للأب
القمص أفرايم الانبا بيشوى
الله ضابط الكل..
تمضى الايام والسنين من
عمرنا ونحن ننظر الى المستقبل بعيون الرجاء فى غدا افضل، ورغم كل الظروف السياسية
والدينية والاجتماعية المتغيرة التي مرت وتمر بها بلادنا ومنطقتنا والعالم من
حولنا فنحن نثق ان الله ضابط الكل والكون لا يحدث شي فى عالمنا وحياتنا الا بارادته
او بسماح منه. وعلينا ان نعمل فى توافق مع مشيئة الله لنا ونسعى الى تحقيق ارادته
فى حياتنا لكننا وبالرغم من ذلك ايضا لا نستطيع ان نضبط أو نتحكم فى المتغيرات
التي تجرى حولنا لكننا نعلم ان الله ضابط الكل يجعل كل الاشياء تعمل معنا للخير {
ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب
قصده} (رو 8 : 28). و سواء على المستوى الفردي او الجماعي نعلم ان الله قادر ان
يجعل الامور تسير نحو تحقيق ارادته مهما اراد الناس بنا شرا كما قال يوسف الصديق
لاخوته الذين باعوه حسدا { انتم قصدتم لي شرا اما الله فقصد به خيرا لكي يفعل كما
اليوم ليحيي شعبا كثيرا }(تك 50 : 20). لقد اراد اخوة يوسف ان يتخلصوا منه وقالوا
لابيهم كذبا ان وحش ردئ افترسه وباعوه عبدا ولكن الله كان معه واخرج به مصر وشعبها
واهله معهم من مجاعة عظيمة. ونحن نثق ان يد الله المقتدرة والحكيمة تعمل معنا
ولاجل خلاصنا وان كان علينا ان نمر باوقات ضيق او نشرب كأس الصبر والمر من
يده فهي لعلاجنا وخلاصنا { يشددان انفس التلاميذ ويعظانهم ان يثبتوا في الايمان
وانه بضيقات كثيرة ينبغي ان ندخل ملكوت الله} (اع 14 : 22). فنحن نعلم انه ورغم
الضيقات فاننا سنغلب بالله الساكن فينا { قد كلمتكم بهذا ليكون لكم في سلام في
العالم سيكون لكم ضيق ولكن ثقوا انا قد غلبت العالم} (يو 16 : 33)
التوبة وتنفيذ ارادة الله ...
يجب
ان نقدم لله توبة عن خطايانا وذنوبنا التي فعلناها بارادتنا او بغير ارادتنا
والخفية والظاهرة ونعمل ان تكون توبتنا شاملة مختلف جوانب حياتنا ومستمرة
للنفس الاخير ونعمل على التخلص من ضعفاتنا فى ضوء نعمة الرب الغنية ولهذا شدد
السيد المسيح على أهمية التوبة للخلاص والنجاة { ان لم تتوبوا فجميعكم كذلك
تهلكون} (لو 13 : 3). ويحثنا الانجيل على التوبة التي هي الاقلاع عن الشر
والخطأ والتصميم على عدم الرجوع اليه واصلاح نتائج الخطأ والاعتراف به ومن ثم
السعي للنمو فى طاعة الله وتنفيذ ارادته فالله يريد خلاصنا جميعا { الذي يريد ان
جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). الله يريد
لنا ان نكون قديسين{ لان هذه هي ارادة الله قداستكم } (1تس 4 : 3).
وهو يعمل فينا بنعمة روحة القدوس وبكلمته المقدسة ليدفعنا الى حياة الكمال وتنفيذ
مشيئته { لان الله هو العامل فيكم ان تريدوا وان تعملوا من اجل المسرة }(في 2 :13) فهل نستجيب لعمل النعمة
وتبكيت الروح القدس لنا لنتوب عن خطايانا ونسير فى طريق البر؟.
لنبدأ بدءاً حسنا...
اننا
في بدء كل يوما جديد نصلي قائلين ( لنبدأ بدءاً حسناً) فهل نعمل بجدية وصدق ليكون
كل يوم بدايه حسنة او مواصلة للسعى فى طريق الكمال المسيحي الذى دعانا الله اليه،
كما ان بداية عام جديد هو مناسبة جيده لبداية حسنة فلا نشاكل اهل هذا العالم فى
سعيهم وراء شهواتهم الجسدية أو متع العالم وبريقه بل نسعى الى عمل ارادة الله فى
حياتنا { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي
ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2). علينا ان نسعى فى التخلص من
العادات والسلوكيات الخاطئة فى حياتنا ونكتسب بالجهاد كل ما هو حسن ومرضى لله {
اخيرا ايها الاخوة كل ما هو حق كل ما هو جليل كل ما هو عادل كل ما هو طاهر كل ما
هو مسر كل ما صيته حسن ان كانت فضيلة وان كان مدح ففي هذه افتكروا }(في 4 : 8).
حياتنا غربة ونحن سفراء للملكة السماء ...
يجب
ان نعلم اننا هنا على الارض فى فترة غربة جئنا فيها لاداء رسالة سامية ومهمة جليلة
فنحن ليسوا لعبة فى يد الظروف او الناس او الاحداث بل نحن سفراء للمملكة السماء {
اذا نسعى كسفراء عن المسيح كان الله يعظ بنا نطلب عن المسيح تصالحوا مع الله }(2كو
5 : 20). نحن رسل سلام ومصالحة فى عالم منقسم ومتصارع ولكي نحيا فى سلام يجب ان
نكون فى صلة واتصال دائم مع رئيس إيماننا ومكمله الرب يسوع وان يكون هدفنا هو
تنفيذ ارادته وسماع صوت كلامه فالسفير الناجح فى مهمته يقوم بتمثيل بلده فى البلد
المضيف ويعمل وسط المتغيرات الكثيرة على تحقيق مصالحها واعلاء شانها وكحلقة اتصال
بين البلد المضيف وبلده الاصلي يجب ان يكون امينا كحلقة اتصال بينهما ونمثل تمثيلا جيدا السماء وندعوا الى الايمان والله المحب الذى اختارنا ابناء وبنات له وسفراء نحمل اسمه القدوس. فهل نحن
سفراء صالحين للملكة السماء؟.
متأصلين فى بلادنا وسنستمر...
اننا
ورغم اننا لسنا غرباء او وافدين على بلاد الشرق الاوسط كمسيحيين بل متجذريين فى
بلادنا منذ الاف السنين، ارتوت ارضنا بدماء اجدادنا وتخضيت ارضنا بعرقهم وجهادهم
بتنا اليوم نشعر بالاغتراب أكثر فأكثر فى بلاد كانت مهد المسيحية وقلبها النابض
وستبقى هكذا الى ان يرث الله الارض وما عليها، نشعر ايضا بثقل المسئولية الملقاة
على عاتقنا لنكون ملح الارض ونور للعالم كما دعانا السيد المسيح { انتم ملح الارض
ولكن ان فسد الملح فبماذا يملح لا يصلح بعد لشيء الا لان يطرح خارجا ويداس من
الناس.انتم نور العالم لا يمكن ان تخفى مدينة موضوعة على جبل.
ولا
يوقدون سراجا و يضعونه تحت المكيال بل على المنارة فيضيء لجميع الذين في البيت.
فليضئ نوركم هكذا قدام الناس لكي يروا اعمالكم الحسنة ويمجدوا اباكم الذي في
السماوات} (مت 13:5-16). لقد عانى مسيحيوا الشرق عبر تاريخهم الطويل للحفاظ على
هويتهم الدينية والثقافية والاجتماعية فى تعاون وبذل مع اخوتهم فى الوطن وكنا نظن
ان الربيع العربي سيأتي بما هو أفضل للجميع ولكن اذ اقبل علينا شتاء أصولي فعلينا
ان نعمل بالاكثر على الانفتاح على مجتمعاتنا بروح المحبة والتعاون ونحن نعى
انتمائنا الى اوطاننا متمسكين بالبقاء فيها كخيار لا رجعة فيه ونبنى انفسنا
وابنائنا على الإيمان الاقدس الذى اليه دعينا { واثقا بهذا عينه ان الذي ابتدا
فيكم عملا صالحا يكمل الى يوم يسوع المسيح} (في 1 : 6). اننا نضع ثقتنا فى الله
الامين والقادر ان يحفظ حياتنا وكنيستنا وبلادنا كخميرة مقدسة وكنور لا يوضع تحت
مكيال بل على منارة ليضئ لكل من هم فى البيت ليرى الناس اعمالنا الصالحة ويمجدوا
ابانا الذى فى السماوات.
خطة للنمو الروحي والعملي ...
على
المستوى الفردي والاسرى والكنسي لابد ان نضع خطة لحياتنا تدوم وتستمر فى متابعة
يومية واسبوعية وشهرية وسنوية لكي ننمو فى النعمة والحكمة والقامة لدى الله
والناس. يجب ان نسعى الى التميز والتفوق الروحي والدراسي والعملي وفى علاقاتنا
الاجتماعية والروحية مع الله والناس. فلا مكان فى عالم اليوم للكسالى والخاملين
ونحن نواجه منافسة حادة ومصاعب اقتصادية جمة فعلينا ان نتقدم ونأخذ بايدي بعضنا
البعض فى السير فى خطى العلم والمعرفة وفى نفس الوقت العلاقة القوية والواثقة
بالله فالانسان القوى روحيا والمرتبط بالسماء هو قلعة حصينة لا ينال منها الشيطان
وقواته الشريرة شئ بل هو ضرورة لمجتمعه وكنيسته واسرته وياتي بالثمار الكثيرة
لفائدته ولبنيان ملكوت السموات.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق