نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 9 مارس 2022

الصوم المقدس 2- الصوم فى حياة السيد المسيح والكنيسة

 



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى


+ بدء السيد المسيح خدمته بالصوم ....  لكي يبين لنا السيد المسيح أهمية الصوم فقد بدأ خدمته العامة بعد العماد بالاختلاء والصوم في  صلاة وخلوة لمدة أربعين يوماً { ثم اصعد يسوع الى البرية من الروح ليجرب من ابليس. فبعدما صام اربعين نهارا واربعين ليلة جاع اخيرا. فتقدم إليه المجرب وقال له إن كنت ابن الله فقل ان تصير هذه الحجارة خبزا. فاجاب وقال مكتوب ليس بالخبز وحده يحيا الانسان بل بكل كلمة تخرج من فم الله} (مت 1:4-4). لقد صام وقدم لنا مثالاً بصومه على أهمية الصوم بالنسبة لنا للانتصار على تجارب الشيطان ورفض مشورته.  علمنا السيد الرب كيف نشبع بكلمة الله وهو يهتم ويقيت الجسد أيضا أن أعمل مشيئة الله هو شبع للإنسان الروحي فعندما ذهب التلاميذ يبتاعوا طعاما فى السامرة ورجعوا بالطعام { وفي أثناء ذلك سأله تلاميذه قائلين يا معلم كل. فقال لهم ان لي طعام لآكل لستم تعرفونه انتم. فقال التلاميذ بعضهم لبعض العل أحدا أتاه بشيء ليأكل. قال لهم يسوع طعامي ان اعمل مشيئة الذي ارسلني واتمم عمله}(يو 31:4-34). ونحن يجب أن نشبع بكلمة الله وصنع إرادته ومحبته وهو يعتني باحتياجاتنا الجسدية والمادية ولن يعوزنا شئ.

+ تعليم السيد المسيح بأهمية الصوم .... صام السيد المسيح أربعين يوما وأربعين ليلة (مت 2:4). مقدما لنا مثالا لتتبع أثر خطواته. وعندما سالوا السيد المسيح عن صوم تلاميذه وأتباعه أجاب قائلا بوجوب الصوم { وَكَانَ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا وَالْفَرِّيسِيِّينَ يَصُومُونَ فَجَاءُوا وَقَالُوا لَهُ: «لِمَاذَا يَصُومُ تَلاَمِيذُ يُوحَنَّا وَالْفَرِّيسِيِّينَ وَأَمَّا تَلاَمِيذُكَ فَلاَ يَصُومُونَ؟». فَقَالَ لَهُمْ يَسُوعُ: «هَلْ يَسْتَطِيعُ بَنُو الْعُرْسِ أَنْ يَصُومُوا وَالْعَرِيسُ مَعَهُمْ؟ مَا دَامَ الْعَرِيسُ مَعَهُمْ لاَ يَسْتَطِيعُونَ أَنْ يَصُومُوا. وَلَكِنْ سَتَأْتِي أَيَّامٌ حِينَ يُرْفَعُ الْعَرِيسُ عَنْهُمْ فَحِينَئِذٍ يَصُومُونَ فِي تِلْكَ الأَيَّامِ.} (مر 18:2-20). ولقد صام الرسل الصوم المعروف بصوم الرسل بعد حلول الروح القدس عليهم  وصاموا أيضا عند اختيار الخدام و رسامتهم (أع 3:13،27:14). أما عن الصوم الخاص نرى القديس بولس الرسول يصوم في وقت الخطر خلال رحلة بولس الرسول لروما (أع 21:27). أما قول  البعض أن السيد المسيح لم يحتم الصوم بل تركه للظروف بقوله "متى صمتم".  فلماذا نصوم في أوقات ثابتة "سنويا"؟. فإن كلمة متى تفيد التحقيق والتأكيد وليس الشك، بحيث يكون في حكم الواقع المحتم مثل قول الرب: { متى جاء ابن الإنسان في مجده وجميع الملائكة  القديسين معه} (مت31:25). أن  كلمة "متى" تقرر حقائق مقررة ووقوعها محتم . ففي العهد القديم حدد الرب أوقاتًا معينه للصوم (لا 29:16، زك 19:8، لو 12:18).  وحدد الرب يسوع له المجد موعد بدء صوم الرسل بعد صعوده عنهم إلى السماء (مت 15:9) وهذا ما تم فعلا (أع 13،14،27). علينا كمؤمنين أن نصوم ونخضع للترتيب الكنسى الذي وضعه الرسل والكنيسة لما في الصوم الجماعي من فوائد تقودنا الى وحدانية الروح وفي التقرب لله. 

+ الصوم قوة ننتصر بها فى الحروب الروحية...  بالصوم والصلاة نستطيع أن ننتصر على ابليس وهذا ما أكد عليه السيد المسيح عندما اتوا اليه بشاب عليه أرواح نجسة ولم يستطيع التلاميذ أن يخرجوها وشفاه السيد المسيح وعندما سأله التلاميذ لماذا لم نقدر نحن أن نخرج الشياطين؟ { ولما دخل بيتا سأله تلاميذه على انفراد لماذا لم نقدر نحن ان نخرجه. فقال لهم هذا الجنس لا يمكن ان يخرج بشيء الا بالصلاة والصوم} (مر 28:9-29). فما سمعنا عن أحد من القديسين أنتصر فى حروبه علي إبليس إلا وكان الصوم والصلاة من الأسلحة الروحية التي أنتصر بها وتغلب على حيل الشيطان.

+ الأصوام الكنسية الجماعية... هى التى يصومها المؤمنين حسب طقس كل كنيسة، لقد صام المسيح لنتعلم من ونتبع خطواته لهذا نصوم الاربعين المقدسة كل عام  مع صوم أسبوع الآلام ونصوم يومي الأربعاء والجمعة من ايام الاسبوع ماعدا فى أيام الخماسين المقدسة منذ العصر الرسولى. كما نصوم صوم الميلاد استعدادا لاستقبال الله الكلمة المتجسد كما صام موسى النبى قديما أربعين يوما ليستقبل لوحى العهد. بالإضافة إلى الصوم المعروف لدينا بصوم العذراء  ورأينا مثال له في الإنجيل { وكانت نبية حنة بنت فنوئيل من سبط اشير وهي متقدمة في ايام كثيرة قد عاشت مع زوج سبع سنين بعد بكوريتها. وهي أرملة نحو اربع وثمانين سنة لا تفارق الهيكل عابدة باصوام وطلبات ليلا ونهارا. فهي في تلك الساعة وقفت تسبح الرب وتكلمت عنه مع جميع المنتظرين فداء في اورشليم}(لو 36:2-38).

+ اهتمام السيد المسيح بروحانية الصوم... اهتم السيد المسيح بروحانية الصوم والعبادة وبالبعد عن المظهرية في الصوم والصلاة والصدقة بصفة عامة { ومتى صمتم فلا تكونوا عابسين كالمرائين فانهم يغيرون وجوههم لكي يظهروا للناس صائمين الحق اقول لكم انهم قد استوفوا اجرهم. واما انت فمتى صمت فادهن راسك واغسل وجهك. لكي لا تظهر للناس صائما بل لابيك الذي في الخفاء فابوك الذي يرى في الخفاء يجازيك علانية}(مت 16:6-18). ويقول القديس باسيليوس الكبير ( لا تكونوا عابسين وأنتم تستعيدون صحتكم. فإنه لا بدّ لنا أن نتهلل لصحة أنفسنا، ولا مجال للحزن بسبب تبدّل الطعام وكأننا نؤثر ملذّات البطن على منفعة أنفسنا، لأن الشبع يقف إحسانه عند حدود البطن، أما الربح الناتج عن الصوم فهو يَنفذ إلى النفس. كن فرحاً لأنك أعطيت من قبل طبيبك دواء ينزع الخطايا. لا تبدّل وجهك كما يفعل المراؤون. إن الوجه يتبدل عندما يظلم الداخل مع التظاهر الخارجي، وكأنه مخفي وراء ستار كاذب. المرائي هو الذي يكون له على المسرح وجه آخر. يرتدي قناع السيّد وهو في الحقيقة عبد. يلبس قناع الملك وهو بالحقيقة من عامة الناس. هكذا أيضاً في الحياة الحاضرة، كثيرون يتظاهرون وكأنهم على المسرح. يكونون على كل شيء في عمق القلب ويتظاهرون بوجه آخر أمام الناس. أما أنت فلا تبدّل وجهك. كما أنت هكذا أظهر للآخرين. لا تبدّل مظهرك عابساً ساعياً وراء الشهرة عن طريق التظاهر بالصوم والإمساك، لأنه لا نفع للإحسان الذي يطبَّل له، ولا ثمر للصوم الذي يشهّر أمام الناس، أي كل ما يقوم به الإنسان بغية التظاهر أمام الآخرين لا ينفذ إلى الدهر ولا يتخطى حدّه مدح الناس. أسرع بفرح إلى هبات الصوم. إنّه هبة قديمة العهد لا تعتق ولا تشيخ، بل تتجدد وتزهر على الدوام).

+ الصوم والتوبة والمصالحة .... الصوم لكي يكون مقبولا يجب أن يكون مقرونا بالتوبة والتواضع والمصالحة مع الغير { ناد بصوت عال لا تمسك ارفع صوتك كبوق وأخبر شعبي بتعديهم وبيت يعقوب بخطاياهم، واياي يطلبون يوما فيوما ويسرون بمعرفة طرقي كامة عملت برا ولم تترك قضاء الهها يسألونني عن أحكام البر يسرون بالتقرب الى الله. يقولون لماذا صمنا ولم تنظر ذللنا أنفسنا ولم تلاحظ ها انكم في يوم صومكم توجدون مسرة وبكل اشغالكم تسخرون،ها انكم للخصومة والنزاع تصومون ولتضربوا بلكمة الشر لستم تصومون كما اليوم لتسميع صوتكم في العلاء. أمثل هذا يكون صوم اختاره يوما يذلل الإنسان فيه نفسه يحني كالاسلة رأسه ويفرش تحته مسحا ورمادا هل تسمي هذا صوما ويوما مقبولا للرب.أليس هذا صوما اختاره حل قيود الشر فك عقد النير واطلاق المسحوقين احرارا وقطع كل نير. اليس ان تكسر للجائع خبزك وان تدخل المساكين التائهين الى بيتك إذا رأيت عريانا أن تكسوه وأن لا تتغاضى عن لحمك.حينئذ ينفجر مثل الصبح نورك وتنبت صحتك سريعا ويسير برك امامك ومجد الرب يجمع ساقتك.حينئذ تدعو فيجيب الرب تستغيث فيقول هانذا ان نزعت من وسطك النير و الايماء بالاصبع وكلام الإثم. وأنفقت نفسك للجائع وأشبعت النفس الذليلة يشرق في الظلمة نورك ويكون ظلامك الدامس مثل الظهر. ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشط عظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه.ومنك تبنى الخرب القديمة تقيم اساسات دور فدور فيسمونك مرمم الثغرة مرجع المسالك للسكنى} (اش 1:58-12).

+ الصوم فى حياة الآباء وأقوالهم....  لقد اختبر ابائنا القديسين الصوم وفائدته ومارسوه بمحبة وبه سمت أرواحهم وتهذبت نفوسهم وقويت أرواحهم وقالوا فيه الكثير حسب خبرتهم . الصوم عند الآباء هو صوم الجسد عن الطعام وصوم اللسان عن الكلام البطال وصوم القلب عن الشهوات ونقاوته من الخطايا كما قال مار اسحق (الذي يصوم عن الغذاء ولا يصوم قلبه عن الحنق والحقد ولسانه ينطق بالأباطيل فصومه باطل لأن صوم اللسان أخير من صوم الفم وصوم القلب أخير من الاثنين). وقال القديس مكسيموس (من غلب الحنجرة فقد غلب كل الأوجاع) شيخ حدثته أفكاره من جهة الصوم قائلة (كل اليوم وتنسك غدا فقال لن أفعل ذلك. لكني أصوم اليوم وتتم ارادة الله غدا. ويقول القديس باسيليوس الكبير ( أن الصوم الحقيقى هو سجن الرذائل أعني ضبط اللسان وإمساك الغضب وقهر الشهوات الدنسة). ونجد أن القدرة على الصوم تأتي بالتدريج فقد قال الأنبا أولوجيوس لتلميذه (يا بني عود نفسك أضعاف بطنك بالصوم شيئا فشيئا لأن بطن الإنسان إنما تشبه زقا فارغا فبقدر ما تمرنه وتملأه تزداد سعته كذلك الأحشاء التى تحشى بالأطعمة الكثيرة إن أنت جعلت فيها قليلا ضاقت وصارت لا تطلب منك الا القليل) . الصوم عند الآباء هو الحصن الذى نحتمى فيه والصلاة هى السلاح (حصن الإنسان الروحي هو الصوم وسلاحه هو الصلاة فمن ليس له صوم دائم فلا يوجد حصن يمنع عنه العدو ومن ليست له صلاة نقية فليس له سلاح يقاتل به الأعداء). الصوم انتصار على أوجاع الجسد الروحية ، قال القديس يوحنا القصير (إذا أراد ملك أن يأخذ مدينة الأعداء فقبل كل شئ يقطع عنهم الشراب والطعام وبذلك يذلون ويخضعون له هكذا أوجاع الجسد إذ ضيق الإنسان على نفسه بالجوع والعطش ازاءها فإنها تضعف). القصد الإلهي من الصوم هو الجهاد المستمر بإيمان ضد الذات وإغراءات العالم والجسد حتى نصل إلى نقاوة القلب التى بها نعاين الله ونشبع به.

فلنصم بطهارة وبر

أيها الرب الهنا الذى صام عنا أربعين نهاراً وأربعين ليلة وعلمنا أن الصوم والصلاة نصرة علي الشياطين وقوة وضبط  للنفس وتقوية للإرادة وعلمنا كيف نشبع بكلمته المحيية وعمل إرادته المقدسة وأوصانا بالصوم والصلاة وعمل الرحمة ، اقبل توبتنا وصومنا وصلاتنا واغفر خطايانا وأعنا على رضاك و حل بسلامك في قلوبنا وكنيستنا وبلادنا وهب سلاماً وطمأنينة للعالم برحمتك الواسعة و نعمتك الغنية ومحبته القوية ليتمجد اسمك القدوس، الآن وفي كل أوان، أمين.  

ليست هناك تعليقات: