للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
السيد المسيح وحياة النصرة ...
+ قدم لنا السيد المسيح في تجسده الصورة المثالية لحياة الغلبة والانتصار في الجهاد الروحي فقد انتصر السيد المسيح في حربه مع الشيطان، كما في التجربة على الجبل (مت 4) وانتصر بالمنطق وقوة الحجة في كل حواراته مع الكتبة والفريسيين وكل قيادات اليهود (مت 21-23). وانتصر على الصليب وأظهر قوة المحبة الغافرة حتى للصالبين وقدم لنا الخلاص الثمين وداس على الموت بموته (عب 2: 14، 15). وانتصر على الموت بقيامته. وانتصر على العالم وشروره ووعدنا أنه كما غلب العالم فإنه يعطينا الغلبة { ثقوا أنا قد غلبت العالم} (يو 16: 33) وقيل عن انتصاراته {هوذا قد غلب الأسد الذي من سبط يهوذا} (رؤ 5: 5). وصعد الى السماء وأصعد طبيعتنا معه وقد رسم لنا سر النصرة وطريق الخلاص كما منح المؤمنين حياة النصرة والغلبة أن تمسكنا بالإيمان المستقيم وجاهدنا الجهاد الحسن وهو يطمئننا قائلا {لا تخف لاني معك لا تتلفت لاني الهك قد أيدتك واعنتك وعضدتك بيمين بري} (اش 41 : 10). وكما انتصر السيد المسيح فى حياته وحقق الهدف من تجسده وأكمل لنا تدبير الخلاص فقد وعدنا بأنه سيكون معنا كل الأيام { ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 : 20). وأن أردنا أن ننتصر، علينا أن نلتصق بالمسيح، ونطلبه أن يحارب عنا وناخذ منه القوة التي بها نغلب العالم. ونقول مع بولس الرسول {أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني }(في 4 : 13) وما دامت الحرب للرب، إذن هو الذي يحارب عنا وينتصر وليس نحن. يجب إذن أن نسلمه قيادة المعركة في جهادنا الروحي ونطلب من الرب أن يدربنا وينصرنا ويقوينا .
أسلحة النصرة في الحرب الروحية...
+ الشيطان وقواته وأعوانه هم أعدائنا الروحيين وخصمنا، وكما تجسد السيد المسيح وغلب الشيطان والموت{ فاذ قد تشارك الاولاد في اللحم والدم اشترك هو ايضا كذلك فيهما لكي يبيد بالموت ذاك الذي له سلطان الموت اي ابليس} (عب 2 : 14). فهو يريد لنا أن نجاهد وننتصر باسلحة الحرب الروحية { البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس} (أف 6 : 11). من يريد أن يجاهد وينتصر عليه أن يبتعد عن الخطية والشر، لان من يفعل الخطية يقوى عليه إبليس {مَنْ يَفْعَلُ الْخَطِيَّةَ فَهُوَ مِنْ إِبْلِيسَ، لأَنَّ إِبْلِيسَ مِنَ الْبَدْءِ يُخْطِئُ. لأَجْلِ هَذَا أُظْهِرَ ابْنُ اللهِ لِكَيْ يَنْقُضَ أَعْمَالَ إِبْلِيسَ }(1 يو 3 : 8). وكما ان الجنود في المعارك يجب أن يحملوا الاسلحة ويتدربوا علي النصرة، نحن نتسلح باسلحة الحرب الروحية لكي ننال الغلبة والنصرة ونخلع أعمال الظلمة ونلبس أسلحة النور { قد تناهى الليل وتقارب النهار فلنخلع اعمال الظلمة ونلبس اسلحة النور} (رو 13 : 12).
+ أننا نواجه أنواع من الحروب منها ما يأتي إلينا من الداخل كحروب الفكر والحواس والقلب والميول والشهوات الخاطئة ومنها الحروب الخارجية سواء من الشيطان أو ما له من أعوان الشر، أو أغراءات العالم أو محبة المال والاتساع. وعلينا أن نطلب من الله الحكمة والمعرفة والنعمة والقوة وأن يقودنا فى موكب نصرته. وفي حروبنا ومواجهتنا لتجارب إبليس لا نعتمد على ذواتنا وقوتنا، وذكائنا فقط لأن العدو أكثر قوة وخبرة وحيل. والرب نفسه قال { بدوني لا تقدرون أن تعملوا شيئًا} (يو 15: 5). علينا أن نثق في الله ونطلب معونته ونصرته كقائد نصرتنا ومنه ننال الحكمة والنصرة ويكون لدينا الإفراز وروح الله يقودنا ويرشدنا وللرب الحرب ومنه النصرة وكما قال القديس بولس الرسول {يعظم انتصارنا بالذي أحبنا} (رو 8: 37).
أسلحتنا النصرة في الجهاد الروحي... الصلاة بتواضع قلب والصوم والسهر واليقظة الروحية والانقياد لروح الله القدوس والتوبة والاعتراف والتناول من الأسرار المقدسة واستخدام كلمة الله كسلاح للرد على حروب الشيطان وترس الإيمان المستقيم والعمل بأمانة وإخلاص والالتصاق بكل وسائط النعمة من صلاة وقراءات روحية وتأملات وتداريب لمحاسبة النفس، والاجتماعات الروحية. هذه كلها توقد الحرارة في قلوبنا، وتعمق محبتنا لله، وتمنحنا قوة للانتصار. أما إن بعدنا عن هذه الوسائط الروحية، فما أسهل أن نضعف، ويجد العدو مدخلًا له فينا. يكلمنا القديس بولس الرسول عن الحروب الروحية وأسلحة النصرة{ الْبَسُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تَثْبُتُوا ضِدَّ مَكَايِدِ إِبْلِيسَ. فَإِنَّ مُصَارَعَتَنَا لَيْسَتْ مَعَ دَمٍ وَلَحْمٍ، بَلْ مَعَ الرُّؤَسَاءِ، مَعَ السَّلاَطِينِ، مَعَ وُلاَةِ الْعَالَمِ، عَلَى ظُلْمَةِ هَذَا الدَّهْرِ، مَعَ أَجْنَادِ الشَّرِّ الرُّوحِيَّةِ فِي السَّمَاوِيَّاتِ. مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ احْمِلُوا سِلاَحَ اللهِ الْكَامِلَ لِكَيْ تَقْدِرُوا أَنْ تُقَاوِمُوا فِي الْيَوْمِ الشِّرِّيرِ، وَبَعْدَ أَنْ تُتَمِّمُوا كُلَّ شَيْءٍ أَنْ تَثْبُتُوا. فَاثْبُتُوا مُمَنْطِقِينَ أَحْقَاءَكُمْ بِالْحَقِّ، وَلاَبِسِينَ دِرْعَ الْبِرِّ، وَحَاذِينَ أَرْجُلَكُمْ بِاسْتِعْدَادِ إِنْجِيلِ السَّلاَمِ. حَامِلِينَ فَوْقَ الْكُلِّ تُرْسَ الإِيمَانِ، الَّذِي بِهِ تَقْدِرُونَ أَنْ تُطْفِئُوا جَمِيعَ سِهَامِ الشِّرِّيرِ الْمُلْتَهِبَةِ. وَخُذُوا خُوذَةَ الْخَلاَصِ، وَسَيْفَ الرُّوحِ الَّذِي هُوَ كَلِمَةُ اللهِ. مُصَلِّينَ بِكُلِّ صَلاَةٍ وَطِلْبَةٍ كُلَّ وَقْتٍ فِي الرُّوحِ، وَسَاهِرِينَ لِهَذَا بِعَيْنِهِ بِكُلِّ مُواظَبَةٍ وَطِلْبَةٍ، لأَجْلِ جَمِيعِ الْقِدِّيسِينَ} ( أف 11:6-18). فهناك أسلحة ضرورية للنصرة، يجب أن نستخدمها في الوقت المناسب، فيهرب إبليس وكل أفكاره الشريرة .
+ شركة الروح القدس والانقياد بالروح.. بسر بالعماد نجحد إبليس وكل أعماله الشريرة ونولد من الروح القدس وننمو ونتقوى في الروح { اما تعلمون انكم هيكل الله وروح الله يسكن فيكم} (1كو 16:3). روح الله القدوس يشترك فى العمل مع المؤمن متى استجاب له ويبكته الروح على الخطية فيتوب عنها ثم يحثه على عمل البر والخير والصلاة لنصبح حارين في الروح (رو 11:12) وبهذا تكون حياتنا الروحية ملتهبه بعمل روح الله فينا فى الصلاة والخدمة والعمل لمجد الله وكلما ينمو الانسان فى النعمة ويطلب قيادة الروح القدس له يمتلئ بالروح (أف 18:5) ولا يكون لأعمال الجسد مكان فينا { وأعمال الجسد ظاهرة التي هي زنى عهارة نجاسة دعارة. عبادة الاوثان سحر عداوة خصام غيرة سخط تحزب شقاق بدعة. حسد قتل سكر بطر وامثال هذه التي اسبق فاقول لكم عنها كما سبقت فقلت ايضا ان الذين يفعلون مثل هذه لا يرثون ملكوت الله. وأما ثمر الروح فهو محبة فرح سلام طول اناة لطف صلاح ايمان. وداعة تعفف ضد امثال هذه ليس ناموس. ولكن الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات. ان كنا نعيش بالروح فلنسلك أيضا بحسب الروح} (غل 19:5-25). الروح القدس يعزى المؤمن فى الضيق و يشبعه ويرويه ويجعله موصل جيد لنعمة الله وهكذا أمر السيد المسيح تلاميذه أن لا يخدموا دون أن تحل نعمة الروح القدس عليهم. المسيحي مطالب أن يسير ويحيا بالروح، لا حسب الأهواء والشهوات الجسدية {الذين هم للمسيح قد صلبوا الجسد مع الأهواء والشهوات}(غل 5 : 24). إن علاج الخطيئة هو محبة الله والشركة معه فعندما ننجذب لله ونتحد به بالأسرار والمحبة تتقدس أجسادنا وتعود لنا الصورة الإلهية للإنسان المخلوق على صورة خالقه في القداسة والبر.
+ الإيمان والتواضع مع الصلوات السهمية... يقول القديس بولس الرسول {حاملين فوق الكل ترس الإيمان الذي به تقدرون أن تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة}(أف 6: 16). الإيمان هو الذي يطفئ سهام إبليس ويمنعنا من الوقوع في الخطية، ويثبتنا في جهادنا الروحي . بالإيمان نثق أن السماء تراقب جهادنا، وملائكة وقديسون كثيرون يشفعون فينا؟ نؤمن الله بقوة الله التي تعين المتواضعين والضعفاء { فقال لي تكفيك نعمتي لان قوتي في الضعف تكمل فبكل سرور افتخر بالحري في ضعفاتي لكي تحل علي قوة المسيح} (2كو 12 : 9). علينا أن نبتعد عن الكبرياء ونعلم أننا بدون نعمة الله لا نستطيع أن ننتصر علي حيل إبليس وحروبه {قبل الكسر الكبرياء وقبل السقوط تشامخ الروح } (ام 16 : 18){ تسربلوا بالتواضع لان الله يقاوم المستكبرين وأما المتواضعون فيعطيهم نعمة} (1بط 5 : 5).
+ والصلوات السهمية هي صلوات سريعة جدًا، كسرعة "السهم" يصليها المؤمن فى كل وقت كصلاة يسوع " يارب يسوع المسيح أبن الله الحي، ارحمني أنا الخاطي" أسم يسوع المسيح ربنا قوة عظيمة {وليس باحد غيره الخلاص لان ليس اسم آخر تحت السماء قد أعطي بين الناس به ينبغي أن نخلص }(اع 4 : 12). الصلوات السهمية هي سهام ضد إبليس وأفكاره وعندما يأتي العدو بهجوم مفاجيء نرُد عليه بصلاة لطلب المعونة والقوة والنصرة { أستطيع كل شيء في المسيح الذي يقويني} (في 4 : 13).
المحبة والرجاء... { المحبة تحتمل كل شيء وترجو كل شيء وتصبر على كل شيء} (1 كو 13: 7). فأي أفكار خاصة بالغضب والحقد والضغينة لو قابلناها بالمحبة تنتهي وتنهزم فالذي يحب الآخرين ويحب الأعداء لا يغضب ولا يحقد و يحيا في سلام . وكما يقول القديس بولس الرسول { وأما نحن الذين من نهار، فلنصح لابسين درع الإيمان والمحبة وخوذة رجاء الخلاص} (1 تس 5: 8). الخوذة هي التي تحمي الرأس وعلينا في التجارب أن نحمي رأسنا برجاء الأمور الصالحة المقبلة.
كلمة الله والصبر .... كلمة الله قوية جدًا وفعالة في محاربة الأرواح الشريرة، لذلك استخدمها رب المجد في تجربة الشيطان لأنها { أمضى من كل سيف ذي حدين، وخارقة إلى مفرق النفس والروح والمفاصل والمخاخ، ومميزة أفكار القلب ونياته} (عب 4: 12). كما نحن نحتاج إلى الصبر في الحرب الروحية، فالمجاهد الصبور يصبر إلى أن تمر التجربة {لأنكم تحتاجون إلى الصبر، إذا صنعتم مشيئة الله تنالون الموعد} (عب 10: 36). نقاوم كل شهوة وكل رغبة خاطئة. كما قال الرسول {قاوموا إبليس فيهرب منكم} (يع 4: 7) إن مقاومتنا تدل على رفضنا للخطية وبالتواضع نستحق معونة النعمة.
وعود الله وتشجيعه للمجاهدين ... أن وعود الله للغالبين تهبنا قوة روحية في جهادنا الروحي. وعده بوجوده معنا وعونه لنا ونصرته الأكيدة والاكاليل المعدة للمنتصرين تجعلنا نجاهد على يقين { الفرس معد ليوم الحرب أما النصرة فمن الرب} (ام 21 : 31) . علينا أن نعيش في محبة الله، و نقاوم ونجاهد ونستعين في جهادنا بالصبر والثبات فى كلمة الله ونثق أننا كلما نلنا خبرة في حروبنا الروحية، سوف نزداد قوة وإيمان وننتصر وننال الغلبة بربنا يسوع المسيح.
ونتعلم من سير القديسين وكيف انتصروا وساروا في الطريق الروحي {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7).
نقاوة القلب والجهاد الروحي.. انتصار الانسان على الخطية او الانانية او الشيطان لابد أن ينبع من الداخل بالنوبة القلبية مع تجديد القلب والسعي للوصول إلى نقاوة القلب ليحل الله بالإيمان فيه لأنه من فضلة القلب يتكلم الفم { الانسان الصالح من كنز قلبه الصالح يخرج الصلاح والإنسان الشرير من كنز قلبه الشرير يخرج الشر فانه من فضلة القلب يتكلم فمه}(لو 6 : 45). القلب يتنقي بالتوبة والصلاة وتواضع القلب، نعمل على اصلاح القلب ولا نقسى قلوبنا ونستمع لصوت الرب { إذ قيل اليوم ان سمعتم صوته فلا تقسوا قلوبكم كما في الاسخاط} (عب 3 : 15). نصلى ليكون القلب مسكناً لله بالمحبة لله { ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم} (أف 3 : 17). ان اقتناعنا بالاهتمام بنقاوة القلب وأهمية خلاص أنفسنا وسعينا في طرق الجهاد يملأ قلوبنا بنعمة وثمار الروح القدس التى نحتاجها من محبة وسلام وفرح وإيمان ولطف وعفة وطول أناة وصبر فتكون صلواتنا مشاعر صادقة وقلوبنا طاهرة ومسكناً لله .
تقوية الارادة ... الارادة هى قوة النزوع والرغبة للعمل وفقا لقيم الفرد أو تصوراته وأهدافه. والإنسان مسئول عن سلوكه وافعاله أمام الله والناس والارادة السليمة تحتاج الى سلامة الجسد والنفس والروح. البعد عن الشهوات يقوي أرادتنا، سواء شهوة الجسد او المال او المناصب او الانتقام . وكما تضعف الارادة ان لم يضبط الإنسان ذاته وشهواته ويطردها من القلب قبل أن تتملك فيه كذلك تقوي الإرادة بضبط النفس والتغصب وعلينا أن نتجنب الصداقات الخاطئة التي تؤثر على الإرادة { لا تضلوا فإن المعاشرات الردية تفسد الأخلاق الجيدة} (1 كو 15 : 33). ونعاشر الاصدقاء الروحيين ونبني أنفسنا على ايماننا الاقدس فالله يريد خلاصنا { الله يريد أن جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون} (1تي 2 : 4). ان اردت ان تحيا قوى الإرادة فاعمل على أن تكون مسيطراً على ذاتك ضابطا لنفسك فتحيا لا كقصبة تحركها الريح كيفما تشاء ولكن كالجبل لا تهزه الاحداث ولا تؤثر فيه الشرور المحيطة به.
+ القراءات الروحية .. نحتاج لانارة العقل بسير القديسين وأقوال الاباء الذين ساروا فى الطريق قبلنا وتجربوا وانتصروا وتركوا لنا خبرتهم لنتعلم منها. القراءات الروحية تجمع العقل من تشتّته، وتحفظه من الطياشة وترفعه إلى عالم الروح، وتفتح أمامه أبواب الإلهيّات ليذوق ما أطيب الربّ. فهي كسلاح للعفّة وطرد الأفكار النجسة، وكسلاح لطرد الغضب وتسكين النفس.القراءات الجيدة يدخل الإنسان إلى حرارة النفس. فالنفس التي بردت حرارتها الروحيّة لانشغالها بالمادّيّات، أو احتكاكها بالخطيئة، تشعلها القراءة بحرارة حبّ الله وقدّيسيه، والرغبة في محاكاة ما نقرأ من سير وفضائل عالية، ولقد قال القدّيس أمبروسيوس " لتكن قراءتنا الروحيّة غذائنا اليوميّ، ولتكن بتأمّل، محاولين تطبيقها. ولنجاهد، على الأخصّ، بتطبيق الفضيلة التي توبّخنا مطالعتنا لها". الذي يقرأ عن وصايا الله وشرائعه والفضائل في تنوّع صورها، يجد في القراءة مرآة سليمة ينظر فيها إلى نفسه، أو يجد فيها ميزانًا يزن به شخصيّته وأعماله. وبهذا تكون القراءة مادّة لمحاسبة النفس، إذ يحاسب الإنسان نفسه مفتّشًا فيها ليرى هل توجد فيها تلك الفضائل التي قرأ عنها، أم هي محرومة منها بعيدة عنها. وكلّما قرأ الإنسان سير القدّيسين، ونظر إلى المستويات العالية التي ارتقوا إليها في تعب وجهاد ومثابرة وصبر، يرى أنّه مجرّد مبتدئ في الطريق لم يخطُ فيه بعد أيّة خطوة ذات قيمة، وهكذا تقتاده القراءة إلى التواضع الحقيقيّ المبني على معرفة سليمة للنفس. وكلّما تزداد قراءته يزداد اتّضاعه ويتولد لدينا غيرة مقدّسة للاقتداء بالقديسين. والقراءة الروحيّة هي مادّة للصلاة.
+ أمثلة لحياة النصرة ... يقدم لنا الكتاب المقدس وحياة القديسين أمثلة للجهاد الروحي والنصرة في الحروب الروحية. لقد انتصر إبراهيم أبو الأباء في طاعته لله على مشاعر الالتصاق بالأقارب والوطن وتغرب فى طاعة لله حينما قال له الله { اذهب من أرضك ومن عشيرتك ومن بيت أبيك إلى الأرض التي أريك} (تك 12: 1). فأطاع {وخرج وهو لا يعلم إلى أين يذهب} (عب 11: 8). وانتصر وأطاع الله فى إيمان وقدم أبنه علي مذبح المحبة لله {إذ حسب أن الله قادر على الإقامة من الأموات}(عب 11: 17 – 19). انتصر على مشاعر الأبوة وانتصر على حب المال والمقتنيات حين رفض أن يأخذ شئ مما استرده في المعركة مع أهل الشمال لرد سبي لوط ومن معه وعاش حياة مقدسة ترضي الله.
+ كما عاش القديس الأنبا أنطونيوس حياة الطاعة والصلاة والاستماع لصوت الله وسار في طريق الكمال المسيحي ووزع كل ماله على الفقراء وتفرغ للعبادة والصلاة ومحبة الله عندما أطاع الكتاب { قال له يسوع ان اردت ان تكون كاملا فاذهب وبع املاكك واعط الفقراء فيكون لك كنز في السماء وتعال اتبعني} (مت 19 : 21). أنتصر على محبة المال، ووزع كل أمواله على الفقراء. وانتصر في حروب الشكوك وفي كل المخاوف التي وضعها الشيطان في طريقه. وانتصر باحتمال الوحدة والنسك وفي بقائه في البرية بلا مرشد أو أنيس لسنين. وانتصر أيضًا في قيادته لكثيرين في هذا الطريق الملائكى، حتى أصبح نورًا للعالم.
يقودنا فى موكب نصرته ...
* أيها الآب القدوس مخلصنا الصالح الذين منحنا السلطان أن ندوس على كل قوات العدو.لا تدع موت الخطية يقوى علينا ولا علي كل شعبك بل هبنا حياة الكمال المسيحي الذى يرضيك أمامك وعلمنا أن نصلي كل حين وأن نحيا بك واثقين وفي محبتك نكون في الإيمان نامين مثمرين وبنعمتك نحيا علي رجاء القيامة فرحين شاكرين محبتك التي تؤهلنا لميراث القديسين في النور.
* أيها الرب يسوع المسيح الهنا وقائد نصرتنا اليك نصلي أن تقودنا فى موكب نصرتك، علمنا وأرشدنا فى الطريق وكن لنا مرشداً ومنقذا في الضيق . علما أن نسهر لخلاص نفوسنا ونجاتنا من طوفان بحر هذا العالم الزائل . وبالصلاة والصوم نتحصن ضد هجمات العدو. أعطنا يقظة روحية لنجاهد الجهاد الحسن وتسندنا نعمتك.
* أيها الروح القدس المعزي الذي أعان وأرشد وقاد آبائنا القديسين وأعانهم ليكملوا جهادهم أعنا بصلواتهم لنتذكر جهادهم وصبرهم ونتمثل بإيمانهم ونقتدي بسيرتهم ونحيا كحياتهم. أعطنا يا روح الله من مواهبك وثمارك وعلمنا أن نسير في طريق الكمال كما سار ابائنا القديسين ونجاهد الجهاد الحسن ونتعلم من فضائل القديسين ونسير على أثر خطاهم لنكون معهم وارثين ملكوتك السماوى، أمين
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق