للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
زيت الميرون المقدس...
+ الميرون المقدس هو عبارة عن زيت يتم به تقديس ماء
المعمودية ومسح المعمدين وتدشين الهياكل والأواني المقدسة ويتم أعداده من زيت
الزيتون النقي مُضافًا إليها مواد عطرية أخرى كما أمر الرب موسي النبي قديما ليمسح
به خيمة الأجتماع وتابوت العهد والأواني المقدسة ويمسح به الكهنة { وَقَالَ
الرَّبُّ لِمُوسَى: «وَأَنْتَ تَأْخُذُ لَكَ أَفْخَرَ الأَطْيَابِ. مُرّاً
قَاطِراً خَمْسَ مِئَةِ شَاقِلٍ وَقِرْفَةً عَطِرَةً نِصْفَ ذَلِكَ: مِئَتَيْنِ
وَخَمْسِينَ وَقَصَبَ الذَّرِيرَةِ مِئَتَيْنِ وَخَمْسِينَ وَسَلِيخَةً خَمْسَ
مِئَةٍ بِشَاقِلِ الْقُدْسِ وَمِنْ زَيْتِ الزَّيْتُونِ هِيناً. وَتَصْنَعُهُ
دُهْناً مُقَدَّساً لِلْمَسْحَةِ. عِطْرَ عِطَارَةٍ صَنْعَةَ الْعَطَّارِ. دُهْناً
مُقَدَّساً لِلْمَسْحَةِ يَكُونُ. وَتَمْسَحُ بِهِ خَيْمَةَ الاِجْتِمَاعِ
وَتَابُوتَ الشَّهَادَةِ وَالْمَائِدَةَ وَكُلَّ آنِيَتِهَا وَالْمَنَارَةَ
وَآنِيَتَهَا وَمَذْبَحَ الْبَخُورِ وَمَذْبَحَ الْمُحْرَقَةِ وَكُلَّ آنِيَتِهِ
وَالْمِرْحَضَةَ وَقَاعِدَتَهَا وَتُقَدِّسُهَا فَتَكُونُ قُدْسَ أَقْدَاسٍ. كُلُّ
مَا مَسَّهَا يَكُونُ مُقَدَّساً. وَتَمْسَحُ هَارُونَ وَبَنِيهِ وَتُقَدِّسُهُمْ
لِيَكْهَنُوا لِي. وَتُكَلِّمُ بَنِي إِسْرَائِيلَ قَائِلاً: يَكُونُ هَذَا لِي
دُهْناً مُقَدَّساً لِلْمَسْحَةِ فِي أَجْيَالِكُمْ.} (خر 22:30-31). يحتل دهن
المسحة مكانًا خاصًا في وصايا الله لشعبه في العهد القديم، ويُشير إلى مسحة الروح
القدس لأداء أعمال قيادية تحمل جوانبًا من عمل السيد المسيح فكان الأنبياء والكهنة
والملوك يمسحون به، الأمور التي اجتمعت معًا في شخص السيد المسيح، والذي دعى
"المسيح" لأنه ممسوح منذ الأزل لهذا العمل الخلاصي. وقد شهد له الكتاب {
أحببت الحق وأبغضت الإثم، من أجل ذلك مسحك الله إلهك بدهن الإبتهاج أكثر من
رفقائك} (مز 44، عب 1: 9)
+ ويتم رشم المعمدين بسر الميرون عن طريق رؤساء الكهنة
والكهنة للمسيحيين بعد العماد، ويسمي بسر الميرون المقدس وبالميرون يرشم كل من
يعتمد أطفال أو كبار بصلوات مقدسة ويقول القديس أمبروسيوس (كل مؤمن يمسح كاهنًا
وملكًا، غير أنه لا يصير ملكًا حقيقيًا ولا كاهنًا حقيقيًا بل ملكًا روحيًا
وكاهنًا روحيًا، يقرب الله ذبائح روحية وتقدمات الشكر والتسبيح) ويقول القديس
يوحنا الذهبي الفم ( الذين كانوا يمسحون في العهد القديم إما كهنة وإما أنبياء أو
ملوك. أما نحن المسيحيون أصحاب العهد الجديد، فيجب أن نمسح لكي نصير ملوكًا متسلطين
على شهواتنا، وكهنة ذابحين أجسادنا ومقدسين إياها ذبيحة حية مقدسة مرضية عبادتنا
العقلية، وأنبياء لإطلاعنا على أسرار عظيمة جدًا وهامة للغاية خاصة بالأبدية).
+ ويتم تقدّس الميرون المقدس حسب الترتيب الطقسي لصلوات
الكنيسة الأرثوذكسية بواسطة قداسة البابا وبمشاركة الآباء الأساقفة في حضور الكهنة
والشعب بإتمام صلوات التقديس والتبريك على الزيت المُضاف إليه المواد العطرية
وبالنظر إلى طبيعة السر ومفاعيله فهو يقوم مقام وضع وضع الأيدي لأن الرسل كانوا
يتممونه في العصر الأول بوضع الأيدي على المعتمدين، وسُمي سر المسحة، وسر الميرون،
ومسحة الخلاص، وذلك لأنه يُتمم بمسح المُعمَد بالميرون ويستخدم هذا الزيت عوضا عن
"وضع الأيادي" على المُعمَدين منذ زمن الآباء الرسل ويُستخدم كمسحة سرية
وعلامة مقدسة لموهبة وقوة ونعمة حلول الروح القدس على المُعمَد بالإضافة إلى
استخدامه في تكريس الهياكل والموائد والأواني المقدسة والأيقونات
والمعموديات لتكريسها لله.
+ سر المسحة المقدسة ونوال نعمة الروح القدس...
كان
المؤمنون في بداية العصر الرسولي ينالون الروح القدس بوضع أيدي الرسل كما حدث
بالنسبة إلى أهل السامرة { ولما سمع الرسل الذين في اورشليم ان السامرة قد
قبلت كلمة الله ارسلوا اليهم بطرس ويوحنا. اللذين لما نزلا صليا لأجلهم لكي يقبلوا
الروح القدس. لأنه لم يكن قد حل بعد على احد منهم غير انهم كانوا معتمدين باسم
الرب يسوع. حينئذ وضعا الايادي عليهم فقبلوا الروح القدس.} (أع 14:8-17). وكما حدث
في أفسس مع القديس بولس الرسول{ فقال بولس ان يوحنا عمد بمعمودية التوبة
قائلا للشعب ان يؤمنوا بالذي يأتي بعده أي بالمسيح يسوع. فلما سمعوا اعتمدوا باسم
الرب يسوع. ولما وضع بولس يديه عليهم حل الروح القدس عليهم فطفقوا يتكلمون بلغات
يتنبأون.}( أع 4:18-6).
ولما
كثر عدد المؤمنين جدًا، استخدموا المسحة المقدسة (1يو2: 20، 27). بدلًا من وضع
اليد. وبسر الميرون تتجدد طبيعتنا وتنكشف لنا أسرار اللَّه في القلب ونتعلم
العشرة مع الله، وتفتح أذهاننا فنتعلم كل شيء كما ذكر القديس يوحنا الحبيب {
واما انتم فلكم مسحة من القدوس وتعلمون كل شيء }(1يو2 : 20).
بالميرون
المقدس نثبت في الله ويعلمنا ويقودنا الروح القدس{ ويحل عليه روح الرب روح الحكمة
والفهم روح المشورة والقوة روح المعرفة ومخافة الرب } (إش 11 : 2). كقول القديس
يوحنا { وأما أنتم فالمسحة التي اخذتموها منه ثابتة فيكم ولا حاجة بكم الى ان
يعلمكم احد بل كما تعلمكم هذه المسحة عينها عن كل شيء وهي حق وليست كذبا كما
علمتكم تثبتون فيه} (1يو 2 : 27). وعن سكنى الروح فينا بالميرون المقدس يقول
القديس بولس { أما تعلمون أنكم هيكل الله، وروح الله يسكن فيكم} (1كو3: 16). وقال
أيضًا { أم لستم تعلمون أن جسدكم هو هيكل للروح القدس الذي فيكم من الله} (1كو6:
19). وكما قال الرب يسوع المسيح { روح الحق الذي لا يستطيع العالم أن يقبله،
لأنه لا يراه ولا يعرفه، وأما أنتم فتعرفونه، لأنه ماكث معكم ويكون فيكم}(يو14:
17). ويجب أن تكون لنا شركة مع الروح القدس ونستجيب لعمله الإلهي فينا وبنا.
ويشترك معنا في كل عمل صالح ويقودنا ونعمل معه ويجدد طبيعتنا يوما فيوم. بالميلاد
الجديد ومسحة الروح القدس ننال الروح القدس كقول الرب { واعطيكم قلبا جديدا واجعل
روحا جديدة في داخلكم وانزع قلب الحجر من لحمكم وأعطيكم قلب لحم }(حز 36 : 26).
وهذا ما تنبأ عنه يوئيل النبي{ ويكون بعد ذلك اني اسكب روحي على كل بشر فيتنبأ
بنوكم وبناتكم ويحلم شيوخكم احلاما ويرى شبابكم رؤى} (يؤ 2 : 28). وهذا ما تم
بحلول الروح القدس علي التلاميذ يوم الخمسين ويتم في المؤمنين بمسحة الميرون
المقدسة.
أسرار الدخول للإيمان المسيحي
+
سر المعمودية والميرون المقدس والأفخارستيا هم أسرار الدخول للمسيحية بالمعمودية
تغفر الخطايا الجدية ويموت الإنسان القديم لنقوم في جدة الحياة كابناء الله
القديسين وفي الميرون المقدس يحل الروح القدس علي المعمد ليثبته في الإيمان ويتجدد
بالروح القدس كأكبر النعم التى يحصل عليها الإنسان، الله يرسل روحه القدوس فيسكن
فينا ويرافقنا ويسندنا ويهيئنا للعرس السماوي وبالتناول من الأفخارستيا نثبت فى
المسيح ويحل بالإيمان فينا ويخلصنا فلا يمكن التمتع بالخلاص خارج الأسرار المقدسة
كقول السيد المسيح {أَجَابَ يَسُوعُ وَقَالَ لَهُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ
لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ لاَ يُولَدُ مِنْ فَوْقُ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَرَى مَلَكُوتَ
اللَّهِ». قَالَ لَهُ نِيقُودِيمُوسُ: «كَيْفَ يُمْكِنُ الإِنْسَانَ أَنْ يُولَدَ
وَهُوَ شَيْخٌ؟ أَلَعَلَّهُ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ بَطْنَ أُمِّهِ ثَانِيَةً
وَيُولَدَ؟» أَجَابَ يَسُوعُ: «الْحَقَّ الْحَقَّ أَقُولُ لَكَ: إِنْ كَانَ أَحَدٌ
لاَ يُولَدُ مِنَ الْمَاءِ وَالرُّوحِ لاَ يَقْدِرُ أَنْ يَدْخُلَ مَلَكُوتَ
اللَّهِ. اَلْمَوْلُودُ مِنَ الْجَسَدِ جَسَدٌ هُوَ، وَالْمَوْلُودُ مِنَ الرُّوحِ
هُوَ رُوح} (يو 3:3-6). فلا يكفي الشخص أن يؤمن بأن يسوع هو معلم إلهي، ويُعجب
من آياته بكونها آيات صادقة وفريدة، لكن في حاجة إلى ولادة "من فوق"،
لكي يعاين ما هو سماوي. فالجنين في بطن أمه لا يقدر أن يرى العالم، ولا يحمل أية
خبرات فيه، ما لم يولد من رحم أمه. هكذا لا يستطيع الإنسان أن يعاين ملكوت الله،
ولا أن يحمل خبرات السماء، ما لم يولد ثانية من فوق ليرى نور العالم الجديد ويعيش
فيه ويصير له الفكر السماوي والروح العلوية والمبادئ اللائقة بناموس السماء،
وأهداف جديدة ورجاء جديد وإمكانيات جديدة يهبها الروح القدس للمؤمن.
اليك نصلى يالله القدوس
+ روحك القدوس يارب الذى أرسلته
على تلاميذك القديسين ورُرسلك المُكرمين هذا لا تنزعه منا أيها الصالح ، لكن جدده
فى أحشائنا، روحاً مستقيماً ومُحيياً ، روح النبوة والعفة ، روح القداسة والعدالة
والتدبير، لانك انت هو ضياء نفوسنا وحياتنا وقداستنا، قلباً نقياً أخلق في يا الله
وروحاً مستقيماً جدده في أحشائي ، لا تطرحنا من قدام وجهك وروحك القدوس لا تنزعه منا
، انظر إلينا بعين الرحمة يا إله آبائنا لا تتركنا ولا تسلمنا لأيدي أعدائنا .
وكما كنت مع الرسل القديسين كن مع كنيستك وشعبك وامنحنا سلامك وخلص نفوسنا .
+ ياروح الله القدوس ، الينبوع
الحي المُروي ، أروي ظمأ نفوسنا للمحبة والفرح والسلام ، وامنحنا الإيمان الواثق
بعملك فى نفوسنا وبيوتنا وكنيستنا وبلادنا لنحيا في سلام وأمن ونعيش على رجاء
القيامة ومكافأة الأبرار. أقم الساقطين وثبت القائمين ورد سبي أفكارنا وابنائك
وبناتك لتفرح الأم الكنيسة وبنيها بعملك فيها وتتقدس كل نفسك جاذباً ايها إلى شبكة
المحبة الإلهية .
+ يا روح الله القدوس الهمنا الحكمة والأفراز والتمييز لنسلك كحكماء مفتدين الوقت في الأيام الصعبة ، هبنا حكمة لنكون مستعدين لمجاوبة كل من يسألنا عن سبب الرجاء الذى فينا . وهبنا نعمة أمامك لنصنع إرادتك المقدسة كل حين وامنحنا وداعة لنسلك بضمير صالح ومحبة بغير رياء ورجاء ثابت فى دروب الحياة ولنكن مستعدين ليوم الدينونة كابناء وبنات صالحين منقادين بك نحو الابدية السعيدة ، أمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق