الخميس، 16 أكتوبر 2014
ماذا تريد ان افعل ؟
للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
ماذا نريد من الله ؟
- ذات يوما كان السيد المسيح ماراً فى اريحا وكان هناك رجل أعمى يجلس على الطريق يستعطى من المارة { و لما اقترب يسوع من اريحا كان اعمى جالسا على الطريق يستعطي. فلما سمع الجمع مجتازا سال ما عسى ان يكون هذا. فاخبروه ان يسوع الناصري مجتاز.فصرخ قائلا يا يسوع ابن داود ارحمني. فانتهره المتقدمون ليسكت اما هو فصرخ اكثر كثيرا يا ابن داود ارحمني. فوقف يسوع و امر ان يقدم اليه و لما اقترب ساله. قائلا ماذا تريد ان افعل بك فقال يا سيد ان ابصر. فقال له يسوع ابصر ايمانك قد شفاك. و في الحال ابصر و تبعه و هو يمجد الله و جميع الشعب اذ راوا سبحوا الله} (لو35:18-43) . ونحن فى حياتنا كثيرا ما نجلس على قارعة الطريق نستجدى العطف او المحبة او المال او الشهوات او المناصب من المارة وتتمرر حياتنا وكيف للعالم ان يشبع نفوسنا الجوعى إلي المطلق والمحبة المشبعة ونحن نعرف ان فاقد الشئ لا يستطيع ان يعطيه؟ بل وحتى ان سمع الإخرين الى سؤالنا فانهم يتضجرون أو ينتهروننا كما فعلوا مع هذا الأعمى !. نحن نعلم ان الله الهنا يريد ان يعطينا أكثر مما نطلب أو نفتكر كأب صالح وراعى أمين. يجب ان نثق فيه ونأتى اليه بإيمان ليفتح عيون قلوبنا وأذهاننا وإنساننا الداخلى لكى نرى عظيم محبته ونعمته ونتبعه فى الطريق .
- علينا ان نسأل أنفسنا ماذا نريد من الله ؟ وبقدر عظمة المعطى نسأله العطية! كثيرين منا يسألوا الله طلبات مادية او عطايا زمنية موقته. أو الشفاء من مرض ما، او وظيفة مناسبة او شريك حياة مناسب، أو هجرة لبلد أفضل، ونسأل العطية وقد نأخذ ما طلبنا او قد تتاخر الأستجابة أو حتى لا نأخذ طلباتنا لحكمة ما يعلمها الله ولمصلحتنا، وحتى عندما نأخذ قد ننسى المعطى وشكره وتمجيد أسمه ولا نتبعه مؤمنين بعمله معنا. علينا ان نحدد ما هى الأولويات فى حياتنا التى نعمل لها ونطلبها من الله {فلا تهتموا قائلين ماذا ناكل او ماذا نشرب او ماذا نلبس. فان هذه كلها تطلبها الامم لان اباكم السماوي يعلم انكم تحتاجون الى هذه كلها. لكن اطلبوا اولا ملكوت الله وبره وهذه كلها تزاد لكم} (مت 31:6-33). ان حياتنا الارضية رغم أهميتها فى عين الله وأهتمامه بها لا تقاس بالحياة الإبدية ومن أجل هذا يجب ان نطلب ملكوت الله وبره وخلاصه لنا ولغيرنا عالمين ان الله سيقودنا فى الحياة ولن يدعنا معوزين لشئ. نحن كابناء لله نطلب معرفته ومحبته والحياة معه هنا وفى مجده السمائي {اطلبوا الرب ما دام يوجد ادعوه وهو قريب } (اش 55 : 6). ان الاجير يكد طالبا الأجرة من صاحب العمل والعبد يريد ان يرضى سيده طمعاً فى المكأفاة او خوفاً من العقاب اما الابن فهو يعمل فى بيت أبيه من أجل محبته لابيه واخلاصه له ولكونه ابناً فله الاب ومعه كل المواعيد والرعاية وله الميراث معه {لان كل الذين ينقادون بروح الله فاولئك هم ابناء الله. اذ لم تاخذوا روح العبودية ايضا للخوف بل اخذتم روح التبني الذي به نصرخ يا ابا الاب.الروح نفسه ايضا يشهد لارواحنا اننا اولاد الله. فان كنا اولادا فاننا ورثة ايضا ورثة الله ووارثون مع المسيح ان كنا نتالم معه لكي نتمجد ايضا معه} (رو 14:8-17).
- نحن فى ثقة فى الله كأب صالح نصلى اليه مقدمين اليه حياتنا وأعمالنا وأقوالنا ونعمل على طاعته لا بالكلام واللسان بل بالعمل والحق ونضع أمامه كل حاضرنا ومستقبلنا وما يواجهنا من عقبات طالبين بثقة ارادته فى حياتنا { اسالوا تعطوا اطلبوا تجدوا اقرعوا يفتح لكم. لان كل من يسال ياخذ ومن يطلب يجد ومن يقرع يفتح له.ام اي انسان منكم اذا ساله ابنه خبزا يعطيه حجرا. وان ساله سمكة يعطيه حية. فان كنتم و انتم اشرار تعرفون ان تعطوا اولادكم عطايا جيدة فكم بالحري ابوكم الذي في السماوات يهب خيرات للذين يسالونه}( مت7:7-11).
- ان الله يريدنا ان نتبعه وننكر ذواتنا ونحمل الصليب { ودعا الجمع من تلاميذه و قال لهم من اراد ان ياتي ورائي فلينكر نفسه و يحمل صليبه و يتبعني} (مر 8 : 34) . السيد المسيح نفسه الذى جال يصنع خيراً تعرض للأتهامات الكاذبة والظلم والصلب من الأشرار { و اذ وجد في الهيئة كانسان وضع نفسه و اطاع حتى الموت موت الصليب (في 2 : 8). ومع انه القدوس والبار فقد أحتمل ذلك من اجل خلاصنا وقام من الموت بقوة ومجد عظيم ليقيمنا معه ويهبنا الخلاص والتبرير والفداء وملكوت السموات . نحن نسير على خطي سيدنا عالمين انه لا توجد ضيقة تستمر الى الأبد بل ستنتهى الضيقة لخيرنا بنعمة الله ، وان كنا خطاة فبالتجارب نتنقى وان كنا صديقين فبالضيقات نتكلل ونتكافأ ، واننا كابناء نمتحن ونتأدب ونتعلم ونشهد لأيماننا في كل تجارب الحياة { طوبى للرجل الذي يحتمل التجربة لانه اذا تزكى ينال اكليل الحياة الذي وعد به الرب للذين يحبونه} (يع 1 : 12) { ولهذا عينه وانتم باذلون كل اجتهاد قدموا في ايمانكم فضيلة و في الفضيلة معرفة.و في المعرفة تعففا و في التعفف صبرا وفي الصبر تقوى. وفي التقوى مودة اخوية و في المودة الاخوية محبة. لان هذه اذا كانت فيكم وكثرت تصيركم لا متكاسلين و لا غير مثمرين لمعرفة ربنا يسوع المسيح} (2بط 5:1-8).
- نحن نصلي بلجاجة الى الله القادر على كل شى ان يفتح أعين قلوبنا لكى نعرفه وقوة قيامته وشركة الآمه . نريد ان نتبعه فى الطريق الضيق وهو قادر ان يقودنا في موكب نصرته ويصل بسفينة حياتنا واهلنا وبلادنا الى بر النجاة ، نريد ان نتعلم منه وهو القائل تعلموا منى { احملوا نيري عليكم و تعلموا مني لاني وديع و متواضع القلب فتجدوا راحة لنفوسكم (مت 11 : 29).نريد ان نري يده فى الأحداث التى تمر بنا ونصلى ان يأمر العواصف والرياح وأمواج بحر العالم لتهدأ وهو قادر وعالم بضعف البشر ونطلب منه الرعاية كراعى صالح لنا وهو قال لنا انه يرعي غنمه ويربضها ويبذل ذاته من أجل سلامتها من أجل ذلك نحيا فى سلام ولا نخاف شي وهو يهبنا الثقة السلام وسط أمواج الحياة وضيقاتها وتجاربها { لانك حفظت كلمة صبري انا ايضا ساحفظك من ساعة التجربة العتيدة ان تاتي على العالم كله لتجرب الساكنين على الارض (رؤ 3 : 10) والله أمين وعادل سيخلصنا من كل تجارب الحياة كجنود له يدافع عنهم ولاننا ابناء القيامة فنحن نحيا على رجاء المجيد العتيد ان يستعلن فينا {فان كنتم قد قمتم مع المسيح فاطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله }(كو 3 : 1).
ماذا يريد الله منا ؟
- كان شاول الطرسوسى رجل فريسي متعصب يضطهد كنيسة الله وقد أخذ رسائل من رؤساء كهنة اليهود الى دمشق للقبض على أتباع السيد المسيح ولكن ظهر له المخلص وغير مجري حياته { اما شاول فكان لم يزل ينفث تهددا و قتلا على تلاميذ الرب فتقدم الى رئيس الكهنة. و طلب منه رسائل الى دمشق الى الجماعات حتى اذا وجد اناسا من الطريق رجالا او نساء يسوقهم موثقين الى اورشليم. و في ذهابه حدث انه اقترب الى دمشق فبغتة ابرق حوله نور من السماء. فسقط على الارض و سمع صوتا قائلا له شاول شاول لماذا تضطهدني .فقال من انت يا سيد فقال الرب انا يسوع الذي انت تضطهده صعب عليك ان ترفس مناخس. فقال وهو مرتعد ومتحير يا رب ماذا تريد ان افعل فقال له الرب قم وادخل المدينة فيقال لك ماذا ينبغي ان تفعل}( أع 1:9-6). لقد ذهب الى مدينة دمشق الى حنانيا الذى عرفه بالمخلص ربا والها فأمن واعتمد على يديه بالسيد المسيح رباً ومخلصاً وبقى فترة من الزمن متتلمذاً وفاحصاً ما جاء فى الكتب وبعدها جال حياته كلها كارزا ومبشراً بفضل من دعاه من عالم الظلمة الى نوره العجيب .
- ونحن يجب علينا ان نسأل هذا السؤال لله ( يارب ماذا تريد ان أفعل ؟) ونعرف ما هى ارادة الله الصالحة الكاملة نحونا وماذا يريدنا ان نفعل في ضوء تعاليمه المقدسة وارشاد الروح القدوس واقوال الاباء القديسين حتى نتمم ارادة الله فى حياتنا . ونحن نريد ان نعرف ارادة الله لكى ما نعمل بها فى حياتنا { ليس كل من يقول لي يا رب يا رب يدخل ملكوت السماوات بل الذي يفعل ارادة ابي الذي في السماوات (مت 7 : 21). الإنسان المؤمن لا يشاكل أهل العالم فى طرقهم الملتوية أو أفعالهم الإثمة { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة (رو 12 : 2).
+ ان الله يريد خلاصنا ونجاتنا من الهلاك وهكذا يقول الانجيل { الله يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). ولكن ليس الجميع يطيعون الإيمان ويخلصون لان الله اعطانا الحرية والارادة ان نتبعه او نعصاه { يا اورشليم يا اورشليم يا قاتلة الانبياء و راجمة المرسلين اليها كم مرة اردت ان اجمع اولادك كما تجمع الدجاجة فراخها تحت جناحيها و لم تريدوا ، هوذا بيتكم يترك لكم خراباً} (مت 23 : 37-38 ). ولهذا يطلب منا ان نعطيه قلوبنا { يا ابني اعطني قلبك و لتلاحظ عيناك طرقي } (ام 23 : 26). والإنجيل يقصد بالقلب الانسان الداخلي ومشاعره وافكاره وارادته ونحن عندما نحب الله نسعى لمرضاته وحفظ وصاياه والعمل بها حتى النفس الأخير .
+ ان الله يريد قداستنا ايضاً { لان هذه هي ارادة الله قداستكم }(1تس 4 : 3) فبدون القداسة لا يري أحد الرب والقداسة تعنى جهادنا فى حياة التوبة والصلاة وان نتقدس بكلمة الله والعمل بها والتناول من الاسرار المقدسة وان تكون حياتنا وأعمالنا مخصصة لمجد أسمه القدوس ، لقد كان رئيس الكهنة فى العهد القديم يضع على راسه عمامه كتب عليها قدس للرب ، ونحن عندما نرشم بالميرون المقدس فهذا لكى تتقدس حواسنا واعمالنا وسلوكنا وارادتنا .{لكي لا يعيش ايضا الزمان الباقي في الجسد لشهوات الناس بل لارادة الله ،لان زمان الحياة الذي مضى يكفينا لنكون قد عملنا ارادة الامم سالكين في الدعارة والشهوات وادمان الخمر والبطر والمنادمات وعبادة الاوثان المحرمة} (1بط 4 : 2-3). هكذا نحن كابناء الله نسعى فى طريق التوبة وننمو فى معرفة ارادة الله والاتحاد به الى ان نصل الى ملء قامة الكمال الروحى التى يريدها لنا الله كابناء وبنات له .
+ من محبة السيد المسيح لنا يعتبرنا اخوة له متى صنعنا مشيئته {لان من يصنع مشيئة الله هو اخي واختي وامي} (مر 3 : 35) لقد جاء كلمة الله متجسداً لكى ما يرينا ما هى مشيئة الله ويفعلها تاركاً لنا مثالاً لكى نتبع خطواته . {قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله} (يو 4 : 34) لقد تمم الابن الوحيد الجنس ارادة الاب السماوي فى خلاصنا وفدائنا ولكى مايردنا مرة اخرى الى الفردوس فهل نحن نشهد لمحبة الله المعلنة لنا فى المسيح يسوع .
+ علينا اذا ان نصغى الى صوت الله الينا من خلال كتابه المقدس او من خلال صوت روحه القدوس داخلنا وقيادته لنا او من خلال المرشدين الروحيين واباء الاعتراف ونصغى الى صوته ولو من خلال الصلاة والتأمل فى الاحداث اليومية وليكون لنا الأذان الروحية المدربة على معرفة ماذا يريد الله لنا ان نفعل وهو أمين وعادل سيقول لنا ماذا ينبغى لنا ان نفعل وعلينا ان نطيع ولا نحزن او نقاوم روح الله القدوس وعمله فينا .
الهى لتكن مشئتك ..
+ يارب اريد ان ابصرك بعين الأيمان، وتفتح قلبى وفكرى لمعرفتك ومحبتك وأتبعك وأعلن مجدك واسير وراءك كل الإيام . فاكشف لى عن ارادتك فى حياتي لكى ما أعمل بها، وليكون هدفى فى الحياة ان اعمل مشيئتك وأسر بها . يا من خلقتنى لأعمال صالحة لاسلك فيها عرفنى طريقك فلا تدعنى أنسى هدف وجودى وانشغل باشياء تافه لا تليق بكرامة مجد ابناء الله .
+ قل لى يارب ماذا تريد ان أفعل. وهبنى الرغبة والارادة والقوة والحكمة لاعمل ما تريد . فانت العامل فينا لنتمم ارادتك وبك نحيا ونتحرك ونوجد ، روحك القدوس يقودنا ويرشدنا ويعلمنا ولا تتركنا يا من وعدت انك ترشدنا وتعلمنا فى الطريق التى نسلك فيها ، لتكون عينك علينا كل أيام حياتنا.
+ علمنا ان نتبعك ونحبك وتكون انت السيد والاول والقائد والحق والطريق والحياة، الالف والياء فى حياتنا فنسير خلفك حتى إلي الجلجثة ونحن نحمل الصليب بفرح ورجاء فى المجد العتيد ان يستعلن فينا .
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق