للأب القمص
أفرايم الأنبا بيشوى
للمعمودية معاني ونتائج روحية مهمة في حياتنا فهي موت عن الانسان العتيق
وقيامة مع المسيح فى جدة الحياة الروحية، وتجعلنا أبناء لله وخليقة جديدة فيه
وتغفر خطايانا وتطهرنا من كل أثم وتهبنا أستنارة روحية وتجعلنا أهلاً لميراث ملكوت
السماوات.
1- المعمودية موت عن الانسان العتيق وقيامة مع المسيح ..
المعمودية هي موت للانسان العتيق بشهواته وقيامه فى حياة البر مع المسيح
المقام لذلك يقول القديس بولس الرسول { أم تجهلون أننا كل من اعتمد ليسوع
المسيح اعتمدنا لموته فدفنا معه بالمعمودية للموت حتى كما أقيم المسيح من الأموات
بمجد الآب هكذا نسلك نحن أيضا في جدة الحياة.} (رو3:6-5). الله بكثرة رحمته
أفاض بنعمته علينا لينزع عنّا كل أثر للخطية، فيتمجد الله فينا نحن الخطاة، هذا
يدفعنا لا للاستهتار بالخطيّة أو للتهاون في الجهاد ضدّها، إنما يليق بنا أن
نتركها سالكين كما يليق بنا كأولاد لله، نالوا نعمته البنوّة له. هكذا يضع الرسول
بولس "المعموديّة" أمامنا لندرك مركزنا الجديد خلال النعمة فنحيا في جدة
الحياة كأولاد لله. نعيش كل زمان غربتنا سالكين بقوّة القيامة كأولاد لله، في
جهادٍ غير منقطعٍ. ويقول أيضا{ مدفونين معه في المعمودية التي فيها أقمتم أيضا معه} (كو2:
12). والدفن يتم بدفن ووضع المتوفى تحت التراب، وحيث أن المعمودية دفن فلابد
أن يغمر المعمد تحت الماء ونعمد بالتغطيس كصبغة مقدسة لندفن مع المسيح كمعمودية
المسيح: { فلما اعتمد يسوع صعد للوقت من الماء} (مت3: 16). وفى تعميد خصي الحبشة: {
فأمر أن تقف المركبة فنزلا كلاهما إلى الماء فيلبس والخصي وعمده ولما صعد من الماء
خطف روح الرب فيلبس} (أع8: 39). تتم المعمودية بالتغطيس ثلاث دفعات في الماء
كمثال الثالوث، يتضح ذلك من قول رب المجد يسوع لتلاميذه: { وعمدوهم باسم الآب
والابن والروح القدس} (مت28: 19). ولان المعمودية ولادة روحية، فيولد الإنسان مرة واحدة فلا تعاد معمودية
المؤمن لان المعمودية موت مع المسيح وقيامة معه فلا تحدث سوى مرة واحدة للمسيح.
كما نقول في قانون الإيمان "نعترف بمعمودية واحدة". الذي اعتمد مرة لا
يمكن أن يعاد معموديته حتى لو ضعف وأخطا أو حتى أنكر المسيح، فعندما يتوب لا تعاد
معموديته، بل يكتفى بالتوبة والاعتراف والتناول.
2- المعمودية ولادة وخليقة جديدة ...
في المعمودية يحل الروح القدس على ماء المعمودية ويقدسها ويعطيها القدرة
علي أن تلد المعمد من جديد كخليقة جديدة {اذا ان كان احد في المسيح فهو خليقة
جديدة الاشياء العتيقة قد مضت هوذا الكل قد صار جديدا} (2كو 5 : 17). الذى يتعمد يتمتع
بسكنى المسيح في قلبه بالإيمان وبالتجديد المستمر خلال عمل روحه القدوس، يمارس
بنوته للَّه جاحدًا إبليس وأعماله الشريرة.
في المسيح ننال قلبًا جديدًا وفكرًا جديدًا وسلوكًا جديدًا وحياة جديدة، ونحيا احرار من الخطية ومن محبة العالم وشهوات الجسد. فلا ننشغل
بما يُرى وإنما بما لا يُرى. من يولد ثانية بالروح يليق به أن يعيش لله مظهرًا كيف
أنها "خليقة جديدة". يضيف القديس بولس { الأشياء العتيقة قد مضت، هوذا
الكل قد صار جديدًا} الأشياء العتيقة هي الخطايا وعدم التقوى والبعد عن الله لذلك
قال الرب أن المعمد يولد من الماء والروح فيصير إنسان جديد. ولكى يحل الروح القدس
على الماء لكي يهبه القدرة على الولادة فان الأب الكاهن يسكب الميرون علي الماء
علي مثال الصليب والروح القدس يأخذ مما للمسيح ويعطينا. الذي
يحدث في المعمودية هو إقامة من الموت. نموت مع المسيح ونقوم معه ويفقد الشيطان
سلطانه على النفس المؤمنة وتخرج من مملكة الشيطان وتدخل في مملكة الله. وكرمز لتجديد الطبيعة
بالمعمودية يلبس المعمد الملابس البيضاء وفوقها الزنار الأحمر. لكي نعلن أن النقاء
الذي أخذه الطفل المولود من الماء والروح يتم بمفاعيل دم المسيح الخلاصي.
3- المعمودية وغفران الخطايا ..
المعمودية تغفر الخطايا هذا ما وضحه القديس بولس الرسول { خلصنا بغسل
الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس} ( تي 5:3). وكما يقول القديس بطرس الرسول { توبوا
وليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا} (اع2: 38).
بالمعمودية تغفر الخطية الموروثة من آدم وتسمى بالخطية الجدية أو الأصلية،
والتي يقول عنها الكتاب { بإنسان واحد دخلت الخطية إلى العالم وبالخطية الموت} (رو5: 12). وبالتوبة والمعمودية
تغفر الخطايا التي ارتكبها الشخص الكبير قبل أن يقبل سر المعمودية. وبالايمان
والمعمودية نحصل علي الخلاص { من آمن واعتمد خلص ومن لم يؤمن يدن}(مر
16:16). {الذي مثاله يخلصنا نحن الآن أي بالمعمودية لا إزالة وسخ الجسد بل سؤال ضمير
صالح من الله}(1بط 21:3). المعمودية تهب المعمد الخلاص من عقوبة الخطية ومن قوتها وسلطانها
حتى لا يستعبد لها المؤمن بل ينال قوة روحية تمكنه من حياة النصرة والغلبة في
المسيح يسوع. ونتبرر بالنعمة لنصير أهلا الحياة الأبدية { خلصنا بغسل الميلاد
الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح ومخلصنا حتى إذا
تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية} (تي3: 57). والتبرير معناه
إعطاء البراءة للمذنب ليس لأنه لم يخطئ، بل لأنه قد افتدي بدم المسيح.
4- المعمودية والبنوة
والأستنارة ..
بالمعمودية نولد من فوق كأبناء
الله بالتبني { لأنكم جميعا أبناء الله بالإيمان بالمسيح يسوع لأن كلكم الذين اعتمدتم
بالمسيح قد لبستم المسيح.} ( غل 26:3). المعمودية تعتبر ميلادا جديدا من الله فهي
تعطي بنوة جديدة أي يصبح المعتمد ابنا لله. ويشرق عليه نور الإيمان وينمو في معرفه
ربنا يسوع المسيح وحقائق الإيمان المسيحي وسرّ التجسّد والفداء ويحيا أسرار
الكنيسة ويجاهد برجاء منتظر المجيء الثاني وقيامة الأموات وحياة الدهر الآتي .
والمعمودية ننال أستنارة روحية وتنقلنا الي مملكة المسيح فى النور وهي موت مع المسيح وقيامة معه كابناء
النور { ولكن تذكروا الأيام السالفة التي فيها بعدما أنٌرتم صبرتم علي مجاهدة آلام
كثيرة} (عب 3:10). هكذا المولود أعمي عندما أغتسل في بركة سلوام أتي بصير وأستنار
عقله ووبخ اليهود علي عدم إيمانهم بمن فتح عينيه. المعمودية تهب أستنارة بالروح
المسيح وينير أنساننا الداخلي وننال مغفرة للخطايا ويحل المسيح فينا { لان الذى
قال أن يشرق نور من ظلمة، هو الذى أشرق في قلوبنا لانارة معرفة مجد الله في وجه
يسوع المسيح} (2كو6:4). المعمودية تعطي أستنارة وحكمة وتمييز ليكون لنا الإيمان
العامل بالمحبة { مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا هو رجاء دعوته وما هو مجد ميراثه
في القديسين وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين، حسب عمل شدة قوته} (
أفس 18:1-19). المعمودية هي سرُّ إنارة المؤمن، ومن هنا فهي
تُسمَّى سرَّ الاستنارة.
5- المعمودية والتقديس والتطهير ..
نتقدس بالرشم بالميرون لنكون هيكلاً لله { كما أحب المسيح أيضا الكنيسة وأسلم نفسه لأجلها لكي يقدسها
مطهرا إياها بغسل الماء بالكلمة لكي يحضرها لنفسه كنيسة مجيدة لا دنس فيها ولا غضن
أو أي شيء من مثل ذلك بل تكون مقدسة وبلا عيب} (أف5: 2527). التقديس يعني إعطاء الصحة السليمة، فالقداسة في أصل الكلمة اليوناني هي
الصحة السليمة الخالية من الأمراض. القداسة لا تعني العصمة من الخطية، فالمؤمن يظل
معرض للسقوط في الخطية طيلة أيام حياته على الأرض. تماما كالشخص السليم صحيا، يكون
معرضا للإصابة بالأمراض. ولكنه يسعى للشفاء ليستعيد صحته. فما ينطبق على الجسد
ينطبق أيضا على الروح. فلنطلب دائما من الله ان يعطينا البصيرة الروحية لنحيا
كابناء وبنات مقدسين ومكرسين حياتنا لله لنعرفه ونعبده بالروح والحق ونتدرج في
معرفة الله حسب نمونا الروحي ومقدرتنا على المعرفة والحبّ. { إِذْ لَمْ تَأْخُذُوا
رُوحَ الْعُبُودِيَّةِ أَيْضاً لِلْخَوْفِ بَلْ أَخَذْتُمْ رُوحَ التَّبَنِّي
الَّذِي بِهِ نَصْرُخُ: «يَا أَبَا الآبُ!»} (رو
8 : 15). { فَإِنْ كُنَّا
أَوْلاَداً فَإِنَّنَا وَرَثَةٌ أَيْضاً وَرَثَةُ اللهِ وَوَارِثُونَ مَعَ
الْمَسِيحِ. إِنْ كُنَّا نَتَأَلَّمُ مَعَهُ لِكَيْ نَتَمَجَّدَ أَيْضاً مَعَهُ }(رو
8 : 17). نطلب كابناء فنأخذ ونسأل فيعطى
لنا ونقرع ويفتح لنا. ونصلي ليجدد الروح القدس طبيعتنا ويهبنا حياة مقدسة غير فاسدة
تستطيع أن تقاوم الشر والخطية. ويقصد
بالتطهير التنظيف من أدران الخطية وفسادها الداخلي. ومعنى لبس المسيح هو أن
يكتسي الإنسان بشخص المسيح فيغطيه بثوب خلاصه ورداء بره، كما يقول النبي { فرحا
أفرح بالرب، تبتهج نفسي بإلهي، لأنه قد ألبسني ثياب الخلاص، كساني رداء البر}
(أش61: 10)
6- نوال الحياة الأبدية:
المعمودية تؤهل
الإنسان للدخول إلى الحياة الأبدية، كما قال الرب يسوع المسيح { إن كان أحد لا
يولد من الماء والروح لا يقدر أن يدخل ملكوت الله}(يو5: 5) {خلضنا بغسل الميلاد
الثاني وتجديد الروح القدس الذي سكبه بغنى علينا بيسوع المسيح ومخلصنا حتى إذا
تبررنا بنعمته نصير ورثة حسب رجاء الحياة الأبدية} (تى 5:3-7). فيالعظم هذه
البركات التي يحصل عليها الإنسان عندما يتقبل سر المعمودية ونعمة الحياة الجديدة
في المسيح يسوع ويسلك كما يحق لإنجيل ربنا يسوع المسيح.
أما
أن تهاون المؤمن ورجع للخطية فعليه
بالتوبة والرجوع الي الله . ليستعيد بركات المعمودية ومع الأبن الضال يرجع إلى أحضان أبيه ويقدم توبة
لله ويعترف بخطاياه شاعرا بعد أستحقاقه ويأخذ من الأب الكاهن العلاج والحل من
الخطايا ويتناول من الأسرار المقدسة ويحيا فى تقوى ومخافة ومحبة الله مجددا عهود
معموديته فيجد القبول وينال الغفران وتفرح به السماء وملائكة الله ويؤهل للحياة
الأبدية.
اليك يارب نصلي
+ نشكرك أيها الرب الهنا الذى دعانا بنعمة للبنوة لا من أجل أعمل في بر عملناها
بل بمقتضي رحمتك خلاصتنا بغسل الميلاد الثاني وتجديد الروح القدس الذى سكبته بغني علينا
بيسوع المسيح مخلصنا حتى إذا تبررنا بنعمته نصير ورثة الحياة الأبدية.
+ نشكرك يا الهنا الصالح غافر الخطايا واهب العطايا ومانح النعم ونسائلك أن
تقودنا لنكون خليقة جديدة، نبتعد عن كل شر ونصنع البر ونسير علي خطي القديسين،
ونطيعك بمحبة البنين ونصنع مشيئتك كل حين.
+ ياروح الله القدوس الذى يعمل فى أسرار الكنيسة ويقدس المؤمنين. قدس أجسادنا ونفوسنا وارواحنا وأفتح عيون قلوبنا لنعاين ونذوق الحياة المقامة وأسرار الملكوت وننقاد بالروح ورائحة المسيح الزكية منا تفوح ونحيا واثقين برجاء الحياة الأبدية، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق