نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

السبت، 26 سبتمبر 2020

تأملات في عيد الصليب المجيد -1- الإيمان بمحبة الله المعلنة للبشر


للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

الصليب عبر التاريخ ..

  كان الصليب في العصور القديمة وسيلة يعدم عليها كبار المجرمين حتى يظهر للناس مقدار خطيتهم أو خيانتهم. رأينا ذلك فى الفكر القديم لدى المصريين عندما صلب عليه فرعون الخباز الخائن{ في ثلاثة ايام ايضا يرفع فرعون راسك عنك ويعلقك على خشبة وتأكل الطيور لحمك عنك }(تك  40 :  19). وكان الصليب وسيلة أعدام فى فارس وبابل ومادي وهذا ما جاء عن صلب هامان الخائن فى قصر الملك { فقال حربونا واحد من الخصيان الذين بين يدي الملك هوذا الخشبة ايضا التي عملها هامان لمردخاي الذي تكلم بالخير نحو الملك قائمة في بيت هامان ارتفاعها خمسون ذراعا فقال الملك اصلبوه عليها. فصلبوا هامان على الخشبة التي اعدها لمردخاي ثم سكن غضب الملك (اس  7 : 9- 10) وكان الرومان يصلبوا عليه المتمردين من الأمم ليردعوا البقية حتى لا يقوموا بالثورة عليهم. ففى ثورات اليهود قديما علي الرومان وفي حصار أورشليم من قبل الرومان أعدموا منهم الكثيرين علي  الصليب كوسيلة لردع الثوار . وفى الثقافة اليهودية كان الصلب علامة لعنة { وإذا كان على انسان خطية حقها الموت فقتل وعلقته على خشبة. فلا تبت جثته على الخشبة بل تدفنه في ذلك اليوم لان المعلق ملعون من الله فلا تنجس ارضك التي يعطيك الرب الهك نصيبا){ تث 22:21-23). فلماذا قبل السيد المسيح الصليب وصلب لأجل خلاصنا؟. لقد حمل السيد المسيح عقاب خطايانا علي الصليب ليبين لنا مدى محبته ويخلصنا من عقوبة الخطية وهي الموت ولكي يجمع أبناء الله المتفرقين ويخلصهم ويفدينا من الموت واللعنة ويحمل عقاب خطايانا ويموت عوضا عنا ويهبنا حياة أبدية .

محبة الله للبشر المعلنة بالصليب..

+ الصليب هو شعار المسيحية وعلمها وفخرها و البرهان الأكيد على محبة الله الغافرة ورحمته المعلنة نحو البشر. فمن صلاح الله ومحبته ورحمته بذل أبنه الوحيد لخلاص البشر {لأَنَّهُ هَكَذَا أَحَبَّ اللَّهُ الْعَالَمَ حَتَّى بَذَلَ ابْنَهُ الْوَحِيدَ، لِكَيْ لاَ يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ، بَلْ تَكُونُ لَهُ الْحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ. لأَنَّهُ لَمْ يُرْسِلِ اللَّهُ ابْنَهُ إِلَى الْعَالَمِ لِيَدِينَ الْعَالَمَ، بَلْ لِيَخْلُصَ بِهِ الْعَالَمُ.} (يو 16:3-17). لأنه ما من أحد يقدم ذاته لحكم الموت بسهوله طائعا من أجل صديقه، ولا من أجل إنسانٍ بارٍ. ولكن الله بين محبته لنا أذ ونحن بعد خطاة مات المسيح من أجلنا وهذا المعنى قد أوضحه بولس فقال: { فإنه بالجهد يموت أحد لأجل بارٍ، ربما لأجل الصالح يجسر أحد أيضًا أن يموت، ولكن الله بيَّن محبته لنا، لأنه ونحن بعد خطاة مات المسيح لأجلنا } (رو 5: 7، 8). على الصليب قدم السيد المسيح الخلاص علانية أمام العالم كله كقول النبي { قد شمر الرب عن ذراع قدسه أمام عيون كل الأمم، فترى كل أطراف الأرض خلاص إلهنا} (إش 52: 10)

+ الإيمان بالمسيح والصليب والخلاص ...

 الإيمان بالمسيح وصليبه هو طريقنا للخلاص من الخطية والشيطان والموت. ورغم عثرة غير المؤمنين في الصليب لأنهم يروا أن الصلب علامة ضعف أو عقوبة قاسية للأثمة فكيف للمسيح أن يقبل بالصليب؟!. لكن الصليب يعلن حقاً قوة خلاص المسيح وقبوله الموت ليخلص من قد هلك {فَإِنَّ كَلِمَةَ الصَّلِيبِ عِنْدَ الْهَالِكِينَ جَهَالَةٌ وَأَمَّا عِنْدَنَا نَحْنُ الْمُخَلَّصِينَ فَهِيَ قُوَّةُ آللهِ} (1كو 1: 18). فالصليب ليس حقيقة من حقائق الماضي فقط بل يمتد تأثيره الفعال ليصل لكل زمان، وطالما يوجد إنسان يعيش على الأرض ويؤمن بالله والخلاص المقدم علي الصليب ويحيا الإيمان العامل بالمحبة فإنه يخلص وينال الحياة الأبدية. لقد صرّح المسيح لتلاميذه في مناسبات عديدة، بأنّ عمله الخلاصي يستلزم موته وقيامته لفداء الجنس البشرية وأعلن ذلك في بدء خدمته العلنية وحتى نهايتها {  وَكَمَا رَفَعَ مُوسَى الحَيَّةَ فِي البَرِّيَّةِ هكَذَا يَنْبَغِي أَنْ يُرْفَعَ ابْنُ الإِنْسَانِ، لِكَيْ لَا يَهْلِكَ كُلُّ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ بَلْ تَكُونُ لَهُ الحَيَاةُ الأَبَدِيَّةُ }(يو 3: 14-15). قدم الرب لنا غاية نزوله من السماء، أن يرتفع على الصليب ليقدم الخلاص للبشرية. لقد رُمز للسيد المسيح لذاته بالحية النحاسية التي تحمل شكل الحية النارية القاتلة، لكنها لا تحمل سمها، بل شفت من سم الحيات في البرية كأمر الرب لموسي النبي { وَارْتَحَلُوا مِنْ جَبَلِ هُورٍ فِي طَرِيقِ بَحْرِ سُوفٍ لِيَدُورُوا بِأَرْضِ أَدُومَ فَضَاقَتْ نَفْسُ الشَّعْبِ فِي الطَّرِيقِ. وَتَكَلمَ الشَّعْبُ عَلى اللهِ وَعَلى مُوسَى قَائِلِينَ: «لِمَاذَا أَصْعَدْتُمَانَا مِنْ مِصْرَ لِنَمُوتَ فِي البَرِّيَّةِ! لأَنَّهُ لا خُبْزَ وَلا مَاءَ وَقَدْ كَرِهَتْ أَنْفُسُنَا الطَّعَامَ السَّخِيفَ». فَأَرْسَل الرَّبُّ عَلى الشَّعْبِ الحَيَّاتِ المُحْرِقَةَ فَلدَغَتِ الشَّعْبَ فَمَاتَ قَوْمٌ كَثِيرُونَ مِنْ إِسْرَائِيل. فَأَتَى الشَّعْبُ إِلى مُوسَى وَقَالُوا: «قَدْ أَخْطَأْنَا إِذْ تَكَلمْنَا عَلى الرَّبِّ وَعَليْكَ فَصَلِّ إِلى الرَّبِّ لِيَرْفَعَ عَنَّا الحَيَّاتِ». فَصَلى مُوسَى لأَجْلِ الشَّعْبِ. فَقَال الرَّبُّ لِمُوسَى: «اصْنَعْ لكَ حَيَّةً مُحْرِقَةً وَضَعْهَا عَلى رَايَةٍ فَكُلُّ مَنْ لُدِغَ وَنَظَرَ إِليْهَا يَحْيَا». فَصَنَعَ مُوسَى حَيَّةً مِنْ نُحَاسٍ وَوَضَعَهَا عَلى الرَّايَةِ فَكَانَ مَتَى لدَغَتْ حَيَّةٌ إِنْسَاناً وَنَظَرَ إِلى حَيَّةِ النُّحَاسِ يَحْيَا.}( عد 4:21-9).  علق موسي النبي حية نحاسية على الجبل لتشفي من ينظر إليها بإيمان من لدغات الحيات، وفي العهد الجديد فإن إيماننا بالمسيح مصلوبا لأجل خطايانا وقد قام لأجل تبريرنا يخلصنا من الموت  ووهبنا الحياة الأبدية، محبة الله هي العنصر الديناميكي الدائم الحركة لتمتع العالم بالخلاص. كما أكد الرب حقيقة موته علي الصليب لتلاميذه مراراً  { مِنْ ذلِكَ الوَقْتِ ابْتَدَأَ يَسُوعُ يُظْهِرُ لِتَلَامِيذِهِ أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَذْهَبَ إِلَى أُورُشَلِيمَ وَيَتَأَلَّمَ كَثِيراً مِنَ الشُّيُوخِ وَرُؤَسَاءِ الكَهَنَةِ وَالكَتَبَةِ، وَيُقْتَلَ، وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومَ } (متّى 16: 21). لقد تحدّث السيد المسيح علانيّة مع تلاميذه عن التزامه بحبّه الإلهي أن يذهب إلى أورشليم، ليقدم هناك ذاته كفصحٍ حقيقيٍ عن البشريّة كلها، فيهدم الخطيّة بمملكتها ويُقيم ملكوته بقيامته فنقوم فيه مقدّسين بدمه، أعضاء جسده المقدّس، أبناء الملكوت الجديد. لم يكن الصلب عمل قام به أعداء المسيح بدون علمه السابق أو بدون أرادته وهو القائل { لِهَذَا يُحِبُّنِي الآبُ، لأَنِّي أَضَعُ نَفْسِي لآخُذَهَا أَيْضاً. لَيْسَ أَحَدٌ يَأْخُذُهَا مِنِّي، بَلْ أَضَعُهَا أَنَا مِنْ ذَاتِي. لِي سُلْطَانٌ أَنْ أَضَعَهَا وَلِي سُلْطَانٌ أَنْ آخُذَهَا أَيْضاً.} ( يو 17:10-18) وقد أعلم تلاميذه بذلك {هَا نَحْنُ صَاعِدُونَ إِلَى أُورُشَلِيمَ، وَابْنُ الإِنْسَانِ يُسَلَّمُ إِلَى رُؤَسَاءِ الكَهَنَةِ وَالكَتَبَةِ، فَيَحْكُمُونَ عَلَيْهِ بِالمَوْتِ، وَيُسَلِّمُونَهُ إِلَى الأُمَمِ، فَيَهْزَأُونَ بِهِ وَيَجْلِدُونَهُ وَيَتْفُلُونَ عَلَيْهِ وَيَقْتُلُونَهُ، وَفِي اليَوْمِ الثَّالِثِ يَقُومُ } (مر10: 33-34). وبعد قيامة السيد المسيح أكد حقيقة قيامته لتلاميذه القديسين وانه قد تم فيه ما جاء في ناموس موسي والأنبياء والمزامير { وَقَالَ لَهُمْ: «هَذَا هُوَ الْكَلاَمُ الَّذِي كَلَّمْتُكُمْ بِهِ وَأَنَا بَعْدُ مَعَكُمْ: أَنَّهُ لاَ بُدَّ أَنْ يَتِمَّ جَمِيعُ مَا هُوَ مَكْتُوبٌ عَنِّي فِي نَامُوسِ مُوسَى وَالأَنْبِيَاءِ وَالْمَزَامِيرِ». حِينَئِذٍ فَتَحَ ذِهْنَهُمْ لِيَفْهَمُوا الْكُتُبَ. وَقَالَ لَهُمْ: «هَكَذَا هُوَ مَكْتُوبٌ، وَهَكَذَا كَانَ يَنْبَغِي أَنَّ الْمَسِيحَ يَتَأَلَّمُ وَيَقُومُ مِنَ الأَمْوَاتِ فِي الْيَوْمِ الثَّالِثِ، وَأَنْ يُكْرَزَ بِاسْمِهِ بِالتَّوْبَةِ وَمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا لِجَمِيعِ الأُمَمِ، مُبْتَدَأً مِنْ أُورُشَلِيمَ. وَأَنْتُمْ شُهُودٌ لِذَلِكَ} ( لو 44:24-48). لقد ظهر السيد المسيح القائم من الأموات في وسط تلاميذه، وقدم لهم نفسه خلال الحواس حتى يرفعهم بالإيمان إلى ما هو فوق الحواس، فتح أذهانهم ليدركوا ما كُتب عنه في الناموس والأنبياء، خاصة عن صلبه وقيامته ويتمتعوا بحقيقة قيامته وقوتها، ويدركون مفاهيم إنجيله ويختبروا ملكوته في داخلهم ليكرزوا بموته ويعلنوا قيامته بقوة الروح القدس ليضموا أعضاء جددًا في جسده المقدس القائم من الأموات.

+ يخبرنا القديس متّى البشير أنّه حين سلم يسوع المسيح الروح { أظلمت الشمس وانشقّ حجاب الهيكل إلى اثنين، من فوق إلى أسفل. والأرض تزلزلت، والقبور تفتّحت }(مت 27: 50-54). لقد حدثت ظواهر في الطبيعة، أثارت عناصرها. ونجم عن فعلها تأثير في النفس البشريّة، حتّى أنّ قائد المئة الرومانيّ الوثنيّ المكلّف بتنفيذ حكم الإعدام في المسيح ومَن معه، اندهشوا وآمنوا بالمصلوب. وقالوا: حقّاً كان هذا ابن الله لأنّ هذه الظاهرة الفريدة لم تحدث من قبل ولا من بعد عند موت إنسان.

+ لقد شهد الرسل لحقيقة صلب السيد المسيح فكلّ مَن يقرأ سفر أعمال الرسل ورسائلهم، يلاحظ أنّ التعاليم التي نشروها وبشّروا بها في كلّ العالَم قامت على المناداة بالمسيح مصلوباً من أجل خطايا العالَم بل وقدموا حياتهم في سبيل تمسكهم بإيمانهم بالمسيح وخلاصه والفداء الذي قدمه لنا علي الصليب. ومن بركات وثمار الصليب ننال الخلاص ونتعلم المحبة والغفران والتواضع  وننال الغفران والتطهير والقداسة والبر. بالصليب رفع الله البشرية من دائرة العصيان إلى الصفح والمصالحة، ومن الرفض إلى القبول والاختيار، ومن العبودية إلى البنوة والحياة الأبدية.

+ الصليب ليس حادثة عرضية فى حياة ربنا يسوع المسيح بل غاية سامية جاء وتجسد السيد المسيح من أجلها، ومنهج شمل حياته كلها جاعلًا من الصليب أعظم أعمال المحبة و طاعة للآب وبرهان حبه الأبدي للإنسان.  نقض السيد المسيح بالصليب ناموس الخطية وبَّرر الخطاة، وأنتصر على قوات الظلمة، وقتل العداوة، وجمع تحت لوائه شمل البعيدين والقريبين، كرعية مع القديسين وأهل بيت الله. وصار حمل الصليب من أجل يسوع المسيح المصلوب سعادة وقوة حب ومصدر راحة وسرور وافتخار، وكلما ازدادت الآلام من أجل شهادة يسوع ازدادت رؤية الصليب نورًا وازدادت الحياة قوة وعزاء، وارتفع الصليب من التاريخ لينغرس في أعماق الضمير ويشع  لنا من الصليب نور القيامة ومجد المسيح القائم من الموت منتصرا على الشيطان والخطية والموت لنهتف بفرح:  (السلام لك ايها الصليب).

تحت ظلال الصليب 
+ ايها الرب الاله الذى أحبنا وحبه خلاصنا من الموت بقوة التجسد والفداء على الصليب ، نشكرك على محبتك وخلاصك ونؤمن بابوتك وحنانك وفدائك المعلن لنا من خلال سر التجسد العجيب. ونعترف بقوة صليبك المعلنة لخلاصنا ونؤمن بقيامتك المجيدة التي هزمت الشيطان والخطية والموت ووهبتنا قوة النصرة والحياة الأبدية.

+ بالصليب نؤمن وبالمصلوب ننادى وبه نهزم قوى الشر والشيطان والعالم. وبدم المصلوب نحتمي وهو القادر أن يخلص شعبه من الوباء والشيطان ويخلصنا من الموت الأبدي و بايماننا بالفداء سنصل للقيام من الخطية والضعف والحزن والفشل لنصل إلى قوة القيامة .

+ انت يا سيدى تعلن على الصليب تواضعك ومحبتك وفدائك، تعلمنا كيف يبذل الحب نفسه من أجل أحبائه، وكيف ننتصر على الذات والشهوات والشيطان فأعطنا يا سيد القوة لنقول للمسيئين إلينا { يا أبتاه أغفر لهم لأنهم لا يعلمون ماذا يفعلون } علمنا يارب ان نجاهد ضد الخطية وأن نحمل الصليب بشجاعة وفرح لنصل الى ملكوتك السماوى، أمين. 

ليست هناك تعليقات: