للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
علم الآثار يدرس الأشياء المادية الملموسة من مباني تاريخية وأي حفائر تاريخية تكتشف وما عليها من كتابات أو أواني فخارية أو عملات أو مخطوطات أو رسوم تكتشف ويحللها ويرجعها إلى العصور التي تم صنعها فيها وهو يقدم دليل حي وملموس يخضع للفحص والدراسة من ناحية علماء الآثار فهل هناك آثار حقيقية مكتشفه وباقية لليوم وتم دراستها وتؤكد وتشهد علي صلب السيد المسيح وموته وقيامته. نعم هناك الكثير من الآثار ومن بينها ما يشهد لحقيقة صلب وقيامة السيد المسيح، القبر المقدس الفارغ كشاهد حي والكفن المقدس الذى كفن فيه جسد السيد المسيح وقد طبعت صورة السيد المسيح وخشبة الصليب المقدسة التي صلب عليها رب المجد والمسامير وإكليل الشوك والفنون الكنيسة الأثرية والمخطوطات التاريخية التي تكلمنا عنها بالأمس من مخطوطات مسيحية ورومانية ويهودية وغيرها.
1ـ القبر المقدَّس....
+ اهتم البشيرون الأربعة بذكر "القبر الفارغ " كحقيقة شاهدة على موت وقيامة السيد المسيح حتى أنهم ذكروه في أصحاحات القيامة أكثر من ثلاثين مرة، وكان القبر منحوتًا في صخرة ضخمة، وجديدًا لأن يوسف الرامي كان قد أعدّه لنفسه، وعلى بابه حجر كبير، ومدخل القبر كان منحدرًا عن الجانبين. فيقول متى البشير: { فأخَذَ يوسف الجَسَد ولفَّهُ بكتَّان نقيّ، ووضَعَهُ في قبره الجَديد الذي كان قد نَحَتَهُ في الصَّخرة، ثم دحرَج حَجرًا كبيرًا على باب القبر ومضى} (مت 27: 59) فكلمة "دحرج" تفيد حركة الحجر من مستوى أعلى إلى مستوى أدنى، وهذا الموقف جعل يوحنا البشير عندما يصف وضع الحجر بعد القيامة، لا يقول أنه دُحرِج ثانية، إنما يقول أنه رُفِع { فنَظَرَت الحَجَر مرفوعًا عن القَبر} (يو 20: 1) أنه احتاج إلى قوة كبيرة لرفعه وإبعاده عن باب القبر، ولا يمكن أن يفارق الحجر مكانه دون أن تتحطّم الأختام الرومانية، وهذا يمثّل جريمة ضد هيبة الدولة الرومانية تستوجب العقوبة، ولكن مَن من الدولة الرومانية يقدر أن يحاكم ملاك القيامة؟! حقًا إن الدولة الرومانية تقف بكل قوتها وهيبتها عاجزة تمامًا أمام ملاك القيامة الذي تحدّاها وحطم اختامها ودحرج الحجر رغم إرادتها وإرادة اليهود. أما الحراس الأقوياء المعروفين بالجرأة والجسارة فقد ارتعبوا و ارتعدوا وصاروا كأموات: { وإذا زلزَلَةٌ عظيمة حَدَثت، لأن ملاك الرب نَزَل من السماء وجاء ودحرَج الحجَر عن الباب، وجلس عليه. وكان منظره كالبَرْق، ولباسه أبيَض كالثّلج. فمن خوفِهِ ارتعد الحُرّاس وصاروا كأموات..} (مت 28: 2 ـ 4).. فما بال قوتكم أيها الحرّاس الأشداء تنهار! هـل هول الصدمة افقدكم الشجاعة حتى صرتم كأموات؟! وهذا القبر الممجَّد الذي ضم في جوفه الجسد المقدَّس الذي لمُخلّصنا الصالح ثلاثة أيام، حاول اليهود إخفاء معالمه، فجعلوه محلًا لإلقاء المخلفات والقمامة، ونادوا في كل أورشليم بأن كل من يكنس بيته أو يهدم بيتًا يلقي بالمخلفات على قبر يسوع الناصري.
+ كان موقع صلب يسوع ودفنه مكرّمين دون انقطاع منذ أوائل الزمان من قبل الجماعة المسيحية المقيمة في القدس. وكان اليهود من جهتهم يهتمون جدا بقبور الشخصيات الهامة. وبين عامي ٤١ و٤٤ بني السور الثالث الذي شمل ضمن حدود المدينة أيضا موضع الجلجلة. لقد كان موت وقيامة السيد المسيح يسوع موضوع للتأمّلات منذ أوّل الأزمان. برزت كتابات أظهرت كيف أن هذا الموت حقّق الفداء للعالم. أجمع من هذه الكتابات «مغارة الكنوز» و«صراع آدم» و«إنجيل برتلماوس» وغيرها. وجُعلت مكان صلب السيد المسيح مركز هذه القصص ويذكر التقليد أن جمجمة أبونا آدم أتي بها ملكي صادق ودفنها في الجلجثة وعندما صلب الرب وتشققت الصخور وسال دم المسيح عليها كرمز لخلاص آدم وبنيه بدم المخلص وتحت الجلجثة إلى الجانب الشرقي منها نجد مغارة يعتقد الكتّاب أنّها موضع قبر آدم. هذه الأفكار التي حامت حول موضع الجلجلة تعود لليهود المتنصرين..وبعد القضاء على الثورة اليهودية عام ١٣٥ م. عانت القدس من تغيير جذري، فقد طُرد اليهود والسامريون والمسيحيون ومنعوا من العودة. وعقد أدريانوس العزم على مسح كلّ ذكر للديانة اليهودية والمسيحية التي كانت تثير الشغب والثورات. فدمر كلّ أماكن العبادة. لكن الخبرة الدينية المرتبطة بتلك الأماكن كانت متأصلة وجذرية ولم يكن من السهل محوها. ومن ثمّ قام أدريانوس ببناء قبة على ستّة أعمدة فوق الجلجثة وكرسها لڤينوس وعشتار وهي الآلهة التي نزلت إلى الجحيم للبحث عن الإله تموز لتحرره في محاولة منه للقضاء على فكرة صلب السيد المسيح في هذا الموضع بالذات.
ولم يتبقّ في القدس سوى جماعة مسيحيّة من أصل أممي نعرف منها اسم رئيسها مرقص ورغم أنّها كانت تكرم أماكن مقدسة كثيرة لكن هذه الجماعة لم تفكر في تبديل موضع قبر المسيح وذلك لأنها كانت تكرم تلك التي غطتها في ذلك الحين هياكل أدريانوس وبقيت تلك الذكرى إلى وقت قسطنطين.
+ خلال عقد المجمع المسكوني الأول (نيقية ٣٢٥م.) دعا أسقف أورشليم القدس مكاريوس الإمبراطور قسطنطين إلى تدمير الهيكل الوثني في المدينة المقدسة للبحث عن قبر المسيح. وهكذا فإن الهيكل الذي كان يهدف إلى القضاء على موقع القبر أدّى في حقيقة الأمر إلى الحفاظ عليه. حيث بنت الملكة هيلانة بعد اكتشاف القبر وموضع الصلب بدء من شهر مايو سنة 326م بعد أن هدمت معبد الإلهة فينوس، وبنت فوق القبر كنيسة القيامة. وكنيسة القيامة عبارة عن دائرة ضخمة تحيط بالقبر المقدَّس، وتحتوي عدَّة هياكل منهم هيكلًا للأقباط الأرثوذكس. كما يوجد بالكنيسة "المغتسل" حيث تم تكفين جسد مُخلّصنا الصالح، وتعلو المغتسل قناديل لكل الكنائس المسيحية، وتظل هذه القناديل مضاءة طوال العام، وتطفئ فقط في الساعة السادسة (12 ظ) يوم الجمعة العظيمة. ثم تضاء من نور القبر يوم سبت النور من كل عام.
+ وعلى جانب باب الكنيسة عمود رخامي به شرخ من أثر النور الذي فجَّ من القبر المقدَّس عندما شكّ إبراهيم باشا ابن محمد على الكبير في هذه المعجزة أيام البابا بطرس الجاولي وفي مواجهة القبر المنحوت في الصخر يوجد عمودان، اليمين عليه رسم المريمات حاملات الحنوط، والعمود اليسار عليه رسم ملاك البشارة، وعلى واجهة القبر أحد السَّرافيم يعلوه ايقونة القيامة
وعلى الجدار الأيسر للقبر صورة السيدة العذراء ترفع يديها في صلاة خشوعية، وفي المواجهة ثلاثة مناظر للقيامة أسفلهم بروز حجري يحمل الشمعدانات الكثيرة المتلاصقة مع فازات الورود، وفي كل عام يوم سبت النور يدخل بطريرك الروم الأرثوذكس بملابس بسيطة وهو يحمل في يده ثلاثة وثلاثين شمعة بعدد سنوات عمر المسيح ويصلّي فينبثق النور العجيب يضيء الشموع التي يحملها الآب البطريرك، ويوقد كل قناديل الكنيسة ويشعل كل الشموع التي يحملها الشعب، وفي اللحظات الأولى من انبثاق النور لا يحرق شيئًا قط، فلم نسمع أن شعر إنسان قد تعرّض للحريق بينما يشعل الشموع والقناديل فقط. إنها معجزة حيَّة تحدث كل عام، ومَن لا يصدق فليذهب وليعاين نور المسيح لعله يؤمن ويربح الحياة الأبدية. كنيسة القيامة بأهميتها وتوافد الحجاج عليها منذ القدم والمعجزات الكثيرة التي تحدث فيها مع توبة المترددين عليها تقدم دليل إيماني حي علي عمل المسيح الخلاصي للعالم كله.
2ـ خشبة الصليب المقدَّسة...
تم اكتشاف خشبة الصليب المقدَّسة بواسطة الملكة هيلانة أم الملك قسطنطين، وكانت هيلانة ابنة كاهن سرياني بالرها، وعندما كان "قسطنطنيوس كلاروس" في طريقه إلى بلاد فارس رآها وأُعجب بها، وتزوجها في مدينة الرها في النصف الثاني من القرن الثالث، وأنجب منها ابنه فلاديوس، المعروف بالإمبراطور قسطنطين الكبير، وقد كرَّمها ابنها قسطنطين هذا، فأنعم عليها بلقب الملكة، وسمح لها بالتصرُّف في الخزائن الملكيَّة، فأجذلت العطاء للفقراء والمحتاجين، وأفرجت عن كثير من الأبرياء الذين احتضنتهم سجون روما، وأعادت الكثيرين من المنفى إلى بلادهم، وكانت تواظب على الصلوات الطقسية بالكنيسة في خشوع وهي ترتدي ثياب بسيطة محتشمة، وكانت تختلط بجماهير الشعب الذي أحبها وأخلص لها. وقد رأت الملكة هيلانة رؤيا تحثها على الذهاب إلى أورشليم للكشف عن صليب ربنا يسوع والقبر المقدَّس، وكان عمرها حينذاك سبعون عامًا، فجاءت إلى أورشليم بصحبة ثلاثة آلاف من الجنود كما ذكر ذلك المؤرخ يوسابيوس القيصري، والتقت بأسقف أورشليم القديس مكاريوس البالغ من العمر نحو ثمانين عامًا، وظلت تسأل عن مكان قبر السيد المسيح ورفض اليهود إرشادها، وكان هناك رجلًا يهوديًا طاعنًا في السن يُدعى "يهوذا" خبيرًا بأحداث وتواريخ المدينة، وعندما ضيقت عليه أخبرها بمكان القبر تحت معبد فينوس، فأمرت الملكة هيلانة بهدم المعبد وإزالة الأنقاض والأتربة التي كانت تشبه الهضبة، وفي شهر مايو سنة 326م تم اكتشاف القبر المقدَّس، ووُجِد داخله ثلاثة صلبان، مع اللافتة التي كانت مُعلَّقة على صليب الرب "يسوع الناصري ملك اليهود" باللغات الثلاث العبرانية واليونانية والرومانية أي اللاتينية، وهذه اللافتة ما زالت محفوظة في روما محاطة بقالب من الطوب مقاسه 32 × 21 سم، ويقول القديس يوحنا ذهبي الفم "أنه حينما وُجِدت الصلبان الثلاثة ملقاة معًا لم يكن صليب الرب مجهولًا إذ وُجِد كما هو في الوسط وعليه العنوان.
وأشار القديس مكاريوس بوضع الصلبان الثلاثة على ميت كان محمولًا ليُدفن، وذلك للتأكُّد من صليب المسيح فأوقفوا النعش، ووضعوا عليه الصليب الأول ثم الثاني فلم يقم، ولمّا وضعوا عليه الصليب الثالث قام الميت في الحال، فتأكد الجميع أنه صليب ربنا يسوع فكرَّموه جدًا، ولفُّوه بالحرير، ووضعوه في تابوت من الفضة محلّى بالذهب، وكان طول القائم الرأسي للصليب 480 سم، وطول القائم العرضي حوالي 260سم، وأمرت الملكة هيلانة ببناء كنيستين أحدهما فوق القبر المقدَّس وهي كنيسة القيامة، والأخرى فوق مغارة بيت لحم وهي كنيسة المهد، وأرسلت الملكة هيلانة إلى بطاركه الكنائس ومنهم أثناسيوس بطريرك الاسكندرية ليدشّن كنيسة القيامة، فذهب إلى أورشليم ودشّنها سنة 328م ومعه بطريرك القسطنيطية وأنطاكية، واسقف أورشليم واحتفلوا بخشبة الصليب المجيد، ورتبت كنيستنا القبطية يوم 17 توت كل عام للاحتفال باكتشاف خشبة الصليب.
+ وقد أرسلت الملكة هيلانة جزءًا من خشبة الصليب إلى ابنها قسطنطين في روما، وظلت هذه القطعة من الصليب المقدَّس في روما. ويذكر القديس كيرلس الأورشليمي أنهم كانوا يوزعون من خشبة الصليب المقدَّسة على الأمراء والعظماء الذين كانوا يزورون أورشليم، وكانوا يضعون بعض القطع في صلبان من الذهب والماس، فأكبر قطعة وُضِعت في صليب ذهب يُعرَف بصليب أورشليم، والتي تليها وُضِعت في صليب من الماس يُدعى صليب القسطنطينية، وفي سنة 885 م أهدى البابا مارينوس بابا روما الملك ألفريد جزءًا من الصليب، وفي رسالة من غريغوريوس أسقف روما سنة 599م إلى ريتشارد ملك أسبانيا أخبره بأنه أرسل إليه صليبًا بداخله قطعة من خشبة الصليب المقدَّسة، وفي رسالة أخرى إلى ملكة لمباروتر يخبرها بأنه أرسل إليها جزءًا من خشبة الصليب داخل صليب من الفضة. ومن المؤرخين والقديسين الذين ذكروا حادثة اكتشاف خشبة الصليب:-
1 ـ المؤرخ يوسابيوس القيصري (265 ـ 340م) الذي ذكر بأن الملك قسطنطين قد أزال تمثال جوبيتر وتمثال فينوس في عهد القديس مكاريوس أسقف أورشليم.
2 ـ القديس أمبروسيوس أسقف ميلان (339 ـ 397 م) ذكر حادثة اكتشاف خشبة الصليب بواسطة الملكة البارّة هيلانة في عظته التي ألقاها في تذكار عيد الصليب سنة 395م في وجود الإمبراطور هونوريوس.
3 ـ القديس كيرلس الأورشليمي (315 ـ 386 م) تحدّث كثيرًا عن خشبة الصليب في عظاته سنة 348م، فيقول في إحدى عظاته "لقد صلب المسيح حقاً ونحن وإن كنا نُنكر ذلك فهذه هي الجلجثة تناقضني التي نحن مجتمعون حولها الآن، وها هي خشبة الصليب أيضًا تناقضني التي نُوزِع منها على كل العالم.. وخشبة الصليب تشهد للمسيح تلك التي نراها حتى اليوم بيننا، وقد ملأت كل العالم بواسطة المؤمنين الذين أخذوا قطعًا منها إلى بلادهم". كما ذكر القديس كيرلس الأورشليمي تكريم خشبة الصليب الذي يحدث في أورشليم باكر يوم الجمعة العظيمة حيث يجتمع الأسقف والاكليروس والمؤمنون في كنيسة الصليب التي بناها الملك قسطنطين بالقرب من الجلجثة. كما يذكر في كتابه "مواعظ في التعليم المسيحي" أن أساقفة أورشليم كانوا يوزعون من عود الصليب المقدَّس على أعيان الزائرين حتى إن الدنيا امتلأت من أجزاء منه في زمن قليل، ومع ذلك لم ينتقص منه شيء وذلك بسبب النشوء والنمو بواسطة القوة التي اتخذها من جسد الرب الإلهي الذي عُلّق عليه، وعندما اعترض "جون كالفن" قائلًا بأن أجزاء الصليب التي وُزِعت في العالم لو جُمعت تملأ سفينة كبيرة ردَّ عليه اللاهوتيون بروما وقالوا: إن دم المسيح الذي سُفِك على خشبة الصليب أعطاها نوعًا من النشوء الطبيعي، فرغم ما يُؤخذ منها لا تنقص.
4ـ القديس بولنيوس الأسقف (353 ـ 431م) من نولا بفرنسا وقد أرسل خطابًا للمؤرخ الكنسي سالبيسيوس وأرسل معه قطعة من خشبة الصليب المقدَّس.
5 ـ المؤرخ الكنسي سقراط (380 ـ 450 م) يحكي قصة اكتشاف الصليب بواسطة الملكة هيلانة، ويخبرنا أنها أرسلت قطعة من خشبة الصليب إلى القصر الإمبراطوري.
6 ـ المؤرخ الكنسي ثيودوريت (393 ـ 458 م) ذكر إن الملكة هيلانة وجدت خشبة الصليب المقدَّسة، وأيضًا وجدت المسامير التي سُمِّر بها جسد مُخلّصنا الصالح، فأخذتها بإكرام وأرسلتها لابنها الملك قسطنطين ففرح بها، وثبّت إحداها فـي خوذته الملكية التي كان يضعها على رأسه أثناء المعارك الحربية.
7 ـ الراهبة الإسبانية "إيجيريا" التي زارت أورشليم في أواخر القرن الرابع ذكرت الصلوات التي تقام أمام خشبة الصليب المقدَّس في كنيسة القيامة.
وقد ظلت خشبة الصليب المقدَّس في كنيسة القيامة حتى سنة 614م، وعندما نشبت الحرب بين الروم والفُرس، انتصر الفرس بقيادة ملكهم "كسرى" Chosraes فنهبوا الكنائس، وعندما دخل أحد أمراء فارس إلى كنيسة القيامة فرأى خشبة الصليب وكانت في تابوت من الفضة مُحلّى بالذهب ويسطع منه ضوءًا رائعًا، فمد يده يمسك بها فخرجت نارًا وأحرقت أصابعه، وعندما سأل عن سر هذه الخشبة أعلمه المسيحيون أنها خشبة الصليب المقدَّس، ولا يقدر على لمسها إلاَّ الإنسان المسيحي، فأخبر الملك واحتالوا على اثنين من الشمامسة فحملوا التابوت وذهبوا معهم إلى بلادهم فارس، وفي حديقة القصر حفروا حفرة ووضعوا فيها التابوت وهالوا التراب عليه، وذبحوا الشماسين لئلا يفشيان السر، وقد شاهدت هذه الحادثة فتاة مسيحية ابنة كاهن وكانت من ضمن سبايا الفُرس، وأيضًا سُبيَ زخارياس بطريرك أورشليم، وظلت خشبة الصليب مدفونة في ذلك المكان نحو خمسة عشر عامًا.
وفي سنة 629م خاض الإمبراطور "هرقل" ملك الروم الحرب ضد الفرس، وانتصر عليهم ودخل بلادهم، واسترد التابوت الفضة وبه خشبة الصليب المقدَّس بعد أن أرشدته إليه الفتاة ابنة الكاهن، فعاد به إلى كنيسة القيامة، وفي احتفال عظيم حَمل هرقل الصليب على كتفه وهو يرتدي حلّته الملوكية متوشحًا بالوشاح الإمبراطوري وعلى رأسه تاجه الذهبي المرصَّع بالأحجار الكريمة وأراد أن يدخل به إلى كنيسة القيامة إلاَّ أن الصليب ثقل عليه جدًا فلم يقوَ على السير به، فقال له أحد الآباء الكهنة المختبرين: "اذكر يا سيدي الملك أن مولاك دخل هذا المكان حاملًا الصليب وعلى هامته المقدَّسة إكليل الشوك" فخلع الإمبراطور تاجه والوشاح الإمبراطوري، ودخل للكنيسة حافي القدمين حاملًا خشبة الصليب المقدَّس في سهولة ويسـر، ووضعها في مغارة الصليب، والشعب مع الإكليروس يرتلون "خلّص شعبك. بارك ميراثك. امنح ملوكنا المؤمنين الغلبة على البربر بقوة صليبك..". وظلت خشبة الصليب في كنيسة القيامة بأورشليم نحو خمس سنوات، وفي سنة 634 م. نُقِل التابوت وبه خشبة الصليب إلى كنيسة اجيا صوفيا في القسطنطينية خوفًا من وقوعه مرة أخرى في أيدي الفُرس، وفي سنة 670 م. سجّل "أركلنوس" مشاهدته لخشبة الصليب في كنيسة آجيا صوفيا. وان كانت قد اختفت في العصور الإسلامية بعد ذلك لكن يوجد أجزاء من خشبة الصليب لدي عدة كنائس في العالم ومنها لدى بطريركية الروم الأرثوذكس في القدس حيث يطوف بها بطريرك المدينة المقدسة في عيد الصليب وفي الجمعة العظيمة داخل صليب ذهبي محولة علي رأسه ويتبارك منها جميع المؤمنين هناك.
صلاة الايمان...
+ إننا نصلي ليقوى الله إيمان الرعاة والرعية، نحن بالإيمان لا نحتاج للأدلة المادية، فالإيمان هو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى. نحن نؤمن بالله و بالتجسد الإلهي واقتراب الله منا وإعلانه محبته لنا وبعمل الروح القدس و بمعمودية واحدة لمغفرة الخطايا. البار بالإيمان يحيا ويعيش علي رجاء قيامة الأموات وحياة الدهر الأتي، آمين.
+ الهنا الذى قاد الكنيسة عبر تاريخها الطويل قادر أن يقودنا في موكب نصرته ويحفظنا فى اسمه القدوس، كحجارة حية تشهد وتعترف وتبشر بموته الخلاصي وقيامته المقدسة، وتحيا الايمان العامل بالمحبة وتحفظ وديعة الإيمان حية وعاملها وتضرم ثمار ومواهب الروح القدس وتسلم وديعة الإيمان المستقيم للاتين بعدنا إلى الأبد.
+ نصلي من أجل سلام الكنيسة ووحدتها وسلام وأمن وأمان بلادنا وشعبها والسلام والعدل والاستقرار في منطقتنا. نصلي ليرفع الله عن العالم الوباء والغلاء وكل شر ويهب الحكمة والنعمة للحكام والمحكومين. ويحفظنا فى محبة وتعاون وإخاء فنحن نسير ونبحر فى سفينة وأحدة، نصلي أن تصل بسلام إلى بر الأمان والتقدم والسلام.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق