 3: 21). وكما لبس الإنسان الساقط جلد حيوان بريء ليستر عريه فإن الله قدم ذاته ذبيحة؛ لكي يستر عرينا وهكذا سُفك دم الحمل الذي بلا عيب لاجلنا على الصليب { الَّذِي قَدَّمَهُ اللهُ كَفَّارَةً بِالإِيمَانِ بِدَمِهِ لإِظْهَارِ بِرِّهِ مِنْ أَجْلِ الصَّفْحِ عَنِ الْخَطَايَا السَّالِفَةِ بِإِمْهَالِ اللهِ }(رو 3 : 25) أنها النعمة الغنية التي لله الذى يفدينا من الهلاك الأبدي ويغفر لنا خطايانا {الَّذِي فِيهِ لَنَا الْفِدَاءُ، بِدَمِهِ غُفْرَانُ الْخَطَايَا، حَسَبَ غِنَى نِعْمَتِهِ} (اف 1 : 7).
+ كما أن الفداء بالصليب برهان على المحبة الإلهية المتدفقة نحو البشرية وهو دعوة لنا لنحب الله من كل القلب والفكر والنفس {نَحْنُ نُحِبُّهُ لأَنَّهُ هُوَ أَحَبَّنَا أَوَّلاً }(1يو 4 : 19) ودعوة للسلوك بروح المحبة نحو الجميع كما يقول الكتاب {وَاسْلُكُوا فِي الْمَحَبَّةِ كَمَا أَحَبَّنَا الْمَسِيحُ أَيْضاً وَأَسْلَمَ نَفْسَهُ لأَجْلِنَا، قُرْبَاناً وَذَبِيحَةً لِلَّهِ رَائِحَةً طَيِّبَةً }(اف 5 : 2). { أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، إِنْ كَانَ اللهُ قَدْ أَحَبَّنَا هَكَذَا، يَنْبَغِي لَنَا أَيْضاً أَنْ يُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً}(1يو 4 : 11).
+ علينا أن نؤمن بالله الذى أحبنا وأنقذنا من الموت ونقلنا من عالم الظلمة الي نوره العجيب ومن الموت الي الحياة وتكون لنا عشرة حب معه تنمو وتذداد يوما بعد يوم لنثبت فى محبة الله ونسلك باتضاع العشار ونأتى الي التناول من الأسرار المحيية بأنسحاق معترفين بخطايانا ومقرين بأثامنا ونتناول من جسد الرب ودمه كامتداد لفعاليه وعمل ذبيحة الصليب ولكي نثبت في المسيح ونثمر ويدوم ثمرنا { فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَأْكُلُوا جَسَدَ ابْنِ الإِنْسَانِ وَتَشْرَبُوا دَمَهُ فَلَيْسَ لَكُمْ حَيَاةٌ فِيكُمْ. مَنْ يَأْكُلُ جَسَدِي وَيَشْرَبُ دَمِي فَلَهُ حَيَاةٌ أَبَدِيَّةٌ وَأَنَا أُقِيمُهُ فِي الْيَوْمِ الأَخِيرِ. لأَنَّ جَسَدِي مَأْكَلٌ حَقٌّ وَدَمِي مَشْرَبٌ حَقٌّ. مَنْ يَأْكُلْ جَسَدِي وَيَشْرَبْ دَمِي يَثْبُتْ فِيَّ وَأَنَا فِيهِ. كَمَا أَرْسَلَنِي الآبُ الْحَيُّ وَأَنَا حَيٌّ بِالآبِ فَمَنْ يَأْكُلْنِي فَهُوَ يَحْيَا بِي.} (يو 53:6-57). علينا أن نحمل صلينا بفرح ونحتمل من أجل السرور الموضوع أمامنا ودعوة الله العليا في المسيح يسوع ربنا }نَاظِرِينَ إِلَى رَئِيسِ الإِيمَانِ وَمُكَمِّلِهِ يَسُوعَ، الَّذِي مِنْ أَجْلِ السُّرُورِ الْمَوْضُوعِ أَمَامَهُ، احْتَمَلَ الصَّلِيبَ مُسْتَهِينًا بِالْخِزْيِ، فَجَلَسَ فِي يَمِينِ عَرْشِ اللهِ} (عب 12: 2)، أمين.

الخميس، 22 سبتمبر 2016

(135) فكر روحية لكل يوم - أنتم نور العالم


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

+ السيد المسيح هو شمس برنا ونور حياتنا الذى تنبأ عنه ملاخي النبي { وَلَكُمْ أَيُّهَا الْمُتَّقُونَ اسْمِي تُشْرِقُ شَمْسُ الْبِرِّ وَالشِّفَاءُ فِي أَجْنِحَتِهَا}(ملا 4 : 2) وهو القائل { أَنَا هُوَ نُورُ الْعَالَمِ. مَنْ يَتْبَعْنِي فلاَ يَمْشِي فِي الظُّلْمَةِ بَلْ يَكُونُ لَهُ نُورُ الْحَيَاةِ} (يو 8 : 12). الله هو النور الحقيقى الذى يضئ لكل إنسان أت الي العالم وبقدر ما يقترب المؤمن من شمس البر فانه يستنير من تعاليمه ومحبته ويكون كالقمر الذى يستمد نوره من الشمس. ولهذا طلب منا السيد الرب أن نكون نور { أَنْتُمْ نُورُ الْعَالَمِ. لاَ يُمْكِنُ أَنْ تُخْفَى مَدِينَةٌ مَوْضُوعَةٌ عَلَى جَبَلٍ، وَلاَ يُوقِدُونَ سِرَاجاً وَيَضَعُونَهُ تَحْتَ الْمِكْيَالِ، بَلْ عَلَى الْمَنَارَةِ فَيُضِيءُ لِجَمِيعِ الَّذِينَ فِي الْبَيْتِ. فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ، لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ، وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ.} (مت 14:5-16). علينا أن نتعلم ونقتدي بمخلصنا الصالح فى محبته وتواضعه وصبره ونسير في النور ونكون نور في ظلمة هذا العالم من خلال أعمالنا الحسنة وأقوالنا النافعة نضئ طريق البر للغير ونسعي فى صنع السلام وعمل الخير. المؤمنين فى سيرتهم الطاهرة وبساطتهم كأنوار في العالم وكما يقول الرسول بولس: { لكي تكونوا بلا لوم وبسطاء أولاد الله بلا عيب في وسط جيل معوجّ وملتو تضيئون بينهم كأنوار في العالم} (في 2: 15).
+ النور يشير إلى معرفة الله والإيمان به والحياة معه والظلمة تشير إلى الجهل وعدم الإيمان والهلاك ولهذا جاء المخلص الصالح لنؤمن به ونحيا فى النور{ أَنَا قَدْ جِئْتُ نُوراً إِلَى الْعَالَمِ حَتَّى كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِي لاَ يَمْكُثُ فِي الظُّلْمَةِ} (يو 12 : 46). أن البعد عن الله والخطية هى ظلمة، لهذا علينا أن نقترب من الله ونتعلم منه ونتوب ونجاهد ضد عالم الظلمة والشر ونقاوم إبليس ونرفض أفكاره الشريرة ونلبس أسلحة النور الروحية { قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ} (رو 13 : 12). فالحكيم عيناه في رأسه ويسلك في النور {أما الجاهل فيسلك في الظلام} (جا2: 14). الرجوع الي الله نور كما دعا الله القديس بولس الرسول ليكرز الأمم { لِتَفْتَحَ عُيُونَهُمْ كَيْ يَرْجِعُوا مِنْ ظُلُمَاتٍ إِلَى نُورٍ وَمِنْ سُلْطَانِ الشَّيْطَانِ إِلَى اللهِ حَتَّى يَنَالُوا بِالإِيمَانِ بِي غُفْرَانَ الْخَطَايَا وَنَصِيباً مَعَ الْمُقَدَّسِينَ} (اع 26 : 18).
+ يشبّه السيّد المسيح المؤمن بالمدينة القائمة على جبل، فلا يُمكن إخفائها. المؤمن الذي يستنير من خلال التوبة والإيمان وتعاليم السيد المسيح والعمل بها وصنع الخير يكون أشبه بمدينة مقدّسة يسكنها الله نفسه ويضئ لمن حوله. كما أن الروح القدس يهب أستنارة وحكمة للمؤمنين ولا ينبغي أن نحجب عمل الروح القدس داخلنا بشهوات الجسد او المادة أو شهوات العالم بل نكون كمنارة وقدوة تهدى الغير لمحبة الله وعمل الخير. أن اولاد الله مطلوب منهم أن يكونوا نورًا للعالم، هذه هي رسالتهم التي طلبها منهم الله. النور يضئ في الظلمة، وكلما زادت خطايا البشر، كلما ازدادت الحاجة إلى نور المسيح فينا بالقديسين الذين ينيرون الطريق كقدوة ونور. إن مصباحًا واحدًا يستطيع أن يضئ حجرة بأكملها. هكذا يستطيع القديسين أن ينيروا العالم ويرحم الله العالم بصلواتهم، وقديما قال الله لابينا أبراهيم أنه لو وجد عشرة أبرار فلن يهلك سدوم وعمورة ولكن للأسف لم يجد! ومهما حاول القديس أن يخفى قداسته، فإنه لا يستطيع كقول المزمور عن عمل الرب أنه "يُخرج مثل النور برك" (مز37: 6). علينا اذا أن نجاهد ونسلك بتدقيق ونطلب من الله أن ينير حياتنا بعمل روحه القدوس ونسلك في طريق الفضيلة ومحبة الله والغير ونصلي ليستخدمنا الله حسب صلاحه وبره لكي يرى الناس أعمالنا الصالحة ويمجدوا ابانا السماوي، أمين.

الاثنين، 19 سبتمبر 2016

(134) فكر روحية لكل يوم - نصيبي هو الرب


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ لكل منا أهتماماته وأولوياته فى الحياة التي يسعي للحصول عليها وأقتنائها ويحزن متي حرم منها أو زالت عنه. هناك أناس يختاروا البيت أو الأسرة أو الأبناء أو المال أو المناصب كهدف لحياتهم وقد تكون محبة الله فى حياتهم موجودة بنسب مختلفة لديهم، لكن هناك أناس الله لديهم لها المكانة والمقام الأول وفوق كل شئ ويقولوا مع النبي { نَصِيبِي هُوَ الرَّبُّ قَالَتْ نَفْسِي مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ أَرْجُوهُ} (مرا 3 : 24). وفى ضيقاتهم يصرخوا الي الله كملجأ ونصيب لهم كما قال المرنم { صَرَخْتُ إِلَيْكَ يَا رَبُّ. قُلْتُ: أَنْتَ مَلْجَإِي نَصِيبِي فِي أَرْضِ الأَحْيَاءِ} (مز 142 : 5). هكذا كان خدام الله من اللأويين قديما لا نصيب لهم فى الأرض لكي يتفرغوا لخدمة الله ولا ينشغلوا بامور العالم { لِأَجْلِ ذَلِكَ لمْ يَكُنْ لِلاوِي قِسْمٌ وَلا نَصِيبٌ مَعَ إِخْوَتِهِ. الرَّبُّ هُوَ نَصِيبُهُ كَمَا كَلمَهُ الرَّبُّ إِلهُكَ} (تث 10 : 9). ومن يتكرس لخدمة الله يجب أن يكون الله نصيبه وموضع محبته ومركز أنشغاله وخدمته. ونحن كمؤمنين قد دُعي أسم المسيح الحسن علينا وولدنا بالمعمودية كأبناء وبنات لله وتقدسنا بالميرون المقدس لنكون هياكل مقدسة للرب علينا أن نحب الرب بكل قلوبنا ونخدمه بنفس راغبة.
+ ومع تزايد حاجات الإنسان، وضغوط الحياة ومتطلباتها المختلفة لا يجب أن نقلق أو نضطرب بل نثق فى الله ونلقي بهمومنا عليه { مُلْقِينَ كُلَّ هَمِّكُمْ عَلَيْهِ لأَنَّهُ هُوَ يَعْتَنِي بِكُمْ} (1بط 5 : 7). وها هو الله الذى يقيت طيور السماء ويهتم بزنابق الحقل يقول لنا أنه يعتني بنا ويعمل ما هو لخيرنا { فَلاَ تَهْتَمُّوا قَائِلِينَ: مَاذَا نَأْكُلُ أَوْ مَاذَا نَشْرَبُ أَوْ مَاذَا نَلْبَسُ؟. فَإِنَّ هَذِهِ كُلَّهَا تَطْلُبُهَا الأُمَمُ. لأَنَّ أَبَاكُمُ السَّمَاوِيَّ يَعْلَمُ أَنَّكُمْ تَحْتَاجُونَ إِلَى هَذِهِ كُلِّهَا. لَكِنِ اطْلُبُوا أَوَّلاً مَلَكُوتَ اللَّهِ وَبِرَّهُ وَهَذِهِ كُلُّهَا تُزَادُ لَكُمْ.} (مت 31:6-33). هكذا خسر القديس بولس الرسول مركزه كيهودي وترك أهله وموطنه وجال يبشر ويكرز بملكوت الله ليحيا مع المسيح ويقول { بَلْ إِنِّي أَحْسِبُ كُلَّ شَيْءٍ أَيْضاً خَسَارَةً مِنْ أَجْلِ فَضْلِ مَعْرِفَةِ الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّي، الَّذِي مِنْ أَجْلِهِ خَسِرْتُ كُلَّ الأَشْيَاءِ، وَأَنَا أَحْسِبُهَا نُفَايَةً لِكَيْ أَرْبَحَ الْمَسِيحَ }(في 3 : 8). جعل القديس بولس السيد المسيح مركز حياته وجل أهتمامه ونظر الي الموت كربح ليحيا مع المسيح { لأَنَّ لِيَ الْحَيَاةَ هِيَ الْمَسِيحُ وَالْمَوْتُ هُوَ رِبْحٌ }(في 1 : 21). أحب القديس بولس الحياة كخدمة لله ورسالة كسفير للمسيح يدعو للتوبة والإيمان والمصالحة مع الله ولكن فى إيمانه الواثق بامجاد السماء يقول { لِيَ اشْتِهَاءٌ أَنْ أَنْطَلِقَ وَأَكُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. ذَاكَ أَفْضَلُ جِدّاً} (في 1 : 23).
+ ان حياتنا قصرت أم طالت هى فترة غربة على الأرض ستنتهي سريعا ولا تقارن بالأبدية السعيدة والحياة مع الله، فلا يجب أن ننسي أننا غرباء ورحل. نعمل أن تكون رحلتنا سعيدة بوجود الله فيها كنصيب لنا ومصدر لسعادتنا ومعين وناصر لنا فى شدائدنا ونقول مع المرنم { مَنْ لِي فِي السَّمَاءِ؟ وَمَعَكَ لاَ أُرِيدُ شَيْئاً فِي الأَرْضِ} (مز 73 : 25). هكذا عاش أبائنا القديسين أمناء على رسالتهم على الأرض وأقرواء أنهم غرباء ووطنهم الحقيقى هو السماء { فِي الإِيمَانِ مَاتَ هَؤُلاَءِ أَجْمَعُونَ، وَهُمْ لَمْ يَنَالُوا الْمَوَاعِيدَ، بَلْ مِنْ بَعِيدٍ نَظَرُوهَا وَصَدَّقُوهَا وَحَيُّوهَا، وَأَقَرُّوا بِأَنَّهُمْ غُرَبَاءُ وَنُزَلاَءُ عَلَى الأَرْضِ }(عب 11 : 13). علينا أن نكنز فى السماء فالذى لا نتركه اليوم بارادتنا سنتركه غدا مرغمين {لاَ تَكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً عَلَى الأَرْضِ حَيْثُ يُفْسِدُ السُّوسُ وَالصَّدَأُ وَحَيْثُ يَنْقُبُ السَّارِقُونَ وَيَسْرِقُونَ بَلِ اكْنِزُوا لَكُمْ كُنُوزاً فِي السَّمَاءِ حَيْثُ لاَ يُفْسِدُ سُوسٌ وَلاَ صَدَأٌ وَحَيْثُ لاَ يَنْقُبُ سَارِقُونَ وَلاَ يَسْرِقُونَ} (مت 6 : 19- 20). فلا شئ ثابت فى الدنيا سوى حقيقة واحدة أننا بشر زائلين وأننا سنقف أمام الله وسيعطي الله كل منا حسب أعماله وما يزرعه الإنسان أياه يحصد.
+ نصيبي أنت يارب من أجل هذا أرجوك، طيب أنت يارب للنفس التي تنظرك وتترجاك. أيها الراعى الصالح أعيننا نحوك وتترجاك وأنت صانع الخيرات الذى يشبع كل حي من رضاه، وأنت الراعي الصالح الذى يعرف خاصته ويرعاها ويقودها فمعك لا نريد شئ لانك شبعنا وأرتوانا وسعادتنا. فى غربة حياتنا على الأرض نسعي لنكون أمناء لرسالتنا كابناء وبنات لك ونسير غربتنا ونحن شاكرين لله فى كل حين على كل شئ. هدفنا محبة الله وتمجيد أسمه القدوس وخدمته ونحن وأثقين رغم ضعفنا أن الله أمين لا يتركنا ولنا وعده الصادق { هَا أَنَا مَعَكُمْ كُلَّ الأَيَّامِ إِلَى انْقِضَاءِ الدَّهْرِ. آمِينَ }(مت 28 : 20)

الثلاثاء، 13 سبتمبر 2016

(133) فكر روحية لكل يوم - أبناء الله


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ دعُي المؤمنين بالله منذ القديم أبناء الله { أن أَبْنَاءَ اللهِ رَأُوا بَنَاتِ النَّاسِ أَنَّهُنَّ حَسَنَاتٌ.}(تك 6 : 2) والمقصود بأبناء الله هنا أبناء شيث وأنوش حينما {ابتدئ أن يدعى باسم الرب} (تك4: 26). أما بنات الناس فهن نسل قايين. وقديما قال أشعياء النبي مخاطبا الله {أنت يا رب أبونا، ولينا} (أش 63: 16). وأيضًا {والآن أنت أبونا، نحن الطين وأنت جابلنا، وكلنا عمل يديك} (اش64: 8). وكابناء لله يطلب منا أن نعطيه قلوبنا ونطيعه { يا ابني أعطني قلبك} (أم23: 26). وفي العهد الجديد ندعو الله أبانا في مواضع عديدة جدًا، يكفى منها ما علمنا أياه السيد المسيح { مَتَى صَلَّيْتُمْ فَقُولُوا: أَبَانَا الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ لِيَتَقَدَّسِ اسْمُكَ لِيَأْتِ مَلَكُوتُكَ لِتَكُنْ مَشِيئَتُكَ كَمَا فِي السَّمَاءِ كَذَلِكَ عَلَى الأَرْضِ} (لو 11 : 2). { فَلْيُضِئْ نُورُكُمْ هَكَذَا قُدَّامَ النَّاسِ لِكَيْ يَرَوْا أَعْمَالَكُمُ الْحَسَنَةَ وَيُمَجِّدُوا أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ}(مت 5 : 16). أن بنوتنا لله هى بالإيمان كقول الكتاب المقدس { أَمَّا كُلُّ الَّذِينَ قَبِلُوهُ فَأَعْطَاهُمْ سُلْطَاناً أَنْ يَصِيرُوا أَوْلاَدَ اللَّهِ أَيِ الْمُؤْمِنُونَ بِاسْمِهِ. الَّذِينَ وُلِدُوا لَيْسَ مِنْ دَمٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ جَسَدٍ وَلاَ مِنْ مَشِيئَةِ رَجُلٍ بَلْ مِنَ اللَّهِ.} (يو 12:1-13). { لأَنَّكُمْ جَمِيعاً أَبْنَاءُ اللهِ بِالإِيمَانِ بِالْمَسِيحِ يَسُوعَ} (غل 3 : 26). كما أننا ابنا لله بالمحبة { أُنْظُرُوا أَيَّةَ مَحَبَّةٍ أَعْطَانَا الآبُ حَتَّى نُدْعَى أَوْلاَدَ اللهِ! مِنْ أَجْلِ هَذَا لاَ يَعْرِفُنَا الْعَالَمُ، لأَنَّهُ لاَ يَعْرِفُهُ}(1يو 3 : 1). وعلينا ان نثبت فى محبة الله ونحب بعضنا بعض { أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ، لِنُحِبَّ بَعْضُنَا بَعْضاً، لأَنَّ الْمَحَبَّةَ هِيَ مِنَ اللهِ، وَكُلُّ مَنْ يُحِبُّ فَقَدْ وُلِدَ مِنَ اللهِ وَيَعْرِفُ اللهَ . وَمَنْ لاَ يُحِبُّ لَمْ يَعْرِفِ اللهَ، لأَنَّ اللهَ مَحَبَّةٌ }(1يو 4 : 7-8). أنها بنوة تبني روحي من الله للمؤمنين به { إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!»} (رو 8 : 15). وعلينا أن نعيش البنوة لله فى طاعة لله ومحبة وتواضع شاعرين اننا ايضا عبيد لله رفعنا الي نعمة البنوة { كَذَلِكَ أَنْتُمْ أَيْضاً مَتَى فَعَلْتُمْ كُلَّ مَا أُمِرْتُمْ بِهِ فَقُولُوا: إِنَّنَا عَبِيدٌ بَطَّالُونَ. لأَنَّنَا إِنَّمَا عَمِلْنَا مَا كَانَ يَجِبُ عَلَيْنَا} (لو 17 : 10). بنوتنا لله ليس بانتساب لدم أوعرق معين كما يعد الأنتساب لأبراهيم سبب لكون اليهود أبناء لابراهيم قديما وان كان عليهم أن يعملوا أعمال أبراهيم الصالحة. كما أنها ليس نتيجة تزاوج طبيعي بين رجل وأمرأة بل ولادة روحية من الماء والروح القدس بالمعمودية نولد من فوق ويكون الله أباً لنا كميلاد لخليقة جديدة للإنسان من فوق، نصير أبناء لله بالروح وطاعة الحق وذلك لا لفضل فينا بل لمحبة الله يتخذنا أولاداً وبنات له.
+ نعمة البنوة ينالها المؤمنين وعليهم أن يثبتوا فيها ويسيروا كابناء الله فى طريق القداسة { نَظِيرَ الْقُدُّوسِ الَّذِي دَعَاكُمْ، كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً قِدِّيسِينَ فِي كُلِّ سِيرَةٍ } (1بط 1 : 15) نسعي فى طريق الكمال المسيحي { فَكُونُوا أَنْتُمْ كَامِلِينَ كَمَا أَنَّ أَبَاكُمُ الَّذِي فِي السَّمَاوَاتِ هُوَ كَامِلٌ} (مت 5 : 48). نحن محتاجون إلى غيرة عظيمة كي نحفظ صورة البنوة التي انطبعت علينا في العماد، وذلك بأن لا يوجد فينا دنس الخطية ولا الأنجذاب للشهوات الرديئة ولا طرق إبليس المضلة بل نتبع الله من كل قلوبنا ونتعلم منه ونقتدي به، وننقاد لروح الله القدوس { فَإِذًا أَيُّهَا الإِخْوَةُ نَحْنُ مَدْيُونُونَ لَيْسَ لِلْجَسَدِ لِنَعِيشَ حَسَبَ الْجَسَدِ. لأَنَّهُ إِنْ عِشْتُمْ حَسَبَ الْجَسَدِ فَسَتَمُوتُونَ، وَلكِنْ إِنْ كُنْتُمْ بِالرُّوحِ تُمِيتُونَ أَعْمَالَ الْجَسَدِ فَسَتَحْيَوْنَ. لأَنَّ كُلَّ الَّذِينَ يَنْقَادُونَ بِرُوحِ اللهِ، فَأُولئِكَ هُمْ أَبْنَاءُ اللهِ. إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضًا لِلْخَوْفِ، بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ:«يَا أَبَا الآبُ». اَلرُّوحُ نَفْسُهُ أَيْضًا يَشْهَدُ لأَرْوَاحِنَا أَنَّنَا أَوْلاَدُ اللهِ. فَإِنْ كُنَّا أَوْلاَدًا فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضًا، وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضًا مَعَه} (رو 8: 12- 17). ننقاد لروح الله القدوس في تفكيرنا وتصرفنا وسلوكنا فلإيمان يجب أن تظهر ثماره الحسنة فى حياتنا، فليس كل من يقول يارب، يارب يدخل ملكوت السماوات بل الذى يفعل أرادة الله ويتمم عمله.
+ يا الله العظيم الأبدي الذى من أجل خلاصنا جاء وتجسد من الروح القدس ومن القديسة مريم فقبلناه بالإيمان وصدقنا وعوده ودخلنا معه في عهد مقدس لا بدم حملان أو عجول بل بدم الأبن الكلمة وتدبير يفوق العقول، نفهمه ونعيشه بالإيمان. يا الله الأب الذى حسب رحمته الكثيرة ولدنا ثانية لرجاء حي بقيامة يسوع المسيح من بين الأموات، لميراث لا يفني ولا يتدنس ولا يضمحل محفوظ لأجلنا فى السماء. يارب يا من اعطانا نعمة الإيمان والتبنى بل الأمتياز والحق والسلطان لندُعي أبناء الله. نشكرك يا أبانا القدوس السمائي الذى دعانا بغني نعمته ويعمل معنا ويقودنا بروحه القدوس فى موكب نصرته لكي لا يقوى علينا موت الخطية بل نثبت فيك وتثبت فينا ونحيا البنوة لك وروح الأخوة الحقة لبعضنا البعض وتحل بالإيمان فينا، أمين.

الاثنين، 12 سبتمبر 2016

(132) فكرة لكل يوم - أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ لا تظن أنك وحيد وفى الدنيا ليس لك معين. أن الله قوتنا فى الضعف وهو الذى يرد الضال ويسترد المطرود ويعصب الجريج ويجبر الكسير ويحكم بالأنصاف للمظلومين. ألله يبقى أمين حتى لو كنا غير أمناء. عندما يتهددنا الأعداء أو الشيطان هو خلاصنا ونجاتنا وهو معين لمن ليس له معين ورجاء من ليس له رجاء عزاء صغيرى القلوب. الله يعمل ولا يكل ولا يعيا فهو القادر علي كل شئ، الذى لا ينعس ولا ينام، ويخلص بطرق لا نتوقعها ومعونته قد تأتي من أشخاص وأحداث ومواقف قد لا تخطر لنا علي بال. هو يعطي المعييّ قدرة ولعديم القوة يكثر شدة. أختبر داود النبي معونة الرب وقوته وتغني قائلا { أُحِبُّكَ يَا رَبُّ يَا قُوَّتِي} (مز 18 : 1). أختبر هذه القوة أمام جليات الجبار { فَقَالَ دَاوُدُ: «أَنْتَ تَأْتِي إِلَيَّ بِسَيْفٍ وَبِرُمْحٍ وَبِتُرْسٍ. وَأَنَا آتِي إِلَيْكَ بِاسْمِ رَبِّ الْجُنُودِ إِلَهِ صُفُوفِ إِسْرَائِيلَ الَّذِينَ عَيَّرْتَهُمْ} (1صم 17 : 45). وأختبر قوة الله ومعونته أمام شاول الملك { لأَنَّهُ مِنْ كُلِّ ضِيقٍ نَجَّانِي وَبِأَعْدَائِي رَأَتْ عَيْنِي} (مز 54 : 7). فثقوا فى قوة الله وأطمئنوا لعمل نعمته وليقل الضعيف طالب قوة الله معه { لِيَقُلِ الضَّعِيفُ: بَطَلٌ أَنَا!} (يؤ 3 : 10)
+ أنتظر الرب ولا يضعف إيمانك وأفرح فى رجاء. وأحب الرب من كل قلبك وأطلبه بنفس راغبة وروح الله يجدد قوتك ويهبك حكمة وعلم لا يقدر جميع معانديك أن يقاوموها أو يناقضوها. يجدد كالنسر شبابك ويرفعك فى تواضعك. قد يثق الشباب في قوتهم ولكنهم بدون الله سريعاً ما يخوروا. ولكن من يثق فى الله يهبه طاقة متجددة وحب فياض ويحلق عالياً مع الله فى سماء الفضيلة { وَأَمَّا مُنْتَظِرُو الرَّبِّ فَيُجَدِّدُونَ قُوَّةً. يَرْفَعُونَ أَجْنِحَةً كَالنُّسُورِ. يَرْكُضُونَ وَلاَ يَتْعَبُونَ يَمْشُونَ وَلاَ يُعْيُونَ} (أش 31:40). فلننتظر الرب ونترجي مراحمة المتجددة كل صباح. ونختبر عمل الله الخلاصى الذى يقوينا فى الضعف ويهبنا سلاماً يبدد الخوف ويعمل بنا وينقذنا من فم الأسد { فَقَالَ لِي: «تَكْفِيكَ نِعْمَتِي، لأَنَّ قُوَّتِي فِي الضُّعْفِ تُكْمَلُ». فَبِكُلِّ سُرُورٍ أَفْتَخِرُ بِالْحَرِيِّ فِي ضَعَفَاتِي، لِكَيْ تَحِلَّ عَلَيَّ قُوَّةُ الْمَسِيحِ }(2كو 12 : 9) ونقدم الشكر لله كل حين { وَأنَا اشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، انَّهُ حَسِبَنِي امِيناً، إذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ} (1تي 1 : 12) . لقد جال القديس بولس الرسول كارزاً بالإيمان فى كل مكان بلا قوة ولا مال أو سلطان لكن كان الرب معه وأن كان الله معنا فمن علينا!{وَلَكِنَّ الرَّبَّ وَقَفَ مَعِي وَقَوَّانِي، لِكَيْ تُتَمَّ بِي الْكِرَازَةُ، وَيَسْمَعَ جَمِيعُ الأُمَمِ، فَأُنْقِذْتُ مِنْ فَمِ الأَسَدِ} (2تي 4 : 17)
+ فلنثق فى الله مصدر قوتنا وتسبحتنا {قوتي وتسبحتي هو الرب، وقد صار لي خلاصًا} (مز 118: 14) ولهذا يقول الوحي الإلهي في سفر زكريا النبي }لا بالقدرة ولا بالقوة، بل بروحي قال رب الجنود} (زك 4: 6) لهذا يقول القديس بولس {اختار الله ضعفاء العالم ليخزى بهم الأقوياء} ولماذا أختار الله الضعفاء؟ {ليكون فضل القوة لله لا منا} (2كو 4: 7) ولكي يكون الله مصدر قوتنا، فلنقل مع القديس بولس الرسول {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني}(فى 4: 13). أن كنا نريد أن نكون أقوياء، فليكن الله هو مصدر قوتنا. لا نعتمد على قوتنا الخاصة، بل على قوته هو. نقف أمامه ضعفاء، لنأخذ القوة منه كما أوصانا الكتاب { أَخِيراً يَا إِخْوَتِي تَقَوُّوا فِي الرَّبِّ وَفِي شِدَّةِ قُوَّتِهِ. الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ.} ( أف 10:6،11). نصلي من كل قلوبنا لله لكي يمنحنا قوة جديدة لكل عمل صالح، ويدبر حياتنا حسب أرادته الصالحة، ونطلب أن يعطينا الحلول لمشكلاتنا والمخرج والنصرة فى الضيقات والتجارب. بالروح القدس نتحرر من عبودية الخوف والخطية ونتقوى فى الضعف ونأخذ أمل وثقة فى الهنا القوى المنتصر، ننال في المسيح الغفران، ونتطهر من كل خطية وننال الحكمة والنعمة ونسلك كما يليق باولاد الله القديسين ممجدين الله الأب علي كل حين، أمين.

الأحد، 11 سبتمبر 2016

(131) فكرة لكل يوم - بمراحم الله أغني

القمص أفرايم الأنبا بيشوى
{ بِمَرَاحِمِ الرَّبِّ أُغَنِّي إِلَى الدَّهْرِ. لِدَوْرٍ فَدَوْرٍ أُخْبِرُ عَنْ حَقِّكَ بِفَمِي }(مز 89 : 1)
+ تغني داود النبي المرنم بمراحم الله الكثيرة عليه وعلي المؤمنين، ويخبر فى مزاميره بمراحم الله وحقه وإحساناته الثابته والدائمة من جيل لجيل. ونحن يا أحبائى فى حاجة دائمة لطلب مراحم الله الكثيرة وتذكر أحساناته لنا ولمن حولنا، أننا كثيرا ما نخطئ ونستوجب العقوبة. ولان كسر وصايا الله هو تعدى يستجوب العقوبة والموت وقديما كان من يخالف الناموس على فم شاهدين أو ثلاثة يستوجب الحكم، فاي عقاب يستوجب من يستهين بدم الحمل الذى بلا عيب ولا دنس ويخالف وصايا السيد المسيح لولا صبر الله ومراحمه الكثيرة. لهذا دعانا الله الي التوبة والرجوع اليه لكي ننال الغفران والشفاء من خطايانا وننال العفو والمغفرة حسب مراحم الله الكثيرة { وَلَكِنْ لأَجْلِ مَرَاحِمِكَ الْكَثِيرَةِ لَمْ تُفْنِهِمْ وَلَمْ تَتْرُكْهُمْ لأَنَّكَ إِلَهٌ حَنَّانٌ وَرَحِيمٌ} (نح9:31). أننا دائما نصلي طالبين رحمة الله وما أكثر ما نردد " كيرياليسون" فى صلواتنا الفردية والكنسية طالبين رحمة الله ومذكرين الله بوعوده وإحساناته نحونا { اذْكُرْ مَرَاحِمَكَ يَا رَبُّ وَإِحْسَانَاتِكَ لأَنَّهَا مُنْذُ الأَزَلِ هِيَ} (مز 25 : 6)
+ علينا اذا أن نتأمل فى مراحم الله ونترجاها ونقدم رحمة للغير ونستر على ضعفاتهم { فَاذْهَبُوا وَتَعَلَّمُوا مَا هُوَ: إِنِّي أُرِيدُ رَحْمَةً لاَ ذَبِيحَةً لأَنِّي لَمْ آتِ لأَدْعُوَ أَبْرَاراً بَلْ خُطَاةً إِلَى التَّوْبَةِ} (مت 9 : 13). وعلي قدر ما رحمنا لا نفشل بل نجول نصنع رحمة وإحسان لكل من حولنا { لأَنَّ الْحُكْمَ هُوَ بِلاَ رَحْمَةٍ لِمَنْ لَمْ يَعْمَلْ رَحْمَةً، وَالرَّحْمَةُ تَفْتَخِرُ عَلَى الْحُكْمِ} (يع 2 : 13). لهذا طوب الله الرحماء ووعدهم بالرحمة { طُوبَى لِلرُّحَمَاءِ لأَنَّهُمْ يُرْحَمُونَ}(مت 5 : 7). الله بمراحمة دخل معنا في عهد مقدس بدمه وأقتنانا له شعبا مقدسا وأتحد بنا روحيا علي مثال محبة العريس للعروس { وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي إِلَى الأَبَدِ. وَأَخْطُبُكِ لِنَفْسِي بالْعَدْلِ وَالْحَقِّ وَالإِحْسَانِ وَالْمَرَاحِمِ}(هو 2 : 19). فلنتقدم الي الله بثقة وإيمان طالبين مراحمة ومعلنين محبتنا له وطالبين إحساناته ومعونته لنا في الضيقات والشدائد حتى نعبر بحر الحياة بسلام ونصل الي بر النجاة { فَلْنَتَقَدَّمْ بِثِقَةٍ إِلَى عَرْشِ النِّعْمَةِ لِكَيْ نَنَالَ رَحْمَةً وَنَجِدَ نِعْمَةً عَوْناً فِي حِينِهِ} (عب 4 : 16).
+ أرحمنا يارب يا اله الرحمة ورب كل عزاء. يا رجاء من ليس له رجاء، ومعين لمن ليس له معين. لا تتركنا يا اله الهنا بل بمراحمك العظيمة خلص شعبك وبارك ميراثك, عاملنا حسب مراحمك وكنحو إحساناتك الكثيرة أغفر خطايا شعبك وأحفظهم فى أسمك من أول العام الي أخره وكل أيام حياتنا نطلب مراحمك يا الله الهنا أنظر الي شعبك وكنيستك الذين يصرخون اليك طالبين رحمتك وسلامك.
أيها الأب السماوي القدوس، أنظر الي بلادنا ومنطقتنا وعالمنا الذى ينزف دما ويعاني من الأمراض والأوبئة والمجاعات والمخاطر والحروب. واعطنا حكمة ونعمة وقوة من روحك القدوس لنسير في سبل الحق والرحمة وطرق السلام، وكما رحمنا لا نفشل بل نسير بخطي واثقة نحو صنع السلام وعمل الرحمة مع كل من حولنا وننال نعمة ورحمة منك، أمين.

السبت، 10 سبتمبر 2016

ذكرى الشهداء والسنة القبطية

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ ونحن نحتفل بعيد راس السنة القبطية، نتذكر بكل تقدير وأعزاز أبائنا وأمهاتنا الشهداء فى كل العصور لاسيما فى عصر الاضطهاد الروماني والذى قدمت فيه كنيستنا القبطية الالاف من الشهداء الذين تحدوا الظلم وحافظوا لنا على نور الإيمان بدمائهم الذكية مفضلين أن يعذبوا أو يسجنوا ويموتوا عن أن ينكروا الإيمان وغلبوا العالم الوثني بل غلبوا الشيطان وقواته { وَهُمْ غَلَبُوهُ بِدَمِ الْحَمَلِ وَبِكَلِمَةِ شَهَادَتِهِمْ، وَلَمْ يُحِبُّوا حَيَاتَهُمْ حَتَّى الْمَوْتِ }(رؤ 12 : 11). لقد تعرضت كنيستنا فى عصر دقليديانوس الجاحد الى موجات من الأضطهاد فاقت حدود تصور العقل البشرى ولمختلف أنواع التعذيب وقدمت شهداء من كل الأعمار والفئات حياتهم بل وأبيدت مدن وقرى فى سبيل المحافظة علي الإيمان ولهذا بدأت كنيستنا ببدء حكم دقلديانوس فى تقويم جديد هو تقويم الشهداء بسنة أولي للشهداء فى 284م. والذى يوافق 11 سبتمبر من كل عام وهذا التقويم هو أمتداد للتقويم الفرعوني القديم والذى بدا فى 4241 قبل الميلاد، تخليداً لذكرى الشهداء الذين بذلوا دمائهم حبا فى الله الذى أحبهم وكان لسان حالهم يقول { مَنْ سَيَفْصِلُنَا عَنْ مَحَبَّةِ الْمَسِيحِ؟ أَشِدَّةٌ أَمْ ضَيْقٌ أَمِ اضْطِهَادٌ أَمْ جُوعٌ أَمْ عُرْيٌ أَمْ خَطَرٌ أَمْ سَيْفٌ؟. كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ «إِنَّنَا مِنْ أَجْلِكَ نُمَاتُ كُلَّ النَّهَارِ. قَدْ حُسِبْنَا مِثْلَ غَنَمٍ لِلذَّبْحِ».وَلَكِنَّنَا فِي هَذِهِ جَمِيعِهَا يَعْظُمُ انْتِصَارُنَا بِالَّذِي أَحَبَّنَا. فَإِنِّي مُتَيَقِّنٌ أَنَّهُ لاَ مَوْتَ وَلاَ حَيَاةَ وَلاَ مَلاَئِكَةَ وَلاَ رُؤَسَاءَ وَلاَ قُوَّاتِ وَلاَ أُمُورَ حَاضِرَةً وَلاَ مُسْتَقْبَلَةً. وَلاَ عُلْوَ وَلاَ عُمْقَ وَلاَ خَلِيقَةَ أُخْرَى تَقْدِرُ أَنْ تَفْصِلَنَا عَنْ مَحَبَّةِ اللهِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ رَبِّنَا} ( رو35:8-39).
+ كانت دماء الشهداء دليل علي قوة إيمانهم وثباته فكان يكفي للشهيد أن ينكر إيمانه المسيحي أو يبخر للأوثان أو حتى يشترك فى العبادة الوثنية أويأكل من ذبائحهم فى الأعياد الوثنية ويشارك فيها فينقذ حياته من العذاب ومصادرة الممتلكات والموت لكن ثقة هؤلاء الشهداء فى الله وقوة إيمانهم بالمسيح الذى بذل حياته من أجلهم جعلتهم يقبلوا العذاب ويرفضوا النجاة مفضلين الموت علي الحياة، لا كرهاً فى الحياة بل من أجل قيامة أفضل وحياة أسمي فى السماء وأمانة حتى الموت. ونما الإيمان وأنضم اليه الكثيرين عندما شاهدوا ثبات وقوة شهادة الشهداء ومعونات الرب التي أزرتهم فى الشدة وقوتهم فى الضعف وأيدتهم بالمعجزات { اَلْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنْ لَمْ تَقَعْ حَبَّةُ الْحِنْطَةِ فِي الأَرْضِ وَتَمُتْ فَهِيَ تَبْقَى وَحْدَهَا. وَلَكِنْ إِنْ مَاتَتْ تَأْتِي بِثَمَرٍ كَثِيرٍ }(يو 12 : 24). وأنتصر الشهداء على ظلمة العالم وأناروه بقوة الإيمان وقبلت الأمبراطورية الإيمان عندما راوا ثبات وأحتمال وصبر القديسين وأن كان للشيطان فى كل زمان جولاته وهو يسعي بطرق كثيرة لزعزعة صخرة إيماننا ولكن معنا وعد الله الأمين { عَلَى هَذِهِ الصَّخْرَةِ أَبْنِي كَنِيسَتِي وَأَبْوَابُ الْجَحِيمِ لَنْ تَقْوَى عَلَيْهَا }(مت 16 : 18).
+ قدم الشهداء كما يقدم المؤمنين برهان عملي علي صدق تعاليم المسيحية وفضائلها، فلم ولن تقوى الأضطهادات والظلم من تغيير حياتنا من حياة الفضيلة والبر وأثبتت المرأة القبطية أنها لم ولن تكون أقل من الرجال فى بسالة الدفاع عن الإيمان ونلن نصيباً متساويا بل فضلاً ان يموتوا من أن تسلم أجسادهن للنجاسة والخطية. بل قدمت الأم القبطية أروع الأمثلة فى حث أبنائهم وبناتهم للثبات علي الإيمان منذ العصور الأولي للمسيحية وحتى شهداء مصر فى العصر الحديث فى الأسكندرية والكشح وليبيا وغيرها من المدن والقرى المصرية فابنائنا يرضعن لبن الإيمان ويحيوا بذل الصليب كمبدأ للتضحية والبذل والعطاء قبل ان يكون الصليب وشم على أيديهم أو رسم بايدينا به نبارك كل ما تمتد اليه أيدينا.
+ نحن أبناء كنيسة الشهداء ، نتذكر سير شهدائنا وإيمانهم وصبرهم ونقتدى بإيمانهم الأرثوذكسي القويم ونسير سيرتهم الطاهرة ونضع أمامنا محبة المسيح العملية الباذلة ونبادله حباً بحب، ونشهد بحياتنا لعظمة إيماننا ونثق فى أنتصار المسيح بالصليب والبذل والمحبة والتواضع علي قوى الشيطان وأعوانه حتى وأن تألمنا يسيرا فى سبيل أن نحيا حياة الإيمان فى فضيلة وبر { لأَنَّهُ قَدْ وُهِبَ لَكُمْ لأَجْلِ الْمَسِيحِ لاَ أَنْ تُؤْمِنُوا بِهِ فَقَطْ، بَلْ أَيْضاً أَنْ تَتَأَلَّمُوا لأَجْلِهِ} (في 1 : 29). ونثق فى أن سحابة شهدائنا القديسين يتشفعون عنا وهم قريبين منا يشعروا بمعاناتنا وظلم أو أضطهاد البعض منا ومعاناتهم حتى عندما يريدوا أن يبنوا كنيسة للصلاة أو فى ما يتعرضوا له من ظلم فى دراستهم أوظائفهم وأماكن تواجدهم بسبب إيمانهم ونصلي ليقويهم الله ونطالب بحقوقنا المتساوية كمواطنين أصلاء فى بلادنا عبر الأف السنين ومخلصين لأوطاننا نقوم بواجباتنا تجاهها بكل أخلاص وأمانة. والشهداء يطلبوا عنا كرفقاء لنا لنكمل جهادنا فى الحياة بسلام ونشهد لإيماننا وبصبرنا نقتني أنفسنا ونكمل جهادنا ونخلص ونصل معهم الي سماء المجد، أمين.

الثلاثاء، 6 سبتمبر 2016

شعر قصير - 34 ثقتنا في الله

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
....
(1)

"الصبر والصلاة "
لازم نصبر ونجاهد وأمامنا كمثال صبر أيوب
شكر وصبر وصلي وأصبح من الله محبوب
عاش المحن والمرض والضيق كدواء مرغوب
رفع عنه الله التجارب وعوضه كوعده المكتوب
أحنا لازم أن نرجع الى الله بكل القلب واليه نتوب
نصلى ونصبر ونطلب يغفر لنا الخطايا والذنوب
نطلب مراحم ربنا وسلامه الكامل ليحل فى القلوب
ويقوينا بروحه القدوس ويكون قائدنا فى الدروب
.......
(2)
" ثقتنا فى الله"
عندنا ثقة في ربنا انها هتتعدل
حتي حرارة الطقس تروح وتتبدل
فلا شي يبقي علي حاله أو يفضل
عشمنا في ربنا كبير وفيه بنتأمل
من محبة ربنا دائما نرتوى وننهل
نبعد عن الشر وللخير نسعى ونعمل
الله قادر ورحمته واسعه لينا تشمل
.....
(3)

" الحكيم يربح الناس”
الكلام اللين حلو يصرف الغضب
الكلام القاسي كبنزين علي الحطب
خليك حكيم وأبني بكلام كالدهب
وقول للناس كلام يريح من التعب
الحكيم يربح الناس ويطفئ اللهب
الجاهل يثير خصومة بكلام كله كذب
أطلب الله يديك حكمة وقلب كله حب
.....
(4)

" حياتنا غربة"
حبات الحنطة لما تندفن فى الأرض وتموت
تحيا وتنمو وتنتج سنابل نأكلها عيش وقوت
وحتى الشجر اللي يندفن والزمن عليه يفوت
مع مر الزمن عليه يتحول لفحم وماس وياقوت
عشان كدا ماتبكيش علي حد عزيز عليك يموت
دا روحه تنطلق للسماء وكملاك يورث الملكوت
حياتنا غربة ويابخته اللي من الضيق يمر ويفوت
......
(5)
" شكراً ليك "
الهنا الصالح المحب شكراً ليك
مهما نشكر، حقك مش هنوفيك
بتحبنا مهما نقصر أو نهمل فيك
بتقول بحبك يا أبنى ودايما بداديك
عارف ضعفك ومرضك وانا هشفيك
أديك سلامى وتعرفنى أكثر وأنميك
وتثمر يا أبني ثمر البر دا أنا بادعيك
تعلن حبى ورحمتى وأجرك هاوفيك
يارب حنانك وحبك متزايد مجداً ليك
.......

السبت، 3 سبتمبر 2016

شعر قصير -33 قيادة الراعي الصالح


القمص أفرايم الأنبا بيشوى

(1)
" الحق ينتصر "
مهما الليل يطول والظلمة تعم
والظلم يسود والباطل للناس يلم
والخلق تعاني والشر يعلى الفم
الشمس هتشرق وارادتة الله تتم
والخير والحق ينتصر على الأثم
واللي تقال فى المخدع يتكشف
الشمس تشرق وفرح الأبرار يعم
.......
(2)
"الصلاة والصوم"
في الضيقات أو في التجارب
لما بالحزن أو اليأس نتحارب
نلاقي حوالينا ثعابين ومصاعب
نصرخ لله بتواضع وعنا يحارب
ونصمت ونشوف منه عجايب
بالصلاة والصوم نجاتنا تقارب
نطلب منه يوصل للميناء القارب
نقدم التسبيح دوما لالهنا الغالب
.......
(3)
"يقودنا للنصرة "
الرب راعىَ عبر وادي الدموع
روحه القدوس لنا شبع وينبوع
يرد نفسي ويقوى إيماني ويقيني
يقودني للنصرة فارنم فى خشوع
فالشكر منا واجب لربنا يسوع
لانه مات وقام ليخلص الجموع
نبشر باسمه ونمجده بين الربوع
.....
(4)
"يقودنا بمهارة"
مين زيك يقدر يهدي العاصفة وينجينا ويهدينا يا الله؟
يأمر البحر ويطيعه ويقودنا بمهارة لبر سلام ونجاة
ولما نتعب فى بحر الحياة ونخور ونصارع الأهواء
نصرخ ونقول يارب تيجي تخلصنا وتدينا أمل وحياة
ملناش غيرك يارب تدي هدوء للقلب وبسمة للشفاة
تبدد قلقنا ومخاوفنا وتنور الظلمة وتدي سلام وعزاء
قود يارب سفينة حياتنا وبلادنا وكنيستنا لمجدك يا الله
.....
(5)
" ياريت "
ياريت يرجع بينا الزمان للوراء ونرجع أطفال صغار
تفرحنا حتة حلاوة ولمه سواء نلعب فيها في وسط الدار
نفرح ونسعد لما يقولوا ناخدكم معانا فسحة او مشوار
نزعل ثواني مع بعض ونتصالح ويعود الحب والحوار
كبرنا وكبرت همومنا وشلنا هموم الوطن وبلاد الجوار
وزاد الهم لما نشوف اهلنا يبنوا كنيسة باضطهاد ومرار
وكأني الكنيسة اللي بتنادي بالمحبة والخير عيب وعار
وأحنا أهل البلاد وعشنا فيها الاف السنين باستمرار
بقينا نحلم ننام في هدوء ومنصحاش علي سئ الأخبار
ونتمني السلامة لبلادنا ولاهلنا ونعيش في بلادنا أحرار
....

الجمعة، 2 سبتمبر 2016

الغضب وعلاجه الروحي


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
مفهوم الغضب وأسبابه ونتائجه...
+ الغضب هو تعبير عن عدم رضا الإنسان عن مواقف أو تصرفات يوجهها وفيها يفقد المرء أعصابه وقد يخطئ سواء بالقول أو الفعل أو التصرف نحو نفسه أو غيره ولهذا يدعونا الكتاب المقدس الي الأسراع فى الأستماع فنتفهم الغير ونبطي فى الغضب لان الغضب لا يصنع بر الله { إِذاً يَا إِخْوَتِي الأَحِبَّاءَ، لِيَكُنْ كُلُّ إِنْسَانٍ مُسْرِعاً فِي الاِسْتِمَاعِ، مُبْطِئاً فِي التَّكَلُّمِ، مُبْطِئاً فِي الْغَضَبِ، لأَنَّ غَضَبَ الإِنْسَانِ لاَ يَصْنَعُ بِرَّ اللَّهِ.} (يع 19:1-20). الحليم يضبط نفسه وغضبه الغضب وينفيس عنه ويتجاوب معه بشكل صحى ويعلاجه باسلوب روحى أو يظهر عدم الرضا عن الخطأ فى هدوء وتعقل { اَلْبَطِيءُ الْغَضَبِ خَيْرٌ مِنَ الْجَبَّارِ وَمَالِكُ رُوحِهِ خَيْرٌ مِمَّنْ يَأْخُذُ مَدِينَةً } (ام 16 : 32). والحكيم يغيير مسار الغضب بالعمل الأيجابي ليكون عدم الرضا أو الغضب طاقه للبناء وأصلاح النفس وأخطائها ونقائصنا ونثور علي أفكارنا الشريرة فلا نقبلها ونخرج الخشبة الي فى أعيننا قبل أن نعبر عن عدم الرضا عن القذى الذى فى أعين أخوتنا.
+ الغضب خطية مركبة فى أسبابه ونتائجه وقد يعبر عن الكراهية وعدم الأحتمال أو قسوة القلب أو الادانة وعدم توافر المحبة وهو ضد الوداعة واللطف وقد تكون أسبابه حقيقة أو ناتجة عن الخيال والمرض النفسي، لهذا يوصينا الكتاب بالتأني وعدم الغضب { لاَ تُسْرِعْ بِرُوحِكَ إِلَى الْغَضَبِ لأَنَّ الْغَضَبَ يَسْتَقِرُّ فِي حِضْنِ الْجُهَّالِ} (جا 7 : 9). قد يأتي الغضب من الأرهاق الزائد جسديا أو عصبيا عندما يثار الشخص أو تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن ولهذا علينا أن نستريح ونهدأ. وقد ينتج الغضب من ضغوط المجتمع وأزماته أو المعاناة من الظلم أو زملاء السوء أو حتى من أضطهاد ومضايقة الرؤساء ومشاكل العمل والأسر المادية والأجتماعية. وقد يكون من أسباب الغضب الأحساس بالفشل وعدم الأشباع العاطفى وقد ينم الغضب عن كبرياء وعدم أتضاع. الغضوب يقع في خطايا الأدانة وأخطاء اللسان والخصومات وأعثار الغير ويفقد سلامه الداخلي ولهذا نحتاج الي الصبر والتمهل وطول البال حتى تعبر المواقف الصعبة المسببة للغضب لدينا بسلام. وعلينا معرفة أسباب التوتر والغضب لدينا ومعالجتها قبل أن تتفاقم وتزداد وتتحول الي ثورة وهياج يدمر العلاقات الجيدة والاسر الهادئة ويفقد البيوت سلامها ويهدد أستمرارها. الشخص الغضوب يقع فى الأخطاء والمعاصي {اَلرَّجُلُ الْغَضُوبُ يُهَيِّجُ الْخِصَامَ وَالرَّجُلُ السَّخُوطُ كَثِيرُ الْمَعَاصِي} (ام 29 : 22). كما أن الغضب له أضراره الصحية ومنها السكر والضغط وأمراض القلب.
علاج الغضب الروحي...
+ التعلم من المسيح الوديع ... علينا أن نتعلم من السيد المسيح الذى قال لنا { تَعَالَوْا إِلَيَّ يَا جَمِيعَ الْمُتْعَبِينَ وَالثَّقِيلِي الأَحْمَالِ وَأَنَا أُرِيحُكُمْ. اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ. لأَنَّ نِيرِي هَيِّنٌ وَحِمْلِي خَفِيفٌ}( مت 28:11-30). لقد جاء عن السيد المسيح أنه هادى لا يخاصم ولا يصيح فكلام الودعاء يسمع فى هدوء أكثر من صراخ المتسلط بين الجهال { لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ حَتَّى يُخْرِجَ الْحَقَّ إِلَى النُّصْرَةِ. وَعَلَى اسْمِهِ يَكُونُ رَجَاءُ الأُمَمِ.} ( مت 19:12-21).
لقد دعانا الرب يسوع المسيح فى تعاليمه الي المحبة حتى للأعداء والمسامحة والغفران وعدم الغضب أو الأساة للغير { قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ لِلْقُدَمَاءِ: لاَ تَقْتُلْ، وَمَنْ قَتَلَ يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: إِنَّ كُلَّ مَنْ يَغْضَبُ عَلَى أَخِيهِ بَاطِلاً يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْحُكْمِ، وَمَنْ قَالَ لأَخِيهِ: رَقَا، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ الْمَجْمَعِ، وَمَنْ قَالَ: يَا أَحْمَقُ، يَكُونُ مُسْتَوْجِبَ نَارِ جَهَنَّمَ. فَإِنْ قَدَّمْتَ قُرْبَانَكَ إِلَى الْمَذْبَحِ، وَهُنَاكَ تَذَكَّرْتَ أَنَّ لأَخِيكَ شَيْئاً عَلَيْكَ، فَاتْرُكْ هُنَاكَ قُرْبَانَكَ قُدَّامَ الْمَذْبَحِ،وَاذْهَبْ أَوَّلاً اصْطَلِحْ مَعَ أَخِيكَ، وَحِينَئِذٍ تَعَالَ وَقَدِّمْ قُرْبَانَكَ.} (مت 21:5-24). وقدم لنا أعظم مثل على الصفح والغفران نقف أمامه فنذوب ونتوب ونترك الغضب والذنوب ونتبع أثر الهنا المحبوب ونغفر من القلوب عندما نراه علي الصليب معلقا والرعاع يتقول عليه وهو المحكوم عليه حسدا وظلما ونسمعه يقول { يَا أَبَتَاهُ اغْفِرْ لَهُمْ لأَنَّهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ مَاذَا يَفْعَلُون} (لو 23 : 34). علينا أن نتعلم من مخلصنا الصالح كيف نقابل الأساءة بالمحبة والصمت وتسلم الحكم لله الذى يحكم للمظلومين بالعدل {الَّذِي إِذْ شُتِمَ لَمْ يَكُنْ يَشْتِمُ عِوَضاً وَإِذْ تَأَلَّمَ لَمْ يَكُنْ يُهَدِّدُ بَلْ كَانَ يُسَلِّمُ لِمَنْ يَقْضِي بِعَدْلٍ} (1بط 2 : 23). علينا أن نضع أمامنا أيقونة المسيح مصلوب ونتعلم منه ومن رجال الله القديسين ونعتبر المسئ الينا كطبيب يظهر لنا عيوب قد لا نراها فينا وكعلاج لبرنا الذاتي فينظر الله الي تواضعنا ويخلصنا كما فعل داود النبي مع شمعي أبن جيرا. وعلينا أن نلتزم الهدوء والصمت حتى تعبر ريح الغضب ونتعلم من خبراتنا السابقة ان نضبط أنفسنا { الجواب اللين يصرف الغضب والكلام الموجع يهيج السخط} ( أم 1:15). يجب علينا أن نتعقل ونصفح فى وقت الغضب { تَعَقُّلُ الإِنْسَانِ يُبْطِئُ غَضَبَهُ وَفَخْرُهُ الصَّفْحُ عَنْ مَعْصِيَةٍ }(ام 19 : 11). { فَاطْرَحُوا عَنْكُمْ انْتُمْ ايْضاً الْكُلَّ: الْغَضَبَ، السَّخَطَ، الْخُبْثَ، التَّجْدِيفَ، الْكَلاَمَ الْقَبِيحَ مِنْ افْوَاهِكُمْ }(كو 3 : 8).
+ التواضع ... الإنسان التواضع لا يحزن من أحد ولا يحزن أحد بل فى تواضع يلقي بالملامة علي ذاته لو أساء اليه الغير وينظر الي خطاياه الخفية ويعدد كم صبر الله عليه وستره فيصبر على الغير وعلى الظروف وبصبره يقتني ويربح نفسه والغير. المتواضع لا يشيع المذمة أو يغتاب غيره ويخدم الغير بمحبة ويحتمل ضعف الضعفاء ويلتمس لهم الأعذار متى غضبوا أو أخطاؤا فى حقه مبررا ذلك بالجهل أو الضعف أو المرض وهذا يحتاج الي علاج وأصلاح فيحبه الناس ويقدروه ويكون مريح للتعابي.
+ المحبة والأحتمال ... المحبة تحتمل الغير وتعالج فى صبر. بالمحبة نتعلم أن نقبل الناس كما هم وبضعفاتهم فأن من أحتمل الغير وقت غضبهم يصبح شهيدا بدون سفك دم كما قال أحد القديسين.علينا أن نعمل الخير ونحتمل ونقدم الكلمة الطيبة للمحزون والساخط ونقدم الهدية والكلمة الرقيقة لرفقائنا فى الدرب عوضا عن النقد والهدم وكما يقول المثل " أن اردت أن تجنى العسل لا تحطم خليه النحل" أن اردنا أن يصير بيتنا سعيد وحياتنا أفضل فعلينا أن نكون إيجابيين نسعي فى عمل الخير ونكتسب الصبر والأحتمال فى التعامل حتى مع الشخصيات الصعبة عوضا عن الهدم والسخط والنزاع ونعالج الأمور بالمنطق والحوار لا بالجدال والنزاع { لاَ تَنْتَقِمُوا لأَنْفُسِكُمْ أَيُّهَا الأَحِبَّاءُ بَلْ أَعْطُوا مَكَاناً لِلْغَضَبِ لأَنَّهُ مَكْتُوبٌ: «لِيَ النَّقْمَةُ أَنَا أُجَازِي يَقُولُ الرَّبُّ }(رو 12 : 19). نسعي بصبرنا وطول البال لأقتناء أنفسنا وكسب محبة الأخرين وخلاصهم { لأَنَّ اللهَ لَمْ يَجْعَلْنَا لِلْغَضَبِ، بَلْ لاِقْتِنَاءِ الْخَلاَصِ بِرَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ}(1تس 5 : 9).
ها نحن نطوب الصابرين ...
+ علينا أن نصلي ليعطينا الله الوداعة والحكمة لنسلك بتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء مفتدين الوقت لان الأيام شريرة، نطلب من الله ان يهبنا محبة له لننقاد الي التواضع والوداعة ولا نقبل لرياح الغضب الضار أن تنتصر علينا أو تفقدنا سلامنا بل نتصرف بوداعة وتواضع وفى حزم مع النفس والغير فى الظروف الصعبة حتى تعبر بسلام. نطلب من الله ان يهبنا العين البسيطة والقلب المحب والخدمة الباذلة لنرث أرض الأحياء فى السماء ونربح غيرنا { طُوبَى لِلْوُدَعَاءِ لأَنَّهُمْ يَرِثُونَ الأَرْضَ }(مت 5 : 5)
+ نصلي ونطلب من الله أن يعطينا الصبر فى المحن والتجارب {هَا نَحْنُ نُطَّوِبُ الصَّابِرِينَ. قَدْ سَمِعْتُمْ بِصَبْرِ أَيُّوبَ وَرَأَيْتُمْ عَاقِبَةَ الرَّبِّ. لأَنَّ الرَّبَّ كَثِيرُ الرَّحْمَةِ وَرَؤُوفٌ }(يع 5 : 11). نصبر ونحتمل ضعف الضعفاء وهياج الأعداء متمسكين بإيماننا بالله وحلمه ووداعته فتعبر عن المحن ويشتد بنياننا الروحي ونتقوى فى الروح ولا نسمح لريح الغضب الضارة أن تهزمنا أو لغضب الغير أن يفقدنا هدوئنا بل نتعامل مع الشخصيات الصعبة بهدوء ورقى يليق بابناء الله القديسين.
+ علمنا يارب أن نحتمي فيك عندما يهيج علينا العدو، ونرتمي تحت أقدام الصليب عندما تأتى علينا ثورات الغضب أو الخطية بانواعها فنجد فيك السلام والعزاء ونتعلم منك المحبة حتى للأعداء ونجد منك الصبر فى المحن والضيقات ونتعلم كيف نجاوب بالمنطق والحكمة كل من يسالنا عن سبب الرجاء الذى فينا.