للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
+ حياة الإيمان تقودنا للشكر الدائم لله.. كثيرة هي الأسباب التي تستوجب تقديم الشكر لله، نشكر الله أنه خلقنا ويرعانا كخالق ومحب للبشر ولانه يديم رحمته علينا {احمدوا الرب لانه صالح لان الى الابد رحمته }(مز 106 : 1) {احمدوا الرب ادعوا باسمه اخبروا في الشعوب باعماله} (1اخ 16 : 8). نشكره على نعمة الإيمان { فشكرا لله أنكم كنتم عبيدا للخطية ولكنكم اطعتم من القلب صورة التعليم التي تسلمتموها } (رو 6 : 17). نشكر على الصحة والأولاد { إذا كنتم في سلامة وكان اولادكم وكل شيء لكم على ما تحبون فاني اشكر الله شكرا جزيلا اما انا فرجائي منوط بالسماء} (2مك 9: 20). نشكر الله على انه يعبر بنا تجارب كثيرة وبحكمته يعوضنا عن كل أتعاب الحياة { شكرا لله الذي يعطينا الغلبة بربنا يسوع المسيح. إذا يا إخوتي الأحباء كونوا راسخين غير متزعزعين مكثرين في عمل الرب كل حين عالمين أن تعبكم ليس باطلا في الرب} (1كو 57:15-58). نشكر الله على كل ما لدينا من عطايا { فشكرا لله على عطيته التي لا يعبر عنها } (2كو 9 : 15). نشكر الله على الفرص المتجدده للتوبه ونشكره علي ما يقدمه لنا من خيرات وسواء أكلنا أو شربنا أو حتى لم نأكل فعلينا أن نشكر { الَّذِي يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي لاَ يَهْتَمُّ بِالْيَوْمِ، فَلِلرَّبِّ لاَ يَهْتَمُّ. وَالَّذِي يَأْكُلُ، فَلِلرَّبِّ يَأْكُلُ لأَنَّهُ يَشْكُرُ اللهَ. وَالَّذِي لاَ يَأْكُلُ فَلِلرَّبِّ لاَ يَأْكُلُ وَيَشْكُرُ اللهَ} (رو 14: 6). حياة الشكر لا تعني الاستكانة وعدم الجهاد فى تحسين أوضاعنا سواء فى الدراسة او المعيشة او العمل او العلاقات. لكن علينا أن نجلس مع أنفسنا لدقائق كل صباح نعدد نعم الله علينا من هواء وماء وصحة وسكن وراحة وخير ونقدم الشكر لله ونتخذ القرارات اللازمة لتصحيح أوضاعنا ونقوم بتنفيذ الخطوات العملية للوصول الى الأفضل وحتى عندما نتعثر علينا أن نبادر بالقيام عالمين أن النجاح يأتي من حسن التقدير وحسن التقدير يأتى من التجربة والتعثر ما هم إلا سوء تقدير. فمع كل يوم جديد نشكر الله الذى أعطانا فرصة جديدة للحياة والعمل والقيام والنجاح ولا ندع شئ يفصلنا عن الله ونجاهد لننتصر. ونثق ان ما يحدث لنا سواء بإرادة الله أو سماح منه لابد ان ينتهى لخيرنا { ونحن نعلم ان كل الاشياء تعمل معا للخير للذين يحبون الله الذين هم مدعوون حسب قصده }(رو 8 : 28). فلهذا نقدم الشكر لله لا على السعة فقط ولكن حتى فى الضيقات { بل نفتخر ايضا في الضيقات عالمين ان الضيق ينشئ صبرا. والصبر تزكية والتزكية رجاء. والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا}( رو 3:5-5). فلنحيا دائما شاكرين فى كل حين { شاكرين الآب الذى أهلنا لشركة ميراث القديسين فى النور، الذى لنا فيه الفداء بدمه غفران الخطايا} ( كو 12:1-13). جيد أن هناك دول تحتفل كل عام بعيد الشكر يقدمون الشكر للرب على ما وهبهم من خيرات وذلك عرفانا منهم بفضل الله عليهم. لكن علينا أن نشكر الله دائما، أن كلمة شكر ومرادفاتها مذكورة حوالي 181 مرة في الكتاب المقدس وبعودة إلى محتواها نرى أن السيد المسيح وكل الأنبياء والرسل كانوا يقدموا الشكر لله باستمرار. من هنا فإن الشكر ثقافة إيمانية تهذب أخلاق وطباع الإنسان وتعلمه المحبة والتواضع والعرفان بالجميل.
+ الشكر لله على قيادته الحكيمة... الله يقودنا دائما في موكب نصرته فنشكره علي رعايته لنا { وَلَكِنْ شُكْراً لِلَّهِ الَّذِي يَقُودُنَا فِي مَوْكِبِ نُصْرَتِهِ فِي الْمَسِيحِ كُلَّ حِينٍ، وَيُظْهِرُ بِنَا رَائِحَةَ مَعْرِفَتِهِ فِي كُلِّ مَكَانٍ.لأَنَّنَا رَائِحَةُ الْمَسِيحِ الذَّكِيَّةِ لِلَّهِ فِي الَّذِينَ يَخْلُصُونَ وَفِي الَّذِينَ يَهْلِكُونَ. لِهَؤُلاَءِ رَائِحَةُ مَوْتٍ لِمَوْتٍ، وَلأُولَئِكَ رَائِحَةُ حَيَاةٍ لِحَيَاةٍ. } (2 كو 14:2-16). مع القديس بولس نختبر قيادته الله لنا كخدام ومؤمنين فى الكنيسة كجماعة يقودها الرب وينصرها علي كل حروب إبليس ومؤامرات الناس الأشرار. الله يظهر بنا رائحته الزكية التي تنتشر بسرعة بينا في الذين يخلصون وحتى في الذين لا يؤمنون. ويعلن القديس بولس الرسول أن بشارته تعرف السامعين بالمسيح المخلص وتنتشر بينهم برائحة زكية، سواء الذين يقبلون كلمة الحياة فينالون الخلاص والحياة الجديدة، أو الذين يرفضون فتدينهم كلمات التبشير وتصبح حكما عليهم فى يوم الدينونة.
+ الصلاة والشكر لله لأجل جميع الناس.. الهدف من الشكر خلال كل الأحداث هو قبول ملكوت الله و الإحساس بمحبة الله للجميع وللعيش كما يحق لإنجيل المسيح {فاطلب اول كل شيء ان تقام طلبات وصلوات وابتهالات وتشكرات لأجل جميع الناس} (1تي 2 : 1). القديس بولس يقدم الشكر لله ويطلب لنا روح الحكمة وتستنير أذهاننا { لذلك انا ايضا اذ قد سمعت بايمانكم بالرب يسوع ومحبتكم نحو جميع القديسين. لا ازال شاكرا لاجلكم ذاكرا إياكم في صلواتي. كي يعطيكم اله ربنا يسوع المسيح ابو المجد روح الحكمة والاعلان في معرفته. مستنيرة عيون أذهانكم لتعلموا ما هو رجاء دعوته وما هو غنى مجد ميراثه في القديسين. وما هي عظمة قدرته الفائقة نحونا نحن المؤمنين حسب عمل شدة قوته} (أفس 1: 15- 19). أما سفر الرؤيا فإنه يوسع آفاق الشكر والتسبيح ليكون عملنا فى الأبدية { بَعْدَ هَذَا نَظَرْتُ وَإِذَا جَمْعٌ كَثِيرٌ لَمْ يَسْتَطِعْ أَحَدٌ أَنْ يَعُدَّهُ، مِنْ كُلِّ الأُمَمِ وَالْقَبَائِلِ وَالشُّعُوبِ وَالأَلْسِنَةِ، وَاقِفُونَ أَمَامَ الْعَرْشِ وَأَمَامَ الْخَرُوفِ، مُتَسَرْبِلِينَ بِثِيَابٍ بِيضٍ وَفِي أَيْدِيهِمْ سَعَفُ النَّخْلِ وَهُمْ يَصْرُخُونَ بِصَوْتٍ عَظِيمٍ قَائِلِينَ: «الْخَلاَصُ لإِلَهِنَا الْجَالِسِ عَلَى الْعَرْشِ وَلِلْخَرُوفِ». وَجَمِيعُ الْمَلاَئِكَةِ كَانُوا وَاقِفِينَ حَوْلَ الْعَرْشِ وَالشُّيُوخِ وَالْحَيَوَانَاتِ الأَرْبَعَةِ، وَخَرُّوا أَمَامَ الْعَرْشِ عَلَى وُجُوهِهِمْ وَسَجَدُوا لِلَّهِ قَائِلِينَ: «آمِينَ! الْبَرَكَةُ وَالْمَجْدُ وَالْحِكْمَةُ وَالشُّكْرُ وَالْكَرَامَةُ وَالْقُدْرَةُ وَالْقُوَّةُ لإِلَهِنَا إِلَى أَبَدِ الآبِدِينَ. آمِينَ» وَأَجَابَ وَاحِدٌ مِنَ الشُّيُوخِ قَائِلاً لِي: «هَؤُلاَءِ الْمُتَسَرْبِلُونَ بِالثِّيَابِ الْبِيضِ، مَنْ هُمْ وَمِنْ أَيْنَ أَتُوا؟» فَقُلْتُ لَهُ: «يَا سَيِّدُ أَنْتَ تَعْلَمُ». فَقَالَ لِي: «هَؤُلاَءِ هُمُ الَّذِينَ أَتُوا مِنَ الضِّيقَةِ الْعَظِيمَةِ، وَقَدْ غَسَّلُوا ثِيَابَهُمْ وَبَيَّضُوا ثِيَابَهُمْ فِي دَمِ الْخَرُوفِ.} (رؤ 9:7-14).
+ الشكر في التجارب والضيقات ... الشكر فى التجارب وصية الكتاب وطريق سلكه قبلنا رب المجد الذى من أجل السرور الموضوع أمامه أحتمل حتى موت الصليب { اِحْسِبُوهُ كُلَّ فَرَحٍ يَا إِخْوَتِي حِينَمَا تَقَعُونَ فِي تَجَارِبَ مُتَنَّوِعَةٍ، عَالِمِينَ أَنَّ امْتِحَانَ إِيمَانِكُمْ يُنْشِئُ صَبْراً. وَأَمَّا الصَّبْرُ فَلْيَكُنْ لَهُ عَمَلٌ تَامٌّ، لِكَيْ تَكُونُوا تَامِّينَ وَكَامِلِينَ غَيْرَ نَاقِصِينَ فِي شَيْءٍ} ( يع 2:1-4). التجارب المتنوعة التي تحيط بالمؤمن هي شركة في آلام السيد المسيح ومن يشترك فى الألم والصليب يشترك معه فى المجد (2 كو 6: 9). علينا أن نقبل التجارب بكل فرح لاننا بها نشترك مع من احبنا فى ألامه. ونسلم له حياتنا ومنه نجد العزاء والصبر. سماح الله بالتجارب لا يعني أبداً عدم الرضا أو الغضب من الله وإلا فهل كان الله غاضباً على القديسة مريم والقديس بولس أو على الشهيد أبانوب؟!. الألم يكملنا وينقينا ويجملنا ويكللنا { بضيقات كثيرة ينبغى ان ندخل ملكوت الله} (أع 14: 22). قد يسمح الله بالضيقات لفائدتنا، بالضيقات نزهد فى محبة العالم. وفي الضيقات نرى يد الله فمن يحبه الرب يؤدبه (عب 12 : 6). وفي الضيقات نكتشف يد الله القوية التى تستطيع أن تخرجنا من الضيقة كما الفتية فى آتون النار ودانيال فى جب الأسود لهذا قال القديس الأنبا بولا " من يهرب من الضيقة يهرب من الله ". فعلينا أن لا نتذمر وسط التجربة بل نشكر عالمين أن كل ما يسمح به الله هو للخير و بنياننا وحتى نتزين بالفضائل وننال إكليلاً أبدياً، أما التذمر فهو يوقف ويعطل تعزيات الله التي بها نحتمل التجربة.
+ الشكر في حياة الرسل ... كان الرسل يواظبون مع المؤمنين على ليتورجية الشكر كجماعة بقلب واحد ويقدمون الشكر لله كل حين { كانوا يواظبون على تعليم الرسل والشركة وكسر الخبز والصلوات} (اع 2 : 42). وعندما سجنوهم وضربوهم للتبشير باسم المسيح رايناهم يمضوا فرحين { وَأَمَّا هُمْ فَذَهَبُوا فَرِحِينَ مِنْ أَمَامِ الْمَجْمَعِ لأَنَّهُمْ حُسِبُوا مُسْتَأْهِلِينَ أَنْ يُهَانُوا مِنْ أَجْلِ اسْمِهِ } (اع 5 : 41) وكانوا يواظبوا على الصلاة والتناول بفرح وشكر { وكانوا كل يوم يواظبون في الهيكل بنفس واحدة واذ هم يكسرون الخبز في البيوت كانوا يتناولون الطعام بابتهاج وبساطة قلب} (اع 2 : 46). والقديس بولس يقدم لنا مثالا لحياة الشكر لله { إِنِّي أَشْكُرُ اللهَ الَّذِي أَعْبُدُهُ مِنْ أَجْدَادِي بِضَمِيرٍ طَاهِرٍ}(2 تيم1: 3) ويوصينا ان نكون شاكرين الله كل حين ليحل سلام الله فى قلوبنا { ليملك في قلوبكم سلام الله الذي اليه دعيتم في جسد واحد وكونوا شاكرين }(كو 15:3). نقدم الشكر لله بروح الصلاة والحمد باسم الرب يسوع {وكل ما عملتم بقول او فعل فاعملوا الكل باسم الرب يسوع شاكرين الله والآب به} (كو 3 : 17).
معوقات حياة الشكر ..
+ حياة الإنسان بدون شكر تجعله يتبرم ويتذمر ويحي تعيس وعدم الشكر من ضمن علامات الأيام الأخيرة كما يعلمنا القديس بولس الرسول { وَلَكِنِ اعْلَمْ هَذَا أَنَّهُ فِي الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ سَتَأْتِي أَزْمِنَةٌ صَعْبَةٌ، لأَنَّ النَّاسَ يَكُونُونَ مُحِبِّينَ لأَنْفُسِهِمْ، مُحِبِّينَ لِلْمَالِ، مُتَعَظِّمِينَ، مُسْتَكْبِرِينَ، مُجَدِّفِينَ، غَيْرَ طَائِعِينَ لِوَالِدِيهِمْ، غَيْرَ شَاكِرِينَ، دَنِسِينَ، بِلاَ حُنُوٍّ، بِلاَ رِضىً، ثَالِبِينَ، عَدِيمِي النَّزَاهَةِ، شَرِسِينَ، غَيْرَ مُحِبِّينَ لِلصَّلاَحِ، خَائِنِينَ، مُقْتَحِمِينَ، مُتَصَلِّفِينَ، مُحِبِّينَ لِلَّذَّاتِ دُونَ مَحَبَّةٍ لِلَّهِ، لَهُمْ صُورَةُ التَّقْوَى وَلَكِنَّهُمْ مُنْكِرُونَ قُوَّتَهَا. فَأَعْرِضْ عَنْ هَؤُلاَءِ} (2تي 1:3-5). فمن لا يشكر هو جاهل وناكراً للجميل والتذمر خطية تبعدنا عن الله وتجعل الإنسان يعيش غربة قاتلة بين أهله وناسه، وهناك أسباب عدة تجعل الإنسان لا يشكر ومنها :-
+ التركيز على المتاعب .. هناك من يضع المصاعب التي تواجهه أمامه كل حين ويضخم المشاكل والضيقات ويجعلها تحاصره وتحزن قلبه ويعيش في قلق وحزن وتذمر. والتذمر قديما تسبب في غضب الله علي الشعب في سيناء وتسبب في موتهم وعدم دخولهم أرض الموعد، فالتذمر والعصيان يقودا الي الهلاك { وَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى وَهَارُونَ: «حَتَّى مَتَى أَغْفِرُ لِهَذِهِ الجَمَاعَةِ الشِّرِّيرَةِ المُتَذَمِّرَةِ عَليَّ؟ قَدْ سَمِعْتُ تَذَمُّرَ بَنِي إِسْرَائِيل الذِي يَتَذَمَّرُونَهُ عَليَّ.قُل لهُمْ: حَيٌّ أَنَا يَقُولُ الرَّبُّ لأَفْعَلنَّ بِكُمْ كَمَا تَكَلمْتُمْ فِي أُذُنَيَّ. فِي هَذَا القَفْرِ تَسْقُطُ جُثَثُكُمْ جَمِيعُ المَعْدُودِينَ مِنْكُمْ حَسَبَ عَدَدِكُمْ مِنِ ابْنِ عِشْرِينَ سَنَةً فَصَاعِداًالذِينَ تَذَمَّرُوا عَليَّ.} (عد 26:14-29). يجب ان نشكر الله ونقبل الحياة بحلوها ومرها وندع المرة تمر لكى لا تمرر حياتنا. وكما يقول القديس بولس الرسول {لان خفة ضيقتنا الوقتية تنشئ لنا أكثر فاكثر ثقل مجد ابديا }(2كو 4 : 17).
لنعيش فى حدود يومنا ونقدس الحاضر، الذى نملكه فالأمس قد ذهب بكل ما فيه والغد لا نملكه لأنه فى يد الله وحده. ولكننا أمام واجب هو تقديس الحاضر، لتقديس للحياة كلها وتكريسها لله. اليوم هو أجمل وأروع من الأمس والغد، لأننا نستطيع فيه القيام بالواجب الملقى علينا، ليتنا نفرح بكل ما في اليوم من خير ونقبل ما فيه بفرح من ضيقات، لئلا تتبدد طاقتنا بين التفكير فى الأمس والقلق على الغد. فلنشكر الله على نعمة الحياة ونعمل من أجل يوماً طيباً وغداً سيكون أفضل .
+ نسيان عمل الله وعدم الشعور بنعمته .. ونحن أحياناً لا نشكر لأننا ننسب الأشياء الحلوة في حياتنا، لغير الله، إذا نجحنا ننسب ذلك إلى ذكائنا و جهودنا. وتختفى معونة الله من عقولنا وكذلك إن شفينا ننسب ذلك إلى الأطباء. وإن وفقنا في عملنا، ننسب ذلك إلى قدراتنا وكفاءتنا. وبالتالي يختفي الله من أسباب أفراحنا، فلا نشكره على شيء. لكن علينا أن نذكر إحسانات الله ومراحمه الكثيرة علينا {احسانات الرب اذكر تسابيح الرب حسب كل ما كافانا به الرب والخير العظيم لبيت اسرائيل الذي كافأهم به حسب مراحمه وحسب كثرة احساناته }(اش 63 : 7).
احياناً لا نشعر بنعم الله علينا إلا إذا فقدناه أو حرمنا منه، فلا نشكر الله على وجود الوالدين ولا نشعر ببركاتهما إلا إذا توفي أحدهما. ولا نشكر على ما نحن فيه من صحة، ولا نعرف قيمتها إلا إذا مرضنا. لنعلم ان الله ليس محتاجاً إلي شكرنا ولكننا نحن نحتاج إلي ذلك، لاننا بالشكر نتذكر احسانات الله الينا ومحبته لنا فتزداد رابطتنا به عمقاً ونحبه ويزيد نعمته علينا.
+ الأنانية والتعود على الأخذ ..
هناك من لا يفكر إلا في ذاته، فإن أخذ لا يفكر في اليد التي أعطته. كإنسان جائع، يوضع أمامه طعام، فيأخذ في التهامه، دون أن يفكر فيمن قدمه له، أو في شكره على ذلك. الانانى ينشغل فقط بذاته دون أن يتطلع إلى وجه المعطي. بينما الرب يسوع المسيح يعلمنا بأن الغبطة في العطاء لا في الأخذ { في كل شيء اريتكم انه هكذا ينبغي أنكم تتعبون وتعضدون الضعفاء متذكرين كلمات الرب يسوع انه قال مغبوط هو العطاء أكثر من الأخذ }(أع 20 : 35). يجب ان نعود انفسنا وابنائنا أن نشكر غيرنا على كل أمر يعملوه من أجلنا مهما كان ضيئلاً ثم بعد ذلك نشكرك الله لأنه يرسل لنا من يساعدنا، ويمنحهم القدرة على خدمتنا. إن كل خير نعيش فيه هو عطية من الله، الحياة والصحة، والعمل والمال. كل عطايا الله تستوجب الشكر واحياناً لا نشكر، لأننا نظن أن الأمر أصغر من أن نشكر عليه. لكن أحد الاباء يقول "الذي لا يشكر على القليل، كاذب هو إن قال إنه يشكر على الكثير كما أن الأمين في القليل أمين في الكثير".
+ عدم إدراك حكمة الله... أمور كثيرة تمر بنا، ولا نشكر عليها، بل على العكس قد نتضايق منها، أو نتذمر بسببها. وكل ذلك لا ندرك حكمة الله فيه. ولو أدركناها لشكرنا الله كثيراً {نشكر الله الشكر الجزيل على أنه خلصنا من أخطار جسيمة}(2 مكا 1: 11). قد لا نشكر على ما أعطانا الله، لأننا نرى أن غيرنا عنده أكثر منا، أو ما هو أفضل أو لأن غيرنا أخذ مثلنا ونظن انه لا يستحق. وهذا خطأ ينم عن عدم محبة وكبرياء داخل النفس يجب أن نتخلص منها.
+ الطمع والتذمر والبعد عن الله ... هناك أناس يعيشون في الخطية، وليست لهم صلة بالله، ولا يعترفون بفضله عليهم. إنما كل همهم هو متعة العالم. وكما قال الكتاب { كل الأنهار تجرى إلى البحر. والبحر ليس بملآن}(جا 1: 7). ان لم يتعود الإنسان حياة القناعة فمن الصعب عليه أن يصل إلى حياة الشكر. كما ان البعد عن الله يبعد الانسان عن ان يشكره لأنه لا علاقة له بالله إطلاقا، فلا شكر، ولا صلاة، ولا قراءة كتاب، ولا حضور اجتماعات روحية، ولا شركة مع الله في شيء. ويحتاج هؤلاء إلى التوبة وأن يدخلوا الله في حياتهم ويقدموا له الشكر الدائم.
إلهي أشكرك ...
+ يا الله الآب محب البشر الصالح، الذي خلقنا ووضعنا فى فردوس النعيم وعندما خالفنا وصيتك، سقطنا من الحياة الأبدية ونفينا من الفردوس فلم تتركنا بل تعهدتنا بنعمة الضمير وأرسلت لنا الأنبياء بل وتجسدت وأتيت الينا علي الأرض لتخدم خلاصنا و تهبنا الحياة الأفضل وتردنا إلى السماء، كراعي صالح تريد أن تجمعنا تحت قيادتك الحكيمة وتسترد الضال وتجبر الكسير وتعصب الجريح وتفرح المحزون وتكسونا بثوب برك، إلهي أشكرك وتشكرك ملائكتك و خليقتك جميعها لاني عاجز عن القيام بحمدك كما يستحق حبك.
+ نشكرك يارب علي احساناتك المتجددة في كل صباح وعلى محبتك الأبوية ورعايتك القوية ونعمتك الغنية . نشكرك حين تمنح ونشكرك حين تمنع أو تؤجل أو تبدل فأنت تعرف ما هو خير وصالح لنا. ونحن نقبل بشكر وعرفان جزيل رعايتك لنا فى السعة والضيق، أنت لنا نعم الأب والراعي والرفيق. في الضيقات نرى يدك الحنون تسند وتقوى، في ضعفنا وخطايانا أنت تعود وترحم، نشكرك كل حين علي كل شئ.
+ أعطنا نعمة الأحساس بمحبتك يارب ولا تتركنا أو تتخلى عنا من أجل دنس خطايانا. ربي أن نسيناك فلا تنسانا. أن كنا غير أمناء تبقي أنت أمين مع شعبك وكنيستك. تنظر بعين الرحمة المحبة الى عالمك المريض والمحتاج إلى المحبة الحقيقية وتعالج جهلنا بأدويتك الشافية، وتقودنا بحكمتك إلى طريق الخلاص لنهتف {عظم الرب العمل معنا وصرنا فرحين} (مز 126 : 3)، أمين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق