للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
أولا - المعمودية وضرورتها للخلاص..
+ المدخل للأسرار المقدسة ...
المعمودية هى المدخل الي الاسرار واولها، والسر في الإيمان المسيحي هو نوال نعم روحية غير منظورة يحصل عليها المؤمن بالروح القدس عن طريق الصلاة التي تقيمها الكنيسة عن طريق الأسقف أو الكاهن وبمادة منظورة. وسر المعمودية أسسه الرب يسوع المسيح عندما أعتمد فى بدء خدمته الجهارية من يوحنا المعمدان في نهر الاردن (مت3: 13-17). وهو القدوس ليؤسس ويقدس لنا سر العماد وهو الذي أوصى تلاميذه قالاً: { اذهبوا وتلمذوا جميع الأمم وعمدوهم باسم الآب والابن والروح القدس} (مت28: 18و19). ولضرورة المعمودية للخلاص قال السيد الرب { من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن} (مر16: 16). وفي حديث السيد المسيح لنيقوديموس قال:{ الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ اللَّهِ. قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً وَيُولَدَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ هُوَ رُوحٌ} (يو 3:3-6). ولهذا فبعد ظهور السيد المسيح لشاول الطرسوسى قال الرب لحنانيا الرسول ان يمضي الي شاول ليضع عليه يده ويبصر ويعمده { فَمَضَى حَنَانِيَّا وَدَخَلَ الْبَيْتَ وَوَضَعَ عَلَيْهِ يَدَيْهِ وَقَالَ: «أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ قَدْ أَرْسَلَنِي الرَّبُّ يَسُوعُ الَّذِي ظَهَرَ لَكَ فِي الطَّرِيقِ الَّذِي جِئْتَ فِيهِ لِكَيْ تُبْصِرَ وَتَمْتَلِئَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ». فَلِلْوَقْتِ وَقَعَ مِنْ عَيْنَيْهِ شَيْءٌ كَأَنَّهُ قُشُورٌ فَأَبْصَرَ فِي الْحَالِ وَقَامَ وَاعْتَمَدَ.} ( أع 17:9-18). وهذا ما شرحه القديس بولس في دفاعه عن نفسه في اورشليم { ثُمَّ إِنَّ حَنَانِيَّا رَجُلاً تَقِيّاً حَسَبَ النَّامُوسِ وَمَشْهُوداً لَهُ مِنْ جَمِيعِ الْيَهُودِ السُّكَّانِ أَتَى إِلَيَّ وَوَقَفَ وَقَالَ لِي: أَيُّهَا الأَخُ شَاوُلُ أَبْصِرْ! فَفِي تِلْكَ السَّاعَةِ نَظَرْتُ إِلَيْهِ فَقَالَ: إِلَهُ آبَائِنَا انْتَخَبَكَ لِتَعْلَمَ مَشِيئَتَهُ وَتُبْصِرَ الْبَارَّ وَتَسْمَعَ صَوْتاً مِنْ فَمِهِ. لأَنَّكَ سَتَكُونُ لَهُ شَاهِداً لِجَمِيعِ النَّاسِ بِمَا رَأَيْتَ وَسَمِعْتَ. وَالآنَ لِمَاذَا تَتَوَانَى؟ قُمْ وَاعْتَمِدْ وَاغْسِلْ خَطَايَاكَ دَاعِياً بِاسْمِ الرَّبِّ} ( أع 12:22-16). ولقد تسلم وتعلم ومارس القديس بولس الرسول أهمية المعمودية وضرورتها للخلاص كموت وقيامة مع المسيح وعندما آمن سجان فيلبي بالمسيح بعد المعجزة التي حدثت مع بولس وسيلا بعد أن تزلزل السجن وأنفتحت ابوابه وأنحل المسجونين مي قيودهم السجن آمن حافظ السجن واعتمد واهل بيته { ثُمَّ أَخْرَجَهُمَا وَقَالَ: «يَا سَيِّدَيَّ مَاذَا يَنْبَغِي أَنْ أَفْعَلَ لِكَيْ أَخْلُصَ؟» فَقَالاَ: «آمِنْ بِالرَّبِّ يَسُوعَ الْمَسِيحِ فَتَخْلُصَ أَنْتَ وَأَهْلُ بَيْتِكَ». وَكَلَّمَاهُ وَجَمِيعَ مَنْ فِي بَيْتِهِ بِكَلِمَةِ الرَّبِّ. فَأَخَذَهُمَا فِي تِلْكَ السَّاعَةِ مِنَ اللَّيْلِ وَغَسَّلَهُمَا مِنَ الْجِرَاحَاتِ وَاعْتَمَدَ فِي الْحَالِ هُوَ وَالَّذِينَ لَهُ أَجْمَعُونَ.} ( أع 30:16-32)
+ ومنذ العصر الرسولي ومع حلول الروح القدس علي الرسل القديسين راينا القديس بطرس يعظ الداخلين للإيمان أن يتوبوا ويعتمدوا ليقبلوا عطية الروح القدس قالأ { توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا الروح القدس .. فقبلوا كلامه بفرح واعتمدوا وانضم في ذلك اليوم نحو ثلاثة آلاف نفس} (أع2: 3843). كما قام فيلبس بتعميد الرجل الحبشي بعد أن بشره بالمسيح، فقد طلب الخصي بنفسه أن يعتمد إذ قال لفيلبس: {هوذا ماء فماذا يمنع أن أعتمد .. فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي فعمده.}(أع8: 36و38). ويسجل لنا سفر أعمال الرسل تعميد بطرس الرسول لكيرنيليوس ومن معه عندما آمن، فيقول: { حينئذ أجاب بطرس أترى يستطيع أحد أن يمنع الماء حتى لا يعتمد هؤلاء الذين قبلوا الروح القدس كما نحن أيضا وأمر أن يعتمدوا بإسم الرب}(أع1: 1048). ويلاحظ هنا في هذه الحادثة أهمية معمودية الماء، فرغم أن الروح القدس قد حل على كرنيليوس وأهل بيته قبل تعميدهم، إلا أن معلمنا بطرس الرسول قد أمر باتمام معمودية الماء، فلو لم تكن هذه المعمودية لها أهمية ما كان قد أصر على إتمامها. وربما يقول البعض: لماذا حل الروح القدس بدون معمودية الماء؟ أليس هذا دليل على أن الروح القدس يمكن أن يحل على الناس بدون معمودية الماء؟. نجيب على هذا التساؤل ببساطة شديدة أن القيام بتعميد الأمم كان أمرا غير مسبوق ولم يكن مقبولا من اليهود الذين دخلوا الإيمان المسيحي. ولهذا سمح الرب بإظهار قبول الأمم بهذه الوسيلة، ولهذا تشجع بطرس الرسول أن يعمدهم. ومن الأمثلة الأخري علي ممارسة الكنيسة الأولى أيضا للمعمودية ما ذكر في سفر أعمال الرسل عن تعميد ليديا بائعة الأرجوان: في فيلبي عندما قبلت المسيح قام بولس الرسول بتعميدها (أع16: 15).
+ ولكي يعطي سر المعمودية لغير المؤمنين يجب أن يرغبوا ويسعوا لذلك ثم يتم تعليمهم الإيمان المسيحي ويتوبوا عن الخطية معترفين مقرين بايمانهم بالمسيح { توبوا وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا} (أع2: 38). ولهذا علي الداخل للإيمان أن يجحد الشيطان قائلا أجحدك أيها الشيطان.. أي أرفضك أيها الشيطان وكل أعمالك الشريرة. ويؤمن بعمل المسيح الكفاري على الصليب أنه مات لأجله شخصيا ولهذا يقر بالإيمان قائلا "أؤمن بإله واحد..." الرغبة والتصميم على الحياة مع المسيح تحت قيادة وارشاد الروح القدس والأرتباط بالكنيسة كأم
روحية للمؤمنين. هذا من تطلبه الكنيسة من البالغين المتقدمين للمعمودية، أما بالنسبة للأطفال فيصبح الأشابين مسئولين أمام الله والناس عن تنشئتهم علي الإيمان المستقيم ليعيشوا مسيحيتهم ويمارسوا الأسرار الكنيسة ويحيوا حياة الفضيلة
رموز للمعمودية فى العهد القديم
1- أجتياز البحر الاحمر والسحابة في البرية ...
رأى القديس بولس الرسول في عبور الشعب قديما للبحر في أيام موسى النبي أنهم قد اجتازوا المعمودية رمزيًا. فالبحر يشير إلى جرن المياه، والسحابة التي ظللتهم تشير إلى الروح القدس، كقول الكتاب: { أرسلت روحك فغطاهم} (خر 10:15). وكما يقول القديس بولس { فَإِنِّي لَسْتُ أُرِيدُ أَيُّهَا الإِخْوَةُ أَنْ تَجْهَلُوا أَنَّ آبَاءَنَا جَمِيعَهُمْ كَانُوا تَحْتَ السَّحَابَةِ وَجَمِيعَهُمُ اجْتَازُوا فِي الْبَحْرِ وَجَمِيعَهُمُ اعْتَمَدُوا لِمُوسَى فِي السَّحَابَةِ وَفِي الْبَحْرِ} (1كو 1:10-2). وظهرت رمزية عبور البحر الأحمر للمعمودية في العهد القديم، إذ رأى إشعياء النبي ذراع الرب ويرمز للسيد المسيح القائم من القبر محطمًا العدو إبليس أو التنين الساكن في أعماق المياه، فاتحًا طريق النصرة لكي يعبر أولاده وسط المياه ويخلصوا.{ استيقظي استيقظي البسي قوةً يا ذراع الرب. استيقظي كما في أيام القدم كما في الأدوار القديمة. أَلستِ أنتِ القاطعة رَهَب الطاعنة التنين؟ أَلستِ أَنتِ هي المُنَشِّفة البحر مياه الغمر العظيم، الجاعلة أعماق البحر طريقًا لعبور المفديين؟ ومفديُّو الرب يرجعون ويأتون إلى صهيون بالترنم، وعلى رؤُوسهم فرح أبدي. ابتهاج وفرح يدركانهم. يهرب الحزن والتنهُّد} (إش 9:51-11). اشعياء النبي يكرر ثلاث مرات "استيقظي، استيقظي، استيقظي" وكأنها إعلان عن قوة القيامة المعلنة في اليوم الثالث، التي تُوهب لمفديي الرب في المعمودية خلال الغطسات الثلاث باسم الثالوث القدوس. يطلب النبي من السيد الذي عمل في القديم خلال رمز العبور أن يعمل الآن ليعبر بمفدييه وسط المياه ويدخل بهم إلى الفرح الأبدي الذي هو ملكوت الله الذي يهرب منه الحزن والتنهد. هكذا رأى إشعياء النبي في العبور مفاهيم لاهوتية حية لعمل المعمودية في حياة المؤمنين، ونصرتهم خلال الرب الذي قام وأقامهم معه، وحطيم إبليس التنين القديم.
+ لقد احتمى الشعب فى البرية تحت السحابة من أعدائهم حتى يخلصوا من الموت, كمثال المعمودية. والماء في البحر الأحمر وقف وصنع طريق للعابرين فيه وأي أحد يريد أن يعبر ممكن أن يقول، الماء قد ينهار على، كيف أدخل فيها؟ فهي مياه محيطة بالإنسان ممكن تميته. ولذلك العبور رمز للمعمودية لأنه قبول للموت، لكنه موت محيى؛ لأنه إذ لم يعبروا كانوا سوف يموتون بسيف فرعون. فهناك موت منتظرهم وإذا عبروا في وسط المياه نجو من الموت ولذلك عبور بنى إسرائيل في البحر الأحمر يشير للمعمودية كايمان بوعد الله وعبروا وآمنوا أن { الرب يقاتل عنكم وأنتم تصمتون} (خر 14 : 14). هنا عنصر الإيمان والتصديق لوعد الله. وغرق فرعون يرمز للشيطان لذلك المعمودية تخرجنا من سلطان الشيطان والظلمة الي ملكوت الله في النور. وفيها الاغتسال الذي يعطى الإنسان تنقية من الخطية.
2- الختان ...
المعمودية هي دخول فى عهد مع الله أى إتفاق بين طرفين. وكما كان الختان قديما عهد بين الله والناس هكذا المعمودية عهد بيننا وبين الله ليكون لنا الهاً ونحن له شعب مقدس، نموت مع المسيح لنقوم معه فى جدة الحياة {هذا هو عهدى الذى تحفظونه بينى وبينكم وبين نسلك من بعدك يختن منكم كل ذكر. هذا هو كلام ربنا لإبراهيم أبو الأباء}. (تك 17: 10) دخل إبراهيم فى عهد وأول من طبق عليه الختان فى اليوم الثامن هو إسحق. رمز للسيد المسيح ولذلك إسحق رمز للمسيح كذبيحة وتقدم نفسه طاعة للآب. وهذا ما قاله القديس بولس { وبه ايضا ختنتم ختانا غير مصنوع بيد بخلع جسم خطايا البشرية بختان المسيح. مَدْفُونِينَ مَعَهُ فِي الْمَعْمُودِيَّةِ، الَّتِي فِيهَا اقِمْتُمْ ايْضاً مَعَهُ بِإِيمَانِ عَمَلِ اللهِ، الَّذِي اقَامَهُ مِنَ الأَمْوَاتِ. وَإِذْ كُنْتُمْ امْوَاتاً فِي الْخَطَايَا وَغَلَفِ جَسَدِكُمْ، احْيَاكُمْ مَعَهُ، مُسَامِحاً لَكُمْ بِجَمِيعِ الْخَطَايَا، إِذْ مَحَا الصَّكَّ الَّذِي عَلَيْنَا فِي الْفَرَائِضِ، الَّذِي كَانَ ضِدّاً لَنَا، وَقَدْ رَفَعَهُ مِنَ الْوَسَطِ مُسَمِّراً ايَّاهُ بِالصَّلِيبِ } (كو2 : 11-14). كان الختان الجسدي في العهد القديم علامة تُظهر علاقة عهد الإنسان مع الله (رو 11:4-12). وعلامة انقسام بين اليهود والأمم، وعلى الصليب حطم المسيح يسوع هذا الحائط المتوسط، حاجز الانقسام (أف 14:2-18). نحن المؤمنين جميعًا ندخل في عهد مع الله (رو 29:3، 30؛ غل 6:5). نتمتع بالختان الروحي، أي العماد، فنخلع الإنسان القديم ونلبس الإنسان الجديد الذي على صورة خالقه. في هذا الختان لا تنزع غرلة الجسد الظاهرة، بل غرلة القلب التي تتعارض مع مشيئة الله والطاعة لوصاياه. لهذا وبخ القديس اسطفانوس اليهود لأنهم قساة القلوب وغير مختونين بالقلوب والآذان (أع 7: 51)، وعاد القديس بولس ليوضح مفهوم "اليهودي" كعضو في جسد إسرائيل الحقيقي انه مختون القلب بالروح (رو 2: 28-29). في الختان الجسدي الحرفي يُنزع جزء من اللحم، أما في ختان معموديتنا ينزع المسيح من المعمد طبع الخطية فلا يعود الجسد يكون هيكلاً لها، بل يصير هيكلاً للرب. هذا الاستئصال لا يتم بسكين مادية، بل بيد غير بشرية، وهو عمل روح المسيح فينا بالإيمان.
3- فلك نوح وماء الطوفان.. كان الخلاص من الطوفان في زمن نوح البار بالدخول فى الفلك الذي قال عنه بطرس الرسول { كانت أناة الله تنتظر مرة في أيام نوح إذ كان
الفلك يبنى، الذي فيه خلص قليلون أي ثمان أنفس بالماء الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي المعمودية، لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير صالح عن الله بقيامة يسوع المسيح} (1بط3: 20-21). والفلك يرمز الفلك للكنيسة والمعمودية فيها التي تخلص المؤمن من طوفان بحر العالم مثلمنا خلص نوح وبنوه ونسائهم من الطوفان بالفلك الذى أمرهم الرب بالدخول فيه.
نصلي شاكرين بنغمة البنين
+ ايها الرب الهنا الذى دعانا بنعمته للدخول في عهد مقدس معه لنصير خليقة جديدة وأبناء وبنات بالإيمان فنموت بسر المعمودية عن شهوات العالم ونقوم معك في حياة جديدة ونعبدك بالروح والحق ونكرس حياتنا حباً في من أحبنا، نشكرك من أجل محبتك القوية ومغفرتك لخطايانا وقيادتك الأمينة لشعبك وسط برية هذا العالم، خلصنا يارب من طوفان بحر هذا العالم الزائل وأهدنا الي ملكوتك لنكون لك شعباً مبرراً يخبر بفضل من دعاهم من عالم الظلمة الي نوره العجيب، ونشكرك ونصلي لك كل حين، أمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق