نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 21 أكتوبر 2020

53- القديس بولس الرسول وأسرار الكنيسة 4- سر التوبة والاعتراف -2


للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

 

+ لقد منح الرب يسوع المسيح للكنيسة ممثلة في الأباء الرسل وخلفائهم من بعدهم " سلطان الحل والربط "  فقال لتلاميذه { الحق اقول لكم كل ما تربطونه على الارض يكون مربوطا في السماء وكل ما تحلونه على الارض يكون محلولا في السماء} (مت 18: 18). وكان كل الذين يؤمنون بالكلمة كانوا يعترفون بخطاياهم للرسل كما حدث مع القديس بولس في أفسس{ وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا يَأْتُونَ مُقِرِّينَ وَمُخْبِرِينَ بِأَفْعَالِهِمْ . وَكَانَ كَثِيرُونَ مِنَ الَّذِينَ يَسْتَعْمِلُونَ السِّحْرَ يَجْمَعُونَ الْكُتُبَ وَيُحَرِّقُونَهَا أَمَامَ الْجَمِيعِ. وَحَسَبُوا أَثْمَانَهَا فَوَجَدُوهَا خَمْسِينَ أَلْفاً مِنَ الْفِضَّةِ. هَكَذَا كَانَتْ كَلِمَةُ الرَّبِّ تَنْمُو وَتَقْوَى بِشِدَّةٍ.}( أع 18:19-20). وكما يقول القديس يوحنا الانجيلي {ان اعترفنا بخطايانا فهو أمين وعادل حتى يغفر لنا خطايانا و يطهرنا من كل اثم} (1يو 1: 9).

+ لقد تسليم الرسل ليس فقط للحل بل ايضا للربط في الخطية وهكذا راينا كيف ربط القديس بولس الرسول زاني مدينة كورنثوس وعند احساسه بالحسره والاسي غفر له خطيته حتي لايفقد الامل في التوبه ودعا الاخوة ان يقبلوه معهم في شركتهم مرة اخري وقد ذكر الرسول بولس ذلك في رسالته الثانية الي اهل كورنثوس { وَلَكِنْ إِنْ كَانَ أَحَدٌ قَدْ أَحْزَنَ، فَإِنَّهُ لَمْ يُحْزِنِّي، بَلْ أَحْزَنَ جَمِيعَكُمْ بَعْضَ الْحُزْنِ لِكَيْ لاَ أُثَقِّلَ. مِثْلُ هَذَا يَكْفِيهِ هَذَا الْقِصَاصُ الَّذِي مِنَ الأَكْثَرِينَ، حَتَّى تَكُونُوا - بِالْعَكْسِ - تُسَامِحُونَهُ بِالْحَرِيِّ وَتُعَزُّونَهُ، لِئَلاَّ يُبْتَلَعَ مِثْلُ هَذَا مِنَ الْحُزْنِ الْمُفْرِطِ. لِذَلِكَ أَطْلُبُ أَنْ تُمَكِّنُوا لَهُ الْمَحَبَّةَ.} ( 2كو 5:2-8). لذا فان هذا السر قد أعطاه الرب للكهنة وهذا السر الدائم يظل لمغفرة الخطايا { وأما هذا فمن اجل انه يبقى الى الأبد له كهنوت لا يزول فمن ثم يقدر أن يخلص ايضا الى التمام الذين يتقدمون به الى الله اذ هو حي في كل حين ليشفع فيهم} (عب 7: 25) فلا نيأس عندما نسقط في خطية ما فالرب هو الذي يكمل ضعفنا ويعيننا الى ان نصل الى الكمال والقداسة به { يا اولادي اكتب اليكم هذا لكي لا تخطئوا وان اخطأ احد فلنا شفيع عند الآب يسوع المسيح البار وهو كفارة لخطايانا ليس لخطايانا فقط بل لخطايا كل العالم ايضا}(1يو2: 1).

 

كيف أتوب ؟

+ محاسبة الذات .. إن حساب الذات يجعلنا ندرك مقدار خطيئتنا وتقصيرنا تجاه الله  ويدفعنا الي  التوبة من أجل ربح وخلاص أنفسنا كقول الرب{ لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه }(مت 16 : 26). هكذا يحثنا القديس بولس الرسول للتوبة ومحاسبة النفس قائلاً {هَذَا وَإِنَّكُمْ عَارِفُونَ الْوَقْتَ أَنَّهَا الآنَ سَاعَةٌ لِنَسْتَيْقِظَ مِنَ النَّوْمِ فَإِنَّ خَلاَصَنَا الآنَ أَقْرَبُ مِمَّا كَانَ حِينَ آمَنَّا. قَدْ تَنَاهَى اللَّيْلُ وَتَقَارَبَ النَّهَارُ فَلْنَخْلَعْ أَعْمَالَ الظُّلْمَةِ وَنَلْبَسْ أَسْلِحَةَ النُّورِ. لِنَسْلُكْ بِلِيَاقَةٍ كَمَا فِي النَّهَارِ لاَ بِالْبَطَرِ وَالسُّكْرِ لاَ بِالْمَضَاجِعِ وَالْعَهَرِ لاَ بِالْخِصَامِ وَالْحَسَدِ. بَلِ الْبَسُوا الرَّبَّ يَسُوعَ الْمَسِيحَ وَلاَ تَصْنَعُوا تَدْبِيراً لِلْجَسَدِ لأَجْلِ الشَّهَوَاتِ.}( رو 11:13-14). هذه الآيات التي غيرت القديس أغسطينوس من حياة الخطية إلي القداسة، فقد كان في حديقة وأخذ هذه الكلمات على ورقة كانت مع الصبي وكانت بمثابة ثورة على الخطية و دعوة للتوبة والتغيير.

+ لأن أيّامنا على الأرض مقصّرة، هي مجرّد ساعة لنستيقظ من نوم الغفلة، ونخلع أعمال الظلمة ونتوب عن الخطايا ونلبس الرب يسوع. أن أعمال الخطية تنشأ في الظلمة وتحب الظلمة لتختبئ فيها وتنتهي بظلمة جهنم. أما اسلحة النور من توبة إيمان وصلاة وصوم وكتاب مقدس وأعمال البر (أف6) وهذه  تورثنا السماء وأمجادها ولكن مطلوب قرار منا أن نسلك مع الله ملتزماً بوصايا الله. ولا نقول في قلوبنا أن الخطية قوية، بل أن الأسلحة التي معنا هي أقوي ومحبة الله تجعلنا نكره الخطية. إن الحياة الحاضرة تشبه الليل المظلم وهي في طريقها للزوال، والحياة الأبدية إقتربت وهذا ما يحفزنا على حمل أسلحتنا للجهاد ضد الخطية، لكي يشرق فينا شمس البر ويسكن المسيح فينا .

+ بالتوبة نبتعد عن الخطية و نخلع الإنسان العتيق بشهواته وتكون لنا صورة الرب يسوع. نحن بالمعمودية نتحد بجسد المسيح السري فنلبس الرب يسوع (غل 27:3) ولكن بالانغماس في خطايا العالم نفقد هذه الصورة، وتعود صورة المسيح تظهر فينا متي صلبنا الجسد مع أهوائه وشهواته كقول الرسول بولس {مع المسيح صلبت فأحيا لا أنا بل المسيح يحيا فيّ} (غل20:2). وكلما تجددنا نقترب من صورة الرب يسوع . المسيح يحيا فينا ويصير هو المنظور فينا ونحن المستورين فيه ويظهر نوره في كل عمل (أف 14:3-18). ويعطينا  فضائله تظهر فينا، بحب الفضيلة وبغضة الشر والابتعاد عنه، و تدريب أنفسنا على العفة وإماتة شهواتنا والالتصاق بالله اليوم كله في جهاد روحي. هكذا فعل الابن الضال بعد أن أخذ نصيبه من ميراث أبيه وبدده في أرض الخطية وجاع ولم يجد ما يشبعه حتى من أكل الخنازير كرمز للخطية. يجب ان نفكر فيما حصدناه فى البعد عن الله ونصارح أنفسنا والله ونقف أمامه فى خشوع ودموع ونقول له ( اخطئت يا ابتاه فى السماء وقدامك ولست مستحقاً ان ادعى لك ابناً) ومن ثم نبدأ بالعمل على البعد عن الخطية والعثرات ونجاهد فى الصلاة وضبط النفس وأكتساب الفضائل الروحية كما يدعونا القديس بولس للأبتعاد عن الخطية وعيش حياة الطاعة للوصية وتمجيد الله فى أجسادنا وأرواحنا التي هي لله { أَمْ لَسْتُمْ تَعْلَمُونَ أَنَّ جَسَدَكُمْ هُوَ هَيْكَلٌ لِلرُّوحِ الْقُدُسِ الَّذِي فِيكُمُ الَّذِي لَكُمْ مِنَ اللهِ وَأَنَّكُمْ لَسْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ؟ لأَنَّكُمْ قَدِ اشْتُرِيتُمْ بِثَمَنٍ. فَمَجِّدُوا اللهَ فِي أَجْسَادِكُمْ وَفِي أَرْوَاحِكُمُ الَّتِي هِيَ لِلَّهِ.}( 1كو 19:6-20).

+ الاعتراف الحسن .. نحن فى حاجة للأعتراف الأمين لكى يخلصنا من الكبت والتعب النفسى الناتج عن ثقل الخطية، ويجعلنا نسلك بتواضع قلب ونرجع بالفضل لله هكذا أعترف القديس بولس أمام حنانيا بل ومن بعد ذلك علانية أعترف بخطيته وبرحمة الله التي ادركته { وَأَنَا أَشْكُرُ الْمَسِيحَ يَسُوعَ رَبَّنَا الَّذِي قَوَّانِي، أَنَّهُ حَسِبَنِي أَمِيناً، إِذْ جَعَلَنِي لِلْخِدْمَةِ، أَنَا الَّذِي كُنْتُ قَبْلاً مُجَدِّفاً وَمُضْطَهِداً وَمُفْتَرِياً. وَلَكِنَّنِي رُحِمْتُ، لأَنِّي فَعَلْتُ بِجَهْلٍ فِي عَدَمِ إِيمَانٍ. وَتَفَاضَلَتْ نِعْمَةُ رَبِّنَا جِدّاً مَعَ الإِيمَانِ وَالْمَحَبَّةِ الَّتِي فِي الْمَسِيحِ يَسُوعَ. صَادِقَةٌ هِيَ الْكَلِمَةُ وَمُسْتَحِقَّةٌ كُلَّ قُبُولٍ: أَنَّ الْمَسِيحَ يَسُوعَ جَاءَ إِلَى الْعَالَمِ لِيُخَلِّصَ الْخُطَاةَ الَّذِينَ أَوَّلُهُمْ أَنَا. لَكِنَّنِي لِهَذَا رُحِمْتُ: لِيُظْهِرَ يَسُوعُ الْمَسِيحُ فِيَّ أَنَا أَوَّلاً كُلَّ أَنَاةٍ، مِثَالاً لِلْعَتِيدِينَ أَنْ يُؤْمِنُوا بِهِ لِلْحَيَاةِ الأَبَدِيَّةِ.} ( 1 تيم 12:1-16). نحن نحتاج للارشاد من أب الاعتراف عن كيفية مقاومة الخطايا والتغلب على الضعفات وعلاج الخطية وآثارها علينا وإصلاح نتائجها {ويل لمن هو وحده إن وقع إذ ليس ثان ليقيمه }(جا 4 : 10).  والكاهن كخادم  أمين فيما لله يسمعنا صوت الله ويصف لنا العلاج المناسب كطبيب روحي {اعترف لك بخطيتي ولا اكتم اثمي قلت اعترف للرب بذنبي وأنت رفعت آثام خطيتي } (مز 32 : 5). الخطية كمرض روحي تحتاج الى طبيب روحي. مهمة الكاهن مثل مهمة الطبيب لذلك الكاهن لا يعالج عوارض الأمراض بل أصل المرض الذي هو الخطية ، لذلك في الاعتراف إرشاد روحي  يساعد المعترف على التخلص من الخطية وأسبابها ونتائجها.

+ علاج نتائج الخطية .. ينبغى علينا ان نعالج نتائج خطايانا السابقة لننعم بالغفران والسلام مع الله والناس . يجب أن نبادر بالمصالحة { فان قدمت قربانك الى المذبح وهناك تذكرت ان لاخيك شيئا عليك. فاترك هناك قربانك قدام المذبح واذهب اولا اصطلح مع اخيك وحينئذ تعال وقدم قربانك.كن مراضيا لخصمك سريعا ما دمت معه في الطريق لئلا يسلمك الخصم الى القاضي ويسلمك القاضي الى الشرطي فتلقى في السجن}( مت 23:5-25). وكما فعل زكا العشار بعد توبته {فوقف زكا وقال للرب ها أنا يا رب اعطي نصف اموالي للمساكين وان كنت قد وشيت باحد ارد اربعة اضعاف. فقال له يسوع اليوم حصل خلاص لهذا البيت اذ هو ايضا ابن ابراهيم.لان ابن الانسان قد جاء لكي يطلب ويخلص ما قد هلك}( لو 8:19-10).  يجب ان نجاهد لتقديس أفكارنا ونبعد عن العثرات وأسبابها ولا نتذكر تفاصيل الخطايا حتى نتخلص من تذكار الشر الملبس الموت لاسيما في الخطايا العاطفية والكراهية والغضب والخصام والشهوة.

+ النمو في الفضيلة .. التوبة هي بداية طريق طويل غايته ليس الامتناع عن الشر بل فعل الخير {حد عن الشر واصنع الخير اطلب السلامة واسع وراءها }(مز 34 : 14). نسعى للوصول لا للبعد عن الخطية بل لكراهيتها وانتزاعها من الفكر والقلب لأنها خيانة لله المحب {فاصنعوا اثمارا تليق بالتوبة }(مت 3 : 8). نسعى للوصول الى القداسة {اتبعوا السلام مع الجميع والقداسة التي بدونها لن يرى أحد الرب }(عب 12 : 14). وقول القديس بولس { أَخِيراً أَيُّهَا الإِخْوَةُ كُلُّ مَا هُوَ حَقٌّ، كُلُّ مَا هُوَ جَلِيلٌ، كُلُّ مَا هُوَ عَادِلٌ، كُلُّ مَا هُوَ طَاهِرٌ، كُلُّ مَا هُوَ مُسِرٌّ، كُلُّ مَا صِيتُهُ حَسَنٌ إِنْ كَانَتْ فَضِيلَةٌ وَإِنْ كَانَ مَدْحٌ، فَفِي هَذِهِ افْتَكِرُوا.  وَمَا تَعَلَّمْتُمُوهُ، وَتَسَلَّمْتُمُوهُ، وَسَمِعْتُمُوهُ، وَرَأَيْتُمُوهُ فِيَّ، فَهَذَا افْعَلُوا، وَإِلَهُ السَّلاَمِ يَكُونُ مَعَكُمْ. } (في 8:4-9).  نسعى الى محبة الرب من كل القلب والفكر والنفس والإرادة وقريبنا كانفسنا ونثمر ونعوض ما فاتنا من سنين اكلها الجراد { ليس اني اطلب العطية بل اطلب الثمر المتكاثر لحسابكم }(في 4 : 17). حتى نصل فى نهاية الرحلة الى السماء لنكون مع الله كل حين.

فوائد مهمة للإعتراف..

1- إرتباط الغفران بالذبيحة  كان الخاطئ في العهد القديم يضع يده على الذبيحة ويقر بخطاياه أمام الكاهن وفي العهد الجديد  يضع الكاهن يده علي ذبيحة الجسد والدم ولذلك نعترف للكاهن لكى يضع خطايانا المعترف على الذبيحة. والكاهن يعترف أيضاً لأنه هو يرفع الذبيحة لأجل الناس ولكن هو إذا إعترف يعترف كشخص وليس ككاهن. ولذلك يلزمه أب إعتراف لكي ينقل خطيته فالكهنوت لأجل الآخر ليس لأجل نفسه. لذلك حتى الكاهن كل له أب إعتراف.

2- الإرشاد  والنمو الروحى للمعرف..

المعترف أمام الكاهن إبن أمام أبيه، أو مريض أمام طبيب، أو كتلميذ أمام معلمه لذلك عمل الكاهن فى سر التوبة والاعتراف هو الشفاء من مرض الخطية والتعليم بمعنى الإرشاد، أى معرفة الطريق الصحيح إلى الله. من فوائد الإرشاد إعطاء الخطية حجمها الطبيعى بعيداً عن التهوين أو التهويل للخطية. لذلك هناك أناس تقع فى اليأس نتيجة التهويل وهناك من يقع فى التهاون نتيجة التهوين. فالإقرار بالخطية يمنع هذا. والأب الكاهن ينمي المعترف ويرشده فى تنفيذ العلاجات المطلوبة للمرض أو للخطية. والكاهن أب روحي ينمي المؤمنين فى الإيمان كقول القديس بولس { لأنه وإن كان لكم ربوات من المرشدين في المسيح لكن ليس آباء كثيرون لأني أنا ولدتكم في المسيح يسوع بالانجيل} (1كو 4 : 15). من اجل ذلك يقول القديس اغريغوريوس النيصى (خذوا خادم الكنيسة شريكاً أميناً لكم في أحزانكم وأباً روحياً وأكشفوا له أسراركم بجسارة أعظم وأكشفوا له أسرار نفوسكم فتنالوا الشفاء ).

3- الحكم بمدى صدق التوبة .. الكاهن كوكيل لله وكممثل للكنيسة يشهد على التوبة القلبية. الكاهن يستطيع أن يعرف هل هذا الشخص تائب أم لا؟ ولذلك يقول الرب {من غفرتم خطاياه غفرت ومن أمسكتم خطاياه أمسكت}. أمسكتم أى شعرتم أن هذا الشخص لايستحق المغفرة فتمسك عليه خطيته أى لا تأخذها لكى توضع على الذبيحة.

فضائل مرتبطة بالتوبة..

ان التوبة ترتبط بالكثير من الفضائل الروحية وتقود إليها ، فالتائب يسرع الى النمو فى محبة الله ومعرفته فينمو فى حياة الصلاة والقراءة فى الكتاب المقدس والكتب الروحية متعلما من سير القديسين كيف يصنع ثماراً روحية تليق بالتوبة وينمو فى التأمل والخدمة للآخرين والتواضع ومن بين الفضائل الروحية التى يحياها التائب نجد انه يتميز بالتواضع والانسحاق والحرص والتدقيق .

+ التواضع والمحبة  .. الإنسان التائب يحيا فى اتضاع قلب وشعور بالانسحاق وعدم الاستحقاق أمام الله والناس. لا يتكبر ولا ينتفخ ، ولهذا يدعونا القديس بولس  للسلك بالتواضع والمحبة {فَالْبَسُوا كَمُخْتَارِي اللهِ الْقِدِّيسِينَ الْمَحْبُوبِينَ احْشَاءَ رَأْفَاتٍ، وَلُطْفاً، وَتَوَاضُعاً، وَوَدَاعَةً، وَطُولَ أَنَاةٍ،  مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً، وَمُسَامِحِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً انْ كَانَ لأَحَدٍ عَلَى احَدٍ شَكْوَى. كَمَا غَفَرَ لَكُمُ الْمَسِيحُ هَكَذَا انْتُمْ ايْضاً. وَعَلَى جَمِيعِ هَذِهِ الْبَسُوا الْمَحَبَّةَ الَّتِي هِيَ رِبَاطُ الْكَمَالِ.}(كو 12:3-14) .عندما كانت الشياطين تأتى لتحارب الابنا أنطونيوس كان يقول لهم بتواضع ( من انا لتحاربوننى ان اضعف من ان أقاتل اصغركم؟) فكان يغلبهم بتواضعه من اجل هذا يوصينا القديس بولس بالتواضع والواعة والمحبة ونجتهد لحفظ وحدانية الروح في إيمان مستقيم {  فَأَطْلُبُ إِلَيْكُمْ، أَنَا الأَسِيرَ فِي الرَّبِّ، أَنْ تَسْلُكُوا كَمَا يَحِقُّ لِلدَّعْوَةِ الَّتِي دُعِيتُمْ بِهَا.  بِكُلِّ تَوَاضُعٍ، وَوَدَاعَةٍ، وَبِطُولِ أَنَاةٍ، مُحْتَمِلِينَ بَعْضُكُمْ بَعْضاً فِي الْمَحَبَّةِ. مُجْتَهِدِينَ أَنْ تَحْفَظُوا وَحْدَانِيَّةَ الرُّوحِ بِرِبَاطِ السَّلاَمِ. جَسَدٌ وَاحِدٌ، وَرُوحٌ وَاحِدٌ، كَمَا دُعِيتُمْ أَيْضاً فِي رَجَاءِ دَعْوَتِكُمُ الْوَاحِدِ. رَبٌّ وَاحِدٌ، إِيمَانٌ وَاحِدٌ، مَعْمُودِيَّةٌ وَاحِدَةٌ،} (أف 1:4-4). التائب يتذكر خطاياه ويزداد وداعة وانسحاق فيجد نعمة في عيني الله والناس ويتولد لديه الخشوع ودموع التوبة و بالاتضاع يتخلص من الادانة للناس ولا يذم غيره من الناس بل يمتدح فضائلهم ويقدمهم فى الكرامة و يعامل الجميع باحترام .

+ التدقيق والحرص الروحي .. الإنسان التائب يعترف بضعفه أمام حيل إبليس واغراءته، لهذا يحرص في سلوكه ويخشى السقوط فيسلك بتدقيق لانه يعرف ان الخطية طرحت كثيرين جرحى وكل قتلاها أقوياء. يتعلم من ماضيه و يفكر قبل الإقدام على العمل هل هذا العمل يرضي الله . {لانكم كنتم قبلا ظلمة وأما الان فنور في الرب اسلكوا كأولاد نور. لأن ثمر الروح هو في كل صلاح وبر وحق. مختبرين ما هو مرضي عند الرب. ولا تشتركوا في أعمال الظلمة غير المثمرة بل بالحري وبخوها. لان الأمور الحادثة منهم سرا ذكرها أيضا قبيح. ولكن الكل إذا توبخ يظهر بالنور لأن كل ما أظهر فهو نور. لذلك يقول استيقظ أيها النائم وقم من الاموات فيضيء لك المسيح. فانظروا كيف تسلكون بالتدقيق لا كجهلاء بل كحكماء. مفتدين الوقت لأن الأيام شريرة} (أف 8:5-16). التائب يسلك بتدقيق من جهة الماضى مبتعداً الخطية واسبابها ويبعد عن العثرات وأصدقاء السوء ويسعى  في الحاضر للنمو الروحى والجهاد ضد الخطية لكي يثمر فى كل عمل صالح .

+ النمو في الإيمان والصلاة والفضيلة ..

التائب يتلهب قلبه بنعمة الله ويكون له الإيمان العامل بالمحبة، وتنفتح بصيرته الروحية علي رحمة الله الغنية وتنفتح بصيرته الروحية لامجاد السماء فيجاهد ليتحرر من الخطية وينمو فى حياة الصلاة وعمل الخير وخدمة الغير والجهاد الروحي كجندي صالح لله { فَاشْتَرِكْ أَنْتَ فِي احْتِمَالِ الْمَشَقَّاتِ كَجُنْدِيٍّ صَالِحٍ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ. لَيْسَ أَحَدٌ وَهُوَ يَتَجَنَّدُ يَرْتَبِكُ بِأَعْمَالِ الْحَيَاةِ لِكَيْ يُرْضِيَ مَنْ جَنَّدَهُ، وَأَيْضاً إِنْ كَانَ أَحَدٌ يُجَاهِدُ لاَ يُكَلَّلُ إِنْ لَمْ يُجَاهِدْ قَانُونِيّاً} (2تيم 3:2-5). يلزمنا أن نتوب ونجاهد من أجل الأنتصار وعدم الارتباك بأعمال الحياة وهمومها بل نرضي الله ونطيع وصاياه التي غايتها المحبة كقول بولس الرسول {غاية الوصية هي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وإيمان بلا رياء}(1تي  1 :  5). بالتجسد الإلهي امتلك ربنا يسوع المسيح قلباً مثلنا لكنه كان طاهراً بلا خطية يمتلئ بالحنان نحو البشر. بهذا القلب الحنون المحبّ أشفق على المرضى والمحتاجين والخطاة وداوى كل أمراضنا ودفع ديون خطايانا وستر على ضعف الضعفاء ووهبهم القوة، وحل المقيدين وشفى المتسلط عليهم إبليس. وهو لا زال يعمل ويريد إن يعمل معنا وبنا لمجد أسمه القدوس.

صلاة للتوبة - للأنبا شنوده رئيس المتوحدين

 

+ اللهم اغفر لى انا الخاطى لأنى لا استطيع ان ارفع عينى اليك لأنى أخزى من أجل كثرة أثامى.. لا تحسب على أثامى بل اصنع معى رحمة فى ملكوتك. انى اتضرع اليك وأسألك من أجل نفسى وجسدى البائسين. اعطنى ان اصنع ارادتك، ولترشدنى رحمتك. أيها الرب الأله اغفر لى خطاياى واسترعلى اثامى.

+ انى القيت كل اهتمامى عليك أيها المسيح ابن الله فلا تتركنى عنك. إذا ملت إلى الشر لا تتركنى ولا تدعني اسير حسب شهواتى الرديئة. لا تدع تبكيتى ليوم دينونتك العظيم. لا تقض على كاستحقاق خطاياى. استر فضيحة عريى أمام منبرك المرهوب. طهرنى كى لا يوجد دنس فى نفسى بين يديك .

+ أيها الإله محب البشر، أهلني لأن يجد روحك هيكلا في. هب لي ان تسبحك نفسي وروحي كل ايام حياتى. اللهم استجب لى ككثرة رحمتك، واقبل منى صلاتى وابتهالى بين يديك. نجنى لكي لا اخطىء اليك، واعطني سبيلا أن أصنع مشيئتك. لا تنزع نعمتك منى وتبعدنى من معونتك. احفظنى لك هيكلا مقدسا.. ارحمنى يا من له سلطان الرحمة. اجعلنى مستحقا ان اباركك كل الأوقات إلى النفس الأخير.

+ ثبت كلماتك المقدسة فى قلبى ونفسى. نجنى من جميع فخاخ الشرير. دبر سيرتي كما يرضيك. تراءف على و اسمع صراخى. استجب لتضرعى واقبل صلاتي. لا تبعد صلاتى منك ولا رحمتك عنى فلتدخل صلاتى امامك. أنصت لصوتى وليدخل إليك صراخي. لتستقم صلاتى امامك كرائحة بخور طيبة بين يديك. فان لك الملك والقوة والمجد إلى الأبد آمين.

ليست هناك تعليقات: