نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

السبت، 3 أغسطس 2019

(16) الروح القدس المعزي




للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

الله مصدر العزاء للمحزونين والمتضايقين...
+ نواجه في الحياة تجارب وضيقات وأحزان كثيرة وكما قال الكتاب { اَلإِنْسَانُ مَوْلُودُ الْمَرْأَةِ قَلِيلُ الأَيَّامِ وَشَبْعَانُ تَعَباً} (اي 14 : 1). وكلنا معرضين للضيقات ونمر بايام حلوة وأيام صعبه { تئن فَإِنَّنَا نَعْلَمُ أَنَّ كُلَّ الْخَلِيقَةِ تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ مَعاً إِلَى الآنَ }(رو 8 : 22). فنتالم وتحزن قلوبنا في مواقف كثيرة ونحتاج الي التعزية  ومن يقف معنا ويسندنا ولا نجد مثل الله معين في الضيق.  وكما قال المرنم  {عند كثرة همومي، في داخلي تعزياتك تلذّذ نفسي} (مز 94: 14.

إن أحد أسماء الروح القدس هو المعزّي أى الباركليت باليوناني  أي "المدعو للوقوف إلى جانبنا" أو الملازم بالدفاع أو التعزية فهو المعين والمحامي والسند الذى يدعم المؤمن في كافة الظروف إنه المعين للمؤمنين كجماعة أو كأفراد.  

+ لقد كان السيد المسيح  يعلم صعوبة تجربة مفارقته لتلاميذه بالجسد لاسيما وقت صلبه وموته لذلك أعلن لهم أنه لا يتركهم يتامى (يو 14: 18) وإنما يرسل لهم الروح القدس المعزي { لَكِنِّي أَقُولُ لَكُمُ الْحَقَّ إِنَّهُ خَيْرٌ لَكُمْ أَنْ أَنْطَلِقَ لأَنَّهُ إِنْ لَمْ أَنْطَلِقْ لاَ يَأْتِيكُمُ الْمُعَزِّي وَلَكِنْ إِنْ ذَهَبْتُ أُرْسِلُهُ إِلَيْكُمْ }(يو 16 : 7). وقد وصف سفر أعمال الرسل، الكنيسة بعد صعوده ووسط آلامها وأتعابها كيف كانت تنمو وتتكاثر مملوءة سلامًا داخليًا وتعزيات من الروح القدس { واما الكنائس في جميع اليهودية والجليل والسامرة فكان لها سلام وكانت تبنى وتسير في خوف الرب وبتعزية الروح القدس كانت تتكاثر }(اع 9 : 31).  هكذا كانت الكنيسة كجماعة مقدسة تجد في روح الله سرّ سلامها وتعزيتها وشبعها الروحي الحقيقي. فيستحيل أن ينال أحد نعمة الله بدون الروح القدس وعمله فيه. ولهذا  يقول القديس الرسول بولس { مبارك الله ابو ربنا يسوع المسيح ابو الرافة واله كل تعزية. الذي يعزينا في كل ضيقتنا حتى نستطيع ان نعزي الذين هم في كل ضيقة بالتعزية التي نتعزى نحن بها من الله. لانه كما تكثر الآم المسيح فينا كذلك بالمسيح تكثر تعزيتنا ايضا.} ( 2كو 3:1-5). الروح القدس هو الملازم للنفس والموصل للتعزية والصبر والرجاء وقد دعى أسمه المعزى لانه يعزي ويفرح النفس.
+ من تعزية الروح القدس في محبته اللانهائية للبشر يهب المؤمنين حياة الصلاة والنعمة والتوبة التي وعوض ثمار الخطيئة ينعم علي المؤمن بثمار الروح . إبليس والشر يجلبا علينا ثمار الخطيئة، التي هي بغضة ومرارة واضطرابات وخصام وغضب وسخط وشر وجحود ونجاسة  وظلمة . أما الروح القدس فيقودنا للتوبة والقداسة وثمار الروح {محبَّة فرح سلام طول أناةٍ لطف صلاح إيمان وداعة تعفُّف} (غل 5: 22) هذه الثمار أساسية في حياة المؤمن المجاهد ليحيا بها ويشبع ويتعزّى أثناء عبوره الباب الضيق والطريق الكرب، وتنفيذه الوصايا الصعبة من صلب وإنكار ذات وعطاء واحتمال، إنها ثمار داخلية يقدمها لنا الروح القدس كغذاء مجّاني يسند النفس وينعشها خلال الطريق الوعر. للمجاهدين في اتكال وتسليم وانسحاق بين يدّي الروح الساكن فينا والعامل بنا والذى يهبنا روح المحبة لله والناس ويُقدم الفرح الداخلي للنفوس المجاهدة ليجعل لها النير حلو وهيّن.
+ النفس التي خُلقت على صورة الله لا تشبع إلا به ولا تفرح إلا بالوجود في أحضانه، لهذا فإن روح الله إذ يدخل بنا وسط آلام هذه الحياة إلى الشركة مع الله تفرح نفوسنا في الرب، ولا تستطيع أحداث الحياة أن تنزع فرحنا منا. لهذا راينا القديس بولس الرسول وهو في داخل السجن وسط آلام الجسد يقول: {أخيرًا يا إخوتي افرحوا في الربّ}.(في 3: 1). ويستحيل على الإنسان أن يفرح "كل حين" بدون نعمة الله لأنه مَنْ مِن الناس لا تمر به ضيقات وآلام وتجارب كثيرة؟! ولكن القديس بولس أختبر وهو مسجون نعمة الله الغنية وتعزيات الروح القدس يكتب وهو مقيَّد اليدين، وتحت آلام جسدية كثيرة، لكنه يعيش في خبرة الفرح في الرب كل حين. إن النفس التي تُدرك هذه الحقيقة أن فرحها لا يكمن في بركات أرضية، أو إشباع شهوات جسدية أو رغبات معنوية، ولا في ضحك أو تسلية زمنية، بل في الروح القدس نفسه، تفرح تحت كل الظروف.  وكما يقول القديس مار اسحق السرياني " حينما تمتلئ النفس من ثمر الروح تتعرّى تمامًا من الكآبة والضيق والضجر وتلبس الاتساع والسلام والفرح بالله، وتفتح في قلبها باب الحب لسائر الناس". وكما أن الأشجار إن لم تشرب من الماء لا يمكنها أن تنمو، هكذا النفس إن لم تقبل الفرح السماوي لا يمكنها أن تنمو وتصعد إلى العلاء. أما النفوس التي قبلت الروح والفرح السماوي فهي التي تستطيع الارتفاع إلى العلاء. الروح القدس هو القادر علي تعزية النفس البشرية ويحول حزنها الي سلام وفرح في الرب حتى رغم صعوبة الظروف من حولنا هذا ما رايناه فى ترنم النبي بالفرح قديما رغم الظروف المادية الصعبة من حوله { فَمَعَ أَنَّهُ لاَ يُزْهِرُ التِّينُ وَلاَ يَكُونُ حَمْلٌ فِي الْكُرُومِ يَكْذِبُ عَمَلُ الزَّيْتُونَةِ وَالْحُقُولُ لاَ تَصْنَعُ طَعَاماً. يَنْقَطِعُ الْغَنَمُ مِنَ الْحَظِيرَةِ وَلاَ بَقَرَ فِي الْمَذَاوِدِ. فَإِنِّي أَبْتَهِجُ بِالرَّبِّ وَأَفْرَحُ بِإِلَهِ خَلاَصِي. اَلرَّبُّ السَّيِّدُ قُوَّتِي وَيَجْعَلُ قَدَمَيَّ كَالأَيَائِلِ وَيُمَشِّينِي عَلَى مُرْتَفَعَاتِي.} ( حب 3:17-19)
+ الروح القدس يمنح النفس المؤمنة السلام حتى وسط آتون النيران ويخلصهم منها ويحولها الي ندي بارد وسلام، هكذا راينا الثلاثة فتيه القديسين يسبحون الله وسط الآتون. فيكفي وجود الله معنا ووسطنا ليهبنا سلام وفرح وهدوء  حتى وسط الضيقات . مع الله نجد الراحة وسط المتاعب كما كان بطرس الرسول نائما في سلام وهو في السجن وارسل له الله ملاكه ليحرره من قيوده وسجنه .  الروح القدس يعطي التعزية وقت الاحزن ويمزق حجاب الآثام الذي يعزلنا عن صدر الله الحنون، فنعود نتكئ عليه مطمئنين مملوءين من السلام الخفي الحقيقي.  نسمع صوت الرب، قائلًا: {سلامًا أترك لكم. سلامي أعطيكم.} (يو 14: 27)، فيملك سلامه في قلوبنا (كو 3: 15)، فنعيش في مصالحة دائمة مع الله والناس أيضًا.
الروح القدس يهب الفرح للمحزونين والصبر للمتضايقين والرجاء للبائسين والسلام للمجربين والإيمان والقوة للضعفاء والساقطين. الروح القدس هو الذى يبكت الخاطئين ليتوبوا ويعودا لله راجعين وهو معلم ومعطي الحكمة للجهال وفيه لنا الرجاء كل حين { وليملاكم اله الرجاء كل سرور وسلام في الايمان لتزدادوا في الرجاء بقوة الروح القدس}(رو 15 :  13). فليتنا نطلب من الروح الله التعزية وننقاد لأرشاده ونطيعه وتكون لنا شركة معه فنجد منه التعزية والسلام والفرح كل حين، أمين.

ليست هناك تعليقات: