الأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
رجل الكرم والشهامة..
ان
كرم ابينا إبراهيم به أضاف إبراهيم الملائكة وهو لا يدري ولهذا يوصينا الانجيل بان
لا ننسي اضافة الغرباء { لا تنسوا اضافة الغرباء لان بها اضاف اناس ملائكة وهم لا
يدرون}(عب 13 : 2). إذ أن الله محسن الينا وكريم ويشرق شمسه على الابرار والاشرار
وهكذا المؤمنين به ولقد استحق ابراهيم فى كرمه ان يستضيف الله الكلمة فى احدى ظهورات قبل
التجسد مع ملاكين معه حسب أغلب مفسري الكتاب{ وظهر له الرب عند بلوطات ممرا وهو جالس في باب
الخيمة وقت حر النهار. فرفع عينيه ونظر واذا ثلاثة رجال واقفون لديه فلما نظر ركض
لاستقبالهم من باب الخيمة وسجد الى الارض. وقال يا سيد ان كنت قد وجدت نعمة في
عينيك فلا تتجاوز عبدك. ليؤخذ قليل ماء واغسلوا ارجلكم واتكئوا تحت الشجرة. فاخذ
كسرة خبز فتسندون قلوبكم ثم تجتازون لانكم قد مررتم على عبدكم فقالوا هكذا نفعل
كما تكلمت. فاسرع ابراهيم الى الخيمة الى سارة وقال اسرعي بثلاث كيلات دقيقا سميذا
اعجني واصنعي خبز ملة. ثم ركض ابراهيم الى البقر واخذ عجلا رخصا وجيدا واعطاه
للغلام فاسرع ليعمله. ثم اخذ زبدا ولبنا والعجل الذي عمله ووضعها قدامهم واذ كان
هو واقفا لديهم تحت الشجرة اكلوا.}(تك 1:18-8). لقد خدم ضيوفه ابراهيم فى سعادة
وكرم وحب للغرباء وهو لايدرى ان
الله وملائكته ومع انهم فى الحقيقة لا يأكلون ولا يشربون وان تظاهروا له
بذلك. لقد رد له الله الاجر وصادق على وعده بولادة أبن الموعد وقال الله لابراهيم انه
على مدار عام ستلد سارة ابن كما وعده الله من قبل { فقال اني ارجع اليك نحو
زمان الحياة ويكون لسارة امراتك ابن وكانت سارة سامعة في باب الخيمة وهى وراءه.
وكان ابراهيم وسارة شيخين متقدمين في الايام وقد انقطع ان يكون لسارة عادة كالنساء.
فضحكت سارة في باطنها قائلة ابعد فنائي يكون لي تنعم وسيدي قد شاخ. فقال الرب
لابراهيم لماذا ضحكت سارة قائلة افبالحقيقة الد وانا قد شخت.هل يستحيل على الرب
شيء في الميعاد ارجع اليك نحو زمان الحياة ويكون لسارة ابن} (تك10:18-14). واتم
الله وعده وولد اسحق كما قال الرب وختنه ابراهيم والختان عهد دم بين الانسان والله
ويرمز إلى موت الانسان العتيق وإلى المعمودية، وكلاهما إشارة إلى الموت مع المسيح
{مدفونين معه فى المعمودية} (كو 2: 8 –12). { وصنع إبراهيم وليمة عظيمة يوم فطام
إسحق} (تك 21: 8). الوليمة صنعها يوم الفطام فالفرح الحقيقي يكون يوم فطام المؤمن
عن العالم وشهواته، والخطية وتوابعها. ولما رات سارة ان اسماعيل يمزح على اخيه
اسحق طردت ساره هاجر من البيت إلى برية بئر سبع وعندما تاهت أفتقدها الله إله
المساكين والضعفاء والمعوزين، وكبر اسماعيل وزوجته أمه من سيدة مصرية وسكن فى برية
فاران بسيناء، وصار لإسماعيل 12 ولدا، صاروا رؤساء قبائل، وعاش إسماعيل 137 سنة
(تك 25: 17). وعاشت سارة 127 سنة ثم ماتت فى قرية أربع وهى فى الخليل ودفنت فى
حقل المكفيلة الذى اشتراه
ابراهيم من بني حث. وفى نفس المكان دفن إبراهيم وأسحق ويعقوب، ورفقة وليئة وقد
بكاها ابراهيم كشريكة لحياته التي احتملت معه مسيرة طويلة من الكفاح
والعطاء .
زواج
إسحق من رفقة ..
لقد طلب إبراهيم من كبير خدام بيته لعازر الدمشقي أن
يذهب إلى آرام النهرين إلى مدينة ناحور، موطنه الأصلى، ليخطب لأبنه
أسحق، وأستحلفه بالرب إله السماء وإله الأرض أن لا يأخذ زوجة لأبنه إسحق من بنات
الكنعانيين حتى لا يميلن قلبه لعباداتهم الوثنية ويبتعد عن الله إله أبيه. ولم يشأ
إبراهيم أن يذهب أسحق إلى مدينة ناحور حتى
لا تستهويه الحياة الناعمة هناك ولا يرجع إلى الأرض التى وعد
الله بها.أما رفقة زوجة اسحق النشطة والمضيافة فكانت
تجيد رعي الغنم والطهى وفوق هذا لديها حياة الثقة والتسليم لمشيئة الله. وإذ وصل لعازر
التقى
إلى بئر المدينة نحو المساء سأل من الرب القدير إله إبراهيم سيده أن يهبه تيسيرا
لمهمته ويصنع لطفا إلى سيده، فما أجمل أن يحيا شبابنا من الجنسين حياة التسليم لله
والبساطة والثقة الكاملة فى الله الذى يدبر حياتنا ويقودنا ويرسل الشريك المناسب
لكل طرف. ان حياة الإيمان التى عاشها ابراهيم انعكست أشعتها حتى على
حياة كل فرد فى بيت إبراهيم لاسيما ابنه اسحق المطيع ولعازر الدمشقي كبير
خدام بيت ابراهيم. وقد استجاب الله لطلب ذلك العبد الأمين حتى أتم إجراءات الخطبة
بنجاح وعاد ومعه رفقه الى بيت سيده إبراهيم التى كانت
تعزية لاسحق بعد وفاة أمه. هكذا اذ يسلم الشباب حياته لله فى إيمان وصلاة مع
التفكير السليم والتصرف الحسن دون انقياد الى الاهواء او المصالح فان الله يدبر
حياته ويختار له الشريك المناسب .
سنى إبراهيم الأخيرة ..
بعد
موت سارة عاد إبراهيم فأخذ زوجة أسمها قطورة وكان
سنه حوالى 140 سنة، ولعله فعل ذلك لأنه وصل إلى هذه السن، ولم يصبح نسله كنجوم
السماء كما وعده الله وغاب عن عيني ابراهيم انه سيصير ابا لكل المؤمنين ومن نسله
بالجسد سيأتي المسيح . ولدت له قطورة
ستة بنين. وأعطى
إبراهيم إسحق كل ما كان له. وأما بنو هاجر وقطورة اللواتي كن
لإبراهيم فأعطاهم إبراهيم عطايا وصرفهم عن إسحق إبنه وهو بعد حي. وفى
سن المائة خمسة وسبعين {أسلم إبراهيم روحه ومات بشيبة صالحة شيخا وشبعان أياما
وأنضم إلى قومه}(تك 25: 7، 8). انتقل إبراهيم وانضم الى صفوف الابرار ودفنه ابناه
إسحق وإسماعيل في مغارة المكفيلة.
بعد ان عاش غريبا علي الارض وقد تبرر إبراهيم بالإيمان العامل
بالمحبة الذي جعل إبراهيم يترك ارضه وعشيرته ويذهب وراء الرب والذى جعله يقدم ابنه
ذبيحة فى طاعة لله. لهذا مدح الكتاب المقدس ايمان ابونا ابراهيم وسارة قائلا:{
بالايمان ابراهيم لما دعي اطاع ان يخرج الى المكان الذي كان عتيدا ان ياخذه ميراثا
فخرج وهو لا يعلم الى اين ياتي. بالايمان تغرب في ارض الموعد كانها غريبة ساكنا في
خيام مع اسحق ويعقوب الوارثين معه لهذا الموعد عينه. لانه كان ينتظر المدينة التي
لها الاساسات التي صانعها وبارئها الله. بالايمان سارة نفسها ايضا اخذت قدرة على
انشاء نسل وبعد وقت السن ولدت اذ حسبت الذي وعد صادقا. لذلك ولد ايضا من واحد وذلك
من ممات مثل نجوم السماء في الكثرة وكالرمل الذي على شاطئ البحر الذي لا يعد. في
الايمان مات هؤلاء اجمعون وهم
لم ينالوا المواعيد بل من بعيد نظروها وصدقوها وحيوها واقروا بانهم غرباء ونزلاء
على الارض} ( عب 8:11-13). فهؤلاء كلهم مشهودا لهم بالايمان لم ينالوا الموعد. اذ
سبق الله فنظر لنا شيئا افضل لكي لا يكملوا بدوننا. هكذا علينا ان نسير على خطى
رجال الله القديسين وسيرتهم الطيبة ونتمثل بهم { انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا
بايمانهم (عب 13 : 7)، أمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق